01
- - -
وجهة نظر رايڨن:
لم أغرق يومًا، وحين غرقتُ، قد غرقتُ بعمق، دون طلبِ المساعدةِ، ودون محاولةِ إنقاذِ نفسي، تركتنِي أغرق.. وأغرق.. وأغرق
إلى أن إنقطعت أنفاسِي،
كان هكذا حبِّي لهُ.
كانَ أول رجل أنظرُ لهُ بطريقةٍ مميزة، وأبني لهُ في قلبِي منزلًا.
ولمَا لا، وهو كان أول من ألجئ لهُ، فكان يقابلنِي بأيدٍ مفتوحة، وهو من كان يعاملنِي بلطف شديد ورقَّة وكأني قد أنكسرُ من لفحةِ هواء قوية.
أحبُّ الطريقة التي تنظرُ بها عيونه لي بكل تركيز وأنا أحادثهُ بأتفهِ الأشياء، كيف يبتسمُ، ويناقشنِي بذاتِ حماسي.
وأحبُّ كيف لا يتركنِي أمشي من جهةِ السياراتِ حينمَا نكون في الطريق، وكيف يشتري لي شيئًا من المقصفِ إن ذهبَ لشراءِ شيء لنفسهِ.
أحبُّ إهتمامهُ بالتفاصيل الصغيرةِ التي لن يهتمَ بها الباقون.
ولهذَا، وبعدَ سنتين من الحبِّ المتواصل من طرفِي؛ وبعد إنفصالهِ أخيرًا عن تلكَ المشعوذةِ وإقامةِ إحتفال صغير رفقةَ زميلة سكنِي وصديقتي، أظنُّ أن كيوبد أخيرًا شعر بالسوء لأجلي، وألقى سهمهُ عليه.
فقد دعانِـي ولأول مرة لموعدٍ في أرقى مطعمٍ قد تطئهُ قدمِي، عددُ الأصفار لحجز طاولة هناك أكثر من عدد الأصفار التي أخذتها في كامل حياتِي الدراسية، ولكم أن تتخيلوا ذلك!.
وذلك إضافة لجعلي أحبهُ أكثر فهو؛ ثري، وسيم، ويعاملنِي جيدًا.
هذهِ أفضل صفقة قد أحصل عليها في كامل حياتي!.
للأن لازلتُ لم أستوعب أنهُ قد دعانِي لموعد!، أعنِي لقد كان يعاملنِي بطريقة مميزة عن باقي أصدقائنَا، ويتغزل بي أحيانًا.
ولكنهُ، أبدًا لم يقدم على خطوة كهذه طوال الفترة التي عرفنَا فيها بعضنا.
ولكن على ما يبدو، إحم.. حبِّي أرهقهُ أخيرًا وقرر الإفصاح.
عدتُ من الجامعة ركضًا من شدة حماسي، وتوجهت إلى غرفة رفيقة سكني وصديقتِي المفضلة؛ ليليَان.
«ليلي! إستيقظِي بسرعة! لدينَا حالة طارئة!. »
إستقامت بهلع من سريرها بعد أن كانت تأخذُ غفوة لأنها لم تنم منذُ مدة بسبب تجهيزها لمشروع تخرجهَا.
وجهها شحب قليلًا بسبب مداهمتِي ورمي نفسي فوق سريرها أحاول إيقاظها، وبعقل لازال نصفهُ على مخدتهَا نائمًا، قالت بخوف.
«لا تقوليهَا أرجوكِ! لا تقوليهَا!.
حبيبي أونو لا يواعدُ تلكَ الفتاة! لم يتم تأكيد الخبر من الشركة، أليس كذلك! إنطقِي لمَا أنتِ صامتة هكذا!!.»
نظرتُ لها بعدمِ تصديق؛ رغم أننِي لا يجبُ حقًا أن أكون بهذه الصدمة، كانت تمسك ياقة قميصي تهزنِي، وعيونهَا تنظرُ لي بخوف من الحقيقة التي قد أخبرهَا بها.
قلبتُ عيونِي من درامتهَا وحبِّها الذي سيتحقق فقط في أحلامها، لأنزع يدهَا من ياقة قميصي، وأربت على كتفها أطمئنها.
«لا تقلقِي، حبيبكِ أونو لايزال ملككِ، أي إمرأة قد تجرأ على لمسهِ وأنت موجودة؟.»
لتتنفس الصعداء، وتهز رأسها بإدراك.
«معكِ حق، لقد كان يعدنِي منذُ قليل أنِّي الإمرأة الوحيدةُ في حياتهِ، ولن يحبَّ غيري أبدًا، كنَّا على وشكِ تقبيل بعضنَا.. ولكن كلب مسعور داهم الغرفة وأيقظنِي.»
نظرة لي بحدة بطرفِ عينها، وأستطيع أن أرى التهديد الواضح في وجههَا، والذي يخبرنِي أنه من الأفضل أن يكون السبب جيد، وإلا لن أعيش لأرى ضوء الغد.
حاولتُ كتم بسمتِي وأنا أضع ساقًا فوق الأخرى، وألعب بأضافري بغرور.
«أسفة على قطع موعدكِ الخيالِي، ولكنِي أحتاج مساعدتكِ لنتجهز لموعدِي مساء الغد.»
إتسعت عيونهَا بصدمة، لتجلس على سرير بشكل أفضل حتى يكون حديثنَا الشيق أكثر راحة.
«ما الذي تعنينه؟ من هذا الذي فقدَ عقلهُ ليدعوكِ في موعد؟.»
إبتسمتُ بجانبية، ورفعتُ حاجبي بغرور لأجيبها.
«جيمين، بارك جيمين قد فقد عقلهُ من شدَّةِ حبهِ لي، وطلب منِّي أن أرتدي أجمل ما أملكَ وأتي إلى مطعم ليونيل.»
ما أن إنتهيت من حديثي، خرجت صرخة متحمسة من ثغرها، وتقدمت نحوي أكثر والبسمة مرسومة على ثغرها، راغبة بسماع تفاصيل أكثر.
«هل أخبركِ أنهُ موعد؟ هل إعترف لكِ!.
يا إلاهي! هـ-هل قبلتمَا بعضكما البعض؟.»
إحمرَّ وجهِي من حديثهَا، لأقضم شفاهي وأجيبهَا.
«ما الذي تقولينه! بالطبع لم نقبل بعضنَا.
وكلا لم يعترف لي، ولكنهُ أخبرنِي حينما سألته عن السبب أنها مفاجأة من أجلـي.
آه ليلي، لقد كان قلبي يقرع بقوة لدرجة ألمتني، وأنا أنظرُ لعيونه وهو يخبرنِي بتلك الكلمات، كاد يغمى عليَّ.»
وضعت ليليان يدهَا على ثغرهَا غير مصدقة، لتقول بحماس.
«هـ-هل تعتقدين أنهُ قد دعاكِ ليقومَ بإعترافٍ رومنسي.»
إحمرَّ وجهِي أكثر للفكرة، وأخذت ألعب بأصابعِي.
«أعنـي.. هل سيوجد سببٌ أخر؟.
كما أنهُ كما تعلمين.. جيمين رجل رومنسي للغاية، لذا على الأرجح يود أن يعترف بمشاعرهِ بطريقة مميزة.»
ما إن أكملتُ حديثي، تبادلنَا النظراتَ في صمت، لمدة عشر ثوان.
ثم قفزت كلتانا من السرير وأخذنَا نرقص في سرور، نتخيل كل الأشياء التي قد تحدثُ في الأمس، وفي المستقبل.
ودعنِي أخبركم أننَا حتَّى إخترنَا فستان الزفاف، وكيف سيكون حفل الزفاف ومن سندعو فيه، وخضنَا نقاشًا عنيفًا لمدة عشر دقائق لأن أبنائنَا تزوجوا وتشاجروا، وكل منَّا أخذت صفَّ صغيرها.
بعدَ إنتهائنَا أخيرًا من كل هذا الحديث، طرحت ليليان أخيرًا سؤال مهمًا.
«إذن.. ما الذي سترتدينهُ بالغد؟ بما أنهُ أخبركِ أن ترتدِي شيئًا جميلًا، هل تمتلكين حتى فساتين سهرة؟.»
نظرتُ لهَا، لأنهُ من ضمن الأشياء التي كانت تقلقنِي، كانت ملابسِي على رأس القائمة.
دخلِي المالِي ليس بالحجم الذي يسمحُ لي بشراءِ الملابسِ إلا إذا كان عليها تخفيض ضخم، ولن أشتريها إلا إن قام البائع تقديم تخفيض لي على ذاك التخفيض.
لذا.. أجل، لا أمتلكُ الكثير من الخيارات حينمَا يتعلق الأمرُ بالملابس، أو أي شيء آخر في الحقيقة.
والمشكلة الأكبر هنا، إلى جانب كون جيمين ثريًا، فهو من النوع الذي يهتم كثيرًا بأناقته، وقد لاحظتُ أن الفتيات اللواتِي يواعدهن، كلهن لديهن حسٌّ قوي بالموضى.
أعنـي.. أنا أيضًا لدي حسٌّ بالموضى! ولكن فقط محفظتِي فارغة للغاية لأبدو كعارضة أزياء.
فهمت ليليان نظراتي بالفعل، فكلانَا أفقر من الأخر.
«ما الذي ستفعلينهُ؟ ألا تمتلكين بعض الأموال المخبئة، كي تتسوقِي بها.»
نظرتُ لها بتوتر، وأجبت.
«في الواقع أمتلك مبلغًا جيدًا بصحبتِي الآن، ولكن المشكلة هي..
الأموال التي أمتلكها تخص دفع القسط الأخير من الجامعة، ودفع إيجار المنزل، والفواتير، إضافة إلى المستلزمات اليومية.
لذَا، أنا أمام خيارين، إما أن أشتري فستان أبهر بهِ الفتى الذي أحبهُ، وأكون مفلسة.
وإما أن أذهب بما أمتلك من ملابس، لأحرجهُ وأخيب ظنهُ في ذاك المطعم الراقي.»
نظرت لي في عيونِي، وأجابت بتلقائية.
«أرى أن تخيبي ظنهُ، ذاك هو الخيار العقلانِي المتوفر.»
عبستُ، لأني علمتُ أن هذا ما ستكون عليهِ إجابتها، ورغم أنِّي أعلم عميقًا في داخلي أنها على حق، إلا وأني أردتُ سماع الإجابةِ التي سترضيني.
وهكذَا نامت كلتين باكرًا، بعد أن قامت ليليان بتحضير بعض الماسكات المنزلية لي، كي أستيقظ ببشرة نضرة.
في الصباح، أخذنَا نختار ما سأرتديه، وبعد أن حاولت ليليان شدَّ شعري لجعلي أجربُ ما إختارتهُ لي هي ورفضتُ لأنه لم يعجبنِي، وافقة على مضض، ويال المفاجأة!
أنه أسوء مما ظننت!.
جمعنَا ثيابنَا سويًا، وأخذنَا ننسق بينهم، لنتفق سويًا وأخيرًا على فستان أبيض بالدانتال، يصل إلى فوق ركبتِي، ومعهُ كعب عال ذو لون بني فاتح، نسقناه على حقيبة بذات اللون.
جمعنَا مكياجنَا أيضًا، ووضعنَا فيديو على اليوتيوب، أخذنَا نتبع خطواته، لينتهي بي الأمر بغسل وجهِي والقيام بمكياجِي كما إعتدتُ على القيام بهِ.
أما شعري، فقد تركتهُ منسدلًا، بعد القيام ببعض التموجات به.
وحسنًا، أبدو أفضل مما توقعت.
أهدتنِي ليليان عناقًا تتمنى فيهِ لي التوفيق، وأنا في طريقي إلى الخارج.
أخذت أمشي في الطريق، لأبحث عن سيارة أجرة.
كنتُ أمرُّ بين المحلات، ولم أستطع أن أمنع عيناي على أن لا تسقط على فستان كان مبهرًا، كان أجمل فستان رأيتهُ في حياتي.
وقفت أمام المتجر، أنظر إلى الزجاج حيث يقبع الفستان وراءه، لينعكس جسدي على المرآة، وأرى بساطة المنظر الذي أبدو بهِ.
في الواقع، أنا لا أبدو لائقة حتى لأدخل مطعم حاصل على نجمة واحدةٍ، فما بالكَ بخمسٍ.
التفكير بالأمر جعلنِي أشعرُ بالحزن والنقص.
أريدُ أن أبدو جميلة مثل باقي الفتيات التي واعدهن، أريدهُ أن ينظر لي بإنبهار وذهول، وأن لا يستطيع إشاحة عيونهُ عنِّي.
وهذا ما جعلنِي لا أفكر مرتين، وأنا أدخل ذاكَ المتجر، وأشتري الفستان، الذي كلفنِي كل بنس أملكه، ولكني لستُ نادمةً على ذلك.
لمرة واحدة.. لمرة واحدة في حياتِي، أريد أن أبدو رائعة، على الأقل في عيون الشخص الذي أحبه.
تنفستُ الصعداء، وأخذتُ بدلًا من سيارة أجرة، حافلة عمومية، لأنني.. إحم.. مفلسة.
نظرات الركاب لي كانت مستغربة للغاية، وأنا لا ألومهم على ذلك، من هذا الذي يرتدي فستانًا بهذه الفخامة، يركبُ حافلة عمومية؟!.
وأخيرًا، حينمَا وصلتُ إلى وجهتِي، كانت الساعة بالفعل السابعة مساءً وخمسة عشر دقيقة، أي أنِّي متأخرة بخمسة عشر دقيقة.
اللعنة!.
أخذت أهرول نحو المطعم، الذي لم يسلم من نظراتِي المنبهرة، لأسأل النادل الذي ساعدنِي في الوصول إلى طاولتِي.
بإبتسامة عريضة، وقلبٍ لا يتوقف على الخفقان، عيونِي المتوترة أخذت تبحث عنهُ، لأجدهُ هناك، واقفًا بكل هيبة، مرتديًا بذلتهُ الرسمية السوداء، ورافعًا شعرهُ إلى فوق، ليرفع معهُ نبضَاتِ قلبي.
إرتفعت إبتسامتِي أكثر، وأخذتُ بالإقتراب منه، ولكن..
إبتسامتِي أخذت بالإختفاء تدريجيًا، حينمَا شعرتُ بأن هنالكَ شيئًا غير طبيعي.
أعنـي.. لمَا كلُّ أصدقائنَا موجودون هناكَ، وهنالكَ حتى بعض الأشخاص الذين لا أعرفهم.. ولمَا..
هو راكع على ركبتهِ وخاتمٌ في يدهُ، الإبتسامة تشقُ وجههُ، أمام من يفترضُ بهَا أن تكون حبيبتهُ السابقةِ؛ ليَا.
مـ-مالذي يحدثُ هنا..
لا أستطيع التنفس، نظراتِي مشوشة..
سارعتُ بسيري هناك، بعد أن وضع الخاتم في إصبعها، ليعانقَا بعضهما البعض في سعادة، ثم يـ-يقبلها..
الكل يهتف لهم في سعادة، بإستثنائي، كنتُ أنظر بتيهٍ للجميع، غير مستوعبة ما يحدث أمامِي.
ولم أكد أستوعب، حتى لاحظ جيمين وجودِي، ليتوجهَ نحوي بإبتسامة عريضة.
«رايڨن! لقد تأخرتِي!.
ولكن لابأس المهم أنكِ وصلتِي، وتبتدين رائعة بالمناسبة.
مارأيك بمفاجأتِي؟ رائعة أليس كذلك! أنتِ لم تتوقعي هذا!. »
لم أستطع سوى أن أرسم إبتسامة باهتة، وأن أحارب دموعي كي لا تسقط، لأجيبهُ بصوت ضعيف.
«أجل، لم أتوقع هذا أبدًا..»
أخرج قهقهة صغيرة، ثم بحماس سحبنِي وجعلنِي أجلسُ مع البقية أشاركهم إحتفالهم ووجبتهم.
كنتُ كالغريبِ بينهم، رغم أنِّي أعرفُ معظمهم.
متقوقعةً على نفسِي، أحاول تنظيم أنفاسِي، وعدم تركِ الدموع التي تجمعت بالفعل في عيونِي تسقط.
نظرتُ للجميع، لألاحظ ما يرتدونهُ، ورغم أنِّي أفلستُ بسبب شرائِي لهذا الفستان، إلا وأنه يبدو وكأنِي إشتريتهُ من السوق اليومية بدلا من متجر فخم، أمام الملابس ذو الماركَات العالمية التي يرتدونهَا.
وهذا ما جعل قلبي ينخزنِي أكثر، والشعور بالنقص بتضاعفُ بداخلِي.
حاولتُ بكل جهدي أن أضحكَ معهم، وأغنِي وأرقص، باركتُ لجيمين وخطيبته، وأكملتُ سهرتِي في محاربتِي دموعِي.
كلفنِي الأمر بضعَ كؤوس نبيذ كي لا أنهارَ هناكَ باكيةً، وحاولتُ بقدر الإمكان تجنب النظر نحو جيمين ومن معهُ.
وحينمَا شعرتُ أنِّي على شفَى الإنهيار، وما عدتُ أتحملُ وجع القلبِ هذا، أخبرتهم أنِّي تأخرتُ وأحتاج إلى العودة إلى المنزل بسرعة.
أومئ الكل برأسهِ متفهمًا، وإستقامَ جيمين ليودعنِي، عارضًا عليَّ أن يوصلنِي سائقهُ إلى المنزل.
ورغمَ رغبتِي الشديدة، ونحابِي الداخلِي بأن أرفض، إلا أن ذرَّة العقلانية إستيقظت بداخلي وجعلتنِي أقبل، فلا أمتلك أي مال كي أخذ سيارة أجرة، والذهاب إلى محطة الحافلات في هذه الساعةِ المتأخرة من الليل أمرٌ خطير.
ما جعلنِي أخذُ مؤخرتِي الثملة، وقلبِي المكسور، نحو المكان الذي أشار لي بهِ أن سائقهُ سينتظرنِي.
حينمَا خرجتُ من المطعمِ أخيرًا، ولفحتنِي الرياح الباردة في جلدِي العاري، أغمضتُ عيونِي أستمتعُ بهِ، رغم شعوري بالبرد، ولكن هذا أفضل من تركِ المزيد من الدموع تتسربُ على خدَّاي.
بضعُ ثوان كانت، حتَّى توقفت سيارة مارسيدس حديثة الطراز أمامِي، لينزل سائقهَا الذي كان يرتدي بذلةً رسمية سوداء النافذة، ويسألنِي برسمية.
«عفوًا منكِ أنستِي، ولكن هل أنتِ الأنسةُ رايڨن؟.»
أومئتُ لهُ دون أن أتكلم، فقد بكيتُ كثيرًا في الثوان التي كنتُ أنتظرهُ فيها، وعلى الأرجح يوجدُ في صوتِي بحَّةٌ غير محببةٍ.
إبتسمَ لي برسمية، ليخرج من السيارة، وتمامًا كالرجال الذين أشاهدهم في الأفلام، فتح لي باب السيارةِ الخلفِي.
«فتركبِي السيارةَ رجاءً، السيدُ في إنتظاركِ منذُ مدَّة.»
هاه..؟
ما الذي يتحدثُ عنهُ؟ لما قد يكون جيمين في إنتظاري وهو منذُ بضع دقائق كان يحتفلُ بفطرهِ لقلبِي؟.
ولكنِّي لستُ بمزاج للحديث، أريدُ العودة إلى المنزل والإستلقاء على سريري، والبكاء بشكل جيد، فتستيقظ ليليان وتأتِي لي، لتحظَى كلتين بنقاش أغلبهُ نميمةٌ وشتيمة في تلكَ المشعوذة، وتخبرنِي كم أنهُ غبي لعدم إختيارهِ لفتاة مثلِي وأنهُ هو الخاسر وسيندمُ على هذا قريبًا، ويعود راكضًا لي.
أغمضتُ عيوني، وسندتُ رأسي على زجاج النافذةِ، فيمَا أحظَى بهذه الرحلة الهادئة في سيارة لم أرهَا سوى في الصور.
بعدَ بضع دقائق، توقفت السيارة، لينزل السائق منهَا ويفتح لي الباب مجددًا، ثم مدَّ يدهُ ليساعدنِي في الخروج؛ أحببتُ هذا الفتى، يعرفُ جيدًا كيف يبهر السيدات.
وقفتُ أمام المبنى الذين أنزلنِي بهِ، وهنَا أعزائِي لفحنِي الإدراك؛ لقد تمَّ إختطافِي!.
ولكن أي خاطف هذا سيأخذنِي في سيارة مارسيدس، ويدخلنِي إلى أفخم نزل رأيتهُ عيناي، حتَّى في الأفلام لم أرى شيئًا كهذا!.
بل والأبهر أنهُ أخذنِي بكل رقيٍّ، وأدخلنِي إلى المصعد، ليضغط على أحد الأرقامِ بهِ، ودون أن يدخلهُ حتَّى، كان قد أخبرنِي.
«أعتذرُ، ولكنِّي لا أستطيع مرافقتكِ إلى الأعلى.
ولكن لا تقلقي، ستجيدين السيد كيم تايهيونغ بإنتظاركِ هناك.»
هـاه..؟؟
لحظة.. من..؟؟!.
من هذا الشخص؟ ولمَا قد يكون بإنتظارِي؟!.
لم أكد أستوعب ما يحدثُ لي، ليفتح المصعدُ ثانيةً، يفرج لي عن منظر طابق فارغ بالكامل، لا يوجد بهِ سوى طاولة واحدة تتوسطهُ، ورجل طويل القامة وعريض المنكبين، ببذلتهِ الرسمية، يقفُ مشغولًا بالتحدثِ على الهاتفِ.
وما إن إنتهَى أخيرًا، لاحظ وجودِي، بعد أن حطَّت عيونهُ الحادَّةُ عليَّ، ليتقدمَ نحوي، ومن السهل ملاحظة علامات الإنزعاج المرسومةِ على وجههِ.
«لقد تأخرتِي كثيرًا، لو لم يكن الأمرُ مهمًا للغايةِ، لكنتُ غادرتُ منذُ الدقيقةِ الأولى.»
النبرة الغاضبة والحازمة التي أخرجهَا، جعلتنِي أنكمش، وبتوتر أجيبهُ رغمَ أنهُ لا علمَ لي بما يتحدث.
«أ-أنـا أسفة، لم أقصد التأخر.»
أومئ لي بعدمِ إكتراث، وكأن أي حجة أو إعتذار قد أضعهُ غير مهم.
«لنذهب إلى الطاولة ونبدأ نقاشنا، لقد أضعتُ بما بكفِي من الوقتُ في إنتظاركِ.»
لم ينتظر حتَّى صدور كلمة أخرى منِّي، ليتوجهَ نحو الطاولة دون أن يلتفت للخلفِ نحوي.
ولأنِّي كنتُ مرتبكة ومشوشة؛ وثملة أيضًا، إتبعتهُ إلى حيثُ أشار، لأجلسَ أمامهُ، ألعبُ بأصابعِي هروبًا من عيونهِ التي كانت تنظر لي بتركيز شديد.
«بما أنكِ تعلمين بالفعل سببِ قدومكِ إلى هنا، أرى أنهُ من الأفضل أن لا نضيع المزيد من الوقتِ وأن تقرئِي العقد، لتوقيعه.»
إرتبكتُ أكثر من حديثهِ، ما جعلنِي أخذُ رشفةً من كوب النبيذ الموجودِ أمامِي.
وبإبتسامة غبية قلت.
«عـ-عفوًا، ولكن عن أيِّ عقد أنتَ تتحدث؟.»
رفع حاجبهُ عاليًا، ليعقدَ كلتَا يديهِ فوق الطاولةِ، ويقول بكل جدية.
«عقدُ زواجنَا، لتكونِي زوجتِي المؤقتة.»
- - -
مرحبًا🥰
آمل أن يكون الفصل الأول قد نال إعجابكم، وجعلكم تتطلعون لبقية الفصول.
الأسئلة؛
رأيكم في شخصية ليليان؟
رأيكم في شخصية رايڨن؟
رأيكم في شخصية جيمين؟ وهل تظنون أنه سيكون هنالك ظهور آخر لهُ في الرواية؟.
رأيكم في شخصية تايهيونغ؟
ما الذي تتوقعونهُ سيحدث في الفصل القادم؟.
20 votes + 25 comments = new part🎉🎉
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro