الثالث والعشرون : هل هي مريضة سكر؟
الأسئلة الاستنباطية ليست أفضل شيء بهذه المواقف كِدت أن أتفوه بسؤآل واحد وهو «لِم، ما الذي سيحدث؟» ولكن شيء ما جعلني اصمت وابتسم قائلة «على طريقتك إذًا» لا أعلم إن كان هدا الجواب الصحيح لتلك جملة ثقيلة على قلبي كُل ما أردت فعله أن أنسى مساويء تلك الجُملة وأن أُركِز على أنها قد تكون جملة جيدة تعني شيء حسن، من الممكن أنه أراد فقط أخذي بموعد أحلامي، كلن الصمت سيد الموقف طوال رحلتنا بالسيارة وحتى رواية القصة ليس لدي وقتًا لهل، سأتركها لـ ريا، ستعرف أن تروي ما الذي سيحدُث أفضل منّي.. فأنا أخاف أن تخونني دموعي!
كول وفابيولا قررا أن لا يتحدثا عن تلك الجُملة طوال الطريق للمكان، أوقف كول السيارة وفتح الباب لفابيولا، لحظة!
من أين لِـ كول تلك السيارة؟
لنعود لقصتنا أفضل ثُم يمكنني سؤاله لاحقًا..
الهواء الليلي كان باردًا ومنعشًا بينما كان كول وفابيولا يسيران يدًا بيد عبر شوارع حي ديستيلري المضيئة بشكل خافت في تورونتو. كانت مصابيح الغاز القديمة تلقي ضوءًا دافئًا على الأحجار المرصوفة، وصوت موسيقى الجاز الخافت يأتي من مقهى قريب. نظر كول إلى فابيولا، عيناها تلمعان بالحماس، غير واعية بالعاصفة التي تدور في ذهنه.
«لنجرب القهوة هنا»
اقترح كول، واصطحبها إلى مقهى صغير يقع بين المعارض الفنية.
جلسا بجوار النافذة، يشاهدان العالم في الخارج بينما يحتسيان مشروباتهما، والحوار يتدفق بلا عناء. ابتسامة كول كانت صادقة، لكن عينيه كشفتا عن حزن لا يستطيع إخفاءه.
بعد المشروبات، توجهوا إلى جزر تورونتو.
كان كول لا يمكنه التركيز فيما حوله من شدة ما يدور في ذهنه وكانت فابيولا فقط فرِحة لأنها مع كول ولأن كول قد عرف كُل تلك الأماكن ليجعل يومها أفضل
الأفق المدني كان يتلألأ كالملايين من الألماس عبر الماء، وفابيولا استندت على السور، مبهورة بالمشهد. وقف كول بجانبها، وقلبه مثقل بالكلمات التي لم تُقل.
«أتعرِف؟ كُنت أكره ترونتو ولكِنّي بدأت أراها بعين مُختلفة اليوم، بعينك التي كانت تصورها يمينًا ويسارًا، وما أجمل المشهد بعيناك!»
تحدثت فابيولا مشدوهة وكان كول في حالة صدمة لسببين، أولًا هل تعرف فابيولا حقًا أن تقول حديثًا شاعريًا مِثل هذا؟ الثاني كان لأن فابيولا إعترفت أنها تحب تفاصيله وأنها غيرت نظرتها لشيء من الحياة فَقط لأجله، هل سقطت في الحُب؟ رباه لا !
لا يريدها أن تُحبه الآن سيشعر بالذنب الرهيب إن فعلّت، وإن كان بحاجة حُبها له كحاجتها للاكسچين
استأجروا دراجات وركبوا على طول المسارات الهادئة كانت فابيولا تسبق كول بالدراجة وتضحك وهو ينظر لها مُكتفيًا بسعادتها فَيصمُت ويحاول أن لا يُسرِع، فهو يريدها المُنتصرة ويُحب ثوب الانتصار عليها!
كان القمر يلقي ضوءًا فضيًا على الطريق أمامهم. ضحكوا ومرحوا، وأصواتهم تتردد في السكون الليلي. في النهاية، وجدوا مكانًا منعزلًا
على الشاطئ، حيث بسطوا بطانية واستلقوا، ينظران إلى النجوم.
«كول أيها المُخادع، من أين لك بتلك البطانية؟ هل أنت رومانسيًا سريًا وقد خططت كُل هذا المَوعِد لي؟ هل أردت إرعابي فقط لكي أستمتع بكُل هذا الجمال؟ سُحقًا لك فقد شعرت للحظة بأنك ستنهي علاقتك بي!»
قالت فابيولا مُبتسمة بينما تضرب كول ضربة خفيفة وتضحك، حاول كول الابتسام ولكِن ثقل قلبه يُشعره أنه حتى الابتسام چُرم كبير، لا يستحقه هُو وأمثاله، لاحظت فابيولا اكتئابه فنظرت له ثُم استندت برأسها على كتفه بهدوء
«إنه جميل هنا»
همست فابيولا، ورأسها على كتف كول. أومأ كول برأسه، محاولاً ابتلاع الصعوبة في صوته. كان هذا مثاليًا، لكن جعل ما يجب أن يقوله أكثر صعوبة.
العشاء كان في مطعم على الواجهة البحرية، حيث جلسا على طاولة تطل على برج CN، أضواؤه تومض كمنارة في الليل. تناولا أطباقًا شهية، وللحظة، سمح كول لنفسه أن ينسى. لكن مع مرور الليل، ضاق
عليه واقع مغادرته.
كان ينظُر لها، مِثالية بفُستانها الذي لن ترتديه قبل معرفته، بشخصيتها التي حاولت تغييرها فقط من أجله وقد كان يعلم داخليًا أنها محاولتها الأولى لفعل ذلك لِرجُل، فقد كان يعرفها قبلًا ولكن منذ مسافة بعيدة، كُل شيء بها هذا المساء لطيفًا ومثاليًا، كأن قدره يخبره بكُل الطُرق أنه لا يستحقها فقد كانت أفضل منه بكثير، قد دبت الحياة بعيناها اللامعة، ويدها التي تمسك يده كأنّها تحاول إخباره أنه نصفها الآخر، آه لو علمتي كم أن نصفك الآخر مُعطب، كم أنه لا يستحقك..
«فابيولا»
بدأ بصوت بالكاد يكون همسًا بينما كانا يسيران على طول الواجهة البحرية بعد العشاء، مُمسكان بيدا بعضهما ويد فاببولا تلتف حول خصره، في هذه الليلة المشؤومة قد قررت فابيولا أن تلقي بكل حواجزها بالبحر وتظهر له بمظهر العاشقة، وكان هذا يجعله يشعر بالذنب أكثر فأكثَر..
«هناك شيء يجب أن أخبرك به.»
توقفت ونظرت إليه، والقلق يتسلل إلى عينيها. «ما الأمر، كول؟»
أخذ نفسًا عميقًا، محاولاً تهدئة صوته المرتجف. «هذا... هذا هو موعدنا الأخير. سأغادر تورونتو.»
اتسعت عينا فابيولا بصدمة. «ماذا؟ لماذا لم تخبرني من قبل؟»
نظر كول بعيدًا، والارتباك والحزن باتا واضحين. «لم أعرف كيف أخبرك. اعتقدت... اعتقدت أنني أستطيع التعامل مع الأمر. لكن الحقيقة هي أن هناك أكثر من مجرد مغادرتي.»
«ماذا تعني؟» سألت، صوتها يرتجف، يدها تترك خصره بهدوء
وبطيء، يمكنه الشعور بيدها المرتجفة..
كانت تحاول رفع عيناها حتى لا تسقط دموعها وسقطت دمعة خائنة..
نظر إليها مجددًا، وقلبه ينكسر عند رؤية دموعها.
«لا أستطيع شرح كل شيء الآن، لكن اعلمي فقط أنه ليس فقط بشأن انتقالي. هناك شيء آخر، شيء لا أستطيع مشاركته الآن.»
دموع فابيولا سالت بحرية الآن، واتخذت خطوة للخلف.
«كول، لا أفهم.»
مد يده، ساحبًا إياها إلى حضنه.
«أعلم. أنا آسف جدًا، فابيولا. أتمنى لو كانت الأمور مختلفة.»
وقفا هناك، ملتفين بأذرع بعضهما، وأضواء المدينة تتلألأ في أعينهما. العالم من حولهم بدا وكأنه يتلاشى، تاركًا إياهما فقط في تلك اللحظة من الحزن والحب.
أخيرًا، توجها إلى برج CN. كانت الرحلة في المصعد صامتة، والتوتر يملأ الجو. على منصة المراقبة، وقفا جنبًا إلى جنب، ينظران إلى
الميناء الذي كان ملعبهما لفترة طويلة..
«سأشتاق لهذا المكان» قالت فابيولا بهدوء.
«وأنا أيضًا»
رد كول، وصوته مختنق بالعاطفة.
بينما كانا يحدقان في المدينة المترامية تحتهم، أخذ كول يد فابيولا في يده، ممسكًا بها بقوة وكأنما يمكنه بذلك تجميد الوقت وإبقائهما معًا لبعض الوقت الإضافي.
في مطعم 360، تشاركا مشروبًا هادئًا، يشاهدان المدينة تدور ببطء حولهما. عقل كول كان مشغولاً بكل ما يود قوله لكنه لا يستطيع. بدلاً
من ذلك، اكتفى بإمساك يدها، يقدر كل ثانية بقيت لهما.
كانت فابيولا تشعر أن كول قد دمج الكثير من المواعيد التي أراد أن يذهب معها بِها بهذا الموعد الكبير، الموعد الحزين جدًا..
عندما انتهت الليلة أخيرًا، وقفا خارج برج CN، المدينة نابضة بالحياة بالأضواء والأصوات. استدار كول إلى فابيولا، وعيناه ممتلئتان بالدموع التي لم تُذرف بعد.
«فابيولا، مهما ذهبت، ستكونين دائمًا في قلبي.»
كانت تلك الكلمات تجعل قلبها يخفق بشدة، كانت تلك الكلمات التي شعرت أنها تخلع قلبها من مكانه، هل لن يكون هناك كول غدًا؟ هل انتهى كُل شيء؟ يال حياتها التي تشبه الرواية ولكِنّها بالطبع رواية حزينة!
«وأنت أيضًا في قلبي، كول.»
تبادلا نظرة طويلة، كل منهما يرى الحزن في عيون الآخر. اقترب كول ببطء، ورغم الثقل في قلبه، انحنى نحوها. شعرت فابيولا بدفء أنفاسه على وجهها قبل أن تلتقي شفاههما بلطف. كانت القبلة حلوة، بطعم الدموع المالحة والذكريات الجميلة التي تجمعت بينهما.
بدأت دموع فابيولا تتساقط أكثر بينما كانت تشعر بملمس شفتيه الناعم على شفتيها، وكان قلبها ينبض بشدة، مختلطاً بالحزن والحنين. رغم الألم، أحاطت ذراعيها حول عنقه، متمنية أن لا ينتهي هذا اللحظة أبداً.
كول، بدوره، شعر بحرارة دموعها على خديه، وكان يحاول أن ينقل كل مشاعره في تلك القبلة، كل الحب الذي يحمله لها وكل الأسف على ما سيأتي. عندما ابتعد ببطء، بقى قريبا منها، جبينه مستندًا إلى جبينها، همس بصوت مليء بالعاطفة: «أنا آسف»
نظرت إليه بعينيها الممتلئتين بالدموع، ولكنها لم تتفوه بكلمة. كانت القبلة مليئة بالحب والحزن، تذكار دائم على ما فقدوه وما كان يمكن أن
يكون.
كان هذا من المفترض أن يكون نهاية لِهذه القصة أو على الأقل لهذا الفصل مِن الحياة الخاصة بِهم ولكِن هل تأتي المصائب فُرادى؟
بينما كان كُول يُفكر في إعادة فابيولا للمنزل سالمة لأنها لم تبدو بحالة جيدة لتعود للمنزل وحدها، سقطت فابيولا، سقطت ولم يستطع كول افاقتها
صرح بأعلى ما يُمكنه، كان يحاول إفاقتها وقد لعبت الظنون بِه، ليأتي غريب ناظرًا إليه
«من فضلك ابتعد، أنا طبيب»
أمسك الفتى بيد فابيولا محاولًا معرفة النبض ثُم نظر بهدوء لكول الميت قلقًا..
«هل هي مريضة سُكر؟»
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro