الفصل الثاني عشر
قراءة ممتعة
أحداث الليلة الماضية الدامية وماتبعها من إجراءات وتحقيقات بشأن موت الطبيب كريستوف دوخت ثيو وأنهكته وطيرت النوم من عينيه،وأمضى ليلة كاملة يفكر ويربط الاحداث مع بعضها ناهيك عن إكتشافه الصادم بوجود صديقه العزيز ديلان في المستشفى يوم دخول إد إياها.دخل عليه أحد العملاء وأخبره أن لاشئ غريب في قصص الأطباء والعاملين بشأن إد أو الطبيب كريستوف.تبعه بعدها دخول تشونغ وروبرت وإعلامه بنفس النتيجة فيما يخص عائلات الضحايا، وفي المرة الثالثة فقد عقله وهدر على الزائر التالي لمكتبه
"ماذا الآن أتركوني وشأني حباً بالله "
"هل جئت في وقت غير مناسب ؟"
سألت غريس في زيارة مفاجئة له لأنها لم تره منذ مدة وقلقت بشأنه وكذلك كانت متردد بشإن إخباره عما أكتشفته في مذكرات أختها فهي لاتريد تحميله فوق طاقته لذا فور دخولها مكتبه تراجعت وقررت التأكد بنفسها وما إن كانت قصة السيدة سامنثا مرتبطة بالشيطان عندها ستطلعه.
"غريس يالها من مفاجئة ..تفضلي بالجلوس وآسف على مابدر مني "
"لا بأس أقدر وضعك ..لقد سمعت ماحدث للطبيب آسفة لخسارتك لقد كان شخص جيد"
"شكراً ..لقد مات موتة شنيعة صعقت لرؤيتي له على هذا الحال "
قال بحزن وسرح لليلة التي خرج فيها من المستشفى ووجد حشد من الناس محتشدين بفزع حول شئ ما فراح يقترب رويداً رويداً وإذا به يجد صديقه ملقى على الأرض غارق في دمائه.لن ينسى هذا المشهد ماحيي ..ضميره يؤنبه حالياً لشكه فيه وخيانة الثقة بينهما
"لمَ لم تخبرني إن الشيطان لايزال طليقاً؟"قالت بشئ من العتب
"أنتِ تعرفين !!!"هتف متعجباً لابد إن ديلان أخبرها والان عليه أن يجد عذراً ليبرر فعلته ظناً منه إنها غاضبة
"الأمور تعقدت كثيراً وأخشى أن يحدث شئ يضرنا ويضرك معنا لهذا طلبت من ديلان عدم إخبارك"
"ليس ديلان من أخبرني أنا أكتشفت هذا"
ليست غاضبة منه مما جعله يرتاح بعض الشئ لكنها لا تبدو على مايرام..وجهها شاحب ..وعيناها ذابلتان لاحياة فيها..أموت أختها أثر فيها كل هذه الدرجة!فقال على سبيل مدها بالقوة
"الحياة تستمر غريس ..أراهن أن أختك لا تريد رؤيتكِ على هذا الحال..حقاً تحزنني رؤيتك فلتعودي كما كنتِ"
"لاشئ يعود كما كان ثيو .."تنهدت وأكملت بنبرة حالمة وهو ينصت لها ويحس بآلامها ففقدان عزيز على قلبك ندب لايفارقك أبداً
"دعك مني هل أكتشفت شيئاً جديداً؟"
"أشك بشخص ..تصرفاته في الآونة الأخيرة لاتعجبني إنه موجود معنا ..يراقب كل تحركاتنا يعلم تماماً مانفكر فيه ومانفعله ..لوكانت شكوكي صحيحة بشأنه فسنراقبه بحذر "
ضيق عيناه وهز رأسه يؤكد لنفسه حتمية التصرف بحذر ومن وراء حجاب بيد إن غريس شجعته
"فلتكتشف من هو ثيو لترقد أختي ومن قتلن على يديه بسلام ..طال الأمر كثيراً نحن نعتمد عليك"
"ثقي بي سأقدمه للعداله ..كلنا نذرنا أنفسنا لأجل هذه القضية ..خمس سنوات وأكثر أريقت دماء كثيرة وحان الوقت لإنهاء كل شئ يخصه..وهناك ذاك الشخص المدعو جيف ..إنه يشغل تفكيري "
"هل قلت جيف !!"
"نعم هل يعني هذا الاسم لكِ شيئاً؟!"
وسردت عليه ماأكتشفته في مذكرات أختها وطلب منها مساعدتهم عسى أن تتوصل لشئ هم عاجزون عنه عن طريق مذكرات اختها ووعدته ببذل طاقتها لتحقيق العدالة.
فور خروجها إتصل بالعميل كليرك وكان متيقناً إن هذه هي النهاية..سواءً بمساعدة غريس أو غيرها فهو قريب جداً منه وسيستعمل شتى الطرق لإستمالته وإجباره على الأعتراف ..إن كان جيف هو نفس الشخص بذهنه فحتماً سيسجل التاريخ إسمه .
"كليرك فلتزودني بالملف الشخصي للعميل روبرت أحتاجه فوراً"
"لماذا؟!"سأل كليرك متشككاً
"إنه شخص لا أعرفه جيداً وهو يعمل معي الآن أحتاج لتوطيد العلاقة بيننا والثقة به لمساعدتي أكثر "
"حسناً سأرسله"
إلتقت غريس بروبرت وقد كان في طريقه للخروج وسألها عن وجهتها فأقتضبت من كلامها بأنها ذاهبة لدار المسنين وألح عليها بإيصالها وشكرته على حسن نيته.أما ثيو فقد إتصل بديلان وطلب رؤيته في الحال وقد أكد ديلان على ضرورة تأجيل مقابلتهما لوقت آخر فهو يقابل سمساراً لأجل والده ليقنعه بالعمل معهم وسيقابله عشية هذا المساء.إلا أنه لم يجد مناصاً لإلحاح صديقه و أعطاه كلمته بلقاءه.
وصلا دار المسنين حيث كانت تعمل أختها وفكرت في أن يدخل روبرت معها خشية منعها من مقابلة السيدة سامنثا فهو عميل فيدرالي وله سلطة في إقناع الآخرين ولم يرى مانع في ذلك.كل تلك الوجوه المترهلة والأعين الميتة ..شيخوخة لامفر منها.. أشعرتها بالخوف في أن يكون مصيرها مثلهم يوماً..وحيدة وباردة في هذا المكان ..تنظر لماضيها بأسى وتتحسف على أيام لم تستغلها بفعل الخير..يجعلك هذا المكان تعيد النظر في تصرفاتك الحالية مع والديك..في أن تحسن علاقتك معهما حتى لا ينتهي بك يوماً في الشارع أو منزوياً في إحدى زوايا هذا المكان البارد بعد إن تخلى عنك أبنائك.سارا مع الممرضة في الرواق المؤدي لغرفة السيدة سامنثا بعد رفض من قبل المسؤول بمنع الزيارة لهذا اليوم ومع إلحاح روبرت وتأكيده لضرورة مقابلة هذه السيدة سمح لهم بمقابلتها.
سيدة في نهاية عقدها السادس..ذات شعر أبيض كالثلج وبشرة شاحبة مترهلة وعينان غائرتان إختفى بريقهما منذ كساها الشيب وأنحنى ظهرها ..تخلى عنها أبنائها بحجة مرضها وأنهم غير قادرون على تلبية إحتياجاتها المكلفة المتعبة كما أخبرتهم الممرضة السمينة صاحبة البشرة السوداء..قدرت غريس عمرها في نهاية الأربعينات وأنشرح لها صدرها فوجود ممرضة مرحة ودودة رحيمة تحب عملها وتكرس حياتها لخدمة للمسنين هو نوع المساعدة والشخص التي يحتاج إليها هؤلاء المسنين ..إنطباع غريس عنها إنبثق فجأة من خلال معاملة هذه الممرضة الحسنة مع السيدة سامنثا ومعهم على وجه الخصوص ..تركتهم معها وأستأذنت بالانصراف.كانت تلازم النافذة مع كرسيها المتحرك طوال فترة الصباح تراقب الاشجار والطيور ..دنت منها غريس وحييتها فبادلتها بإبتسامة فاترة
"أدعى غريس أخت ألينور ..هل تذكريها ؟"
صمتت لبرهة وهي تحدق بوجه غريس وتتمعن في تقاطيع وجهها المشابهة لألينور وقالت بصوت أشبه بالهمس
"آه..نعم أنتِ تشبهينها..أين هي لما لا تزورني؟"
"ماتت أختي سيدة سامنثا "قالت بحزن بيد إنها لم تود إخبارها مخافة تعرض السيدة لصدمة ولكنها لم تشأ إختلاق كذبة ورميها على مسامع هذه المسنة وإعطاءها أملاً زائفاً في إن ألينور ستزورها.
فغرت فاهها وصمتت وعندما أوشكت غريس على سؤالها قاطعتها
"هل قتلها ذاك الملعون..أخبرتها أن تبلغ الشرطة ولم تستمع لي ..تلك المسكينة ..المسكينة إلينور "
"هل تعرفين من قتلها سيدتي..."
إنحنت غريس وأمسكت يديها تقول متوسلة
"أرجوكِ إن كنتِ تعرفين هويته فأخبريني سأكون شاكرة لك وألينور كذلك "
فتحت غريس جهاز التسجيل الصغير الذي أخرجته من حقيبتها لتسجل أقوال هذه السيدة وروبرت كان يقف قرب الباب يستمع بكل هدوء مغمض العينين
"سيدتي ..سأصدقك أعدكِ"
"أنتِ جميلة كأختك ولطيفة..المسكينة"لمست وجهها بأطراف أصابعها بحنان فأحتضنت غريس يدها فاقدة للصبر
"أرجوكِ سيدتي..فلتخبرينا حقيقة جيف هذا ..هل هو الشيطان هل هو من قتل اختي والنساء الاخريات؟"
"حدث هذا منذ زمن بعيد..كان طفلاً رضيعاً حين وجده البواب ملقى أمام بوابة الميتم..لم نعرف من أين جاء أو هوية الشخص الذي ألقاه هناك .."
توقفت وأخذت تكح وجاء لها روبرت بالماء من على نضد خشبي ..شربته وأردفت
"وجدنا ورقة صغيرة مخبأة في قطعة ثيابه مكتوب عليها إسمه..جيف ثومبسون ..فقط. هناك العديد من الاسماء المتشابهة في هذا البلد فكيف بإمكاننا البحث عن والده لذا قررت المديرة الإحتفاظ به حاله حال الأطفال اليتامى الذين نجدهم مرميين قرب حاويات القمامة أو من يأتي بهم إلينا بحجة إنهم غير قادرون على تربيتهم..كان ذاك الطفل إستثناء "
وتوقفت تلتقط نفساً عميقاً لإكمال بقية القصة فسألت غريس
"ماذا تقصدين بإستثناء ؟"
"ذكر واحد بين إناث قاسيات."
"أتقصدين ..كان الذكر الوحيد في الميتم ؟!"
"نعم..الميتم للبنات فقط وعندما عرضناه على مؤسسة أخرى رفضوه لأنهم غير قادرين على تلبية إحتياجات طفل آخر لهذا دأبنا على تربيته..سعدت الفتيات لوجوده بينهن وكذلك نحن حتى بدأ يكبر شيئاً فشيئاً
كان هزيلاً جداً بشخصية ضعيفة ..قليل الكلام..منطوي على نفسه يخشى الفتيات جداً ولا يتقرب إليهم ولا أعرف السبب للآن مماجعله مركز إهتمام الفتيات..أخذن يسأن إليه ويتنمرن عليه تماماً كما يحدث في المدارس.."
وضعت منديلها فوق فمها وكحت مجدداً وأخذت غريس تمسح على ظهرها برفق وتقول
"كيف تعاطى مع إساءاتهن..ومانوع التصرفات الغريبة التي كان يقوم بها ؟"
"لم يفعل شيئاً تلقى التعنيف بكل رحابة صدر كأنه يستمتع بكل هذا الألم..رأته إحدى المربيات يوماً يقوم بذبح قطة صغيرة وأنتشر الخبر في الميتم وقذفته الفتيات بأنواع السباب وتلقى العقاب على يدي أختي..كنا نعمل سوياً في ذلك الميتم وكانت قاسية ..إعتقدت إن العقاب هو الطريق الأمثل نحو الفضيلة لهذا كانت تعاقب الفتيات بقسوة حين يخطأن وأمتنعن عندها عن إقتراف الأخطاء..ضربته ضرباً مبرحاً لم أكن أجرؤ على الوقوف ضدها..لأنني كنت أخشاها أيضاً..نظرات الحقد في عينيه والشرارة الحارقة المنبعثة منه أجفلتني لأفر تاركتاً إياه مع أختي "
سقطت دمعة ندم حارقة من عينيها وأكملت
"عندما سألته المديرة لماذا ذبح القطة قال بأنها خدشته..ظنت بأنه ممسوس فأستعانت بالقس وأقمنا مع مجموعة من المربيات جلسة لطرد المس منه ولكنه لم يستجب..كنا متيقنين من كونه ممسوساً..إلا أنه ظل ساكناً في مكانه يحدجنا بنظراته الحاقدة الثاقبة ولم تصدر منه أي حركة غريبة توحي بأنه كذلك..وأعتقدنا بأنه سوء فهم فتحاشينا الموضوع وتجاهلناه لكن الفتيات لم تفعلن فأطلقن عليه إسم..الشيطان..وأزدادت معاملتهن له سوءً بعدما وجدن فتاة مذبوحة..تلك الفتاة إقترفت خطئاً وألقت التهمة عليه فعاقبته أختي، ووجهت أصابع الإتهام إليه..حدث هذا في يوم ميلاده الثامن..ضربته أختي أملاً في أن يعترف .."
صمتت لبرهة وتولت غريس الاسئلة نظراً لفقدانها القدرة على الاستمرار
"هل إعترف..فقط أومأي برأسك بنعم أو لا إن كنتِ غير قادرة على مواصلة الكلام"
هزت رأسها نفياً وقالت "لم يفعلها ..رغم تعرضه لضرب شديد من قبل أختي للاعتراف لم يعترف ..حققت الشرطة بالقضية وأغلقوها لعدم توفر دليل يدل على إنه الفاعل"
"ماذا حدث له ؟"
شعرت غريس بالسوء لتحميلها فوق طاقتها وحملها على سرد قصة مضى عليها عقود من الزمن لكن إنها فرصتهم الوحيدة للمعرفة،وكافحت السيدة على إكمال ماتبقى
"أخذ الفتى يتصرف بصورة طبيعية كان يخافهن بشدة لهذا كان يمضي وقته في المكتبة الصغيرة يقرأ وظل موت الفتاة لغز ..رغم إن الجميع كان يشك فيه لكن عدم توفر دليل يثبت جرمه جعلهم يتناسوا الواقعة، ومن يهتم لموت فتاة لقيطة .وبعد شهر وجدوا جثة أختي في غرفتها ..مطعونة في قلبها ..هنا فقدت عقلي وأندفعت كالمجنونة لغرفته وأذكر بإنها كانت مقفلة.أتيت بالمفتاح وولجت للداخل وأنهلت عليه أضربه وأسبه وسقط أرضاً يبكي..ويترجاني لأتوقف ..أحسست بأني قسوت عليه فعلاً ..ربما لم يكن هو ربما إحدى الفتيات قتلتها فكرت. حققت الشرطة مجدداً وكالعادة لاأثر للقاتل كما حققت المديرة مع كل فتاة ولم تخرج بفائدة.قالت المديرة بأننا قسونا عليه بسبب تصرفاته الغريبة شككنا بإنه هو القاتل وقالت أيضاً كيف يقتل أختك وقد حبسته في غرفته بسبب جداله مع إحدى الفتيات..أدركت عندها بأني حقاً عديمة رحمة لا أختلف عن أختي بشئ"
" كان محبوساً في غرفته حتى لحظة وفاتها أليس كذلك ؟"
"نعم "
"إذاً ربما لم يكن هو !!"
"بل هو ..الشيطان جيف ..هو من قتلهم جميعاً"
أكدت على كلماتها وتلخبطت الافكار في عقل غريس وسألت بنبرة صوت عالية
"كيف هذا ألم تقولي بأنه برئ!!"
"هذا ماظنناه ولكن بعد فترة وجيزة تبناه زوجان عقيمان وسعدنا بمغادرته إذ إن وجوده بيننا لفترة طويلة سيسبب الكثير من النزاعات خاصة وإن الفتيات كرهنه بشدة وحملنه ذنب موت صديقتهن..حان الوقت لنستقبل طفلة أخرى والغرفة المتفرغة الوحيدة كانت غرفته..إكتشفت هذه الطفلة شيئاً في غرفته ونادتني وجدنا على الأرض كتابة محفورة..سأقتلهن جميعاً..عندها علمت بإنه هو القاتل الحقيقي وقد خدعنا ببراءته "
"ولكن كيف !!"قالت غريس مندهشة وأضافت
"لقد أقفلت أختك الباب عليه ..كيف خرج وقتلها!!"
"لا أدري "
"ماذا فعلتي بعد ؟"
"أخبرت الشرطة ولكنهم أجزموا إنه لعب أطفال ومن المستحيل أن يقوم طفل بالقتل بإحترافية وبدون ترك دليل يُذكر ..بقي كل شئ لغزاً ولم نسمع عن ذاك الطفل الملعون شيئاً منذ ذاك الحين..لم أعرف كيف أتصرف وبقيت طي الكتمان حتى الآن..قدمت إستقالتي وأنتقلت لهذه المدينة حيث تزوجت وأنجبت وعندما سمعت بإن شخصاً ملقب بالشيطان يقتل النساء هنا عزمت على تبليغ الشرطة بقصتي ولكن لاأحد صدقني ..كل ماقالوه بأني عجوز خرفة "
"أصدقكِ وسأعمل على إيصال أقوالكِ للشرطة وستتحقق العدالة ..شكراً على وقتك شكراً جزيلاً"
إقترب روبرت من غريس وهمس لها في أن يذهبوا في الحال ..نظرت إليه السيدة سامنثا لعينيه مباشرة وجحظت عيناها وصرخت:
"إنه هو ..إنه هو جيف..جيف ..أتى ليقتلني"وأنصرعت كما حدث يوم ألتقت بها إلينور.خرجت غريس تنادي الممرضة وروبرت وقف يتطلع إليها بمشاعر باردة وأخذ يصيح
"بسرعة غريس إنها تفقد وعيها "
جاءت الممرضة وخرجا من المكان متوجهين للسيارة.
في هذه الاثناء،عزم ثيو على مفارقة مكتبه والتوجه لمنزله ليطمأن على أخيه ويستفسر من ديلان عن سبب وجوده في المستشفى.لم يخبر أحداً بشأنه وفضل التكفل بالامر وحده فلا أحد أعلم بصديقه منه ووجده جالساً يتناول الطعام وجلس أمامه
"هل تريد طعاماً ؟"سأل ديلان وهو مشغول بالأكل
"ماذا كنت تفعل في المستشفى يوم دخلها إد؟"تجنب الرد على سؤاله السابق.توقف عن الأكل ورفع بصره ينظر لثيو يقرأ في عينيه الشك
"هل تشك بأنني القاتل ؟"
"كلا..لكن وجودك هناك يجعلنا نشك في أمرك "
"هذا يعني بأنك تشك بي فلا تتلاعب بالكلمات فلتعترف كما شككت بالطبيب فإذا به برئ "
تضايق من كلام ثيو وأنفعل
"تصرفاتكم تثير الريبة والشك وأنا يحتم علي البحث في كل شاردة وواردة ولو قرأت تصرفاً مشكوكاً فيه حتى في تصرفات أبي لأخضعته للتحقيق "قال بنبرة شديدة لم يألفها ديلان من قبل فقرر الاعتراف
"ذهبت هناك لقتله "
"ماذا!!أجننت "فزع مما قاله ..كيف غاب عن ذهنه إن ديلان أخبره بقسمه قبل سنوات بقتل من سلب منه حبيبته
"أخبرتك من قبل عن قسمي بأني سأقتل الشيطان وعندما تبين بإنه إد توجهت بدون تفكير للمستشفى لقتله وتراجعت بدون سبب ..شعرت بإن يداً سحبتني للخلف وأخرجتني من غرفته ولم أطأها بعد حين "
"أهذه الحقيقة ؟"
"نعم ..وأمر تصديقك لي راجع إليك "
"هذا مريح..أصدقك ..لاتقبل على تصرفات طائشة في المستقبل ستضرك "
"أحقاً صدقت بأني الشيطان؟"
"كلا..لا تؤاخذني ديلان .."وقام من مجلسه وأضاف
"عملي يقتضي بأن أشك في جميع الناس للوصول للحقيقة .. عرفت هوية الشيطان وسأكشف حقيقته..سأمسكه بالجرم المشهود "بدا متأكداً وهو يقول هذا
"الشك مرض يا صديقي ..لا تكثر منه "
"لم أكن شكاكاً من قبل مثل الآن ..أعترف بإن الشيطان نجح في زراعته بعقلي ولكن هذا للأفضل نعم ..للأفضل ..جعلني أدرك الحقيقة ..لقد كنت أشك فيه منذ البداية وسأتأكد من شكوكي وإن لم تكن في محلها فسأحبس نفسي في غرفتي لمدة شهر بدون طعام وشراب طلباً للغفران من جميع من شككت بهم"
ضحك ديلان بفتور وبنصف إبتسامة وجهها ثيو له قصد غرفته.
كان التوتر والإرتباك هو سيد الموقف..جلوسهما مقابل الآخر زاد الوضع توتراً..حدث هذا بعد الإعتراف الصادم لغريس..على عجل إنتظرت ثيو لتسمعه ماسجلته من أقوال السيدة سامنثا..شعرت بغرابة لم تمر بها قبل الآن..حتى إنهما لم ينبسا ببنت شفة عدا إلقاء التحية على بعض غير هذا لم تنطق شفاههما كأنهما غريبين وعدوين في آن واحد،نزل وقد أخافه هذا الصمت المطبق عليهما فلا علم لديه بما حصل لهما وقد إمتنع ديلان عن الاعتراف لثيو بمشاعره تجاه غريس مخافة أن يكون ثيو هو الآخر يحمل تجاهها مشاعر ولايريد أن تحتدم الأمور بينهما بسبب إمرأة.
"كيف أسفرت جهودك غريس؟"
إتخذ مجلساً قرب ديلان وقرر عدم الإستفسار عما يحدث بينهما
"سأسمعك ماقمت بتسجيله وأحكم "
فتحت التسجيل وأطرق يستمع بكل حواسه وكذا فعل ديلان وحين إنتهى من الإستماع أعلن فجأة عما كونه في خاطره
"أظن بإنه هو..سأعيد فتح قضية الميتم "
"لكن أليس هذا كثيراً عليك ..ثيو ..كم من القضايا ستعيد التحقيق فيها ؟"سأل ديلان ووافقنه غريس لأول مرة وتبادلا نظرات مرتبكة أحس بها ثيو وتجاهلها وأعرب عما في نفسه
"يجب علي الأخذ بجميع الأسباب وإني على ثقة مطلقة بأن هذه القضية الأخيرة هي ورقتنا الرابحة للكشف عن القاتل ..سأحقق مع كل فرد عمل في الميتم خلال تلك السنوات وسأحصل على تصريح لفتح جميع القضايا ..سأكشفه مهما كلف الأمر حتى لو إستغرقت سنوات..لن أحفل بالمخاطر التي ستصيبني لقد كرست نفسي لأجل هذه القضية وسأحلها بالتأكيد "واثق من كل كلمة تخرج من فمه وهو على قدر من المسؤولية التي وضعت على أكتافه
"لقد كان روبرت معي نسيت إخبارك..لايبدوا إنكما على وفاق كما قال توكله بالمهمات السهلة التي يكرهها دائماً"
عندما ذكرت إسمه لمعت عيناه وقفزت إلى ذهنه مئات الأفكار ووثب من مكانه وأخذ يلهث بطريقة أخافت ديلان وغريس
"مابك ؟!!"سأل ديلان ووثب إلى جواره
"غريس إبقي هنا الليلة لاتفارقي المنزل أفهمتي "
"ماذااا!!"وثبت هي الأخرى من مكانها متساءلة عما يعنيه ثم حول نظره لديلان وأخصه بالقول
"أبق أنت أيضاً هنا وإياك والتهور "
صعد لغرفته ليرتدي ملابس عمله ويهرول على عجل حتى كاد يسقط من على السلم وتلقفه ديلان يسإله عن سبب كل هذا الإنفعال
"الليلة ستموت تلك السيدة ..هذه فرصتي لأؤكد شكوكي "
"أتقصد السيدة سامنثا ؟!"سألت غريس بخوف وهي تضع يدها على فمها ولاتدري إن ماسيحدث كانت سبباً في حدوثه.
بعد عدة ساعات ..
ظلام مخيف إحتضن غرفة السيدة سامنثا..وصوت أكثر إخافة من هذا الظلام تسلل لأذنيها وأرتجفت على إثره أوصالها ..
"بحثت عنكِ في كل مكان وأخيراً وجدتكِ سامنثا "
"جئت أخيراً ..جيف "
قالت وهي تنهض من على السرير كأنها توقعت قدومه
"كنتي تنتظريني إذاً ..آسفت لحالك عندما رأيتكِ اليوم"
"لم أكن أعرف إن الشيطان يشفق على ضحاياه "
"أشفق على من تسببوا هذا لإنفسهم لو وقفتي إلى جانبي أنذاك لما سيصيبك ماسيصيبكِ الآن "
شقت وجهه إبتسامة ماكرة ..وبنظرات الحقد التي لازمت عقل السيدة سامنثا طوال حياتها ..برزت شامته الصغيرة من تحت عينيه..تهجم عليها.
يتبع
في البارت القادم سآخذكم في رحلة لماضي الشيطان
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro