" الخوف "
النظر إلى وجوه الطلاب لا تُعطي إشارة للخير، الغضب يعلو فوق رؤوسهم، نظرة واحدة من تشانيول جعلت مساوئهم تظهر.
ساقطة، دائما توقعنا في المشاكل، لن يؤثر غيابها علينا فلترقدّ في بيتها.
بالتأكيد لن ترقدّ هناك فلا يمكنها رؤيه الاستاذ بارك جيدا، وايضا لا يمكنها التحرش بالاستاذ بيون.
دُمِرت نفسيتي بسببهم، عليّ المكوث في المنزل هذه الأيام، أنا متعبه لا يمكنني تحمل عصبيتهم. إنني أفتقد النّسخة القديمة من نفسي، رغم أنها كانت أغبى وأجهل، لكنني كنت سعيدة معها.
جلست في مقعدي بعد أن انقضت المدة الّتي طرحها علينا تشانيول وعيني لم تتطاول مع عينيه، يكفي إنني جلبت العار لنفسي وهذا يكفي، لا اريد المزيد، سأقضي وقتي في الحصص واغادر سريعا، من الافضل لي أن أتجاوزهم هذه الفترة.
التفت أنظر إلى كيونغسو ووجدته يُناظرني ببؤس، عينيه تتحدث معي ولا يمكنني فهمها، الشاب الوحيد الذي اعتمد عليه في المدرسة وأن غدرني؛ وقتها سيكون الربّ في عوني.
بغتة صعقني الفتى الّذي يجلس خلفي ووضع كفه كاملا على وجهي، ضربته مؤلمه إلى حدّ النزيف!
نزف أنفي من شدّة الضربة!
حقا! إنني احتاج إلى هذا الدم وانت جعلته يخرج مني؟
وضعت يدي على أنفي ورفعت رأسي، علّى النزيف يتوقف، حاولت الحديث مع تشانيول وعجزت، كان يرى لكنه ينتظر الأذن. يظن إنني بدونه حطّام، رفقا بذاتك تشانيول، فأنت معدوم بالنسبة لي.
يعجبه سقوطي لكني سأفاجئه بالأقوى. دفعت مقعدي بعيدا وغادرت الفصل راكضة، حاول منعي بيديه لكني كنت أسرع منه بردة الفعل. لن يتخطى الموضوع إلا بعقاب.
توقفت عند خزانتي واخرجت منها بعض القطن، لحظات من الهدوء حتّى عمّ الضجيج في المكان، يد ضخمة حطّت فوق بوابة الخزانة واغلقتها بقوة، شعّ الغضب من وجهه وما عسى أن يكون غيره.
ماذا تفعل الساقطة هنا، لديك محاضرة أوليس؟
لما المقرفين دائما في طريقي؟
لمس خدي بيديه وأزحته عني
من أذى أنفك هكذا؟
لا تقترب مني.
أنزلت رأسي إلى الأرض، فسرعان ما تكتلت الدموع في عينايّ، شهقة تتلو الأخرى حتّى تشكلت كهيئة صراخ خفيف، الألم تكدس فيّ وانفجر عليه.
انظري أنا لم أقصد إيذائك في الحديث، كنت ارغب بمعرفة الشخص الّذي تعدى عليك بالضرب ول...
لا يهمني أيّ شيء، ما أعنيه يخصني انا، ما تفهمه يخصك أنت، انتهت المشكلة.
تركته يجرّ حسرة تلو الأخرى دون توقف.
قد تحملت أكثر من طاقتي وأظنها ستنفجر في أيّ يوم. قبعت في مكاني الخاص وتأملت سكون الحديقه، الشجر والزهور تفوح منهما رائحة زكية، لم اتصور يوما أن شمّ عطر الطبيعة قد يجلب الهدوء إلى نفسي.
ماذا تفعلين هنا وحدك؟
صوته الرجولي قطع تأملي وافزعني!
اتأمل الطبيعة، مكاني الخلّاب، وحدها من تمدني بالطاقة.
جلس بجانبي ورمى جلّ نظره للسماء.
فعلا الطبيعة مكان جميل.
همهمت والابتسامة تشق وجهي، اغمضت عيني ورفعت رأسي نحو السماء انظر إليها كما يفعل.
جميلة جدا.
جميلة حقا.
احسست به يناظرني فدحرجت رأسي إليه وسرعان ما رفع رأسه عاليا وابتسم.
لما انت خارج فصلك؟
شعرت بالغثيان وانفي اصابه الذعر من محاضرة استاذ بارك فظل يخرّ دم حتّى خروجي من حصّته.
الوضع بات مقلقا بالنسبة لكِ صحيح؟
شقّت شفتي نصف ابتسامة واجبت
هناك حقائق مزورة وتخيلات حقيقية.
نهضت وازلت كومة التراب من تنورتي.
هناك سببٌ ما لا تعلمه، يجعل ما يحدث منطقيًا.
استقام من الأرض وهمّ يسألني.
أين عائلتك في هكذا موقف؟ لما لا يقدمون لك العون في هذه المسئلة؟
عن أيّ مسئلة تتحدث؟ الطفل أم تشانيول؟
كِلاهما.
ضحكت واظن أن ضحكتي استفزته، رفع يديه ناحية كتفي وأخذ يهزّني.
لا تضحكي، طفولتك لا يمكنك السكوت عنها.
دفعت يديه عن خاصتي ونسيت أنّه استاذ معنا فكلامي معه كان حادّا.
طفولة! أفعاله الصبيانية جعلتني ناضجه، وكلامهم أيضا.
كلّ الكلام متأرجح حتّى تثبته المواقف.
سأغادر.
حينما أوشكت على المغادرة منعتني يديه.
كوني واثقة إنني سأظهر برائتك.
تظهر أو لا، لن تنفعني بشيء.
اكملت دربي دون عقبة، قدري مكتوب ولن يؤثر عليه أحد، أن قادني القدر إلى التهلكة سأصلحه بنفسي وأن كانت التهلكة الاختيار الصائب سأسير على خطاها حتّى يُبان الحق.
لما كنتِ معه؟
خفق قلبي من كلامه، تشانيول يظهر لي من العدم وتركيزه في حياتي يسبب المشاكل. تابعت ما كنت افعله وفاجئني غضبه.
سألتك فأجيبي.
تابعت دون اكتراث، أغلغل اصابعي بين الكتب الموجود في الخزانه، أحاول بدافع الكبرياء أن أسخر أكثر مما أحزن. بت أشمّ رائحة غضبه.
سحب جسدي بين جدارين والمؤكد أن الكاميرات لا تعمل في هذا الجزء من المّمر. لحّم جسده في صدري وهمس قرب شفتي غاضبا.
سألتك ماذا كنت تفعلين مع بيكهيون؟
أهملت الحديث معه فصكّ أسنانه ولقف الحائط بيديه.
حسنا لا تردي، لكن أن وجدت جسدك اللعين عنده...
ماذا ستفعل؟ تقتلني! أقتلني علّي أتخلص منك.
تعدّى على جزء من أذني ودمجه مع شفتيه، يقبّل ويعضّ، أسنانه تهرش عظمتي.
هذه نبذة عن العقاب، خُذي الحيطة مرة أخرى.
لمس فخذي بكفه وترك قُبّلة مقرفة فوق شفتي ثم فارقني قائلا:
أراقب تحركاتك في كل مكان.
إمتثلت أقلّد طريقة حديثه فردّ جسده إلى الوراء وقال:
ماذا قلتي؟
أحدث طفلي عن أباه المتغطرس.
قصّي له حكايتك معي وأشرحي له مدى قوة والده، من أول اللحظات تركته عالقا في رحمك.
ساقط وضيع
ملامحك الغاضبة تدل على شتمك لي.
ظن بي ماشئت، اهلاً بحسنة لم أعمل لها.
تخلّيت عنه وذهبت إلى الفصل كي أحمل حقيبتي وأغادر، لن يطول وجودي هنا.
في البيت كنت قد جلست وحيدة في غرفة النوم انتظر قدوم ليز، أقلب الكتب وجسدي مُّمدد على السرير، تارة احدث طفلي وتارة أفكر في مستقبلي معه، وحده التفكير يرعبني. لحظات حتّى شعّ هاتفي يعلن عن قدوم رسالة، حملته بين يدي وقرأت الاسم، أنّها من ليز.
* اهلا لولي *
* اهلا *
قرأتها وأخذت تكتب.
* انا وكيونغسو سنذهب لحفلة أحد الأصدقاء، تأتين؟ *
* لم يرسلوا لي أيّة دعوة *
* اممم بلى أرسل دعوة وخاصة أيضا *
* خاصة! تشانيول أوليس؟ *
* أقسم بحياة طفلك أنّه شخص آخر *
* حسنا، متى ستبدأ؟ *
* سنأتي أنا وكيونغسو ونأخذك بعد عشر دقائق *
عشر دقائق لن تكفي لأجهز نفسي. قفزت من السرير اتجه للخزانة، أدمت النظر إليها وفطنت إنني لا امتلك فساتين لمثل هذه الحفلات، فاخرجت قميص يظهر نصف بطني يتّسم بلون أحمر فاقع وتنورة سوداء قصيرة.
لا اظنها مناسبة.
عبست وفزعت في آن واحد، دُفعت الباب فجأة وبرز جسد ليز من خلفها.
لوليا تأخرنا أسرعي قليلا.
أفزعتني ليز كان عليك طرق الباب أولا، ثم إنني لا امتلك ملابس جيدة لهذا الحفل، جميعها مُعيبة.
هذا الزي مناسب لك ارتدتيه.
لكنه مكشوف كثيرا!
تأففت ورمت الملابس في وجهي.
جميلة ارتديها.
حملته بين يدي، أنّه نفس الزّي الّذي اغتصبني به تشانيول، لا اعرف لما احتفظت به، ألكونه هدية عزيزة من شخص عزيز؟
سأرتدي هذا القميص مع هذه التنورة، تبدو مناسبة اكثر.
ليز كلّ أصدقائي، أشعر أن روحي خفيفة معها.
غادرت المنزل مع كيونغسو وليز، أشعر بعدم الارتياح، بغتة يدعوني إلى حفلة وبدعوة خاصة! أليس هذا غريبا بعض الشيء؟
قطع شرود عقلي سؤال كيونغسو.
أسف على التدخل لكن بأي شهر أنت الآن؟
ذهبت أنا وليز قبل فترة وقد تبين إنني في شهري الثالث.
أوه، لقد لاحظت بروز بطنك من خلال هذه الملابس، تبدين جميلة بها.
ضربت ليز كتفه مازحة.
لا تتغزل بأحد غيري.
أسف حبيبتي، أحاول تسلّيتها قليلا.
تجنبتهم وسكنت أراقب الطريق، آوت يداي بطني وأخذت أمسح عليها، برزت بالفعل.
بعد حين وصلنا إلى البيت المطلوب، كان فخما وكبيرا، أيّ صديق يمتلك هكذا بيت في المدرسة؟
واو! بيت من هذا؟
أجابني كيونغسو
ستعرفين فيما بعد.
بدأت أقلق، أمسكت ليز بيدي وقادتني خلفها إلى البيت. ما أن ولجت في الداخل أحسست بشيء غريب يضرب قلبي، أنظر هنا وهناك، وجوه أعرفها، كلهم مدعوون، الطلّبة هنا!
تركت يد ليز وازدردت لعابي، الذعر سيطر عليّ، بت أعرف من صاحب الحفلة، لا داعي للتستر.
فطنت على صوت فتاة أتى من خلفي.
عاهرة الاستاذ بارك هنا، لا شكّ في قدومك أظنك من قائمة الراقصين لهذه الليلة.
ضحكت وضحك جميع أصدقائها، لا أعرف كيف أصيغ جوابي فأشعر أن لساني قد أبتلعه القط.
أين ليز وكيونغسو كانا هنا قبل لحظات ؟
سحبني شخص إلى أحضانه وحطّ يديه فوق بطني وأعتصرها عاجّ في أذني.
بطنها منتفخه، ما رأيك أن نفرقعها لك؟
تلّويت تحت يديه، يحتضنني بقوة وكأن يديه سلاسل ملتفة حولي، آلهي خلصني منهم، أتيت إلى حفل أم لألقي حتفي!
دفعني عن جسده فالتصقت بآخر، جذّبني من طرف قميصي ووضع يديه فوق فمي وأخذ يضغط عليه.
لطالما كرهتك وكرهت تصرفاتك الشنعية في المدرسة، والآن انت تحت رحمتي.
تجمعت الدموع في مقلتايّ، البكاء اليوم لا يحتاج سببًا ليبدأ، بل ليتوقف.
إلى هذه الدرجة هم يكرهونني؟
دروسك، حب الأساتذة لك و كلّ شيء فيك كان يزعجني، ليس وحدي بل الجميع، أنت عار علينا وعلى المدرسة.
بدأت أشعر بالضيق، حرارة دموعي تفقدني أعصابي، الرؤية إضمحلّت وتنفسي تعسّر وبت أشعر بتقلصات حادّة في معدتي، سأفقد طفلي لا محالة.
من أنت لتحكم على أسلوب حياتي أعرف أنني لست مثالية، ولكن قبل البدء بتوجيه أصابع الاتهام تأكد بأن يديك نظيفة.
لم يعجبه تطاول لساني عليه فتغلغلت أصابعه في شعري وشدّه بقوة قائلا:
لكم حرية الشتّم والضرب.
أرجوك لا، دعني أغادر.
ضحكوا وسخروا مني، سابقا كنت اعتقد أنّهم يحبون بقائي عندهم، كنت أظن إنني جزء منهم، وأخاف كلّ ليلة من خسارتهم بينما الآن أدعوا بعدهم عني.
أتت فتاة من بعيد وجسدها يشتعل غضبا، دون سابق تصور صفعت خدي وتركت ألما شديدا عليه ليس فقط أحمرارا.
ابتعدي عن الاستاذ بارك وتوقفي عن ملاحقته.
أخفضت رأسي إلى الأرض، أهذه هي الدعوة الخاصة الّتي ذكرتها ليز؟ أهانتي!
دموعي لا تنفك عن التوقف، تسيل كأنّها بحرا، أحبس شهقاتي وأجاهد كي لا أخرجها. نفس الشخص الّذي يقيدني بدأ يتحارش بي، يديه تفترش فوق صدري وفمه يتحسس رقبتي، كلّ جزء فيّ قد مات، لا يمكنني الحركة. حرك يداه باتجاه بطني وإلى الأسفل بشكل مستمر، حاول نيل ما يريد ومنعه كيونغسو.
ابعد يدك عنها أيّها اللعين.
أردت الوقوع لولا جسد ليز الّذي صدني.
خذيني بعيدا عن هذا المكان، أرجوك.
نبرة صوتي كانت شبه معدومة لكنها سمعت ما كنت أقوله واحتضنتي. تمشي وأمشي معها والأحساس بمن حولي تائه، لمحت ظله من بعيد يتأمل والدخان من فمه يتطاير، كلما سقط احد من عيني اتضحت رؤياي. حطّت ليز جسدي في السيارة وجلست في المقدمة تنتظر قدوم كيونغسو.
أنا آسفة، ما كنت أعرف أن نيتهم هكذا، ظننت أنهم يريدون التعايش معك.
بقيت شاردة الذهن ولم أتفوّه بأيّ كلمة، بدأت أشعر أن المشكلة هي وجودي بينهم، ربما أن أختفيت عنهم سيعود كلّ شيء إلى طبيعته. ما أردته لنفسي ليس الّذي حدث قبل دقائق ولكنهم غيروا كلّ شيء لأحزن.
الخطأ الفادح الّذي ارتكبته بحق نفسي، سماحي لأمور عدة أن تمُر مرور الكرام، وضعت الكثير من الفواصل، وكان عليّ وضع نقطة وإنهاء كل شيء ببساطة، اكتشفت إنني أمضي في الوجهة الخاطئة واستمراري في المضي أقنع نفسي أنّ شيء ما قد يحدث، إطالت البقاء في أماكن لا تشبهني وتحمّلت أشياء فوق طاقتي، تجاهلت تحذير قلبي وعدم اطمئنانه، لقد كذّبت نفسي واستمرّيت على ما أنا عليه حتّى نفذت طاقتي، لم أعد أقوى على الكلام ، لم يعد باستطاعتي الإعتراض وتدارك أحداث وصلت إلى نهايتها، لقد أنهَيت نفسي بنفسي..!
مرّ ثلاثة شهور على وقوع الانفجار ومن وقتها أنا لم أغادر المنزل، دروسي تركتها والمدرسة أمتنعت عنها، كلّ يوم تأتي لي رسالة تهديد من جميع الطلبة، عليّ ترك المدرسة وإلا ننشر صورك عارية عبر مواقع التواصل كلها، ومنهم من يرغب بقتلي.
ليز وكيونغسو يقضيان معظم الأوقات معي ومعظمها خارج البيت، تخبرني ليز أن المدرسة كلها تبحث عني وتشانيول يصارع نفسه لإيجادي، ويريد بيكهيون أن يخصص وقتا لرؤيتي. لطالما اعتبرته استاذا لطيفا وإلى الآن هو كذلك في نظري.
اليوم سأعرف جنس الطفل الّذي احمله ببطني، أن كان ولد أو بنت أنا سألده على خير وأسلمه إلى إحدى العوائل الّتي تعاني من العقم، سيكون بأفضل حال وهو بعيدا عنّا، فأنا لا يمكنني تربيته وحدي ووالده عاق لا يستحق أن يكون أب.
كنت جالسة أنتظر قدوم ليز كالعادة كي نغادر، اتأمل صفاء السماء، ليتني كنت إحدى النجوم، ليتني لم أولد في هذه الحياة كإنسان، حينها فقط سأشعر بالارتياح.
ليز لم تغير عادتها ودفعت الباب على مصرعيه وجعلتني انتفض من شدّة الرعب.
ليز توقفي عن العبث معي، لا احتمل مشاغبتك الدائمة لي.
انهضي انهضي، لا احتمل الانتظار لأعرف جنس طفلك.
حماسها يشجعني على ابقاء الطفل لي، حملت حقيبتي وغادرت معها. اقترحت عليها أن نسير، ووافقت دون تذمر، مرت فترة طويلة على خروجنا معا.
متى زواجك أنت وكيونغسو.
اختفت ضحكتها فور أن نطقت بالسؤال.
لا أظنه يريدني كزوجة له.
كلّ الرجال هكذا، يأخذون منك ما يريدون وبعدها يغادرون.
كيونغسو ليس كباقي الرجال وأنت تعرفين هذا، مجرد أنّه يريد أن يستقر ماديا وبعدها يقرّر.
همهمت لها فتابعت حديثها:
لا تقارني باقي الرجال بتشانيول، هذا مغتصب وأنت من جعلت له مكانة في حياتك، أبقائك لهذا الطفل يعد جريمة بحقه وبحقك.
لا تذكري أسمه، أخشى أن يظهر من العدم.
توقفت عن السير وضمّت يديها إلى صدرها.
وتظنين أنّه لا يبحث عنك؟ كلّ يوم يتشاجر مع الاستاذ بيون ظنّا أنّه يحتجزك عنده، ناهيك عن ملاحقته الدائمة لي ليعرف أين تسكنين، خلال هذه الثلاثة أشهر يحتجزني عنده لساعات ويجلس يستجوبني أنا وكيونغسو.
تجمعت الدموع في عينايّ، وقبل أن تسقط الدموع حطّيت يدايّ فوق وجهي. سماع خطوات أقدامها تقترب مني واحتضانها لي أولجّ في صدري الكثير من الدفئ.
لولي لا تبكي، المقصد من كلامي أن عليك أخذ الحيطة، تشانيول خطر عليك وعلينا، وأنا خائفة لما سيحصل في هذه الفترة، تشانيول مجنون، عبثتي مع الشخص الخطأ، مستعد أن يضحي بنا في سبيل إيجادك.
جلست أبكي في أحضانها كطفلة صغيرة، أشهق وأصرخ في آن واحد، الحسرة الّتي كانت حبيسة صدري خرجت، عانيت كثيرا، والطفل يجعلني مغلولة أكثر.
ما ذنبي إنني وقعت بين يديه!
من دون الطالبات أختارني أنا، حتّى إنني لم أغريه ليلاحقني كالكلب المجنون.
ذنبك أنّك فاتنة كثيرا، جسدك وحده يغري.
ابتسمت ابتسامة خفيفة فضربتني على كتفي متحمسة.
دعيك من هذا الأرعن، لدينا مشروع آخر علينا القيام به.
الوحيدة الّتي تدبّ الحماس فيّ لأعرف جنس جنيني.
حسنا لنذهب.
سرنا مدة طويلة، كافية بأن تجعلني أنجب وأنا في شهري الخامس. ولجّنا إلى العيادة وجلسنا ننتظر حتّى حان دوري. امسكت ليز بيدي وقادتني إلى الغرفة، افترشت على السرير وانتظرت الطبيبة.
حينما وضعت السونار على بطني ورأيت صورته الصغيرة في الشاشة دمعت عينايّ، بالكاد جمعت الحروف في فمي وتكلمت:
ليز انظري كم هو جميل، أنه ابني، طفلي الصغير.
انا اراه يا لولي اراه.
كمية السعادة الّتي تفوح من قلبي لم تكن طبيعية، صورة واحدة له أزاحت الهم مني ماذا سأفعل عندما أراه بين يداي؟
قطعني صوت الطبيبة قائلة:
نحتاج توقعيك على هذه الأوراق وتوقيع الأب كذلك.
أدرت رأسي ناحية ليز وهزت براسها كي أخذها منها، سحبت الورقة من يد الطبيبة واعتصرتها ثم نظرت إليها.
ما بداخلكِ بنت، نبضها طبيعي وصحتها جيدة، بقى جسدكِ أنتِ، تعانين من فقر الدم لدرجة أن جسدكِ ضعيف بسببه، تعانين من نقص في الفيتامينات سأعطيك علاجات يمكنها ان تمنع الضعف من جسدك ولكن هذا لا يعني أن الخطر زال منك، منذ شهورك الأولى وأنا أقول حملكِ ضعيف وقد يشكل خطر عليكِ.
ازالت نظرها عني ووجهته لليز.
اعتني بها، فأنا أرى حالتها النفسيه تتدهور في كلّ شهر تزورني به، ربما ان تعالجت حالتها النفسيه تقوى وترتاح.
حسنا سأعتني بها جيدا.
نهضنا لنخرج وحديثها صعقني.
على والده أن يأتي لنتحدث قليلا عن مشاكلها الصحية ربما يغير من مزاجيتها قليلا.
اردت الحديث ومنعتني قرصة من ليز.
سيأتي معها في الجلسة المقبلة، لا بأس بهذا؟
حسنا.
غادرت العيادة مع ليز وكان كيونغسو وبيكهيون ينتظرانا في الخارج. كنت في حالة من الصدمة، كان كافيًا أن أتراجع خطوتين لتبدو كل الأشياء التي أحببتها يومًا ما، في غاية السخف.
أكل شيء على ما يرام لوليا؟
ما أن نفخ حديثه في أذني استوعبت من يكون، قفزت عليه أشدّه بين أحضاني، لا ادري أن كنت أحضنه من الخوف أم أحتياجي إلى حضن عميق مثل حضنه! أرى به الطمأنينة، كما لو أنه المكان المناسب لروحي، كحياة معزولة هادئة.
والآخريتلف جزء من روحي، كلما رايت خياله في عيني.
ما بها؟
خطفني سؤال كيونغسو من أحضان بيكهيون وابتعدت عنه أصلح فستاني الّذي خرب بحضنته.
آسفة لم اقصد فعل ذلك.
لا بأس لطالما ارتاح قلبك.
انزلت رأسي خجلا وامسكت بطرف فستاني، اتمنى أن تقرأ ليز أفكاري وتقرر المغادرة.
دعنا نذهب كيونغسو، لولي متعبة وتحتاج بعض الراحة، وهذه بعض الادوية أذهب إلى الصيدلية واشتري ما مكتوب بها.
أنا سأشتري الأدوية لها.
رفعت رأسي صوبه ووقعت عيني على عينيه.
ما من داعِ أنا سأشتري الدواء.
دعني أشعر أنني منكم لما دائما تحسسني أنني غريب؟
لأنك كذلك.
صرحت ليز غاضبة.
كيونغسو!
ماذا ألا يكون غريبا بالنسبة لنا؟
أنّه أستاذنا، ناهيك أنّه يرغب بمساعدتنا فلما لا تدعه يساعد؟
رمى ورقة الدواء في وجه بيكهيون وغادر إلى السيارة، ضحكت على ردة فعله يبدو لطيفا وهو غاضب. اعدت بصري إلى بيكهيون وشكرته.
شكرا على موقفك هذا لن انساه حتّى مماتي.
لم افعل شيء هذا أقل ما يمكنني فعله لكِ أيتها الصغيرة.
ابتسمت له وجرّتني ليز للمغادرة.
بالمناسبة انشغلنا في الحديث ونسيتي أن تبوحي لنا بجنس جنينك.
أنّها فتاة.
ردي كان صادما بالنسبة إليه، بعد حين اعتلت البسمة محيّاه وقال:
يبدو أنّكِ ستلدين فتاة مصغرة عنكِ.
اتمنى ذلك.
سحبتني ليز مرة أخرى وودت لو ابقى أكثر معه.
يبدو أن طفلتنا كبرت ووقعت في الحب.
قبل أن استوعب حديثها المفاجئ صرح كيونغسو.
ستكون غبية أن حصل ذلك.
يبدو أنني غبية بالفعل!
وضعت رأسي على النافذة وتنهدت، ليس عدلا أن لانلتقي، فبعد مدة طويلة من فقدان الأمل عاد لي من جديد.
•
بعد أن حل الليل، اغلقت ستائر الشقة وجلست اشاهد التلفاز وحدي، ليز وكيونغسو يقضيان وقتهما معا، ليتني استطيع قضاء وقتي مثلهم.
جرّيت حسرة من قلبي وأخذت أقشر الموزة لحظات حتّى رن جرس البيت، ظننته بيكهيون فهرعت إليه سريعا، ما أن وصلت إلى الباب شيء ما شدّني ونبهني أن أرى من الطارق أولا وفعلتها دون شعور.
ماذا يفعل عند شقتي؟ من أعطاه العنوان؟
طرق الباب قويا ففزعت، قوة الضربة انتشلتني من الضياع إلى الواقع، ركضت ناحية الهاتف واتصلت بليز.
ردي ليز ردي.
يداي ترتجف والانتظار صعب، لا يمكنني انتظارها لترد فذهب أصبعي لرقم بيكهيون واتصلت عليه.
انتظرت ثوان ثم رد:
مرحبا أيتّ...
قاطعته فلا وقت للحديث.
تعال بسرعة إلى شقتي، ت...تشانيول يقف خارجا.
حسنا لا تفتحي الباب ابدا اجلسي في مكانك لن اتأخر عليكِ.
ارجوك تعال بسرعة.
أراد اغلاق الخط ومنعته.
ابقى معي لا تغلقه.
حسنا.
بقيت جالسة في مكاني وانا اسمع طرقاته للباب وصرخاته العالية، ما وضع الجيران؟
حبيبتي، أخرجي لي أنا أنتظرك.
تفاديت صرخاته وذهبت صوب الباب أرى ما يحدث، خرج جارنا الوسيم إليه قائلا:
يكفي أزعاج، من أنت؟
أنا زوج هذه الفتاة الّتي تسكن هنا.
تقصد تلك الحامل؟
نعم هي كذلك.
لكنني أعرف أنّها أم عزباء ما وضعك أنت؟
سمعت بيكهيون يتحدث فحملت الهاتف إلى أذني.
أحصل شيء؟
ل..لا فقط حديث بين جارنا والآخر.
لا تخرجي أنا قادم.
أكون حمقاء إذا خرجت الآن، الثور وصل إلى نشوته في الغضب.
لوليا افتحي الباب لا نريد أن نزعج جيراننا أكثر.
ألا ترى أن المنزل فارغ لما لا تذهب أيّها السيد.
حدثت ضوضاء كثيرة في الممر وخرج الكثير من الجيران عليه فحطّ سمومه في مسامعي وغادر.
سنلتقي لا محالة وقتها ستعرفين من يكون تشانيول أيتّها العاهرة.
غادر واستقر جسدي أمام النافذة، رأيت سيارة بيكهيون تصف في الكراج ونظرات تشانيول ترتكز عليه، هل سيعدي الموقف هذا على خير؟
نزل بيكهيون من السيارة ولا يزال تشانيول يراقبه، نظراته لا تبث بالطمأنينة بصلّة وهذا ما أخاف منه. رن جرس البيت وانتشل جثتي من امام النافذة.
أنتِ بخير؟
هزيت رأسي وسمحته له بالدخول، بينما انشغلت يداي بغلق الباب أخذ بيكهيون جولة في المنزل.
شقتكِ لطيفة.
ليست شقتي، أنّها لليز.
ذوقها جميل.
التف ناحيتي وامسك كتفي.
ماذا كان يريد منكِ؟
بلعت ما في جوفي خوفا من حركته إلى أن حسّ على أفعاله وسحب يديه.
آسف أفرطت في خوفي.
لا بأس.
جلست على الأريكة الّتي تقابله وشابكت أصابعي، هذه عادتي عندما أتوتر وتشانيول كان كافيا لأفقد أعصابي.
هذا المكان لم يعد آمنا بالنسبة لكِ، عليكِ الابتعاد عنه.
سيأتيان ليز وكيونغسو بعدها نتخذ خطوة للأمام، هما الوحيدان الذين لديهما الحق في حياتي.
شعرت بركلة خفيفة في بطني وبلا وعي قلت:
لقد ركلتني.
كردة فعل سريعة منه تقدم لي ووضع يديه على بطني يتحسس ركلاتها. رفرف قلبه فرحا بعدما ركلت يداه.
أحساس رائع، لقد ضربتني متضايقة وكأنّها تريد أبعاد يدي عنها.
تجاوزت فرحتي واستوعبت ما يحدث وربما قد استوعب هو الآخر، شيئا فشيئا سحب يداه عني وجلس يتأمل وجهي. كل هذا القمح في وجنتيه، لكن الجوع يأكل قلبي.
دعيني أنظر إلى عينيكِ بألف رمشة
بحجة الصداقة.
خطف قلبي من نظراته الناعسة وجمع شتات روحي بكلامه.
يقال أن المرء إذا عشق فتاة سمراء، ستصيبه لعنة رائحة البن المنثور على وجنتيها كلّما ابتسمت.
ضحكت وسمح لأصابعي بالتغلغل في جوف شعره وبعثرته قائلة:
أنني بحاجة لكلام مثل هذا.
خسئتي أيتّها الصغيرة، أنني موجود، سأتصل بكِ يوميا لأسمعكِ مثل هذا الحديث.
تأملت وجهه، جميل وقت حديثه وأجمل عندما يبتسم. عيناه تهزني من أساسي إلى رأسي، هونًا على قلبي أيّها الشقيّ.
أنظر من يحبّ بالخفاء، منذ متى وأنتما على هذا الحبّ؟
دفعت بيكهيون عني ونهضت أخاطب ليز، ضحكت وادركت فعلتي.
أنا بخير لم يحصل معي شيء.
آسفة، آسفة.
مددت يداي ناحيته فابعدها.
أن اتكأت عليكِ سنقع أنا وانتِ، يكفيكِ الوزن الّذي تحمليه في رحمكِ.
لوليا تستمر بفعل المصائب بك وتستمر بالاعتذار.
طالما هي الّتي ترمي المصائب عليّ؛ فأهلا بمصائب الدنيا.
رفرفت اهدابها وعجّ المكان بصرخاتها.
أخيرا وجدت لولي من يحبّها ويعتني بها هكذا ستعم الطمأنينة في قلبي
ليس ما تظنيه، أتصلت خوفا من تشانيول وأخذتها فرصة لاعطائها الدواء.
ملامح وجهها تحولت لقلق وامسكت بكفي قائلة:
كيف أتى تشانيول إلى هنا؟
هل تأذيتي في مكان ما؟
لا تكف عن طرح الأسئلة حتّى أنّي لا أملك وقتًا لإجابتها~
•
سلااام 🚶♀️
طولت عليكم لهذا طولت البارت 🥲🫶🏼
رأيكم بالبارت؟
وشنو تتوقعكم للجاي؟
مع السلامة 🫶🏼
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro