Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الشيطان2بارت9


قبل ثلاث سنوات

إنشغال ديلان بمشاهدة مباراة كرة القدم على التلفاز وما نتج عنها من هرج وهتافات الجمهور وتعليقات المعلقين المشلة للدماغ ناهيك عن هتافاته الخاصة المستمرة ساهمت في عزله عن العالم الواقعي ولو أن لصاً تسلل للمنزل لما أحس به ولنفض المنزل بأكمله وأنهزم شاكراً صاحب المنزل على الغنائم التي تفضل بها عليه بلا عراقيل أو إحتجاج.

لكن ماذا لو كان اللص هو صاحب الدار هل سيحس بوجوده؟سيكون الحال سيان،وهذا ما حدث حين تسلل شقيق صديقه غارث للمنزل وهو يترنح في مشيته زائغ البصر لا يدري أين هو في أرض الله الواسعة أو ما شربه أو تعاطاه من سموم أو عن هوية ذاك الغريب المخبول الذي يهتف ويصرخ بإنفعال لخسارة فريقه المفضل.بلا وعي،إرتقى السلم وتعثر عدة مرات على درجاته حتى وصل لإحدى الغرف..
إقتحمها وتمدد على بساطها خائر القوى.

في الصباح إستيقظ ديلان وأتجه للحمام ليفاجئ بوجود غارث ودهشته الكبرى بما يفعله..رآه يتخلص من مادة بدت له كأنها نوعاً من الطحين الأبيض في المرحاض وأستدرك مايفعله فوراً بهت وجهه وقال مفزوعاً

"هل هذا كوكايين ؟"سأله وأجاب نفسه

"إنه كوكايين..ياإلهي من أين جئت به..كيف وصل هذا إليك؟"

بدء صدره يعلو ويهبط لهول الصدمة وسحابة مظلمة غشيت وجهه ليجيب بحيرة

"لا..أعلم..إستيقضت في الصباح و..وعثرت عليه في جيبي..تباً لا أذكر حتى كيف وصلتُ إلى هنا..كلما أتذكره.."

تاهت عيناه في اللامكان ثم بحلق بوجه ديلان واجماً ونطق شبه متأكد مما سيقوله

"فعلت شيئاً سيئاً ..يحتمل لفتاة..ثم..ثم كان هناك ذاك الرجل لا أعلم منه هو على وجه التحديد شاركني في فعلتي..ياإلهي أنا خائف حقاً من أن يكتشف ثيو أمري"

صُعق ديلان وتبلورت في ذهنه فكرة فورية..سيساعد غارث في محنته ويتستر عليه..سيتصرف كما لو أن شيئاً لم يحدث وينسى ما سمعه ورآه..نعم هذا هو الحل الوحيد الذي يملكه ولا حل آخر ينجي غارث وشقيقه من هذه التهلكة، وإن كشفت الشرطة لا قدر الله خبايا غارث والرجل الغريب..سيدعي الجهل ويختلق الأكاذيب ويزيف الحقائق..لن يورط صديقه في هذه المشكلة المهدمة لحياته العملية.وهكذا صار سرهم في مزبلة التاريخ حتى أفتتح سجلاته الملطخة بالعار والذنب والندم لينتقم على ما أقترفته أيديهم!.

"ومتى كنت تنوي إخباري بهذا ؟"زعق به ثيو ما إن إختتم قصته ليكرر صديقه إعتذاراته ويحاول تهدأة وتيرة الإنفعالات المتصاعدة

"توسل إلي يا ثيو وأكله الندم وقرر أن لا يتعاطاها مجدداً..كلانا خشي عليك من أن تمسك أفعاله..ثم لا تعاتبني على أخطاءك ..أنت من أهملت أخاك بسبب عملك "

"كان عليك إخباري ..لماذا..يا إلهي..أي لعنة أصابت حياتي.."دفن وجهه بين يديه وراح عقله يكون صوراً عن شتى أنواع الأعمال الدموية التي أقدم عليها شقيقه.واصل ديلان دفاعه

"هب إني فعلت..ألن تشعر بالعار ..ألن تتلطخ صورتك في العمل وتفقد هيبتك ووقارك..أستزج أخاك بالسجن..تكلم"

ساد الجو صمت ثقيل مخيف.في كلامه بعض من الصحة إلا إن هذا لم يعد ينفع لقد غسل ديلان عاره قبل التفشي في الأنحاء وتستر حول القضية بأسم الصداقة والأخوة.كبح جماح إنفعالاته ودار على عقبيه ونية تفتقت داخله برؤية شقيقه والإعتذار إليه عن غفلاته وتقصيره..لو أنه كرس بعض الوقت لشقيقه آنذاك وتقربا لما حدث ماحدث..لما تعرف بأشخاص فاسدين أجبروه على مشاركتهم رذائلهم..كم هو متأكد من وجودهم في حياته السابقة وسيعثر عليهم ويذيقهم أيما عذاب.

"كاد غارث أن يفقد حياته بسببك بالأمس ..أراد الانتحار عقاباً على مافعله..لماذا تهورت وقد أشرف على الشفاء ..لماذا فعلت هذا؟"

أخذت غريس دورها وعاتبته ليجيبها بصريح العبارة

"لكي أبعدك عنه..جعلتك تسمعين حقيقته كي تتركيه
..كنت متأكداً بأنكِ لن تصدقينني.."

"لذا إستعنت بصديق غارث"أكملت عنه وأردفت تحاول مسك نفسها من البكاء "لماذا..مالذي دهاك..هل جننت"

"جننت بحبك..لا أدري كيف تحبين معوقاً مثله"

"ظهرت على حقيقتك..مع الأسف خابت توقعاتي بك..أنت تعتبر مساعدتي نابعة من حبي له بينما أفعلها من ناحية إنسانية ولأنني سأصير طبيبة وواجب علي مساعدة الآخرين..بل دعني أوضح لك شيئاً.. مساعدة الآخرين لا تتحدد وفقاً للمهنة أو للفئة المعينة التي تتناسب وطبيعة ما تقوم به..سأفعلها لأي كان..لأجلك أيضاً إن مررت بالمشاكل..لا أريد مثل هذا الحب الذي يبعدني عن واجباتي الإنسانية..فكر في أفعالك وأعتبر.."

هدأت قليلاً ثم إسترسلت

"أما عن الشخص الذي أحبه فهو ليس ثيو إن كنت تعتقد هذا الان بعد إستثناءك لغارث بل هو شخص آخر ستتعرف عليه يوم ما..يحزنني أن أكسر قلبك ولكنك تجلب لك الالم بنفسك"

تحركت تريد الخروج ليصدها بكلماته يذكرها بتناقضاتها

"أتذكرين ما قلتيه لي بأنك لن تتعلقي برجل خلال دراستك؟"

سألته بالمثل

"أتذكر أنت ما قلته لي بأنك لن تعترض طريقي وستدعني وشأني؟على الرجل أن يتحمل مسؤولية كلامه"

صفقت الباب خلفها وتركته منكسراً مهاناً..كم أهلكه حبها وأستنزفه قواه..حتى عند سفره كانت تخترق أحلامه وتعذبه..حان الوقت لوضع حداً لجبروتها وطغيانها..سينهي هذا الحب الفاشل ويطهر قلبه من جنونه وشهواته..فليدعها تجربه مع حبيبها المجهول وتذوق مرارته وينكسر قلبها كما كسرته هذه الجاحدة الماكرة.

اليوم التالي.
في المدرسة

مرتاباً حدق بها، فتصرفاتها الغريبة لحظة دخولها الصف أيقضت فيه مشاعر الإكتراث والإهتمام وعجز عن صرف نظره عنها.لم يسبق له وإن رآها على هذا الشاكلة من الضعف والخوف أم كانت تتصنع أمامه كلما تواجها!إنه يحس بوجود خطب ما فيها يتوجب عليه التدخل سريعاً ليس عن فضول وإنما عن غريزة فطرية فطر بها لا يستطيع كبحها مهما حاول.

إستطاع وهو يدنو منها رصد ما شك أنه الخطر..النافذة وما يقبع وراءها من رجال مثيري للريبة والأعصاب مرابطين في ساحة المدرسة يرسلون نظراتهم الثاقبة إلى الفتاة التي تراقبهم بدورها بصمت مرعب.لاحظ أنهم بدأوا يتحركون تباعاً وبسرعة خاطفة أرعشت بدنه و أنتفضت لها الفتاة وأهرعت تفوقهم سرعة خارجة من الصف.

صُحت ظنونه ولحق بها كي يحميها من هؤلاء الشرذمة المخيفة مع إن إحتمالية تفوقه ضئيلة كما خمن نظراً لهيئتهم الضخمة الشريرة لكن من يدري ربما تنعكس الآية ويصبحوا بين يديه كرة واحدة يهدفها حيث يشاء.لمحها وهي تُخرج حقيبتها من الخزانة تأهباً للفرار فنادى عليها"رايلي..".كانت مشغولة بما يكفي لتجاهل نداءاته ولما أوشك على الإقتراب منها ظهر أولئك الرجال وحثوا من خطاهم للوصول إليها.صار قريباً جداً منها وعرض المساعدة عليها ليتلقى رداً عنيفاً كعادتها"إياك واللحاق بي"ثم مضت في طريقها تعدوا بأسرع مايمكنها للفرار من المدرسة.

ظل واقفاً في مكانه يتابعهم وهم يلحقون بها حتى تواروا جميعهم عن ناظريه.كل الأفكار والتصورات الغريبة تمركزت داخل عقله..ماذا لو أمسكوا بها وضربوها وقتلوها!ألن يكون هذا مبعثاً للندم وتأنيب الضمير أن تترك شخصاً في خطر وأنت تملك القوة على تقديم العون؟وإلا فأنت لست أهلاً لحملها والتبجح بها.ولكن رايلي ترايسور وستنجح بالتأكيد من التملص منهم.هذه الحقيقة لم تنجح في إخماد ثورته وخوفه عليها، فخرج من المدرسة شأنه شأنهم يبحث عنهم وكله أمل في أن تكون قد باغتتهم وهربت بجلدها من براثينهم إلا إن أمله طار بنفس السرعة التي حط فيها على عقله حين رآهم ينهالون عليها ضرباً في الملعب التابع للمدرسة.

تحرك ناحيتهم ليلقنهم درساً فلزم مكانه في الذات واللحظة لما قذفته بنظراتها الجاحظة تنبهه وتحذره في آلا يتدخل.كيف بالله تنبهت لوجوده في خضم صراعها معهم؟هل كانت تتوقع حركته الطائشة وتخشى عليه كما يخشى عليها؟أم أنها تحب أن تضرب ويسال دمها؟سيكون غبي إن لم يدرك مغزاها.لزم مكانه وأكتفى يراقبهم متألماً لحالها بعيداً عن مرماهم يبدو أنه شعر بإهتمامها نحوه..بأنها لا تريد له الاذى و الاحتكاك بجماعتها الشرسة..هل تحبه ياترى؟!..ماهذه الأفكار السخيفة في ضل هذه الفوضى..يستحسن به التمنع عنهم حتى لا يصاب بأذى لأجلها ولأجل تحقيق حلم شقيقه قبل كل شئ.

"ستعودين للعمل معنا شئتي أم أبيتي "

قال أحد الرجال بغلظة ثم قال آخر يذكرها فيما بينهم

"العقد بيننا لم ينتهي بعد.. نحن عادة نقتل من يخلف بعهده معنا لكنكِ إستثناء..عملتي بجد وفعلتي كل ماطلبناه منكِ وستواصلين معنا حتى إنتهاء مدة العقد"

"أريد العمل وحدي..إكتفيت منكم "
صرحت بصدق من بين أسنانها النازفة ثم بصقت الدماء بوجه الأول لتتلقى صفعة قوية..شدها من شعرها وقربها من وجهه وقال مادحا
ً
"لهذا أنا أحبك..فتاة أمازونية شرسة..تحملي الألم إن لم ترغبي بالموت وسأزيد من أجرك..إنها صفقة مربحة"تركها ثم قال صديقه

"لدينا مهمة لكِ..ستوصلين طرداً مهماً اليوم وافينا بعد المدرسة لنطلعك على العنوان وإلا لن تري خيراً"

ثم ولى الرجال الخمسة على أعقابهم منتصرين.خرج موريس من مخبئه خلف خزان المياه وهرع إليها يسعفها.صاح بها ساخطاً

"أنا لم أرى فتاة مخبولة مثلكِ..لِمَ لم تقاوميهم أين قوتك التي تتباهين بها..كان بوسعنا نحن الإثنان تمريغ أنوفهم في الأرض.. "

زين ثغرها الملطخ بالدماء إبتسامة ساخرة وهمت تجتث جسدها من الأرض..مد يده لمساعدتها فأبعدتها بنفور ثم قامت تترنح وزمجرت بوجهه

"أغرب عن وجهي يا فتى "

"أهذا جزاء من يحاول مساعدتك ؟"علق على ردة فعلها وواصل"لمَ ترفضين مساعدتي لقد سئمت من إهاناتك ومن ترديد ليس من شأنك أريد توضيحاً عما تفعلينه بنفسك..من أنتِ بالضبط ؟"

"أنا فتاة الطرود"

تطلع إليها ببلاهة ثم فاجأه سؤالها الذي ينم عن إهتمام شديد لمعرفة إجابته

"لِما أنت مهتم بي؟"

"لأنني..لأنني ..لا أعرف..فقط يؤسفني وضعك أريدك أن تكوني طبيعية وتكوني أصدقاء..أصدقاء يمكنك الإعتماد عليهم..لا أريدكِ أن تكوني وحيدة..أريد أن أكون صديقك"

تطلعت إليه والدموع تغزوها..أخذت تشهق وتشهق ثم مالبثت إن عادت لشخصيتها القديمة..نهضت تدفعه عنها لتقول بغموض لم يستوعبه

"الوحدة أفضل لي..أفضل للجميع..لأنها تجعلهم بمأمن مني..وأنت كذلك ستكون بأمان وإلا ستموت
..أفهمت ..سأقتلك بنفسي إن تقربت مني.."

ثم قفلت عائدة إلى المدرسة بخطوات متعثرة تاركة موريس في صدمته.

قرر ثيو وفريقه بدء العمل حول القضية الثانية حتى يجد الجديد حول الأولى وتقسم العمل بينهم في أن يحقق كلاً من العميلين كليرك ومورين في حياة الضحية المدعو مالكوم الإجتماعية بينما ثيو ولوثر بالعائلية ومايترتب عليها من أسرار تقتضي تقصيها.

عندما مست أقدامهما عتبة منزل الضحية،سمعا صراخ أطفال أثار ذعرهما وأخبرهما أن خطراً ما يحيق بأهل المنزل،فسحبا مسدسيهما وحطما الباب بدَفعة واحدة وتسللا للداخل.مشهد الأطفال الفوضوي وتشابكهم مع بعضهم وحركات البعض البهلوانية المتوازنة خمدت مخاوفهم فما يحدث هو بالتأكيد حفلة عيد ميلاد نظراً للبالونات والشموع والأضواء الملونة التي تزَين بها المنزل

.من بين الهرج والمرج صرخ أحد الأطفال وهذه المرة خوفاً من رؤيته لرجلين غريبين متشحين بالسواد يحملان سلاحاً خطيراً.هرع الطفل نحو غرفة ودخلها ليخرج بعدها مع إمرأتين مذعورتين إحداهما في نهاية عقدها الرابع والأخرى في بدايته التي بادرت بالكلام مرتجفة

"من..من أنتما ..ضعا سلاحيكما جانباً أنتما تخيفان الأطفال و..ولنحل الأمور بروية..إتفقنا؟..وإلا سأتصل بالشرطة"

أُحرجا وأرجعا سلاحيهما حيث ينتميان وأبرزا شارتيهما لتهدأ القلوب الخائفة وتستكين.أرشدتهما المرأة الأكبر سناً للمطبخ بينما ظلت الأخرى مع الأطفال.جلسا حول مائدة الطعام وقابلتهما المرأة وقد كانت دميمة الوجه بعينين غائرتين بنيتين ويكسو شعرها المعقود على شكل كعكة شيباً كثيراً وأنبرت تقول بإستحياء

"لابد وأنكما تعتقداني أماً سيئة لأقامة حفل لأبني الصغير ولم يمضي على موت بكري شهراً "

"مطلقاً..على الحياة أن تستمر سيدتي،ونعتذر على إزعاجك في هذه الساعة وإرهابكم ..ظننا أنكم في خطر"

قال ثيو بأدب ليسأل لوثر بعدها أسئلته صاداً كل ثرثرة لا لزوم لها وتؤخرهما عن عملهما المهم.إجابات عادية شرحت لهما طبيعة الفتى في كونه مراهقاً نشطاً محباً للحياة والحرية وأشد ما يكرهه أن يتم التحكم به وإخضاعه لما لا تشتهيه نفسه وترفضها. ولعل هذا ماسبب الخناق بينه وبين زوج والدته الذي أراد التحكم به وتسييره وفق رغباته وكانت النتيجة خلافات دائمة بينهما أدت في بعض الأوقات إلى عنف بحق الفتى..كما أخبرتهما أنه أصبح غامضاً قبل موته لا يخرج من غرفته وإن خرج فهو لا يعود إلا متأخراً وفي أحد الأيام منعه زوجها من الخروج وأشتد العراك بينهما حتى تطلب منها إستدعاء شقيقها الشرطي ليفض النزاع.

"أين زوجكِ الآن..نود التحدث إليه؟"
سأل ثيو لتجيبه مبتعدة عن الأجابة الحقيقية

"لا يمكنه فعلها إن كنتما تشكان به..كل مافي الأمر إنه كان يكره طريقة عيش الفتى ورغب في تعليمه أساسيات العيش السليم هذا كل مافي الأمر..لم أربه جيداً "

"أين هو الآن سيدتي؟"سأل مجدداً وأجابت بعد تردد
"ليس هنا.."

"أين"قاطعها لوثر سائماً طريقتها في الكلام فأجابت وقد بدء التوتر يطغى عليها

"إنه في المصنع..مصنع للتعليب عادة ما يبيت هناك"

"أبنكِ كان يتعاطى أكنتِ تعرفين هذا؟"سأل ثيو.
سكتت مطأطأة رأسها كأنها تخفي آثامها محرجة من كونها أماً سيئة ونطقت معترفة بنبرة ندم

"نعم ..نعم كنت أعرف وكذا زوجي لكننا لم نستطع فعل شئ حياله..أعني..حاولنا ولكن بلا جدوى..قبل موته قرر زوجي علاجه في المركز قبل الإدمان عليها ولكنه لاذ بالهرب حين علم بالأمر..ثم عثروا عليه مقتولاً ومقطعاً رباه"

وأخذت تنشج بقوة..قاطعها ثيو

"ألديكِ فكرة ممن كان يستورد الهيروين ؟"

"كلا..لا فكرة لدي لا بد أنهم زملاؤه في المدرسة إنهم يروجون لها هناك هذه الأيام"

سكتت مضيقة عيناها كأنها تستذكر شيئاً لتقول

"هناك فتى إسمه باريش..كان صديقه..زارنا مرة ربما سيفيدكم بشئ"

زودتهما بعنوان المدرسة التي يرتادها وصدف أنها تحمل إسم المدرسة ذاتها التي إرتادها الضحية جيس.يحتمل أن تخبأ تلك المدرسة أسراراً غامضة وربما تحتضن بين جدرانها مجرماً مهووساً ينتقي ضحاياه بسهولة من هناك لذا ستحضى بشرف زيارة المحققين لها للمرة الثانية لإنتزاع المجرم منها.

أخذا أذنها في تفتيش غرفته ونقبا بين أشياءه عساهما يلتقطان ماينفع وكان الشئ الوحيد الذي إهتديا إليه وبإمكانه تزويدهما بمعلومات تخص الضحية هو جهاز اللابتوب الصغير الأبيض والذي لسوء حظهما كان قد فارق الحياة لكن على عكس كل البشر فهو قابل للإحياء.أخبر لوثر والدة الضحية أنه سيحصل على مذكرة لمصادرة الجهاز لذا يجدر بها الحفاظ عليه بعيداً عن متناول الأطفال أو أي شخص آخر.أما السؤال المعتاد والذي كان يؤرق ذهن ثيو عما إذا كان جوال الضحية المحمول قد سُرق وجد سبيله إلى السيدة الضخمة التي أجزمت بأنها لم تعثر عليه مطلقاً لا في المنزل أو في مسرح الجريمة أو داخل ثيابه التي قتل فيها.

الإفتراض السليم الآن الذي كونه ثيو هو إن الضحايا الثلاث أودين،جيس،ومالكوم مشتركون بعنصر واحد مهم وهو إختفاء جوالاتهم والتي تعني إحتواءها معلومات بالغة الأهمية للقاتل وهذا يرجح أيضاً ويؤكد فرضية إن القاتل واحد لهؤلاء الثلاثة لكن ماذا عن الضحية الرابعة هل كانت هي الأخرى من ضمن ضحاياه؟لابد من التحقيق بشأنها علها تضيف ما يؤكد مزاعم ثيو.أو ربما يكون مخطئاً وأن الزوج هو من فعلها!!.ماذا عن أودين هل قتلهم كلهم؟!لكنه ميت هذا الفتى عنده كل الحقائق..وليته يعود ويذكرها لهم.

بينما هم يتكلمون شعر ثيو بعينين واسعتين تبرزان من خلال شق باب غرفة نوم معلق عليه لافتة صغيرة صفراء مكتوب عليها "ممنوع الدخول" تتفرسانه بدهشة واضحة ولما تحرك بإتجاه الباب بخطوات بطيئة أحس بأن صاحب العينان تنبه لمراده فأتسعت عيناه خوفاً وصفق الباب بقوة أسقطت اللافتة أرضاً وأفزعت ثيو.حركة أثبتت له مقدار الغضب الذي يكنه هذا الشخص تجاه شئ ما..أو يُحتمل إمتلاكه لمعلومات مدفونة لا يرغب الإفصاح عنها ومشاركتها للشرطة إذاً كل ما عليه فعله هو سبر أغوار ذلك الشخص الغامض وإجتثاث بذور الحقيقة منه..لن يخسر شيئاً على أية حال فليحاول.طرق الباب ثلاث طرقات متتالية ولم يحر إجابة من الداخل.

أخبرته المرأة أن أبنتها غير إجتماعية ولا تحب الغرباء أو مخالطتهم.هكذا إذن تينك العينين تعودان لفتاة صغيرة غامضة لاشك في إنها تحمل عوالم خيالية داخل رأسها إعتماداً على طبيعتها النفسية.طلب من لوثر تركه وحده ليكلمها لربما تشعر بالرهبة وتذعر من وجود شخصين غريبين داخل غرفتها.فكرة رفضها لوثر أساساً وأرتأى مرافقة المرأة للأسفل وحثها على قول كل ماتعرفه عن ماضي إبنها وحاضره على أن يمضي وقته الثمين برفقة طفلة شاذة عن غيرها.طرق ثيو الباب مجدداً وأتاه من الداخل صوت نقي هادئ يقول بنبرة ذات معنى

"ألا يمكنك قراءة ما كُتب على اللافتة؟"

"لا توجد لافتة على الباب لقد سقطت حين قمتي بصفق الباب بقوة وإني لأظنك علقتيها كي لا يزعجك أحد ما حين تكونين مشغولة وسقوطها يدل على فقدانها لقيمتها ويسمح بالدخول لأي كان الآن..صحيح؟"

إنتظر إجابة وكاد أن يعود أدراجه لولا سماعه صوت قفل الباب وهو يُفتح ليبتسم فرحاً بمفعول كلماته.

"أنت لعوب"قالتها وهي تجلس متربعة على سريرها الخشبي الصغير المغطى بغطاء أزرق عليه رسومات ميكي ماوس.ثم فاجأته بالقول

"أعلم من أنت"

"حقاً ومن أنا ؟"وقف قبالتها واضعاً يديه داخل جيوب بنطاله الأسود لتعلن عن هويته

"أنت المحقق ثيو رأيتك على التلفاز ذات مرة"

"أتحبين مشاهدة الأخبار؟"

"كلا..كم تبلغ من العمر أيها المحقق؟"

"ماذا عنكِ؟"
"إثنتا عشرة سنة..دورك الآن ؟"أشارت بسبابتها تجاهه
"لن أخبرك إكتشفيه بنفسك إن كنتِ ذكية"غمز بمرح لتبرطم شفتيها غضباً وتشيح بوجهها الصغير عنه.سألته بعد إن تيقنت أنه لن يفصح عن سنه

"أنت هنا لتقبض على المجرم صحيح؟"
"صحيح كي يرقد شقيقك بسلام.."
"فلتقبض عليه إذاً..أنا أكرهه لقتله أخي"
"كيف كانت علاقتكما..هل كان يضربك أو يسئ إليكِ بشكل ما ؟"
"كان لطيفاً جداً معي"
"أهذا كل مالديك؟"
"ومالذي تود سماعه؟"
إجابة ذكية أعجبته ليقول باسماً
"نعتتك والدتك تواً بأنكِ غير إجتماعية لكن أرى إن لسانك يحترف الكلام"
"أكون كذلك مع الأشخاص اللذين أكرههم كي يتركوني وشأني "
"هل تكرهينني؟"
"كلا..أنت لطيف وذكي..أحب الأذكياء"

نقطة لصالحه..دنا منها وجثا مقابلاً وجهها الذي أصطبغ بحمرة الخجل وأمسك يديها الصغيرتين يداعبهما وقال بصوت خافت مركزاً على عينيها المشابهتين لعيني والدتها تماماً

"أنتِ تعلمين بأن الأخوة عادة ما يحتفظون بأسرار بعضهم فهل كنتما كذلك؟"

لا إجابة..رمقها بنظرة طويلة كما لو كان يريد أن يعرف ما يعتمل في اعماق نفسها..ثم قال متيقناً من بريق عينيها أنها تضمر أمراً ما

"إسمعي أيتها الصغيرة..أياً تكن الأسرار يجدر بكِ إخراجها كلها.."
"لماذا علي ذلك؟"قاطعته ليوضح

"قد تساعدنا في العثور على قاتل خطير جداً..أو لا ترغبين في أن ينال جزاءه..لقد قتل شقيقك الذي تحبيه كثيراً..كما إنكِ قلتي تواً بأنك تحبينني وأنا أحبكِ أيضاً لأنكِ ذكية وستتخذين القرار الصحيح..أليس هذا مايفعله الأذكياء؟"

لا إجابة..قال كمحاولة أخيرة لإستدراجها

"إن كنتِ تخفين شيئاً خطيراً فأنتي تساعدين القاتل بجرائمه..ستُعتبرين مذنبة وسيؤنبكِ ضميرك إلى الأبد"

إنتبه كيف تاهت عيناها في شرود وعلائم الحيرة غلفت وجهها مبشرة بالأمل الذي يعول عليه..يبدوا أنها إستوعبت كلماته وتحاول الآن إتخاذ المسار الصحيح الذي يكشف عما تشاركته من إسرار مع شقيقها وربما تتصور نفسها مستقبلاً وهي تعيش برفقة الندم والألم..لا يعرف نوع الأفكار التي تتشقلب في عقلها لكنه يعرف مفعول التأثير الذي ألحقه بها وتيقن تماماً من أنها ستفعل الصواب.بعد صمت ثقيل،لاحظ إرتجاف شفتيها ليطرب قلبه..ستتحدث أخيراً هذه الصغيرة العنيدة..قالت بحذر جهله ثيو

"لا أعرف القاتل ولكني أعرف بأن أخي قام بفعل سئ"

"وماهو ؟"سأل متلهفاً لتردف بذات الحذر

"لست متأكدة ولكني أشعر بأنه أقترف فعل شنيع"

سكتت فحثها على المواصلة خاشياً أن تغيير قرارها لتردف

"إنه يحب القيام بتجارب كيميائية وزوج والدتي رفض إقامة مختبر له هنا لذا إستخدم مختبر المدرسة المهجور للقيام بتجاربه..كان يقوم بتحضير مركب خاص ل.. "

"لأجل ماذا؟"
"لأجراء تجربة بشرية "قالتها بتردد
"هل أخبرك هذا بنفسه؟"
أومأت إيجاباً ليسأل مجدداً
"ماخاصية هذا المركب؟"

هزت كتفيها بأنها لا تعلم ليسألها عن السبب الذي جعلها تشك بأن أخاها قام بعمل سئ لتقول معترضة

"إجراء التجارب على البشر أمر سئ ..لا أحبذ هذه الطريقة مطلقاً .."سكتت لبرهة لتوجه له سؤالاً بدورها

"هل تعتقد بأن أخي فعل شيئاً سيئاً؟"
تأملها مطولاً قبل أن يشرع بالأجابة
"هذا يعتمد على ماسنعثر عليه في المختبر..ألديكِ شئ آخر لتضيفيه..سر آخر مثلاً؟"
هزت رأسها نفياً ثم سألت
"هل هذا يعني بأنني تحررت من الذنب؟"

"نعم لم تعودي كذلك ..أحسنتي صنعاً "

ربت على رأسها بحنان وغادر الغرفة.كان لوثر ينتظره في السيارة على نار يجاهد بكل ما أوتي من قوة في كبت رغباته الخبيثة في الإنفصال عن زميله والمضي قدماً نحو وجهته التالية ليس لأنه غير قادر على فعلها وإنما فضوله لمعرفة ما توصل إليه زميله وقف حائلاً بينه وبين تلك الرغبات.دخل ثيو السيارة وأفصح فوراً عما عرفه

"أعتقد بأن فتانا أقدم على فعل تجربة سيئة؟"

"ماذا تعني؟"سأله لوثر مقطب الجبين ليخبره بما إكتشفه من الطفلة ليتصل بعدها بكليرك طالباً منه إستدعاء فريق التحقيق الجنائي وفريق الطب الشرعي ليقوموا بعملهم في مختبر المدرسة مشدداً على الأشياء المهمة التي ينبغي إيجادها هناك.ولم ينسى إخباره ماذكره لوثر في الحصول على مذكرتين إحداهما لمصادرة لابتوب الضحية والأخرى للقبض على الزوج كمشتبه به للقتل إستناداً للمعلومات الشخصية التي حصل عليها لوثر من زوجته.وقبل أن يوافيهم في المختبر مع زميله يتعين عليهما إستجواب فتى آخر يدعى "باريش"لربما يحصلوا على معلومة جديدة أخرى تقربهم أكثر من إكتشاف القاتل.

"سينال جزاءه..أؤكد لكِ هذا "
"آه يا أبتي كم أتمنى أن يموت"

جملتين سببتا لها رعباً وأخذت تفسرهما كيفما تشاء بطرق أكثر رعباً وشيطانية.لو أنه لم يتمادى معها لما تجرأت على تمني الموت له..مالذنب الذي إقترفته بحقه ليعاملها بعدوانية؟ماذا يجدر بها أن تفعل كي يتوقف عن أفعاله سوى تمني الموت له..نعم موت بشع ينتقم لها من كل ماسببه ذاك الساحق الأرعن من أذى.أقرت بأن تمنياتها ودعواتها يخالفان مبادئها وإنسانيتها لكنها إكتفت لعجزها التام عن إيجاد طرق تبقيه بعيداً عنها.منذ إن حكت لوالدها ما فعله أخر مرة معها وكلمات والدها تتردد بأذنها.

سينال جزاؤه بكل تأكيد ولكن متى وكيف؟.في ذاك اليوم كسرت مبادئها عندما دفعها في الشارع وداس على نظارتها وقذفها بأقذر أنواع السباب..كادت أن تموت تلك اللحظة التي جاهدت فيها للوقوف لما أوشكت سيارة على صدمها ..نجت بأعجوبة وجزاؤه سيكون عسيراً..عسيراً جداً..ستظل تدعو وتدعو حتى ينزل ملك الموت ويسحب روحه القذرة إلى الجحيم حينها سترقص وتغني على قبره وتشعل الشموع ولن تولي والدته أدنى إهتمام..ستخبرها هذا عقابه وعقابكِ على إنجاب شيطان لعين.

إنتشلها من تخيلاتها صوت المدير وهو يخبرها

"آنسة سكارليت هذان العميلان ثيو ولوثر جاءا يستجوبان طالب لديك يدعى باريش فلترشديهما إليه لطفاً"

نهضت من مجلسها..عدلت نظارتها الجديدة ورحبت بهما ثم إقتادتهما لصفها الذي يعيثه الفوضى ونادت على باريش الذي جاءها متوجساً خيفة من هذين الرجلين.جرى الإستجواب داخل غرفة المدير الهادئة كالعادة تشاركهم الآنسة سكارليت إجتماعهم المغلق.

"باريش ماذا لديك لتقوله عن صديقك مالكوم؟"سأل ثيو
متفحصاً وجه الفتى الأشقر يدرس مايصدر عنه من إنفعالات

"كان صديقاً جيداً ووفياً ويجمعنا حلماً واحداً وهو أن نكون عالمي كيمياء مشهورين رغم أننا لسنا في المدرسة ذاتها لكننا نلتقي دائماً بعدها كما إنني سمحت له بالسكن معي في شقتي حين هرب من منزله"

"لسنا هنا لمعرفة مدى قرابتكما .."قال لوثر بفضاضة
"آسف مالذي تودانه مني بالضبط ؟"

"هل أخبرك شيئاً غريباً أو هل كنتما تتعاطيان نوعاً من المخدرات؟"تدخل ثيو يعلن لزميله بوضوح توليه الإستجواب
"كان يتعاطى الهيروين..نصحته كثيراً في أن يتركها لكنه كان مصراً يقول بأنها تشعره بالسعادة"

"منذ متى وأنت تعرفه؟"

"منذ تقريباً سنة تعرفت عليه في ندوة للكيمياء ولكنه لم يطلعني الكثير عن حياته الخاصة"

"هل كان سعيداً في حياته هل ضايقه أحد ما؟"

"زوج والدته على ماأظن كان يضايقه لم يعجبني الرجل حين إلتقيت به كان متزمتاً"

"هل أخبرك بأنه كان بصدد إجراء تجربة بشرية؟"سأل لوثر مكتفياً من برودة زميله في الإستجواب لتعلو الفتى إمارات الدهشة وأنبرى يقول بنبرة لامس ثيو الصدق منها

"كلا لم يحدث وإن أخبرني شئ كهذا؟"
"أنت تكذب "صرح لوثر مما أثار حفيظة زميله لا يبدوا على الفتى إنه يكذب وواصل لوثر أسئلته

"بما إنها كيمياء فهذا يعني العديد والعديد من التجارب فأين كنتما تقيمان التجارب؟"
"في حصة الكيمياء طبعاً"
"ألم تجريا تجارب خاصة بما أنكما مولعان بها ؟"
"في ..في مختبر منزلي "بدأ يتوتر من كثر الأسئلة ونظر لثيو كأنه يستنجد لكن الأخير صوب له سؤال آخر
"خلاف هذا..أكنت تعلم بأنه يقوم بتجاربه الخاصة في مختبر مدرسته المهجور؟"
"كلا..لم أعلم بذلك..كلما أراد القيام بتجربة زارني في المنزل "
"ولم يخبرك شيئاً ذا قيمة؟"سأل لوثر
"لا..لكنه كان يسألني بإستمرار إن كان هناك نوع من المركبات يمكنها.."
"يمكنها ماذا؟"قاطعه لوثر
"آه..مركبات يمكنها صهر الأجسام البشرية"
"وبماذا أخبرته؟"سأل ثيو ليجيب

"أخبرته أنه يوجد هذا النوع..أعطيته بعض الأسماء فقط"
"يبدو أنك شاركته في جريمته يافتى"

قال لوثر بنبرة أذعرت الفتى وجعلته ينتفض حتى إنه لم يستطع قول كلمة لهول الصدمة..تكلم ثيو مزيحاً عنه بعضاً من آثامه

"لا تخف أنت لم تفعل شيئاً سيئاً..لم تكن تعلم بنواياه هذا إذا كان حقاً قد أقبل على فعل جريمة شنعاء لسنا متأكدين بعد"خص كلماته الأخيرات للوثر ثم سأل سؤاله الأخير
"أودين هل مر عليك هذا الإسم؟"

شرد قليلاً ليعود لواقعه ويقول بنبرة مرتجفة

"نعم..أخبرني بأنه إلتقى بفتى يدعى بهذا الاسم يبيعه الهيروين "

"وهل ذكر شيئاً آخر ؟"سأل لوثر
"كلا"
"حسناً شكراً لك بإمكانك الذهاب"بمجرد أن أعطاه الأذن هبَّ من مكانه كالصاروخ نحو الحرية.أودين مجدداً..في زيارة ثيو لسنيك أخبره أن ولده بعيد كل البعد عن عالم المخدرات وأنه لم يذكر شيئاً عن قيامه بتجارته الخاصة مخالفاً رغبات والده في أن يرث مهنته.الأمر محير..يبدوا أن الوالد لايعلم الكثير عن حياة ولده كما كان يتوهم أنه يعرفها!!.

تكلمت الآنسة سكارليت مع ثيو في الخارج بشأن الفتى بينما لوثر تنبه لفتاة كانت تعرج في مشيتها شبهها بأخرى يعرفها..تفرس فيها وأنقلع من مكانه مسبباً الهلع لرفيقيه اللذين وقفا يحدقان به غير مستوعبين ما حدث للتو.

"ها قد وجدتكِ أخيراً أتعبتني كثيراً يافتاة..لِما لم تهربي كما تفعلين عادة؟"

حدجته بنظرات متمردة ثاقبة أشعرته بأنها على وشك إفتراسه في مكانه وهذا ليس صعباً عليها فشخصاً مثلها لن يتورع عن مهاجمة الأشخاص كما فعلتها معه آخر مرة عندما رآها في أحد المحلات حيث أشبعته ضرباً ومهانة أمام الناس لما تجرأ على تكبيل يديها بغرض إعادتها للمنزل.

الموقف الذي يتشاركانه الآن مبعثاً للفكاهة فكلاهما إتخذا وضعية الدفاع عن نفسيهما يترصد أحدهما حركة الآخر.أرخى دوافعه سيتعامل معها هذه المرة باللين لا يريد التعرض للإهانة أمام سكان المدرسة وعلى وجه الخصوص زميله ثيو لذا إبتدء الهدنة بالسؤال عماحدث لوجهها من جروح وكدمات فأتته إجابتها المعتادة

"ليس من شأنك"
"ألن تهربي مني؟"
"كلا لقد تعبت من الهرب منك سأواجهك"
رفع حاجبه اليمين وأخفض الآخر وسأل بنبرة أوحت لها بأنه يخافها
"تعنين بأنكِ س..تضربينني؟"

غذى ضراوتها وقوتها بهذه الكلمات لتعلن تحديها له رغم إنها تتألم كثيراً ولا رغبة لها بالقتال مع هذه الشخصية المزعجة التي تطاردها بكل مكان..
"أترغب بذلك؟هل أدمن جسدك قبضاتي؟"

تطلع إليها بذهول..أستفعلها حقاً وتكيل ضرباتها المتحجرة إليه؟لِما هو متصنم أمامها بلا حراك؟نجحت حقاً في إخافته هذه الفتاة العجيبة.واصلت بحدة تضغط على حروفها تستعيد مشهدهما الهزلي سوية في آخر مطاردة لهما

"تستحق ما فعلته بك ولست بآسفة لأنك هجمت علي ككلب ضاري وأعتصرتني بجسدك المتعرق القذر وتهاويت فوقي كأنك تحاول إغتصابي..وكبلتني حتى تطبعت آثارهما حول معصمي.."

رفعت يداها أمامه وواصلت بحنق بينما هو إكتفى بالتعرق والسكوت

"رباه كم كان شعوراً مؤلماً وأقسى ما في الأمر أنك أوهمت صاحب المحل بأني سارقة وماعاد يستقبلني..ياله من تصرف حضاري..أشفق على أولئك اللذين تتعامل معهم "

لجم لسانه.ماذا يقول لها؟هل يعتذر ويحط من كرامته الغالية أم يفر منها لفرط ماأصابه من إحراج؟بالتفكير في الأمر كان تصرفه همجياً معها يفتقر للكياسة والرجولة فقد تعامل معها كواحدة من المجرمين وقد نال جزاءه منها.لذا هو ليس في موقف يخوله الإنتقام منها ولا الحق في تعليمها فنون التعامل مع الناس فهما يتشاركان الصفة ذاتها.حقيقة تصعب عليه الإقرار بها.

كي يغير دفة الحديث قال متحكماً بصعوبة في توتره وإضطراباته مع إنها لاحظتها بالفعل

"عودي معي للمنزل والديك قلقين بشدة"قال بلهجة آمرة وماكان مها إلا أن تقول بجفاء
"لن أعود إخبرهما بذلك "
"أين تعيشين حالياً وماذا تفعلين؟"

سكتت.بماذا تجيبه؟أتخبره بأنها تعيش في كرنفال قذر مع بائعة هوى بائسة؟بالتأكيد سيزجرها ويلف الحبل حول رقبتها ويسحبها كالحيوان ويلقيها في منزل والديها الذي تركته بإرادتها..كلا لن تخبره فحياتها الآن أفضل بكثير مما كانت عليه بمعيتهما على الأقل تخلصت من شجاراتهما المتواصلة على أتفه الأشياء ومن التنقل كالفئران من جحر إلى جحر بلا إستقرار أو سكينة.

ماذا عن عملها؟هل تخبره عن تلك الزمرة الفاسدة التي أغوتها وأجتذبتها إليها وعلمتها أبشع طرائق النجاة في دنيا ظالمة..علمتها إن القذارة هي المجد والعز وإن الشرف لا مكان له بعد الآن."كن قذراً ولا تبالي طالما تجعلك إلاهاً على الجميع"..شعار العصابة على مر الأزمان..إن أردت الإنضمام إليهم وقع عقداً معهم وألتزم بالشعار المقدس.طبقته بكل بساطة ودنست يداها بالقذارة كسرقة البيوت والسيارات وآخرها توصيل طرود مشبوهة لمجاميع مشبوهة،ولما حاولت الإنشقاق عنهم والإنفراد بعمل خاص بها ترصدوها وكبلوها مجدداً وعليها الآن متابعة العمل حتى تنتهي صلاحية العقد.لن تخبره بأياً من هذا قطعاً فهي تحب حياتها ولن ترجع لحياتها السابقة مطلقاً.

خاصة أن الخطر يتربص بها من كل زاوية ووجودها في المنزل سيؤثر على والديها وهذا ما لا تريده حتى وإن كانا سيئين معها فهي لا تريد أن تعيش معذبة وهي ترى الآخرين يتألمون بسببها.وسؤال يبقى معلقاً هل ستجد يوماً من يرشدها ويوجهها إلى الصراط المستقيم وهل سيستجيب عقلها للمتغيرات الجديدة أم ستواصل قذارتها؟.

"مانقوم به أنا وأنتي سخيف جداً سننهي لعبة القط والفأر حالاً وستعودين معي لوالديكِ "
"لن أعود"هدرت من بين أسنانها ثم واصلت بذات الحدة
"أنا بخير أخبرهما بذلك"
"نعم واضح جداً من الكدمات التي على وجهك "

تنهد وأرخى ربطة عنقه.الوضع برمته بات يضايقه ويزعجه ولولا علاقته الوثيقة بوالدها لرفض توسلاته في العثور على أبنته وإرجاعها للمنزل.في بادئ الأمر أعتبرها مهمة سهلة مقضية قبل الشروع بتتفيذها حتى كما تخيلها لأنها مجرد مراهقة صغيرة كغيرها من أقرانها يخلفون ورائهم أثراً يسهّل العثور عليهم دوماً وما خفي عليه حقيقة أن هذه المراهقة شقية شيطانة تجيد الإختباء بإحتراف.ربما عليه الآن إنهاء مابينهما وتكريس جهده للقضية لا يحتاج لعراقيل أخرى يكفيه وجود ثيو ولن يمضي وقته في محاولة إقناعها فليسلم للواقع وليفعل والدها ما يشاء فعله.

"لا تخبرهما عن وجودي هنا..صدقني هذا أفضل لهم"

لم يفهم الأخيرة لكنه وعدها بشرف المهنة أن لا يطاردها مرة أخرى ومضى الأمر بسلام.إتجه لثيو وقد كانت تحادثه إمرأة غريبة أبدت إعجابها بعمله وأعطاها للطفها وتكرماً منه بطاقته للضرورة حال حدوث مايستدعي التحقيق بشأنه.موقف لم يكترث إليه لوثر ولو أنه لحق عليه منذ البداية لمات غيضاً وغيرة.

رافقت المرأة الآنسة سكارليت كما رافق ثيو لوثر خارج المدرسة حيث سأله وهو يعبر الشارع خلفه
"ماهو شعارك في التحقيق؟"
"إضغط على الأشخاص لينهاروا في النهاية ويعترفوا"أجاب لوثر ليعلق الآخر ضاحكاً
"شعار جميل .. أعجبني..أعترف بهذا..نفع مع فتانا على عكس شعاري..احتفظ بهدوءك حتى تستطيع معالجة الامور بحكمة وروية "

"لا ينفع شعارك معي"

"نعم أرى هذا ولكنك تكون فضاً مع الآخرين وهذا يضر بسمعتك..ويجعل الآخرين متخوفين من إبداء شهاداتهم إحتفظ بهدوءك في الآيام القادمة..إلا إذا أضطررنا"
"نعم..لايهم "تجاهل ثيو ودخل سيارته قبله.

بقي وحيداً في مكتبه كالعادة بعد مغادرة فريقه لمنازلهم.إنه الوقت المثالي الذي يقضيه برفقة ذاته بعيداً عن ضوضاء يومه المتعب..لحظة صفاء تسمح له بالتنزه داخل عقله وإلتقاط فتات ماحصل عليه من معلومات ويعيد تجميعها ويضيف عليها بعض البهارات ليصيرها شطيرة دسمة كاملة تنور عقله لكن لا شئ..صورة سنيك داهمت عقله وسحقت شطيرته وبعثرتها لتعود سيرتها الأولى.إزداد الضغط عليه كثيراً وأستنفذ قواه وأشدها تهديدات الرجل وحثه على التعجيل بإيجاد قاتل إبنه.بات كابوساً مرعباً يشتت تفكيره.

ماذا لو خرق الرجل إتفاقه وأقدم على قتل غارث وغريس ثم قتله إنتقاماً من القاتل بهم؟لما لا يسبقه ويخرق الإتفاق وينجو بهما وبنفسه؟لكن هذا لا ينفع فسنيك أقوى مما يظن مؤكد بأنه سيرسل إشارته لأتباعه بتنفيذ أوامره وهو في السجن وسيخسر كلا الطرفين الصفقة.أفكار سوداء شوشته وباتت شغله الشاغل هذه اللحظة ومامن مفر منها ربما قيلولة ستنفع وتزوده بالطاقة التي يحتاجها هذا إن لم يهجره ويبقيه حبيس مخاوفه المتلازمة.

خرج إلى الشارع يستأجر سيارة..تهالك على مقعدها وزود السائق بعنوان البناية التي تقبع بها شقته..لم تكد السيارة تتحرك إلا وتلقى إتصالاً من مركز الشرطة يخبره أن السجين الجديد يود مهاتفته..رحب بالخطوة الشجاعة التي أقدم عليها صاحبه ووافق عليها..أعطاه السجين إسماً واحداً فقط..الإسم الذي أستأجره لقتله "كارتر".لم يعلق ثيو بشئ وإكتفى بأن شكره مطمئناً إياه بأنه سيلتزم بوعده السابق له.زفر راحة أن لاضغينة شخصية بينهما إلا إنها متواجدة وبقوة داخل أعماق العميل السابق كارتر..إلهذه الدرجة هو حاقد عليه؟لكنه لم يفعل شيئاً خاطئاً سوى أنه كشف زيفه وعاقبه على أفعاله.لكن الأخيار هم من يدفعوا الثمن الأكبر في النهاية..ثمناً باهضاً على بياض قلوبهم.

قرر زيارته في الصباح ومواجهته بأفعاله الشريرة..لن يسكت أبداً على حرقه لمنزله الحبيب..سيأخذ حقه ولن يسامح هذه المرة.
أحس كأنه مراقب وهو يسير في الشارع المؤدي إلى البناية..تمهل ملتفتاً هنا وهناك عساه يلمح شيئاً ولم يلمح سوى قطة سوداء عبرت الشارع وتوارت عن أنظاره.أحس بالراحة وواصل طريقه..عاوده إحساسه المريب لينتصب ساكناً في مكانه..حانت منه إلتفاتة للخلف ليواجه على ماأوحي إليه بأنه رجل على مسافة ثلاث خطوات منه..سأله بدون أن يهتز
"من أنت؟"
رفع الرجل قبعته السوداء لتظهر شامة صغيرة تحت عينه تعرف عليها ثيو فوراً ليزدرد بلعومه ويجفل حين همس له الرجل
"أنا جيف الشيطان"

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro