الفصل الرابع و الثلاثون
مرحبا بالقراء الغاليين
استمتعوا بالفصل
*
أيام السعادة تمر بسرعة كبيرة و تباغثنا دقائقها و ساعاتها
مرت الأيام علينا و نحن نحاول ترتيب الحياة و حتى الأفكار و لكن هناك البعض يبقى ثابت مكانه
و هذا الرجل يتقبل كل أفكاري، يتحمل كل سقطاتي و حتى جنوني في الأوقات الحرجة
منذ أسبوع كان موعد دورتي و كنت متوترة أكثر من أي مرة و أشعر أنني أغضب بسرعة فتشاجرنا، علت الأصوات و كانت سوف تتناطح الرؤوس و فجأة و الشجار محتدم هو توقف قائلا
" لحظة كارن "
وقتها كنت أرفع الملعقة الخشبية في وجهه و هو يرفع المدلاك الغليظ
" ماذا ؟ "
" هل أنتِ بدورتكِ ؟ "
توسعت عينيّ بسبب جرأته و قلت معكرة حاجبيّ
" و هل هذا وقت سؤالك هذا ؟ "
" أخبريني و إلا .. "
قالها مهددا بالمدلاك فأجبته صارخة في وجهه
" أجل ... أنا في دورتي و أريد أن أقتلك فهل أنت سعيد الآن ؟ "
وضع المدلاك على الطاولة بجانبه ثم اقترب ليأخذ عني الملعقة الخشبية و وضعها بجانبه كذلك ثم بسط ذراعيه لي قائلا
" اقفزي هنا سوف أهتم بكِ "
عبست ... امتدت شفتيّ و شعرت أنني أريد البكاء و هذا عارض من عوارض الدورة لدي
" أجلي البكاء لوقت لاحق كارن أدري أنكن تحببن البكاء في هذا الوقت من الشهر "
" أيها الوغد زير النساء "
قلتها مقتربة و هو حملني ثم سار متجها نحو الأريكة في غرفة المعيشة، أسندت رأسي على صدره و بكيت و هو قهقه بمتعة الوغد قائلا
" سوف أحضر لك مشروبا ساخن ... أنت لا تعانين من الآلام أليس كذلك ؟ "
" عانيت منها صباحا يا زير النساء "
وضعني على الأريكة مرتبا لي الوسادة تحت رأسي أما مونستر وقف بجانبه ينبح و هو استقام قائلا
" سوف أحضر لك غطاء و أعود "
غادر يحضر الغطاء و أنا بقيت مكاني و مونسر مثلما تعود أسند رأسه على جانب الأريكة و عوى فابتسمت و وضعت كفي على رأسه
" لا تخف مونستر أنا بخير ... "
لم يغب لوقتٍ طويل حتى عاد و هو يحمل الغطاء الذي وضعه عليّ، بعدها انصرف إلى المطبخ و سمعت فقط الأصوات و في النهاية هو اقترب يحمل صينية عليها كوب شرابٍ ساخن كما قال و جلس بجانبي ليأخذه من الصينية يقربه إليّ
" خذي اشربي و سوف ترتاحين "
اعتدلت آخذه منه، ضممت الفنجان بكفيّ معا و قلت بينما أنظر داخل عينيه المترقبة
" آسفة على صراخي عليكَ "
" يمكنكِ أن تصرخي مادمت في دورتكِ الشهرية "
" توقف "
قربت مني الفنجان و ارتشفت منه قليلا ثم رفعت نظراتي اليه و قلت هذه المرة مؤنبة مشيرة له
" كم مرة أخبرتك أن ترتدي قميصا في المنزل ؟ "
" هل عدنا من جديد ؟ "
" أجل عدنا فلا يجب أن تتجول عاريا في البيت "
" عاري يعني لا ألبس شيء و أنا ألبس بنطالي و سروالي الداخلي "
وقتها لا أدري ما الذي أصابني، لم أقل شيء و قربت مني الكوب مشيحة عنه ... حسنا لقد نظرت اليه بجانبية و دون أن ينتبه لي و رأيت في مخيلتي شيء لا يجب أن أراه أبدا حينها شعرت أن الحرارة سيطرت عليّ و هو عكر حاجبيه عندما انتبه لاحمرار وجهي
" ماذا هل هذا تغير في الطقس لديكِ ؟ "
إنه غير معقول تماما لكنني أحبه و أحب جنونه ... أحب قلة حيائه و أنفه الذي يدسه في أموري، هذه كانت واحدة من ذكريات الأيام التي مضت و أنا أحببت دفئه و اهتمامه بي ... لقد تحجج بمرضي يومها و أنني بحاجة لحنانه و أن عليه مواساتي خصوصا عندما تعمد وضع فلما حزين لنشاهده معا و بعدها تمدد بجانبي و ضمني له، كان يمسح لي دموعي و يقبل رأسي ... المشكلة أنني لست شخصية عاطفية و لا أبكي عادة مهما كان ما أشاهد حزين و من هنا غادرت الذكرى
كنت أرتدي بنطال من القماش المخملي أسود اللون فوقه سترة من ذات القماش و كان التصميم راقي جدا و ملكيُّ لكنه في ذات الوقت عملي و غير مزعج و الأهم أنه محتشم و الأسلوب الذي أحبه
اليوم هو افتتاح الصالة الجديدة و قد نظمت حفل افتتاح و استقبال على مستوى عالي، دعوت الكثير من صفوة المجتمع و المشاهير ... ولا ننسى أن تشانيول بات واحدا من هؤلاء المشاهير، لقد عملنا على حسابه في الأنستغرام و في ظرف أسابيع قليلة هو سيبلغ المليون متابع، إن قوته لا تمزح و لا أعلم لما لم ينتبه لكل ما يملك و يستغله من قبل
شعري كنت أرفعه ذيل حصان و بعض الخصلات المهملة تتدلى و قد طلبت من المصفف أن يضع لي غرة حتى تجعلني أبدو أصغر ... لا أريد أن يقول الجميع أنه أصغر مني، نحن لم نعلن مواعدتنا و الجميع يعتقد أنني لست سوى رئيسته و مديرة أعماله لكن أريد أن يقول الجميع في سرهم أنهم يعتقدون أننا نناسب بعضنا
وضعت حلقي فضي اللون و كان عبارة عن قمر غير مكتمل، تصميمه بسيط و حجمه صغير غير لافت لكنه قطعة نادرة و أنا ورثته عن جدتي فهي كانت تحب هذا النوع من المجوهرات، تفقدت مظهري في المرآة حينها رنّ هاتفي و كان أبي فابتسمت و أنا أحمل الهاتف مجيبة ... علاقنا تحسنت كثيرا و مع هذا التحسن بدأت الكثير من مخاوفي تختفي
" مرحبا أبي "
" أهلا ابنتي ... كيف حالك ؟ "
" أنا بخير ماذا عنك ؟ كيف تقضي وقتك ؟ "
" بفضلك أقضي وقتا رائع كارن ... أنا ممتن لك ابنتي "
ابتسمت محدقة في نفسي بالمرآة لأرد
" لا تقل هذا أبي المهم أن تكون مستمتع و أن تكون السيدة كيم سعيدة "
" إنها سعيدة فهي لا تتوقف عن التجول ... الجزيرة أعجبتها و هي تشكركِ على هذه الرحلة "
" و أنا أشكرها لأنها تحب أبي و تسامح جميع زلاته "
" كارن .. "
قالها بعتاب فابتسمت ثم قلت
" تمنيت لو كنتَ معنا في مثل هذا اليوم "
" لا بأس لقد هاتفت تشانيول و هنأته و عندما نعود سوف ندعوكما "
" حسنا سوف أنتظر اتصالكَ "
" و أنا أريد أن أحدثكِ بخصوص حفل الزفاف الذي تجاهلتِه "
" أبي يجب نذهب الآن لنتحدث لاحقا "
قلتها لأنهي الاتصال فهو منذ مدة يئن قائلا يريد زفافا، اذا علم أننا كذبنا عليه سوف يغضب و أنا لا أريد أن تتعكر علاقتي مع أبي كما أنني أريد الحفاظ على صورتي بعينه و احترامي كذلك ... حتى لو كان يقول أنه رجل بعقل منفتح لكن أنا لا أريد أن أتصرف كفتاة غير مسؤولة
أخذت حقيبتي الصغيرة، كانت سوداء و تشبه السترة في الزخرفة، وضعت داخلها هاتفي و عندما التفت فتح الباب و أطل منه تشانيول الذي ابتسم قائلا
" أوه سيدة بارك ما هذه الأناقة "
قلبت عينيّ بملل و التفت من جديد للمرآة و هو تقدم حتى وقف خلفي حينها رفعت نظراتي له عبر المرآة قائلة
" أنا لست السيدة بارك ... "
فوضع كفيه على كتفيّ و ابتسم مجيبا
" مهما قاومتِ و تظاهرتي في النهاية لا بد لكِ أن تحملي هذا الاسم "
التفت له فأبعد كفيه عن كتفيّ حينها تجاهلت ما قاله ... إن ما قاله يسعدني و لكنني أحاول عدم اظهار فرحتي و حماسي لتعبيره عن حبه لي و سعادته بجانبي، هل تدرون مدى الفرح و الراحة و حتى الأمان الذي جعلهم في حياتي ؟ ببساطة إنها أمور أشعر بها و لا يمكنني وصفها، فقط يمكن رؤيتها على وجهي و تصرفاتي
" دعكَ من الترهات و أخبرني، هل أعجبتك البذلة التي اخترتها لأجلكَ ؟ "
" حياتنا ترهات يا كارن ؟ ... حسنا سوف أسايرك "
قالها ثم التفت يتفقد مظهره في المرآة و قال ببسمة
" إنها رائعة ... سوف نكون ثنائي اليوم "
قالها ليضم خصري و جذبني له فابتسمت محدقة بنا و قال
" تعجبني تسريحتك اليوم "
" حقا ؟ "
" أجل ... تبدين جميلة جدا "
" شكرا لك تشان "
" أخبريني الآن ؟ "
قالها ليلتفت لي و جعلني ألتفت له ممسكا بكفيّ بعد أن وضع الحقيبة التي أخذها مني على طاولة الزينة
" متى تنوين السماح لي الانتقال إلى غرفتكِ "
" ليس قريبا "
" لنتزوج فأنت تعرفينني و أنا أعرفكِ "
" لا ... نحن لا يزال أمامنا طريق طويل و يجب أن نسير به "
" لكن العمر يمضي يا كارن "
" نحن سوف ننجب مثلما اتفقنا منذ البداية "
" لكنني أريد الآن التخلي عن العقد "
هنا أنا توقفت برهة مفكرة
" حسنا الأمور تغيرت أعترف و لكن لنتريث قليلا "
" نتريث فيما يا كارن ؟ "
" دعنا نصور باقي الجلسات مع شركة السيد مين أولا و نرى أداء الصالة بعد بدأ العمل فيها "
" لعلمكِ فقط نحن عندما نتزوج سوف ننتقل إلى بيت آخر "
" لا يمكنني ترك هذا البيت ... إنه أغلى ذكرى من جدتي "
" أنا أحاول أن أخبركِ أنني لن أعتمد عليكِ، مالكِ افعلي به ما تشائين و أنا سوف أكون المسؤول عنكِ و عن كل ما يخصكِ "
ابتسمت شادة على كفيه ثم رفعت كفه و قبلت ظهرها ليبتسم فضمني له و قبل جانب رأسي
" كوني مطمئنة و أنتِ بجواري ... أنا سوف أكرس نفسي لكِ "
ضممت خصره بذراعيّ و بابتسامة مجيبة قوله
" امنحني بعض الوقت ... أنت تدري أنه ليس سهلا أن تغير كل قناعاتك و فكرك بسهولة "
" المهم لديّ أن تكوني مرتاحة ولا تشعرين بالثقل ... قد أبدو لحوحا في بعض الأوقات لكن تحمليني فأنتِ الجانب العاقل في علاقتنا "
ابتعدت قليلا فقط رافعة رأسي نحوه ثم ابتسمت قائلة
" و أنت قلب و مشاعر هذا الحب "
" أحبكِ يا هتلر "
ضحكت ثم أسندت رأسي على صدره من جديد مغمضة عينيّ ... لا ثقل ولا خوف يسكن قلبي، أشعر أنني تحررت بعد أن كنت أحبسني في سجن البؤس و اليأس معتقدة أنني أجنبني الخيبة
" أحبكَ ... أيها الرجل الحنون "
" ماذا ؟ "
قالها بصدمة مبعدا اياي عنه ممسكا بذراعي محدقا في وجهي
" ما الذي قلته كارن ؟ "
و بابتسامة أجبته عندما ضممت بكفيّ وجنتيه
" أنا أحبكَ تشانيول ... أحبكَ جدا "
" هل أنتِ واثقة مما تقولينه ؟ "
" كل الثقة صدقني ... أريد فقط أن أضعني في حضنك و أشعر بكفك على رأسي، ذلك هو كل الأمان الذي أريد الشعور به "
*
كارن دائما تفاجؤني بتصرفاتها و أفعالها، و اليوم فاجأتني باعترافها أخيرا أنها تحبني
لقد كنت واثقا من مشاعرها لأن الحب لديه علامات و هي كلها كانت ظاهرة عليها لكنني انتظرتُ بشوق مثل هذه اللحظة و لم أعتقد أنها ستتحقق قريبا فالأمر مع كارن يمكن أن يأخذ سنين و أنا كنت مستعد للانتظار إلا أنها كافأتني هذه الليلة
قبلتها بجنون و دفعتها بقوة حتى كان ظهرها للجدار و هي بعد جهد تمكنت من ابعادي متنهدة بقوة و مقلتيها كانت تحدق بعينيّ بلمعة البراءة الموجودة في ملامحها مهما بدت جديّة
" لن أخذلكِ يا كارن ... صدقيني "
" أنا أصدقك "
" أدري ... "
ابتسمت و حركت ابهامها على وجنتي فأغمضت عينيّ مميلا رأسي على كفها التي تحتضن وجنتي ... لا يمكنني نكران أنني أشعر بالأمان جانبها، تملأني السكينة و الاطمئنان في لحظات تلمس كفها وجنتي أو تمسك بكفي
" لا تعلمين ما الذي فعلتِه بي في هذه اللحظة كارن "
" منحتكَ قلبي فكن شديد الحرص عليه "
فتحت عينيّ ثم أمسكت بمعصم كفها تلك و حركت رأسي أقبل باطنها
" لقد اشتريت خاتما لكِ و أردت تقديمه لكِ أثناء حفل الافتتاح لكنني ترددت و شعرت أنكِ ستغضبين رغم تشتجيع مي سون "
" هل تود خطبتي ؟ "
" أجل ... "
" أنا لا أحب مشاركة أموري مع الناس ... أحب أن نكون أنا و أنت فقط "
" مثل الآن ؟ "
" لا مانع لدي "
قالتها ببسمة و الدموع التي تتجمع في عينيها كلما زارتها الفرحة فابتسمت ثم ابتعدت مخرجا علبة الخاتم، فتحتها و قدمته لها، نظرت اليه ثم رفعت نظراتها لي و تساءلت
" كم قيمة الخاتم ؟ "
" أفضل ألا تعلمي حتى لا تقتليني "
و كأن نبرتها تغيرت و بدت غير راضية
" تشانيول أنا جادة ... هل استخدمتَ كل أموالك ؟ "
" لا أريد أن أخبركِ ... أريد فقط أن أكون سعيدا بما قدمته لكِ "
و باعتراض قالت
" و لكن تشانيول لما فعلت هذا ؟ أنا سوف أكون سعيدة بمحبس فضي مكتوب عليه اسمكَ صدقني "
" لا أريد ن أشعر بالنقص ... أنا رجل و يمكنني أن أقدم لامرأتي ما يليق بها ثم لا تنسي كل العروض التي تُقدم لي "
" تشانيول هذا المجال غير مضمون لذا كان يجب عليكَ أن تستثمر المال "
" أنا أستثمرته بالفعل ... هيا لا تفسدي سعادتي به و بكِ، البسيه و دعينا نغادر فقد تأخرنا "
تنهدت و كانت ملامحها عابسة فقلت
" سوف أغضب منكِ حقا يا كارن "
رفعت نظراتها من جديد لي و تساءلت
" هل هذا يسعدك حقا ؟ "
" لا تتصورين مدى سعادتي به "
" آسفة على رد فعلي "
" دعيني أضعه لكِ و سوف أقبل أسفكِ "
ابتسمت و قدمت لي كفها، وضعته في اصبعها ثم قبلته و رفعت نظراتي لها لتقول
" أحبك أيها الأحمق "
" ليس بقدر ما أحبكِ يا هتلر صدقيني "
عندما يكون الأمر متعلق بها فأنا أتجرد من كل شيء و أكون رهن اشارة مشاعري و قلبي الذي يدق لها وحدها ... ليس لدي سبب واضح لأحبها أنا فقط أحبها دون شروط أو قيود
من جديد اقتربت منها مقبلا شفتيها و هي بادلتني دون أن تكون خائفة ... دون أن تكون هناك مشاعر مثقلة أو حتى أخرى حزينة، كارن اليوم سعيدة بوجودي في حياتها و باهتمام والدها الذي كان النقطة السوداء في حياتها إلا انها سامحته بسرعة فهي كانت بحاجة حضنه
ابتعدت عنها فابتسمت لتقول
" لنذهب فاليوم الحياة تغيرت "
نهاية الفصل الرابع و الثلاثون من
" جولة "
بالمناسبة الهدوء الذي يسود الفصول لن يدوم و قد يتغير من الفصل القادم
إلى أن نلتقي في فصل جديد كونوا بخير و كثفوا التصويت
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro