21| انتفاضةُ وَطَن
لقد كُنتُ شاهِدًا، أرى الدّمع كشلّالاتٍ تختفِي وسط طلقاتٍ يهوديّةٍ، والرّوح تصرخ، فتتبخّر صرخاتها أمام تجاعِيدِ حقدٍ روتها وجوه هذه الكائنات، لم تكُن حيّة، كانت حيوانات تسحب وتجرّ، تضربُ كالبِغَالِ، وتقتلُ دون أدنى شعورٍ بالشفقةِ أو الإنسانية.
صرخت الأشجار في وجهي؛ افعل شيئًا، لا تقف هكذا كجدارٍ بلا فائدةٍ، لا تكُن شاهِدًا على هذه الجرائم فتسكت!
لو أنني استطعتُ لظلّلتُ عليهم، فكنت لهم درعًا آواهُم من هذه الأيدي التي تبطش بلا هوادة، وهذه الطلقات العابثة في السماء.
لكن ماذا أفعل يا شجرة؟ لستُ سوى جدار لأحد المنازل في القدس، يقف بلا حراكٍ، ساكِنًا كأثوار بركانٍ سدّت فوّهته صخرةٌ حطّت دون أن تتزحزح أو تبتعد، لو امتلكت خيارًا لحطَطتُ عليهم فلا يتحرّكون ولا يتزحزحون، لسلبتهم أنفاسهم المُعدية، لكنّي والله ما منعني وأعجزني إلا عجزي، وإرادة الله.
فبكت الطّيور، وكأنها جُرحت، وصرخت عاليًا بدعاءٍ واستغاثةٍ، كما بكت هذه الأطفال الجريحة وسط المدائن والشوارعِ والطُّرق.
سمعتُ من أحدِ الأعمدةِ أنّ قُبة الأقصى بكت أيضًا، وتمنّت لو أنها تتساقط فقط فوق وجوه هذه الأجساد الماكِرة فتقتلهم، أو أنها تُحاوِط أزهار فلسطينَ فتحميهم، لكنها توقّفت ساكنةً، مثلي تمامًا، تُشاهدهم وهم يتساقطون، كزهرٍ يذبُل، فيتناثر مع نسمات الرّح العتيّة.
أيا فلسطين، أما تصبري؟
فالله خير مُغيثٍ، ومنجدِ.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro