بوادِر الاهتِمام| ٠٢
بعدَ أن فجَّر تشانيول قنبلةً ما حُمِدت عقباها، إذ أغميَ على والدته جرَّاء ارتفاع الضَّغط، وكاد والده يُصاب بذبحةٍ صدريَّة، اصطَحب صديقَه الَّذي أقحَمه في هذِه الغوغاء العائليَّة إلى غُرفتِه، كانت فِعلته تِلك القَشَّة الَّتي قصَمت جميعَ الشُّكوك. اقتَفاه الأخير مثل الغائب عن الوَعي، ما يزال يُحاول استيعابَ ما جرى بالأسفَل، وما إذا كانَ تشانيول جادًّا أم لا، يرجو بصدقٍ لو أنَّه يمتلِك تفسيرًا مُقنِعًا، يعصِمه عن صبِّ جمِّ غصبِه عليه.
بات مُوقِنًا أنَّ المشاكِل تلاحقه، كأنَّه يعاقَب على جرائم لم يقترِفها، وإلَّا لما سلكت حياتُه هذا المنحى، لن يستَغرِب إن لحَد القَدر صداقتَهما عِندَ هذا الحدّ، فهُو لن يرَضى بتحوُّلٍ شاذٍّ في علاقتِهما، صحيحٌ أنَّ لوسيل آذت مشاعِره، لكِنَّه لم يُفكِّر للحظةٍ في أن ينتبِذ بالذُّكور ملجأً، من جِهةٍ أخرى تذكَّر كم يهوى صديقُه الإناث، مهما تعرَّض للخيانَة لا يتوب عنهنّ، يستحيل أن تَعبث الخيانة بميولِ أحدٍ وتحوِّله إلى مثليّ بينَ عشيَّة وضُحاها!
انتَظر بصبرٍ أن يختليا ببعضِهما، أن يلتفِت تشانيول نحوَه بابتسامتِه العريضَة، ويُخبره أنَّه مُجرَّد مقلبٍ ترحيبيّ، وما إن أوصَد الباب خلفهُما حتَّى تكتَّف.
«سعيدٌ بعودتِك يا رجُل.»
«تدين لي بتفسيرٍ عمَّا قلته هناك، من الأفضَل ألَّا تكون قد عنيته، وألَّا يكون مقلبًا أيضًا.»
رمقه تشانيول ببؤس، لعلَّه يكسب تعاطفه، فقد بدا الأسطورة غاضبًا بشكلٍ لم يعهَده عنه، غير أنَّ نظراته اضطرَّته للاستِعجالِ في البوح.
«أخبرتك ذاتَ مرَّة أنِّي أواعد امرأةً من الطَّبقة الدُّنيا، تُدعى تشو مييون، حينَما طلبت الإذن من عائلَتي لأرتبط بها رسميًّا قوبِلت بالرَّفض، ومنذ ذلك الحين شرعت والِدتي في تنفيذ ما تُشاهده في الدّراما على حبيبَتي المِسكينَة...»
أخذَ نفسًا عميقًا ثمَّ لخَّص السَّبب في جملةٍ يتيمَة، مُتخلِّيًا عن عُنصر التّشويق.
«أرَدت تلقينَهم درسًا قاسِيًا، ليدرِكوا أنَّ ارتباطي من امرأةٍ فقيرة ليسَ الاحتمالَ الأسوأ.»
سرى الاطمِئنان في صدرِ بيكهيون؛ رغمَ معرفته الطَّويلة بتشانيول، عجزَ عن الجزمِ بأنَّ كلامه ليسَ سطحيًّا كما بدا، بَل له جذورًا عميقَة، وكم خشيَ أن يخسرَ صديقَه!
ضيَّق جفنيه وتظاهَر بالاستِياء.
«أي أنَّك خطَّطت لكلِّ شيءٍ قبل أن تتّصِل بي، هل تعرَّضتُ للاستِغلالِ توًّا؟»
«ما كُنتَ لترفُض مُساعَدتي بالطَّبع.»
رمَش ببراءَةٍ عِدَّة مرَّات، بيكهيون الَّذي يعرفه سيُقفل الخطَّ في وجهه بنزقٍ لو تفوَّه بِما لا يروقُ له، وهُو ما جعَله يحتكر خطَّته الجهنميَّة لنفسِه.
الآن وقد حُلَّت المُشكلة، تسنَّى للرَّجلين أن يتبادَلا الأحضانَ بحميميَّة، ودونَ عوائق، لحظَتها اقتَحمت يوكي غرفَة شقيقِها، وكادَ فكُّها يقعُ لهولِ المَشهد. رغمَ أنَّهما لمحاها، واصَلا التَّمثيل بجُرأَة، إذ قرَّر بيكهيون أن يُطاوعَه ريثَما تهتَدي والدتُه إلى الطَّريق السويّ، أمَّا يوكي فيستحيل أن تمرِّر ما رأته دون الإدلاء بتعليقٍ يُشبه شخصَها.
«هذا مقزِّز، انفصلا حالًا.»
أفسَحا بعضَ المساحَة بينَهما، حيثَ حدجَها تشانيول بتبرُّم.
«أخبرتك مليون مرَّة أن تطرقي الباب لو بنيَّتك تفادي مثل هذه اللَّقطات الخليعَة، اعترِفي أنَّك تستطيبينَ المُشاهَدة.»
رقَّص بيكهيون أحد حاجبيه.
«هرمونات المراهَقة، أليسَ كذلك؟»
لاكَت الحُمرة بياضَ وجهها، لكنَّها استطاعَت السَّيطرة على نفسِها، ودنت من تكتُّلِهما عاقدةً ساعديها.
«قد تنطلي حيلة علاقتِكما على والديّ مذ أنَّهما من جيل لا يفقه في المثليَّة شيئًا.»
طالبَت ملامح الشَّابين بتوضيحٍ لما ترمي إليه، وما بخلت عليهما بالحقيقَة.
«هيئةُ تشانيول لا تسمح له بأن يكون البوتوم، وبشخصيَّته التَّافهة تلك يستحيل أن يكون التوب، أمَّا بيكهيون فبنظراتِه الحادَّة كنظرات المجرِمين ليس مِن اللَّائِق أن يكون بوتوم، وبقامته يستحيل أن يكون التُّوب، أنتما تلوُّث بصريّ.»
لم يتوقَّع أيٌّ منهما أن تجاهِر بمثل هذا الكلامِ أمامَ رجلين يكبرانِها بأكثرِ من جيل، أدرك بيكهيون حينَها أنَّ هذه الفتاة لا تعرف حدودًا، وها قد حانَ دور تشانيول لتحمرَّ أذُناه.
«أنتِ بحاجة إلى المزيد من التَّأديب، سأخبر أمٍّي.»
ردَّت عليه دونَ تفكيرٍ كأنَّ الحُلولَ تُخلق على لِسانها في آن.
«فكِّر مرَّتين قبل إخبارها، فبنظرها الآن لا أحد بحاجةٍ إلى التَّأديب بقدرِك.»
«كفى تحذلقًا ولتأخذي عمَّك في جولَة حولَ المنزل، لديّ عمل.»
انعطفَ تشانيول نحوَ صديقه متحلِّيًا بابتسامةٍ ودودَة.
«تصرَّف بحريَّة كما لو أنَّك في منزلك، سأعود خلالَ العشاء.»
برحيلِه، تفرَّد لاعب التّنس الشَّهير بسيِّدَة الوقاحَة الَّتي ما انفكَّت ترمقه بارتياب، دون أن تُعلن عمَّا يختلِجها. على مضضٍ نفَّذت طلبَ الأكبَر، وجوَّلت بيكهيون في الأرجاء حريصةً على عدمِ المُرور قريبًا من غُرفة والديها، وبينَما هما يسيران في الِّرواق بتواتُر، كسَر الصَّمت، وأضفى رذاذًا من الوديَّة على حديثِها الَّذي كان مُقتصِرًا على وصفِ المنزِل كأنَّه أعمى.
«يُفترض أنّك في سنتِك الأخيرة بالثَّانويَّة، أليس كذلك؟»
همهَمت كإجابةٍ ثمَّ أضافَت باختِصار.
«سأبلغ التَّاسعة عشر بعد شهرين تمامًا.»
ما كاد ثغره يتوشَّح ابتسامةَ فخرٍ لأنَّه أنطقَها حتَّى لدغته.
«ويُفترض أنَّك ستَصير عجوزًا هرما في غُضونِ خمس سنوات، فلتعتزل قبل أن تُطرد.»
ضربَ رأسَها من دُبر موبِّخًا.
«وقِحة.»
ربتت على موطِئ يده السَّالف تتظاهر بالألم، رغمَ أنَّه تعمَّد الرِّفق بها، فهي لا تزال مراهقة، مُراهقة مُشاكِسَة، يُراهِن أنَّه سيستَمتِع معَها كالأيَّامِ الخوالي. اكتفت بتوجيه نظرةٍ حادَّة نحوَه، تلقَّاها بجفاء كأنَّها عديمة التَّأثير، ما جعل الاستفزاز يعتريها.
بعدَما انتَهت مِن إطلاعِه على كامِل مقاماتِ القصر، تنشَّقَا هواءَ الحديقَة النقيّ، هذِه أوَّل مرَّة يزورُ فيها بيكهيون صرحَ عائِلة بارك بسول، إذ أنَّهم ينحدِرون من إنتشون مثله، كان لهم بيتٌ مُعتبر المِساحَة هناك، قبلَ أن يزدهِر العَمل. اجتازا المسبَح، حيثَ يتدرَّب تشانيول أحيانًا لصقلِ جسده، وبما أنَّ يوكي دقيقَة الملاحظة، اكتشَفت حالًا أنَّ بيكهيون لا يحتاجَ لتقويمِ كتفيه، فعرضهما يُخيِّل لمن يراه حديثًا أنَّهما تحملانِ المجرَّة فوقَهما. من بعدِه انتقلَا إلى الجانِب الخلفيّ، أينَ يربِض ملعَب التِّنس، عجِز عن إخفاء دهشتِه فذلِك آخر ما توقَّعه.
«أهناك من يمارس التّنس بينَكم، أم أنَّها هديَّة ترحيبيَّة من أجلِي؟»
نفَثت الهواءَ خارِج فمِها بتهكُّم.
«لم نعلَم أنَّك قادمٌ حتَّى.»
تضافَر حاجِباه مشكِّلين كتلةً من الحيرة بينهماد في حين نظَّفت يوكي حنجرتها وقالَت بفخر:
«أنا أمارس التّنس، أما رأيتَني أحملِ حقيبَة المضرب حينَما اصطَدمنا ببعضِنا؟»
بدراميَّة وضعَ يدَه على صدرِه.
«لأنَّك معجبةٌ بي؟»
«لن أنفِي أنَّك مثير في الزيّ الرِّياضيّ، لاسيما طريقَة استِخدامك للمضرب، لكنَّك لست السَّبب طبعًا، بل الزيّ الرِّياضيَّ الخاصَّ بالإناث.»
تنهَّد بإحباط، وبالكاد أمسك نفسه عن صفعِ جبينه لسخافَة ما يسمعه، مرَّ وقت طويل منذ أن تورَّط في علاقةٍ معَ شخصٍ بليد.
«كم أنتِ سطحيَّة!»
«جمالي عميق.»
وهُنا عجِز عن الإنكار، فالمِرآة كفيلةٌ بدحضِ أيِّ ادِّعاءٍ مثيرٍ للشَّفقة يثِب من فمِه، كَما أنَّها شخصيَّة واثِقة مِن نفسِها، ليسَت بحاجةٍ للاعتِراف مِن قبل أحد، للتوِّ انتبَه كم تغيَّرت، فحينَما ازدَحمت مسيرتُه الرياضيّة بالنَّجاحات وتحتَّم عليه المُغادَرة، كانت مجرَّد طِفلة خجولة في التَّاسِعة مِن العُمر.
خِلال العشاء وحيثُ يفترض أن يتلقَّى ترحيبًا حارًّا من قبل جميع أفراد العائِلة، ما عثَر سوى على صديقِ طفولتِه وشقيقَته يوكي، سيِّدا المنزِل عاتِبان عليه، ومُضرِبان عن التحدّث معَه، والفضلُ يعود لتهوُّر تشانيول الَّذي ما انفكَّ يُثرثِر، كأنَّه غير مُكترثٍ للكارِثة الَّتي افتعلها. حاوَل بيكهيون تبييضَ أفكارِه السَّوداويَّة مُعتمِدًا على الصَّغيرة الجالِسَة قُبالته، فرغم لِسانها السَّليط تُرفِّه عنه غمَّه.
«أميرَة، ما الَّذي ستدرسينَه في الجامِعة.»
أقامَت المعنيَّة بفُضوله رأسها الَّذي كانَ منكبًّا على صحنِها، بينَما تقطِّع شريحَة اللَّحم الممدودَة عليه بلا حولٍ لها ولا قوَّة، عقِب ثوانٍ من الاستِطلاعِ آبت إلى وضعِها السَّالف وردَّت.
«تصميم الأزياء غالِبًا، فهذة الزَّرافَة غير موثوقة لحماية مُستقبَل العائِلة.»
باستِنكارٍ تدخَّل تشانيول.
«هذه الزَّرافة هِي من أسَّست للعائِلة مُستقبلًا.»
رمقته باستِهزاء وهي تمضغ اللُّقمَة الَّتي سبق وأن حشَت بها فمَها، ثمَّ وجَّهت انتِباهها إلى اللَّاعب المتفكِّه بشجارهما الأخويّ.
«كَم ستمكُث هُنا؟»
غرزَ أسنانَ الشَّوكَة بمُضغةٍ بترَها من شريحَته قائِلًا:
«ربَّما شهرين، لكنِّي لا أظنُّ أنَّ السيِّد والسيِّدة بارك سيُوافقان على استِضافَتي كلَّ تلك المُدَّة.»
سادَ السُّكوت لبُرهة، وحينَما ظنَّ بيكهيون أنَّ ما مِن أحدٍ سيُنشِب حِوارًا آخر، باغتَه صوتُ المُراهقَة.
«فلتُدرِّبني على إتقانِ التِّنس.»
سعل مُتدارِكًا اختِناقه بطعامِه.
«أليسَت لديكِ مدرسَة؟»
بضجرٍ طرحَت يوكي السِّكين على المائِدَة، فيما حذَّرته عيناها اللَّتين ضمَّتا غضبًا طفوليًّا من الرَّفض.
«إنَّها عطلة الرَّبيع.»
«لا مانِع لديّ.»
-
هلاوز خفافيش 😎
شو الاخبار عندكم!
التعليقات عالفصل الماضي أسعدتني 😍 ما توقعت تحبو القصة 🙆🙆
كلام يوكي عن التوب والبوتوم فصلني وانا اكتبو 😂😂
شو رأيكم بالفصل!
أكثر جزء عجبكم وما عجبكم!
بيكهيون!
يوكي!
تشانيول!
توقعاتكم للجاي 😍🔥
باقي اكتب الفصل الأخير وتنتهي القصّه لهيك ما دمت بفترة نقاهَة بفكّر أعمل وانشوت قبل ما أرجع لأعمالي المتراكمة 👈👉
دمتم في رعاية الله وحفظِه 🍀
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro