|٨| الوطن
ارتعش ذقنها وقالت بتلعثم
" ثيّو .. هل شاركت براد بجعل هاري هكذا ؟! .. "
نهض يحاول تهدئتها ولكنها دفعته ليجلس على مقعده رغماً عنه ينظر اليها بخزي .. رغم انها لا تعرف كامل القصه .. ولكنه لم يستطع سوى ان ينظر بخزي من نفسه .
فلفت هذا انتباه الجميع لا سيما هاري الذي نظر إليهما بعيناه الناعسة بسبب خمول مشاعره وتعابيره الجامده ..
فسرعان ما نهض هاري متوجهاً نحوهما لو لم يقف تيموثي في طريقه بإرتباك قائلاً
" أنا جائع "
رفع هاري حاجبه بتعجب وردّ
" ما شأني يا تيمي ؟ "
ليشير تيموثي بعشوائية نحو الفتى ذو الأنف النازف الذي ابرحه ثيّو ضرباً
" يظن أنني لا أملك من يحميني ، لقد أجبرني على إعطائه طعامي .. ألن تدافع عني ؟ "
تنهد هاري وهو ينظر نظرةً اخيره نحو هيلدا وثيّو ثم مشى نحو الجندي الذي إفترى عليه تيموثي كي يمنع هاري من التدخل بين هيلدا وثيّو .
وقف هاري بهيبةِ طوله بصمتٍ .. فقال اخيراً وهو ينظر الى صحن الجندي
" إن تنمرّت على تيمي مجدداً سوف أضع فأراً في فمك "
لم يتمالك تيموثي نفسه ليغرق بالضحك وهو يقف خلف هاري بينما كان فارق الطول بينهما لطيف .. وكأنما تيموثي أخوه الصغير .. التفت هاري نحو تيموثي بإستغراب يقول
" هل ضربوا رأسك بشده ؟ هل جننت أنت أيضاً يا تيمي ؟ "
فقال تيموثي بعد ان تمالك نفسه عن الضحك
" أنت أيضا ؟ هل تنعت نفسك بالمجنون ؟ انا لا اسمح لك .. فاللقب اصبح لي "
ابتسم هاري ابتسامةً جانبيه ثم استدار نحو الجندي المرتبك يقول بجديّه
" أعِد الصحن الى تيمي .. "
سرعان ما مدّ الجندي الصحن نحو تيموثي بإرتباك يقول مبتسماً بتوتر ويديه ترتجف
" تفضل "
إبتسم تيموثي بتوتر .. لم يكن يظن ان المسأله ستحل بهذه السرعه فهمس للجندي بغيظ طفولي
" وتسمّي نفسك جندياً ؟ يالك من جبان "
فالتفت يريد التحدث مع هاري فلم يجده بجانبه .. وإذ به يراه يتوجّه نحو هيلدا وثيّو ليعيد الصحن الى الجندي ويلحق بصديقه ..
وقف هاري بينهما يقول وهو يحملق بهيلدا المنزعجه ودموعها كانت واضحه على وجنتيها ..
" مالخطب ؟ "
فرفع أنامله يمسح دموعها وهو يحني رأسه نحوها بإهتمام
" هيلدا .. لمَ تبكين ؟ "
أشاحت وجهها وهي تمسح دموعها بباطن يديها تقول بتلعثم
" لأن .. لأنني .. "
اقترب تيموثي منها قائلاً وهو يرمق هاري بغيظ
" لا تسألها سؤالاً تعرف جوابه .. يا محطَّم قلوب العذارى "
وسحب هيلدا معه على عجله تاركاً علامات التساؤل فوق رأس هاري الذي لم يفهم شيئاً عن سبب دموع هيلدا وعن سبب غضب تيموثي منه .. فالتفت نحو ثيّو يرغب بالسؤال ولكنه تمالك نفسه واستدار مبتعداً .
دخلت هيلدا زقاق السفينه الذي كان فارغاً وهي تدور حول نفسها تفكر بذعر بينما كانت تقرض أظافرها ..
حتى استوقفها تيموثي وهو يمسك بكلتا كتفيها بعد ان سأم المراقبه
" مالخطب ؟! هل أخبركِ ثيّو عمّا أخبرني به ؟ "
رفعت أنظارها نحوه تقول
" ماذا قال لك ؟ "
انزل رأسه بأسى يقول
" بِصِلَتِه بالقائد براد "
نُفثت بسخريه قائله
" ذلك الحقير .. براد .. سوف أنهيه "
مدّت يدها نحوه تقول
" هل تملك سلاحك الصغير ؟ .. إنه دائماً في جيبك .. أعطني إياه .. "
هزّ رأسه خمس مرات وابتلع ريقه قائلاً وهو يتراجع الى الخلف
" سوف يرمون بنا بالبحر ونصبح طعاماً لأسماك القرش .. إن آذيتِ شعرةً واحده من قائد سريّه .. مهما كانت صلة القرابة بينكما .. سوف ننتهي كلانا "
همست وهي تقترب منه قائلةً
" لا أكترث .. سواء كان قائد سريّه أم عريف ! سوف أنتهي لوحدي .. لن أشي بك أنت تعرف بأني لا أجرؤ حتى "
أمسك بيديها يضمهما بقلقٍ ينظر
" هيلدا !! اعرف لأي درجةٍ تكرهين قائدي ولكنني لن اسمح لكي بالوقوع بالمشاكل .. أيضاً .. لن اسمح لكِ بإيذائه "
نفضت يديها عنه بغضب تقول
" تيموثي مالذي تهذي به ؟! هو من أرسلك الى جبهة العدو كي تلقى حتفك رغم انك كنت ما زلتَ صغيراً على الذهاب الى هناك ! لم يكترث إن نجوت أم لا .. أراد ان يقتلك لأنك تهمني ! "
أعادت خصلات شعرها الأصهب خلف إذنها بحنق بينما كان يقول بإصرار وجديّه .
" هيلدا .. أنا لن اكون احد أسباب إيذاء قائدي ، ولن أعطيكِ السلاح مهما حاولتي .. هوسكِ بحماية هاري قد تخطى الحدود "
تنهدت بضيق وهي تقول بينما كانت تقترب منه
" أنت محق .. أنا آسفه .. لقد فقدت السيطره على نفسي قليلاً "
بدى وكأنها استسلمت.. لذا ابتسم بأريحيه .. ولكنه سرعان ما فقد الوعي بين ذراعيها فجأةً .. كانت قد حقنته بإبره مخدّره كانت تخبئها بجيبها احتياطاً .. لتهمس له حين كان نائماً بسلام ورأسه على كتفها
" سامحني عزيزي تيمي ، أنا مجبره على هذا "
قامت بسحبه نحو غرفة إصلاحات ووضعته داخلها لتغلق الباب بعد أن وضعت السلاح في خصرها .. وخرجت بعد ان زفرت ..
مشت وسط الزقاق تبحث عن غرفة براد .. وأثناء سيرها صادفت قائد السريّه البحريه ويليام الذي ما إن صادفها ليبتسم بسعاده قائلاً
" هيلدا ريدج ! لقد تقابلنا في ظرف سيّء ولم تسنح لي الفرصه بالترحيب بكِ "
مدّت يدها تنوي مصافحته لكنه عانقها بحماس يقول
" ليرعاكِ الله ويحفظك يا إبنتي "
حين ابتعدت عنه ابتسمت برسميه تقول
" ليرعى الله بلادنا .. "
أومئ لها بعد تنهيدة .. ثم اقترب منها بحذر يهمس بصوتٍ لا يسمعه سواها
" لقد وصلت ورقة تحاليل هاري ريدج الطبيه .. ولم تعجبني "
توسعت عينيها بدهشه تقول
" ماذا أظهرت النتائج ؟! "
اخرج الورقه من جيبه وقال اثناء قراءتها لها بين يديها متسمرةً مكانها
" الفتى فقد عقله .. بالطبع لم تكن تجاربه التي شهدها سهله .. لقد عُذِّبَ وأُخِذَت كليته رغماً عنه .. عومِل كحيوان في مشفى ألماني ، أُختطِف وتمت خيانته من طرف قائده الذي لطالما نظر اليه بإعجاب "
شهقت وهي تقف مكانها فاغرورقت عيناها بالدموع امام القائد الذي ربت على ظهرها بحزن يقول
" اعلم بأنه خبر لا يستساغ .. ولكن تقبليه يا طفلتي .. هاري ريدج ليس الجندي الوحيد الذي يفقد عقله من هذه الحرب .. نحن أيضاً نوشك على الجنون "
فعلت هيلدا ما أدهش القائد ويليام .. فقد جلست أمامه على ركبتيها تقول بصوتٍ باكي وهي ترجوه بينما كانت الورقه بين يديها
" أرجوك أنقذْه .. سوف يقتلونه يا سيدي .. لقد اخبرني الجنرال كيڤين بنفسه .. إن أظهرت التحاليل صحة كونه قد جُنْ .. سوف يقتلونه .. لا أريد أن أخسر هاري مجدداً .. سوف نبتعد من هنا .. ولكن أرجوك لا تري النتائج أحداً غيري "
تنهد وإنحنى امامها يقول بجديّه
" هيلدا ، هل تعلمين مدى خطورة كلامك ؟ .. هل أنتِ مستعده لتتحدي قادتي العسكريين ؟ .. هل تريدين ان تدخلي هذه الدوامة التي لا تملك مخرجاً ؟ لأجل هاري ريدج ؟ "
أومئت وهي تنظر اليه برجاء .. فهمست
" لم أملك سبباً للعيش وسط هذا الدمار حتى إلتقيت به .. علمني معنى عيش الحياة وهاهو الْيَوْمَ لم يعد يعرف معنى العيش ، سأفعل ما أراه صحيحاً .. سوف أنقذْ هاري منهم .. ولكنني لا أستطيع بدون مساعدتك "
ساعدها على النهوض وقال بعد تفكير
" ماذا تريدينني أن افعل لمساعدتك ؟ "
" سوف تزوّر النتائج .. فقط أنا وأنت من سيعلم بجنون هاري "
" يا إلهي .. هيلدا .. ما نُقدم عليه لأمرٌ خطير ولا مزاح فيه .. "
ثم اكمل وهو يحكّ لحيته بعد تفكير
" ولكنني لا أريد أن اخسر احد جنودي لصالح أحد "
أشرقت أسارير وجهها ولمعت عينيها بالأمل ليبتسم لها وهو يأخذ الورقه ويعيدها لجيبه
" اظهري ورقة مزوّره وسلميها لي ، لن يشكّ احد أنني سلّمتهم ورقه مزيفه .. فأنا قائد سريّه "
أومئت له وهي تمسح دموعها بسعاده لتعانقه قائله
" شكراً لك .. شكراً "
كان هاري يقف خلف الجدار ويديه بجيوب سرواله بينما نظره للأسفل وملامحه مظلمه .. كان يستمع لكلامهما طوال الوقت .. يرتدي زيّه العكسري الزيتيّ المخضرّ .. ومختبئاً في الظلام .
ما إن رحل القائد ويليام لتتنهد بأريحيه وهي تستدير متوجهةً نحو غرفة القائد براد وقد ازداد إصرارها على قتله .. رغم أنها مُجبَره فهي لم ترغب أن تسبب بقتل احد فهي ممرضه ! .. ولكنها ستفعل اي شيء لكي تحمي هاري .
اثناء مشيها باغتها هاري من الخلف يلوي ذراعها خلف ظهرها ووجنتها ملتصقه على الجدار الذي ثبّتها عليه بينما يقول بصوتٍ شبه مسموع
" لماذا تستمرين بالتدخل بأموري .. رغم أننا إنفصلنا ؟ "
ثم اكمل قائلاً
" اقصد بأننا قررنا الانفصال "
سمعت صوته الخشن خلفها وأيقنت بأنه هاري رغم أنها لم ترى وجهه .. فقالت بحذر وهي تحاول تحرير ذراعها من قبضته
" هل سمعت محادثتنا ؟ .. منذ متى وأنت تستمتع ؟ "
ترك ذراعها وأمسك بها يدير جسدها لتصبح واقفةً أمامه تحدق بملامح الغضب الواضحه في ملامحه الفاتنة .. فقال بغضب
" منذُ أن قمتِ بتخدير تيموثي .. لا أعلم من المجنون بيننا حقاً .. أنتِ تتعبينني يا هيلدا .. تركضين خلف المشاكل بقدميكِ "
سرعان ما حاولت حماية المسدس الذي تخفيه ولكنه أمسك بكلتا معصميها يسحبها نحوه حتى شعرت بأنفاسه الدافئة ترتطم بجبينها فهمس بغيظ متأجج
" هل تريدين أن تصبحي قاتله لأجلي ؟ .. هل تريدين تدنيس هيلدا التي أحبّها هاري ريدج ؟ "
فسحب السلاح منها بغتةً يقول وعيناه الخضراوتين تعاتبانها .. وأكمل بينما كان يتراجع الى الخلف
" دعي القتل لنا نحن ، لا تتدخلي في شؤوني .. وإبتعدي عن المشاكل يا هيلدا .. لا تغضبيني أكثر "
وذهب متوجهاً نحو الصالة الممتلئة بالجنود بعد أن اخفى سلاح تيموثي في جيبه المخصص له ، تاركاً هيلدا تقف وحدها في الزقاق مصدومه مما حدث للتو .. لقد سمع هاري كل شيء .. ورأى نتائج تحاليله .. وعَلِم أنها تحاول التستر عليه وبأنها كانت تنوي قتل براد ..
أشعرها هاري بأنها اتخذت قراراً خاطئاً وظالماً بحق إنسانيتها ، رفعت يديها المرتجفة تنظر إليهما جاحظة العينين .. تقول محدّثةً نفسها
" ماذا كدتِ تفعلين يا هيلدا ؟ .. أنتِ لستِ شخصاً يقرر مصير موت احد مهما كان سيئاً "
فعادت نحو غرفة الإصلاحات لتعيد تيموثي النائم الى وعيه ، حين دخل هاري الصالة وجد أن المكان فارغ .. فتفاجئ بثيّو يقول وهو ينزل السلّم أمامه عائداً من سطح السفينه .
" هاري .. لقد كنتُ أبحث عنك .. القائد ويليام يريدك أن تصعد فوق ، نحن لم نبدأ التدريب بعد "
توجّه هاري نحوه وقال
" بسبب فمك الثرثار .. نزعتُ للتو سلاحاً من بين يدا هيلدا . كانت تفكر بالإنتقام من أجلي وتقتل أخاك .. كادت تلوّث يديها بدماءه الفاسد لو لم أتدخل "
ضمّ ثيّو وجهه المرهق ثم تنحنح وقال بعدها بثقه
" لم أرغب أن أخفي شيئاً كهذا عنها "
نفث هاري يبتسم هازئاً وغمّازة وجنته قد برزت حينها وضع يده على خصره يقول
" هل أنت فخور بما قلتهُ لها ؟ .. "
" هي فقط تعلم بأنني الأخ الأصغر لبراد "
ضحك هاري وسط تنهيدة التعب التي اطلقها ثيّو وقال
" بالطبع أنت لم ترغب أن تخبرها بأنك تركت جسد زوجها الجذّاب يحترق "
" هاري .. انا آسف .. إن تركي لَكَ تحترق هو أكثر شيء أندم عليه في حياتي .. لا تفعل هذا "
نظر اليه هاري بعينيه الزمرديه بعمق وقال بصوتٍ رجولي حذِرً
" لا تقترب من هيلدا وتيموثي .. لا تتخطى حدودك ثيّو واتسون .. فهما لن يكونا سعيدان حين يكتشفا ما فعلت معي .."
شعر ثيّو بالإضطراب وقال بينما كان يفكر بذعر
" لا أملك أحداً سوى تيموثي .. إن كرهني هو أيضاً سأموت في هذه الحرب وأنا متيقن بأن لا أحد سيبكي علي "
" براد سيقوم بهذه المهمه لا تقلق ، هذا إن متَّ قبله "
شعر ثيّو بقشعريرة في أنحاء جسده ما إن نطق هاري بتلك الكلمات وقال بريبٍ وشكّ
" ماذا تقصد ؟ "
ولكن هاري لم يردّ عليه ومرّ من جانبه يصعد السلالم متوجهاً إلى سطح السفينه ، فوجد ويليام يقف على مقربةٍ منه يقول برسميه
" ايها الجندي هاري .. هل تستهين بتدريباتي العسكريه ؟! "
وقف هاري ريدج بإحترام وقال بحزم
" لا سيدي "
" إذاً لمَ تأخرت ؟! "
لاحظ ظلّ هيلدا خلفه فوجد عذراً ما يقول
" الممرضه هيلدا كانت متعبه ولم أشأ تركها لوحدها "
كان القائد ويليام يعلم بأن هاري يكذب بمجرد النظر الى تعابير الدهشة في وجه هيلدا .. فقال مومئاً
" هكذا إذاً ؟ حسناً ولكن لا تكرر تأخيرك "
التفت هاري وإذ به يجد تيموثي يقف بجانبه وهو يمسك رأسه من شدة الدوار الذي خلفته إبرة هيلدا .
ما إن وقف هاري بجانب تيموثي وإذ بثيّو يصعد ليستقبله أخاه الذي نشر الرعب في أوصاله .. والذي قال بينما كانت ذراعيه خلف ظهره وحاحبه الأيمن مرفوع
" لمَ تأخرت أنتَ الآخر ؟ "
فتلعثم ثيّو بكلماته حين رأى تعابير براد الشيطانيه وقال
" لقد تأخر تيموثي أيضاً .. لم أراك تحاسبه .. كما انني ك-كنتُ أبحث عن الجندي هاري ريدج .. هل رأيتموه ؟ "
لوّحَ له تيموثي وهو يشير الى هاري الواقف بجانبه فقال براد بغيظ هادئ
" هل تسخر منا ايها الجندي ثيّو ؟ "
" لا سيدي ، أوه ها هو ذا .. متى أتى ؟ "
زفر بتملل ثم سحب ذراع ثيّو يقول بعصبية
" قف بجانبه قبل أن أرميك لأسماك القرش ايها الأبله "
وقف ثيّو بجانب هاري ولم ينطق بشيء ، فالتفت براد نحو هيلدا ليطمئن عليها واقترب منها يهمس بقلق
" هل أنتِ مُتعبَه ؟ "
تحاشت هيلدا النظر اليه وإذ بعيناها تقع على الجنرال الذي كان متكئاً على الدرابزين يتأمل ما في الأسفل بتملل يضم ذراعيه حول صدره لتهرب نحوه عن براد الذي استغرب تصرفها ..
كما فعل هاري الذي لاحظ انها ضربت كتف الجنرال بعفويه تتحدث معه وكأنه شخص تعرفه منذ زمن .. فأشاح النظر عنهما وهذا ما لاحظه وأدركه ثيّو ..
فنطق تيموثي بما كان ثيّو يتمنى لو يقوله
" هاري .. هل تغار على هيلدا من الجنرال ؟ "
إلتفت هاري نحوه يرمقه بإنزعاج قائلاً
" الغيرة لمن يملك مشاعر الحب لإمرأته ولمن لا يملك ثقةً بالنفس .. "
سرعان ما إسترقّ هاري النظر الى الجنرال الذي خلع سترته ووضعها حول هيلدا يبتسم لها بنرجسيته التي تقزز منها هاري ..
فضحك تيموثي قائلاً وهو يشير بأصبعه السبّابه في وجه هاري المتقزز
" واه هاري .. أنت ترتدي وجه الغيور المتقزز "
فقال هاري بتملل
" لقد إنفصلت عنها ، ولكن هذا لا يمنعني من حمايتها .. إن لمسها هذا الأمريكي القذر سنتعامل كلانا معه "
فضحك تيموثي قائلاً
" حاضر. "
تقدم ويليام نحو المتدربين وقال بينما كان يضع يديه حول خصره والقائد براد يقف خلفه
" إخلعوا قمصانكم .. وقِفوا فوق حافة السفينه "
نظر الجنود الشباب الى بعضهم مستغربين من طلبه ، لم يتحرك سوى هاري الذي خلع سترته ورماها أرضاً وحين أوشك على خلع قميصه قال القائد براد آمراً
" لا داعي لخلع القميص .. "
ابتسم هاري إبتسامةً جانبيه يقول
" هل تشفق علي سيدي ؟ .. انا لا اخجل من الحروق التي تملئ جسدي .. ليس أنا من عليه أن يخجل "
إنزعج براد بشده من تلميح هاري القوي تجاهه ولكنه لم يرد .. فخلع هاري قميصه وسط تحديقة الكره التي ترميها هيلدا نحو براد الذي أشعل سيجارته وبدأ بتدخينها وهو يدير ظهره للجميع ..
فوق هاري فوق الحافة عاري الصدر والحروق ادهشت الجنود خصوصاً تيموثي الذي يراها لأول مره .. بينما ثيّو لا زال واقفاً مكانه دون حراك ..
فقال ويليام بغضب
" أرتدي قميصك سا هاري ، هذا امر ، وأنتم مالذي تنتظرونه ؟! ألن تقفوا بجانب زميلكم ؟! .. بسرعه "
سرعان ما بددوا ملامح الدهشة عن وجوههم فارتدى هاري قميصه ليقفوا بجانبه وأقدامهم ترتجف .. حتى تيموثي الذي كان يقف دون ثبات فوق الحافه ..
فقال كيڤين محدّثاً قائد السريّه البحريه وهو يراقب ثبات هاري مكانه
" انا لا أقصد الحكم على تدريباتكم ولكن هاري ريدج مهم بالنسبة لي ، فهو سبب قدومي الى هنا ، إن حصل له شيء قبل ظهور النتائج الطبيه لن يكونوا قادتي مسرورين مني "
رمقه براد ببرود وقال
" من يعرف مصلحة الجنود أكثر من ويليام ؟ عد الى مكانك ايها الفتى قبل أن تجبرني على ضربك "
تقدم كيڤين نحوه وقال بثقه عاليه رافعاً حاجبه
" يقال أن الحرب تُظهر حقيقة البشر .. إتضح أنك مجرد آلة قتل لا تتحكم بتصرفاتها "
لكم براد وجنة كيڤين بقبضته وإنقض عليه يضربه ، فأشهر العساكره الأمريكيين أسلحتهم في وجهه مما جعله ينهض من فوق الجنرال رافعاً يديه يضحك بسخريه ..
نهض الجنرال كيفين وهو ينظر بإستخفاف نحو براد وقال بينما كان يمسح الدماء من على شفته السفلى
" سوف اكسر غرورك هذا ذات يوم "
قال القائد ويليام وهو يحدق بالمتدربين
" أسقطوا .. إنني آمركم بالموت .. "
ذعر الجميع من تعابير القائد ويليام الجادّة فصرخ مجدداً
" قوموا بما أمرتكم به "
فقال هاري ريدج كاسراً صمتهم الغريب
" ماذا تحاول أن تُثبِتَ لنا بهذا التدريب ؟ "
" ولاءكم ووفائكم لقادتكم "
إبتسم هاري ابتسامةً جانبيه وقال
" هل يمكنك ان تشرح لي ، لمَ رميي لنفسي لقروش البحر سيثبت ولائي لك ؟ "
" إن كُنتم تثقون بأن قادتكم لن يتركوكم .. إن وجدتم طريقةً للنجاة .. ولن تضطروا لطلب مساعدتنا .. وأيضاً ثقتكم بِنَا ستثبت ولائكم ووفاءكم ، وستنجحون في هذا التدريب .. ومن يرفض النزول للبحر سيثبت العكس ، لن نؤذيه بل سوف نعفيه وننفيه من المعسكر ولن يعود مجدداً ، سيبقى مختبئاً خلف أمّه وسيراقب دولته تحارب وسيبقى جباناً حتى يموت ! "
فهمس تيموثي بقلق لثيّو
" ظننتُ أن القائد براد أعنف رجل رأيته في حياتي .. ولكنه الآن اصبح في المركز الثاني "
فقال هاري وهو يلقي التحية للقائد براد
" الولاء والوفاء وظيفة الكلاب فقط . إياكَ يا قائدي أن تنتظر شيء من شخص لم يعد يثق بقادتِه ولا يملك ما يخسره لكي يكون موالياً ووفي "
فقال ويليام بنبرةٍ ليّنه
" لديك ما توشك على خسارته إن لم تقف الى قدميك ، أنت تملك وطناً يجب عليكَ حمايته .. "
إبتسمت عينا هاري وقال بينما التفت نحو هيلدا الذي تنظر اليه بحزنٍ لا تعرف سببه ..
" لدي وطنٌ واحد .. وهيلدا هي وطني ايها القائد ، قد كان لي وطن ولكن وطني قد خانني .. "
" ماذا تقصد ؟! "
إبتسم هاري إبتسامةً شاحبه وهمس
" أنتم تعرفون فقط ما قلتُه .. وليس ما لم أقُله "
ليرمي بنفسه في البحر وسط دهشة الجميع فالتفت القائد براد ناحية هيلدا التي لا يعلم سوى الله بما تفكر ..
سرعان ما قال ثيّو باسماً وهو يرمق بقية الجنود بسخريه
" لستُ متعطشاً لعيش هذا الجحيم بدون صديقي المجنون .. إن متُّ فأكملوا أنتم عيش هذا الجحيم بسعاده متأججه كالقنابل والصواريخ "
ورمى نفسه خلف هاري ليهرع براد نحوه وأمسك بالدرابزين ينظر للأسفل باحثاً بذعر عن أخيه الصغير ذو الكتف المكسوره ! .. بينما هيلدا كانت ترمقه بنظرات الحقد الدفين ..
ثيّو لا يستطيع السباحه بهذا الوضع ولكنه قرر اللحاق بهاري ريدج الذي يتمنى أن ينتقم منه ومن اخوه ..
إرتجف تيموثي في مكانه لأنه يعلم بأن ثيّو يغرق بالأسفل ! وهاري ريدج إنتحاري أخرق ربما قرر الموت ..
لا احد يستطيع توقع تصرفاته . فقال فجأة بصوتٍ عالي مرتعش
" ربما أنا جبان .. ولكنني لا أترك رفاقي خلفي ! "
ليرمي نفسه خلفهما ويغطس في عمق البحر ..
فعلتهم تلك شجّعت بقية الجنود الذين سرعان ما قفزوا خلفهم في المياه .. عقد القائد ويليام ذراعيه نحو صدره وهو يبتسم بفخر بمتدربيه الصغار
.. فوقف براد أمامه يقول بغضب
" ويليام .. لمَ سمحت لأخي بالقيام بهذا التدريب على الرغم من انه مصاب ؟ .. إن حصل شيءٌ لثيّو سوف أحرق قلبك من خلال هاري ريدج "
تقدم ويليام امام براد ويرمقه بغضب متأجج قائلاً
" ماذا ستفعل به بعد ؟! ألم ترى جسده المحترق ؟! وعيناه المنطفئه ؟! والشعور الوحيد الذي اصبح يمتلكه بسببك ؟! .. إنه الحقد يا براد ! .. إنّ أعنف ما سيحصل للإنسان هو ما حصل لهذا الفتى الصغير .. ونحن لا نعلم بعد كامل القصه التي جعلته يعود لنا هكذا ! "
واجه قائد السريّه البريّه قائد السريّه البحريه يقول له ببرود
" مهما قلتَ يا ويليام .. إن نجى هاري وحده .. سوف اطلق رصاصةً في رأسه أمام عينيك "
ويليام لا يزال يملك شعور العتب والغيظ تجاه صديقه الذي يقفه أمامه بسبب ما فعله بهاري ريدج وقال
" هل ستقتل جندياً مِن جنودك يا براد ؟ "
فردّ براد على سؤال ويليام المتعجب وعيناه تلمع بكراهيه
" هاري ريدج ليس محسوباً ، فأنا لا أزال أعتبره ميّتاً في نظري .. إنه لا يقتنع بمصير الموت الذي يلاحق ظلّه .. "
فظهر الجنرال كيڤين من خلفهم وقال بسخريه وهو يرفع من قامته ويميل برأسه بطريقة تظهر مدى جديته على الرغم من " سخريته "
" أنتَ لن تلمسَ شعرةً من ذلك الفتى أيها القائد براد .. لن تؤذي هاري ريدج مهما حاولت .. لأنني لن أقفَ متفرجاً "
_______
سلام 🌚💕
شكلكم استغربوا من تحديثي 😂💔
مساحه لله ؟
هل تتوقعون إن القاده بيقتلون هاري لو اكتشفوا جنونه ؟
ماذا برأيكم قد حصل لهاري ريدج كي يصبح لديه وطن واحد ألا وهو إمرأه ؟ وماذا يقصد بآخر جمله قالها ؟
ماذا يخفي الجنرال الوسيم كيڤين خلف ابتسامته الساخرة ؟! ولمَ جازف لكي يهدد القاده لأجل هاري ؟
ماذا سيحصل مع حقد هيلدا على براد ؟ وهل سينجوا ثيّو ؟ أم سيستغل هاري الفرصه ويتركه يغرق ؟
هناك خوافي وأسرار لا تدروكونها ايها القرّاء .. ستحصل أمور غير متوقعه ولكنكم ستعرفونها فقط إن تفاعلتم مع الرواية 😉💜
لا تنسوا التصويت 💕☹️
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro