الشيطان الجزء الثالث (الفصل الثاني)
حوار من الماضي
"ماذا تود أن تصبح يا ثيو حينما تكبر؟"
"أود أن أكون أفضل محقق في العالم"
"دعني أخبرك يا فتى أشياء اودك أن تتذكرها. فما تسعى إليه مجال خطر، ستعيش الرعب بعينه، وتجد نفسك أمام تحديات قد تنجو منها او لا تنجو. وستضطر في أشد الحالات واقساها إلى اتخاذ قرارات ووسائل ليست هي من شيمك ولا من مبادئك الصارمة لكنها مصيرية لغيرك.
ستتخلى حتى عن احبابك وكل متع الحياة، لن تكون ملك نفسك أبداً بل ملكاً للآخرين.وظيفة المحقق مهمة صعبة للغاية، أي خطأ تقع فيه، يكلفك الكثير، لها متطلبات وميزات خاصة توصلك أما للنجاح أو الفشل، ليست أمراً اعتباطياً يستهان به، تذكر هذا دوماً"
"سأتذكر، وسأبذل قصارى جهدي لأحقق ما أريد سأحافظ على النظام وأحمي ارواح الناس، سأطبق العدالة في كل مكان واشيع السلام، إني انذر نفسي وأضحي بروحي لأجل الصالح العام"
"ضع هذا في عقلك أيضاً، سيظهر لك من بين اعدائك عدو شرس، يلعب معك حتى يشلك، يستهزء بك ويضحك على فشلك ويتفاخر، ستكونان خصمان متكافئان وعلى احدكما أن يتغلب على الآخر، وأن فشلت فستظل تعاني حتى تموت مقهوراً"
"فليظهر من يشاء، سيجدني دوماً لغماً في طريق تقدمه"
بعد يوم
إحدى مقاطعات لوس أنجلوس
أن تنجز شيئاً كنت تحضر له زمناً طويلاً، يعني أنك مستعد لتسلم روحك طواعية للموت بفخر وشموخ.
يعتبر ما فعله أعظم انجاز حققه بعد ما ظن أن التخرج من المدرسة هو أفضل ما استطاعت نفسه المتعبة تقديمه وهاي هي سنوات قد مضت على حفل التخرج الذي خرج منه شاتماً كل الحاضرين تعبيراً عن سعادته البالغة ليقوم بخاتمة مقصودة حُفرت بحروف لن تُمحى في سجله المدني الخاص استهتاراً وتمرداً، احراق سيارة المدير الحديثة.كان واعياً آنذاك بافعاله ومشاعر تأنيبية لم تنزل موضعاً داخله ولا حتى الغرامة المكلفة التي دفعها ابيه الفقير أثرت عليه وأدبته، فعمل معه في أمور السباكة والصيانة ليعوض خسارة مال كان سينفعهم في يوم عسر، غير أنه لم يمضي سوى وقت قصير حتى سرق ما جمعوه بكد وهرب ينشد اللهو في أماكن محرمة وضيعة، تورط بافعال قذرة مع عاهرات سلبنه ما نهبه ولعب مع شخصيات علموه معنى أن تبقى في أحط مكانة وأن لا يرفع ناظريه أبداً لفوق ويشتهي ما ليس له.
تمنى يومئذ أن لو حافظ على حياته مع اهله، أن لو أكمل دراسته وصار في مركز مرموق وحظي بكرامة ومهابة بين شخصيات المجتمع العامة.ثم بعد عناء واتته فرصة جيدة للعمل مع صديق في الصيد أدرت عليه بربح مكنه من شراء عربة كرفان لتكون مسكناً تحميه من التشرد والضياع ليحولها بعد تركه للبحر وخناقات البحارة المستمرة إلى مصدر رزق آخر.فبيع الهوت دوغ الحار والمرطبات ليس بالشئ السئ طالما هو في منأى عن الفقر، جرب كل الوظائف يوم كان في نهاية مراهقته العصيبة وقد يغيرها كذلك ما أن يحظى بفرصة.يكفي ان مغامراته مع الناس واكتساب الخبرات من وظائف شتى جعلته يدرك بواطن الآخرين وغاياتهم وغير غافل عما يجري من حوله.
"أتوقف الناس عن تناول الطعام أم أن الوقت مبكر جداً؟!"
قام بتجهيز الشطائر والمأكولات السريعة الشهية ريثما يستيقظ الزبائن المتذمرين من رقادهم ويمتعوه بسرد يومياتهم ومشاكلهم.
تقدم ناحيته شرطيان افزعاه، ثم تنبه أنه يركن عربته في مكان عام ولا يخالف قوانينهم السخيفة لذا حجتهم ستكون باطلة إن زعموا العكس وازعجوه، ما خشيه لم يقع إذ القيا عليه تحية الصباح وطلبا منه اعداد شطيرتين قبل مزاحمتهم من قبل الجائعين الذين بدأوا يخرجون نشطين متلهفين إلى الشارع.ودار بينهما حديث تتمةً لما كانا يتناقشان به أصغى إليه مترقباً، كأنه على اطلاع بما سيتفوهان به
"لدينا سفاح جديد في البلدة على ما اظن"
"لقد اقشعر بدني بالأمس عندما وصفوا لي ما سمعوه من المباحث أي وحش سافل هو.يكاد عقلي لا يصدق"
"ويقال أن الشاهد فقد وعيه واصيب بنوبة ذعر وهو الآن يرقد في إحدى المشافي من هول ما رآه، يا له من مسكين"
"يا رجل دعنا نبقى على مهماتنه الصغيرة، لا انوي أبداً رؤية الفظائع وقرف المختلين"
"اطمأن ليس وكأننا سنترقى، علينا فقط أن نترقب الآتي"
"هيا يا رجل اعد لنا الفطور اللعين سريعاً، لم نأكل منذ البارحة بسبب هذا المختل الذي ظهر فجأة، عليه اللعنة"
سلمهما طلبهما في اكياس ورقية وتمنى لهما يوماً جيداً.
"لم تعجبني تعابير وجه هذا البائع، شعرت كما لو أنه ينوي شراً تجاهنا"
أفصح أحد الشرطيين لزميله وقد كان يبدو رزيناً وحذقاً في وظيفته عما وصله من إحساس مبهم ورده من صاحب الشطائر الذي شيعهما حتى غيابهما محتفظاً بابتسامة غير قابلة للتفسير.
"دعك منه استشك في كل من تراه؟دع أمره للمختصين ولنملئ معدتينا"
تلاشت تعابيره المتجمدة ونزع عصابة بيضاء عن رأسه ملطخة ببعض البقع البنية المبعثرة وتبين وشم حديث لزهرة توليب سوداء صغيرة على جانب رأسه الأيمن المحلوق باتقان لا تثير الانتباه إلا عند التركيز عليها، اتخذها رمزاً للرضوخ والعصيان!.
يتبع
هذه الفصول استعراض للشخصيات
تحياتي
مروة الهاشم
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro