
الفصل الثالث و العشرون
مرحبا أصدقائي
استمتعوا بدون تجاهل التصويت
*
على جليد متصدع وجدتني واقفة فجأة
تشقق من تحتي و أي حركة سوف أتوسد قاع البحيرة المظلم
وجدتني في بلاد غربيّة غريبةٌ عني ، هُجِّرْتُ وطني من جديد
و حتى الصدر الذي اعتقدته ميلادي و موطني
بات جليدا مقفر
وصلنا إلى سويسرا بعد رحلة طويلة انقسمت إلى رحلتين
ظهر العديد من الرجال حولنا فكنت مثل أصمٍ يتجول في مدينة الصخب
كان الكف الوحيد التي شعرت و أنا أمسكها بالأمان
دخلنا لغرفة الفندق فأقفل علينا الباب و لم يلتفت لي ، لم يضع عينيه بعينيّ
أبعد معطفه الثقيل ثم سترته و عندما كان يحاول فك ربطة عنقه أنا حدقت حولي و شعرت بالقهر ، شعرت أنه بعيد عني للغاية و أنني لا أعرفه
" بيكهيون "
حينها التفت لي ، رسم بسمة هادئة على ملامحه ثم ترك ربطته و اقترب مني ، ضمني له ليربت بكفه على ظهري
" ارتاحي يون ... أنت تحتاجين للراحة حبيبتي "
تجمعت الدموع في عينيّ و ذراعي على جانبيّ ، أشعر أنني مجهدة مع أنني لم أبذل أي جهد ، لم أفعل شيء سوى الحزن و البكاء ، أبعدني عنه ثم كفه تلك الدافئة ضم بها وجنتي
" لما نحن هنا ؟ ... لما لم نذهب إلى ألمانيا الغربية مثلما أخبرتني ؟ لما كل شيء حولي يبدو غامضا ؟ "
طرق الحزن تقاسيم وجهه فسحب كفه عني بهدوء و إلتفت يوليني ظهره فشعرت أنه سيوليني أيامه حتى ، اقتربت و وقفت مقابلة له رافضة هروبه ، إنه يحمل الكثير من الأسرار و أنا أخبرته أنني أخاف الأسرار
حدق بعينيّ ثم أمسك بكفيّ معا و شد عليهما ليرفع نظراته لي من جديد بعد أن هرب منهما ، ليس هو من تعوّد الهرب من المواجهة
" ما الذي لا أعرفه أنا ؟ "
" أنا لن أسمح للصدفة أن تخبرك عن السر الكائن بيني و بينكِ ، سوف أخبرك و في المقابل أريد تعهدكِ أنكِ لغيري لن تلجئِ "
ضرب الخوف قلبي فصخبت دقاتي و تحدثت بنبرة مهددة بالبكاء
" بيكهيون أرجوك "
حينها سحبني لنجلس على الأريكة و لم يبعد كفيه عن كفيّ ، لقد زاد تمسكه بكفيّ و هذا ما جعل خوفي بقلبي يكبر ، رفع نظراته التي لا زالت تهرب من نظراتي ليتحدث بهدوء
" كل ما أخبرتيني به يوما كنت أعرفه عنكِ حتى قبل أن تخبريني "
عكرت حاجبي و باستغراب تساءلت
" ما الذي تعنيه ؟ "
" أنا ضابط في الشرطة السرية لكوريا الشمالية "
حينها توقف نبض قلبي، و سد مجرى تنفسي، دارت بي الدنيا و لم أصدق ما سمعته منه ، لقد قالها بكل سهولة كأنها مزحة ، نفيت فبدى بعيدا عني للغاية و صوته لا يمكنني سماعه ، حاولت سحب كفيّ من كفه بجزع حتى أهرب منه لكنه سحبني بقوة لحضنه و ضمني إليه بدون أن يتركني
أغمضت عينيّ لأسمع من جديد اعترافه لي و وجدتني أصاب بالجنون أكثر فأبعدته عني بقوة و دفعته بعيدا مستقيمة فاستقام بسرعة ، نفيت بينما أنظر إليه كله و لا أصدق أنني خدعت و هو واصل
" كنتِ المهمة التي كُلفت بها "
فأجبته ببكاء
" و أنت نجحت في المهمة ... لقد سلمتك بيديّ نفسي و الأوراق "
فنفى و تقدم خطوتين حينها صرخت مبتعدة عنه تلك الخطوتين
" ابقى في مكانك ... لا تقترب مني "
" لا يمكنك أن تمنعيني عنك يون ، لا يمكنك لأنني خنت وطني حتى لا أخونكِ أنتِ "
" لا يمكنني تصديقك "
" أنت مجبرة على تصديقي ، مجبرة لأنه لم يبقى لكِ أحد غيري ... ستكونين وحيدة بدوني وأنا لا أنوي العيش بدونك "
تغلبت علي دموعي و قهرتني نبرة بكائي عندما خرجت مني بدون سيطرة فجلست القرفصاء في مكاني ضامة نفسي ، بكيت و صدري أشعر به يكاد ينفجر ، لا أجد ما أقوله ولا حتى ما أفعله
كل الخيانات توقعتها إلا خيانته هو ، لقد نسج حولي كذبة كبيرة كانت مثل بيت عنكبوت قد يبدو للآخرين مجرد بيت واهن لكنه الأكثر قوة و صلابة فأنا علقت بين خيوطه
أبعدني عن الجميع و غرّبني عن وطني و أهلي فجعل من قلبه وطني الذي حتى لو أردت الابتعاد عنه لن أتمكن من ذلك
شعرت به بقربي و ضمني له مواصلا
" بسببكِ وحدكِ تشجعت و قررت أن أخطو نحو حلمي الذي أسقطته كثيرا من أيامي ... لا يجب أن تختلف نظرتك لي عن السابق يون ، لأنني نفسي بيكهيون الذي وقعتِ بحبه "
حاولت دفعه عني لكنه لا زال متمسكا بي مواصلا
" كان من الصعب أن أفتح قلبي ، من الصعب أن أزحزح جبل أفكاري و معتقداتي و أؤمن بتلك الكذبة الفرنسية ، حتى لو كان إيماني بها على طريقتي ، و الأكثر صعوبة أن أنظر كل يوم لعينكِ العاشقة بينما أعلم أنني من الممكن أن قتلك يوما بيدي "
وقتها شعرت أن كفيه التي تمسكان بي سكاكين تنهشني ، أنا لا يمكنني أن أفكر سوى أنه رجل سُخر للنيل من حياتي و انزال العقاب بي
دفعته بقوة و استقمت راكضة نحو الباب ، حاولت فتحه و لكنه لم يفتح ، صرخت بجنون لعلهم ينقذونني لكنه من خلفي أمسك بي و كلما ضمني شعرت بغربة و خوف أكبر ، سحبني بالقوة ثم مددني على السرير ممسكا بذراعي و عينيه كانت فارغة ، لم يسعني التعرف عليه
" ليس أمامكِ سوى مقصلة كيم أو حضني أنا لوحدي لذا اهدئي و وفري طاقتكِ ... "
فنفيت و هو دنى و قبل وجنتي فأغمضت عينيّ صارخة
" ابتعد عني "
حينها لا أدري كيف تحول و أمسك فكي بكفه القوية و جعلني أحدق به فكانت صورته مشوشة بسبب دموعي ، كانت مشوهة رغم وسامته و مرة أخرى أدركت لما هو قال صباحا سوف أكون قبيح ، أدركت أن خوفي و إدعائي كان بمحله
" اهدئي ... اهدئي ولا تحاولي ابعادي عنكِ فأنا تذوقتكِ ولا يمكنني التوبة عنكِ "
أغمضت عينيّ و بقلبي سكاكين تنهش روحي المسلوبة مني
كُسر الجليد تحت قدميّ و ابتلعني ظلام البحيرة المظلمة
سُرقت حريتي و أنا بنفسي من وضعتني بقفصه فأحكم إقفاله
*
نحن البشر كثيرا ما ندّعي القوة و كل ما له صلة بالضعف سوف نجهضه من حياتنا
تعودت أن أكون رجلا قويا صلبا، و بعد ما علمت أنني أُخترتُ لأكون قائد الانقلاب و أن هناك الكثير ممن إمتلكوا أفكار تشبه أفكاري لكنهم ترددوا خوفا مني، بت أخاف أن يراني أتباعي و من يؤمنون بقوتي ضعيفا بسبب العشق الذي ألحدتُ به عمرا مديدا
يون حبيبتي ، عشقي الذي لا يمكنني التخلي عنه لكن بذات الوقت هي وحدها من يمكنها أن ترسم لهم طريق ضعفي و طريق هزيمتي
لست رجلا يهزم بسهولة و هذا ما دعى رفاق الحرب خاصتي و أصدقائي أن يلبثون كثيرا متخوفين مني
كلام جونغ إن شجعني و منحني ذلك النوع من الرجال الذين اعتقدت أنني لن أجدهم ، لكنني وجدتهم و منذ شهور مرت نحن بدأنا العمل عندما لجأت إلى سويسرا و طلبت اللجوء السياسي و بدأنا نعمل على محاولة ازاحة كيم عن السلطة
لم أكن مجرد آلة لدى كيم ، صحيح أنني كنت أرسل بعضا من مدخولي لكنني كنت أدخر بعيدا ، فلم أكن رجلا فقيرا ، اضافة للمساندة التي تلقيناها من بعض الحكومات التي أفضل أن لا أذكرها ، حكومات يهمها أن تتخلص من كيم في السلطة لأنه ما بات يخدم أفكارها ولا مصلحتها
توقفت سيارة من علامة مارسيديس 280 رمادية اللون بقرب منزلي ، كان منزل من طابقين ، ذو طراز غربي بامتياز ، يقع بضواحي بيرن عاصمة سويسرا
رفعت نظراتي محدقا به و بالنور الخافت الذي ينبعث منه ، خارج هذا المنزل أكون نفسه الرجل الذي لا يرحم ولا يمكن أن يتنازل فحكمت الجميع حولي بقبضة من حديد ولا أحد يستطيع الخروج عن أوامري ، لكن داخل هذا المنزل و منذ عدة شهور أجدني بدون سلطة ولا قوة
حبستها ، منعتها عن العالم الخارجي و بالتالي حبستني وسط شوقي و بؤسي ، منعت عني فرحتي و بسمتي التي قليلا ما رسمتها
فُتح الباب فخرجت عن شرودي و نزلت ليقفل السائق الباب الخلفي
تقدمت أدخل و عندما فتحت الباب كان المنزل هادئا فأنا أصرف الخدم ليلا و لكن طوال النهار هم متواجدين ، ليسوا خدما فقط ، إنهم عيوني التي تحرسها ، قد تراها طريقة مشابهة لطريقة كيم و لكنني أراها طريقة مختلفة جوهريا و إن تشابهت ظاهريا
إنها ليلة الخميس 2 مايو 1974 م
لقد مرت أربعة شهور منذ استقرينا هنا ، أربعة شهور كانت كافية لتطفئ روح حبيبتي التي باتت أبعد من أي وقت عني ، حتى ذلك الوقت الذي كانت تقف خلاله و تراقبني من بعيد كنت أشعر أنها كانت أقرب لي
صعدت الدرج بهدوء بدون أن أنير الضوء سائرا على ذلك الخافت حتى وصلت لفوق، سرت مرة أخرى بهدوء و في قلبي هناك أمنيتان ، أن أصل بسرعة شرط أن أجدها تنتظرني بلهفة ، أن تنظر لعينيّ بحب كما كانت تفعل من قبل ، أما أمنيتي الثانية أن لا أصل أبدا لأنها تمتنع عني و لن تخصني حتى بكلمة بعد أن كانت الجانب الذي يحفر عن الحديث بيننا
وضعت كفي على المقبض و عندما فتحت الباب فقط كالعادة كانت الغرفة مظلمة و أنفاسها موجودة ، تدّعي النوم كل ليلة حتى لا تتصادم معي
دخلت ثم تركت الباب ليقفل و سرت بتعب حتى جلست على جانب السرير من جهتي فامتدت كفي للمصباح الجانبي و أنرته ، إلتفت ناحيتها بجانبية فكان شعرها الذي طال بعض الشيء خلفها على الوسادة ، هو الآخر أجبرتها على تغيير لونه حتى يتسني لي حجبها عن أعدائي
" يون "
انتظرت كثيرا بدون أن تجيبني ، حينها شعرت بغضب سكنني ، تماما مثل كل ليلة ، استقمت مبتعدا ، أخذت حماما و ارتديت بنطال منامتي و سرت أبعد الغطاء ، تمددت في مكاني ثم وضعت ذراعي تحت رأسي
حينها سمعت أنينها ، ألتفت ناحيتها بجانبية ثم رميت قسوتي و تعنتي بعيدا مقتربا منها
ضممتها لي واضعا كفي على بطنها الذي برز بعض الشيء عندما أتمت شهرها الثالث و دخلت بالرابع ، هناك هدايا و عطايا تأتينا في أوقات انكسارنا فتجبر تلك الكسرات و إن لم نعترف
مررتُ كفي عليها بهدوء ثم بهمس عندما دفنت وجهي برقبتها أنا نبست
" هل عاد الألم من جديد ؟ "
عندها حاولت أن تبعدني عنها عندما وضعت كفها على كفي ، لقد أبعدتها لترد
" قليلا فقط "
قالتها بصوت و نبرة باردة ، أعدت كفي و دفعتها نحو لخلف ، بل إليّ لأشد بكلماتي التي عبّرت عن غضبي الذي كلما أقفلت علينا هذا الباب تفننت في صُنعه
" تدرين أنك تغضبيني يون "
" آسفة "
لا تزال نبرتها باردة و هذه المرة مع بعض السخرية فاعتدلت مبتعدا عنها ثم أمسكت بكتفها و أدرتها الي رغما عنها ، حدقت بعينيها فتهربت من عينيّ ، الحزن سكن مقلتيها و تقاسيم وجهها بان عليها الارهاق ، لم تفرح كثيرا حتى بسبب ثمرة الحب التي تحملها
" أخبرتك من قبل أنك مجبرة على التحدث لي كلما رغبت ، مجبرة على الابتسام لي و النوم بحضني "
" من قبل فعلت كل ما قلت عن طيب خاطر أما الآن فلا يمكنني ... قلبي كُسر على يديك و كلما رأيتك رأيت خيبتي و ألمي "
شددت بكفي على كتفها فنزلت دموعها و أغمضت عينيها لتضع كفها على بطنها ، تركتها ملتفتا واضعا قدميّ على الأرض عندما اعتدلت
ضممت رأسي بكفي ساندا ذراعيّ على ركبتيّ ، صمتنا مثلما نصمت كل ليلة ثم نبست
" أنت تدرين بالفعل أنني انشققت عنهم مثلما فعلتِ أنتِ ، تخليتُ عن انتقام والدي لأجلكِ ، سُميت خائنا و بت المطلوب رقم واحد في الشمال و أكثر رجل عرضة للقتل ، كل هذا ولا زلت أشق طريقي بصمود و قوة "
لم تجبني فقط كالعادة و هذا جعلني ألتفت لها فكانت لا تزال على حالها ، ، نزلت نظراتي من وجهها المتعب نحو كفها و عندما دست صلابتي و وضعت كفي على كفها هي التفتت لي أخيرا و دموعها نزلت بسخاء
" اسمح لي أن أُراسِل أمي و جدي ... هما قلقين عليّ "
حينها فرغت نظراتي و سحبت كفي لأستقيم ، وقفت أمام النافذة التي أبعدت ستارها لأجيبها
" هما بخير و يعلمان بكل أخباركِ "
لكنها هتفت بغضب
" أنت رجل قاسي و ظالم "
قالتها فلم ألتفت لها حتى شعرت بكفها على ذراعي و جعلتني ألتفت لها ، كان صدرها يتحرك بقوة بسبب أنفاسها الغاضبة التي تعارك صبرها ، كانت عينيها حاقدة عندما صرخت في وجهي من جديد
" ألا تشعر بنا ؟ ... هل قلبك مات لهذه الدرجة ؟ جدي المسكين الآن يفقد من صحته بسبب انقطاعي عنهما و أمي تؤنب نفسها ندما ، قد يعتقدان أنني ميتة حتى "
حينها أمسكت كتفيها و سحبتها لي لتصمت و حدقت بعينيّ
" أراسلهما باسمك فيردان ، يعلمان حتى أنكِ حامل لذا اهدئي و ابقي تحت جناحيّ يون ... احتمي بي ما دمت فردتُ جانحي المظلمين لكِ "
حدقت بعيني لتنفي غير مصدقة ، ما عادت تصدقني حتى لو أقسمت أمامها بحجة أنني عبدت رجلا من قبل و لا مكان للقسم في حياتي
لكنها بسرعة حاولت بطريقة أخرى ، حاولت بضعف عندما ضمت وجنتيّ معا و آه من شعور لذيذ حرمتني منه طويلا ، أغمضت عيني بسرعة مستلذا دفئ كفيها الصغيرين
" لمرة واحدة اسمح لي أن أراسلهما ... لمرة أطلعني عن أخبارهما "
حينها فتحت عنيني و نفيت
" سوف تعرضيهما للخطر يون ، هناك تحاول الحكومة حمايتهم لكن كيم مثل طاعون سيتمكن من التفشي و اذا وردهم أنك على اتصال بهما سوف ينتقمون منكِ خلالهما "
بضعف هي عادت تعبس و دموعها لم تصمد كذلك لتبكي بقهر بينما تشد على ذراعي عندما سقطت كفيها من على وجنتي إلى ذراعي
" أشعر أنني أختنق و ليس هناك طريق أرى من خلاله بصيص أمل "
حينها بضعف اقتربت منها ، بضعف استنشقت أنفاسها القريبة التي أبعدتني عنها طويلا
حدقت بشفتيها و ارتجافهما ثم رميتُني بينهما أنهل منهما الحب الذي حرمت منه لأن حبيبتي حزينة بسببي ، و قد رمتني بسوط الخيانة لأنني كنت رجلا وطنيّا ينفذ بتفاني ما يكلف به حتى كلفتُ بها
كانتْ أوّل فشل و آخر نجاحٍ
نهاية الفصل الثالث و العشرون من
" الحرب المنسية "
مرحلة تعنت يون و عقاب بيكهيون على مر
أتمنى انكم استمتعتم و تحمست لما هو قادم فيا ترى هل ستمكن بيكهيون من الانقلاب أو سوف تبوء محاولته بالفشل ؟
إلى ان نلتقي كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro