عِقد والدتي |٧|
استطاعت إستيعاب ما قاله الشاب الوسيم فقالت
" فردٌ من عائلة سانتوريني "
برزت شفتيها بإستياء ولم تنوي حتى التعريف عن نفسها كما فعل هو فهي لديها من الهموم ما يكفيها وآخر ما ترغب بفعله هو التعريف عن نفسها ، حين كـادت ان ترحل امسك هــو بمعصمها وجرّها نحوه بلطف يقول
" انتِ إحدى بنات ويلسون هل انا محق ؟ "
نظرت اليه طـويلاً .. وقالت اخيراً
" لـينا ويلسون "
وافلتت معصمها عنه ، لم تشعر بالراحه من تقاسيم وجهه التي بدى وكأنه فخور لدرجة عظيمه وبدأت تقول
" والآن ، اتركني وشأني "
قال من خلفها ونبرته اصبحت غريبةً قليلاً
" سأترك آلِ ويلسون وشأنهم إن فعلوا المِثل وتركوا اخي أدريان وشأنه "
إلتفتت اليه مشوشه فأكمل وهو يقترب منها بخطوات بسيطه كافيه ان تنشر الرعب في قلبها وهمس
" اعلم اي نوعٍ من الرجال هو اباكِ ، واعلم بشأن الخطبه ومصالحها أيضاً "
نظرت اليه بتحدّي تقول
" هو من النوع المحترم ، إن كان لديك عكس آرائي فلستُ المُلامه ، والآن سررت بالحديث اليك "
وإبتعدت عنه والرعب يتملكها بينما هو ظل ينظر للبعيد وكأنه يخطط لشيءٍ مــا
اما في الجانب الاخر كانت لورين جالسةً على كرسي خشبي امام النافذة تنظر الى الفـراغ بشرود ..
وكما كانت معتادةً فقد وضعت يدها على نحرها تحاول إمساك ذلك العقد ولكنها لم تجده فنهضت مذعورة تفتش بالأرضية كالمجنونه ، تحت الأريكة ، في غرفتها ، في المطبخ لكن لا جدوى فقال أدريان مستغرباً ينظر الى تصرفاتها المريبة
" عمّا تبحثين ؟ هل أساعدك ؟ "
نهضت عن الارض مرعوبة تقول
" عقد والدتي ! لقد ضاع مني "
" اوه "
لم يجد ما يقوله سوى التأوه فأغلق القدر وأطفئ النار وإقترب منها يمسك بكلتا كتفيها بوقار يقول بنبره تعاكس نبرتها
" تنفّسي ، برويّه "
حاولت التنفس برويّه لكنها تفشل بل يزداد تنفسها مما جعله يربت على ظهرها براحةِ يده يقول مبتسماً
" سأجدهُ لكِ ، لذا إهدئي "
تنفّست برويّه وإرتياح وعادت الى الأريكة تعانق نفسها بالغطاء وهي تفكر وتقنع نفسها بأنه سيجد العقد لها
أمّا هو ظل شارداً ينظر اليها من بعيد ..
بعد دقائق خرج من المطبخ بتعب وتوجه نحو الصاله ليجد لورين غارقةً بالنوم
ابتسم بغباء وهو ينظر اليها وجلس قربها يتوه بتفاصيل وجهها النائم ، ودون ادراك منه نام على طرف الكنبه عاقداً ذراعيه وساقيه الطويلتان كانتا ممددتان
فتحت لورين عيناها بتثاقل لتجد أدريان نائماً وهو جالس ..
" يجب علي إيجاد العقد ! "
نهضت ببطء كي لا يكشفها وكي لا ينهض لأنها تنوي الخروج في العاصفة وإيجاد العقد مهما حصل !
" عقد والدتي مهم ، لا يوجد منه سوى واحد ! يجب ان اجده "
توجهت نحو الباب الموصد وفتحته بصعوبه وكاد صوت احتكاك الباب ان يفضحها
هي متهورة ، لكنها الأن تعدّت حدود التهور
خرجت لتصفعها برودة الجو والثلج الذي عانقها بسرعة جنونيه مع هبوب الرياح القوي جرفها للخارج وأوصُد الباب خلفها لتبقى وحيده بين الرياح العاتيه والثلج القارص في ملابس حريرية ..
سرعان ما بدأت تتنفس بسرعه والخوف دخل أسوار قلبها ..
لم تستطع الوقوف فالرياح تسبب اختلال توازنها ..
لكنها جاهدت تريد الإقتراب من الباب وطرقه بقوه لكن الرياح أقوى منها بدرجات مما جعلها تسقط أرضاً وتتدحرج بعيداً عن المنزل وسط مقاومتها .. لم تدرك الامر حتى نزلت الهضبة رغماً عنها وإكتشفت ان المنزل يبعد عنها بمسافات
لقد سقطت من فوق الهضبه ، وبالتأكيد هناك رضوض لكنها لا تستطيع الشعور بشيء من شدة البرد
انها كبقعة لون سوداء وسط صفحة كراسه بيضاء في مكان غير معلوم ..
وهل حقاً ستموت هكذا ؟ ميته بطيئة ؟
اولا يكفي ما حصل لها من مآسي ؟
لورين ويلسون تتحمل الكثير .. الجميع يراها مجرد فتاة جميله ومدلٰلة لا تملك اية هموم ومشاكل من جميع النواحي ، سليمة الروح وسعيدة بقرب اخواتها الأربع ..
لكن الحقيقه عكس ذلك تماماً .
هي رقيقةُ القلب وطيبّه لكن القدر لقّنها درساً قاسياً جعلها تضع الدروع امام قلبها وتدفن مشاعرها كي لا تتألم
تستخدم اللؤم والبرود المصطنع كسلاح فتاك لحماية نفسها
لقد حصل لها امرٌ مريع قبل عشر سنوات جعلها تعيش الكوابيس كل ليله ..
ليس هكذا فقط ، بالإضافة الى هجران والدتها لها هي وإخوتها حين كانت في العاشره ، وقبل ان تترك المنزل أعطت العقد لإبنتها المفضله وهمست بأذنها قبل ان تقبل جبينها وترحل
" إن وجدتي رجلاً شبيهاً بالعشق أعطيه هذا العقد "
ركبت والدتها سيارة الأجره ومعها حقائبها .. وقف الجميع يحدق بأسى ، كان توأمها كارلوس يحاول كبح دموعه لكنه لم يستطع
عضت لورين على شفتها وهي تنظر لإخوتها المساكين وكان اكبرهم ويندي وكان شعور الحزن واضح على محياها كما الآخرين
كان هجران والدتهم لهم قراراً ظالماً بحقهم فقد كانوا صغاراً أصغرهم في الثامنة من عمرها والأكبر في الثانية عشر ..
لينا إينجل إيزابيلا لورين كارلوس و ويندي .. خاب أملهم في والدتهم التي تركتهم تحت جناح ابيهم المشغول دائماً في أعماله وحبّه للمال أنساه أولاده الصغار
كانت ويندي الأعقل من بينهم
كارلوس الحساس البريئ
لينا شبيهة اختها ويندي كانت ذكيه رغم صغر سنها
إينجل وإيزابيلا تفكيرهما محدود لا يهمهما سوى المرح والرجال الوسيمين
اما لورين كانت مختلفه عنهم جميعاً ، ما أغربها من فتاة ، إنها مزيج من الجدّيه والعصبية والصبيانية ، جياشة بالمشاعر لكن قساوة ما جرى لماضيها جعلها تحمي قلبها ، صحيح كونها لئيمه بعض الأحيان ، منعزله وتميل للوحدة اغلب الوقت ، صعبة الفهم كمعادله رياضيه
ببساطة الأمر .. لورين كالوردة الجميلة لكن مليئه بالأشواك
فتح أدريان عيناه بصعوبه بسبب ثِقل جفونه التي تغطيها رموش سوداء سميكه وكثيفه ..
نظر بجانبه ولم يجد لورين ، اخذ بضع ثواني يحدق بشرود ونعاس ويتثائب وهو يعقد ذراعيه من شدة البرد
وإلتفت نحو الباب وإذ به يجد سبب هذا البرد ، لقد كان الثلج يغطي الأرضيه
قال بينه وبين نفسه مستغرباً
" هل يعقل ان لورين فتحت الباب وخرجت لتبحث عن العقد ؟ مستحيل فهي مُتْعبه ولا تستطيع فعل شيء جنوني كهذا الأمر "
اراد ان يقطع الشك باليقين ونهض يصعد السلالم بحثاً عن لورين ..
فتح باب غرفتها ولم يجد لها أثراً
بحث في كل مكان ولم تجب ندائه أيضاً
شعر بالرعب يتملّك قلبه ، على من يضحك ؟! بالطبع ستفعلها فهي لورين ويلسون بحق الله !
دخل غرفتها ولبس ملابس اثقل ونزل السلالم بسرعه وفتح الباب بصعوبه وتسائل كيف استطاعت فتاة مُتْعبه ومرهقة مثلها ان تفتح باباً ثقيلاً كهذا ؟
هل العقد مهم لهذه الدرجه ؟
فتحه اخيراً وإذ بهواءٍ بارد يصفع وجهه ومن ملامحه الرجولية بدى غاضباً من تهورها ..
أغلق الباب خلفه وأصبح خارج الدفئ فقط لأجل ان يبحث عنها
كان صقيعاً مخيف جعل قلقه يزداد اكثر
اصبح ينادي والرياح تكتم صوته وكآنها تمنعه من إيجادها
وصل خلف المنزل ولم تكن هناك
كان صوت الرياح قوياً ، والثلج يسقط بكثره
رجى الله ودعاه ان يحفظها من غضب هذه العاصفه وأكمل بحثه
وشيئًا فشيئاً احس بأنها ضاعت للأبد ومستحيلٌ ان يجدها ..
حتى بدد ذلك البكاء أفكاره ..
كان بكائاً لأنثى وحيده وخائفة ....
لحق بالصوت وكأنما يداً حديديه إعتصرت قلبه وكان ذلك الصوت حزيناً جداً ..
دَلَّهُ الصوت الى أسفل الهضبه
وكان استنتاجه هو بأنها لربما تعثرت وسقطت وهي تبحث عن العقد ..
انزل نظراته للأسفل وهو متمسك بخصر الشجره ، وإذ بها تلك المفاجئة الكبرى !!!
كانت تلك لورين المستلقيه على الصفيحة الجليدية .
لكنها لم تكن وحدها ..
بل ذئبةٌ مفترسه لها فرو كثيف اسود تكشف وتكشّر عن انيابها تقف بحذر امام لورين التي كانت تبكي بخوف مذعورة غير قادره عن الدفاع عن نفسها وكانت مليئه بالرضوض لا تستطيع الحراك تحت سيطرة الخوف الذي يملئها .
______
البارت قصير عارفه ، بعوضّكم ببارت أطول ان شاء الله بس اصبروا الصبر زين 💙
مع السلامه اذكروا الله 🌸🌸
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro