صنعت ألمي
ذاك اللحاف الذي يقيهما البرد .
اني احسده لعناقه لهما ، وجوده بينهما في نومهما ، حتى اهتمام من ادعت امومتها علي كان له اكثر ، اذ تتكرم كل فينة و اخرى بغسله ، اما انا ماعادت تراني و ما عادت تبصر وسخي مذ مدة نسيت قدرها .
كوب الشاي المستقر ذاك بين كف والدٍ انجبني و ما انجب حبه لي ، له فضل أكبر مني عليه ، اذ منه اخذ الدفء و مني اخذ الخيبات و العار كما ادعى لسان حنانه .
كنت نتاج خطيئة بين شابين من ادنى طبقات المجتمع ، ما قدِرا انهاء حياتي قبيل بدإها ، فاصطفت العائلات بتصحيح هذه الخطيئة بزواج كان اكبر خطئا مني .
فما بني على باطل هو باطل .
تكدر عيشت اهلي بوصولي و فتح عيناي سالمة معافاة ، غير ناقصة عقل او نمو .
و كانهما اراد اي علة بي تجعلهما يرميانني للموت بايديهما دون ان تمد اصابع الاتهام حولهما .
اتفقا على كرهي و على كره بعضهما البعض ، ما رأيت عناقا حميما بينهما في يوم سالف ، و لا كلمة معسولة عبرت ثغر احدهما للآخر خطئا ، فقط شرارات حقد و توتر تملأ الأجواء بينهما .
الا في وقت معاقبتي ، فلا ارى الابتسامات منهما الا فيه .
اشعر بالدم يتدفق في العروق و دقات القلب ترتفع بحماسة كلما اقتربا مني بغية تزيين جسدي بندوب يرونها جميلة بسبب اخطائي المعولة .
كسر كأس ، نسي الباب مفتوحا ، التأخرفي احضار طلب ، التحدث مع احد على الطريق ، تاخري عن موعد وصولي من سجني الآخر الذي يعرف بالمدرسة ؛ هذه هي أخطائي التي لا يغفرها الرب ، فكيف بشياطين غفرانها !~.
كنت ابنة الربيع الثامن عندما انتقل الفتى المهذب لمدرستنا ، ذاك الفتى صاحب البسم البديع ، و الخلق المطيع ، ناشر الود ، و ريح الورد .
ما كان لي ام اشاركها فتنصحني او تُنهني ، و ما كنت من ذوات الخلق الحسن ، اذ كنت شبيهة أبٍ ما اذكر اسمه لكثر مناداة عقلي به بالسجان ، اذ كانت العينان كحب الزيتون صغيرتان ، و الأنف كثمرة مانجا في الحجم تخفي الوجنتان ، شفاه معدومة الوجود لصغرهما ، و حواجب منتفة كانها لشيخ انهى حياته .
لذا كنت مصدر قرف للزملاء ، و محط ضرب للأمثال اذاما تعلق الأمر بالبشاعة ، فأنا هي الغول بارك تشانغها .
ما ساعدتني مواصفات جمالي المتواضعة في الاقتراب من الفتى اللطيف ، اذ ما راق لزميلاتي محاولات ابتدائي الحديث معه ، كثيرا ما انتهى بي الأمر واقعة في احدى حفر الوحول المتكاثرة في مدرسة ما يُسِّر حالها كمدرستنا .
و كثيرا ما تم على اثر هذه الوقعات تلاقيّ مع ملعقة امي الحارقة ، اذ كانت تستمتع بجعلي أرى تجهيزها لها عندما تضعها فوق الموقد حتى تصير حمراء وهاجة ، تمررها امام بصري
" أنت فتاة سيئة تشانغها ، تستحقين العقاب "
تخطو ملعقتها آخر خطاها على جلدي في مناطق عشوائية ، اذ رغم هزالة بنيتي بسبب عيشي في مجاعة الا انني كنت سريعة الحركة ؛ كانت بكف واحد تمسكني و بالآخر ترسم ابداعاتها علي .
كان الألم قاتلا ما اتحمله ، افرغ بعضه في صرخات عل و عسى سمعها الجيران فيأتون لفكي من براثينها .
و رغم علمي التام بعبور بكواتي لهم الا أن احدهم ما تحرك .
كنت اشاطر النار كل اسبوع اربعة مرات اقله ، و كل مرة اقول انني و هو صرنا اصدقاء و ما عاد بقدرته إيلامي ؛ وجدتني أسحب كلماتي رغم انها ما عبرت خارج عقلي ، اذ لسعات النار كانت نخزات سرعان ما تتحول للهيب أذى يشوي لحمي .
حتى النار ما رحمت ضعفي رغم رؤيتها لما اخوضه ، لم أثر تعاطفها معي ، فكيف لي بتحريك مشاعر الصخرين .
في خريف سنتي العاشرة كنت اخوض ، عندما غادر الاثنان المنزل في حادثة غير مسبوقة .
تُركت وحدي بين جدران بيت تآكلته السنون ، عتيق البنية ضعيف القوى ، كنت ادرس وقوعه على رؤوسنا في هذا الشتاء .
عبر النافذة المطلية بالذهبي ليس لترفنا ، بل لإنعكاس لون أوراق شجرة السرول في الجانب الآخر منها عليها ، هناك حطيت بصري و اسندت ذقني بوجهي البشع على كفي بعد ان وضعت الأيسر فوق الأيمن .
رايت خارجا أطفال يجرون ، ملابسهم ما كانت فارهة أو زهية اللون ، بل كانت من درجات البني كما هو حال حينا ذي الدرجات الغامقة ؛ و رغم هذا كانت افضل مما املك ، امكنني رؤية ما يقتنيه والداي لنفسهما من ملابس ، طعام ، و أشياء اضافية ليست لها ضرورة او لازمة ، كان لسعرها ان يكفيني برد الخريف اقله ؛ لكنهما والداي انا ، و الف خط تحت والداي ~~~.
رحلت نظرات نحو جرو صغير لطيف النظرات قعد تحت الشجرة بتهذيب يشاطرني التحديق ، بعينيه كان يندهني للخروج و مشاركته كسر الملل بشوط من اللعب ، تحمست للقياه و حمله و التربيت على فروه الرمادي الذي جعله يأخذ شكل غيمة شتاء رمادية ، اذ املت فيه كذلك ، ربما احضنه فاعصره معانقة يمطر علي الطمأنينة و الدفء كما تمطر سحب الشتاء الأمطار بعد جفاف طال شهورا .
ما انتظرت اكثر للخروج ، و ما زاد تشجيعي هو خلو السجن من السجانين ، و كذا كان الممر آمنا لهرب السجينة و التي هي انا .
تسارعت خطواتي نحوه في حماسة ، و وقف هو لاهثا بلطافة ما احتملتها ، حططت بكفي ذي الحروق عليه بتردد خوفا من رد عدائي منه ، الا انه استكان لهدوء لمساتي .
ما قدرت منع ابتسامة خرجت دون ادني على ثغري القبيح فنبح لها بخفيض الصوت .
حملته بين يدي اخاف عليه كما تخاف الأم على مولودها حديث الخروج من الرحم ، و برفق حضنته .
تشاطرت معه تحت الشجرة كمّا من القبلات و حط علي من لسانه بلعقات ما رأيت فيها تقززا إنما حبا ؛ هو لا يراني قبيحة ، انا في نظره صديقة جديدة .
تعالى صوت قهقهاتي منذ مدة بعيدة لم اسمع من ثغري ضحكات مرتاحة كالآن ، بل نسيت آخر مرة تبسم فيها شدقاي .
حركاته الظريفة داعب كياني و اسرت قلبي ؛ تقلب يمينا و يسارا ، حرك ذيله و اخرج لسانه و به لهث ، قفز هنا و هناك ، احضر العصى التي رميتها عدة مرات .
كان بارعا ~~.
" عزيزتي تشانغها ، ما الذي تفعلينه خارجا دون علمنا ؟ "
بَرَد عقلي وسحب الدم الجاري بعروقي حتى شحب وجهي اكثر من شحوبه الأصلي ، صعقت و بلغت بي الصدمة حد التجمد فما قدرت تحريك رأسي لأواجه عينا صاحب الصوت .
لحظة قدها كحبة الرمل مرت علي و اضحى بعدها جسدي صريع رعشات و تشنجات فبات تثبيت اصابعي صعيبا ، ما عدت قادرة على تثبيت حكرتي .
" سالت سؤالا انتظر له اجابة ؟ "
قلبي صار مجنون الدقات ، و حلقي جف ما عدت املك بم ابله ، حكمت أنني اليوم ميتة .
و في خضم ارتعاشاتي رأيت الجرو الصغير قد كبر و هو قادم إلي من بعيد ؛ لكنني كنت مخطئة اذ سرعان ما واجهت الجرو الحقيقي في حجري تداعب برأسه فيه قليلا قبل ان يتحرك ركضا ناحة الكلب الأكبر يقفز حوله بفرح بادٍ و حط الأخير على راسه كأنه يعانق .
حتى الجرو له حياة افضل مما املك .
سُحِب كتفي يكاد ان يخلع من من وقف خلفي و نسيت اجابته عن سؤاله ، رأيت شرارات عينيه تنطلق نحوي فتصيبني تؤلمني عندما تذكرت ما انا بصدد لقياه من يديه .
له جهامة ضخمة مستديرة اذاما حطت يده علي بقوتها فستكسرني ، سبق و ان حدث هذا و بسببها لازلت اعاني من الجري السريع ، فقد اذى قدمي بقبضته ؛ رغم علمي و علمهما انها تضررت بشدة الا أننا جميعا غضضنا البصر عنها .
رماني بقوة حتى ارتطم كتفي الهزيل بخشب الأريكة المهترئة ، و رغم ألم التقاء عظمي الغير محمي بلحم مع الخشب الا انني تغاضيت عنه بعدما رأيت ما هو حامل .
" اتوسلك أبي ، اتوسلك لا تفعل هذا ، أتوسلك "
بهستيرية صرت ابكي عند قدميه اتوسله مذلة نفسي حتى ان ظهري انحنى اطبع قبلات على قدميه ربما تحرك شيء بمقدار شعرة من ابوبته الغير موجودة .
ربما صوتي يصل لعقله يخبره انني سأموت .
لطالما هددني بها عندما كنت اتأخر في العودة من المدرسة ، لكنه ما نفذ تهديده قبلا ، لأنه و بساطة يدري انها ستفتك بي تسكنني قبري ، لكن ماذا الآن ؟!.
قطعة حديدية كالعصى احماها على النار على طريقة زوجته ، رايت ابتسامته تظهر و هو ينتظر ان تسخن بينما ينزع عنه سترته الثخينة ، امسكها بقطعة قماش كبيرة حتى لا تصله حرارتها
" أنا لم ارد معاقبتك ، لكنك تصرين على افتعال المشاكل و اخراج غضبي "
رايت الحديد يعلو ثم اختفى من ناظري ، انشق ظهري لنصفين من ألم الضربة و لازالت العصا علي حتى شممت رائحة قميصي الذي احترق ، و من ثم لسعتها جابت كامل ظهري .
كنت ضعيفة البنية و كل هذا كان كثيرا علي ، حاولت ان اقاوم في تلك اللحظات و اهرب اذ انني اكتفيت و اكل كلاب الشوارع لحمي كان لي افضل مما اقاسيه .
لكنني ما ملكت يوما زمام الأمور في حياتي ، و اخيرا خانني جسدي اذ انه رفع اعلامه البيضاء استسلاما طاوعته فيه عيناي التي اسدلت الستار عنهما .
و ما عدت ادري شيئا .
عندما ازعج نومي ذي الخلفية السوداء صرت بما يحيطني عليمة ، اذ خضني الألم في ظهري فسرعان ما فتحت عيناي ، ظننتني سأرى مشفى أرى حجر امي او ابي ؛ لكن وسادتي العفنة هي ما قابلني .
استدرت بهدوء مراعاة للألم حتى لا ازيده فربما أعود للإغماء ، لكنني فور تحركي بتت احرك قدماي بهستيرية للألم الذي جال ظهري لمَّا تحرك عليه الثلج .
كأنها ابر وضعت بطريقة قاتلة عليه ، نوع جديد من الألم يجدر بي عدم المشاكسة مرة اخرى حتى لا القاه .
مسامير تدق على عمودي الفقري حتى اضحى كله مثقوبا ، ثم اتى من عصر عليه ليمونا ، هكذا هو المثال التقريبي الذي املك .
" انهضي يا فتاة ، طعامك "
فتاة~~.
" ليتكما عقمتما قبل انجابي "
رددها عقلي فقط ، فما ملك لساني جرأة الحديث بها .
مر عام على تلك الذكرى ، ما بين هذا اليوم و ذاك صرت اكثر تعقلا .
ادرك نقاط غضبهما فاتجنبها ، غيرا عن السابق قبل ضربة العصا الحديدية ، فقد كنت شقية في نظرهما و صرت كذلك في نظري ، كنت افعل ما أراه مناسبا لهما و ما يرضيهما فقط ، لا اتجنب ما حذراني منه ، و هذا ارقاني درجة في عالم سجنهما الذي اعيشه .
ما خلا العام من ضربات و جلدات كان نتاجها تركزي و هدوئي و اتزاني اكثر ، الا أنها جعلت المجرمة فيا تظهر .
مارست شتى انواع التعذيب ، ليس عليهما بل على نفسي ؛ اذ اتضح انني في كل مرة يضربانني فيها بخفة أنني أريد شيئا أقوى .
جلدات الحزام ماعادت تؤتي ثمارها علي بالكدر يا ابي ، أريد ان أتألم كما السابق .
بتت اعشق الألم ، ادمنه ، أريد ايجاده في تفاصيل يومي مثلما السابق ، لكنني ما اريد منهما هذا الألم ، كنت خائفة .
مشتتة و ضائعة ، أردت البكاء مما قاسيته و اقاسيه و سأقاسيه من جبروتهما الا انني ما كنت املك سببا مقنعا ، ضرباتهما ماعادت تؤلم .
اصطفيت أنني سأصنع المي الخاص بي ~~.
عندما انكسرت صينية امي الفخارية ، كنت قد وضعتها في طريقها حتى ظنت انها هي من كسرها لا انا ، اذ انني كنت في علبة السردين _غرفتي_ ادرس .
اخذت احدى اجزاءها المحطمة دون علمها حتى لا تمنعني منها و خبأتها في ملابسي .
دخلت الحمام و بدأت في رسم ما اشتهيه على جسدي .
لم ارد ان أؤذي نفسي كثيرا اذ كنت خائفة ، لذا ببداية رسمت ما افقده .
انا افتقد الحب من حياتي ، قلب كبير خططته على معدتي حتى صار الدم يهطل و شعور الألم السابق عاد لي .
في مرآة الحمام المتهالكة ذات التشققات ابتسمت فرحة ، أنا استطيع الاعتماد على نفسي .
صنعت المي لنفسي بنفسي .
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro