CH≈ Seven
"ربما كان يعود السبب لضحكه المُستمر وطريقته في إنقاذ الآخرين.. ربما كان السبب في عدم رؤية أي شخص لقلبه المكسور"
.....
كانت الغرفة شديدة الظلمة عدا عن شاشة التلفاز العريضة، البرودة طفيفة وصوت الرياح مع صوت إحتكاك الستائر الطويلة على الأرضية وصوت الفيلم كان كل ما يحف زوايا المكان.
ثلاثون ثانية فحسب منذ أن بدأ الفيلم الذي أختاره جيمين بشغف وإبتسامة عريضة، حتى كانت إيرلا تتنهد بين الحين والآخر وهي تحرك قدميها بضجر تام.
"ما الذي تحاول فعله بارك؟" سألت بضيق وهي تنظر نحوه.
"ماذا فعلت الأن؟" همس بإنسجام وعيناه تبحلق بالشاشة العريضة.
"لما من بين جميع الأشياء أخترت هذا الساذج!" قالت وهي تُشير بحنق نحو الشاشة.
"أين السذاجة به؟ أنهُ رائع"
"جدياً جيمين" تنهدت بضجر وهي ترخي بجسدها للخلف"أنا لا أفهمك أبداً أنهُ عاطفي سيء"
أشاح جيمين بعيناه إلى الشاشة مجدداً وهو يردف
"أغلقِ عيناكِ إذن و دعينيّ أشاهد، دون تذمر"
"يالكَ مـن-"
"إيرلي" تذمر بصوت عابس وملامح مكشرة "لأجل الله أصمتِ قليلاً"
"أنت لاتبدو من هذا النوع الرومنسي، لما كل هذا الأهتمام به؟" أغاضتهُ تسأل بصوت مرتفع.
"هل يتوجب عليّ أن أصبح رومانسي لأحب فيلم ما!" غمغم جيمين بتنهيدة وهو يلقي نظرة صغيرة نحوها قبل أن يواصل المتابعة متجاهلاً تذمراتها المنخفضه وتحركها المُستمر بجانبه.
مرت عدة ثوانِ بصمت تام حيث أخدت إيرلا تُحدق بملل في الشاشة ثم بأصابع يديها ثم تتنهد مرة تلو الآخرى حتى أرتفع صوت جيمين بإنفعال كبير وهو يشير إلى الشاشة "يـا يـا أنظري إلى سخافة عقلها، كيف يمكنها أستبدال من يُحبها بشخص لايعطي أي أهمية لوجودها في الحياة؟ أنها حمقاء جداً، هذا لا يُسمى حب مطلقاً أنهُ خضوع، بل شيء لا يُطاق~"
زفرت إيرلا بيأس وهي تمسح على وجهها، في حين أن تابع جيمين دون مبالاه لسخريتها "أنها حمقاء جداً جداً جداً، فضلت الوقوع في حُبه بينما الأخر مستعد لفعل أي شيء لأجلها، اللعنة على هذه المشاعر"
"فقدت عقلك رسمياً" غمغمت بضيق وهي تتنهد وللمرة الألف تقريباً ثم بنفاذ صبر ألقت برأسها إلى الخلف مغلقة عيناها.
و
جيمين صمت و واصل المشاهدة بنصف إهتمام
حيث أنهُ ثبت نظرة هذه المرة على ملامح وجهها أسفل الإضاءة الخافته.
أبتسامة صغيرة أعتلت شفتيه قبل أن يدير من وجهه سريعاً عندما تحركت إيرلا وفتحت عيناها.
آنذاك أرتفع أصوات بكاء البطلة في الغرفة وأخترق أذنيها قاطعاً الهدوء الذي حاولت أن تنعم به ريثما ينتهي هذا الفلم الكارثي، ولكن كما يبدو وأن هذا الشيء لم يكن مضجراً وعاطفي فحسب على الأقل بالنسبة لمشاعره المضطربة مؤخراً.
(لـأنك تحيا في أعماقي أخبرني كيف بأمكاني التخلي عنك؟ كيف في حين أنني لا أستطيع العيش دون وجودك في حياتي؟ ما الصعب في ان تحبني بالمقابل؟ بماذا أختلف عن تلك الفتاة؟ الم تقل بأني الطف بكثير منها؟ إذن لماذا ذهبت اليها و تركتني هنا بمفردي--)
أصوات البكاء أرتفعت أكثر تليها تلك الكلمات المتدفقة من فم البطلة لتخترق قلب من ما يزال ينبض بألم صامت من الأحداث العالقة في ذكرياتها.
ولوهله فقط شعرت وكان هذا الفلم يتحدث عنها،
يتحدث عن اللحظة التي تخلت بها صديقتها عنها،
عن اللحظة التي جعلتها يقف عاجزة حينما عرفت بأمر خيانتها، عن جميع اللحظات البائسة والتي مرت بها حتى الأن بسبب الحب.
إيرلا وأخيراً سمحت لعيناها أن تذرف الدموع مجدداً وهي تتذكر كل لحظة بسيطة منذ أن غادرت المدرسة حتى الأن.
هي بكت دون دون ان تشعر بنفسها أو حتى بجيمين الذي أصبح يُحدق بها بهدوء يخفي خلفه براكين غاضبة.
للحظة بدت كما لو أنها أنسحبت خارج هذا العالم المزعج، أنسحبت بعيداً وأخدت تتذكر مدى جمال إبتسامة من أحبت، مدى روعة عيناه الصغيرة وشفاهه اللطيفه والطريقة التي يرمش بها.
تذكرت بأنهُ لم يبتسم لها ولا لمرة واحده ولكنهُ فعل لنايون، تذكرت بأنهُ لم يُمسك بيدها بتاتاً ولكنهُ فعل لنايون، تذكرت الكثير من الأحداث التي تمنت بكل قوة أن تحدث لها ولكنها حدثت للآخرى، لصديقتها التي طعنتها بظهرها دون أهتمام.
شدت إيرلا من الضغط على عيناها في محاولة بائسة لإمساك ما تبقى من دموع في ماقيها والتي أخدت بالتساقط بالفعل.
أخفضت رأسها أكثر حينما تذكرت فجأة وجود جيمين بجانبها والذي تنهد بأسى وهو يضغط على زر إيقاف صوت الفلم حينما أدرك بأنهُ يزيد الأمر سوءٍ.
أعاد أنتباهه إلى التي أصبحت بحالة سيئة، مزيج من الشهقات مع دموعها المتساقطة على محاولاتها في محوهم وطمرّ وجهها بين يديها المرتجفة لتخفي نفسها عنه، كل هذه الأمور جعلتها في حالة مروعة أكثر.
تنهد مجدداً ونهض عن الأريكة ليخطو خطوة واحده فقط وبعدها أحنى جذعهُ نحو من تبكي بقوة ليجذبها من رسغها بسرعة جعلتها تنهض بتعثر عن مكانها وهي تُحدق به بعينان حمراء متسعه تذرف المزيد والمزيد من الدموع.
شد جيمين من إمساكه ليدها فيما حرك الثانية بخفة أمام وجهها ليمسح بإبهامه تلك الدموع التي أزعجته بشدة.
لا يُحب أن يرأها بهذا الضعف وهي التي تُلقي عليه وابل من الشتائم، لا يُحب رؤيتها بهذا الشكل أساساً، إيرلا ليست ضعيفة مطلقاً ولكن مشاعرها اللعينه والغير صائبة في نظرة تكاد تجعل منها شخصية مختلفة تماماً عن التي أعتاد عليها.
"توقفِ عن البكاء" همس جيمين بعينان لامعه وهو يواصل مسح المزيد من خطوط الدموع على طول وجنتيها، قبل أن شابك أصابعهما معاً وسحبها خلفهُ بخطوات سريعة مما دفعها للتساؤل بنبرة مبحوحة "إلى أين؟"
"ربما يجب عليكِ أن لا تنسي العادات التي تقومين بها" أردف خلال سيرة دون أن ينظر إليها.
"لم أفهم؟" كررت إيرلا بضيق وهي تنظر إلى أصابعهما المُتشابكة معاً.
"ألا تقومين بجولة صغيرة قبل ذهابكِ للنوم؟" سأل بنبرة خافته "أعني المشي هُنا وهناك.. فقط أتبعيني" هسهس آخر كلمة وهو يتحرك أسرع مما جعلها تتعثر قليلاً في حين أنها كانت تُحدق بمؤخرة رأسه بعينان حمراء متعجبة.
كيف لهُ معرفة عادات المُشي لديها قبل النوم؟
"سأخبركِ لاحقاً!" هدر جيمين كما لو أنهُ أستطاع قراءة أفكارها.
لدى إيرلا والتي لم تقوى على التفوه بحرف واحد وأخدت تسير خلفهُ فحسب.
الدموع بالفعل تجمدت في عيناها وهي تُحدق تارة في ظهر الذي يتحرك أمامها و تارة أخرى في المكان الذي يسيرون بإتجاهه والذي يُصبح مظلماً أكثر كلما أقتربوا.
دون سابق أنذار توقف جيمين عن مواصله سيرهُ لترتطم إيرلا بظهره بقوة مؤلمة وتنزلق بضع كلمات متذمرة من بين شفتيها حيث أنها كانت شاردة الذهن_
هي أرادت الصراخ به إلا أنها سرعان ما شعرت بالتوتر أزاء النظرات التي خصها جيمين بها لتُشيح بعيناها بعيداً وتتملص للتخلص من قبضته القوية على أصابعها.
إلا أن جيمين أستدار مرة آخرى وتحرك نحو منعطف ضيق لوهله قصيرة حتى توقف الأثنان في منطقة خالية تماماً، صوت الرياح أضافة إلى أنفاسهما المضطربة كان الشيء الوحيد المسموع في ذلك المكان.
بؤبؤ عيناها تحرك يستطلع المكان من حولها..
كل شيء هادئ، لا ضجيج، لا بشر، لا أضواء ساطعه،
لا شيء تماماً.
أبعدت يدها بصعوبة من بين قبضة جيمين والذي أفرج عنها أخيراً لتُسرع في التحرك إلى الأمام بعدة خطوات مبتعدةٍ عنه.
سارت بهدوء وخطوات مترددة بعض الشيء من الظلام إلى حيث تجذبها عيناها وسمعها حتى توقفت أمام سور كبير يفصل بين البحر واليابسة.
سرعان ما أتسعت حدقتيّ عيناها لمدى روعة المنظر الذي أمامها، حيث كان كُل شيء جميل وهادئ بدءٍ من أمتداد البحر المُظلم الشاسع حتى أطراف الأشجار العالية والتي تفرد أغصانها بإتساع رائع.
الأمواج تتدافع بقوة أسفلها و أوارق الأشجار تتساقط بتروٍ على رأسها وبين قدميها، الرياح شديدة والبرودة مرتفعة، رغك ذلك إيرلا لم تستطع إلا أن تُراقب بإنشداه لكل صغيرة وكبيرة حولها.
لطالما قامت بزيارة البحر في أي وقت تشعر بالملل أو الحزن، لطالما أفرغت كل ما بها هُناك في مياهه الزرقاء العميقة، لطالما كان هو صديقها الوحيد الذي أستمع إليها في كل يوم تغوص بداخله__
صديقها الذي لم يدفعهُا خارجاً أبداً بل أستمر في جذبها إلى الداخل مع كل كلمة تخرج من بين شفتيها المرتجفة ولكأنهُ يعانق جروحها بأمواجه العنيفة، صديقها الذي أخفت دموعه الحارة بمياهه المالحة ليكون هو الوحيد العالم بها، صديقها الذي لم يخنه يوماً.
تنهدت بعمق وشعور كبير بالراحة وهي تُغلق من عيناها وتفرد ذراعيها عالياً لتستنشق عبر أنفها بقوة رائحة البحر المُفضلة لها.
.....
▶❤❤◀
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro