الفصل الحادي عشر
رغبت غريس قراءة مذكرات أختها في ساعة متأخرة من الليل فأنسلت لغرفة أختها..أقفلت الباب خلفها..تناولت المذكرة من الصندوق وتمددت على السرير وشرعت تقرأ.لاشئ غير عادي إنها مذكرات فتاة إعتادت تسجيل روتين أيامها الرتيبة المملة في العمل وأسهبت فيها وأيامها مع رفيقاتها ونقاشاتها مع غريس التي تنتهي دائماً بالجدال إلى أن وصلت لتاريخ قديم .
لمست طرف الورقة وأرادت قلبها لصفحة أخرى فتذكرت شيئاً..إنه تاريخ اليوم الذي يسبق يوم وفاة أختها..وكيف لا تتذكره وقد كانتا في هذا اليوم تستعدان لرحلتهما معاً.إنه يوم مميز لاينسى ولكن مالذي كتبته في هذا اليوم هل هي أحداث مملة عن توظيب ملابسها ومشاعرها السعيدة للقيام برحلة مع غريس!!لا ليس هذا وإنما حدث آخر
"لم تكن السيدة سامنثا على طبيعتها اليوم..لا أدري ماحل بها فجأة..لقد ذهبت لتوديعها وإذا بها تخبرني قصة بائسة لم أكن في مزاج لسماعها"
من هي السيدة سامنثا!هل هي تلك السيدة في دار العجزة التي تزورها أختها لرعايتها في أوقات فراغها.لقد كانت تزاول عملاً إضافياً لرعاية العجزة في دار المسنين ولم تتطرق يوماً في ذكر هذه السيدة لعائلتها كونها كتومة وتأبى التحدث عن أشخاص آخرين أمام عائلتها أو أي شخص آخر،وهذه السيدة كانت تملك منزلة خاصة في قلبها على ما يبدو.
أخذ غريس الحماس في قراءة المزيد عن هذه السيدة وغيرت من وضعيتها للجلوس متحدبة وبيدها الدفتر
"عندما ولجت لغرفتها رأيتها جالسة على كرسيها المتنقل وتتمتم كلمات غير مفهومة ولم تنتبه حتى لوجودي..تنحنحت لإعلامها وتلقيت الرد نفسه..خفت كثيراً من إن شيئاً أصاب عقلها ووسعت من خطواتي ناحيتها وأنحنيت أسألها ماخطبها فأطبقت يدها على يدي فجأة ونظرت إلي ..آه كم كانت عيناها مخيفتان..أجزعتني.. غير إنها بقيت تمسك يدي وتتمتم بكلمات فهمتها بصعوبة :إنه هو ...إنه هو ..قتل أختي وسيأتي لقتلي..ذلك الطفل الملعون."
وماكان مني سوى أن أهدأها وأربت على شعرها بحنان وأطمأنها أن لا أحد سيقتلها وبعد إن هدأت طلبت منها تفسير كلامها من هو الذي سيأتي لقتلها ..ظننتها تهلوس بسبب ما تتجرعه من ادوية لكنها كانت جدية -جيف ..سيأتي لقتلي كما قتل أختي "
"ومن هو جيف سيدتي ؟"
"إبن أختي ..جيف ..شيطان ملعون..من ..من أنتِ هل بعثك لتقتليني "قالت السيدة العجوز لها وهي على وشك أن تهرب منها
"سيدتي ..مابك إنها أنا إلينور "ذكرتها باسمها
"إلينور..آه ..إلينور..عزيزتي أبلغيهم..سيسفك المزيد من الدماء ..هو ..جيف ..الطفل الملعون..ليتني قتلته ..ليتني قتلته ..سيأتي إلي ..هددني "
قاطعتها إلينور تهدأها "أرجوك سيدتي إهدأي لن يقتلك أنتِ بأمان هنا "
لكنها رفضت الإستماع وأستمرت وهذه المرة طائف من الجنون مسها فأخذت تصيح بأعلى صوتها
"أبلغيهم..جيف..جيف ..طفل ملعون..سيأتي لقتلنا جميعاً ..شيطان....شيطان.."
إهتز جسدها وسقطت على الأرض وأنصرعت لتهلع إلينور وتخرج تصيح طلباً للمساعدة
"أخبروني بإنها ستخضع لفحوصات طبية شاملة لعقلها تأثرت بموقفها كثيراً وألوم نفسي لعدم تمكني لمساعدتها.تساءلت إن كانت قصتها بشأن الطفل الملعون جيف حقيقية وماإن كان بإستطاعتي إبلاغ الشرطة ولا أحسبهم سيصدقونها بل سيعتبرونها عجوز خرفة تهلوس في آخر آيام عمرها ولا أريد التورط بأمور في غنى عنها..ولكن يؤسفني ماأصابها أرغب حقاً في البقاء جوارها والإعتناء بها لكن غريس متحمسة جداً للرحلة ولا أصدق بإنها تغيرت ..سأسأل عن السيدة سامنثا قبيل رحيلي وعندما أعود لن أقصر معها"
هذه كانت النهاية ويأتي بعدها صفحات بيضاء فارغة تنتظر من مالكتها ولو كلمة.أغلقت الدفتر وخطر على بال غريس ماتتمنى أن يكون صحيحاً وعزمت على تنفيذه.
23 من يونيو 2014
في اليوم التالي ..تردد ديلان كثيراً بمهاتفة غريس وتطلب وقتاً كبيراً منه للتفكير بما سيقبل عليه..إنه بلا شك يكن مشاعراً لها لا بل يحبها..هذا ما أرقه طيلة الليل وأذهب عنه النوم .لايدري متى أو كيف كل مايعرف بشأنه أن مشاعره تتدهور في كل مرة يلتقيها وهذه ليست أولى تجاربه كي ينفي عنه الشك..تأسف كثيراً وأعتذر لحبيبته المتوفاة وتوعد أن يقتل قاتلها على يديه وطلب مسامحتها وغفرانها كونه غير قادر على إمساك نفسه أو التوقف عن حب غريس ودعا أن تقبل حبه لها.
"مرحباً ..دعينا نخرج أنا وأنتِأنتي الآن ..أريد إخبارك شيئاً"
شعرت بالتوتر في صوته وخشيت أن شيئاً ما قد حدث
"ماذا هناك ..تكلم "
"لايمكنني إخبارك عبر الهاتف سأمر عليك الآن لأخذك"
"الآن !!!"هتفت ..وأنقطع الخط
"ماباله ..لست في مزاج لتلقي كلماته السامة هذه المرة إن أسمعني إياها فسأخنقه "
دخلا معاً مقهى مرموق مناسب لهذه المناسبة وبعد الرسميات التي أخافت غريس،فليس من عادته التصرف بهذا الرقي والأخلاق النبيلة،سألته بشأن ثيو وغارث وتحدثت عن إجراءات تقديمها للدراسة وكان يشاركها الحديث وينصت إليها أحياناً أخرى ولأول مرة ينسجما معاً ولما تأخر الوقت قرر الدخول بصلب الموضوع
"غريس..أنا..دعينا..دعينا نرتبط"
حدجته مذهولة ثم أنفجرت ضاحكة ظناً منها أنها مزحة، ومع تقاسيم وجهه الجادة إنعقد لسانها وأُحرجت مما فعلته
"أنا جاد هذه المرة"
"ولكن كيف ..لماذا "
"لأنني أحبك هذا كل مافي الأمر وأنتظر ألاجابة..لا أطلبها الآن ..أعني فكري وأعلميني بقراركك "
إنه إحدى المواقف التي شاهدتها في المسلسلات وتمنت أن تجرب هذا الشعور لإعتباره سهل كما تظن وتتصوره.وها هي أمنيتها قد تحققت وخالفت ما قد تحققت تصورته ..صعب جداً الدخول في هكذاموقف محرج كهذا..إن هذا الشخص كرهته كثيراً ولم تتصور يوماً أنهما سيصلان لهذه المرحلة من القرب فلا توافق بينهما ولا إنسجام ولا تنكر يوماً حلمها بمطاردة رجل غني لكن الوضع إختلف الآن م تعد ذات الشخص الطماع اللامبالي بالمخاطر، وبعد تفكير مجهد لدقائق أتعبت ديلان نطقت
"آسفة ديلان..أقدر مشاعرك تجاهي ولكنني لست مستعدة "
"لا بأس "جف حلقه وأختفت الكلمات المناسبة لقولها ربما أستعجلت ..فكر ..وأكملت غريس لتخفيف التوتر
"أريد أن أكرس نفسي للدراسة والإرتباط سيعيقني الآن ..أعلم إنني قاسية ولكن لا أستطيع مخالفة رغباتي وعدت نفسي بأن أنهض بنفسي وأحقق ذاتي وأريد تحقيق هذا بلا أي عقبات ....أرجو منك أن تدعمني "
إبتسم رغماً عنه ليبين لها عدم تأثره برفضها له
"لقد نضجتي وصرتي تتحدثين جيداً"
"هل تهينني ؟"سألته بطرف عينيها وبادلته الإبتسامة
"كلا ..أقول الحقيقة وسأدعمك بالتأكيد وأشجعك أنتِ فتاة ذات إرادة وعزيمة قوية أثق بأنك ستحققين مآربك"
"أشكرك على هذه الكلمات الصادقة ..بالمناسبة تغيرت أيضاً .."مرت فترة صمت قصيرة لتتابع:"هل إستأت مني..أخبرني الصراحة "
"كلا..لست مستاء بالعكس أشعر بشعور جيد هذه مرتي الاولى التي ترفضني بها إمرأة..ولن أجبرك أنتِ حرة في إختياراتك وقراراتك..أنا رجل متفهم "
"أقدر كلامك كثيراً وأتمنى أن تحضى بحياة جيدة مع "
قاطعها ..يعلم ماستقوله ولم يعد يرغب بحب فتاة أخرى
"سأعيش حياتي عازباً وأستمتع بكل دقيقة منها "
إختتما جلستهما وأوصلها لمنزلها وعاد هو الآخر محطم القلب يخاطب نفسه ويلومها
"أنت السبب..أيها الأحمق..لم تظهر جانبك الجيد لها وواصلت إيذائها وإسماعها كلمات سيئة ..ماذا تتذكر منك لتحبك ..تستحق ما فعلته بك"
كان ثيو في جلسة عقدت للتناقش بأمر القضية فقد أُفرج عنه بإتفاق عقد بينه وبين الجهة المسؤولة عن قضيته قائلين بأنهم سيفرجون عنه إن نجح بالقبض على المجرم وإن لم يتمكن فستغلق القضية ويكمل مدة حبسه المقررة له فقرر المجازفة.
وقف أمام مجموعة من الضباط والمحققين وضمنهم تشونغ وروبرت وكليرك وبدأ يشرح على اللوحة البيضاء ويكتب إستنتاجاته
"إد لم يكن الشيطان الحقيقي وستسألون كيف.خلال إستماعي لجلسة إعترافه ذكر إن طبيباً هدده وسحب دماً منه وأعتقد إنه إستخدم دم إد لتبديل الدم الذي وجده الخبراء مختلطاً مع الضحية لتلفيق التهمة له ناهيك عن السم الذي غرسه في جسد إد .
ثانياً..رسالة الإنتحار لم تكن بخط إيد وهذا ما إكتشفته خلال تحققي من خطه عندما زرت والدته وطلبت شيئاً من كتاباته .
ثالثاً..المجرم الحقيقي لديه تاريخ سئ مع النساء وهذا تبين من خلال ذبحه لهن وعلى وجه الخصوص الضحية التي تحققنا بشأنها التي كانت تضرب إبنتها بشدة..أعلمني الطبيب الشرعي إن الشيطان طعنها وذبحها مما يعني إنه يكن حقداً شديداً للنساء اللواتي يعذبن أطفالهن ويؤكد إنه تلقى معاملة سيئة خلال طفولته، وإستعمال الرقم ثمانية في قتل ضحاياه وإستنتاجي إنه العمر الذي تلقى فيه أسوء وأبشع معاملة.
رابعاً..بشأن الطبيب كريستوف ذكر أن شاباً إسمه جيف ثومبسون سأله بإهتمام عن نوع المادة التي تستخدم في التخدير في المستشفيات وما هي الا ساعات حتى فقدت كمية من المخدر في المستشفى وعثرنا بعدها على هذا المخدر في جسد إحدى الضحايا مما يؤيد شكي بأنه هو صاحبنا.بالإضافة لهذا شوهد رجل يرتدي كمامة طبيبة يجلس قرب الضحية في حانة ما وإحتمال كبير إنه دس في مشروبها المخدر وهذا يدل على إنه ذات الشخص جيف.
لدينا الآن مشتبهان بهما.الطبيب كريستوف والمدعو جيف المطلوب من الحاضرين إجراء بحث شامل عن جيف هذا إسألوا أي شخص حتى ألعاملين في المستشفى وأسألو الأشخاص هنا من خبراء وعاملين إن لاحظوا شخصاً غريباً أو أحداثاً غريبة حدثت وأهل الضحايا وأصدقائهم إن كانوا يعرفون شيئاً وأنا سأحقق مع الطبيب..يا سادة إننا نعيد التحقيقات مجدداً أتمنى أن نتعاون جميعاً."
"هل تشك بي ثيو أنا صديقك ؟"
سأل الطبيب ثيو منفعلاً
"أنا شخصياً لا أشك بك "
"إذاً لمَ تحقق معي؟ "
"إنها إجراءات إجبارية تدعونا للتحقق من أي شئ يثير الريبة "
"أنت فعلاً تشك بي إعترفت تواً ..هل أنا الطبيب الوحيد الذي تحقق معه ماذا عن الاطباء الاخرين؟"
"سنحقق معهم جميعاً ..إسمعني أرجوك ..أنا لا أشك بأنك القاتل فأنت لست بقاتل وإنما أشك بأنك تورطت بشئ كبير وجعل منك تبدو كأنك القاتل ..أنت مشتبه به الآن..أريدك أن تخبرني بكل ماتتذكره في ذاك اليوم"
نفس القصة تكررت ولاشئ مختلف وأضاف عليها إن المدعو جيف لم يسجل رقم هاتفه او عنوانه كما إنه عالج إد بالتأكيد مع طبيبة أخرى والطبيبة أستبعدت لإن إد ذكر بإن الطبيب ذكر ويرجح إنه طبيب آخر أو منتحل ولن يتذكره إن رآه لأنه ينسى أشكال مرضاه بسرعة وهذا مايعانيه دائماً وإنه يعالج نفسه بين الفينة والأخرى.
إنتهت الجلسة وأفرج عن الطبيب وسأل روبرت الذي كان حاضراً مع تشونغ الجلسة يراقبان خارج الغرفة ثيو
"مالذي يجعلك متأكداً إنه ليس هو؟هل لأنه صديقك؟"
"أعرف ماضي صديقي جيداً وهذا يخالف ماأستنتجته والاخرين ومن المستحيل أن يقوم بفعل شنيع "
"ليس بالضرورة أن يقتل الإنسان لأنه تعرض لمعاملة قاسية من والدته ربما لأنه يحب سفك الدماء هكذا بدون مبرر "
شده تشونغ من ذراعه وقال لثيو
"نحن سنذهب لنأخذ شهادة أهل الضحايا وداعاً هيا روبرت"
ومافعلته هذه الا لدرء النزاع المحتمل حدوثه بينه وبين ثيو لعدم توافق آرائهما.
جن الليل بسرعة وتلقى الطبيب كريستوف رسالة من رقم مجهول يطلب حضوره فوق سطح المستشفى وإن الحالة طارئة..توجه مسرعاً مستقلاً المصعد ووصل السطح ..المكان هادئ ولا أثر لحالة نزاع ويخلو حتى من ضل شخص.ظن إنها لعبة ما وأراد الاتصال بالرقم فأتاه صوت خلفه
"أهلاً أيها الطبيب "
فزع من الصوت والتفت خلفه..رجل طويل يرتدي قبعة رياضية تخفي نصف وجهه والنصف الاخر مغطى بكمامة طبية فذعر الطبيب وسأل
"من أنت ماذا تريد "
"أنا الشيطان أأنت مستعد لتلقي عقوبتي؟"
"ماذا!!"
نقر على ازرار هاتفه يريد الاتصال بالشرطة فمنعه الشيطان بلكمة منه طرحته أرضاً لتسقط نظارنه.سحق عليها وعلى هاتفه ..ضعفت الرؤية في عينيه مما سهل للشيطان عمله ..رفعه من على الارض وكان الطبيب يبحث عن نظارته
"ستفضح هويتي عليك ان تموت "
أوقفه على حافة السياج والطبيب يتشبث به يرجو رحمته لكن الشيطان دفعه وسقط جسده ينزف أمام مرأى المارة.
"ثيو..أنت أذكى مما توقعت ..إنتظرني أنا آتي لأجلك"
في هذا الوقت كان ثيو في المستشفى يفحص كاميرات المراقبة وبالتحديد تاريخ دخول إد المستشفى لإصابته في قدمه فقد رفض والده آنذاك معالجة ابنه في السجن.شاهد الشريط مراراً وتكراراً وهيئة الشخص الغامض لاتبدو كهيئة كريستوف لقد خلق روبرت الشك في ذهن ثيو وتخلص منه بفعل هذا الشريط.طلب من المسؤول عن غرفة المراقبة أن يريه الأشخاص الذين دخلوا المستشفى حينذاك وأكتشف وبصعوبة بالغة هيئة شخص يعرفه تمام المعرفة ..قرب الصورة أكثر وإذا بها المفاجأة ..ديلان!.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro