23
انجوي بالقراءة لا تنسون الكومنت بين الفقرات و الڤوت 🤎
ساد صمت ثقيل بعد أن أنهى سام سؤاله وكأن الغرفة بأكملها تحبس أنفاسها تنحنح أرثر أخيرًا محاولًا أن يجد صوته بين فوضى مشاعره المتصارعة رفع رأسه ببطء و حدق في جونغكوك بعينين غارقتين بالتعب والألم ثم قال بصوت مبحوح:
"أنا... لا أوافق على الطلاق"
نظر سام إليهما بصرامة، ثم شعر بتردد في قلبه تنهد بعمق، وقال بصوت هادئ: " سأغادر الآن أحتاج أن أترك لكما المساحة لتفكرا وتجدان إجابة بينكما"
ثم التفت ليغادر الغرفة تاركًا وراءه صمتًا ثقيلًا
كان الظلام يلف الغرفة بهدوء، وكأن الزمن نفسه قرر أن يلتزم بصمته، رافضًا أن يكشف ما يخفيه من آلامٍ دفينة كان أرثر جالسًا على حافة المقعد، وعيناه تشعان بالألم والحزن، وكأن عاصفة عاتية قد اجتاحت قلبه التفت نحو جونغكوك بنظرات غارقة في الوجع، ثم بدأ حديثه بصوت مبحوح، يكاد يختنق من مرارة الحزن
"أنت لم تتقبل يوماً وجودي"، تحدث كأن كل كلمة كانت غارقة في الأسى، تسحب من قلبه شيئًا ما كان قد فقده منذ زمن تابع : " لم تتقبل تصرفاتي، ولا طباعي كل ما بي لم تتقبله كنت تتظاهر بالصورة المثالية أمام عائلتك، وكأنني مجرد جزء من عرضك الشخصي، حتى تكسب منهم مصالحك، وتحقق ما تريد "
وقف آرثر للحظة، ثم تنفّس بعمق ليحاول السيطرة على مشاعره المتدفقة بحرارة ثم قال بصوت منخفض لكنه مليء بالغضب: "والآن، بعدما تأكدت أنك تحكم السيطرة على كل شيء، وأنك أصبحت تملك كل شيء تحت سلطتك، تركتني... تركتني وكأنني لم أكن شيئًا في حياتك، وكأن تلك اللحظات التي قضيناها معًا كانت مجرد أوهام هل كان كل شيء بيننا مجرد وسيلة لتظهر بمظهر الزوج المثالي أمام الآخرين؟ هل كنت مجرد صورة زائفة في عالمك الذي بنيته على حسابنا؟"
نظر إلى جونغكوك بعينيه المملوءتين بالحزن، لكنه لم يستطع إخفاء غصة العتاب التي كانت تملأ قلبه: "كيف استطعت أن تفعل هذا بي؟ كيف بنيت حياتك كلها على الأكاذيب؟ كيف تخليت عني بهذه السهولة، دون أن تفسر لي السبب؟ هل كان حبي لك لا يعني شيئًا؟ هل كنت مجرد مرحلة في حياتك، وعندما وجدت ما هو أفضل، قررت أن تتركني؟"
جونغكوك ظل صامتًا طوال الحديث بدا وكأن الكلمات لا تترك أي أثر فيه وكأن الألم الذي يعيشه أرثر لا يلمس قلبه لكن بعد صمت طويل تكلم أخيرًا بصوت هادئ لكنه حازم كانت كلماته قاسية مثل خنجر مغروز في قلب أرثر
" إذا استمررت في هذا الزواج فاعلم أنك ستصبح عبئًا على حياتي حتى لو قررت الزواج مرة ثانية فاعلم أن وجودك في حياتي سيكون مجرد عثرة صغيرة لن ألتفت إليها أبدًا ، ستكون مجرد ذكرى عابرة لا تستحق أن أكترث لها ، وجودك في طريقي ليس إلا عثرة " ، ثم أضاف بنبرة أكثر قسوة :" لكن ما سيحصل بعد ذلك هو أنك ستظل عالقًا في حياتي العامةِ سيبدأون بالحديث عنك، عن تقصيرك تجاه زوجك، وتفضيلي لآخر وفي النهاية، القرار يعود إليك: هل تريد أن تكون فقط موضوعًا للحديث أم تُغادر قبل أن تصبح مصدرًا للعار؟'"
جونغكوك نهض من مكانه بهدوء، وأمسك بمقبض الباب، ثم التفت نحو أرثر بنظرة باردة، وقال : "ستعيش جحيمًا لا مثيل له وستندم على لحظة رفضك السخيفة هذه وستكتشف في كل يوم كم كنت غبيًا"
ثم تركه مغادرًا الغرفة بظهوره الذي لم يحمل أي تعبير سوى القسوة، تاركًا وراءه أرثر في مكانه عينيه مملوءتين بالدموع التي بدأت تسقط أخيرًا يلتهمه الألم في تلك اللحظة التي لم يعد فيها شيء كما كان
توقف الزمن لحظة خروج جونغكوك من الغرفة وكان صوت إغلاق الباب خلفه كصفعة النهاية يغلق آخر باب للرجاء
عم الصمت الغرفة، كأنما الزمن توقف في تلك اللحظة. كل شيء تلاشى، ولم يبقَ سوى الأرواح المكسورة والأشواق الضائعة التي تركها خلفه في خطواته الهادئة التي كانت تخبر بكل قسوة عن القرار النهائي
ظل آرثر جالسًا كما لو كان مصلوبًا، عينيه معلقتين بالباب الذي أغلقه جونغكوك وراءه لم يستطع استيعاب أن كل شيء انتهى بهذه الطريقة كان قلبه يصرخ في صمت، لكن جسده عاجز عن المقاومة كان الصمت يلتهمه، والجدران تشهد على حلمه الذي بدأ يتناثر ويتلاشى أمام عينيه
فجأة، اخترق ألم حاد صدره، كأن كل كلمة قالها جونغكوك قد سُكّت على قلبه بدم بارد نظر إلى خاتم خطوبتهما، فشعر كأنه لا ينتمي إليه بعد الآن، غير قادر على فهم ما يجب أن يفعله به كان عقله غارقًا في الضباب، عاجزًا عن التفكير أو التحرك، وكأن العوالم من حوله تنهار
بينما دفع جونغكوك الباب ليغادر، كانت خطواته ثقيلة ومتعجلة، كمن يهرب من عبء لا يريد أن يثقل قلبه به وقبل أن يغلق الباب، اصطدم بنظرة سام الذي كان واقفًا عند المدخل، يديه مكتفّتين أمام صدره وعيناه تراقبانه بحذر
وقف جونغكوك للحظة، بينما بقي سام ثابتًا في مكانه، عينيه تغرقان في تفاصيل وجهه، محاولًا فك رموز ما وراء تلك العيون الباردة كان الصمت بينهما ثقيلاً، يتنفس في كل زاوية من المكان، ينطق بما لا يحتاج إلى كلمات كلاهما كان يدرك ما يجري، لكن لا أحد منهما أراد أن يعيد تكرار الكلام
لم يلتفت جونغكوك إلى سام بشكل كامل بل أومأ برأسه بإشارة سريعة ثم تحدث بنبرة حاسمة: "أحتاج إلى المغادرة الآن"
داخل قلبه، لم يكن هناك ندم؛ بل كان يشعر بالراحة، كأن عبئًا ثقيلًا قد أُزيح عن كاهله أخيرًا كان يعلم أن القرارات التي اتخذها ستترك آثارها الثقيلة، لكنه لم يكن يملك خيارًا آخر ثم خرج، دون أن يلتفت خلفه، وعيناه لم تجد ما يشدها إلى الماضي
تجاوزت الساعة الثامنة مساءً، والسماء ملبدة بالغيوم الكثيفة التي أخفت ضوء القمر، بينما هبت الرياح ببطء، تضفي على الأجواء سكونًا غريبًا ممزوجًا ببرودة الليل
قاد جونغكوك سيارته عبر الشوارع الهادئة، حيث تراقصت أنوار الشوارع المتناثرة على الأرصفة كانت زينة الكريسماس تضيء الأشجار بحيوية، والأضواء الملونة تتلألأ كأنها تحاول إحياء هذا الليل الصامت
وصل إلى الحانة بعد دقائق من القيادة الصامتة، أوقف سيارته في الموقف القريب ونزل منها بخطوات متزانةً ارتدى معطفه الأسود وسط سيره بحركة هادئة، وأخذ نفسًا عميقًا كأنه يجمع شتات روحه قبل أن يتقدم نحو الحانة
كان في كل تفصيل منه جاذبية لا تقاوم؛ عينيه اللامعتين تخترقان ظلام الليل، وخصلات شعره تنسدل بعناية فوق جبينه، تضفي على ملامحه لمسة من الغموض حلق فضي يزين شفتيه، يلمع تحت الضوء الخافت
جلس في إحدى الطاولات الخارجية، الهواء البارد يحيط به، لكنه بدا غير مكترث أخرج سيجارته وأشعلها بهدوء، أمسكها بين شفتيه بثقة وأخذ نفسًا عميقًا رفع رأسه قليلاً وهو ينفث الدخان نحو السماء، حركته بطيئة ومتماسكة وكأنها تعكس اتزانًا داخليًا رغم كل ما يجري
جلس مستمتعًا بتصاعد دخان سيجارته في الهواء، مراقبًا تلاشيه ببطء وكأنه يجد فيه شيئًا مريحًا طلب كأسًا من النبيذ الأحمر وأخذ رشفة بطيئة منه، ملامسًا حافته لشفتيه بتأنٍ. أغمض عينيه للحظة، مستغرقًا في هدوء المكان
كان تفكير جونغكوك في تايهيونغ يملؤه اشتياقٌ عميق، وكأن كل لحظة مر بها معه كانت تترك أثرًا لا يُمحى كانت صورته تتسلل إلى عقله بوضوح؛ ابتسامته، تلك النظرة الهادئة التي تحمل في طياتها ألف معنى
ابتسم بابتسامة خفيفة وهو غارق ، ثم شعر بشيءٍ دفين داخل قلبه، شوقٌ لا يمكن تجاهله وفي تلك اللحظة، شعر أن لا مفر من الاتصال به، فأخذ هاتفه ببطء، وأصابعه ترتجف قليلًا وهو يقرر أن يتصل به متمتمًا لنفسه:
" لن أقدر على البقاء بعيدًا عنه أكثر "
كان الهاتف في يد جونغكوك يرن بصمت لثوانٍ قبل أن يجيب تايهيونغ أخيرًا، لكن صوته الذي ارتفع عبر المكالمة كان يحمل معه عتابًا رقيقًا، وكأن الكلمات خرجت منه دون أن يُدرك
"ألم تلاحظ كم مرَّ من الوقت؟ أين كنت؟ لماذا لم تتصل؟ أنت تعلم كم كنت أفتقدك " ، أجاب تايهيونغ بعتابه يحمل دفءًا عميقًا، كأن كل كلمة خرجت من قلبه، مليئة بالشوق الذي لا يستطيع إخفاءه
كان جونغكوك يستمع إلى صوته يتسرب بين أذنه كالموسيقى وأبتسم ابتسامة خفيفة وهو يحرك رأسه قليلاً وكأن كل كلمة من كلمات تايهيونغ تلعب في قلبه كأوتارٍ غريبة، يلامس عمقًا لم يشعر به من قبل
ثم، بعد أن استمتع بذلك العتاب المُحبب اليه نطق أخيرًا قائلاً: "أنا في الحانة الآن، هل تستطيع القدوم إليّ؟" كانت كلماته هادئة، لكن نبرتها تحمل نوعًا من الإصرار البسيط، كما لو كان يطلب منه أن يكون هناك معه، في تلك اللحظة
أجاب تايهيونغ بعد لحظة صمت قصيرة، وكأن الأمل قد انتظر في قلبه طويلاً: "أنا قريب، سأكون هناك بعد قليل"
أغلق جونغكوك الهاتف وهو يشعر بشيء من الراحة يمر عبر جسده، وكأن لقاءً ما قريبًا سيملأ الفراغ الذي شعر به، وكل شيء بدا في تلك اللحظة وكأنه يتحرك نحو مكانه الصحيح
مر الوقت بطيئًا بينما كان جونغكوك جالسًا في الخارج، يتأمل السماء الملبدة بالغيوم، والدخان يتصاعد من سيجارته كأنما ينساب معه ثقله الداخلي كانت عيناه شاردتين، وكأنهما تبحثان عن شيء ما، حتى لمح ظلًا مألوفًا يقترب منه بعد لحظات من الانتظار
كان تايهيونغ قد وصل إلى الحانة، دخلها بخطوات سريعة وعيناه تتنقلان بين الطاولات لم يجده بين الحشد، لكن إحساسًا داخليًا قاده للخروج، وكأن قلبه يعرف تمامًا أين يجده وحين لمح جونغكوك جالسًا في الزاوية الخارجية، توقف لحظة بابتسامة هادئة ظهرت أعلى شفاهه قبل أن يتقدم نحوه بهدوء
جلس تايهيونغ بجانبه دون أن يقول شيئًا في البداية، نظراته الهادئة تجوب ملامح جونغكوك، تبحث عن أي تفسير لصمته ثم، برفق اعتادت عليه يده، رفع أصابعه ليمسد وجنته بنعومة كأنما يزيل عنها بقايا التعب الذي كان يعتليه تحركت أنامله إلى عنق جونغكوك ببطء يمسدهُ براحةً يلامس بشرته كأنه يحاول أن يطمئن نفسه بأنه هُنا لأجله
تحدث تايهيونغ بصوت هادئ مع لمسة من العتاب، لكنه حمل أيضًا شيئًا من الحنان مع كل كلمة، كان يمرر يده برفق على عنق جونغكوك قائلاً: "لماذا تختفى فجأة هكذا؟ ألا تعلم كم أقلق عليك؟"
توقف للحظة، ثم تابع بنبرة أخف: " أحيانًا أشعر أنك تستمتع بإغضابي... لكني لا أستطيع أن أغضب منك، مهما حاولت"
ظل جونغكوك صامتًا، ينظر إلى تايهيونغ بعينين خادرة ، وكأن كلماته تتسلل إلى أعماقه ببطء ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيه لكنها كانت كافية لتملأ المكان تحدث بصوت خافت: " أردت أن أكون هنا، لكن يبدو أنني كنت بحاجة إلى أن تأتي أنت أيضًا"
تابع تايهيونغ، الذي بدا القلق واضحًا في صوته، وهو يمسح برفق على وجنته:
"أنت لا تعلم كم أكره أن أعاتبك، لكنك تجعلني أفعل ذلك دائمًا فقط، لا تفعل ذلك مجددًا"
قبل أن يكمل تايهيونغ عتابه، وضع جونغكوك يده بحركة هادئة حول مقدمة ذقن تايهيونغ، ثم اقترب منه بهدوء، وعيناه تركزان على ملامحه. طبع قبلة على شفتيه، كانت رقيقة، حرك شفتيه ببطء فوق شفتي تايهيونغ، يستشعر نعومتها وانتفاخها امتص الشفة العلوية ببطء، ثم انتقل إلى الشفة السفلية، مستقرًا عليها
همس جونغكوك بخفوت و عينان مليئتين بالحاجةِ : "اشتقت إليك"
ظل تايهيونغ يحدق في عيني جونغكوك بعد تلك القبلة الرقيقة، شعر أن الحاجز بينهما قد اختفى تمامًا ارتسمت ابتسامة دافئة على وجهه، ثم رفع يديه ببطء ليمسك وجنتي جونغكوك بين كفيه تسلل دفء لمسته برفق، وكأنها كانت محاولة لطمأنة قلبه وقلب جونغكوك في آن واحد
اقترب تايهيونغ أكثر حتى تلاقت أنفاسهما، ثم أمسك بوجنتي جونغكوك بلطف، ضاغطًا عليهما برفق ليدفع شفاهه للأمام، قبل أن يقترب ويطبع قبلة عميقة على شفتيه
لم تكن قبلة متسرعة أو مترددة، بل كانت مليئة بالدفء والحنين، كأنها ترجمة لكل لحظة شوق عاشها خلال غيابه وعندما تراجع قليلاً، بقيت يداه على وجنتي جونغكوك، همس بخفوت:
"افتقدتك، أكثر مما يمكن أن تتخيل"
ثم بدأ يضع قبلاً عشوائيًا على وجنتي جونغكوك، مما جعله يضحك بشدة
" توقف، توقف!" ضحك جونغكوك بصوت عالٍ، لكن عيناه كانت مليئة بالسعادة والحنان ظل تايهيونغ يبتسم، ثم أخيرًا توقف عن تقبيله، لكنه بقي قريبًا، يلتقي نظراتهما، كأن اللحظة لن تنتهي أبدًا
تحدث تايهيونغ وكأن كلماته تتساقط ببطء، كل حرف منها يحمل عبء شوقه العميق، ثم أضاف بهدوء، صوته مزيج من العتاب والحنان:
"أين كنت؟ لماذا اختفيت عني كل هذا الوقت؟"
كانت نبرته خالية من أي غضب، بل مشبعة بدفء يجعل الكلمات تلتف حول القلب كعباءة لم يكن سؤالًا ليعاتبه، بل ليعرف أين ذهب كل هذا الوقت
مرت لحظات طويلة من الصمت بين جونغكوك وتايهيونغ، بينما كان كل منهما يغمر نفسه في أفكاره الخاصة، لكن هذا الهدوء لم يكن غريبًا بالنسبة لهما، فقد تعودا على أن يتقاسما الصمت كما يتقاسمان الكلمات
بعد فترة قصيرةً أخذ جونغكوك نفسًا عميقًا وكأنما يزيح عبئًا ثقيلًا عن قلبه، ثم بدأ يتحدث مجددًا، بصوت منخفض، لكن مليء بالثقل:
"في البداية ذهبت للجلوس عند البحر... فقط لأكون وحدي، لأستطيع أن أفكر بهدوء، بعيدًا عن كل شيء ثم توجهت إلى مكتب المحامي، وكأنني على أعتاب اتخاذ آخر خطوة قبل أن تبدأ الإجراءات القانونية"
تايهيونغ، الذي كان يراقب جونغكوك بعينين تملؤهما الحذر والاهتمام، أخذ رشفة من كأس الأخير، وأعاد النظر في وجهه ببطء كانت نبرته هادئة، لكن تَحمل في طياتها سؤالًا عميقًا:
"وماذا حدث هناك؟"
جونغكوك نظر إلى الأرض لفترة قصيرة، ثم رفع رأسه ليقابل عيني تايهيونغ، وقال بنبرة من الشكوك المكبوتة:
"أرثر يرفض الطلاق لا يرى سببًا مقنعًا لذلك بالنسبة له، كل شيء على ما يرام، ولا يوجد ما يدفعنا للتغيير"
وبينما كان يتحدث، كانت يده تتحرك برقة على فخذ تايهيونغ، وكأنما تلك الحركة هي نوع من التفريغ لما يختلج في داخله
تايهيونغ، الذي شعر بكلمات جونغكوك تتسلل بين ثنايا روحه، أخذ رشفة أخرى من الكأس، ثم وضعه جانبًا، ملتزمًا الصمت ليمنح جونغكوك الفرصة للإفصاح عن كل ما في قلبه لم يقاطعه، بل استمر في الاستماع بتركيز عميق، تاركًا له مساحة ليطلق كل ما في داخله
استمر جونغكوك، وقال بنبرة مريرة:
"أحيانًا أشعر وكأن أرثر لا يريدني كشريك حقيقي هو فقط يريد أن يرتبط باسمي ومنصبي، ليكون زوجي في العلن، ليتفاخر أمام الناس بأن 'جونغكوك' هو من اختاره لكنه لا يرى فيني أكثر من مجرد شريك يتباهى به أمام الجميع"
تايهيونغ، الذي كان يراقب بعينين صامتتين، أخذ السيجارة من بين يدي جونغكوك، وسحب منها نفسًا عميقًا، ليخرج الدخان ببطء وكأنما يتنفس كل هذه المشاعر الثقيلة معًا ثم قال بصوت هادئ مليء بالثقة :
"اترك هذه المهمة لي، فقط بضعة أيام، وسأجعل أرثر يكره اللحظة التي رفض فيها هذا الطلاق"
في تلك اللحظة، تغير الجو قليلاً، حيث بدأت الموسيقى تعلو في الحانة، وبدأ بعض الأزواج يتجهون نحو ساحة الرقص نظر تايهيونغ إلى جونغكوك، مبتسمًا ابتسامة خفيفة ثم تحدث بنبرة ملؤها الدلال بينما يداعب برقة حلق شفاه جونغكوك:
"هل تراقصني؟"
جونغكوك رفع حاجبه وكأنه لم يتوقع السؤال، لكنه ابتسم بلطف وقال:
"كيف لي أن أرفض عرضًا منك؟"
تقدما معًا إلى ساحة الرقص، حيث كانت الألحان تملأ الأجواء، وتأخذهما الموسيقى إلى عالم خاص بهما وقف جونغكوك أمام تايهيونغ، وسحب يديه بلطف إلى خصريه، ليشعر بجسدهما متلاصقًا في تلك اللحظة كانت حركة يديه مليئة بالنعومة، وعندما أمسك بخصر تايهيونغ، كانت أنفاسهما تتداخل معًا، كل خطوة كانت مزيجًا من الرقة والإحساس العميق
مع كل حركة، كانت يديه تتنقلان بلطف على ظهره، بينما كان تايهيونغ ينساب في حضنه، يراقصه بتناغم وهدوء الأجواء كانت تنبض بينهما، وأيديهما تتلامس برقة، وحركاتهما تنسجم في لحظة صمت متبادلة
عيني جونغكوك لم تفارقا وجه تايهيونغ، كان ينظر إليه بعينين مليئتين بالحب والهيام بينما كان تايهيونغ يغلق عينيه أحيانًا، مستسلمًا للشعور العميق الذي يتسلل إلى قلبه مع كل خطوة لم تكن هناك كلمات، فقط الرقص
خطواتهما كانت هادئة، ولكن كل حركة كانت تعبيرًا عميقًا، فكل لمسة كانت تحكي قصة بينهما يده كانت تتحرك برفق على ظهر تايهيونغ، بينما كان الأخير يلامس صدره بلطف، وكل لمسة كانت تنبض بحرارة المشاعر. كانت ذراعا جونغكوك تستندان إلى خصره، ممسكتين به بحنان، تشد قليلاً مع كل خطوة
كان جونغكوك يحرك جسده بشكل دافئ، ينقل تايهيونغ برقة بين خطوات الرقص، بينما كان الأخير يغمض عينيه للحظة، مستمتعًا بكل ثانية من هذا القرب
عندما انتهت الرقصة، اقترب جونغكوك من تايهيونغ وسحبه إليه حتى أصبح جسده قريبًا منه لدرجة أن أنفاسهما امتزجت شعر تايهيونغ بشيء من الخجل من هذا القرب المفاجئ، لكن قلبه بدأ ينبض بسرعة، فقد كان هذا القرب يعيد تأكيد ما كانا عليه دائمًا. ثم، في تلك اللحظة التي بدت وكأن الزمن توقف فيها، سحب جونغكوك ذقن تايهيونغ برفق، كما لو كان يعشق كل تفصيل في وجهه
نظر إلى عينيه بخدر عميق، وفي تلك اللحظة بدأ يشعر بتلك الرغبة الدافئة التي تشتعل داخله اقترب برفق، لامس شفتيه بحنان، ثم قبلهما بشغف، متسللًا إلى هذا القرب كما لو كان يجد ملاذه في المكان الذي لا يتخيله
أحاط خصره بذراعه، محتضنًا إياه بحب عميق، وكأنه يريد أن يقربه أكثر، يثبت قلبه إلى قلبه، ويغمره بكل شيء لا يستطيع التعبير عنه بالكلمات
"دعنا نعود إلى المنزل، هيا," همس في أذن تايهيونغ برقة
حينما خرجا من الحانة، امتلأت الأجواء بأمواج من البرودة والظلام، حيث انتشرت نسمات الليل العميقة على الشوارع الخالية من المارة كانت السماء تتلبد بالغيوم، والهواء يحمل رائحة المطر الذي كان على وشك الهطول
نظر جونغكوك إلى تايهيونغ وسأله بصوتٍ يحمل بينه الخفوت والفضول:
"هل أتيت سيرًا على الأقدام؟ سيارتك ليست هنا"
ابتسم تايهيونغ وأجاب بهدوء:
"لا، خرجت مع دانيال هُو من أتي بي لهنا "
لمح جونغكوك شعورًا غريبًا يتسلل إليه عند سماع اسم "دانيال" ، غيرة غير متوقعة اجتاحت قلبه، لكنه لم يُظهر ذلك، بل أبقى عيناه مثبتتين على وجه تايهيونغ كانت يده تتحرك حول خصره، وكأنها تبحث عن طريقة للاحتفاظ به أقرب إليه
أجاب، وهو ينطوي على نبرة حانية لكنها مليئة بالتساؤل:
"دانيال، أليس كذلك؟"
ثم وضع يده حول خصر تايهيونغ بقوة أكبر، كما لو كان يسعى لطمأنة نفسه، ليجعل وجوده هناك أكثر ثباتًا
لكن قبل أن يتمكن من الاستمرار في تساؤلاته، بدأت السماء تمطر قطرات المطر تساقطت على الارض، مما جعل الجو يبدو أكثر رومانسية وغامضًا ابتسم تايهيونغ بابتسامة مشرقة، تحدث بابتسامة تملؤها المرح:
" لنظل هنا تحت المطر، جونغكوك، ونستمتع باللحظة معًا"
قبل أن ينطق جونغكوك بكلمة، ركض تايهيونغ في اتجاه الأمطار، ضاحكًا بعفوية، كما لو كان يهرب من كل شيء ليعيش في اللحظة تبعه جونغكوك على الفور، ضاحكًا بجانبه، وضحكاتهما كانت تملأ المكان، متزامنة مع الأمطار التي بدأت تهطل
تبللت ثيابهما بسرعة مع هطول المطر الغزير، وكأنهما كانا جزءًا من ذلك الطوفان العاطفي الذي اجتاح لحظتهما كانت قطرات المطر تتساقط على وجوههما وأجسادهما، تغمر ملابسهما وتعطيهما مظهرًا أكثر رومانسيةً وسط الظلام والمطر لكن رغم البلل، كانتا ضحكاتهما تملأ الجو، ويبدو كأنهما لم يشعروا بذلك البرد الذي يتسلل إليهما
نظر جونغكوك إلى تايهيونغ بينما كانت قطرات الماء تتساقط على وجهه، وعيناه مليئة بالحب، كما لو كانت كل نظرة تحمل مشاعر لا يمكن التعبير عنها بالكلمات كانت عيناه تلاحق كل حركة من حركات تايهيونغ، تراقب ابتسامته، وكأن العالم كله يختفي حولهما، ليبقى هو وتايهيونغ فقط في تلك اللحظة المتوحدة التي غمرتها الأمطار
في لحظة غير متوقعة، أمسك جونغكوك بتايهيونغ من وسطه وسحبه نحوه بقوة، ليجذباه معًا تحت المطر
كانت حركة مفاجئة، وكأن الوقت توقف لحظة واحدة، إذ توقفت خطوات تايهيونغ، واندفعت أنفاسه فجأة شهق بخفة بسبب سحب جونغكوك المفاجئ، وكانت عينيه تلمعان بالدهشة، بينما اختلطت ضحكته مع صوت المطر الذي كان يهطل بغزارة حولهما
حينما ارتطم جسد تايهيونغ بصدر جونغكوك، سقطت يديه على صدره، وارتجف قلبه بفعل الحرارة التي اجتاحت جسده في تلك اللحظة، كما لو كانت كل مشاعره تتدفق بشكل مفاجئ
لم يستطع جونغكوك أن يقاوم، فاقترب أكثر من تايهيونغ، قبله قبلة شغوفة مليئة باللهفة والمشاعر المكبوتة كانت يداه تنسابان على جسده، تلامسانه برقة وعاطفة لا تقاوم، وكأنهما يعبران عن كل ما لم تُقلّه الكلمات
كانتا شفاههما تتناغمان في تلك القبلة، ، لم تكن مجرد قبلة عابرة، بينما كان تايهيونغ يمسك بذقن جونغكوك، يحركه برفق فوق شفتيه، وكأنه يريد أن يطيل تلك اللحظة إلى الأبد، أن يغمر نفسه بكل شعور يمر بينهما، ويشعر بكل التفاصيل الدقيقة التي كانت تربطهما معًا في تلك اللحظة
في منزل جيون، كان الجو مشحونًا بالتوتر، وأصوات عالية تعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه كل من دايهيون وتشوهي على الرغم من العلاقات الطويلة بينهما، بدا أن الشكوك التي تملكت دايهيون حول تصرفات ابنه جونغكوك قد أطلقت سلسلة من النقاشات المتصاعدة، وها هو الآن في مواجهة مع زوجته تشوهي
"كيف تريدينني أن أدعوه للحفل؟" قال دايهيون وعيناه تتسعان بالغضب، فصوته يخرج أكثر حدة
" تايهيونغ على علاقة مع ابني، الجميع بدأ يشك في علاقتهما، والأنظار كلها ستكون عليهما ماذا سنقول للعائلة؟ كيف سنبرر حضورهم معًا؟ نحن الآن نعيش في زمن لا يُغفر فيه أي خطأ صغير"
ثم أضاف بغضب: "جونغكوك يهدم سمعة العائلة بأكملها بتصرفاته الطائشة، ماذا سيتحدثون؟ ابن عائلة جيون يخون زوجه ؟ هو يشوه سمعتنا بسبب حماقته!"
كلمات دايهيون كانت كالسكاكين في قلب تشوهي، لكنها لم تتراجع
"كيف تتحدث عن ابنك بهذه الطريقة؟" أجابت بغضب، عينيها تتوقدان في وجهه تابعت بغضب اندلع في صدرها : "تستمر في الحديث عن سمعة العائلة، ولكنك تتجاهل ما يعيشه ابننا! إنه يحتاج إلى الحب والاحتواء، وهو لم يجد هذا سوى في تايهيونغ كلما أردت أن تعطيه الحب، كانت طريقتك جافة وأنت دائمًا تبتعد عنه وتتركه لي، لتقوم أنت بتوجيه اللوم عليه وتتهمه هل هذه هي الطريقة التي تتعامل بها مع أبنائك؟"
رد دايهيون كان باردًا وجافًا، كمن يود إنهاء النقاش سريعًا: " إنه ليس بحاجة إلى الحب الزائد، تشوهي أنا أربيه بما هو أفضل له، أما إذا كنتِ ترين أن الخضوع لغرائزه هو الحب، فهذا شأنك لكن الحقيقة أن سلوك جونغكوك هذه الأيام غير مقبول، وهو يعرض عائلتنا لمخاطر أكبر من أن نتجاهلها"
ثم أضاف بنبرة قاسية: "إذا كنتِ تظنين أن دعمك الأعمى له هو الحل، فلتستمرين في ذلك لكنني لن أسمح بتدمير سمعة عائلتنا من أجل رضاه أو من أجل شخص لا أرى فيه قيمة حقيقية"
رد تشوهي كان مليئًا بالغضب والتحدي، وكأن كلمات دايهيون قد أثارت فيها ثورة من المشاعر التي كانت تخفيها طوال الوقت نظرت إليه بعينيها اللتين امتلأتا بالشرر، وقالت:
"أنت لا ترى سوى نفسك، دايهيون طوال هذه السنوات كنتَ تبتعد عن جونغكوك، تظن أن القسوة هي ما يجعله قويًا لكنك مخطئ! هو يحتاج إلى الحنان، إلى الحب غير المشروط أما إذا كنتَ تعتقد أن نكران مشاعره هو ما يجعله رجلاً، فأنت لا تفهم شيئًا عن الحياة كان يجب أن تشعره بالأمان منذ البداية، لا أن تدفعه بعيدًا، وتلومه على كل شيء"
ثم توقفت لحظة، وكأن كلماتها ثقيلة جدًا على قلبها، وقالت بصوت هادئ ولكن مليء بالألم:
"أنا سأقف مع ابني، لأنني أرى في عينيه الحقيقة التي كنتَ تغفل عنها وإذا كنتَ لا تستطيع أن ترى هذا الحب الذي يجمعه مع تايهيونغ، فأنا لا أستطيع أن ألومه سأدعم جونغكوك في كل ما يفعله، لأنني أريد أن أراه سعيدًا، حتى وإن كان هذا يزعجك"
رد دايهيون كان قاسيًا، وحادًا، كأن الكلمات خرجت من بين شفتيه كالسكاكين:
"أنتِ لا تفهمين، تشوهي من المفترض أن يحافظ على مبادئه، ألا يخون زوجه، مهما كانت الظروف! وإذا استمر في هذه الطريق، سيتحدث الجميع عن عائلتنا سيكون بلسان كل شخص، وكل نظرة ستوجه إليكِ وإلى عائلتنا ستصبح محملة بالشكوك، والعيب سيكون فينا جميعًا"
ثم نظر إليها بعينيه التي امتلأت بالغضب، وأضاف بصوت منخفض ولكنه مليء بالمرارة:
"هل تعتقدين أن هذا ما أريده؟ أن أرى ابني يخون ويدمر حياته من أجل علاقة تافهة؟ أنتِ تريدين أن تبرري له كل تصرفاته، ولكن ماذا عن شرف العائلة؟ ماذا عن احترام الميثاق الذي أقسم عليه كل شخص في هذه العائلة؟ أنا لم أكن أظن أنني سأصل إلى هذه النقطة، لكن إذا استمر في هذه التصرفات، فإني لا أضمن أن يكون له مكان بيننا"
ردت تشوهي بنبرة حاسمة وقاطعة، عينيها تتألقان بالتصميم:
"إذا لم يكن تايهيونغ وجونغكوك حاضرين، فلن أذهب إلى الحفل
هذا هو قراري"
رد دايهيون بنبرة باردة، وجهه مشدود بالتوتر:
"إذا كان هذا هو قرارك، فلتفعلي ما تشائين لكنني لن أسمح بتدمير سمعة العائلة بسبب هذا"
تشوهي لم تُبدِ أي تراجع، بل كانت ملامحها أكثر تصميماً على موقفها نظرت إلى دايهيون بحزم وقالت:
"إذا كان وجود تايهيونغ يعني تدمير سمعة العائلة في عينيك، فلتعلم أن سمعة العائلة لا تساوي شيئاً أمام سعادة ابني سأدافع عنه، حتى وإن كانت العواقب قاسية وإذا كنت لا تستطيع فهم ذلك، فهذه مشكلتك"
ثم توجهت إلى الباب، استعداداً للمغادرة، عازمة على موقفها
سألها دايهيون بغضب، وقد احتدّت مشاعره: "هل كنتِ تعلمين بعلاقتهما؟"
أجابته تشوهي بهدوء دون أن يظهر عليها أي تردد: "نعم، أعلم"
قبل أن تخرج من الغرفة نظرت إليه وقالت بصوت حاسم: "أخرج وسادتك وبطانيتك من هنا، لن تنام هنا الليلة اذهب إلى الغرفة المجاورة، وإذا عدت ووجدتك نائماً هنا، فاعلم أنني أنا من سأخرج"
تجمّد دايهيون في مكانه، ولم يستطع الرد. صدمه الموقف تماماً لم يتوقع أن تتصرف بهذه الطريقة كان غضبه قد تحول إلى صدمة، ولكنه رغم ذلك أصر على موقفه
خرجت تشوهي إلى الخارج، حيث الهواء البارد يلامس بشرتها، مما جعلها تشعر ببعض الهدوء بعد الانفجار الداخلي الذي عاشته رفعت هاتفها وقررت الاتصال بجونغكوك، كما وعدته سابقًا الذي رد على الفور
"جونغكوك، والديك يرفض تمامًا حضور تايهيونغ للحفل و إن وجوده يثير الشكوك وسوف يتسبب بمشاكل للعائلة"
صمت قليلًا في الطرف الآخر ثم جاء صوت جونغكوك حاسمًا: "إذا لم يكن تايهيونغ هناك، فلن أحضر الحفل لا يمكنني أن أكون في مكان لا يكون به"
تنهدت تشوهي ببطء و تحدثت : "أعلم يا عزيزي، لكن والده سيغضب لبضعة أيام بعد ذلك، سيوافق هو فقط يحتاج لبعض الوقت ليهدأ"
طمأنته تشوهي قائلةً إن والده سيغضب لبضعة أيام فقط، لكنه بعد ذلك سيوافق على الحضور
في النهاية ودعها جونغكوك قائلاً "أحبك"، فردت عليه بتوديع دافئ "وأنا أيضًا " أغلقوا المكالمة، وكل منهما يحمل في قلبه شعورًا بالاطمئنان بعد هذه المحادثة
بعد أن أنهى المكالمة مع والدته، ظل جونغكوك غارقًا في أفكاره، مراجعًا ما دار بينه وبينها قرر في قرارة نفسه ألا يخبر تايهيونغ عن هذه المكالمة، فهو لا يريد أن يثقل عليه بمزيد من القلق بشأن الحفل والمشاكل العائلية
بينما كان جونغكوك غارقًا في أفكاره، تفاجأ بصوت تايهيونغ يناديه بلطف من الخارج: "جونغكوك! تعال لتذوق السينابون الذي أعددته البارحة!"
استفاق جونغكوك من شروده بسرعة، وابتسم بابتسامة خفيفة قبل أن يستقيم من مكانه خرج من غرفته إلى غرفة المعيشة حيث كان تايهيونغ جالسًا بالقرب من الطاولة، وقد وضع له قطعة من السينابون في صحن صغير كان وجهه مضاءً بابتسامة لطيفة وهو ينتظر قدومه
جلس جونغكوك بجانب تايهيونغ، والتقط قطعة السينابون، متذوقًا إياها بحذر سطع وجهه بابتسامة عريضة وهو يمدح الطعم قائلًا: "إنه لذيذ جدًا! أنت حقًا ماهر تايهيونغ"
ابتسم تايهيونغ بلطف، لكنه لم يعلق، بل كان يراقب جونغكوك بتلك النظرة الحانية التي لا تخلو من الحب
بعد أن انتهى من تذوق السينابون، استلقى جونغكوك على فخذ تايهيونغ برقة، مستمتعًا بشعور الراحة التي طالما افتقدها بدأ تايهيونغ بتمرير يده على خصلات شعره بحب، وهو يبتسم دون أن ينطق بكلمة
في تلك اللحظة، رفع جونغكوك رأسه قليلاً، نظر في عيني تايهيونغ وقال بصوت منخفض، "تايهيونغ... أرغب أن أنام الليلة في حضنك هل يمكنك أن تحتضنني؟"
رد تايهيونغ بلطف ودون تردد، وهو يعانق جونغكوك برفق: "بالطبع، جونغكوك لا شيء يسعدني أكثر من أن تكون قريبًا مني"
في تلك اللحظة، شعر جونغكوك بشيء من السكينة التي طالما بحث عنها، وكلما اقترب من تايهيونغ، شعر أن العالم كله لا يعنى له شيئًا بقدر ما يعنيه حب هذا الشخص
في صباح اليوم التالي
استيقظ جونغكوك على رنين هاتفه المفاجئ في الصباح الباكر رفع جسده ببطء من بين أحضان تايهيونغ حريصًا على ألا يوقظه بحركته مرر يده برفق على جبين تايهيونغ ، يطمئنه بهدوء ليبقى في نومه العميق، ثم أمسك بهاتفه واعتدل في جلسته
على الطرف الآخر من المكالمة كان المستشار العقاري الذي عينه جونغكوك مؤخرًا بسرية تحدث الرجل بنبرة عملية:
"صباح الخير، السيد جيون جونغكوك أعتذر على الإزعاج في هذا الوقت، لكن لدي أخبار جيدة وجدنا المنزل الذي يناسب جميع المواصفات التي طلبتها والإجراءات تسير بسرعة كما طلبتم نظرًا لسمعة عائلتكم"
رد جونغكوك بصوت مثقل بالنعاس لكنه جاد:
"شكرًا لإبلاغي سأرتب نفسي وأكون عندكم خلال بضعة ساعات لرؤية المنزل وتسليم المبلغ تأكد من أن كل شيء جاهز عندما أصل"
أجاب المستشار بثقة:
"بالطبع، سأكون بانتظارك"
اختتم جونغكوك المكالمة بابتسامة خفيفة واحترام:
"شكرًا لك إلى اللقاء"
أغلق الهاتف ووضعه جانبًا، ثم رفع يده إلى وجهه، يدعك عينيه ببطء للتخلص من بقايا النعاس ألقى نظرة نحو الساعة ليكتشف أنها تشير إلى الثامنة والنصف صباحًا
أطلق تنهيدة طويلة ومرهقة، ثم استلقى على السرير مجددًا للحظة قصيرة نظر إلى يد تايهيونغ التي كانت مسترخية فوق صدره أمسكها بحب، وضع قبلة دافئة داخل باطنها، ثم تركها قليلاً بقبضته متأملاً لها
حدق في يده المتشابكة بيد تايهيونغ، عينيه تنجذب إلى الخاتم الذي يزين أنامل تايهيونغ الرقيقة النحيلةَ مرر جونغكوك أحد أنامله على سطح الخاتم برفق، وكأنما يود أن يشعر بكل تفاصيله طبع قبلة أخرى على الخاتم، ثم أخذ نفسًا عميقًا واستقام من السرير بهدوء
توجه جونغكوك نحو الخزانة وفتحها ليأخذ بدلة العمل التي كان قد تركها مؤخرًا لدى تايهيونغ، إذ لم يكن ينوي العودة إلى منزله لاستعادتها كان اليوم يومًا مهمًا للغاية، حيث تُفتتح الفروع الجديدة عادةً بحضور المديرين فقط، وذلك لتقييم بيئة العمل والاستعداد لاستقبال العملاء المحتملين
بعدما ارتدى ملابسه ووقف أمام المرآة، أخذ لحظة ليتأكد أن كل شيء في مكانه، وعقله لا يزال مزدحمًا بالتفاصيل، بين المنزل الجديد والعمل الجديد، وبين كل ما ينتظره في يومه المزدحم
حرص جونغكوك على تغطية تايهيونغ جيدًا، مطمئنًا أنه يشعر بالدفء، قبل أن يغادر بهدوء متوجهًا إلى الشركة، وتحديدًا إلى الفرع الجديد
دخل جونغكوك إلى قاعة الاجتماعات، حيث وجد الجميع في انتظار حضوره المدراء الجدد الذين انضموا مؤخرًا إلى الشركة، وكان معظمهم من شركة ليام، كانوا جلوسًا على الطاولات، متطلعين إليه
وقف قليلاً قبل أن يفتح الباب، يترتب مظهره سريعًا، ثم دخل بثقة، ليبدأ حديثه بشكل رسمي: "أهلًا بكم جميعًا أنا جيون جونغكوك، الرئيس التنفيذي للفرع الجديد لشركة جيونكس أعتذر عن التأخير الذي حصل، وأتمنى أن نتمكن من العمل معًا لتحقيق أهدافنا اليوم هو بداية جديدة لنا جميعًا، وأتمنى أن نكون جميعًا في صف واحد لتحقيق النجاح"
ثم التفت إلى الحضور و تحدث بجدية: "أرجو من الجميع التوجه إلى مكاتبهم وبدء العمل سنكون مشغولين اليوم، وهناك الكثير من الأمور التي يجب أن ننجزها"
توجهت عيناه نحو أرثر في تلك اللحظة، الذي كان واقفًا بين الحضور أرثر نظر إليه بنظرة خالية تمامًا من أي مشاعر، مليئة بالبرود الواضح، لكنه لم يقل شيئًا أما جونغكوك، فقد قابل تلك النظرة بنظرة قاسية، مليئة بالكراهية، ثم تجاهله تمامًا واستدار ليكمل حديثه مع باقي الحضور
"أرجو من الجميع التوجه إلى مكاتبهم الآن لاستكمال العمل، سنبدأ فورًا"
بينما الجميع بدأ يتحرك، ظل أرثر يراقب جونغكوك، لكن الأخير كان قد قرر أن يتجاهله تمامًا، كما لو لم يكن هناك
أرثر، الذي كان يراقب عن كثب، لم يستطع إخفاء نظراته المشوبة بالخذلان والدهشة، وكأن ليلة الأمس ما زالت حاضرة في ذهنه أما جونغكوك، فقد لمحت عينيه نظرة كرهٍ واضحة تجاهه، وكأنه لا يرغب في تحمل أي تواصل مع ذلك الشخص
بعد أن أنهى كلمته، توجه جونغكوك نحو مكتبه، حيث تبعته أعين الجميع بينما تقدمت هانا، السكرتيرة الجديدة، نحوه بعد أن خرج من المكتب كانت هانا امرأة متألقة وعرفت نفسها بابتسامة هادئة
"مرحبًا سيد جيون، أنا كيم هانا، السكرتيرة الجديدة أنا هنا لمساعدتك في تنظيم جدولك اليوم"
ابتسم جونغكوك بتقدير، وأجاب بصوت هادئ: "أهلاً هانا، شكرًا لكِ على مجيئكِ سيكون يومًا طويلًا، أعتقد أننا بحاجة لتنظيم الأمور جيدًا"
"بالطبع"، أجابت هانا بحماس، ثم تابعت حديثها وهي تفتح الملف وسط سيرهما: "هذا هو جدولك اليومي : لديك اجتماع مع قسم التسويق في الساعة العاشرة، يليه اجتماع مع المحاسب في الساعة الثانية وبعد ذلك، جلسة مغلقة مع فريق إدارة المشاريع في الساعة الرابعة"
"حسنًا، شكرًا على التنسيق دعينا نتابع الأمور كما هو مخطط لها"
بينما كانا يتحدثان، لم يكن أرثر بعيدًا. كانت عيناه تراقب كل حركة لجونغكوك بعناية، ويبدو أن هناك شيئًا في نفسه لم يستطع تجاهله. ولكن جونغكوك لم يلتفت إلى أي شيء حوله، مشغولًا في تنظيم أعماله
كان جونغكوك جالسًا في مكتبه، منهمكًا في ترتيب جدول أعماله مع هانا، مساعدته المنظمة كان يراجع المواعيد على الشاشة بينما يوضح بعض التفاصيل الأخيرة
"لدي عمل هام خارج الشركة الساعة الثانية عشر، لذا سيكون وقت راحة للجميع أريدك أن تخبري الجميع لكي يكونوا على دراية"
أومأت هانا برأسها موافقة، ثم أخذت ملاحظاتها وقالت: "بالطبع، سأخبر الجميع بذلك"
ثم توقف جونغكوك لحظة، نظر إليها وقال بلطف: "يمكنكِ المغادرة "
هانا ابتسمت بخفة وأجابت: "شكرًا ، سأذهب الآن"
بينما غادرت هانا مكتبه، استرخى بعض الشيء، وأخذ جونغكوك نفسًا عميقًا، جاهزًا للتعامل مع باقي مهامه لهذا اليوم
دخل أرثر إلى مكتب جونغكوك بهدوء، وهو يغلق الباب خلفه بهدوء كانت أجواء المكتب مشحونة نوعًا ما منذ الاجتماع الصباحي، والجميع كان يعلم أن هناك توترًا بينهما شعر أرثر بحاجة ملحة للتحدث مع جونغكوك، ولكنه كان يعلم أن حديثهما لن يكون سهلًا
اقترب أرثر من مكتب جونغكوك وقال بصوت منخفض: "جونغكوك، أحتاج إلى التحدث معك"
نظر إليه جونغكوك بتجاهل وكأنه لم يشعر به في البداية ثم رفع نظره، وواجهه بنظرة باردة، مما جعل أرثر يتردد للحظة ولكن أرثر أصر على المضي قدمًا، فجلس على أحد الكراسي أمام مكتب جونغكوك
"أعتقد أنه يجب أن نوضح بعض الأمور، خاصة بعد ما حدث البارحة" ، تحدث أرثر محاولًا كسر الحاجز بينهما
جونغكوك كان هادئًا جدًا وكأن حديث أرثر لا يؤثر عليه :" لا أعتقد أنه هناك أي شيء يجب أن أوضحه، الأمور واضحة بما فيه الكفاية"
أرثر، الذي كان يبدو محبطًا قليلاً، حاول أن يخفف من الجدية التي شعرت بها الكلمات: "جونغكوك، فقط استمع لي نحن بحاجة لإيجاد طريقة للتعامل مع الوضع... لأننا لا نستطيع الاستمرار هكذا"
لكن جونغكوك، وهو ينهض ببطء من مقعده، أدار ظهره لأرثر وقال بلغة لا تحمل أي مشاعر: "أنا مشغول الآن، لدينا عمل يتطلب التركيز إذا كنت ترغب في التحدث، فلا أنوي الاستماع اليه تفضل بالخروج "
وبهذه الجملة، كان قد أغلق الباب بينهما تمامًا، بينما بقي أرثر جالسًا على كرسيه، يشعر بثقل الكلمة التي لم يستطع أن يغيرها
استفاق تايهيونغ فجأة، مشاعر الإرهاق تطغى عليه، وكان الألم في رأسه لا يطاق رنين الهاتف الذي قطع عليه سباتاً عميقاً جعله يرفع يده بصعوبة ليأخذ الهاتف من الطاولة المجاورة له. نظر إلى الشاشة فوجد أن المتصل هو يونقي
"صباح الخير تايهيونغ ، أريد إخبارك بأنه تم قبولك في الفرع الجديد، وسيبدأ العملاء الجدد بالعمل بعد عطلة رأس السنة"، تحدث يونقي بهدوء
رد تايهيونغ بكلمات بسيطة ولكنها مليئة بالامتنان: "شكرًا لك، يونقي" ، ثم أغلق الهاتف، محاولًا استيعاب الخبر الجديد الذي تلقاه لكنه شعر بارتباك داخلي كان جسده يواجه تغيرات مفاجئة وملحوظة و لا يعلم كيف يتعامل معها
كانت الغرفة باردًا والمكان غارقًا في الظلام، إلا أن ضوء الشمس كان يحاول اختراق الستائر الثقيلة ليترك أثرًا خفيفًا على الجدران استدار تايهيونغ ببطء على سريره، وأخذ وسادة جونغكوك التي كانت بجانبه، جذبها إلى صدره كأنها مصدر راحته
وضع يده على الوسادة بلطف، وأغلق عينيه مجددًا، يحاول الهروب من تأثير الصداع والجسد الذي يمر بتغيرات غير متوقعة تنفس ببطء، متمنيًا لو أن كل شيء يعود إلى طبيعته حينما يستيقظ بعد قليل
أنهى جونغكوك اجتماع الساعة العاشرة في الساعة الحادية عشرة والنصف، ثم شكر الجميع قبل أن يخرج من الشركة متجهًا لمقابلة المستشار العقاري ورؤية المنزل خلال طريقه، كانت أفكاره مشوشة، يتساءل في داخله: هل سيكون هذا المنزل هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الحياة التي تمناها؟
عندما وصل جونغكوك إلى الموقع، وقف لحظةً ليتأمل المكان كان المنزل يقع في منطقة هادئة، بعيدًا عن ضوضاء المدينة تصدح السكينة في كل زاوية من المكان، حيث كان المنزل المؤلف من طابقين يتألق بلونه الأسود العصري الذي يتناغم مع تصميمه الحديث جدرانه نظيفة ونوافذه العريضة كانت تضفي عليه طابعًا من الانفتاح والحداثة كان السور الأسود الضخم يلتف حول المنزل يُشكل حاجزًا يحفظ خصوصيته ويوفر له أمانًا تامًا
بعد أشهر من البحث والاختيار، وأسابيع من الترتيبات الدقيقة، وصل جونغكوك أخيرًا إلى الموقع الذي طالما انتظره كان هذا المنزل بمثابة حلمه الشخصي الذي تحول تدريجيًا إلى حقيقة منذ البداية، كان حريصًا على كل تفصيلة، من التصميم الداخلي إلى توزيع الغرف، مستشيرًا إريك، المستشار العقاري الذي أشرف على تنفيذ كل طلباته
ترجل جونغكوك من سيارته بخطوات واثقة نحو المدخل حيث كان إريك ينتظره بابتسامة مهنية، يشع منها رضا الإنجاز صافحه جونغكوك بحرارة قائلاً بابتسامة: "إريك، شكرًا لجهودك"
رد إريك، وهو يفتح الباب الرئيسي:
"سعيد بخدمتك، أعتقد أنك ستجد كل شيء كما طلبت وربما أفضل"
عند دخوله المنزل لم يستطع جونغكوك إخفاء دهشته كل شيء بدا متناسقًا و مذهلاً التصميم العصري بالألوان الهادئة والأثاث الفاخر أضفى شعورًا بالفخامة والراحة في آنٍ واحد
قال إريك، مشيرًا إلى الطابق السفلي:
"الطابق الأول يحتوي على غرفة كاريوكي واسعة مع ركن نبيذ مميز، بالإضافة إلى غرفتي معيشة مريحة، وغرفة للضيوف، ومطبخ مجهز بالكامل كما أضفنا مخزنًا صغيرًا و غرفة فارغة بناءً على طلبك الشخصي"
تأمل جونغكوك التفاصيل بعناية، معجبًا بالعمل السريع والمتقن ثم استفسر:
"كل هذا تم في أسبوعين فقط؟ العمل مذهل بالفعل"
ابتسم إريك بتواضع وقال:
"فريقنا يلتزم بأعلى معايير الجودة والسرعة، خاصة عندما يتعلق الأمر برضا عملائنا المميزين"
صعدا إلى الطابق العلوي حيث أشار إريك إلى المساحات المختلفة:
"هنا غرفة معيشة صغيرة وشرفة خارجية توفر إطلالة رائعة كما يوجد أربع غرف نوم مريحة وغرفة خاصة لمراقبة الكاميرات و دورات المياه موزعة على كلا الطابقين"
أومأ جونغكوك بإعجاب، قائلاً بإيجاز:
"هذا أكثر مما كنت أتوقع شكرًا على هذا العمل الرائع"
تركه إريك ليأخذ جولة خاصة في المنزل، بينما كان جونغكوك يتنقل بين الغرف، يتأمل كل زاوية، وهو يفكر في الخطوة القادمة
جونغكوك وقف في منتصف غرفة المعيشة العلوية، عيناه تتجولان في أرجاء المكان فجأة، اجتاحه شعور دافئ، وبدأ خياله يرسم صورة لما يمكن أن يكون عليه هذا المنزل إذا شاركه مع تايهيونغ
تخيل صوت خطوات طفولية تملأ المكان، وضحكات صغيرة تتردد في الأرجاء تخيل طفلهما، بشعره الداكن وعينيه اللامعتين، يركض حول الأثاث بخفة وبراءة رآه يتشبث بذراعيه الصغيرة بوسائد الأريكة، ثم يندفع نحو تايهيونغ الذي كان يجلس على السجادة بابتسامة مليئة بالحب، فاتحًا ذراعيه لاستقباله
ابتسم جونغكوك لهذا المشهد المتخيل، وشعر بوخزة دفء في قلبه لم يكن مجرد منزل بالنسبة له؛ كان بداية لحياة جديدة، حياة يريد أن يملأها بالحب والأمان و الرضا التام
تخيل تايهيونغ في المطبخ، يعد وجبة خفيفة بينما الصغير يجلس على الطاولة، يتأرجح بقدميه ويثرثر بسعادة ، تخيل الليل حينما يضعان طفلهما في السرير ثم يجلسان معًا على الشرفة يتأملان النجوم سوياً
همس لنفسه بابتسامة خفيفة وهو ينظر حوله:
"ربما هذا ليس مجرد منزل ربما هو البداية لحياة حلمت بها طويلًا"
عاد إلى الواقع حينما شعر بيديه تضمان نفسه، كأنه يحتضن تلك الأحلام التي رسمها للتو مصممًا على أن يجعلها حقيقة مهما كلفه الأمر
جونغكوك نظر إلى إريك تحدث بحزم : "إذا كان بالإمكان، أود إنهاء الإجراءات الآن جدولي مزدحم، وأفضل أن أتمم كل شيء في أقرب وقت"
أجاب إريك بابتسامة: "بالطبع، يمكننا إنهاء كل شيء الآن إذا كنت جاهزًا"
أخرج جونغكوك بطاقته السوداء من محفظته بيد ثابتة، وأعطاها لإريك الذي قام بمسحها عبر جهاز الدفع بعد لحظات، مرر إريك الوثائق أمامه ليوقع عليها قام جونغكوك بتوقيع العقد بثبات، وكأن تلك الخطوة لم تكن مجرد ورقة، بل كانت البداية لعهد جديد
كانت خطوة كبيرة في حياته ولكنه شعر بالطمأنينة وهو يتخذ هذا القرار
"تمت المعاملة كل شيء مكتمل" ، تحدث إريك بعد لحظات قليلة من المعالجة :" أهنئك على منزلك الجديد، جونغكوك"
ابتسم جونغكوك برقة وقال: "شكرًا لك على كل شيء"
تبادل الاثنان المصافحة مجددًا، ثم توجه جونغكوك نحو الباب، وعيناه تتأملان المنزل الذي أصبح ملكه الآن، شعر بشعور من التمكين والطمأنينة يغمره
بعد إتمام الصفقة، بقي جونغكوك واقفًا أمام المنزل الجديد لعدة لحظات، يتأمل المكان وكأنه يستعد لاستقبال شيء جديد في حياته كانت أفكاره تدور حول اللحظة المناسبة التي سيحضر فيها تايهيونغ إلى هنا كان يشعر بحماسة كبيرة، وكأن هذا المنزل سيكون بداية جديدة لهما، بداية لحياة مليئة بالذكريات المشتركة
"سيكون هذا المكان مثاليًا لنا" ، همس لنفسه وهو ينظر إلى الأفق كان يعلم أن هناك وقتًا مناسبًا لذلك، الوقت الذي سيشعر فيه تايهيونغ بالراحة التامة ليجعل هذا المكان منزلاً لهما معًا
بعد أن أخذ نفسًا عميقًا، توجه جونغكوك إلى سيارته، ليعود إلى الشركة ويكمل جدوله اليومي كانت مهامه لا تزال تنتظره، ويعرف جيدًا أن العمل لا يتوقف لكن في عقله، كان المنزل الجديد واللحظات القادمة مع تايهيونغ هما كل ما يشغله
استلقى تايهيونغ على سريره، يمسح معدته بتعب شديد وهو يحاول تخفيف الألم الذي يشعر به فجأة في جسده لم يكن يشعر بالراحة منذ ساعات، ورغم محاولاته المتكررة للاسترخاء، كان الألم يتفاقم
هاتفه رن في تلك اللحظة، وعندما نظر إلى الشاشة، وجد اسم دانيال كان يبدو أن ذلك هو التوقيت المناسب للحديث
"مرحبًا، دانيال" ، قال تايهيونغ بصوت منخفض يكسوه التعب
"مرحبًا، تايهيونغ كيف حالك؟" جاء صوت دانيال، لكنه سرعان ما لاحظ النغمة الثقيلة في طريقة حديث تايهيونغ :" هل أنت بخير؟"
تنهد تايهيونغ وهو يحاول التخفيف من الألم: "لا، أنا لا أشعر بذلك جسدي في حالة تعب غير عادية، وأشعر بألم في معدتي بشكل مفاجئ لم يحدث لي هذا من قبل"
تفاجأ دانيال من حديثه، فاستفسر: "لا يمكن أن تكون حاملاً، أليس كذلك؟"
كأن السؤال كان صاعقة مفاجئة لتايهيونغ. شعر بنوع من الذهول، وابتسم بغرابة وهو يرد سريعًا: "مستحيل! لا يمكنني أن أكون حاملًا. أعلم أن هناك من يستطيعون الحمل في مثل حالتي، لكنهم يحتاجون وقتًا طويلًا حتى يحدث ذلك أما بالنسبة لي... فلا، هذا مستحيل"
استنشق دانيال نفسًا عميقًا قبل أن يطلق ضحكة قصيرة ثم يتحدث ممازحاً اليه : "أمًا عن ذلك... ربما يحتاج جونغكوك إلى بذل المزيد من الجهد !"
تايهيونغ ضحك خجلًا لكن ابتسامة دانيال جعلت الشكوك تلمع في قلبه. هل كانت الأمور تسير بطريقة خاطئة؟ وهل كانت هناك أسباب أخرى لما يشعر به؟ لكنه سرعان ما طرد هذه الأفكار من رأسه قائلاً : " لا أعتقد أن هذا هو السبب، دانيال ليس الأمر بهذه البساطة، والوقت الذي أمضيناه معًا لا يمكن أن يسبب ذلك"
لكن رغم ما قاله، كان قلبه مليئًا ببعض الشكوك لم يكن يعرف إذا كانت تلك الأفكار مجرد خيال أو شيء آخر
تنهد تايهيونغ بعمق و تحدث ببطء : "ربما يكون مجرد تعب عابر سأخذ الدواء الآن، لعلّه يخفف الألم وسأحاول أن أعود للنوم"
ثم بصوت هادئ، أضاف: "إلى اللقاء" ، وأغلق الهاتف بهدوء، متمنيًا أن يمر هذا الشعور الغريب في أقرب وقت
مد يده إلى المنضدة القريبة منه، حيث كان الدواء موضوعًا هناك، وأخذ الجرعة المقررة منه ارتشف الماء بعده ببطء، محاولًا تهدئة نفسه بعدها، عاد لاحتضان وسادة جونغكوك بكلتا يديه وقدميه، كما لو كانت تمثل له الراحة التي يبحث عنها أغلق عينيه وحاول أن يسيطر على الألم، في أمل أن يعود إلى النوم ويختفي كل ما يشعر به من تعب وقلق
عند المساء
عند الخامسة مساءً، انتهى الاجتماع الأخير حمل جونغكوك سترته وحاسوبه الشخصي، وتأكد من أخذ الملفات التي تحتاج إلى مراجعة في المنزل. ضغط على الساعة المعلقة في المكتب وهو يغادر كان اليوم طويلًا ومزدحمًا، ولكن شيء ما في قلبه كان لا يهدأ
خرج من الشركة نحو مواقف السيارات حيث كانت سيارته مركونة بالخارج. صعد إليها بسرعة، ورمى أدواته على المقعد المجاور له دون اكتراث، بينما كانت أفكاره تدور حول تايهيونغ ظل عقله وقلبه يتصارعان مع القلق؛ فمنذ الصباح، لم يتلقَ أي اتصال من تايهيونغ كان يظن أن الأخير ربما كان نائمًا، ولكن الفكرة بدت غريبة كيف يمكن لتايهيونغ أن يظل نائمًا منذ الفجر حتى المساء؟ هذا غير معقول
دون أن يضيع الوقت في التفكير، أدار المحرك وقاد سيارته على الفور كان منزل تايهيونغ قد أصبح منزلهما مؤخراً، وها هو الآن في طريقه إليه، يملأه القلق والفضول في نفس الوقت قد تكون هذه هي اللحظة التي يحتاج فيها كل منهما الآخر أكثر من أي وقت مضى
عندما وصل جونغكوك إلى المنزل، وجده مظلماً تماماً. توقّف عند الباب للحظة، ثم أطلق تنهيدةً عميقة وكأنه يقول في نفسه: "كما توقعت..."، وأضاف وهو يبتسم بخفة: "يبدو أن تايهيونغ قرر أن يصبح نائمًا كالحجر اليوم!"
ثم، على الرغم من شعوره بالقلق دخل بهدوء إلى الداخل محاولاً ألا يُصدر أي صوت، وهو يزيل سترته ويضعها جانباً كان يتساءل في نفسه ما إذا كان تايهيونغ فعلاً نائماً منذ الفجر، أم أن شيئًا آخر كان يثقل قلبه
توجه جونغكوك بهدوء إلى الغرفة العلوية، حيث كان تايهيونغ مستلقيًا في السرير، والهدوء يعم المكان اقترب منه، وجلس بجانبه برفق، محاولًا أن لا يزعجه وهو ينظر إليه بتفحص كانت تعابير وجهه تحمل قلقًا غير مرئي، وعينيه تمتلئان بالاهتمام همس بصوت دافئ، قائلاً: "هل أنت بخير؟ نومك طوال هذا الوقت غير معتاد"
فتح تايهيونغ عينيه ببطء، محاولًا استعادة وعيه، ثم رفع نظره إلى جونغكوك، وجاء صوته مرهقًا، مليئًا بالتعب:
"كنت أشعر بالإرهاق الشديد منذ الصباح، شعرت بألم حاد في معدتي، لذلك استمريت في النوم دون أن أدرك مرور الوقت"
ابتسم جونغكوك بحذر وهو يراقب حالة تايهيونغ، وعينيه مليئتان بالقلق حرك يده برفق على فروة رأسه، يدلك خصلات شعره الكثيفة، ثم همس بصوت خافت:
"هل أنت بخير الآن؟"
أومأ تايهيونغ برأسه وهو يجيب بصوت أضعف قليلًا: "نعم أشعر بتحسن الآن"
رغم تلك الإجابة، لاحظ جونغكوك كيف كان تايهيونغ يظل محتفظًا بوسادته بين يديه كما لو كانت تمنحه الراحة اقترب منه أكثر، وجذب الوسادة بلطف كي يزيلها عنه ثم طبع قبلة رقيقة على جبين تايهيونغ، وقرب وجهه أكثر همس بصوت دافئ، مغمورًا بالحاجة والقلق:
"استيقظ يا وديع قلب جونغكوك، لا أستطيع تحمل البقاء دونك"
حتى استجاب تايهيونغ، وهو يفتح عينيه بالكامل، ليجد نفسه في حماية حب جونغكوك الدافئ
ابتسم جونغكوك برقة وهو يمسح خصلات شعر تايهيونغ بحنان، قائلاً بنبرة دافئة: "سأذهب لتغيير ثيابي وسأعد لك حساء الذرة سيساعدك على التعافي ويخفف من ألم معدتك"
نظر تايهيونغ إليه بنظرة ممتنة، بينما استمر جونغكوك في مسح خصلات شعره برفق، وكأنهما في عالم آخر، حيث لا مكان للقلق أو الألم
ثم أضاف جونغكوك بحرص: "فقط تأكد من أنك ترتدي ثيابًا ثقيلة وجوارب، فالطقس بالخارج بارد، يجب عليك أن تكون دافئًا لتتعافى بسرعة"
قبل أن يبتعد نحو الخزانة لأخذ ثيابه اقترب مرة أخرى من تايهيونغ ووضع قبلة رقيقة على فروة رأسه وكأنها همسة حب تطمئنه وتمنحه شعورًا بالأمان
وهو يبتعد همس في قلبه: "أنت أغلى ما أملك، سأكون هنا دائمًا من أجلك"
ثم خرج بهدوء تاركًا وراءه شعورًا بالطمأنينة يحيط بالغرفة مع وعد بأن يكون دائمًا إلى جانبه كما هو الحال دائمًا
توجه جونغكوك نحو الخزانة لتغيير ثيابه ، إذ قرر أن يرتدي بجامة مريحة ليتماشى مع الأجواء الهادئة في المنزل انتقى بنطالًا من القماش الناعم وقميصًا بسيطًا، ينساب بخفة على جسده، وهو يشعر براحة أكبر في هذه اللحظة بعد أن غير ثيابه ، أخذ نفسًا عميقًا، ثم توجه إلى المطبخ ليعد حساء الذرة
بينما كان جونغكوك يواصل تحضير حساء الذرة في المطبخ، كان تايهيونغ في الغرفة العلوية، قد نهض بتثاقل من السرير شعر ببعض التحسن بعد الاستراحة الطويلة، فأخذ حمامًا دافئًا يساعده على الاسترخاء كانت المياه الدافئة تميل إلى السخونة تُشعره بالراحة، وتخفف من الإرهاق الذي كان يعتريه طوال اليوم
بعد أن انتهى ، ارتدى بجامة ثقيلة من القطن، إضافةً إلى جوارب دافئة تحميه من البرد الخارج شعر وكأن دفء الملابس يمنحه بعض الراحة بعد التعب الذي مر به ثم توجه نحو الأسفل، حيث كان يشعر برغبة في العودة إلى الجلوس بالقرب من جونغكوك، الذي لم يتوقف عن الاهتمام به
بينما كان ينزل على الدرج، وصل إلى المطبخ ليجد جونغكوك قد انتهى من تحضير الحساء، وتفوح من القدر رائحة الذرة الممزوجة بالكريمة التي لا تُقاوم نظر إليه جونغكوك بابتسامة دافئة، ثم أشار له للجلوس على الكرسي بالقرب من الطاولة
قال جونغكوك وهو يمسح يديه بمنديل : "لقد انتهيت من تحضير حساء الذرة، أرجو أن يساعدك في الشعور بالتحسن"
كان صوته مليئًا بالعناية، ثم أضاف بابتسامة: "أنت الآن بحاجة إلى دفء أكثر من أي وقت مضى"
جلس تايهيونغ على الكرسي بالقرب من الطاولة، وشعر بشيء من الراحة عند رؤية الحساء أمامه كان الهواء في المطبخ دافئًا، وكان المزيج اللذيذ من رائحة الذرة يملأ المكان ويشعره بالاطمئنان
ابتسم قليلاً، وقال بنبرة خافتة: "شكراً لك، جونغكوك هذا بالفعل ما كنت أحتاجه"
جونغكوك جلس بجانبه على الكرسي، وعينيه مليئة بالاهتمام تحدث :
"أنت لا تحتاج إلى شكر، كل ما أريده هو أن تشعر بالتحسن أما الآن، عليك أن تأخذ هذا الحساء بينما هو لا يزال ساخنًا"
بينما بدأ تايهيونغ بتناول الحساء، كانت هدوء الغرفة يعكس الراحة التي بدأ يشعر بها في تلك اللحظة، كان كل شيء يبدو في مكانه كان الحساء يدفئ معدته، والوجود المستمر لجونغكوك بجانبه يطمئنه كان يشعر وكأن الدنيا أصبحت أكثر لطفًا بكثير في هذا المطبخ البسيط
نظر جونغكوك إليه بحب ثم تحدث بلطف : "أنت حقًا بحاجة للراحة، لذا بعد أن تأكل، سنتناول وقتًا هادئًا معًا، فقط لنتحدث أو نسترخي دعني أعتني بك اليوم"
رفع تايهيونغ رأسه مبتسمًا بخجل وقال: "أنا ممتن لك لوجودك بقربي"
جونغكوك فقط أومأ برأسه وأجاب بابتسامة دافئة: "لأنك تستحق ذلك وأكثر"
بينما واصل تايهيونغ تناول الحساء، كان كل شيء حولهم هادئًا، محاطًا بدفء المشاعر والاهتمام المتبادل
بينما كان جونغكوك يضع الحساء أمام تايهيونغ، نظر إليه بقلق وقال برفق: "كيف شعرت بتلك الآلام عند الصباح؟ هل كانت مفاجئة لك؟"
تايهيونغ تناول الملعقة برفق، محاولًا أن يجيب في هدوء، وقال بصوتٍ منخفض: "لم أكن أتوقعها، كنت أشعر بالإرهاق الشديد ثم بدأ الألم يظهر فجأة في معدتي حاولت أن أرتاح قليلاً لكنني لم أتمكن من التخلص منه بسهولة " ، أضاف وهو يمسح على جبينه بخفة: "لذلك قررت أن أنام طوال الوقت، علّني أشعر بتحسن"
جونغكوك نظر إليه بعناية وهو يتنهد بقلق، وقال: "أنت بحاجة للاهتمام أكثر، يجب ألا تتجاهل مثل هذه الأعراض إذا استمر الألم، علينا استشارة طبيب"
تايهيونغ ابتسم بشكل هادئ، وأجاب: "لا داعي للقلق، أشعر الآن بتحسن هذا الحساء يبدو لذيذًا جدًا"
جونغكوك ظل يراقبه بعينين مليئتين بالقلق، لكن ابتسم وأشار برأسه، قائلاً: "أريدك أن تشعر بالراحة إذا كنت بحاجة لأي شيء، أنا هنا دائمًا"
بينما كان جونغكوك لا يزال يتحدث مع والده على الهاتف، لاحظ أن تايهيونغ رفع عينيه باتجاهه وكأنه يريد الحديث ابتسم جونغكوك بلطف ثم وضع الهاتف جانبًا قليلاً
"هل ذهب اليوم للعمل بالفرع الجديد؟" سأل تايهيونغ بصوت هادئ، وهو يراقب جونغكوك بعناية
جونغكوك أومأ برأسه وهو يجيب: "نعم، ذهبت كان اليوم هادئًا"
تايهيونغ رفع حاجبه وكأنه يتساءل عن المزيد، فتابع: "كيف كان العمل هناك؟"
جونغكوك أخذ نفسًا عميقًا، ثم أجاب بنبرة مريحة: "كان هادئًا للغاية، أفضل من الفرع الرئيسي بكثير أكثر راحة والكل في حال جيدة، حتى التعاملات كانت أسهل المكان مثالي للعمل"
ابتسم تايهيونغ بابتسامة خفيفة، وهو يهدأ من قلقه: "ذلك جيد يبدو أنك مرتاح هناك."
جونغكوك ابتسم بدوره، وأضاف قائلاً: "نعم، يبدو أن البداية ستكون جيدة. لكننا سنرى مع مرور الوقت"
عندما انتهى تايهيونغ من تناول حساء الذرة، شعر بالراحة الجزئية ولكن لا يزال لديه شعور بالتعب همّ بالاستقامة ليأخذ الطبق ويذهب لغسله، إلا أن جونغكوك لاحظ حركته وابتسم بهدوء
بخطواتٍ خفيفة، اقترب منه وأخذ الطبق برفق من يديه، قائلاً بنبرة هادئة: "لا تحتاج للقيام بذلك الآن، استرخِ في غرفة المعيشة"
تايهيونغ نظر إليه متفاجئًا قليلاً، لكنه شعر بالراحة من تلك الكلمات كانت عناية جونغكوك به دائمًا تشعره بالأمان والراحة
"اذهب واسترح قليلاً، سأهتم بكل شيء هنا" ، أضاف جونغكوك، وهو يبتسم برقة قبل أن يتوجه إلى المطبخ ليغسل الطبق
بخطوات ثقيلة، توجه تايهيونغ إلى غرفة المعيشة كما نصحه، ووجد مكانًا مريحًا على الأريكة، حيث استلقى برفق وأغمض عينيه مجددًا، مستشعرًا الدفء الذي كان يحيط به من كل جانب
استلقى تايهيونغ على الأريكة في غرفة المعيشة، وهو يحاول التخلص من شعور التعب الذي لا يزال يعكر مزاجه عينيه كانت تغلق شيئًا فشيئًا، وداخل قلبه كانت هناك راحة صغيرة تملأه بوجود جونغكوك بجانبه، تلك العناية التي يشعر بها دائمًا عندما يكون بالقرب منه
كان جونغكوك قد أكمل غسل الطبق وأعاد ترتيب المطبخ، ثم خرج إلى غرفة المعيشة، حيث وجد تايهيونغ مستلقيًا على الأريكة اقترب منه ببطء، جالسًا على الحافة بالقرب منه، ولم يستطع منع نفسه من وضع يده برفق على رأسه، ماسحًا خصلات شعره بحنان
جلس جونغكوك بجانب تايهيونغ، وهو يراقب حركاته بقلق خفيف نظر إليه مبتسمًا وقال: "متى ستنام الليلة؟ يبدو أنك لن تنام الآن بعد كل هذا الوقت من النوم"
قهقه تايهيونغ بخفة، وهو يحاول تخفيف الجو قائلاً: "لم أتوقع أنني سأمضي كل هذا الوقت نائمًا، ولكن يبدو أن جسدي كان في حاجة لذلك أكثر مما ظننت"
ثم نظر إلى جونغكوك، وأخذ نفسًا عميقًا، وأضاف بخفة: "لكن هل سيُحرم تايهيونغ من القبلات حتى يتحسن؟"
ابتسم جونغكوك، وأجاب بمرح: "نعم، حتى تتحسن. إذا مرضت الآن، من سيراعي حالتك؟"
أشار إلى شفتيه برقة، قائلاً: "أنا من سيعتني بك، لكن يجب أن تبقى بصحة جيدة لتتمكن من الحصول على المزيد من القبلات"
تايهيونغ ألقى نظرة عليه، ثم رفع حاجبيه قائلاً: "إذاً، أعتقد أنني سأضطر للاعتناء بنفسي قليلاً حتى أستعيد قوتي"
ابتسم جونغكوك ابتسامة دافئة وهو ينظر إلى تايهيونغ، ثم قال بنبرة هادئة: "أنت لا تحتاج إلى الاعتناء بنفسك فقط، فأنا هنا لأعتني بك بكل شيء فقط لا تجهد نفسك أكثر من اللازم"
بينما كان جونغكوك يستمتع باللحظة مع تايهيونغ، قاطعهم اتصال من والد جونغكوك رفع الهاتف وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يجيب، منتقلًا إلى مكان آخر في المنزل للحديث
"مرحبًا أبي," قال بصوت بارد، محاولًا إبقاء هدوئه تحت السيطرة
على الطرف الآخر، كان صوت والده جافًا وحازمًا كما المعتاد :
"جونغكوك، بعد تفكير طويل، قررنا أنه سيكون من الأفضل أن يحضر تايهيونغ حفل الكريسماس هذا العام ولكن هناك شرط: يجب أن تتظاهر أمام أسرتنا بأنك لا تزال في علاقة طيبة مع أرثر وإذا اكتشف أحدنا أو شعر بأي نوع من العاطفة بينك وبين تايهيونغ، فسوف تُواجه تبعات ذلك"
كان كلام والده ثقيلًا على قلبه كان يعرف أن والده دائمًا ما يتحدث بهذا الأسلوب القاسي، لكن لم يكن يتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد. "أفهم," قال جونغكوك بصوت بارد، وقد كبح مشاعره قدر المستطاع ثم أضاف : "سألتزم بما طلبته"
أغلق جونغكوك الهاتف بهدوء ولكن الغضب كان يتسرب إلى ملامحه رغم محاولاته للحفاظ على هدوئه
" كما توقعت"، همس لنفسه وهو يعيد الهاتف إلى جيبه كان يعلم أن والده لا يترك شيئًا للصدفة، وكان يتحكم في كل شيء حوله، بما في ذلك علاقاته الشخصية
عاد إلى غرفة المعيشة حيث كان تايهيونغ ينتظره، وبالرغم من محاولته إخفاء انزعاجه، كانت ملامحه تحمل شيئًا من الشدّة كان يود أن يكون أكثر صراحة مع تايهيونغ، لكنه كان مدركًا تمامًا أن الظروف لا تسمح بذلك في الوقت الراهن
"هل كل شيء على ما يرام؟" سأل تايهيونغ بصوت هادئ، ملاحظًا التغيير في سلوك جونغكوك
جونغكوك أومأ برأسه، محاولًا إخفاء التوتر الذي كان يشعر به
"نعم، كل شيء بخير"
ولكن داخليًا، كان يعلم أن الأمور لن تكون كما كانت
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro