أرجواني
العاشر من أذار
طوكيو اليابان
أطلت السيدة ماتسودي من باب شقتها متأففة و تتمتم بسخط كون زوجها قد تملص كالعادة و هرب منها متحجج بأجتماع وهمي ، ألقت بكيس القمامة الذي تحمله في سلة المهملات، أطبقت كفها على فاهها لتكتم شهقة كادت أن تفلت منها حين ألتقطت عدستها العسلية جارها الشاب المدعو كاميناري يقف أعلى الدرج ، سارت بأتجاهه و قد أثار فضولها التغيير الملحوظ في مظهره هذا الصباح، خصلات شعره الثلجية التي صففها بعناية على غير العادة، و أرتدائه لبذلة سوداء رسمية، بالرغم من أنها ليست من ماركة مشهورة لكنها أحاطته بهالة من الفخامة، نبست تستفهم وهي تناوب نظراتها بين ظهره المقابل لها و بين ساعة يدها التي تشير عقاربها للعاشرة و ربع صباحاً ،
"ظننتكَ خفاش لا يخرج ألا بعد أسدال ستار الظلمة، لا أتذكر بحق متى هي أخر مرة ألتقطتكَ عدستي خارج حدود شقتكَ صباحاً،
لم يكلف نفسه عناء الرد بل أطلق تنهيده ساخطة ونزل الدرج ، صرخت تخاطبه
"أيها الوقح، توقف عن تجاهل جميع من حولك"
لم يحرك ساكنا و لم تبرح هي مكانها إلا حين اختفى من مجال رؤيتها، تأكدت من أنها رمت كيس القمامة في السلة المخصصه لها و دلفت لشقتها و لسان حالها لم يتوقف عن السخط،
....
"أعطيني سبب مقنع واحد يجعلني أوظفك أنتَ، دون غيرك من الذين تقدموا للوظيفة "
أستطرد بها الرجل الجالس على كرسي جلدي وثير. خلف مكتب مصنوع من خشب السنديان، طليت جدرانه باللون الأبيض ، اتاه.الرد باردا و مختصرا
"لأن شركتكَ تحتاج لمهارتي "
بضع كلمات نطق بها ثم أعتنق الصمت للحظات قبل أن يحطم ذاك الجو المتلبد بشحنات المتكهربة بصوت معزوفة لياني صادره من هاتفه الموجود في جيب سترته الداخلي أخرجه بنفاذ صبر ، و ضغط على زر أغلاق الهاتف وردد سرا
" لُتٌْخرَسِ لُلُابّدِ "
والقى به بلا مبالاة ليستقر جوار هاتف المدير الذي أستطرد وعلى وجهه علامات أستياء
"
تبدو لي مجرد وقح متحاذق، لا مكان لأمثالك َ في شركتي "
" هل يرضي فضولك أن أسرد عليك مجلد أنجازاتي، جربني يا رجل و كما يقال في العسكرية البيان بالعمل "
جوابه وقع على الأخر كالصاقعه بلا شك هو قد كونه عن صورة مبدئية لن تتغير مهما فعل، لكن لقد راقت له تلك اللمعة في قزحيته الأرجوانية، ذاك اللون الذي ظل و لسنوات يراه مميز و خاص بهم فقط نسل عائلة
تودوروكي هاهو اليوم يقف أمامه فتى يحمل نفس لون العدسة، بسبب فضوله الغريب نحوه و الثقة الأقرب للغرور و الوقاحة التي يتحدث بهما قرر أن يعطيه فرصة
" ثُلُاثُةِ أشُِهرَ فَقًطِ "
قاطعه
" كِافَيَةِ "
ش
د الاخر على قبضته بقوة أسفل الطاولة و أبتلع ما علق بحلقه من كلمات و أردف مقرر أن ينهي الحوار
"لنرى اذا هل عملك يشبه الطريقة التي تتحدث بها، ستباشر العمل منذ الغد و في الثامنه صباحاً"
" ْعلُمٌ "
ن
بس بها بصوت خافت ليسر الاخر لذاته
"هو رجل ألي بغيض بلا شك "
انحنى الاخر و مد كفه ليسحب هاتفه من فوق الطاولة، خبأه في جيب بنطاله دون أن يلقي عليه ولو نظرة واحدة
..
خرج من البوابة الرئيسية لشركة و كشر ورفع ذراعه فوق راسه كحاجز ليحجب عنه أشعة الشمس و تمتم
"
الشمس حارقة، هل الأمر يستحق أن أترك خلوتي المقدسة و حواسيبي الفاتنة، لأعمل في شركة بدوام كامل، اللعنة كيف سأحتمل الأنخراط مع هؤلاء الكائنات البغيضة لأكثر من ثمانية ساعات يومياً"
ركل الارض بضجر و امتدت ذراعه لتبعثر خصلات شعره الثلجية التي أستغرقت منه أكثر من نصف ساعة هذا الصباح لتروضيها لتغدو في شكل مقبول و لائق لشركة التي يريد العمل بها، وبما أن المقابلة تمت على أحسن وجه، يجب اعادة الامور لنصابها من جديد، بعثر خصلاته و نزع سترته السوداء و حملها فوق مرفقه و فك أول زر في قميصه الابيض ، توجه نحو محطة طوكيو و استغل القطار ليعود لوكره الذي اشتاق لدفئه،
قرر أن يعرج على محل لبيع القهوة هو المفضل لديه و يقع على بعد عدة أميال من مقر سكنه، أستقبلته صاحبة المحل بأبتسامتها الناعمة التي بدت مختلفة في الصباح، كونه زبون دائم لديها هتفت ترحب به
"
ص
باح الخير سيدي، هل تريد نفس الطلب اليومي قهوة مثلجة "
أومئ لها برأسه الايجاب ، بهتت ابتسامة الفتاة حين ادار جسده متوغل في المقهى مبتعدا عنها دون أن ينبس ولو بحرف، في حين اختار لنفسه زواية هادئة و بعيدة عن الضوضاء،
ظل يطرق بأصبعه فوق الطاولة يحاول قتل الملل الذي تسلل اليه قبل ان يصل طلبه، تفاجئ برنة هاتف و اهتزاز في جيب بنطاله،سحبه بحنق
"ألم أخرسك يا هذا، ألا يمكنني أن أنعم بلحظة من السكون، مهلا هذه النغمة ليست معزوفة لياني "
الشبه الكبير بين هذا الهاتف و هاتفه اربكه لذا قرر أن يجب في النهاية فهو لم يتأكد من هوية الذي اتصل به اثناء المقابلة قد يكون يريده في أمر ضروري ، ضغط على زر الاستجابه الاخضر ليأتيه صوت أنثوي صاحبته تتحدث الانجليزية بطلاقة و بلكنة أمريكية
"سيد تودوروكي، نعلمك بأكتمال كل الإجراءات اللازمة التي تمكنك من حضور المؤتمر ،والذي يبدأ بعد غدا، كل الترتيبات أعدت مسبقاً كل ما عليك فعله هو التوجه للمطار غدا في الثانية ظهراً و تقديم جواز سفرك لعميل ستجده في أنتظارك، وهو سيتكفل بكل شئ لذا لا داعي للقلق "
" مٌُهلُا "
قاطعها فأردفت
" أي توضيحات سيطلعك عليها العميل، كل ما عليك فعله أن تذهب للمطار بجواز سفرك "
انتظر إلى أن انهت هي المكالمه و ظل حائر يتخبط برفقة كل تلك الافكار التي تدفقت لعقله دفعة واحدة
" تْفضُلُ "
اعاده صوتها إلى أرض الواقع نهض مغادر لتخاطبه
" قًُهوَتْك سِيَدِيَ "
اخرج من جيبه بعض القطع النقديه ووضعها فوق الطاولة و غادر المقهى ، استنكرت الفتاة فعله و بشدة لكن سكنت قليلا ترتب الاحداث في رأسها، كل شئ متعلق به اليوم غريب ظهوره الصباحي، ملابسه الرسميه، و تغييره لمكان جلوسه الدائم قرب النافذة و رجحت ان اشعة الشمس السبب فهي لم تقابله في وضح النهار من قبل،و لم يدم اي حوار بينهم لأكثر من دقائق هو لم ينتبه لها يوما، وهي لم تمل من مراقبته ، تسائلت ما هذا الأمر الجلل ليغادر دون أن يحتسي قهوته وهي الشئ الوحيد التي كانت واثقه أنها تعني له، فمع أول رشفه تتبدل ملامحه الضجرة و ترق ، رؤية تلك اللمعة في عدسته الأرجوانية كان طقسها الأكثر مرحا في روتين حياتها الممل،
...
الواحدة بعد منتصف الليل في قعر غرفتة المظلمة أستلقى ليليان بظهره على الأرضية الملساء و الباردة
و صوت معزوفات ياني التي صدحت في الأرجاء أضافت لمسه خاصة لسهرته هذه الليلة،
وثب جالس القرفصاء و بعثر خصلاته و فكر بصوت مسموع رغم أنه وحيد لكن تلك الحفلة الصاخبة برأسه يريد أن يخرسها،
"
ظللت و لسنوات في أنتظار هكذا فرصة، فهدفي الأول و الذي دفعني لأتنازل و أقرر الالتحاق بمجموعة شركات تودوروكي هو صقل خبرتي، لأغدو في مستوى يؤهلني لأشارك في مؤتمر يضم ألمع العقول في مجال الحواسيب و الذكاء الاصناعي و القرصنة الألكترونية،
ها هي الفرصة تأتي لعندي و على طبق من ذهب مختصره طريق شاق و طويل كان سيستنزف روحي،
ف
قط بجواز سفر مزور و هذه ليست عقبة تذكر بالنسبة لهكرز و مزور محترف مثلي،
سخرية القدر هو الشبه الكبير بيننا، لأول مرة لست حانق للون شعري الغريب و عدستي الأرجوانية التي ظلت و لسنوات تجذب الإنظار نحوي متجاهلين رغبتي في عيش حياة هادئة،
عشت في الظل متخفي خلف أسم مستعار " سبنسر " تعاملت مع عدة جماعات من الياكوزا ـ المافيا اليابانية ـزاع صيتي في ـdeep weepـ و غدت كل تعاملتي مع دول و مشاهير و رجال الأعمال أصحاب نفوذ في عدة قارات،
تجاوزت ثروتي المليارات دون أن أبرح منزلي قيد أنملة، لكن في أعماقي ظل و لسنوات حلم واحد يؤرقني، حلم قديم لم ينطفئ و ظل هو الشعلة التي تدفعني لأقاوم،
سِئمٌتْ من هذا العالم القذر و أصبو لأن يأتي يوم يجمعني مكان واحد بكل تلك العقول النيرة "
.
.
.
دقة الساعة معلنة عن الثالثة صباحا حين عزم كاميناري أمره،أنتهى قبل دقائق من شروق الشمس نهض و وقف أمام المرآة و قد رضي كل الرضا عن النتيجة التي حققها فهو قد تحول فعليا للمدعو أرمين تودوروكي الوريث الوحيد و ولي عهد أمبراطورية تودوروكي التي أحدثت نقلة نوعية في العالم الرقمي و في مجالات الذكاء الاصطناعي هذا بالاضافة لفروع تهتم بمجالات أخرى،
مرر كاميناري يده على شعره و نبس ببرود و عدم مبالاة
" لُقًدِ غًدِوَتْ ذَاكِ الُأٌخرَقً الُانَ "
ساعدته ذاكرته البصرية القوية في تذكر أدق التفاصيل التي لفتت أنتباهه عن أرمين حين أجرى المقابلة ، أرجع خصلاته الثلجية للوراء كما أعتاد أرمين أن يصففها و طلب من مواقع الطلب من الانترنت مجموعة بذلات من نفس الماركة المفضلة لأرمين، و طلب ساعة يد تشبه خاصته و سجل ملاحظة كي لا تصدر منه هفوة تفسد كل شئ أن يرتديها في ذراعه الايمن،
ثغرة واحدة لم يجد لها حل فلا يوجد لها بديل، خاتم فضي لم يغادر كف أرمين مطلقاً و قد علم أنه صمم له خصيصاً و قد صمم لخطيبته خاتم ماسي زين بماسه أرجوانية ،قرر أن يرتجل أي عذر أذا لاحظ أحدهم أنه لا يرتدي الخاتم،
تبقت العقبة الكبرى و هو أرمين تودوروكي نفسه كيف سيتخلص منه، قرر كاميناري الولوج لكل حسابات أرمين في الشبكة العنكبوتية ، أرسل كل رسالة مرسله له من قبل أدارة المؤتمر لحسابه الخاص ثم هكر كل حسابات تودوروكي و أرسل رسالة تحتوي فيروس سيتسبب في مسح كل الملفات، ولم يغفل عن أرسال هذا الفيروس لهاتفه الذي بحوذة تودوروكي، كون هذا الأخير لم يتصل عليه حتى الان فهناك أحتمال أنه لم يكتشف أنه ليس هاتفه،
القى نظرة خاطفة على ساعة يده الرقمية ليجد عقاربها تشير لثامنة صباحاً، لقد مضى الوقت دون أن يشعر ضبط منبها على الثانية عشر ظهراً، و تحرك يجرر أقدامه بتثاقل بأتجاه مخدعه الذي يتوسط غرفتة الفوضوية، القى بجسده المرهق ليرحب به النوم بأيادي مفتوحة عانقه بشدة و سحبه معه لعوالمه المظلمة،
....
ترجل عن سيارة التاكسي تنهد بعمق و زفر كمية
كبيرة من الهواء و سار بخطى واثقة نحو المدخل، التقى بالعميل و تصرف معه بأحترافية وقد ساعده كون العميل لا يملك خلفية سابقة عن تودوروكي ليقارن بين تصرفاته الحالية و السابقة، مضى الأمر بسلاسة و تبقت الخطوة الأخيرة، وقف كاميناري أمام موظف المطار و قدم له جواز سفره بكل ثقة و قد ارتسمت على ثغره أبتسامة فاتنة ظهورها نادر كظاهرة كونية لا تتكرر إلا كل ألف عام،
م
ضت ثواني و قد لاحظ شئ مريب كون الموظف قد أخذ يناوب نظراته بينه و بين شاشة الحاسوب أمامه، تلبك بشدة حين أشار لأحد رجال الأمن و همس له في أذنه،
تسائل كاميناري بينه و ذاته أيعقل أن أمره قد كشف بهذه السرعة و خطته و أحلامه ما الذي سيحل بهما و به،
" سيد تودوروكي أرمين أسمك في قائمة المحظورين من مغادرة البلاد "
استطرد بهذه الجملة رجل الأمن الذي تقدم ناحية كاميناري و أردف
"أنت رهن الاعتقال بتهمة قتل الأنسة أكامي يوغي، لك الحق في توكيل محامي و الامتناع عن التفوه بأي كلمة قد تستغل ضدك "
تصلب كاميناري يراقبه و تمنى أن يخرج أحدهم من وراء الكواليس و يصفق كونها كاميرا خفية، لكن كل هذا لم يحدث بل تقدم الرجل و قيده بالاصفاد و سحبه معه
صرخ كاميناري يستجند مرددا جملة واحدة
" أنا لست هذَا الُمٌدِْعوَ تْوَدِوَرَوَكِيَ "
...
ي
تبع
أنطباعكم الأول لرواية و الشخصيات
توقعاتكم للقادم
شخصية كاميناري و ما حدث له هل لكونه تهور يستحق ما حدث و لو كنتم مكانه و تلقيتم ذاك الاتصال هل. سوف تتصرفون مثله?
دمتم في رعاية الله و حفظة
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro