Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(الطّعنة)

بقلم نهال عبد الواحد

إن طعنك أحدهم في ظهرك أمر طبيعي، لكن أن تلتفت وتجده أقرب النّاس إليك فهذه هي الكارثة! لكن صِدقًا أنّ الأكثر كارثية أنّه عندما يخونونَك كأنّهم قطعوا ذراعيك، قد تستطيع مُسامحتَهم لكنّك أبدًا لا تستطيع عِناقهم، ولا عِناق غيرهم!

وقفت كعادتها داخل المطبخ في يوم إجازتها؛ تعد وتطهو طعام الأسبوع محتضن الأجواء صوت فيروز الصادر من هاتفها، تقلّب في هذا الإناء تارة وتكمل تقطيع الخضروات تارةً أخرى وهي مدندنةً لإحداها: وكانت القصة تحت الشتي
بأوّل شتي حبّوا بعضُن
وخلصت القصة بِتاني شتي
تحت الشتي تَرَكوا بعضُن
حبّوا بعضُن
تَرَكوا بعضُن
حبّوا .. تَرَكوا...

شردت بعض الوقت ثم استعادت نفسها سريعًا شاهقةً نفَسًا من أنفها قبل أن يهطل منه مع عينَيها، بعدها ارتشفت رشفةً من قهوتها محاولةً السّفر بين دروب مرارتها...

قاطعها صوت نداءات فتى في الرابعة عشر من عمره من صوته البالغ، طول قامته وشاربه الأخضر حديث المنبت فوق فمه.

- يا عطر البيت، يا أحلى وردة، يا فيحاء، يا ست الكل!

التفتت إليه بوجهها الحسن وإن احتلت الهموم والأحزان كلّ إنشٍ فيه، هتفت بحنان: في إيه يا أدهم؟ أجهز لك الغدا دلوقتي ولا تشرب حاجة؟

أومأ رافضًا وابتسم قائلًا: لا، مش دلوقتي يا أمي، هستناكِ تخلصي اللي وراكِ الدنيا ما طارتش...

رفعت حاجبَيها متعجّبةً وتابعت بدهشةٍ ممزوجةً بسخرية مصطنعة: يا سيدي ع العقل! أمال إيه سر تشريفك المطبخ يا ترى؟

زفر قائلًا باعتراض: أوام نسيتِ يا ماما! أنا انتهيت من كتابة المقال اللي هلقيه في الإذاعة المدرسية وكنتُ عايزك تكوني أول واحدة تسمعيه، نفسي أعرف رأيك!

- ماشي يا حبيبي قُول وكُلِّي آذانٌ صاغية.

فتح أدهم دفتره، تنحنح قليلًا باستعدادٍ ثم قال:  إن الأمانة هي أداء الحقوق والمحافظة عليها، وهي أحد أخلاق الإسلام من أهم أسسه، وهي الفريضة العظيمة الّتي رفضت الجبال والسّماوات والأرض حملها وحملها الإنسان.
ومن أنواع الأمانة، الأمانة في العبادة، في حفظ الجوارح، في حفظ الودائع، في العمل، الأمانة في الكلام وفي المسؤولية...

لمست كلماته جرح لم يبرأ مهما مرّت عليها السّنوات، حتى أنّها لم تنتبه لبقية كلماته، فقط تستمع لآهاتها وأوجاعها الدّاخلية، وكأن كلماته كالملح على جرح عمرها هذا، بل أكبر كارثة تعرضت لها!

انتهى أدهم من كلماته فأثنت عليه فيحاء متصنعةً ابتسامة باهتة ثم تركته مكملةً ما كانت تفعله، لكن بحالٍ غير الحال، ظلّت هكذا حتى دخلت لتأخذ حمامًا دافئًا، جلست في مغطسٍ ممتلئ بالماء الدّافئ.

حاولت الاسترخاء لكن هجمت عليها أسوأ ذكرياتها...

يوم وقفت فيحاء بين المقابر متلفتةً تحدّث نفسها بدموعٍ مؤلمة مقهورة أن انتهى وذهب كل شيء بعد دفن صديقاتك!
مهلًا ألا زلتِ تسميهن صديقات؟!

تحرّكت مغادرة مكان المقابر بأكمله في حالة يُرثى لها ونادمةً أن جاءت تزورهنّ بقدمَيها بعد كلّ ما حدث.

عادت من شرودها نثرت على وجهها ورأسها الماء لعلها تطفئ نيران أسوأ الذّكريات، لكن قد امتلكها الحزن ونهشتها تلك الذّكريات رغمًا عنها مهما حاولت دفعها بعيدًا أو إخمادها بشتى الطّرق بلا فائدة...

لقد كنا قديمًا أربعة صديقات أنا، عبير، نرجس وزهرة، صديقات حيٍّ واحد ومدرسة واحدة، لعبنا معًا، درسنا معًا، مرحنا وتسامرنا معًا، كنٌا بحقٍ كزهراتٍ يانعات نبتت معًا في نفس الحديقة آملين انتشار عطرنا وبطيب أفعالنا نسرُّ النّاظرين.

مرّت الأعوام حتى كبرنا، كنتُ أكثرهنّ تفوقًا وتوفيقًا، فرغم أنّنا عملنا في مكانٍ واحد، لكنّي استطعتُ بجدٍ واجتهاد وقبل كلّ شيءٍ توفيق الله، أن أرتقي لمنصبٍ أفضل منهنّ.

ثم قابلت فتى أحلامي هادي ما أجمله! لقد أحببته كثيرًا وأحبني أيضًا، أو هكذا أظهر لي، كم كان رقيقًا معي! كان نِعم الحبيب كما ينبغي أن يكون الحبيب، كان ذلك الشّاب الوسيم مثلما تمنّيته بالضّبط، كنتُ أحكي لصديقاتي وأنا أظنّهنّ أخواتي عن كَمِّ حبّه ومقدارِ رقّته، كنتُ دائمًا أحكي كأنّي قُمت بإدخال مواصفاته داخل حاسوب فظهر لي كما طلبت، أو ربما أخبرتُ عرّابة سندريلا فجلبته لي بعصاها السّحرية، حتى أخيرًا تزوجنا ثم رزقنا بأدهم، وهكذا كانت حياتي رائعة وهادئة...

لكن لا شيء يظل على حاله، انقلبت حياتي فجأة رأسًا على عقب، زوجي الحبيب ذلك انقلب حاله، اختفت رقّته وحبّه، لم أعد أجد إلا التّبتّر والانتقاد المستمر لي ومهما فعلتُ من أجله لا يرضا أبدًا، لكن ما لبثتُ أن اكتشفت الطّعنة الأولى، خيانته مع عبير صديقة عمري عبر محادثات مواقع التّواصل الاجتماعى! رأيتُ الخيانة في أقذر صورها بينهما.

لم أطيق أو أتحمّل تلك الصّدمة فطلبتُ الطّلاق فورًا لكنّه رفض، فرفعتُ دعوى خلعٍ عليه وبالفعل حصلتُ على حكم الخلع وكنتُ في أسوأ حالاتي؛ فالطّعنة مضاعفة من الحبيب والصّديقة معًا!

علمتُ بعدها أنه قد تزّوج تلك التي كانت صديقتي، لكن لم يطول الأمر وبدأ يشكّ فيها شكًّا عظيمًا، وصار يترجم كل شيءٍ من هذا المنطلق؛ فكلّ ما تمكّن منه ورسخ في نفسه حد الاعتقاد أنّ من تخون مرّة تخون مرارًا.

كنتُ أسمح له بزيارة ابنه، فلا زلتُ أتعامل بأخلاقي رغم كل الوجع والقهر، حتى انشغل بشكّه في عبير وتفاجأتُ أنّه جن جنونه ذات يومٍ وقتلها!

أكملتُ بعدها حياتي محاولة نسيان تلك التّجربة القاسية منغمسةً بين عملي وابني، لكنّي لم استعيد طبيعتي بعد.

كانت صديقتي الثّانية نرجس تعمل معي في نفس المكان لكن أقل رتبة مني، لم أتوقّع يومًا أن  يُوغر ذلك صدرها غلًا وحقدًا فاستغلت حالتي وظروفي السّيئة الّتي ابتعدتُ خلالها عن العمل بشكل جزئي فكادت لي مؤامرةً لتأخذ مكاني، وسرعان ما تفاجأتُ بالطّعنة الثّانية وأنّي قد فُصلت من عملي وتعيّنت نرجس مكاني إضافة إلى تحويلي للتّحقيق معي!

ولأنّها لم تكن نزيهة في عملها فلم يطول بقاءها وسرعان ما ظهر الحق، ظهرت براءتي وضُبطت وهي ترتشي من أحد العملاء وقبل أن يتم القبض عليها انتحرت ودُفنت هي الأخرى.

بعدها عُدت إلى عملي بل وترقّيتُ، لكنّي صرتُ خاوية وهشّة، لا أدري من أين أستمد قوتي لأعود مثلما كنت!

لم يتبقى لي إلا زهرة وكُنّا لا نزال نتزاور فهي متزوجة وبعد زواجها تركت عملها، إذن فلا تشكل لي أي مصدر للحقد أو الحسد، لكنّها لم تُرزق بالذّرية فكنتُ لا أمنعها عن أدهم ابني وهو ولد جميل، متفوق دراسيًّا ورياضيًّا وله من حسن الخلق والصّفات الطّيبة وخفّة الظّل وحُسن الحضور -بارك الله فيه-

لا زلتُ أتذكّر ذلك اليوم عندما جاءت لزيارتنا وأحضرت معها العصير المفضّل لابني، كنتُ من كرمي وحسن ضيافتي دائمًا أن أقدّم لضيفي مما أحضره معه، فقدّمت لها من العصير الّذي أحضرته بحسن نيتي وشربته زهرة بكلّ ثقة دون أن تنتبه لكونه نفس النّوع الّذي جلبته.

أكملنا جلوستنا لكنّها صرخت فجأة ومن سذاجتي احترقّت قلقًا عليها، خاصةً عندما اشتكت بآلامٍ مبرحة في بطنها، أسرعتُ بها أنقلها إلى المستشفى بحسن نيتي لأنقذ صديقتي الوحيدة، أو بالأحرى المتبقّية، لكني تفاجأتُ بها تلفظ أنفاسها الأخيرة.

وتفاجأتُ بالطّعنة الثّالثة وهي تطلق اعترافاتها مع أنفاسها الأخيرة، خاصةً بعد أن سألني الطبيب عما تناولته وأخبرته أنه من ذلك العصير الذي أحضرته معها، فاعترفت بأنّها حقنت العصير المفضّل لابني بسُمٍّ قاتل عازمةً على التّخلّص منه لتحرق قلبي خاصةً وأنا لن أستطيع إنجاب غيره بعد أن فارقتُ زوجي الخائن وحالتي النّفسية غير مشجّعة على إعادة التّجربة مرة أخرى.

وهنا أدركتُ القصاص الإلهي بعد التّصريح بفعلتها الخبيثة الّتي سقطت هي فيها وما كانت دقائق قليلة حتى فارقت الدّنيا ودُفنت هي الأخرى.

عادت فيحاء من ذكرياتها الأليمة تبكي بحرارةٍ ووجع خاصةً وهي تتذكّر كل ذكرياتهنّ معًا مثل تذكّرها لغدرهن لها.

لكن القصاص و العدل الإلهي قد قُضي ووقع، لكن تبقّت تلك الذّكريات تؤرّقها من حينٍ لآخر، ورغم أنّها تقدّر الأمانة والصداقة لكنها فقدتها بلا عودة.

خرجت من الحمام، جلست أمام مرآتها تصفف شعرها القصير متفقّدة عينيها المتورّمتَين، تنهدت في نفسها، أخشى عليك يا أدهم وقد علّمتُك معنى الأمانة وصرتَ تعتنقها في كلّ تصرفاتك وسكناتك لو صُدمت بانعدامها على أرض الواقع، أخشى عليك أن تتعرّض لطعنة أشد من طعنات السيوف المسمومة، يظل سمّها يجرى في الدّماء مستمرًا في إيلامه دون قتله! فيظلّ يعاني من سكرات الخيانة لأعوامٍ، يتنفّس هواء الدّنيا لكنه فقد الحياة.

تنهدت قليلًا ثم تمتمت: ونعوذ بعظمتك أن نُغتال من تحتنا.

تمت بحمد الله 2021

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro