22
انجوي بالقراءة لا تنسون الكومنت بين الفقرات و الڤوت 🤎
في شقة جيمين كانت الأجواء مشحونة بالانفعالات والدهشة أرثر جالس على الأريكة يبكي بحرقة ويشعر وكأن العالم ينهار من حوله بينما جيمين يجلسُ بالقرب منه أمامه مذهولاً غير قادر على تصديق ما سمعه لتوا
أرثر كان جالسًا على حافة الكرسي، عيونه متورمة بسبب دموعه التي حاول جاهداً أن يخفيها، لكنه لم يتمكن كان صوته مختنقًا، يخرج بصعوبة، وكأن الكلمات ترفض الخروج من حلقه بدأ في سرد ما حدث، وأصابته رجفة عميقة وهو يتحدث عن تلك اللحظة المدمرة
"عندما وقعت عيناي على تلك العلامات الداكنة على صدر جونغكوك، شعرت وكأن خنجرًا اخترق قلبي"، قال بصوت يملؤه الحزن، ثم أضاف بصوت مختنق "سألته، هل عاشرته؟ وكان جوابه كطعنة أخرى، قالها بلا مبالاة: نعم"
لحظة صمت قصيرة ثم تحدث من جديد، وعينيه تغمرها مشاعر من الغضب والألم، "جيمين... هذه أول مرةً أكرهه فيها هكذا أشعر بكرهي لكل شيء يخصه: تصرفاته، كلماته، شخصيته، بروده... وكل شيء به!"
توقف عن الكلام لحظة وكأن الكلمات الثقيلة تكاد تبتلع صدره، ثم أضاف بنبرة حزينة وقاسية : "لو كنت أعلم أن هذه الصفقة ستنتهي بهذا الشكل، لما وقعتها أبدًا لما أوهمني بحبه في البداية، ليظهر لي لاحقًا شخصيته اللعوبة الحقيقية؟ هذا الأمر يجعلني أكرهه أكثر من أي وقت مضى"
تراجع إلى الوراء قليلاً، فكر في كلامه ودموعه تغمر عينيه، وبينما كان يفكر، كان يشعر بألم لا يمكن تحمله، وكأن كل شيء حوله انهار في لحظة
تابع أرثر بصوت مختنق، وكأن الكلمات تخرج بصعوبة من أعماقه، محملة بالحزن والألم الذي يملأ قلبه: "الرسائل التي يغمره بها بالحب، والاتصالات المستمرة التي أصبحت جزءًا من روتينه اليوم ، الخاتم والقميص ، هل يعتقد أنني أعمى لا أفهم ما يدور من حولي؟"
وقع جيمين في دوامة من الصدمة وعدم التصديق كان يظن أن كل ما يُقال عن تايهيونغ وجونغكوك مجرد شائعات عابرة لكن ما اكتشفه قلب كل تصوره رأسًا على عقب
بغصة في صوته ودموعه ما زالت تنهمر، نظر أرثر إلى جيمين وسأله بتساؤل مؤلم: "هل كنت أنت من أخبره عن أدفين؟"
تفاجأ جيمين للحظة لكنه تدارك نفسه وأجاب على الفور: " لا، لم أقل له شيئًا ما السبب وراء سؤالك؟"
بدا أرثر في حالة من الذهول، وعيناه تحملان علامات الاستفهام المتزايدة، قال بصوت متردد، مملوء بالتساؤل: "في المقهى، كان يهددني أن يخبر الجميع عن علاقتي بأدفين! كيف عرف عن ذلك؟ هذا مستحيل! كيف اكتشف الأمر؟"
التفت جيمين نحو أرثر، وقال بصوت خافت، يكاد لا يُسمع : " أتذكر تلك الليلة التي كنت ذاهبًا فيها إلى منزل تايهيونغ؟ رأيت شيئًا لم أستطع تفسيره وقتها... خاتم خطوبتكما كان مرميًا على الأرض ظللت في حيرة من أمري طوال هذا الوقت، لكن الآن كل شيء بات واضحًا"
أرثر، وهو يحاول كبح ألمه خلف كلماته، تحدث بصوت ملؤه الحزن : " لقد استبدلني بهذه السرعة استبدل حياتنا معًا بحياة أخرى، وكأنها لم تكن تعني له شيئًا منذ أن رآه لأول مرة وهو لم يعد كما كان تغيّر تمامًا وكأن كل شيء في داخله يحاول اللحاق به بطريقة غريبة، وكأنني أصبحت مجرد ذكرى باهتة في حياته"
وبنظرة مملوءة باللوم تحدث أرثر بنبرة ثقيلة : " أنت السبب! لماذا أحضرت هذا الشخص اللعين إلى المنزل في تلك الليلة؟! منذ أن رآه جونغكوك، أصبح شخصًا مختلفًا تمامًا!"
صدم جيمين من الطريقة التي بدأ أرثر يلومه بها فقد كان يعتقد أن الموقف أكبر من ذلك بكثير لكن كلمات أرثر أشعلت فيه غضبًا لم يكن يتوقعه فتحدث بنبرة متعالية وهو يواجهه اندفاعه واضحًا في صوته
"كيف تجرؤ على لومني؟ لا تنسى انك عاشرت أدفين! ارثر لا تتخذ دور الضحية الآن! كلاكما مخطئ، وليس لديك الحق في إلقاء اللوم على الآخرين بينما كنت أنت أيضًا جزءًا من هذا الفوضى!"
جيمين أخذ نفسًا عميقًا ليكمل كلامه بنبرة أكثر حدة غير قادر على إخفاء استيائه: "أنت فقط لم تكن تدرك الحقيقة جونغكوك حتى بعد زواجكما كان لديه سجل طويل من العلاقات مع الفتيان والفتيات وأنا كنت على علم بذلك الجميع كان يعرف ما عداك أنت! لأنك كنت عالقاً في أوهامك"
أرثر الذي كان في البداية غارقًا في حزن عميق تجمد في مكانه عند سماع كلمات جيمين كانت الصدمة تسيطر عليه كأن الأرض انشقت تحت قدميه تراجع قليلاً للخلفِ وكأن كلمات جيمين كانت ثقيلة على قلبه لكنه لم يستطع الرد فورًا لأنه لم يكن يعرف كيف يستوعب تلك الحقيقة المرة
أرثر الذي كان يتلقى كلمات جيمين كصفعات متتالية شعر وكأن الأرض تنهار من تحت قدميه تجمّدت دموعه للحظة قبل أن ينهار كليًا يغطي وجهه بكفيه ويجهش بالبكاء بحرقة وحسرة كانت تلك الحقيقة التي لطالما حاول أن ينكرها تطارده الآن بلا هوادة وتحطم كل ذرة من كبريائه
جلس جيمين بصمت بجواره نظراته مليئة بالأسى والارتباك كان يعلم أن أرثر يعاني رغم كل شيء لكنه لم يكن لديه الكلمات المناسبة للتخفيف عنه بدلاً من ذلك مدّ يده بخفة وربت على ظهر أرثر بحركة مهدئة وكأنه يحاول أن يقول له دون كلمات: " سأحاول مساعدتك حتى وإن كنت لا أملك الحل سأحاول "
في تلك اللحظة شعر جيمين بثقل ما كان الجميع يمر به العلاقات المعقدة الأسرار المخفية والمشاعر المكبوتة كلها اجتمعت لتخلق هذه الفوضى التي لا يبدو أن لها نهاية قريبة لكنه مع ذلك قرر أن يبقى بجانب أرثر ولو لليلة واحدة، حتى يجد هذا الأخير بعض السلام وسط عاصفة مشاعره
بعد لحظات من الصمت الثقيل، تنهد جيمين بعمق، ثم تحدث بصوت منخفض كأنه يتحدث إلى نفسه أكثر من حديثه إلى أرثر: "هناك شيء لم أخبرك به بعد، يا أرثر"
رفع أرثر رأسه ببطء ينظر إليه بعينين متورمتين من البكاء ووجه مليء بالدهشة والحيرة سأل بصوت مبحوح :" ما الذي تخفيه أيضاً؟"
توقف جيمين لحظة، وكأن الكلمات تردد في عقله قبل أن يواصل
"يونقي تحول إلى نسخة من شقيقه تمامًا يهجرني بشكل متواصل في الآونة الأخيرة يخرج ولا يعود إلا مع إشراقة الشمس، ورائحته المثقلة بالخمور تكشف وجوده ، لم يعد هو الشخص الذي عرفته ، أعلم أنه يتمنى أن يكون له طفل، لكن ذلك لا يمكن أن يبرر سلوكه الحالي"
رفع أرثر حاجبيه بدهشة، ثم نظر إلى جيمين بصمت وكأنه يحاول فهم ما يسمعه قبل أن يسأله: "لكن لماذا لا تفكران في أم بديلة؟ أو حتى التبني؟"
أطلق جيمين ضحكة قصيرة ومريرة ثم هز رأسه وتحدث قائلاً: "فكرت في ذلك وأخبرته أن هناك خيارات أخرى لكن يونقي لا يريد أيًا منها هو يريد طفلاً يشبهنا، يحمل دمنا يشعر أن أي خيار آخر لن يكون كافيًا"
غرق أرثر في صمت مطبق يحاول أن يجد كلمات ليرد بها وأخيرًا قال:
"إنه أمر صعب لكن هل فكرت في التحدث معه مرة أخرى؟"
بهدوء مشوب باليأس هز جيمين رأسه وقال: "لقد حاولت، لكن كل يوم يبتعد عني أكثر، وأنا لا أستطيع أن أتحمل هذا الوضع طويلاً"
نظر أرثر إلى جيمين نظرة متعاطفة ولم يستطع منع نفسه من القول:
"ربما عليك أن تخبره بذلك قبل أن يصبح الوقت متأخرًا"
ربت جيمين على ظهر أرثر بخفة مرة أخرى هذه المرة جلس الاثنان في صمت، يشتركان في ألمهما الذي يختلف في أسبابه لكنه يتشابه في ثقله
ظل أرثر يراقب جيمين بصمت، محاولًا إيجاد الكلمات التي قد تخفف من عبئه، لكنه شعر أن لا شيء يمكن أن يخفف من آلامه بعد لحظات من التردد، قال بهدوء: "ربما يحتاج يونقي لبعض الوقت ليكتشف ما يريده حقًا، لكن هل تعتقد أنه لا يزال يحبك؟"
رفع جيمين عينيه إلى أرثر، وكان وجهه يعكس التردد، وكأن الكلمات تأخذ وقتها للخروج قال بصوت منخفض: "أشعر أنه يحبني، لكن في نفس الوقت هناك فجوة كبيرة بيننا، كأن هناك حاجزًا يمنعنا من الاقتراب، وكلما حاولت، يبتعد أكثر"
ثم نظر إلى أرثر، وأضاف: "لكن كفانا حديثًا عني ماذا عنك؟ هل تخطط لفعل شيء حيال جونغكوك وتايهيونغ؟ لا يمكنك أن تبقى عالقًا في هذا الوضع "
أرثر أطلق تنهيدة طويلة، لكن هذه المرة لم يكن الحزن هو ما سيطر عليه بدلاً من ذلك، كان هناك بريق جديد في عينيه، بريق يعكس قرارًا حاسمًا اتخذه للتو اعتدل في جلسته ونظر إلى جيمين، قائلاً بصوت منخفض، لكنه مليء بالتصميم:
"لا، جيمين لن أتركه لن أسمح له بالحصول على النهاية السعيدة التي يطمح إليها معه بينما أنا هنا، عالق في هذا المكان ألعق جروحي"
نظر جيمين إلى أرثر بصدمة، ثم قال بصوت متأثر: "ماذا تعني بهذا؟"
ابتسم أرثر ابتسامة خالية من أي دفء، وقال بنبرة باردة:
"لقد تحملت الكثير، جيمين لقد أذليت نفسي بما فيه الكفاية، لكن الآن حان الوقت لأعيد له جزءًا مما فعله بي هل يظن أنه يمكنه تدمير حياتي والمضي قدمًا وكأن شيئًا لم يكن؟"
أرثر ظل ينظر إلى السقف لكن تعابير وجهه بدأت تتغير تدريجيًا، واختفت نظرة الانكسار لتحل محلها نظرة مشبعة بالغضب والإصرار تنهد بصوت مرتفع قبل أن يلتفت نحو جيمين قائلاً بصوت منخفض لكنه حاد:
"إذا كان جونغكوك لا يريدني، فهذا لا يهمني لكن تايهيونغ؟ هذا الوغد الذي ظن أنه يمكنه سرقة حياتي بكل هدوء؟ لن أسامحه أبداً"
تابع أرثر مبتسمًا ابتسامة باردة، وواصل بصوت مشبع بالغضب:
"جيمين، تايهيونغ دمر حياتي، سرق زوجي، والآن حان الوقت ليذوق الألم الذي عشته، حتى ولو كان جزءًا منه فقط... إذا شعر ولو قليلاً بما شعرت به، حينها سأشعر ببعض الراحة"
اتسعت عينا جيمين بدهشة، وقال محاولًا تهدئته:
"هذا لن يغير شيئًا، بل سيجعلك أسوأ حالًا"
لكن أرثر كان يحدق في الفراغ، وعيناه تلمعان بالغضب والكراهية، وعقله يغلي بالأفكار الانتقامية همس بصوت منخفض مليء بالمرارة:
"لن أتركه يعيش في راحة سأجعل قلبه يحترق حسرة على جونغكوك، وسأراه محطمًا، مكسورًا، ولن أهدأ حتى أراه ينهار تحت وطأة أفعاله"
ثم نظر إلى جيمين بنظرة حادة وقوية، مليئة بالتوتر، وقال بثقة قاتلة:
"أنا أعرف تمامًا من أتحدث"
كانت كلماته تخرج ببرود كالرصاص، غير مكترث بالعواقب، بينما كان يمضي قدمًا نحو تدمير كل شيء
في الساعة الثانية فجراً، استفاق تايهيونغ فجأة من نومه وعيناه تغشى عليهما النوم بعد يوم طويل استدار على الجهة المقابلة لسريره ليجد جونغكوك نائماً بعمق، وجهه هادئ ومرتاح، وكأن الإرهاق الذي جثم عليه منذ الصباح قد تلاشى في تلك اللحظة تأمل في ملامحه التي كانت تعكس راحة البال، وهو يشعر بشيء من الطمأنينة لوجوده بجانب الشخص الذي يهمه
نهض بهدوء من السرير، حرصًا على عدم إيقاظه، واتجه نحو الخزانة ليأخذ بجامة ثقيلة، كان البرد قد بدأ يسيطر على المكان بعد ذلك، ذهب إلى دورة المياه ليأخذ استحماماً سريعاً، يشعر بحاجة للتجدد
بعد خروجه من دورة المياة أخذ هاتفه وحاسوبه الشخصي، وتوجه إلى غرفة المعيشة في الأسفل لكن قبل أن يبدأ قرر تحضير شوكولاتة ساخنة لتهدئة نفسه، فقد اشتهى مذاقها فجاءة في تلك اللحظة
دخل إلى المطبخ وبدأ بتحضيرها وضع قطع الشوكولاتة الداكنة في قدر صغير وأشعل الموقد تحتها، ثم أضاف الحليب تدريجياً، مراقباً كيف تذوب الشوكولاتة ببطء وتندمج مع الحليب حتى أصبحت مزيجاً ناعماً ومتجانساً
قلب الخليط بملعقة خشبية، ثم أضاف رشّة صغيرة من مسحوق الشوكولاتة ليزيد النكهة سكب الشوكولاتة في كوب كبير، والرائحة الغنية تملأ الأجواء أمسك الكأس بكلتا يديه وهو يشعر بالدفء يتسلل إلى جسده
بينما كان يخطو إلى غرفة المعيشة، أضاء المصباح القريب من الأريكة وآخر عند النافذة جلس على الأريكة وأراح ظهره، واضعاً الحاسوب المحمول على فخذيه قبل أن يبدأ، لاحظ إشعاراً على هاتفه فتح الرسالة ليجد أن يونقي قد أرسل له نماذج جاهزة للسيرة الذاتية مع تعليمات وأفكار لتعديلها ابتسم تايهيونغ بامتنان، وأرسل رداً سريعاً يشكره فيه على مساعدته له
بدأ بعدها بترتيب أفكاره يراجع الملفات التي أرسلها يونقي بعناية، ويفكر في كيفية إبراز نقاط قوته ومهاراته في السيرة الذاتية كانت غرفة المعيشة هادئة، تتخللها فقط أصوات نقراته على لوحة المفاتيح وهمسات الهواء البارد عند النافذة
تلك اللحظات كانت له بمثابة البداية لشيء جديد يرغب بتحقيقه
بينما كان تايهيونغ يواصل الكتابة، ارتشف من كوب الشوكولاتة الساخنة بين الحين والآخر كان الدفء الذي تمنحه الشوكولاتة يمتزج مع إحساس الإنجاز الذي بدأ يتسلل إلى نفسه كلما تقدم في كتابة السيرة الذاتية
كان يكتب كل كلمة بعناية، وكأنها تعكس جزءاً من شخصيته؛ يبحث عن الكلمات التي تبرز أفضل ما لديه دون مبالغة، كما نصحه يونقي
وأضاف المزيد من التفاصيل التي اقترحها يونقي أكمل فقرات تصف مهاراته وخبراته بوضوح، ثم قسم السيرة إلى أجزاء منظمة وسهلة القراءة عندما انتهى من المسودة الأولى، أخذ نفساً عميقاً، وشعر برضاً غامراً
نظر إلى ساعته، ليجد أن الوقت اقترب من الرابعة فجراً كان الليل ساكناً، والهدوء يغمر المكان أطفأ الحاسوب ووضعه جانباً، ثم رفع كوب الشوكولاتة الفارغ، مستعداً للعودة إلى المطبخ لتنظيفه في طريقه، لم يستطع منع نفسه من التوقف للحظة والنظر من النافذة أضاءت أنوار المدينة البعيدة الظلام، وكان الجو هادئاً كأن العالم بأسره نائم
عاد تايهيونغ إلى الغرفة بخطوات هادئة، حيث وجد جونغكوك مستغرقاً في النوم اقترب منه بهدوء، واستلقى بجواره على السرير مد يده برفق ليبعد خصلات شعره التي انسدلت على وجهه، وكأنه يرسم لوحةً من الراحة والحنان على ملامحه الهادئة طبطب على كتفه بخفة، وكأنه يطمئن قلبه، ثم أغلق عينيه وغرق في النوم قليلاً بجواره
دقت الساعة السابعة، استيقظ تايهيونغ ببطء، متأثراً بحركة جونغكوك الخفيفة بجانبه فتح عينيه ليرى جونغكوك ينظر إليه بعينين نصف ناعستين، قائلاً بصوت خافت: "لن أذهب إلى العمل اليوم أشعر أني بحاجة إلى المزيد من الراحة"
أومأ تايهيونغ بتفهم وأجاب بلطف: "إذا كنت بحاجة للراحة، خذ ما يكفي من الوقت لكن تأكد من أنك بخير لا تهمل صحتك"
ثم اقترب منه ليطبع قبلة طفيفة على جبينه، مما جعل جونغكوك يبتسم برقة وهو يهمس: "اعتنِ بنفسك، حسناً؟"
ابتسم تايهيونغ ابتسامة مطمئنة، واستقام بهدوء من السرير توجه نحو الخزانة وبدّل ملابسه إلى أخرى مريحة استعداداً للذهاب إلى العمل في المقهى قبل أن يغادر، ألقى نظرة أخيرة على جونغكوك الذي أعاد رأسه إلى الوسادة وأغمض عينيه مجدداً، ثم خرج من الغرفة بخطوات هادئة
تناول تايهيونغ إفطاره بسرعة، كانت شطيرة لذيذة مع كوب من الشاي الساخن، وهو يتأمل صباحه بهدوء قبل بدء يومه بعد أن أنهى وجبته، ارتدى معطفه الأسود ولفَّ وشاحه حول عنقه للحفاظ على دفئه أمسك بحاسبه الآلي ووضعه في حقيبته، ثم توجه نحو الباب
خرج من المنزل بخطوات ثابتة، متجهاً إلى سيارته جلس خلف المقود وبدأ بتشغيل المحرك بينما قام بالاتصال على يونقي رفع الهاتف إلى أذنه وانتظر قليلاً حتى أجاب
"مرحباً، هل أنت في المكتب الآن، أم أحتاج للانتظار قليلاً؟" سأل تايهيونغ بصوت هادئ وهو يوجه سيارته نحو الطريق الرئيسي
رد يونقي بصوته الهادئ: "أنا في المكتب الآن يمكننا البدء بمجرد وصولك "
أومأ تايهيونغ وهو يغلق المكالمة ثم تابع قيادته بحذر بينما تفكر عقله في الخطوات التالية كان يومه سيكون طويلاً، ولكنه كان مستعداً تماماً للتركيز على ما أمامه ثم انطلق بسيارته نحو شركة جيونكس، حيث كان مستعدًا للقاء يونقي ومتابعة خطواته المقبلة في عملية التقديم للوظيفة
قاد تايهيونغ سيارته نحو شركة جيونكس، وعندما وصل إلى المبنى، توجه مباشرة إلى مكتب يونقي في الطابق العلوي دخل المصعد، وصعد إلى الطابق المخصص لمكتب يونقي كونه يعلم أين يقع حيث كانت الأجواء تبدو هادئة ومرتبة
عندما دخل تايهيونغ إلى المكتب، وجد يونقي جالسًا خلف مكتبه، غارقًا في فنجان قهوته وهو يتصفح هاتفه وعندما لمح تايهيونغ، ترك الهاتف جانبًا على الطاولة، وابتسم له ابتسامة دافئة، ثم نهض ببطء ليصافحه برفق
"مرحبًا تايهيونغ كيف حالك اليوم؟" ، تحدث يونقي بابتسامة لطيفة وتبادلوا التحية بشكل مريح و ودود
بعد لحظة من الحديث قال يونقي: "من الأفضل أن نذهب إلى قاعة الاجتماعات في هذا الطابق فالطاولات المستديرة هناك مريحة أكثر للمناقشات، وسيكون المكان أفضل لتبادل الأفكار"
وافق تايهيونغ بابتسامة، وقام الاثنان معًا مغادرين المكتب متوجهين إلى القاعة حيث استقروا للجلوس وبدء المناقشة في أجواء أكثر راحة
استمر تايهيونغ في التعديل على السيرة الذاتية بدقة، بينما كان يونقي يوجهه بلطف ويقدم اقتراحاته بكل إتقان كان كل منهما يتناقش حول النقاط التي ينبغي تحسينها أو إضافتها، ويعكفان على تعديل النصوص خطوة بخطوة قضيا وقتًا طويلاً في مراجعة التفاصيل الصغيرة، بدءًا من ترتيب المعلومات وانتهاءً بتوضيح المهارات التي كانت بحاجة إلى تنقيح
بعد وقت طويل من العمل المتواصل، أخيرًا أتمّا التعديلات اللازمة، وجعلت السيرة الذاتية أكثر ترتيبًا واحترافية. ابتسم يونقي، بينما رفع رأسه وقال: "لقد انتهينا، هذا يبدو مثاليًا الآن"
نظر تايهيونغ إلى الشاشة وهو يضغط على "حفظ" وأجاب بابتسامة: "شكراً لك، كان هذا العمل أكثر من رائع"
بمجرد أن تأكد من أن السيرة الذاتية كانت جاهزة، نهض يونقي وتوجه نحو الطابعة التي كانت تقع في زاوية المكتب فتحها بعناية، وأدخل الورق الأبيض فيها بعد بضع لحظات من الانتظار، بدأ الجهاز في طباعة الأوراق بنمط منتظم، كل صفحة تحمل في طياتها التعديلات التي أجراها الاثنان معًا
كان الصوت الخافت للطابعة هو الصوت الوحيد الذي ملأ الغرفة في تلك اللحظات، بينما كان يونقي يراقب الأوراق وهي تخرج واحدة تلو الأخرى وعندما امتلأت الطاولة بالأوراق المطبوعة، اقترب منها وأخذها بعناية، ليضعها أمام اليه تايهيونغ
"السيرة جاهزة الآن أتمنى أن تحقق ما تصبو إليه" ، تحدث يونقي وهو يبتسم بلطف
جمع يونقي الأوراق بعناية ووضعها في ملف شفاف قبل أن يرفع عينيه إلى تايهيونغ قائلاً: "أنا من سيتولى الإشراف على السير الذاتية، وسيتم مراجعتها مع القسم المختص سأحرص على قبول سيرتك الذاتية لا تقلق"
أخذ تايهيونغ الأوراق بابتسامة شكر بينما كانت عينيه تلمع انتصاراً ثم جلس يونقي على المقعد المجاور له وكأن الوقت الآن ملائم للحديث في أمور أخرى
بهدوء بدأ تايهيونغ الحديث قائلاً: " تحدثت مع جيمين تلك الليلة الماضية التي أتيت لزيارته تحدث عن رغبتك الشديدةِ في الأطفال يبدو أن هذا شيء يشغل بالك كثيرً أليس كذلك ؟ "
إجاب يونقي وهو يرمق تايهيونغ قليلاً والأوراق أمامهم: "في الحقيقة، نعم، لدي رغبة كبيرة في أن أصبح أبًا، لكن كما تعلم، هذا مستحيل لا أستطيع تحقيق ذلك بما أنني متزوج من فتى، وجيمين لا يستطيع الحمل"
همهم تايهيونغ ثم قال: "المشكلة ليست في زواجك من فتى، فهناك بعض الفتيان القادرين على الإنجاب، لكن جيمين ليس منهم... ربما كنت مخطئًا في الاختيار"
ابتسم تايهيونغ ابتسامة خفيفة، وأومأ برأسه، قائلاً: "أعتقد أن الحياة تحتاج إلى التغيير، إذا كنت تشعر بأنك عالق في هذا الروتين، لا يجب أن تظل على نفس الوتيرة ربما حان الوقت لإعادة تقييم ما تريده فعلاً في حياتك. وأنت تعلم، هناك دائمًا طرق أخرى للوصول إلى ما ترغب به"
نظر يونقي إلى تايهيونغ بنظرة مليئة بالارتباك، كما لو أن كلمات الأخير زرعت أفكارًا لم تكن تخطر على باله من قبل، فظل يحدق في كلامه محاولًا فهمه
أضاف تايهيونغ بصوت خافت: "ربما تجد السعادة مع شخص آخر أحيانًا، لا يجب أن تبقى في علاقة إذا لم تكن تلبي احتياجاتك"
شعر يونقي بشيء من التوتر والضياع في قلبه، وكأن كلمات تايهيونغ قد فتحت أمامه بابًا كان مغلقًا منذ فترة طويلة تأمل في ما قاله، وكان عقله يغرق في تردد عميق طوال السنوات الثلاث التي قضاها مع جيمين، كانت الأمور دائمًا تتكرر بنفس الروتين؛ نفس الأحاديث، نفس الإيقاع اليومي الذي لا يتغير، وكان ذلك يسبب له شعورًا دائمًا بالضيق الداخلي
ولكن مع كلمات تايهيونغ، بدأت بعض الأسئلة تتشكل في ذهنه، حيث شعر بالكثير من الشكوك حول علاقته مع جيمين خاصة مع الجفاف العاطفي الذي بدأ يشعر به بينهما مؤخراً ، وكان الحب يتلاشى تدريجيًا، ليصبح الأمر مجرد واجب وروتين ثقيل تساءل في نفسه: هل يمكن أن يكون هناك شيء آخر في الحياة يملأه أكثر؟ وهل كان يستحق أن يكون أكثر سعادة من ذلك؟
رغم أن مشاعره كانت معقدة جدًا كان هنالك جزء صغير بداخله يعترف بأن هناك أملًا في التغيير إلا أن فكرة الانفصال أو البحث عن سعادة أخرى كانت ترعبه في الوقت نفسه كيف يمكن أن يترك جيمين بعد كل تلك السنوات؟ وكيف يمكن أن يتخلى عن علاقة كانت تعتبر جزءًا كبيرًا من حياته؟ كل هذه الأسئلة تطارده بشدة ولكنه كان في الوقت نفسه يشعر بحالة من الحيرة المربكة
بينما كان ينظر إلى تايهيونغ وجد نفسه يتساءل عما إذا كان هذا الشخص قد فتح له بابًا جديدًا للمستقبل هل سيكون هذا الطريق الذي سيغير حياته؟ أم أنه مجرد حديث مؤقت سيذهب مع الرياح؟
غير يونقي مجرى الحديث بمهارة وتحدث عن جونغكوك نبرته تحمل اهتمامًا لكن في نفس الوقت قائلاً: "ماذا عنك وعن جونغكوك؟ كيف علاقتكما الآن؟"
أجاب تايهيونغ ببساطة وهو يريح جسده على المقعد مبتسمًا قليلًا يجيب بهدوء : "كل شيء على ما يرام"
لكن بينما كان يسترخي في المقعد ابتعد وشاحه بشكل غير متوقع ليكشف عن علامة صغيرة على عنقه علامةً حمراء تكشف عن قبلة نظر يونقي إليها بفضول ثم انفجر ضاحكًا قائلاً: "هل هذه العلامة من جونغكوك؟"
تايهيونغ، الذي شعر بخجل طفيف ابتسم بخفوت وأجاب: "نعم منه"
ضحك يونقي بصوتٍ خفيف ثم بدل مجرى الحديث بشكل سلس متابعًا حديثه المعتاد عن الأمور العملية تحدثا قليلاً عن عمل تايهيونغ والسيرة الذاتية إلى أن كل شيء أصبح جاهزًا وأن يونقي سيتابع الأمر من هنا
في النهاية ودع يونقي تايهيونغ وخرج الأخير من قاعة الاجتماعات وهو يشعر بحجم الأعباء التي خفّت عنه قليلًا، على الأقل فيما يتعلق بالأمور المهنية
لكن في الممر صادف تايهيونغ ارثر الذي بدا عليه الارتباك والدهشة لرؤيته هناك نظر إلى تايهيونغ باستفهام ثم قال بتعجب: "ما الذي جاء بك إلى هنا؟"
تايهيونغ الذي لم يكن لديه أي نية للتوقف أو الرد نظر إلى ارثر بنظرة دونية تجاهله تمامًا واستمر في السير نحو المصعد دون أن يلتفت إليه
شعر ارثر بالإهانة من تصرف تايهيونغ الوقح، حيث كان واضحًا أنه لم يبالِ بوجوده أو بأهميته شعر بغضب شديد تجاهه، وكانت كراهيته تتزايد أكثر وأكثر. كان ارثر لا يستطيع تحمل تصرفات تايهيونغ، وكان يشعر أن هناك شيئًا غير طبيعي في هذا الشخص الذي ينظر إليه بتلك النظرة المتعالية
توجه ارثر نحو مكتب يونقي وهو لا يزال يشعر بالاستفزاز بعد اللقاء مع تايهيونغ جلس هناك في صمت، ينتظر يونقي بقلق ظاهر على وجهه، وكأن شيئًا ما يضغط عليه
عندما دخل يونقي إلى المكتب، نظر إلى ارثر وسأله بهدوء: "هل سيأتي جونغكوك اليوم؟"
أجاب يونقي بعد لحظة تفكير قائلاً: "لا أعلم لم يخبرني إذا كان سيأتي أم لا"
أطلق ارثر تنهيدة ثقيلة وكأن كلمات يونقي كانت تثير في نفسه توترًا أكبر كان يراقب الموقف بترقب، وعينيه مليئتان بعدم الرضا يبدو أن الأيام القادمة لن تكون هادئة بالنسبة له
أخذ ارثر نفسًا عميقًا قبل أن يقف من مكانه :" حسنًا، يبدو أنني سأغادر إذن " ، تحدث بصوت منخفض بينما خرج من المكتب، غير راضٍ عن الوضع ولا عن الأمور التي تدور في ذهنه
كانت خطواته ثقيلة، يشعر بأن هناك أشياء كثيرة لم تحسم بعد، وأنه ليس في المكان الذي يرغب أن يكون فيه
في المصعد، ظلَّ ارثر يفكر بخبث في عقله، وتتسارع أفكاره المظلمة كان عاقد العزم على تنفيذ خطته التي كانت تتشكل في ذهنه، مستندًا إلى حقده على جونغكوك وتلك العلاقة التي بدأت تثير غيظه أكثر فأكثر
"لن أترك الأمور تسير كما هي"، همس في نفسه وهو ينظر إلى الأرقام المتغيرة في المصعد فكر في الرسالة التي تلقاها من ذلك الحارس، تلك المعلومات التي لا بد أن تكون صحيحة بما أنه كان قد ذكر عنوان المنزل كان يعلم جيدًا أن هذا المنزل يبعد نصف ساعة عن الشركة، وأنه سيكون قادرًا على الوصول بسهولة
ارثر كان متأكدًا من أنه سيجد جونغكوك هناك، أو على الأقل في الحانة القريبة لن يضيع هذه الفرصة التي قد تكون حاسمة بالنسبة له فكرة أن يجد جونغكوك في المكان الذي يتوقعه كانت تثير شعورًا غريبًا بداخله، مزيجًا من الانتقام والرغبة في التأكد من كل شيء
عندما وصل المصعد إلى الطابق الأرضي، خرج ارثر بسرعة، وركب سيارته متوجهًا نحو العنوان الذي تلقاه سابقاً ، عازمًا على مواجهة الموقف وجعل الأمور تسير وفقًا لما يريده
بدأت السيارة تتحرك، وابتعد عن المدينة شيئًا فشيئًا، متجهًا نحو المكان الذي أرسله الحارس إليه مسبقاً الطريق كان هادئًا، لكن ارثر كان يشعر بشيء من التوتر يزداد مع كل دقيقة تمر كان يعلم أن ما سيجده هناك قد يغير كل شيء، وقد يقلب موازين علاقاته بالكامل
وأخيرًا، بعد نصف ساعة من القيادة، وصل إلى المكان كان المنزل يبدو كما في الوصف، هادئًا ومتوارٍ في زاوية مظلمة من المدينة أوقف السيارة بعيدًا عن المدخل، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يخرج ظل صامتًا للحظة، وهو يقف أمام المنزل، تفكيراته تتسارع ثم خطا خطواته الأولى نحو الباب، وكان يعلم أن ما ينتظره هناك قد يغير كل شيء
الطقس بالخارج يحمل نسمات باردة تُضفي على الأجواء هدوءاً غير معتاد جلس تايهيونغ مع الشخص الذي كان قد قرر شراء المقهى، في أحد المقاهي الصغيرة التي تطل على الشارع الهادئ احتسيا قهوتهما معًا، وكان الحديث بينهما عن التفاصيل النهائية لبيع المقهى
"لقد تم الاتفاق على السعر المناسب لنا جميعًا سأقوم بإخبار زميلي بكل التفاصيل المتفقة وأتصل بك في أقرب وقت لترتيب باقي الأمور " ، قال تايهيونغ وهو ينظر إلى الرجل بجدية تامةً
أومأ الرجل بلطف وقال: "بالطبع سأنتظر مكالمتك"
بعد أن تبادلوا التحية ودع الرجل تايهيونغ وغادر المقهى بينما بقي تايهيونغ جالسًا في مكانه يحتسي قهوته بهدوء كانت الطرق أمامه خالية والسماء تغطيها سحابات داكنة تضفي طابعًا من التأمل على الموقف
بينما كان يراقب الطريق الهادئ شعر تايهيونغ بشيء من الارتياح الممزوج بالحزن كان المقهى الذي قرر بيعه جزءًا كبيرًا من حياته وكانت هذه الخطوة تمثل فصلاً جديدًا كان يعرف أنه من الأفضل أن يترك الماضي وراءه لكنه لا يستطيع أن ينكر أنه كان متعلقًا بهذا المكان
"قد تكون هذه بداية جديدة"، همس تايهيونغ لنفسه وهو يترك كأس القهوة فارغًا على الطاولة مع كل رشفة كان يقترب خطوة نحو إغلاق هذا الفصل والانتقال إلى ما هو قادم
في تلك اللحظة كان أرثر يقف أمام الباب بهدوء مصطنع لكن قلبه ينبض بسرعة، وعقله مليء بالأفكار الملتبسة في الداخل كان صوت الجرس المتواصل قد أزعج جونغكوك، فاستفاق من نومه العميق متسائلًا عمن يمكن أن يكون في هذه الساعة المتأخرة ارتدى ثيابه بسرعةً وتوجه إلى الأسفل مع تساؤلاته التي تراوده :"من هذا؟"
عندما وصل إلى الباب كان الرنين المزعج لا يزال مستمرًا وكان يشعر بشيء من الإحباط والدهشة في الوقت ذاته وعندما فتحه اكتشف أن الشخص الذي يقف أمامه ليس سوى أرثر
قال جونغكوك بصوت منخفض ومتعجب، لكن الغضب كان واضحًا في نبرته وهو يراقب ارثر : "أنت؟ كيف تجرؤ على المجيء إلى هنا؟ ما الذي تنوي الوصول اليه؟"
أجاب أرثر، وكلمات الخبث تتسلل من بين شفتيه: "هل أنت منزعج لأنني اكتشفت مخبأك؟ هل تختبئ هنا بعيدًا عن العالم؟ ألا تخشى مواجهة عائلتك يا جونغكوك؟ لماذا لا تذهب وتخبرهم عن علاقتك العابرة؟ دعني أتذكر، أي علاقة هي هذه من بين علاقاتك؟"
في لحظة غليان، أطبق جونغكوك قبضته على معصم أرثر بعنف، وعيناه تقدحان بالغضب
"هذه هي العلاقة التي سترى فيها طفلي بين أحضاني، العلاقة التي جعلتك تنهار كالأحمق وتراقب كل تصرفاتي... أغرب عن وجهي ولا تدعني أراك مجددًا!"
ثم دفعه بعيدًا عنه، بقوة كأنما يريد أن يبتعد عنه كل ما يربطهما، وأكمل بعينين تلتمعان بالغضب : "أوراق الطلاق ستصل إليك قريبًا، وستوقع عليها في مكتب المحامي لا مكان لأي اعتراض، لأن إذا فكرت في التراجع، ستكون العواقب جحيماً لا نهاية له سأجعلك تندم على كل لحظة رفضت فيها ذلك."
في تلك اللحظة، ارتسمت على وجه أرثر ملامح صراع داخلي عميق. شعر بنبضات قلبه تتسارع، ولم يعد بإمكانه إخفاء الارتباك الذي يختلط بالغضب في أعماقه كانت يد جونغكوك القابضة على معصمه كالسلاسل التي تقيد حركته، مما زاد من شعوره بالعجز أمام غضب لم يكن يتوقعه في الوقت نفسه، كان يشبع عيناه بتحدٍ مكبوت، وكأن كل كلمة من كلمات جونغكوك تدق في أعماقه كالمسامير
لكن بين كل تلك المشاعر المتضاربة، كان هناك شيء آخر يسيطر عليه: خيبة الأمل لم يكن يريد لهذه العلاقة أن تنتهي بتلك الطريقة، لكنه في نفس الوقت كان يعلم أن الأمور قد وصلت إلى نقطة اللا عودة تلك اللحظة كان فيها في مواجهة مع نفسه أكثر من أي شيء آخر، وهو يعلم أن هذا الفصل من حياته قد انتهى، حتى لو كان يرفض تقبل ذلك في أعماقه
"أوراق الطلاق ستصل إليك قريبًا..." كانت الكلمات تصعقه كصفعة قاسية على وجهه
ارتجفت أنامله وعيناه مثبتتان على نقطة فارغة، بينما كانت حرارة دموعه تتجمع في جفونه، تقاوم السقوط لكنها كانت تهدد بالانهيار في أي لحظة. تنفس ببطء، محاولًا السيطرة على نفسه، لكن وقع كلمات جونغكوك كان أثقل من أن يتحمله، فوجد نفسه محاصرًا في صدمة غامرة ودوامة من المشاعر المتضاربة
أرثر أحنى رأسه قليلًا، ضاغطًا يديه على عجلة القيادة وكأنها وسيلته الوحيدة للحفاظ على ما تبقى من توازنه ضربات قلبه تسارعت، وصدى كلمات جونغكوك ما زال يتردد في ذهنه بلا توقف: "لا مجال لأي اعتراض... ستكون عواقبك جحيماً"
حاول أن يهدئ نفسه، لكن الدموع بدأت تنساب ببطء على خديه، ساخنة وثقيلة، كما لو كانت تحمل معها خيبة أمل عميقة وضعفًا كان دائمًا يحاول إخفاءه رفع رأسه نحو السقف، وعيناه الزجاجيتان تراقبان انعكاس ضوء الشارع داخل السيارة أخذ شهيقًا عميقًا، محاولًا جمع شتات نفسه، ثم مسح وجهه بعنف، وكأنه يحاول محو مشاعره بأيديه
كيف استطاع جونغكوك إنهاء كل شيء بهذه السرعة؟ تسارعت أنفاسه، وغليان الغضب تسلل إلى عروقه قبض على عجلة القيادة بقبضة متوترة وهمس بغضب: "هذا كله بسبب تايهيونغ اللعين... هو من دمر كل شيء!" مسح دموعه بعنف، ثم أقسم بصوت خافت ومليء بالإصرار:
"لن أوقع تلك الأوراق أبدًا... مهما كان الثمن"
صعد جونغكوك إلى الغرفة العلوية بخطوات هادئة، وكأن كل خطوة منه كانت تحمل ثقلًا من الأحداث التي مر بها. كان ذهنه غارقًا في الأفكار، وكل ما حوله بدا ضبابيًا بدأ في خلع ملابسه ببطء، وكأن كل حركة منه تثقل جسده المتعب ليبقى في لباسه الداخلي فقط استلقى على سرير تايهيونغ، حيث اعتاد أن ينام بجانبه، وتلك الجهة التي كانت تملأه بالراحة
رائحة عطر تايهيونغ كانت ما تزال عالقة في الوسادة، تلك الرائحة التي دائماً ما تهدئ من قلقه وتريح قلبه أغلق عينيه بحذر، محاولًا أن يطرد أفكار اليوم الثقيلة كان يشعر بشيء من الاستسلام، وكأن النوم هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يهدئه في تلك اللحظة تدريجيًا، بدأ يغط في نوم هادئ، بعيدًا عن همومه، يحاول أن يبتعد عن الواقع القاسي قليلاً
استلم يونقي جميع السير الذاتية للموظفين الجدد وكان يمر عليها واحدة تلو الأخرى بتركيز حتى وقع بصره على سيرة ذاتية لفتاة تدعى "كانغ دانيال" ، لم يكن الاسم وحده هو ما جذب انتباهه بل الصورة التي كانت مرفقة معها
في تلك اللحظة، بدأ صوت كلمات تايهيونغ يتردد في ذهنه، كما لو أنها بدأت تنغرس في أعماقه
ظل يونقي يحدق في الصورة لفترة طويلة حيث كانت الفتاة تظهر بملامح ناعمة، وشعر متوسط الطول ينسدل برقة على كتفيها وبشرة شاحبة تمنحها مظهرًا هادئًا، وكانت عيناها تتمتع بنظرة تشع بالسلام والهدوء كان هناك شيء غريب في صورتها ربما كان جمالها البسيط والمريح للعين هو ما أسَرَ انتباهه
استمر في التحديق بها قليلاً ثم أغمض عينيه لثوانٍ كأنه يستشعر شيئًا ما في تلك اللحظة قبل أن يواصل قراءة سيرتها الذاتية مع كل كلمة يقرأها، ازداد إعجابه بها، خاصةً مع المؤهلات والخبرات التي تحملها بدا له أنها ليست مجرد فتاة ذات مظهر جذاب، بل هي أيضًا موهوبة ولديها إمكانيات كبيرة
داخل قلبه، بدأ يشعر بحماسة غريبةً للقائها، كان شيء ما يدفعه للاهتمام بها أكثر من غيرها، وكأن لقاءها سيكشف له عن تفاصيل إضافية عن شخصيتها، أو ربما عن سر ما يجذب انتباهه إليها
استمر يونقي في القراءة بعناية شديدة، يتنقل بين تفاصيل السيرة الذاتية التي أبهجته أكثر فأكثر كان كل إنجاز تحققه كانغ دانيال يضيف طبقة جديدة من الإعجاب، وتبدأ صورته في ذهنه تتشكل أكثر
كان يتخيل كيف سيكون اللقاء بها، هل ستكون شخصية بمثل هذه الجاذبية والهدوء الذي ينبعث من صورتها؟ أم أن هناك جوانب أخرى ستكتشفها معه، جوانب ربما تحمل مفاجآت أكبر من مجرد سيرتها الذاتية؟
توقف لحظة، ورفع عينيه عن الورق ليعود إلى الصورة مرة أخرى، محاولًا فهم ذلك الانجذاب الغريب الذي شعر به لقد قابل العديد من الأشخاص في حياته العملية، ولكن كانت هذه المرة مختلفة كان يتمنى لو كان بإمكانه أن يعرف أكثر عن شخصيتها، وعن طريقة تفكيرها لم يكن يونقي شخصًا يثق بالآخرين بسرعة، لكنه كان يشعر أن هذه الفتاة ستكون مميزة بطريقة ما.
أخذ نفسًا عميقًا، وأغلق الملف ببطء حيث وضع سيرة كانغ دانيال جانبًا بجانب سيرة تايهيونغ حيث كان مقتنعًا أن قبولها أمر مؤكد
"ربما سيكون لقاءنا مختلفًا عن أي لقاء آخر"، همس لنفسه في صمت، وهو يفكر في اللحظة القادمة التي ستجمعه بها
كان يونقي وجونغكوك دائماً عكس بعضهما، فكل واحد منهما يمثل جانبًا مختلفًا تمامًا. جونغكوك كان قادرًا على بدء حياة جديدة بكل سهولة، يمضي قدمًا دون تردد، وكأن كل شيء أمامه واضح و سهل لم يجد صعوبة في التأقلم مع التغييرات والتحديات
بينما كان يونقي في المقابل، يخشى من بداية جديدة، مترددًا في اتخاذ أي خطوة، وكأن المستقبل يحمل له شيئًا مجهولًا يخشى مواجهته
عاد تايهيونغ إلى المنزل في الساعة الثانية مساءً فوجئ بأنه لا يوجد أثر لجونغكوك كان المنزل خاليًا تمامًا مما جعله يشعر بنوع من الاستفهام لم يتلقَ أي مكالمة أو رسالة من جونغكوك وهو ما جعل الأمور تبدو غريبة في نظره
الأضواء كانت مغلقة بالكامل وكل شيء كان في مكانه كما تركه وكأن لا شيء قد تغير كان يشعر بشيء من القلق يغزو صدره فالمكان بدا هادئًا جدًا، أكثر من المعتاد
توجه تايهيونغ نحو الغرفة العلوية التي اعتاد أن يراها مكانًا يرتاح فيه جونغكوك ولكن عند دخوله، اكتشف أن الغرفة كانت فارغة تمامًا السرير كان مرتبًا كما لو لم يمسسه أحد نظراته تجولت بين المكان، محاولًا تفسير هذه المفاجأة لم يكن هناك أي علامة على وجود جونغكوك، وكأن الأخير قد اختفى فجأة
شعر تايهيونغ بشيء غريب مزيج من القلق والحيرة وكان عقله يلاحق التفكير في احتمالات عديدة حول ما قد يحدث
شعر تايهيونغ بتسارع ضربات قلبه وهو يتجول في الغرفة العلوية، يتفقد كل زاوية وكأن الإجابة على غيابه ستكون مختبئة في مكان ما وقف لحظة بجانب السرير المرتب، حيث كان المكان هادئًا جدًا، وكأن الزمن توقف هنا تساءل في نفسه: "أين ذهب؟ لما لم يتصل بي؟"
جلس على حافة السرير لبرهة، وأخرج هاتفه ليتأكد من عدم وجود أي رسائل أو مكالمات من جونغكوك لكن لا شيء فجأة، شعر بشيء من القلق يتسرب إلى أعماقه، وبدأت أفكاره تتشابك
شعر تايهيونغ بشيء من التوتر المتزايد داخل صدره، وكان قلبه ينبض بسرعة أكبر حاول أن يهدئ نفسه، فقرر أن يدخل الحمام ليأخذ حمامًا دافئًا، عسى أن يخفف عنه هذا القلق الغامض الذي اجتاحه فجأة ترك الماء الساخن ينساب فوق جسده، واستمر في التنفس ببطء ليحاول التحكم في أفكاره المشتتة
بعد أن انتهى قرر ارتداء ثياباً منزليةً مريحةً توجه إلى الطابق السفلي على أمل أن يجد إتصالاً أو رسالةً من جونغكوك عينه تتابع الشاشة بلهفةً لعله يجد اتصالًا أو رسالة تشرح له سبب خُروجه المفاجئ لكن كما كان يتوقع، لا شيء بدا أن السكون والهدوء يحيطان به بشكل غريب
ربما كان مجرد وقت يحتاجه جونغكوك لنفسه، أو ربما شيء آخر، لكن غيابه أثار داخله العديد من الأسئلة التي لا يزال يجد صعوبة في الإجابة عليها
رنين الهاتف قطع صمت المكان وكان الرقم الذي ظهر هو رقم جيمين في البداية، شعر تايهيونغ بشيء من الانزعاج، لكنه أجاب على المكالمة وهو يحاول أن يهدئ نفسه
جاء صوت جيمين عبر الهاتف غاضبًا: "كيف فعلت ذلك؟ كيف تجرأت على أخذ جونغكوك من زوجه ؟ لم أتوقع منك هذا يا تايهيونغ! هل هذه الخباثة جزء منك؟" وتابع بصوت متسارع: "أنت تعرف أن جونغكوك هو زوج أرثر! كيف تجرؤ على تمزيق حياتهم بهذا الشكل؟"
شعر تايهيونغ بالدهشة من أسلوب حديث جيمين، لكنه تمسك بهدوئه ولم يسمح لمشاعره بالتأثير عليه رد عليه ببرود، وكلماته مشبعة بالقوة والحسم: "لقد قررت إغلاق المقهى نهائيًا، وسأوافيك بالتفاصيل في وقت لاحق هذا هو كل شيء"
جيمين لم يتوقف عن إلقاء اللوم على تايهيونغ قائلاً بغضب: "أنت تدمر حياة شخص آخر! جونغكوك كان جزءًا من حياة أرثر، أما الآن فقد سرقته، هل تفهم ما تفعله؟ كيف يمكنك أن تعيش مع نفسك بعد ما فعلت؟"
تسارعت ضربات قلب تايهيونغ بينما كان غضبه يتصاعد. كلمات جيمين كانت وقحة للغاية، فشعر بأن صبره بدأ ينفد تحدث بصوت خافت، مشدودًا على أسنانه: "ما شأنك أنت بكل هذا؟ هل ستترك عملك في المقهى لتصبح محاميًا لذلك الجبان؟ سأحذرك، ما حدث بيني وبين جونغكوك ليس من شأنك ابداً و لِن يكن ! "
جيمين، الذي لم يكن ليتوقف عن توجيه اللوم، استمر في حديثه بغضب: "لستُ محاميًا، ولكنني هنا لأفتح عينيك على خطأ ما فعلت هل تدرك عواقب ما فعلته على العائلتين ؟ ربما لا تعرف لأنك لم تعش هذا الوضع من قبل كنت كالافعى! لم أتخيل يومًا أنك ستفعل ذلك ألا تشعر بالخجل من تصرفاتك؟"
لم يعد بإمكان تايهيونغ تحمل المزيد من كلمات جيمين القاسية، فتدفقت نيران الغضب في جسده كتيار عارم أغلق الهاتف فجأة ورماه بعيدًا عنه بقوة، ثم أغمض عينيه للحظة، محاولًا أن يسيطر على مشاعره المضطربة مسح وجهه بعنف وهو مستند على ظهره، محاولًا تهدئة الاضطراب الذي اجتاحه، متسائلًا في داخله: "هل حقًا أخطأت فيما فعلت؟"
للحظة، شعر تايهيونغ بدمعة تنساب على وجنتيه دون أن يدرك السبب، ربما كانت نتيجة لوقع كلمات جيمين القاسية التي اخترقت قلبه بشكل غير متوقع. لم يكن يومًا حساسًا لهذه الدرجة، لكنه لم يفهم لماذا انزلقت تلك الدمعة من عينيه مسحها بقوة، وكأنما يحاول محو أثر الألم الذي شعَر به للحظة
كان جونغكوك جالسًا على صخرة كبيرة قرب النهر، يتأمل بصمت في يده، كان يمسك بسيجارة مشتعلة، ينفث دخانها في الهواء البارد الذي يحيط به
كان ينظر إلى الأمواج التي تضرب الصخور بعنف كأنها تعكس مشاعر الصراع الدائر في داخله الهواء البارد كان يبعثر خصلات شعره الأسود الذي كان يتناغم مع برودة الطقس بينما بشرته الناصعة تزداد تألقًا في تلك الأجواء الباردة
كان يرتدي معطفًا أسودًا أنيقًا، ووشاحًا يلتف حول عنقه بشكل غير مبالٍ الحلق الذي يزين وجهه أضاف لمسة من التميز لشخصيته الجادة أغمض عينيه لبرهة، محاولًا تجاهل الأفكار التي تلاحقه ، أنهى لتوه اتصالًا مع سام حيث أخبره أنه سيأخذ موعدًا في المساء معه بمكتبه ليتم اتخاذ الخطوات اللازمة قبل الإقدام إلى الإجراءات القانونية القادمة
عند المساء
كان المكتب غارقًا في ضوء مصابيح السقف الباهتة، يتردد صدى الصمت في أرجاء الغرفة الثقيلة بالتوتر جلس سام خلف مكتبه العتيق، تتناثر الأوراق أمامه بعناية وكأنها تحمل أثقال قرارات مصيرية رفع إحدى الورقتين بين يديه ونظر بجدية إلى جونغكوك، قائلاً بنبرة حازمة:
"جونغكوك، هل أنت موافق على الانفصال عن أرثر؟"
لم يتردد جونغكوك، بل أومأ برأسه ببرود. عيناه كانت ثابتة، خالية من أي تعبير، وكأن القرار قد نُحت في داخله منذ وقت طويل
حرك سام نظره نحو أرثر، الذي جلس أمامه متجهم الملامح كان جسده متصلبًا، وعيناه تحملان صراعًا داخليًا عميقًا ظل صامتًا لبرهة طويلة، بينما كانت كل الأنظار موجهة نحوه، منتظرة الإجابة التي ستحدد مسار كل شيء
جونغكوك، بنظرته الثابتة، كان يراقب الموقف ببرود متعمد، وكأن القرار لا يعنيه أما أرثر، فقد بدا وكأنه ينهار ببطء، محاولًا جمع شتات نفسه قبل أن ينطق بالكلمات التي ستغير كل شيء
كانغ دانيال
أرثر < تعطي نفس انطباع الصورة >
- بقية الشخصيات تعرفونهم 🙇🏻
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro