Touch It
«ألمسها»
فجرا آخرا أسقطته السماء، يوم جديد منهزم وحاضر بائس، تجهّزت للآتي، وتحسرت للماضي، كلّ نتفة من عمري تركت سعادتها لأجله تبرّأت منها. يَدينُ بحياته لي!
قلبي معه وعقلي ضده!
لا يمكنني الخوض في معركة لا جنود فيها، كلّ ما أملكه هذا الجنين المُتكدس داخل رحميّ.
لقد مرّرت بتجارب كثيرة وسعيت في درب قُطع صلّة الرّحم منه، إنهيار ما بعد الوقوف طويلا، إنطفاء مُرعب ما بعد توهجات متتاليه، إستسلام مفاجئ ما بعد حروب ونضال، وهدوء قاتل ما بعد ضجيج مزمن.
كنت جالسة على كرسي من الخشب، تركّد أمامها العديد من الأشجار، تلوّح لها رياح هيجاء فتهتزّ على عطر فوّاح، عامّة الطلاب يراقبون تصرفاتي والبعض يسخر من طريقة تناولي للطعام.
لقد انتشرت شائعة قبيحة عني وأنّي أستنكر ما جرى، لقد تخلّص منها بسهولة، وأنا تصفحت الألم بتعابير وجهي، لقد خُذلت وأتهمت بالدعارة والسقوط واصبحت مغتصبة قاصِرة، أغوي الراشدين وأجرّهم إلى أحضاني في عتمة الليل وهو البريء الّذي يخشى تقربه من أجسادنا. إلى أيّ مدى سيصل هذا الشعب؟
عُقبت بفصل مؤقت وثم عدت إلى الدراسة، لم تعد حياتي كالسابق فأنا أعاني من التنمر المستمر من مختلف المراحل الدراسية ومن المدرسين أيضا. خاصة بعد أن شُخصّ ألم معدتي بالطفل فلقب العاهرة صار ملازما لي.
لحظات من البؤس حتّى بلغتني رسالة من ليز.
" أين انتِ؟ قلبت المدرسة رأسا على عقب كي أجدك، أنتِ بخير؟ ".
لا داعِ أن تسأل عن حالي، فلا شيء قد تغير. لمست سطح بطني وثرثرت.
" نازعت عائلتي بسببك، لا أدري لما أبقيتك داخلي، كان عليّ قذفك من البداية، فأنت كأمك ستبقى عاهرا حتّى موتك ".
أتلفت شرائح اللحم الممدّدة في أحضاني ورميتها في سلة المهملات، السير في هكذا أجواء يساعدني على النموّ والراحة، فالمكان يتدفئ بجسدي كلّ صباح. أسير خطوة خلف أخرى وإذ بشيء كبير يحطّ فوق رأسي ويفقدني التوازن، سقطت وتألمت ولكني حافظت على طفلي، ألتفيت أنظر إلى مصدر الكرة ورأيته شابا يافعا.
" ما بك ألا ترى شخصا واقفا هنا؟ ".
ضحك باستهتار ولمس كتفي بيديه يجرّني إلى صدره.
" تشه! عاهرة ".
استمر على نوبة حماقته وغادر، حسنا على الأقل لم يطلب مني ليلة. غادرت المكان متجهة إلى الفصل الدراسي، فكلنا نترقب ظهور مُدرسنا الجديد في بداية الحصة.
حسنا، لا انتظر منه شيء فالكادر التدريس سيرّقد في عقله قصة الفتاة المغتصبة وأنا سأكون المذنبة عنده على أيّة حال. تجاوزت الألقاب والتحرش الّتي تخرج من الطلاب ناحيتي وقبعت في مكاني أطمس وجهي بين يداي، الإنتظار ممل، والساعة تدور حول محورها كالسلحفاة، كيف سينتهي يوم فاسد كهذا؟
انقطع صوت البلبلة، وعمّ الهدوء في الفصل فاتضح لي قدوم جسده إلى المنصة، شاركت الطلاب في تحيّة الصباح ودمّرني الغثيان~
دفعت مقعدي على عجلة وتركت الفصل دون إستأذان، لم يتحمل جسدي كمية التقزّز الّتي فاضت في داخلي، فأخرجت التعفّن من بين حنجرتي وأنا أتلوى ألما، كأنّي أُخرج أحشائي!
في فترة غيابي من الحصة، سمعت الأستاذ يسأل الطلبة عن وضعي، كنت قريبة من الباب وتنصّت على حديثهم بالصدفة.
" ما خطبها؟ أهي مريضة؟ ".
أتى رد من المقعد الأخير.
" أنّها حامل ".
حملت وجهي أُطالع الأستاذ، كانت الصدمة تفترش على محياه، أظن بأن القصة لم تصله بعد.
" حامل! كيف؟ ".
شخص ما أراد التكلم وبتر الشاب الجالس بجانب النافذة كلامه.
" أنّها أمور خاصة، لما لا تلتزم بحل واجباتك المدرسية بدل أن تصرّح الحالات المرضيّة لدى البشر ".
أعرف هذا الرجل، دائما يساعدني عندما أقع بين حشد من المتنمرين، أظن أسمه كيونغسو!
" ما اسمك إيّها الطالب".
أعدت سمعي إليهم وترقّبت سماع أسمه.
" كيونغسو، دو كيونغسو".
كنت أعرف، أن الشخص الحسن والودود معي لا يضرّني بشيء أتذكره حتّى إذ كنت في عالم موازي. طرقت الباب وهمهمت للدخول حتّى منعني صوته.
" قفي عند الباب وارفعي يديكِ، عقاب على ما فعلتهِ قبل لحظات ".
لئيم، ألم يسمع الطلبة بشأن حمّلي أم أنّه تشاغل عنها؟
" استاذ كما تعرف أنا لا...... ".
قاطعني بحقارة.
" قفي دون كلام ".
أنزل رأسه يطالع الكتاب وأكمل ثرثرته.
" خرجت دون أذن وعدت أيضا، بأيّ حق تجلسين على الكرسي؟ ".
نبرته قاسية على طفلة ألا يمكنه مسامحتي، كنت على عجلة من أمري.
" كنت سأتقيأ في الفصل ".
صرخ فانتفض جسدي، حسّيت باسنانه تضرب بعضها من الغضب فالتفيت بسرعة واعطيته ظهري، سأصنع المستحيل لتجنب المشاكل، فمعظم سكان المدرسة لا يُرحبون بوجودي بينهم. كانت ضحكات الطّلبة تدّق في سمعي، ومنهم من يتكلم عني بالسوء. نظرت إلى جانبي ولمحته ينظر لي، عيناه تُسعفني، كأنّها تطمئن قلبي. ابتسم وحول نظراته إلى الأمام وأخذ يدرس. يبدو أن هناك من يفضل وجودي معه.
عليّ عبور هذه المرحلة الّتي سبّبت هدم حياتي، أعرف أنّ عبورها لأمر حتميّ، لكنه ثقيل في الروح، لا مواساة تزحزّه ولا ضحكه تلّونه، جاثٍ على صدري كشيء قديم أثره باقٍ للأبد.
مرّت خمسة عشر دقيقة والجافّ يأبى قعودي، تسلّل الوجع في قدمي وعاد الغثيان، الحمل يأثر عليّ بشكل سلبيّ. ألزمت نفسي للتحمّل قليلا وتعذّبت، لا ادري إلى أيّ مدى يريد إبقاء جسدي هكذا، هذا جرّم بحق الإنسانية! لم اتحمّل بقاء جسدي واقفا فركضت مسرعة إلى باب الخروج.
تجرّعت حديثه بصعوبة وتجاوزت صرخاته، أتطّلع إلى ما سيحدث فيما بعد، فلن يعدي هذا الموقف على خير. بقيت في الحمام لمدة طويلة، ليس تجنبا للموقف الّذي وقع مع الاستاذ الجديد، بل الغثيان الّذي تزوج معدتي هذا اليوم. وقفت أمام المرآة أنظر إلى نفسي، بت لا أشبه نفسي، تغيرت كثيرا، الضعف خطّط مسيرته عليّ والدمار الّذي حاوط عيني شنيع! متّى سأنتهي من هذه القصة؟ متّى سأرتاح من حياتي؟
أسوأ ما في الأمر أنّي اضطُررت لتغيير جميع احتمالات المستقبل مرّة واحدة، كنت اتخيّل أشياء معتادة وفجأة حُرمت من التفكير. فتحت الباب وخرجت، الممر فارغ لا حياة فيه، جميل أظن أن الدرس لم ينتهي بعد~
" مصرّ حظّي على إيقاعي فالمشاكل ".
طرقت باب الفصل ورأيته يشقّ رأسي بنظراته، رمى القلم أرضا وصوب حركاته عليّ، لقد نلت حصّة من اهتماماته سأكون جزءا لا يتجزّأ من حياته.
" إلى المدير فورا ".
حظّ جيد، غيره يبعثني إلى المدير مباشرة بعد دخوله إلى الحصّة. حاولت التملّص من العقاب فأن ولجت إلى مكتبه الآن سأطرد من المدرسة.
" لدي عذر يا استاذ، لا يمكنك التصرف هكذا ".
" هل قام أحد بضربك على يدك أم جبرك على الزواج؟ ".
اشتعل الطقس بالضحك فأتى صوت مُستفز من الخلف.
" متزوجة! ألا تعلم القصة حقا؟ ".
عبثت عيناه بوجهي ووجه السؤال لي:
" لا أعلم، ما بكِ؟ ".
حاولت التكلم ومرة أخرى قاطعني شخص أرعن.
" أنّها مغتصبة أحذر منها ".
تعالت الضحكات في المكان وأشعرني هذا بالإحراج، لا أريد من سمعتي أن تصل إلى هذه المرحلة، لا داعِ أن يثرثر الناس بكلام فارغ، عليهم أن يُراعوا الظروف الّتي أمر بها، فأنا أموت كلّ دقيقة من شدّة الألم، قضيت أياما دون أن يعلم أحد بما أشعُر به، ولم يلمح خرابي حتّى أعز أصدقائي.
قبضت على أصابعي وأنزلت رأسي إلى الأسفل، بالكاد كبحت دموعي!
رأيته يتقرب مني فعدت خطوة إلى الوراء، لا يزال رهاب الرجال يرافقني، فمن بعد أن تعدى الاستاذ عليّ، بدأت أتقزّز من الرجال عامّة.
" ارجوك لا تقترب، دع فارقا كبيرا بيننا وأكمل حديثك معي وأن أنتهيت فخذني إلى المدير رجاءا، فأنا لم يعد باستطاعتي الوقوف ".
خلع نظراته وسار قُبالتي، سحبت نفسي وراءه وأُذني تصغي لشراسة الطُلاب. لفّ رأسه ناحيتي وصغّر المسافة الّتي بيننا، في كلّ ثاني من مسيرتنا الهادئة كان يلتفت حذرا من سقوطي، وأظن القدر قد سبق الحذر هذه المرة، فأنا أشعر بجفاء جفنايّ وإرهاق جسدي، العبء الّذي يركد داخلي ثقيل جدا ولا يمكنني تحمله، أسينتهي بي المطاف هكذا؟ أستنتشر شائعة أخرى بحقي؟
سأفقد الوعي وسأكون قصة بعنوان عاهرة الاستاذ الجديد.
تربّعت على الأرض وعينايّ ثُقِلت، كلّ شيء من حولي قد أشتدّد به الظلام، وحتّى أنفاسي بُرِدت. شعرت بإتصال يداه بخدي وطفق صوته يضمحل رويدا رويدا.
قصة ترفة قادمة، ولقب جديد ينتظر بزوغ روحي°
حمل جسدي وهرول به إلى قسم التمّريض، رائحته كالمسّك، وعظم ترقوتّه فتّان، فمن فرط حلاوته بت لا أرى سواه، أهو متزوج؟
حطّ بدني على السرير وانتظر المُّمرضة تفحص معدل الخطورة في جسدي، فسألها بتعجّل.
" أهي بخير؟ ".
أجابته.
" ضغط دمها منخفض، ولديّها ضربات مهاجرة، لكن لا تخف فهذا شيء طبيعي للمرأة الحامل ".
لما أشعر بالإحراج منه؟ كلما شرع أحد بذكر أمر الطفل أمامه أدفن وجهي بتراب العالم.
" حسنا إذا سأغادر، سأترك الأمر لك اعتني بها جيدا ".
لمح وجهي للحظة وكأنّه يقول أنا لست ضعيفا فلا تهدّدي عيني بالنار حتى لا اجعلك رمادا.
ترك الغرفة وبقيت وحدي، أغمضت عيني لأسترجع ماضيّ لهذا اليوم، قد كنت بخير قبل أن ينحرف طوله عليّ، لقد كان أول استاذا جديدا يوصلني إلى هذه المرحلة من الإنهيار، وقد تسبب في الكثير من المشاكل لي، كيف سأقضي حياتي الدراسية معه؟
بعيداً عن الحقد، أنا لا أغفر لمن تعمد كسري.
•
سربرايززز بامبي 💙
نزلت أول بارت من رواية هي ملكي، اتمنى يعجبكم 💙
لا تحكموا على الرواية من بدايتها فلحد هسه الاحداث راكدة لم نصل إلى الذروة بعد.
رأيكم بلوليا؟
بيكهيون بصفته الاستاذ الجديد للمدرسة؟
كيونغسو وما دوره داخل محور الرواية؟
صديقتها ليز رح تكثر طلعاتها بالرواية فانتظروها.
رأيكم بالبارت ككل وتوقعاتكم للقادم؟
دمتم بخير 💙
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro