
الفصل السابع و العشرون
مرحبا قرائي الغاليين
استمتعوا بالفصل
*
" مأساة الكاذب ليست في أن لا أحد يصدقه و إنما في أنه لا يصدق أحدا "
باتت عادة لدي أن أصغي للراديو كلما كنت في السيارة و اليوم كان الحديث عن جورج برنارد شو
أشعر أن كل أديب ساخر يلمس حقيقتنا التي نهرب منها كثيرا
أنا مثل الجميع كذبت حتى بت لا أصدق أحدا حولي ، أشكك بالجميع و أرتاب منهم ثم أحفر خلفهم بنفسي
صباحا أتى جونغ بنفسه كما اتفقنا و بمجرد أن أقفلت الباب بعد خروجي و وقوفي مقابلا له هو حاول السيطرة على بسمته فشتمت تحت أنفاسي و تقدمت أنزل الدرج ، صعد هو في الأمام من جهة القيادة و أنا فتحت الباب الذي بجانبه و صعدت
أقفلت الباب بقوة حينها انفجر ضاحكا بينما يمسك بمقود السيارة و أنا فقط كتفت ذراعي لصدري محدقا به إلى أن فرغ و غادرته نوبة الضحك ... هدأ رويدا ، رويدا حينها خاف أن يلتفت لي أو يكلمني
" هل انتهيت ؟ "
حينها حمحم يصدر صوتا و رد بهمس
" آسف سيدي القائد "
قالها يثبت نظراته على المقود و أنا بصمت حدقت به حتى أصابه التوتر و إلتفت ناحيتي أخيرا و ببسمة متوترة تحدث محاولا التبرير
" بيكهيون لا تنسى أننا كنا أصدقاء "
" و هذا لا يعطيك الحق حتى تضحك كلما رأيتني فقط لأنك إطلعت على جزء من حياتي الخاصة "
" يبدو أن ضحكي أزعجك "
" بالتأكيد أزعجني ... "
" آسف لن أعيد الكرة "
" لا تلبي دعوات يون مرة أخرى "
أومأ ثم شغل المحرك و انطلق بنا ، الوغد كلما التفت ناحيته أراه يرسم بسمة و عندما يشعر بنظراتي يجاهد في رسم العبوس ، كل هذا بسبب يون الغبية
للمزاح وقت و حينما يحين الجد الكل عليه أن يكون على أهبة الاستعداد لذا جونغ تحدث هذه المرة بجدية بينما يقود و أنا أطلع على الجريدة مستمعا بتركيز لما يقال عن جورج برنارد شو
" ما الذي تعلمه و نحن لا نعلمه ؟ "
فأجبته بدون أن ابعد عينيّ عن الجريدة
" سوف تعلم في الوقت المناسب جونغ "
و صمته مع صوت أنفاسه لم يعجبني لذا رفعت نظراتي عن الجريدة محدقا به ، عندما رأيت انزعاجه ابتسمت و وضعت الجريدة في المقاعد الخلفية لأسند ذراعي على النفاذة بجانبي
" أنا لست أستفرد بالسلطة ... فقط تعلم أنني تعودت العمل وحدي "
" لكننا رجالك الوفيين "
" أدري و أنا أشعر بمسؤولية كبيرة تجاهكم جونغ صدقني "
" اذا تقاسم معنا هذه المسؤولية و لنحملها معا "
" أوقف السيارة "
استغرب لكنه أوقفها على جانب الطريق و أنا إلتفت بجانبية له مواصلا حديثي
" هل أنت متأكد ان الروسي صاحب متجر الفاكهة المقابل لمقرنا الأول هو من نقل أخبارنا لكيم ؟ "
" ما الذي تعنيه ؟ "
" ذلك الرجل لم يكن سوى تمويه يا جونغ "
" اذا ؟ "
" الصينيين هم من فعلوها ... من البداية لم يكن هدفهم قتلي و إلا كان الهجوم أقوى و أدّق ... "
" اذا ماذا كان هدفهم ؟ "
" تهديدي قبل أن أفكر برفض مشاركتهم معلوماتنا النووية ... حتى كيم ليس أكثر من طوطم بالنسبة لهم ، طوطم يخيفون به شعبه الساذج ، ثم لاحقا عندما يتمكن رب أكبر التغلب على ربهم ، سوف يسلمون له بسرعة "
لم يقل شيء سوى أنه تنهد و أسند نفسه على المقعد
" إنها ليست حربا منسية و إنما حرب كل معاركها تقع داخل الكواليس و نحن لسنا أكثر من بيادق "
" كنا ... أما الآن نحن ملوك و نستطيع مواجهتهم "
حينها التفت لي ، بدى عليه اليأس فجأة و هذا ما تجنبته ، آخر محاولة هذه ستكون و إلا لا أحد منهم سيحلم بالمشروع النووي ، لا كيم ولا الصينيين
" واصل القيادة إلى وسط بيرن جونغ "
بهمة باردة هو تحرك ، واصل القيادة حتى وصلنا لوسط مدينة بيرن فنزلت و قبل أن ينزل وضعت كفي على سقف السيارة و دنوت
" انتظرني هنا "
" لا يمكنني سيدي القائد ... ماذا إن حاولوا تكرير فعلتهم ؟ "
حينها رسمت بسمة جانبية ، مشكلتي أنني أدرك كل الخطوات من حولي و مع هذا أمضي نحوها
" لا تخف لن يفعلوا شيئا لأنهم ينوون تقديمي هدية لتغطية عيني كيم عما ينوون فعله "
قلتها ثم اعتدلت لأقفل الباب ، سرت نحو كبينة هاتف عمومي ، أخرجت من جيبي بعض العملات المعدنية و وضعتها فيه ثم طلبت الرقم الذي منحني اياه جونغ قبل فترة ، إنه رقم السفارة الصينية هنا ، أو يمكننا قول مقر جواسيسهم هنا في سويسرا
رن الهاتف و بعدما تمت الاجابة علي طلبت الحديث مع السفير ، كان هو رسولهم إليّ ، اتفقت معه على أن نتقابل أمام النصب التذكاري وسط الساحة الكبيرة فقال أنه قادم ، المكان لس بعيد و لن يحتاج سوى خمس دقائق حتى يصل
وقفت هناك منتظرا بينما أضع كفي خلف ظهري متأملا المكان حولي حتى سمعت صوته من الخلف
" سيد بيون "
التفت إليه مخرجا كفيّ من جيوب بنطالي فابتسم و تقدم أكثر يقدم كفه نحوي ، إنه رجل قصير القامة يصيب رأسه بعض الصلع
" لقد استعدت عافيتك بسرعة "
قدمت له كفي و حييته كما يفعل و ببسمة أجبته
" بفضلكم استعدتها "
حينها ظهرت داخل عينيه نظرة لئيمة و أنا سحبت كفي لأشير له نحو مقهى يعج بالمرتادين
" هل نجلس و نطلب فنجانين من القهوة ؟ "
" أفضل الشاي الصيني "
" نحن لسنا في الصين و القهوة أكثر شيوعا منه هنا "
سار معي مرغما و جلسنا ، طلبت أنا لنا فنجانين من القهوة و عندما وصلت قربت مني فنجاني ، حملته ثم رفعت نظراتي له حينها أخذ هو الآخر فنجانه و تحدث بنوع من السيطرة ، كل الحق على كيم الغبي فهو من جعلنا علكة بأفواههم يلوكونها كما يرغبون ، ينفخونها متى ما أرادوا ثم يفقعونها اذا لم تعجبهم
" نرجوا أنك فكرت جيدا أثناء تواجدك في المستشفى "
ابتلعت القهوة التي ارتشفتها مع بسمة رسمتها على ملامحي ، وضعت فنجاني ثم رفعت رأسي محدقا به لبرهات ثم أجبته
" كانت إلتفاتة جيدة منكم فقد كنت بحاجة لفترة للراحة و إعادة التفكير و ترتيب أولوياتي محددا بعدها اختياراتي "
رسم بسمة انتصار و أنا واصلت
" قررت ألا أشارك المعلومات الموجودة لدي مع أي أحد ... خصوصا أنتم أيها الصينيون "
مسحت البسمة من على وجهه ليضرب الطاولة بكفه غاضبا
" هل جننت ؟ "
" لا زلت أحتفظ بعقلي حتى لا أسلمكم رقبتي أيها الأوغاد "
" سوف تندم بيون ... نحن يسهل علينا الوصول لأي فرد من أسرتك الصغيرة ، حتى الجنين في بطن أمه "
" عندما تكون أمه سويسرية الجنسية سوف تفكرون ألف مرة قبل أن تقدموا على فعلتكم "
قلتها و استقمت ، أخرجت محفظتي و منها أخرجت ورقة نقدية لأرميها على الطاولة ثم لوحت له و غادرت
إن إعتقدوا أنني مجرد رجل غبي مثل كيم سوف يحاولون الوصول لمبتغاهم عبره هم مخطئين بالتأكيد ، الآن أنا هدفي أن أصل للسطلة و ليس أن أضع بلادي تحت تصرفهم حتى تكون مجرد مقاطعة تابعة لأقليهم ... خطة توسعهم لستُ أنا من سيخدمها ، فقط لأن كيم بات في نظرهم متمرد
*
أنا أدركت أنني أحب بيكهيون بجنون و مهما فعل لا يمكنني تركه ، قد أغضب منه و لكن لن يطول غضبي مرة أخرى
حتى لو كذب عليّ مرة أخرى سوف أسامحه ، متأكدة من ذلك أنا
غادر صباحا بعد أن ساعدته في ارتداء سترته ذات اللوني البني المخططة ، وقفت كثيرا مرة أخرى خلف النافذة بعد وصول الخدم
كنت قلقة و خائفة للغاية ، كلما خرج سوف أضع كفي على قلبي و لن أبعدها حتى يفتح الباب و يدخل عبره
كنت أقف عند النافذة عندما شعرت فجأة بشيء ضرب بطني فخرج مني تأوه صغير و سرعان ما رسمت بسمة سعيدة للغاية و وضعت كفي معا عليه هامسة
" صغيري "
تكرر الأمر و زادت بهجتي
" كيف تفعل هذا فجأة و نحن لم نختر لك اسم بعدا حتى نخاطبك ؟ "
مررت كفي بحنان على بطني و عندما قررت أن أجلس و أمنحنا معا قسطا من الراحة رأيت السيارة تدخل و هذه المرة لم أتزحزح حتى توقفت و فتح الباب الأمامي الذي بجانب السائق و رأيت بيكهيون ينزل منها ، بصحة جيدة و ملامح واثقة للغاية
رسمت بسمة و سارعت حتى مع سيري الأعرج بسبب حرق قدمي نحو الباب ، قبل أن يقرع الجرس فتحت الباب فعكر حاجبيه بغير رضى و هو يحدق بي
" حبيبي "
" ما الذي تفعلينه يون ؟ "
بسرعة حملني يقفل الباب بقدمه و سار بي ناحية الأريكة الموجودة بغرفة المعيشة و ما إن وضعني عليها حتى شعرت بركلة صغيرة أخرى و تأوهت ليعكر حاجبيه و تحدث بخوف
" هل أنت مريضة ؟ "
فنفيت بينما أحدق بعينيه لكنني أمسكت بكفيه و وضعتهما معا على بطني و ببسمة أجبته
" لقد رفسني لأول المرة الآن "
عكر حاجبيه ثم جلس و رفع سبابته بوجه بطني عدما سحب كفيه ، أقصد بوجه صغيرنا
" أنت يا فتى هل تضرب أمك من الآن ؟ "
" بيكهيون "
قلتها بقهر و غير تصديق و هو زاد من تعكير حاجبيه
" لا تتدخلي بيني و بين صغيري "
" أنت مجنون بالتأكيد "
و عندما كدت أبكي بسببه هو ابتسم أخيرا و دنى يقبل بطني
" كنت أمزح معكما "
" هذا فقط مزاح ؟ "
" أجل مزاح ألا يعجبك ؟ "
قالها معكرا حاجبيه فأجبت بعبوس
" مرة أخرى أخبرني أنك ستمزح حتى لا أشعر كما شعرت الآن "
" غبية "
قالها بهمس بينما يشيح عني حينها توسعت عيني و خرجت مني شهقة فزعة و هو بسرعة عاد يوليني اهتمامه و ظهر خوفه
" ما بك ؟ "
" هل قلت عني غبية ؟ ... بيكهيون كيف تجرأ ؟ "
" يون لا تستفزيني يكفي أنكِ تثيرين جلبة من أجل لا شيء "
" كيف تسمح لنفسك أن تنعتني بالغبية ... مستحيل ليس هناك زوج يستطيع أن ينعت زوجته بالغبية "
" يون هل تعلمين منذ متى و أنا أعتقد أنك غبية ؟ "
سؤاله ذلك أخرسني فنيت مجيبة
" لا أريد أن أعلم حتى لا أغضب ثم أحزن ثم لا أتناول وجبتي لأنني جائعة جدا "
رمقني بنظرات عزجت تفسيرها ثم التزم الصمت ليمر بعض الوقت و نحن على حالنا إلى أن تقدمت مدبرة المنزل و تحدثت معه ، أومأ لها لتغادر ثم إلتفت ناحيتي و استقام ، قرب مني كفه و تساءل
" هل تستطيعين السير ؟ "
" أجل "
قلتها ثم أمسكت كفه لأستقيم فتساءل من جديد محدقا بأناملي المحتضنة داخل كفيه
" ألا تؤلمك أصابعك ؟ "
" زال الألم لأن الاصابة لم تكن كبيرة كما هي في قدمي "
سرت معه حتى وصلنا للمطبخ أين كان الطعام جاهزا ، جلسنا على الطاولة و المدبرة غابت بعض الوقت ثم عادت ليتبين أنها كانت تتجهز للمغادرة و هذا يعني أنه لن يغادر المنزل فشعرت بالبهجة ، ودعتنا ثم رحلت و أنا أكلت بشهية مفتوحة ، بين الفينة و الثانية كنت أراه يحدق بي فأبتسم له ثم أواصل طعامي حتى نادى اسمي بهدوء
" يون "
" نعم حبيبي "
قلتها رافعة نظراتي اليه باهتمام فرد ببسمة
" لقد سجلتك في مدرسة لتعليم اللغة الفرنسية "
و بعدم تصديق أجبته
" حقا ؟ ... هل أنت جاد بيكهيون ؟ "
" أجل ... ليس لدي ذلك الصبر الكبير حتى أتحمل كل مرة أن أترجم لك الأفلام كاملة "
عندها عبستُ بدلال ثم استقمت و اقتربت بينما أسندني على الطاولة و قبلت وجنته
" أحبك "
ابتسم بدون أن يقول و أنا أيضا، لكن لن يهمني لأنني أعرف أنه رجل لا يحب الاعترافات المكررة و الكلام الزائد لذا تكفيني بسمته ، عدت لمكاني و هذه المرة هو أخرج مغلفا أبيض من جيب سترته الداخلي و وضعه أمامي
" رسالة وصلت من أمك و جدك "
حينها رغم وجوب شعوري بالسعادة إلا أنني شعرت أن قلبي يؤلمني و خفت الاقتراب منها ، امتلأت عينيّ بالدموع و هو اقترب يأخذ كفي بين كفيه
" حبيبتي لما هذه الدموع ؟ "
" اشتقت لهما ... "
" اذا افتحي الرسالة "
أومأت فترك كفي و أنا أخذتها فصخبت دقاتي ، فتحت الظرف بكفين مرتجفين و عندما أخرجت ورقة الخطاب وقعت صورة بحضني كانت بين طياتها ، حملتها فكانت صورة لأمي و جدي التقطاها في محل الخياطة عندها أجهشت بالبكاء و بيكهيون بسرعة استقام و ضمني له لأسندني عليه
" يون "
" أريد رؤيتهما "
حينها سمعت صوت تنهده
" سوف يصلان قريبا "
توسعت عيني و لم أعتقد أن مجرد رغبة عابرة في قلبي قد تتحقق بهذه السرعة فابتعدت عنه بسرعة و هو أومأ يؤكد بينما كفه تحتضن وجنتي المبللة بدموعي
" حان وقت كشف الحقيقة أمامها "
و أنا نفيت بخوف
" لا ... هذا سيكون سيء "
" لدينا الصغير و هو من سيلطف الأجواء صدقيني "
حينها وضعت كفي على بطني و حدقت به و هو شعرت به يقبل رأسي ليربت عليه
" حان وقت الحقيقة و قد استغربا أساسا عندما قطعت تذكرتيهما إلى سويسرا بدل ألمانيا الغربية "
" ستكون أوقات صعبة "
" يكفي أنك ستساندينني كما فعلت دائما "
حينها شعرت برفسة جديدة ببطني
" أوه "
خرجت من ثغري ثم رفعت رأسي نحوه و هو ابتسم
" أرأيتِ أنه يساندني ؟ "
نهاية الفصل السابع و العشرون من
" الحرب المنسية "
أتمنى أنكم استمتعتم بالفصل
و إلى أن نلتقي بفصل جديد كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro