الفصل الثاني و العشرون
مرحبا أعزائي
استمتعوا
*
قد نستغرق عمرا مديدا و عديد المواقف لنتمكن من تشييد صروح الثقة
نثبتها فنعتقد أننا نجحنا
نخطوا عليها أولى الخطوات فنسمع من تحتنا أصوات تزرع الشك بيقيننا
و عندما نتبيّنها سوف تكون قطعة جليد هشة و أي حركة سوف نغرق في صقيع لن ينتهي
عينيها ميلادي و أسواري التي تحميني
جاءت فتصالحت مع نفسي فاتحا الحدود بين قلبي و عقلي
معلقا لها أرجوحة داخل قلبي ، تجلس و تتأرجح على نبضاتي
فكيف يطلبون مني التخلي عنها و إعدام عمرها و كل عمري ؟
بت الآن مخيرا بين خيانتها و خيانة وطني
أنا لست خائنا عندما اخترتها هي
وطني بعيدا كل البعد عن التفاني و الوفاء لرجل واحد بنى عالما من الوهم مجبرا الجميع على عبادته متجاهلا قصص الأوّلين
سحبت الوغد جين هو من السيارة عندما وصلت للمكان الذي قدت إليه بينما هو مقيد في الخلف و على فمه شريط عريض أسود اللون يمنع صوته من الخروج
دفعته بقوة ليقع أرضا و عليه لا توجد سوى ثياب نوم خفيفة فتوسعت عينيه عندما رأى ظلام عينيّ
غدوت أتهاون في كل شيء إلا ما يخصها هيّ ، هي من عشت عمرا داخل يدها عندما تم السلام بيننا أول مرة
أخرجت مسدسي و جهزته مصدرا صوتا فزاد صوت أنينه المخنوق بينما يتحرك في مكانه فاقتربت و على رأسه وضعت فوهة مسدسي لأرسم بسمة باردة مستفزة له
" هل اعتقدت أنك ستنجو بفعلتك ؟ "
دنوت قليلا فقط مبعدا الشريط عن فمه بقوة فصرخ كجبان و بفوهة المسدس سرت حتى ثبتها على جبينه و جعلت عينيه تنظران إلى عينيّ فنفى بينما الدموع تملأ عينيه ... الحقير ليس سوى جبان
" أنا ... أنا كنت مجرد تابعٍ "
" أنت تلاعبت بي، تقربت من يون و مثلت السذاجة و الحمق حتى نكون لقمة سائغة ثم نقلت أخبارنا "
حينها ابتسم بين دموعه و هلعه
" اذا هل أردتني أن أخون وطني مثلك ؟ "
حينها بكفي الثانية صفعته بقوة حتى وقع من جديد على الأرض ثم وضعت على رأسه قدمي بينما أضغط عليه بحذائي بقوة
" الجميع بات يتكلم عن الخيانة ... باتت علكة تلوكها الألسنة و سببا للتخلص من الكثيرين و يبدو أنه دوري حتى يتخلصوا مني "
" جيد أنك تعلم "
قالها بينما الكلمات تخرج من ثغره بثقل و أنا أبعدت حذائي عن وجنته ثم دنوت و وضعت المسدس هذه المرة بفمه و ابتسمت
" هل تعلم ما معنى اسم يون ؟ "
توسعت عينيه لينفي و الخوف يملأه ، ربما ليس الموت هو ما يخيفنا أو يؤلمنا بل طريقة الموت هي ما ترعبنا ، فابتسمت و أجبت
" يعني الزهرة التي لا تذبل ... تلك الزهرة التي لن تتمكن يد من سرقة زهوها و حياتها منها لأن حارسا قاسي ليس بقلبه رحمة، يكتب على أوراقها كل يوم أغنية عشق لها "
توسعت ابتسامتي و هو نفى من جديد
" دعني أخبرك ما الذي سيحل بكل يد تحاول فعل ما فعلتَهُ "
تحركت قدميه محاولا رفسي و لكن ذلك بعيدا جدا عن هواه، و عندما سحبت المسدس من فمه صرخ بغل
" أتركني فلن تكون حيا بعد اليوم صدقني "
" لا أحد سيبقى حيا ... حتى ذلك الرجل الذي تعبده "
حينها الحقير ابتسم ليرد بينما فرائسه لا تزال مرتعدة
" حتى وقت قريب كنت تعبده فما الذي تغير ؟ هل هو دين يون من غيرك ؟ لم نكن نعتقد أن الضابط بيون الذي نضرب به المثل ستتمكن منه طفلة "
أمسكت فكه بعنف و وضعت فوهة المسدس من جديد بفمه و قبل أن يستوعب ما سأفعله حركت المطرقة و أطلقت ليهدأ صوت أنينه و شعرت بقطرات من دمائه على وجهي
تركت فكه و سحبت مسدس ليقع كله على الأرض و أنا استقمت محدقا به ممررا كفي على وجهي ماسحا دمائه
" هذه بداية الحرب ، حرب نُسيتْ فنستنَا بداخلها نتخبط بين قسوة و موت حروفها "
*
عينيه لغز و أسرار و أنا مهما تسلحت لفك أسراره أجدني دائما أعود لنقطة البداية
لقد تبحرت داخلها حتى تهت بين الأمان و حُبست فيهما
هو رجل أعلن حبه لي كما يعلن العاصي توبته فيتفانى في التكفير عن كل ما سبق من آثام
رجل ليس أبدا كجميع الرجال
تنهدت بينما أضم نفسي و أجلس على احدى الأرائك الموجودة في غرفة المعيشة
لا أدري لما فجأة أشعر بحزن كبير و عميق كأنني لم أعش فرحة قريبة كوني أحييت معه طقوس الغرام و الاتحاد
" يون "
خرجت من شرودي رافعة نظراتي ناحية صوت أمي ، أمي التي كانت تقف على الباب بينما نظراتها كانت جادة ، خائفة و منزعجة مني بذات الوقت ، بسرعة هربت من نظراتها و هي اقترب لتجلس بجانبي بدون أن تقترب مني
أدري أنها ليست راضية عما حدث بيني و بين بيكهيون و ليست ساذجة حتى لا تدري ما حدث عندما لم أعد، و بذات الوقت لست نادمة أبدا، لا يمكنني أن أندم فمشاعري هي من دفعتني إليه و هو من كان ينتظرني بشوق على عتبة الرغبة
" أنا أدري ما حدث بينكما "
قالتها بهدوء فأجبتها
" لست نادمة أمي ... كذلك لست آسفة "
قلتها ملتفتة لها بجانبية بينما هي قربي و عندما التفتت ناحيتي لم أشعر إلا و بكفها تصفع وجنتي حتى التفت رأسي إلى الجهة الأخرى
" كأنك لست ابنتي يون التي أعرفها "
حينها ابتسمت و عينيّ امتلأت دموعا ملتفتة لها من جديد مجيبة
" حتى أنا ما عدت أعرفني أمي، لقد أخذني مني فبات هو وطني و بلادي، بقلبه خبأني فلم أعد أشعر بالأمان سوى بحضنه هو وحده ، ألوانه هي فقط ما يمكنني رؤيتها حتى لو كانت شاحبة "
شدت بكفيها على الأريكة عندما كانت تسندهما عليها ، أغمضت عينيها فتسللت منها دمعة ثم نبست تتصنع البرود
" كل ما بات يهمني أن يحميك و يبعدك عن الأذى ... اليوم تأكدت أنه وحده من يمكنه حمايتك "
التفتت ناحيتي و أنا عكرت حاجبيّ مستغربة و هي واصلت
" لقد تم اقتحام البيت و تفتيشه من طرف مجهولين ليلة أمس ... "
فتساءلت بهمس خائف
" إنهم يبحثون عني ؟ "
" يفترض أن يبحثوا عني و عنكِ معا "
" لكنهم يبحثون عني وحدي "
" لهذا يجب أن تغادري هذا المكان بسرعة "
و قبل أن نواصل سمعنا جرس الباب فانتفضت أمي بسرعة مغادرة الغرفة و أنا أسندتني على كفيّ معا عندما أسندتهما على الأريكة ، أغمضت عينيّ و شعرت بخوف كبير
لا أريد أن أموت، و فتحت عينيّ متذكرة كلام بيكهيون الذي اعتقدت أنه غريب ،نعيش معا أو نموت معا
رفعت كفي و وضعتها على قلبي حينها سمعت خطوات تسحب بصعوبة فرفعت نظراتي ناحية الباب و وقف هو ، كانت ربطة عنقه مفكوكة ، يترك ذراعيه على جانبيه و خصلات شعره ليست كما تعودتْ أن تكون مثالية و عندما نزلت نظراتي نحو كفه رأيت مسدس فتوسعت نظراتي و هو عاد يتقدم ليجلس بجانبي و أمي التي دخلت من بعده جلست على الأريكة المقابلة
وضع المسدس على الطاولة أمامه فلمحت الدماء على كفه و هذا ما زاد رعبي و حدقت به كأنني لا أعرفه ، هل خبأني بذاته حتى تعذر علي رؤية وجهه ؟
رفعت نظراتي الدامعة نحو عينيه و هو بدون أن ينظر لي نبس بهدوء
" جين هو كان جاسوسا من الشمال "
وقتها أمي وضعت كفيها على ثغرها لتنفي و أنا كل ما قلته
" ما الذي فعلته به بيكهيون ؟ "
فرفع نظراته الخاوية ناحيتي أخيرا ، من يكون ؟ كأنه بات غريبا عني فجأة
" قتلته "
أغمضت عيني سامحة لمزيد من الدموع أن تعبر مقلتيّ بعد أن رد بكل برود ثم لم أتمكن من السيطرة على شهقاتي و بكائي المرير ، أنفلتت مني رغما عني فاقترب مني بسرعة و ضمني لصدره
" لما ؟ ... لما قتلته ؟ "
" لأنه أُرسل ليغتال أحلامنا و ألوانك يا زهرتي الغالية "
رفعت نظراتي واضعة كفي على وجنته نافية
" أنا لا يمكنني أن أراك قاتل ... "
" يمكنني أن أكون ما لا تستطيعين تخيله حتى أحميكي يون "
" بيكهيون أرجوك خذها من هنا بسرعة "
قالتها أمي فالتفت لها بينما يمسك كفي معا مومئا
" طائرتنا مساء "
عندها توسعت عيني لأنفي
" لا يمكن ... ليس بهذه السرعة "
" الخطر بات أقرب مما نتصور يون "
" كل شيء بات جاهزا بيكهيون "
كان صوت جدي الذي لم أشعر به كيف دخل و لا حتى متى وقف عند المدخل يتكئ على عكازه
كل شيء كان جاهزا بالفعل و ها أنا أجلس في مصلحة الشؤون الأسرية ، يجلس في المقعد القريب بكهيون و خلفنا أمي و جدي كشاهدين على زواجنا ، قدم الموظف الورقة لبيكهيون و هو وقعها ثم التفت لي حتى يسلمني القلم
حدق بعينيّ و أنا أخذت منه القلم و وقعت ، بتنا الآن زوجا و زوجة ، بت ملكه أمام الرب و الناس ، يفترض بهذا اليوم أن يكون ميلادي لكنني لست سعيدة به فأنا لا أزال فتاة ساذجة حلمت كثيرا أن تعيش فرحتها بينما تزف لحبيبها
غادرنا المصلحة و بسرعة ساعدتني أمي في تجهيز حقيبتي ، كأنني وسط حرب و وجب حمل ما خف وزنه و غلى ثمنه ، شعرت بعبرة تملأ صدري فغادرت غرفتي تاركتا أمي تنهي تجهيزها و عندما اقتربت من غرفة المعيشة كان جدي يجلس و يسند فكه على كفيه اللتين يسندهما على عكازه ، عينيه حزينة شاردة و الآن فقط أدركت كم كنت أنانية و أنا ألومهما على حزنهما و اعتراضهما على سفري
الوضع صعب جدا
" جدي "
نبست بها و هو رفع نظراته ناحيتي ، حاول أن يبتسم لكن دموعه غلبته فوضع كفه على عينيه و أنا أسرعت له ، بقربه جلست و ضممته أنا لي هذه المرة ، بكيت معه و ربت على ظهره بكفي
" أنا آسفة يا جدي "
" قد لا أراكي من جديد يا صغيرتي "
" لا تقل هذا جدي ... ألا تريد رؤية أطفالي كما تمنيت طويلا ؟ "
" أنا كبير بما كفي حتى أهلك بسبب عاصفة كالتي كنا سنعيشها اليوم لو تمكنوا من ايجادك "
جدي لا يعلم عن الأوراق التي تركهم أبي ، هو يعتقد أنهم يبحثون عني فقط ، لكنهم يبحثون عن تلك الأوراق و الآن هدفهم قتلي مع أنني لم أتمكن من قراءتها حتى لا أفشي أسرارهم
كل ذنبي أنني حلمت بالحرية و أبي قدّم حياته ثمنا لها ثم سلمني سلاح اتضح أنه سيكون سبب هلاكي
" بيكهيون معي يا جدي و يمكنه أن يكون سيء من أجلي "
*
توقفت سيارة الأجرى بقرب باب منزل جد يون و أنا نزلت تاركا حقيبتي داخلها ، طرقت الباب بكفي و ما هي سوى بعض الوقت حتى فتح الباب و خرج جدها الذي كنت ملامحه حزينة بعيدة عن البشاشة التي عرفانه بها طويلا
ظهرت من خلفه ابنته ، والدة يون التي ضحت بوجود ابنتها بجانبها حتى تحميها ، تعتقد أنها تحميها من أبناء الشمال و لا تعلم أنني نفسي كنت أكبر رأس من بينهم
وضعت حقيبة يون بقربي ثم ظهرت من خلفها يون حزينة الملامح ، حملت الحقيبة و هربت بسرعة حتى لا أرى حزنها و ألمها و هي تودع عائلتها، ضمتهما و هما قبلاها و ضماها متمسكين بها و بدموع تركا كفيها تبتعد عن كفيهما
صعدت يون إلى السيارة و أنا صعدت خلفها فنزل جدها عتبة بيته و وضع كفه على الزجاج و هي وضعت كفها من الداخل فنفى بدموعه، أشعر أن يون لن تسامحني و لن تنسى أنني حرمتها من عائلتها ... سابقا لم يكن لدي العذر و الحجة الكافية لاقناعها و لكن اليوم سوف أقول بكل ثبات أنا حميت حياتكِ و بت خائنا من أجلكِ
مهما حاولت أن أكون رجلا جيد سوف أبقى دائما سيء فبقلبي الكثير من الأنانية رغم حبي المجنون لها
انطلقت السيارة بنا و هي بسرعة التفتت لهما من خلفنا يقفان وسط الشارع و لم تتوقف عن ذرف دموعها الغالية ، في عينيها سكنت جميع أحزاني ، و مهما حاولت تخبئتها داخلي هي لن تفرح عينيها من جديد
تواصلت طريقنا لوقت ليس بالقصير حتى وصلنا للمطار و هناك بعد أن دفعنا أمتعتنا للفحص و أوراقنا جلسنا منتظرين نداء الطائرة ، يون كانت شاردة بعيدة للغاية عني ، التفت لها ثم بهدوء قربت كفي من كفها حتى وضعتها عليها و هي رفعت عينيها التي اكتست الحمرة بسبب دموعها نحو عينيّ
" ألم نكن سعداء صباح اليوم فقط ؟ ما الذي يجري ؟ كيف للحياة أن ترفع تياراتها فجأة ؟ "
فقط ربت على كفها و لم أجبها و عندما شعرت بشخص يقف أمامنا رفعت نظراتي فكان جونغ إن بمعطفه الطويل ذو اللون البني الخريفي ، حدق بها ثم بي و أنا عكرت حاجبيّ و استقمت تاركا كفها فابتسم نابسا
" هنيئا لكما "
عندها دفعته بعيدا عنها بحيث تبقى في مرمى عينيّ ، بت لا أثق حتى بكفي ، حدقت نحوه بغضب ثم نبست بسخط
" ما الذي تفعله هنا ؟ "
" لم أعتقد أنك ستتحرك بسرعة هكذا ؟ "
" لقد وافقت على منحي مهلة "
" و لست متراجعا عن ذلك ... و لكن لك هذا مني "
قالها و أخرج من جيبه ورقة فأخذتها منه و قبل أن أفتحها حدقت بيون ثم فتحتها ، قرأت ما كتب بها ثم باستغراب رفعت نظراتي له ليرد
" الشخص الذي كنا نخاف منه هو أنت ... "
فتساءلت بسخرية غاضبة
" اذا كنت أنا من يمنع هذا الانقلاب ؟ "
" كنت الحلقة الأقوى فيه ... سيكون هناك عدة رجال من منظمتنا السرية حتى يؤمنوا لك الحماية ، قررنا أن تكون قائدنا "
عندها ببسمة غاضبة أجبته
" أتمنى أن أبقى قائدا فحسب فلا تحولني السلطة لرجل يدّعي الألوهية "
نهاية الفصل الثاني و العشرون من
" الحرب المنسية "
أتمنى أنكم استمتعتم بالفصل و تحمستم لما هو قادم
توقعاتكم لو سمحتم
و إلى أن نلتقي في فصل جديد كونوا بخير أعزائي
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro