13
نجوي بالقراءة لا تنسون الكومنت بين الفقرات و الڤوت 🤎
لا تبخلون بالكومنت 😾
خرج جونغكوك من الشركة بعد أن استأذن من يونقي يسير بخطوات متثاقلة يكاد رأسه ينفجر بالأفكار خطواته كانت متسارعة وهو يخرج من المبنى غير مدرك أن رجلاً يرتدي بدلة رسمية أشبه بموظف في الشركة كان يتبعه بصمت
جلس جونغكوك خلف عجلة القيادة قبضته مشدودة على المقود، وكأنها تعكس توتره الداخلي عيناه كانت موجهة نحو الطريق حاجباه معقودان بشدة والقلق بادٍ في نظراته شق طريقه نحو منزل تايهيونغ يحاول إخفاء مشاعره لكنها تتسرب من حركاته المتوترة
حين وصل إلى إشارة المرور توقف بغضب وراح يطلق زفرة حادة يضرب المقود بيده في إحباط انتظر الضوء الأخضر بفارغ الصبر وعندما أضاء حتى لاحظ السيارة أمامه لا تتحرك نفد صبره وضغط بوق السيارة بشدة في محاولة لحث السائق على التحرك بعد ثوانٍ قليلة انطلقت السيارة أمامه وتبعها هو نحو وجهته المحددة منزل تايهيونغ مندفعاً نحو وجهته
عند وصوله إلى منزل تايهيونغ لاحظ خلو المواقف من أي سيارات خيم الصمت على المكان لا أثر لتايهيونغ أطلق تنهيدة طويلة وأسند رأسه إلى المقعد يغمض عينيه للحظة كأنه يحاول جمع شتات أفكاره "لماذا؟" كانت الكلمة التي تدوي في رأسه لا يستطيع التوقف عن التفكير في تصرف تايهيونغ المفاجئ لماذا فعل ما فعله؟ لماذا تركه غارقًا في الحيرة؟
انتظر هناك لمدة ساعة كاملة يحدق في المنزل الأبيض أمامه متأملًا أن يظهر تايهيونغ فجأة لكن المنزل بقي صامتًا خاليًا من أي حركة رغم معرفته بأن تايهيونغ في العمل إلا أن قلبه أبى أن يصدّق هذا الواقع أتى إلى هنا مدفوعًا بضعفٍ لم يفهمه ورغبةٍ عنيدة في أن يراه أن يحصل على إجابة تُطفئ النار المشتعلة بداخله لكن مع مرور الوقت بدأ الأمل يتلاشى ببطء تاركًا خلفه فراغًا مؤلمًا يبتلع كل شيء
في مكان آخر، كان ماثيو يتحدث عبر الهاتف:
"يقف أمام منزل أبيض بالقرب من الشركة لمدة ساعة تقريبًا"
"منزل أبيض؟ ألم تتعرف على صاحبه؟" سأل ارثر ماثيو عبر الهاتف بصوت مفعم بالترقب
أجاب ماثيو بعد لحظة صمت قصيرة وكأنه يحاول استحضار تفاصيل غير واضحة: "لا... يبدو لشخص غريب. ربما أحد أصدقائه"
أتاه صوت آرثر من الطرف الآخر مليئًا بالحيرة، وهو يسأل: "ولكن، لماذا يقف هناك؟"
رد ماثيو بعد برهة: "يبدو لي أنه ينتظر شخصًا أو ربما توقف ليستريح قليلًا" ، أطلق آرثر همهمة غامضة قبل أن يغلق الهاتف
لكن كلمات ماثيو أثارت الشكوك في ذهن آرثر "منزل أبيض؟ قريب من الشركة؟" تساؤلات بدأت تتردد في رأسه مشحونة بالريبة والقلق كان من المستحيل أن يكون جونغكوك قد توقف لهذه المدة دون سبب وجيه الأفكار تلاحقت في ذهنه تشابكت كأنها خيوط متشابكة حتى أغرقته في دوامة من التساؤلات جعلته ينسى العمل تمامًا
"هل أنت متفرغ الآن؟" ، جاء صوت إدڤين فجأة قاطعًا سيل أفكار آرثر الغارق في دوامة تفكيره
رفع آرثر عينيه ببطء وكأنه يحاول استيعاب السؤال قبل أن يتلعثم قائلاً وهو يتظاهر بتصفح الأوراق التي أمامه: "ماذا؟"
كرر إدڤين بابتسامة هادئة وهو يقترب من المكتب: "سألتك، هل أنت متفرغ الآن؟"
أعاد آرثر الأوراق إلى الطاولة برفق ثم رفع نظره إليه مستفسرًا: "لماذا تسأل؟"
وضع إدڤين يديه على سطح المكتب بانحناءة خفيفة ناظراً إلى آرثر بتروٍ قبل أن يجيبه: "لنتناول الغداء معًا خارج الشركة شعرت أننا بحاجة لبعض الهواء النقي"
نظر آرثر إلى الساعة المعلقة على الحائط ثم قال بصوت هادئ يكسوه بعض التردد: "ألا تظن أن الوقت ما زال مبكرًا؟ لم تصل الساعة إلى الواحدة بعد"
لم تفارق الابتسامة شفتي إدڤين وهو يجيب بصوت يحمل تفهمًا: "لا بأس ، إذا لم يكن الوقت مناسبًا الآن يمكننا الخروج بعد قليل"
أومأ آرثر برأسه موافقًا وقال بنبرة أكثر استرخاء: "حسنًا، لا بأس ، يمكننا الخروج لاحقًا"
ابتسم إدڤين برضى وقال وهو يستدير نحو الباب: " أعلمني عندما يحين الوقت سأعود إلى مكتبي"
تابع آرثر خطوات ادڤين وهو يغادر المكتب ثم تنفس بعمق وأرخى ظهره على الكرسي للحظة، شعر أن حديث إدڤين كان كنافذة صغيرة فتحت له أدخلت إليه نسمة من الهواء وسط ضغط العمل وأفكاره التي لم تهدأ منذ الصباح
"ماذا بك، تايهيونغ؟" سأل جيمين بهدوء ملاحظًا هدوء صديقه الغريب على غير عادته المعتادة كان منهمكًا في إعداد الماتشا
أجاب تايهيونغ ببساطة وهو مستمر في خفق الماتشا بتركيز : "لا شيء فقط متعب قليلاً"
رفع جيمين عينيه عن الأكواب التي كانت بين يديه ليجد تايهيونغ مستمرًا في خفق الماتشا لكن عيناه كانتا شاردتين تمامًا وكأنه بعيد عن الواقع فكر لحظة ثم سأل مرة أخرى: "ماذا جرى؟"
رجّح جيمين أن يكون هدوء تايهيونغ بسبب إرهاق عمه، واضعًا هذا الاحتمال كأول تفسير يخطر في باله
تنهد تايهيونغ برفق قبل أن يجيب بهدوء وهو يسكب الماتشا في كأس مملوء بالثلج والماء: "لم أنم جيدًا ليلة البارحة فقط لا شيء آخر"
ترك جيمين ما بين يديه وهو يشعر بقلق متزايد فاقترب منه برفق ووضع يده على كتفه قائلاً: "اذهب إلى المنزل و استرخِ قليلاً ستشعر بتحسن"
ابتسم تايهيونغ ابتسامة باهتة ثم أجاب: "لا بأس، أنا بخير" ، كانت ابتسامته تحمل شيئًا من التردد لكنه لم يمانع فاستمر في عمله
توجه تايهيونغ بخطوات خفيفة ومتوازنة نحو الزبون الذي كان ينتظر فبدأ بكتابة طلبه على الشاشة بسلاسة وانسيابية و ابتسامة مصطنعة أعلى شفاهه
"لا أشعر أنك بخير اذهب إلى غرفة العملاء و استرح قليلاً سأجهز الطلب أنا" ، أصر جيمين بصوت هادئ بينما أخذ الورقة من بين يدي تايهيونغ ووجهه نحو غرفة الاستراحة
لم يعترض تايهيونغ بل كان يعلم في أعماقه أنه في حاجة للراحة قليلًا فتوجه إلى الغرفة بهدوء
جلس على الكرسي وأرخى رأسه إلى الوراء مسترخيًا للحظات تنفس بثقل وكأنما يحاول أن يطرد الإرهاق النفسي والجسدي الذي كان يعتصره كانت أفكاره مشوشة وعقله غارق في دوامة من الأسئلة
"ما الذي يحدث بيني وبين جونغكوك؟" ظل يتساءل في داخله كانت تلك العلاقة الغريبة بينهما تلاحقه بشكل مستمر كلما حاول الابتعاد عن التفكير فيها عادت مرةً أخرى تقفز إلى ذهنه
شعر بثقل قرار حظر رقم جونغكوك من هاتفه كان ذلك قرارًا قاسيًا لكنه كان يعلم أن الحياة لا تمنحه الخيار كان يشعر كما لو أن حظر الرقم كان يشبه حجرًا ثقيلًا على قلبه يضغط عليه أكثر فأكثر
"لكن في النهاية، نحن لن نكون مقدرين لبعضنا البعض" ، كانت هذه الفكرة تدور في رأسه بلا توقف كان يعلم جيدًا أن هناك حاجزًا كبيرًا بينهما
جونغكوك متزوج في حين أن تايهيونغ ليس سوى شخص عادي يعمل في مقهى بسيط من عائلة متوسطة الحال كان الفرق بينهما شاسعًا كما أن عائلة جيون الفاخرة والثرية لا تتناسب مع حياته البسيطة كان يعلم أن مكانه في حياة جونغكوك يقتصر على كونه مجرد مستمع لا أكثر
"لقد بالغت في خيالاتي" ، همس تايهيونغ لنفسه في صمت كانت تلك الخيالات التي نسجها حول حياة يمكن أن تجمعه بجونغكوك قد تحطمت الآن أمام الواقع القاسي
بفكر مشوش أدرك أن العوائق كانت كبيرة جدًا أكبر مما يمكنه تخيله وأنه لا مكان له في حياة جونغكوك مهما حاول
في تلك اللحظة استطاع أن يسمع صوتًا مألوفًا يتسلل إلى مسامعه
تمكن تايهيونغ من تمييز الصوت على الفور؛ كان صوت جونغكوك وهو يطلب أمريكانو مثلجًا كما هي عادته
بقي تايهيونغ على وضعه لعدة دقائق، ينتظر خروجه من المقهى لكنه لم يستطع أن يقوى على الوقوف لرؤيته كما كان يفعل سابقًا عندما كان يذهب إليه بلهفة لا يستطيع مقاومة رغبته في اللقاء به هذه المرة، شعر بالعجز يثقل قلبه، وكأن كل شيء قد تغير
"ترغب بشيء آخر؟" سأل جيمين بابتسامة لطيفة
"لا، فقط أمريكانو" ، أجاب جونغكوك بابتسامة صغيرة لكن عينيه كانت مشوشة تبحث في المكان بحذر عن هالة تايهيونغ لكن لم يكن هناك أي أثر له
أطلق جونغكوك تنهيدة خفيفة مليئة باليأس وهو لا يزال يتمنى أن يظهر تايهيونغ فجأة أمامه قلبه كان يزداد ثقلًا مع كل لحظة تمر دون أن يراه وكأن خيبة الأمل تلتهمه شيئًا فشيئًا
نظره كان يتنقل بين الوجوه حوله يحاول أن يطمئن نفسه بأن تايهيونغ ربما فقط مشغول لكنه كان يعلم في أعماقه أن الأمر ليس كذلك كان شعور بالفراغ يملأ قلبه يضاعف حيرته ويجعل الأمل في لقاء بسيط يبدو بعيدًا جدًا
رغب جونغكوك فقط في الحديث مع تايهيونغ حتى لو لدقيقة واحدة فقط كانت تلك الدقيقة كفيلة بأن تريح قلبه وتُجدد فيه شعورًا بالسلام وسط الضغوطات التي يعيشها لكن هذه المرة كانت الأمور مختلفة لا يمكنه الوصول إليه لا يستطيع إيجاد طريقة للاقتراب منه كما كان يفعل سابقًا
أخذ جونغكوك قهوته بهدوء بعد أن ودع جيمين ثم خرج من المقهى متجهًا نحو الشركة كان فكره مشتتًا وقلبه مثقلًا بكثير من التساؤلات التي لا إجابة لها في طريقه إلى الشركة كانت الأفكار تتداخل في ذهنه لكن واحدة منها كانت أكثر وضوحًا من غيرها: يجب أن يتحدث مع يونقي؟
قاد سيارته نحو الشركة ببطء وترك عقله يسرح في كل ما حدث منذ صباح ذلك اليوم كان يشعر بحاجة ملحة للحديث مع يونقي عن تايهيونغ لكنه لم يكن يعرف بالضبط ماذا سيفعل بعد ذلك شعر في أعماق قلبه بأن يونقي قد يكون الشخص الذي يمكنه مساعدته حتى وإن كان قليلاً ربما يُعطيه بعض النصح أو حتى الدعم الذي يحتاجه ليواجه الموقف
وصل إلى مكتب يونقي ووقف للحظة أمام الباب وهو يشعر بتوتر غريب يعتريه كانت أفكاره تتسارع وكأن الحديث مع يونقي سيكون الخطوة التي ستحدد ما سيفعله بعد ذلك دخل أخيرًا، وهو يحاول أن يخفف من توتره، لكنه لم يستطع التخلص من شعور بأن شيئًا ما قد يتغير بعد هذه المحادثة
"جونغكوك" ، نطق يونقي بتفاجؤ، ابتسم ابتسامة لطيفة وهو يشير بيده نحو الكرسي المقابل له قائلاً: "تفضل بالجلوس"
أخذ جونغكوك قهوته ووضعها فوق الطاولة ثم جلس أمام شقيقه وعيناه تحدقان في الأرض لوهلة قبل أن يرفع نظره إليه قائلاً بهدوء: "يونقي، أتعرف تايهيونغ؟"
فكر يونقي قليلاً ثم عقد حاجبيه بخفة يحاول تذكر الاسم وشعر أنه يعرفه فتابع قائلاً: "تايهيونغ؟ صديق جيمين؟"
أجاب جونغكوك بتأكيد وهو يقترب من الطاولة قليلاً: "نعم"
نظر يونقي إليه للحظة وكأن الجملة الأخيرة أثارت اهتمامه فانتظر قليلاً ثم نطق: "إذاً..."
رفع جونغكوك رأسه قليلاً وأجاب مترددًا في نطقه للكلمات: "لقد تبادلنا الأرقام بعد أن اصطدمت سيارتي بسيارته عن غير قصد وفي الأيام الأخيرة كنت أذهب إلى منزله بشكل مستمر تحديدًا في أوقات الراحة"
اتسعت عينا يونقي بدهشة وهو يحدق في شقيقه ثم قال متعجبًا: "أنت تتحدث بجدية؟"
"تذكران عندما كان آرثر غاضبًا ويشكو لكما من قضائي ساعات طويلة وليالي خارج المنزل؟" قال جونغكوك بصوت هادئ
وحين رأى إيماءة من يونقي تدل على التذكر، تابع قائلاً: "في تلك الأوقات... كنت أقضي الليالي معه"
كان يونقي ينظر إليه بصمت للحظات يبدو أنه كان يحاول استيعاب الوضع الغريب الذي سرده له ثم سأل بصوت أقل حدة: "منذ متى أنتما على هذا الوضع؟"
أجاب جونغكوك وهو يشعر بضغط على صدره: "قرابة ثلاثة أسابيع"
تجمد يونقي للحظة أخرى ثم سأل بفضول: "ما الأمر الذي حدث حتى جعلت تأتي وتخبرني بهذا؟"
جاء جواب جونغكوك سريعًا، مصحوبًا بتنهيدة: "كنت أرغب في لقائه اليوم، لكن تفاجأت بأنه قام بحظر رقمي دون سبب وعندما ذهبت إلى المقهى لم أجده هناك"
عقد يونقي حاجبيه مرة أخرى وكأن الحديث بدأ يأخذ منحى آخر، فتابع بتعجب: "ربما لم يكن هناك؟"
لكن جونغكوك أجاب بسرعة وكان صوته يتسم بالإصرار: "لا، كان في المقهى سيارته كانت هناك"
كانت عيون يونقي تلمع بتفكير عميق وهو يتابع حديث شقيقه، كأن الحقيقة التي كان يحاول فهمها تزداد تعقيدًا
رفع يونقي حاجبيه وعينيه مملوءتين بالشك ثم مرّ بأصابعه على حافة المكتب بينما استرخى ظهره للخلف في وضعية غير مريحة سأل بنبرة تحمل شيئًا من الاستفهام والريبة: "ما هي علاقتكما سوياً؟"
جلس جونغكوك صامتًا لثوانٍ وهو يحدق في يديّه كما لو أنه يحاول جمع أفكاره المبعثرة كان هناك تردد في عينيه وكأن الإجابة التي سيقدمها قد تكون أكبر من مجرد كلمات بسيطة ثم، مع تنهدٍ ثقيل، رفع رأسه، وفتح فمه ليخرج الكلمات بصوتٍ خافت لكن معبّر:
"لم أستطع أن أجد تفسيرًا لعلاقتنا سوياً، سوى أنه كان مصدر راحة لي في كل مرة أشعر فيها بالضغط أو بالضياع أجد نفسي أبحث عنه هو دائمًا هنا يمدّ يده لي يطبطب فوق كتفي بلطف كما لو أنه يُهدّئ روحي بكلماتٍ صادقة يستمع لي بلا تعب، وكأن همومي لا تزعجه، وكأن كلماته هي الهواء الذي أتنفسه حينما أغرق في بحر من المشاعر المتناقضة هو يلتقطني عندما أبدو ضائعًا، ويعيدني إلى نفسي "
بعد أن أنهى جونغكوك حديثه جلس في صمت لبرهة، كانت عيناه تتأملان المسافة بينه وبين يونقي، يراقب ردة فعله بحذر، في انتظار أن يقول شيئًا أو يطرح تساؤلاً آخر
"هل تشعر بمشاعر تجاهه؟ أعني، كلماتك تشرح شيئًا أعمق..."، سأل يونقي بهدوء، متأملًا في رد فعل شقيقه، عيناه مركّزتان عليه بعناية كان صوته خافتًا، لكنه كان يحمل دلالات أكثر من مجرد سؤال عابر
"مشاعري تجاهه مبعثرة بشدة لا زلت لا أستطيع فهم نفسي ارغب بلقائه أكثر حتى أتأكد من مشاعري"، قال جونغكوك وهو ينقل نظره بعيدًا، وكأنما يفكر في كل كلمة تخرج من فمه كان صوته يشي بتردد داخلي، فيما كان وجهه يبدو محملًا بالهموم
قال يونقي بهدوء وتحليل: "لا يوجد تفسير لهذا إلا احتمالين؛ الأول أنه وجد شخصًا أو مر بظرف معين دفعه للجوء إلى هذا... أما الخيار الآخر، وهو الأقل احتمالًا، أن يكون قد استمع لحديث آرثر بحكم عمله مع جيمين"
"حديث ماذا؟" عقد حاجبيه في تعبير من القلق وكأن الجواب كان بعيد المنال كان يبدو أنه لا يعلم شيئًا عن الموضوع
قهقه يونقي بخفة صغيرة بينما كان يراقب الاستغراب يعلو وجه شقيقه "يبدو أنك لا تعلم شيئًا"، قالها بابتسامة لكن صوته ظل هادئًا
"ماذا هناك؟" تحدث جونغكوك بنبرة أقرب إلى الاستفهام ملامح وجهه تتجسد فيها الحيرة والقلق كما لو أنه لا يستطيع فهم الموقف بشكل كامل
"جيمين أخبرني بعد الحفل توجه آرثر صباحًا إلى المقهى حيث كان جيمين وصديقه وبدأ يخبره بما حدث بينكما تلك الليلة جونغكوك، لربما تايهيونغ مشاعره أيضًا مبعثرة لذلك حينما سمع حديثه شعر أنه مجرد شخص عابر في حياتك شخص لن يغيرك في شيء"، تحدث يونقي كلماته تتناثر بهدوء لكن تحمل في طياتها شيئًا ثقيلًا كما لو أنه يفتح الأبواب المغلقة لشقيقه
"انتظر كيف لآرثر أن يشارك هذه التفاصيل مع جيمين؟" ، تحدث جونغكوك بغضبٍ عميق عينيه تضيقان من الغضب بينما كان عقله يعج بالأفكار التي تتزاحم بسرعة
"هو لم يصدق الاقتراب بينكما في تلك الليلة، لذلك توجه للحديث معه أنت تعلم أنه لا يخفي شيئًا عن جيمين"، أجاب يونقي بصوت هادئ، عينه لا تفارق شقيقه كما لو أنه يحاول أن يساعده على إدراك الموقف
"وإن يكن هذه التفاصيل خاصة جدًا، لا يجب أن يشاركها مع أحد!"، تحدث جونغكوك بدهشة شديدة وفي عينيه كان يظهر مزيج من الغضب والدهشة
"لا تكتّرث للأمر دعنا نركز على تايهيونغ الآن تذكر حديثي قبل قليل، إن كنت ترغب بفتح صفحة جديدة فلا تخاف تقدم للأمام، سأكون خلفك وأساعدك لكن تأكد أنك لن تهجره تذكر أنك لن تتصرف معه كما فعلت مع آرثر... مؤخرًا، بدأت ألاحظ تغييرات كبيرة في شخصيتك وربما السبب هو تايهيونغ إن كان هو فلماذا لا تتخذ خطوة؟" تحدث يونقي بنبرة ثابتة كانت كلماته تحمل طابعًا من الحكمة التي تتطلب من جونغكوك أن يفكر بعمق
"ماذا سيحدث بعد ذلك؟ كيف سأتصرف مع والدي وآرثر؟" ، سأل جونغكوك وعيناه تبدوان مترددتين وهو يحاول أن يتصور الآثار المترتبة على قراراته
قال يونقي بنبرة هادئة ومطمئنة: "لا تقلق حيال ذلك فكر فيما سيحدث الآن أنا وعدتك، سأكون معك دائمًا"
رد جونغكوك بحزم، وكأن القلق يسيطر عليه: "الآن أخبرني، ماذا يجب أن أفعل؟ هو ليس في المنزل، ويتهرب مني بحجة العمل"
أجاب يونقي ببساطة، وكأن الحل واضحًا أمامه: "اذهب إليه في المساء حينما ينتهي من عمله"
ثم تابع مبتسمًا ابتسامة صغيرة، وكأنه يعرض عرضًا لا يمكن رفضه: "إن كنت تود أن أجعل المقهى فارغًا من أجلك لتتحدث معه، سأفعل"
"كيف ستفعل هذا؟" سأل جونغكوك بدهشة وكانت تعابير وجهه تشير إلى استغرابه من تفكير يونقي في تنفيذ هذه الخطة
"أخبر جيمين بأننا سنخرج في موعد سويا"، تحدث يونقي بثقة عينيه تلمعان بحيلة مكرّرة
"المقهى مكان غير مناسب، أرغب بالذهاب إلى منزله للحديث"، تحدث جونغكوك بحيرة كبيرة وكأنما كان في حيرة من مكان اللقاء الأمثل لمواجهة مشاعره
أجاب يونقي بهدوء، بينما كانت ملامح وجهه تعكس تفهمًا عميقًا: "كما تشاء" ، ثم أضاف بنبرة أكثر حسمًا: "لكن يجب أن تكون صريحًا وأنت تعلم أنه لا يوجد وقت أفضل من الآن"
بينما كانت الكلمات تتردد في أذنه، شعر جونغكوك بقلق متزايد كان يدرك أن عليه مواجهة مشاعره وأن يفهم تمامًا ما يريد، ولكن قراراته بشأن آرثر والآخرين كانت تجعله يشعر بشدة من الضياع
أخذ نفسًا عميقًا ثم انفجر بغضب: "كيف يتصرف آرثر هكذا؟ لماذا يتحدث عن تفاصيل حياتنا كأنها شيئا عادي؟"
قالها وهو يخرج من الغرفة بسرعة، ملامح الغضب واضحة على وجهه وقلبه ينبض بسرعة ترك القهوة خلفه، مغادرًا الغرفة التي غمرتها الفوضى
استقام يونقي من مكانه بهدوء، ثم تناول كوب القهوة الذي نسيه جونغكوك بابتسامة خفيفة على وجهه، مستمتعًا بلحظة تكاسله عن العودة إلى المقهى ليحصل على آخر
رفع جونغكوك الهاتف بيد مرتعشة من الغضب وضغط على زر الاتصال لم ينتظر سوى بضع ثوانٍ حتى أجاب أرثر بصوته الهادئ المعتاد: "جونغكوك؟ ما الأمر؟"
صوت جونغكوك جاء كالانفجار: "كيف تتحدث عن ليلة المعاشرة مع جيمين؟!"
توقف أرثر لوهلة صوته المصدوم يكسوه الارتباك: "انتظر... ماذا قلت؟"
اشتعلت نبرة جونغكوك أكثر كأن صوته سيف يطعن: "كيف تجرؤ أن تخبر جيمين بتفاصيل خاصة؟ ألا تستطيع كتم الأسرار؟"
حاول أرثر استجماع أفكاره، مدافعًا بنبرة أقل ثقة: "لم يكن قصدي... كنا نتحدث و—"
قاطعه جونغكوك بحدة نبرته مليئة بالاشمئزاز: "أنت تتحدث عن شيء لا يخصه على الإطلاق! لا أفهم لماذا أعدك شريكًا إذا كنت لا تحترم خصوصيتنا"
رد أرثر، محاولًا تبرير نفسه: "أنا لم أقصد، جونغكوك جيمين فقط كان... فضوليًا. ولم أعتقد—"
"لم تعتقد؟!" قطع كلامه بنبرة متهكمة، ثم أردف بصوت منخفض ولكن مليء بالاحتقار: "لقد حطمت أي ذرة احترام كانت بيننا"
صمت أرثر للحظة يحاول جمع أي كلمات لإنقاذ الموقف لكنه لم يتمكن من تجاوز الغضب القاطع في صوت جونغكوك
قال جونغكوك بصوت حازم: "لا أريد سماع أي أعذار لا تتصل بي، ولا تحاول حتى تبرير تصرفاتك انتهى الحديث"
بلا انتظار لأي رد، أغلق جونغكوك الهاتف بقوة، وعيناه مشتعلة بالغضب من شدة الانفعال ألقى الهاتف على الطاولة بعنف، ثم مرر يده على وجهه وشعره وكأن تلك الحركة ستخفف من الضغط الذي يثقل صدره كانت الأفكار تتزاحم في رأسه، تلاحقه بلا هوادة: كيف يمكن لآرثر أن يتحدث عن شيء بهذه الخصوصية؟ هل كانت علاقتهما مجرد واجهة؟ أم أن آرثر لم يدرك أبدًا أهمية احترام خصوصياتهما؟
كان آرثر جالسًا في مكتبه، يدير قلمه بين أصابعه ببطء، محاولًا استيعاب المكالمة التي انتهت للتو مع جونغكوك تنفس بعمق، مشاعر متناقضة تتصارع داخله بين الغضب والرغبة في الدفاع عن نفسه كيف يمكن لجونغكوك أن يتهجم عليه بهذه الطريقة؟ فكر في نفسه، بينما كانت ملامحه تتجهم أكثر مع مرور كل لحظة
وضع القلم جانبًا ومسح وجهه بيديه، كأنه يحاول التخلص من أثر المكالمة التي ما زالت تلاحقه. كان يعلم تمامًا أن جونغكوك غاضب بحق، وأنه لن يكتفي فقط بالمكالمة الهاتفية كلمات الاتهام القاسية التي ألقاها لم تكن سهلة الهضم وقف فجأة من على كرسيه، وقدماه تضغطان على الأرض بعنف، بينما همس لنفسه:
"لم يكن الأمر بتلك الخطورة، كل ما في الأمر أنني تحدثت مع جيمين... لم يكن هناك ما يستدعي كل هذا"
جلس على كرسيه مجددًا، عينيه تحدقان في الفراغ بينما تتوالى في ذهنه تفاصيل تلك المحادثة مع جيمين لم يكن يعتزم أبدًا إلحاق الضرر بعلاقته مع جونغكوك، لكنه كان يشعر بغيرة خفية، غيرة كان يعجز دائمًا عن التحكم بها
كان يدرك أن شخصًا آخر بدأ يملك مكانة خاصة في حياة جونغكوك، وأن شيئًا ما كان يتغير بصمت، دون أن يلاحظه بوضوح
نهض من كرسيه مرة أخرى هذه المرة بتوتر أكبر أخذ هاتفه وتردد لثوانٍ قبل أن يضغط على رقم جونغكوك مجددًا لكنه توقف قبل أن يُكمل الاتصال ليس الآن... ليس وهو غاضب بهذا الشكل
نظر من نافذته إلى الشارع المزدحم أسفل مكتبه كان يشعر بالعزلة رغم كل من حوله حتى لو حاول تصحيح الأمر كان يعلم أن علاقتهم أصبحت أكثر هشاشة من أن تُصلح بسهولة
همس لنفسه وعيناه تلمعان بتوتر:
"ربما... ربما بدأت أخسرُ جونغكوك بالفعل بدأت اخسر علاقةً لم تبنى بعد"
"أترغب بالخروج الآن لتناول الغداء؟" سأل إدڤين وهو يدخل إلى مكتب آرثر، بنبرة غير رسمية
أجاب آرثر بغضب طفيف مع نظرات غاضبة تملأ وجهه: "من فضلك إدڤين ليس لدي مزاج للخروج الآن"
"ما بالك؟ لماذا أنت غاضب؟" سأل إدڤين بفضول شديد وعيناه تراقب آرثر بهدوء وكأنهما تبحثان عن إجابة مخبأة
أجاب آرثر بصوت منخفض وهو لا يزال ينظر من خلال الزجاج: "تشاجرت مع زوجي"
"لماذا لا تنفصل عنه إذًا؟" سأل إدڤين ببساطة ولم يكن يتوقع الجواب
آرثر تنهد قليلاً وقال بهدوء غير عادي: "أنا أحبه"
نظر إدڤين إلى آرثر للحظة وهو يقترب منه شيئاً فشيئاً ابتسم بابتسامة خفيفة ثم قال: "أنت دائمًا هكذا تتعلق بشيء لا يجلب لك سوى الألم... لكن أليس الحب أحيانًا يستحق المغامرة؟"
آرثر لم يجب فقد كانت كلماته تتناثر في قلبه لكن إدڤين لم ينتظر الجواب بل اقترب أكثر حتى أصبح بينه وبين آرثر مسافة قليلة للغاية نظر إلى عينيه ثم ببطء وضع يده على خد آرثر ثم اقترب منه حتى التصقت شفتاه بشفتيه في قبلة قصيرة مشبعة بالتهديد والمشاعر المكبوتة
تجمد كل شيء في تلك اللحظة
بعد تلك اللحظة المثيرة والمرتبكة أخذ آرثر خطوة إلى الوراء محاولًا استعادة توازنه الداخلي نظر إلى إدڤين بعينين مليئتين بالأسئلة مشاعر مختلطة بين الحيرة والغضب والحاجة إلى الفهم
"هل تعتقد أن ما فعلته صحيح؟" سأل آرثر صوته منخفض لكن مليء بالتحدي
ابتسم إدڤين ابتسامة غامضة ثم أجاب بهدوء: "أنا لا أؤمن بالصح أو الخطأ آرثر أعتقد أن الحياة مجرد سلسلة من الخيارات وكل خيار له نتيجته الخاصة"
آرثر شعر بشيء من الارتباك لكن في الوقت نفسه كان يشعر بشيء غريب في قلبه كانت كلمات إدڤين تتسلل إلى أعماقه كما لو أنه يحاول أن يفتح له بابًا إلى شيء لم يكن يعرفه بعد عن نفسه
"لكنني متزوج... أنا لا أستطيع أن أعيش هذه الفوضى" ، قال آرثر وهو يضغط على جفنيه بيديه كما لو أن محاولة إغلاق كل الأفكار المزعجة التي كانت تتسارع في ذهنه
إدڤين لم يرد عليه فورًا بل اكتفى بالوقوف هناك يراقب آرثر بدهشة مريبة ثم اقترب منه خطوة أخرى وقال بهدوء: "أنت فقط تخشى أن تواجه نفسك آرثر كنت دائمًا تفضل الهروب من المواقف الصعبة لكن هل تعلم؟ أحيانًا يجب أن نواجه الحقيقة مهما كانت مؤلمة"
كان قلب آرثر ينبض بسرعة أكبر وأصبحت عينيه أكثر تركيزًا على إدڤين حيث تابع إدڤين حديثه مُستمر بالنظر إلى ارثر بعمق ثم أجاب بلطف: "إنها ليست مسألة حب فقط آرثر الحب ليس دائمًا في مكانه الصحيح أو في الوقت المناسب أحيانًا نحتاج إلى مواجهة الحقيقة حول ما نريد ما نحتاجه"
آرثر وقف صامتًا غير قادر على الرد كان هناك جزء منه يدفعه إلى الابتعاد عن كل هذا الفوضى ولكن جزء آخر كان يغريه بمواجهة كل شيء
في تلك اللحظة، اقترب إدڤين منه ببطء ثم وضع يده برفق على ذراعه، قائلاً: "أريدك أن تعرف شيئًا آرثر مهما كانت قراراتك لن تكون وحيدًا ولكنك أنت فقط من يستطيع تحديد ما هو الأفضل لك"
ارتعش آرثر عند لمسة يده لكنه ظل صامتًا بينما كانت الأفكار تتسارع في ذهنه كان يشعر بالعجز عن اتخاذ أي قرار حاسم في تلك اللحظة
"يجب أن أذهب" قال أخيرًا محاولًا الابتعاد عن إدڤين
إدڤين نظر إليه للحظة ثم قال بهدوء: "لا تبتعد عن الحقيقة، آرثر إذا كنت بحاجة إلى الوقت فأنا هنا"
ثم خرج آرثر من المكتب متوجهًا إلى عالمه المملوء بالحيرة والقرارات الصعبة بينما ظل إدڤين ينظر إليه عينيه تلمعان بالغموض والتحدي
آرثر كان في حالة من الفوضى العاطفية ولا يمكن إنكار أن إدڤين كان له تأثير عميق عليه لكن إدڤين لم يكن ليكتفي بالنظرات أو الكلمات فقط؛ هو يعرف كيف يتلاعب بالمشاعر كيف يزرع بذور الشك ويثير الفضول وهو ما فعله مع آرثر في تلك اللحظة
بينما كان آرثر يغادر المكتب كانت أفكاره تتراكم بشكل متسارع كان في قلبه حيرة بين الوفاء لعلاقته مع جونغكوك، وبين الاغراء الذي شعر به تجاه إدڤين لم يكن هذا فقط صراعًا بين الحب والجذب، بل كان صراعًا بين هويته الداخلية ومواقفه العاطفية
في فترة المساء
"كيف تجرؤ على فعل هذا؟ كيف تخبر جيمين عن تلك الليلة؟" ارتفع صوت جونغكوك، وكأن الكلمات تخرج من فمه كالسيوف المسمومة تابع حديثه بغضب: "ألم يكن من المفترض أن تبقى تلك اللحظة بيننا فقط؟" كانت أنفاسه تتصاعد ثقيلة من صدره، والشرارة في عينيه تكاد تنفجر.
أرثر الذي كان يقف بالقرب من الباب نظر إلى جونغكوك ببرود، دون أن يظهر أي تعبير على وجهه كان يتنفس ببطء، كمن لا يملك أي تعاطف مع ما يشعر به الآخر ،" لا أرى ما المشكلة جونغكوك جيمين صديق لي، ولم أرَ أنه من الضار أن أخبره"
"أنت لا تفهم!" صرخ جونغكوك وهو يقف فجأة ويتجه نحو آرثر "كنت أعتقد أنك تفهم، لكنك... لا تقدّر شيئًا! كنت أظن أنك تحترم خصوصيتي، لكنك الآن تدمر كل شيء بأفعالك هذه!"
مع انتهاء كلامه ضغط جونغكوك قبضته على شعر آرثر، وجذب رأسه إلى الخلف بعنف، حتى اقترب وجهه أكثر من وجهه. كانت ملامحه مشدودة بالغضب الذي لم يعد قادرًا على إخفائه ونطق بكراهية واضحة:
" لن تغير تلك الليلة شيئًا في علاقتنا، أرثر أنا أكرهك الآن أكثر من أي وقت مضى لا أريدك في حياتي!"
ظل آرثر واقفًا بلا حراك، بينما كانت يد جونغكوك ما تزال ممسكة بشعره. شعر قلبه يعتصر من الداخل، لكنه لم يُبدِ أي رد فعل، لم يصرخ أو يرد، بل بقي صامتًا كما لو أن كل شيء حوله لا يعنيه
أفلت جونغكوك شعره بعنف، متركًا إياه في صمت.
بعد أن أطلق جونغكوك تلك الكلمات القاسية، أفلت شعره بعنف، ثم دفعه بعيدًا عنه. بخطوات ثقيلة، توجه نحو الباب تبع خروجه صمت ثقيل، بينما ظل آرثر، الذي لم يتحرك إلا بعد لحظات، يشعر برغبة غريبة في البكاء
شعر وكأن قلبه قد تحطم إلى قطع صغيرة، وكأن كل شيء من حوله كان يتغير أمام عينيه. لم يصدق أن العلاقة التي بدأ يشعر بأنها تتحسن قد انهارت بهذه السرعة
لكن وسط هذا الاضطراب، بدأت أفكار إدڤين تتسلل إلى ذهنه، وكأن كلماته تلاحقه بلا هوادة
لم يكن أرثر يريد أن يخسر تلك العلاقة، حتى وإن كانت معقدة، فقد كان دائمًا يحاول التقليل من الأثر الذي تتركه تصرفاته ومع مرور كل لحظة، كان شعوره بالعجز يزداد لكن كانت هناك فكرة واحدة تسيطر على ذهنه أكثر من أي وقت مضى: "هل من الممكن أن أستحق فرصة ثانية?"
بينما كان جونغكوك يسير في الشوارع المظلمة تغطيها الغيوم الثقيلة والجو البارد يلسع وجهه كانت خطواته ثقيلة كأنها تحمل عبء يومٍ مرهق كان يسير بلا هدف كأن قلبه يبحث عن شخص يعيده إلى توازنه يعيد له دفء الحياة وعقله الذي تشتت لكن ذلك الشخص بعيد، لا يعلم أين هو، فقط ظل يسير
في تلك اللحظة بدأ يلعن تلك اللحظة التي جمعته مع أرثر والتي جعلته يغلق عينيه عن الحياة تسرع في توقيع عقد الزواج لأجل المصالح والشراكة فأضاع نفسه في عالمٍ خالٍ من الحب والعاطفة التي كان يستحقها.
في قلبه كان شوقٌ عميق للقاء تايهيونغ يرغب في احتضانه كما في تلك الليلة حينما كان العناق عميقًا مليئًا بالراحة والطمأنينة وكأن العالم توقف في تلك اللحظة كان يريد الحديث معه أن يفتح قلبه له رغم أنهما لم يكونا قد وصلوا بعد إلى مرحلة الحب إلا أن التواصل بينهما كان يعني له الكثير ولا يريد الابتعاد عن هذا الشعور أبدًا
بينما كان يسير في تلك الشوارع المظلمة كانت كلمات يونقي ما تزال تتردد في ذهنه "كن صريحًا مع نفسك" كانت تلك الكلمات تأمره أن يواجه مشاعره وأن يكون صادقًا مع نفسه
فجأة وجد جونغكوك نفسه أمام منزل تايهيونغ
لم يشعر بنفسه وهو يسير في الطريق حتى وصل إلى هناك نظر حوله لم يجد سيارة تايهيونغ متوقفة أمام المنزل فشعر بشيء من الإحباط يسيطر عليه
تقدم بخطوات ثقيلة نحو جهاز التحكم ليكتب الرقم السري للمنزل، لكنه فوجئ برسالة خاطئة تظهر على الشاشة شعورٌ غريب من اليأس تسرب إلى قلبه بينما بدأ دموعه تتجمع في عينيه بشكل مفاجئ
"لماذا يفعل تايهيونغ هذا؟" تساءل في نفسه "لماذا يتركني أعاني وحدي؟" كانت هذه الأسئلة تدور في ذهنه ولا يجد لها إجابة
وفي لحظة من الضعف تقدم نحو أحد المقاعد الخشبية التي كانت قريبة من بوابة المنزل وجلس هناك في صمت منتظرًا قدومه كانت عينيه مليئة بالحيرة والقلق بينما كانت الرياح الباردة تلفح وجهه ومعها جاء شعور بالعزلة والتشتت
في أحد حدائق المدينة حيث كانت السماء ملبدة بالغيوم جلس دانيال وتايهيونغ على سجادة ملونة تحت شجرة كبيرة كانت الأشجار تحركها الرياح ببطء بينما جلسا هناك في صمت شبه تام، يراقبان ما حولهما
كسرت كلمات دانيال هذا الصمت: "تايهيونغ، أنت تحبه"
رد تايهيونغ بنبرة سريعة نافياً ما قاله دانيال: "أحبه؟ لا"
ابتسم دانيال ابتسامة خفيفة، ثم تابع حديثه بنبرة مليئة بالواقعية، وهو يتناول رقائق البطاطس دون أن يرفع نظره عن تايهيونغ: "تايهيونغ، كيف تنكر حبك له؟ وأنت تغار من أدنى حقوق زوجه عليه؟ أنت فقط تخدع نفسك"
ظل تايهيونغ صامتًا للحظة ثم بدأ يتكلم بصوت منخفض وكأن الكلمات تتراكم داخله: "لا أنا مشتت لا أعلم كيف أصنف هذه العلاقة إنها غريبة... هو متحدث وأنا مستمع كلانا يعتبر الآخر مصدر راحة لكنني لا أعتقد أن هذه العلاقة ستتطور يومًا هو متزوج وهذا يجعل كل شيء معقدًا"
كان تايهيونغ ينظر إلى السماء الملبدة بالغيوم كما لو كان يحاول فهم مشاعره كان في قلبه الكثير من الأسئلة التي لم يجد لها إجابة واضحة بعد
أجاب دانيال بمرونة مع توجيه نصيحته بصوت هادئ ولكنه عميق: "لكن إذا كنت تشعر بهذه الطريقة، إذا كنت ترى فيه مصدر راحة لك، فلماذا لا تأخذ خطوة للأمام؟ لماذا تبقى في مكانك دون أن تحاول؟ إذا كانت مشاعرك حقيقية، فلا ينبغي لك أن تظل محاصرًا في الخوف أو في الظلال الحياة لا تنتظر أحدًا، وحتى هو لن يدرك مشاعرك الحقيقية إن بقيت تراقب من بعيد"
سكت دانيال للحظة وهو ينظر إلى السماء قبل أن يضيف: "إذا كنت تخشى على العلاقة إذا كنت تخشى خسارته فلتتحرك الآن الوقت لا ينتظر"
وقف تايهيونغ بهدوء بعد أن أخذ لحظة للتفكير فيما قاله دانيال كان في عينيه مزيج من التردد والحيرة لكنه كان يدرك أن الحديث مع دانيال قد وضع أمامه خيارًا فكر في جونغكوك في العلاقة التي بنوها على مر الأيام وفي كل اللحظات
أخذ خطوة إلى الوراء ثم تحدث بصوت هادئ لكنه مليء بالتفكير: "أعتقد أنني بحاجة لبعض الوقت لتحديد ما يجب علي فعله أشكرك دانيال على نصائحك سأغادر الآن"
وفي تلك اللحظة بدأ تايهيونغ يبتعد عن المكان تاركًا دانيال جالسًا في هدوءه يتأمل في السماء الملبدة بالغيوم
"يسير نحو المنزل الأبيض مجدداً حيث اتخذ لنفسه مقعداً أمام بوابة المنزل" – أرسل الرجل
وصلت هذه الرسالة إلى إرثر الذي كان يحاول جاهدًا أن يبعد عن نفسه أي شكوك تشير إلى أنه مجرد صديق لجونغكوك لا أكثر مع ذلك كانت تساؤلاته تراوده
كيف له أن يصدق أن جونغكوك قد سار بالفعل مدة ساعة على قدميه ليصل إلى منزله؟ حاول إرثر أن يطرد هذه الأفكار من رأسه لكنه لم يتمكن من تجاهل تلك الهمسات التي أخذت تعصف بذهنه
ربما كان جونغكوك بسبب تشتته العميق في تلك اللحظات قد فقد وعيه بما حوله لدرجة أنه لم يشعر بوجود ذلك الرجل التابع له الذي كان يسير خلفه ربما كان ذهنه مشغولًا بأمور أخرى مما جعله يغفل عن ذلك
وصل تايهيونغ أخيرًا قاطعًا شرود جونغكوك وموقظًا إياه من دوامة أفكاره الثقيلة أوقف سيارته بسرعة وترجل منها بخطوات متسارعة تحمل قلقًا واضحًا صوته يخترق هدوء الليل وهو ينادي بخوف: "جونغكوك!"
رفع جونغكوك رأسه ببطء وكأن صوته أعاده إلى الواقع ورد بصوت ضعيف مليء بالإنهاك: "تايهيونغ..."
اقترب تايهيونغ منه بخطوات ثابتة عيناه مسلطة عليه بتفحص وقلق وضع يده بلطف على كتفه متفحصًا حاله قبل أن يقول بصوت خافت لكنه يحمل رجفة القلق: "أنت متجمد..."
لم تخفَ على تايهيونغ آثار الدموع التي بقيت على جفون جونغكوك جافة بفعل برودة الطقس مما جعله يدرك كم كان غيابه القصير هذا اليوم مؤثرًا عليه في فترة وجيزة تعلق جونغكوك به بشدة وألمه كان واضحًا كأنه لم يجد ملجأ غيره
حاول جونغكوك الحديث مجددًا نادى اسمه مجدداً بصوت مرتعش: "تايهيونغ..."
إلا أن تايهيونغ قاطعه برفق كأنه يعلم ما يريد قوله دون الحاجة للكلمات أمسك بكف جونغكوك المتجمد ومسح عليه بحنان ثم رفع يده ليمسح بلطف آثار الدموع التي تركت بصمتها أعلى جفونه كان لمس تايهيونغ حنونًا أشبه برسالة صامتة تطمئنه وقال بصوت دافئ يحمل التفهم: "دعنا ندخل إلى الداخل... أنت متجمد هنا"
أمسك بيده برفق وقاده نحو الداخل حيث الدفء والأمان لم يدركا حينها أن خلفهما كان يقف من يراقبهما بصمت دون أن يُكشف حضوره
....
كيف البارت ؟
تايكوك؟
ارثر و دانيال و ادفين ؟
يونقي ؟
توقعاتكم؟
تحسون العلاقة راح تتعدل؟ 🤨
See you soon 🤎
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro