تبلُّد·
-سلامًا رفيقَتي ويا ملاذي الآمنُ. أتمنى أن تتذكري كيفَ تعودين بسحركِ الحاني المريح مجددًا بعدما كان مسجونًا موصودًا عليه لمدةٍ لا تقل عن مائة وخمسة وأربعين يومًا وثلاث آلآف وأربعمائة وثمانون ساعة.
لرُبما ترُدين السلام.. .ماذا..؟ كيف حالي؟ أنا لستُ على ما يُرام.
لستُ أدري إما لفترةِ تحَاشيَّ عنكِ، أو لكبتِ مشاعري وقد تتبقعَ بدورِها بندباتٍ على جسدي.. ندباتٌ مُلوّنة بألواني المُفضلة.. سأُحبُها؛ فأنا لم أنزفَ حزنًا مذُ مدةٍ.. لم أعتادَ عليّ في ذلكَ الطور.. ودمعةٌ أو أثنتين لم تُكفيني، أحتاجُ للبكاءِ كحاجةِ المرضى النفسيين لهُ بفرطٍ.. رُبما يحتاجون لمُعالجٍ بسوءٍ.. وأنا كذا..
مشاعرٌ مُضرمةٌ بألوانٍ وآياتٍ.. آيات كنايةً للتعددِ وبالنسبةِ لي أنها مُقدسة..
مشاعِري مُقدسة رَغم ما يكويها ويتلاطمُ بِها..
مُقدسةٌ أنها تبكي على أشياءٍ تؤلمُها وتطحنها بحقٍ.. لم تبكي سوى على أشياءٍ تستحق، وأشياءً تكبدت عناء الخوض في تجربتِها مِرارًا وتِكرارًا.. تنوحُ وتبكي مرةً أو أثنتين حَق عدةِ تراكُماتٍ سبقَت وأنّها مرت مرور الكِرام عُنوةً.
وبينما أسردُ ذلكَ لم تُذرَف مني قطرةً حتى، رغم مرور شَريط ما آلمَني بِذاكرتي.
إنني لا أتذكرُ متى نحتت الدموعُ وجهي مبللةً إياه بالكربِ، أو متى آخرُ مرةً داويتُ وجنتي الواهنةُ إثر هذا.
وبعُمري هذا، لا تزالُ نفس الأمور تحدث كل تارةٍ ولا أقدرُ على التأقلمِ عليها أو مواكبتِها، أليس لأنها مرتبطةٌ بالمشاعرِ أيضًا؟ ولرُبما أنها مخزونة؟ رُبما!
أعتقدُ أنني سأقبعُ هنا مسجونةٌ لفترةٍ في ذات الدائرة -المُتنكرة في هاويةٍ دائريةٍ قاتمةٍ- ولن يُفرَج عني إلا بعد أمرٍ هيّن مسّ شعرايةً من قلبي وكأنها كحجرِ سدٍ ما آذنَ بكُل مشاعري المحشوة بالإنطلاقِ للخارجِ أمام الملأ منتحلةً هوية سيل دموعُ مُقلاتيَّ كفيضِ إحدى البحار المالحة بغتةً على مدينةٍ ساحلية ترقبَت ميعاد إغراقِها ولكن ليست في تلكَ الساعة تحديدًا.
ملحُ المياه فتّت وأذابَ المدينة، كذا ملحُ دموعي أحرق وألهبَ وجنتاي أمام عيونِ الآخرين لأبدو بكّائة شريدة الرزانة لا تفقهُ السيطرة على مشاعرِها الواهيةِ.
وقد سقَت بواقي دُموعي المالحة أرضُ قلبي المُقفرة المُتصحّرة.
-عقلي، قلبي، وروحي يتمنون عودتهم للرشدِ بعد تلكَ الذروة النفسية اللّعينة، أن أجهشَ في البكاء وقتِما يحقُ لي دون تكبد عناءِ التراكُمات مع تخلّي وجهي عن تعابيرِه البائسة لطالما ما يحدثُ ويشعرُ به داخلي كان يترجمهُ ملامحي بأجودِ صورٍ،
وما يُبكيني بداخلِي يتسربُ لأسفلِ جفناي ليحرق وجنتاي، ولكن.. أرجوكَ لا تُصدقُ ما كتبتُ من جملةٍ للتوّ؛ لأنني بالكادِ أكذب!
 ̄
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro