CH≈ FIVE
"من لا يُشاطرك حزنك، تعبك،
دموع عينيك
لا تتكأ عليه ولو أجتمع حب العالم كلهُ
في قلبك له"
......
بعد أن أنتهت من أخد جميع ما قد
تحتاجهُ من ملابس وأغراض، أستقبلها
جيمين أمام الباب ليأخد حقيبتها منها
فيما ركبت هي بهدوء في مقعدها مع شعورها
الكبير بالإحراج والضيق الشديد من كون
جيمين قد رأى ملابسها الداخلية..
أعني تطفل عليها.
جيمين اللعين ذو الفم الكبير والذي
دون شك لن يتردد مطلقاً عن إغاظتها
بهذا الشأن، هو قطعاً سوف يبتزها،
إيرلا تعلم ذلك جيداً لذا القرار الذي أتخدتهُ
في عقلها هي أنها لفترة بسيطة سوف
تتوقف عن مجادلته.. و ربما شتمه أيضاً.
جيمين بدوره كان مستمتع جداً
لرؤيته ملامحها الخجولة وصمتها التام لذا
هو أكتفى بتحريك السيارة وقيادتها بهدوء.
ربما يكفيها ما عانتهُ منه حتى هذه اللحظة.
ولكن هل يستطيع ذلك؟
الجواب هو—..
توقف جيمين بسيارته جانب
مدخل منزله وهو يضحك بشدة جعلتهُ
يكح مرات عديدة لنفاذ أنفاسه.
من وجهة نظرةُ هو لم يفعل أي شيء عدا
عن أنهُ ضغط على المكابح بطريقة
أعنف قليلاً وقاد بالطريقة التي يُحبها..
تقريباً.
في حين أن نزلت إيرلا عن مقعدها بغضب
وترنح وهي تضُم بين كفي يديها رأسها
الذي أوشك على الأنفجار وطبعاً مع فمها
الذي لم يتوقف عن أخراج المزيد
والمزيد من الشتائم لمن كان يواصل
الإبتسام دون إهتمام للكلمات اللاذعة
التي توجه له.
دفع جيمين الباب الخلفي للسيارة
بقدمهُ فيما كان يُمسك بين يديه
حقائب إيرلا والتي صرخت به قبل دخولها
تأمرهُ بأن يحضرهم كعقاب له.
لقد كان عقاب سخيف جداً.
توقف جيمين عن أكمال طريقة حينما
أصبح بداخل الحديقة الخاصة بمنزله
ليغلق السور الخارجي بعد أن تأكد من
إحكام سيارته.
أستدار بخفه يمرر بؤبؤ عيناه على
منزله والذي أشتعلت به الأضواء
لتتقوس شفاهه بإبتسامة سريعة
وهو يستنشق من أنفه بقوة يملأ رئتيه
بدفعه من الهواء البارد.
"لندع هذا لوقت طويل بارك" تمتم
بهمس وهو يشد من قبضته على رأس
الحقائب "أنها فرصتك الأولى والوحيدة"
بعدها حث قدميه على أكمال طريقه
وهو يُفكر بحماس تام في الأيام القادمة
والتي سيقضيها برفقة إيرلا.
في حين كانت إيرلا تتجول بهدوء في
الأرجاء تُبحلق بكل شيء يلفتُ أنتباهها
بأهتمام شديد،
هي أعترفت بداخلها أن جيمين رغم
كل سوءه إلا أنهُ لديه ذوق جميل في
إنتقاء اغراضه الخاصة، والأثاث الذي
كان بسيط وبالوقت ذاته راقٍ.
هي بالفعل أحبت ورق الحائط البحري
الخاص بغرفة المعيشة و الأرائك المستديرة
بعدة الوان متقاربة، هذا عدا عن الستائر
العريضة التي تحجب الضوء الخارجي
تماماً عن السطوع في الأنحاء،
كذلك السجادة البيضاء على الأرضية
الخشبية والتي أمتد طولها حتى نهاية
المدخل المشير إلى غرفة أخرى.
إيرلا تقريباً لم تبقي بقعه إلا وأستكشفتها
بإعجاب وحماس خالص، هي أحبت كل
شيء يخص هذا المنزل الدافئ، كل
زاوية به تعد تحفة أثرية بالنسبة
إليها.
كذلك لاحظت أن جيمين لم يستخدم
الطراز التلقيدي لبلده، بل في كل غرفة
وضع اللون المحبب إليه، حتى المطبخ
والذي يبدو عليه إيطالي التصميم و غرفة
المعيشة التي أكتشفها سابقاً،
و ربما هذا ما جعلها تشعر بالقليل
من الراحة لأن كل ما حولها يذكرهُا
بالأيام الماضية في موطنها السابق.
توقفت أخيراً عند عتبه الحديقة
الخارجية والمطله على باب المطبخ
لتستنشق بقوة من أنفها فيما داعبت
نسائم الليل ثنايا وجهها الذي تجعد
بإبتسامة صغيرة.
في بادئ الأمر كانت تُحدق
بفراغ في سماء الليل الحالكة
بنجومها الساطعه وقمرها الذي توسطها
بمظهر جزيء، فيما أخفت السحب
الجزء الأخر منه.
شرودها في تلك الدائرة المشعه جعلها
تعود بذاكرتها إلى العديد من المواقف التي
مرّت بها، وحياتها التي انقلبت رأسٍ على
عُقب بمجرد مكالمة هاتفيه حسمت أمر
أنتقالها إلى كوريا و بداية لحياة جديدة
ومختلفة جداً عن حياتها السابقة.
الهدوء الذي كان ينعش أوقاتها آنذاك
والأكتفاء الذاتي الذي كانت تشعر به
في روحها قد أختفئ تماماً، لم تعد تشعر
كالسابق، لم تعد تتحمس بشدة لصباح
يوم أخر.
كلا، إيرلا فقدت أشياء كثيرة أحبت
فعلها في السابق،
لم تعد الحياة مثيرة كما كانت تعتقد،
لم تعد تهتم للأيام التي تمر ببطء شديد
في حين أنها كانت مسبقاً تصنع خطط
ليومين على التوالي بحماس مفرط.
الأن في هذه المدينة هي وجدت نفسها
مجبرة على فعل العديد من الأشياء التي
لا تُريدها، وجدت نفسها مجبرة على الزيارات
العائلية كل أسبوع تقريباً والألتزام
بتقاليدهم الغريبة وإرتداء ما يرتدونه
في المناسبات الخاصة بهم.
شعرت كما لو أنها فقدت الحرية التي
كانت عليها،فقدت نفسها السابقة، رغم
حصولها على صديقة، وتجربة أشياء جديدة
كالثقة والبوح وأسرار الليل
والمكالمات الطويلة.
ولكن تلك الثقة تحطمت وتحولت
إلى متاهه عميقة سوداء لاتعلم
أين المفر منها،
الثقة التي وضعتها بين يدي من
خانها بسهولة و دون أدنى سبب مباشر،
أو حتى منطق.
لم يكن سهلاً عليها البته، لم يكن من
المُفترض أن تخوض شيء قاسٍ كهذا،
شيء سوف يستصعب عليها نسيانه حتماً.
والأهم نسيان النظرات المُتبادلة
بين حبها الأول وصديقتها الوحيدة.
لن تقدر يوماً على محو تلك الملامح
من ذاكرتها،
لن تنسى تقوس شفاهه التي أرتفعت
بإبتسامة عريضة أظهرت مدى روعته،
لن تنسى الطريقة التي كان يتحرك بها
وهو يتحدث، وعيناه التي بحلقت بها بإستغراب
شديد لرؤيتها بذلك المظهر والأهم من
هذا كله هو ملمس يديه والتي أرتجفت
لمجرد تشابكها مع خاصتها والشعور بهما.
لن تنسى أي شيء وإنما تصرفت على
سجيتها حتى لا تضطر ألى سماع رأي
جيمين عن ذلك أو ربما سخريتهُ منها.
ففي النهاية جيمين هو صديق يونغي
المقرب، لقد كانت تراهم دوماً برفقه
بعض، دوماً ما كانا يجلسان معاً في أي بقعه
من زوايا المدرسة.
مع ذلك، ومهما كان الأمر هي لن تستطيع
إلا أن تغرق في دوامة الحزن تلك، لن تستطيع
النسيان ولن تقدر على المواصلة.
فوق كل هذا، كان هُنالك شيء مُحير
إليها وهو بكيفية معرفة جيمين للأمر،
ما الذي جعله يأتي إلى المجمع وإلى ذات
الطابق أيضاً، لماذا كان جسدهُ سريع جداً
وقريب حتى يمنعها من السقوط أرضاً.
ربما قد تكون صدفة ولكن عقلها
يخبرها بأنهُ شيء أخر تماماً.. وحسناً ليست
مستعده لتعرف عنه الأن حتى لا تضطر
للتحدث عن الأمر معه.
بشكل مفاجئ البرودة التي كانت تضرب
جميع أجزاء جسدها بقوة أختفت ليحل
محلها دفء لذيذ برائحة عبقة.
أستدارت ببطء وهي تُمسك بأصابع
يديها أطراف المعطف الذي التف حول
كتفيها لتقربه أكثر إلى جسدها.
أشتبكت عيناها بخاصة من كان يُبحلق
بها منذ فترة طويلة وهو يعقد ذراعيه
أمام صدره متأملاً ما أطلق عليها بأنها
تحفة فنية كاملة.
أستمرت النظرات بينهما لفترة لأباس
بها والصمت يلفّ الأرجاء من حولهما
بشكل مربك تماماً.
ولكن حينما أدرك جيمين بأن هذا الصمت
سيطول إلى الأمد قرر كسره بقوله
"برودة الليل لا ترحم أحد إيرلي، لستُ
مستعد بعد للعناية بطفلة مريضة"
قلبت إيرلا عيناها بإمتعاض لتعليقه
الساخر لتُبحلق به بغضب طفيف وهي
تزيح معطفه من حولها مزمجرة
"لست طفلة جيمين"
أقتربت إليه لتلقي بما في حوزتها بخفه
على صدره مردفة "صدقني سوف يكون
من الجميل لو أنك تنسى وجودي هنا وتمارس
حياتك بشكل طبيعي!"
تقوست شفاه جيمين بإبتسامة ساحرة
وهو يحتضن معطفه أقرب إليه
"ليس بعد الأن"
"ماذا تقصد بهذا؟" توقفت بحاجب
مرفوع.
رفع جيمين كتفيه عالياً وهو يخفض
من بصره إلى الأرض "ربما يجب عليكِ
إكتشافه بنفسك عزيزتي"
تبادل الإثنان النظرات لفترة طويلة
وكلاهما يلتزم الصمت التام حتى قرر
جيمين التحدث بشكل طبيعي دون أن
يستخدم طرقة الملتوية والساخرة
سائلاً"الا تشعرين بالجوع؟"
"ما يزال الوقت مبكراً" أجابت بملامح
حانقه وهي تدير وجهها عنه.
أردف جيمين بخفه "أنها التاسعة!"
توسعت عيناها بدهشه "حقاً؟"
حرك جيمين رأسه بزاوية طفيفة
وهو يقول"أجل، والأن أطبخ انا أم أنتِ؟"
"ما شأني انا؟ أطبخ أنت أن كنت تُريد"
"آه مؤسف، لقد وددت لو أنكِ من يفعل"
"ولماذا قد أفعل؟"
"لأنني أريد.. مثلاً"
"جدياً؟ هل أبدو لك مدبر منزلك
أيها الأخرق"
قهقه جيمين مردفاً "أعلم بأنكِ لستِ كذلك،
ولكن أردت تجربة تذوق شيء جديد"
تصنع العبوس وهو ينظر بين عينيها
"تعلمين أنا رجل وحيد، لا يوجد من يطبخ
لي وقد سئمت تناول—"
"هلأ صمتت قليلاً" تنهدت بضجر وهي
تحرك قدميها نحو الأمام "لا تفقه
شيء سوى التذمر!"
..........
▶❤❤◀
◀البارت الخامس▶
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro