يوم أليم /part1
بسم الله الرحمان الرحيم
.
.
.
.
.
.
ما هو تعريف الزوج المثالي في قاموسكم الخاص؟!
أهو زوج محب لعائلته مهتم بها، يحافظ على وحدتها وإستقرارها!؟
أم زوج متفهم يسعى للحصول على المال الكافي لتلبية إحتياجات عائلته، يحاول بجد رسم إبتسامة دائمة على وجوه الكل!؟
أم كلاهما في رجل واحد؟!
أهي المثالية؟
ربما!
بعد سِت سنوات من زواجي السعيد ، زواجي الذي صار أسعد بوجود فتايّ، إبني وحيدي ، بهجة منزلنا ،
الذي كان يكبر أمام عيني و كلّما كبِر أكثر زادت سعادتنا به و بحياتنا المثالية !
و لكن تلاشت سعادتي و حياتي هذه قبل مدة ؛ تمنيت لو أنني مِتُ قبل رؤية إبني يضيع من بين يدي ، يغادر حضني إلى مكان مجهول لا يعلمه بشر سوى ذلك الخاطف !
السارق! الذي جعل مني أُمًّا بدون إبنها !
أخذ مني كبدي الذي لطالما كُنت أحيّا بوجوده و أتنفس رائحته العبقة العطرة!
غياب ابني كسر جناحي ،وأضعف وجودي،ومحى كياني ، جعلني أدرك أن لاحياة لي بدونه ، لمْ ولنْ أنسى ذلك اليوم البشع ، اليوم الأسود ، التعيس الكئيب ، اليوم الذي ظهرت فيها حقيقة حياتي!
حياتي التي ظننت أنها مثالية!
و لكن في النهاية أدركت أنها كانت مجرد كذبة!
مجرد كذبة مثالية!
مرحبا بكم في حياتي المثالية!
.
.
.
.
.
.
أستيقظُ في الصباح الباكر ، الساعة السادسة صباحا ، أغسل وجهي وأسناني ، أغير ملابسي ، وأُمشط شعري ، وأنطلق لتجهيز الفطور لإبني وزوجي العزيز ...
في الحقيقة إنني معتادة على هذا الروتين منذ ست سنوات ، لذا لا يأخذ من وقتي إلاّ نصف ساعة ،
وعندما تحين السادسة و النصف أتجه بخطوات هادئة نحو غرفة نومي،
و لكن اليوم راودني شعور غريب و أنا أسير وصولاً للغرفة ، فقد إنقبض قلبي ، وشعرت بمغص...
دخلت الغرفة و إقتربت من السرير بإبتسامة تزين وجهي بعد وقوع عيني على وجه ابني البشوش الذي إكتفى من النوم قبل وصولي للغرفة ،
إبني يُصر دائما على النوم في المنتصف بيننا أنا و والده لعلّه لا يريد أخًا !
وقف على السرير و مدّ يديه لمعانقتي ، تقدمت وعانقته بشدة ، أبيت إفلاته كأنه سيغيب قرن عند ذهابه للمدرسة ،
في هذه الأثناء فتح زوجي عينيه و أخذ يبتسم ساخرًا ينطق بكلماته الدائمة الساخرة عند رؤية هذا المشهد !
"ماهذا! لقد أخذ إبني مكاني! أنا حزين! زوجتي لاتحبني!"
نطق بهذه الكلمات و هو يقترب بجسده نحونا ، يجلس على ركبتيه ، واضعًا يديه على وجنتيه ، يزعمُ البكاءَ
نظر له إبنه مبتسمًا ، وهو يعانقي بقوة ،
حملت إبني وإندفعت بجسدي خارج الغرفة ، أصرخ بكلماتي المعتادة
"ياعزيزي هيا و إلا ستتأخر ! "
رفع خديه بإبتسامته الإستثنائة تلك يخبرني بعمله بنبرة سخرية... كأنني أجهله ...
"يا زوجتي الحبيبة! كيف أتأخر و أنا صاحب العمل!"
أجبته بصوت صارخ و أنا أبتعد عن غرفة النوم
"فلترتدي البدلة السوداء لقد قمت بكويها!"
جلس زوجي على الكرسي الأول لصالة الطعام ، بينما جلست أنا قُبالة إبني...
أَخذنا نتناول الطعام بهدوء ، الصمت يعمّ الأرجاء ، إلى أن تحدث صغيري يخاطب والده بفرح بوجه بريئ!
"أبتي! أستصطحبني من المدرسة اليوم؟!"
توقف زوجي عن مضغ الطعام و ناظرني لثواني ،
"لا أظن هذا ياصغيري ، فجدول أعمالي مزدحم اليوم!"
نطق والد إبني بهذه الكلمات بملامح تدل على بعضٍ من الحزن ربما !...
فرغم مثالية عائلتي إلّا أن علاقة إبني بوالده لاتزال بعيدة !
على كل أُغلق الموضوع و لم نتناقش بهِ مطولا!
...
دخلت على زوجي الغرفة ، فوجدته ينتظرني لأعدل ربطة
عنقه ، و بدروي اقتربت منه و أخذت أربطها له بلطف ، و في نفس الوقت أحدق به و هو يرسم على وجهه إبتسامته التي تجعل من يومي سيعدًا...
و بعد انتهائي قَبل خدي و همس بأذني بصوته الخشن الذي تأثيره على جسدي كتأثير مادة كحولية ،
يؤكد لي حبه الأبدي و مدى سعادته بجواري حتى أنه قال لي أن ثقته بي دائمة و أنه يؤمن بي!
في الحقيقة أتسائل كل يوم لو لم أَقبل الزواج به واخترت أن أكون صديقة زوجته ،
هل ستكون سعادتي بحياتي الأخرى كسعادتي بهذه الحياة؟!
وَدعت زوجي وفتاي ...
بقيت لوحدي في منزلي الكبير المتكون من طابقين الطابق الأول به مطبخ مفتوح على صالة للطعام و كذا صالة واسع و مساحة للجلوس بها ...
حائط زجاجي يطلُ على المسبح الموجود بالحديقة، و أيضا غرفة صغيرة للعمال،
أمّا الطابق العلوي فهو يحتوي على غرفة جلوس متوسطة الحجم تطل عليها الغرف الأربعة... غرفتي هي الأكبر بينهم و غرفة إبني و غرفةٌ للضيوف و غرفة أُخرى مغلقة...
و لكل غرفة بهذا المنزل مرحاض و حوض استحمام...
المسؤولة عن تنظيف كل المنزل و كذا عن الوجبات الثلاث أنا فمهارتي في الطبخ جيدة ، و لكنني لا أنكر مساعدة الخادمة ليلي فهي بمثابة صديقة لي!
و قبل أن أنسى موضوعًا مهمًا يثير فضولكم!
أنا بطلة قصتي ...كيم جي وون ... و زوجي هو وريث عائلة كيم صاحبة شركات في مجالات عديدة الرئيس كيم تاي هيونغ!!، و كيم جين وو هو إبني العزيز !
و هذه هي حياتي المثالية الكاذبة و عائلتي السعيدة المصطنعة و كذا قصتي المزيفة!!
...
يُقالُ، أَحبتْ فتاةٌ يومًا رجلاً قتل روحها وفؤادها!
و لذا صارت جسدًا بلا روح،
و لا روح الرّوح ، و لكن لم تتركه ورائها،
فقد عادت لأخذ روحه!
وصل تايهونغ إلى شركته الخاصة...
يسير بين العاملين مرفوع الرأس فوسامته و ذكائه جعل منه أشهر رجل أعمال في كوريا الجنوبية ...
جلس على مقعده في مكتبه الواسع المطل على مبانٍ صغيرة ، فشركته عبارة عن ناطحة سحاب ...
شرع في العمل دون تردد ، يراجع الملفات و يهتم بالنقائص..
كيم تايهيونغ وريث عائلة كيم ، الفتى المثالي الذي تحلم كلُ أُم بإمتلاك إبنٍ مثله !
و لكن حلمه الوحيد كان العيش مع والدته التي تركته يتيمًا
و هو بعمر السادسة !
و رغم إستمراره في هذه الحياة إلاّ أنّ جرحه الأليم لايزال ينزف بغزارة ، يتألم كل لحظة فصورتها لا تفارق مقلتيه ! و صوتها الحنون لا يكفُ عن الهمس بأُذنه !
و بعد الجلوس لساعات ، أمسك هاتفه و أخذ يتصل بزوجته تلك التي أكملت كل عملها ...
"عزيزتي! إن أعمالي كثيرة ! فلتصطحبي جين من المدرسة!"
أخذت جي وون شهيقًا و أجابت بهدوء
"حسنا! من دواعي سروري!"
إنتفضت المسكينة من سريرها ، لم يدم إستلقائها سوى بضع دقائق !
تركض في المنزل ذهابًا و إيابًا فالوقت يضيع من يدها ...
تحاول تغيير ملابسها و كذا جمع الطعام الموضوع على الطاولة !
بشعرها المنكوش و وجهها الخالي من أثر مساحيق التجميل!
...
"كيم جين وو ! أيها الوسيم ! ماذا رسمت !"
نطقت بهذه الكلمات معلمة الروضة و هي تقترب منه تسأله عن تلك الرسمة التي طبع بها الطفل الصغير مشاعره الصادقة بروحه البريئة !
صورة تجمعه بوالديه و كذا أجداده! و لكن الوحيدة التي كانت تقربه بالصورة هي والدته !
متعلق بوالدته هو !
هتفت المعلمة بصوت عطوف
"حسنا لقد إنتهى درس اليوم ..."
وصلت السيدة كيم المدرسة ... و أمام الباب الخارجي قبعت تنتظر خروج إبنها ...
طال إنتظارها ، فقد مرة دقائق عديدة !
إتجهت بخطوات مسرعة نحو الداخل ...قلبها ينبض بقوة و عقلها يجعل منها تفكر في أشياء سيئة !
شرعت تبحث عن المعلمة إلى أن وجدتها ...
لتفاجئها
"سيدة كيم لا وجود لإبنك هنا !لقد إنتهى الدوام !"
في هذه اللحظة سقط قلبها ، أخذت تردد نفس الكلمات تمسك دموعها من مغادرة سجنهم !
" هذا غير معقول ! ليس معي ! لا غير معقول ! أنا من أتيت لإصطحابه ...!"
إصطحاب !
هدئت قليلا عندما خطرت لها هذا الفكرة ، أيعقل أن تاي هو من أتى لإصطحابه ؟
أجل ربما !
همّت بإخراج هاتفها بعد أن هدء قلبها...
" تاي ! هل جينو برفقتك؟! "
قالت هذه الكلمات و هي تبتسم و لكن غابت تلك الإبتسامة عندما ردّ قائلاً
"كلّا يا عزيزتي !"
حاولت تمالك نفسها و عادت تسأله من جديد
"تاي ! هل هو برفقتك ؟ لا تمزح معي في موضوع كهذا "
إنتفض من مكانه ، يحمل هاتفه بيده بينما وضع الأخرى على مكتبه بقوة لتصدر صوتًا عاليا ، زفر في قلق
"أنتِ من ذهبتِ لإصطحابه ..."
في هذه اللحظة سقطت الأم باكية ...
أمّا الأب فقد غادر مكتبه بسرعة فائقة يريد الوصول إلى المدرسة في أقرب وقت !
دخل المدرسة بوجه شاحب ، يكاد قلبه يغادر سجنه ، دقات قلبه تصيح بخوفه!
سار بضع خطوات للأمام ، لاحظها هي زوجته الجالسة على الكرسي الخشبي في ساحة المدرسة ، كأنها جسد بلا روح !
دموعها تنهمر على خديها الورديتين دون توقف كأنها سيلٌ من الأمطار !
تأمل ملامحها المستكينة بقلق بالغ ،
شفتاها شاحبتان ، و عيناها منتفختان !
وجهها كله صورة لعذاب وألم !
فمجرد التفكير في إختفاء إبنها يجعل منها إمرأة عادية لاقوة لها ! فقوتها كلّها تكمن في إبنها الذي يحفزها كل يومٍ على العيش ...
تنهد في حرارة ...
ثم جلس أمامها ، حرك يده نحو يدها ليمسك بها ...
إنتفضت من شرودها ، و أخيرا إنتهبت لوجوده !
أستدارت بوجهها نحوه و أخذت تبكي بحرقة أثر !
" إبنُنا ! ياعزيزي ! بهجة روحي مختفي! "
أغمض عينيه بقوة يحاول الصمود هو الآخر ،فلا بد من قوة أحدهما للإستمرار!
و لكنه لم يستطع فقد أخذ يصرخ بوجهها
" كيف إختفى! ألم أتصل بكِ لإصطحابه ! كيف هذا؟! "
لم تتحمل صرخاته و دثرت رأسها بصدره
مدّ ذراعيه و أخذها في عناق تمنَت لو كان أبديًا ،
أمّا هو فقد أخذه تفكيره لإبنه ...
اليوم هو يوم تعيس إنه جحيم بالنسبة له ...
فمجرد التفكير بفقدان إبنه حرك أحاسيس الندم بقلبه ، أخذ يلوم نفسه!
لو أتيت أنا لإصطحابه لمّا حدث هذا !
يا إلهي ! لماذا لم أقرب منه أكثر ! لماذا لم ألعب معه أكثر لم أعانه كمّا ينبغي!
نزلت دمعته على خده كأنها شظايا بركان حامٍ...
قاطعهما مدير المؤسسة الذي زاد من حزنهما عندما نطق بكلماته
في أسف شديد !
" أنا متأسف ولكن كاميرات المراقبة معطلة منذ يومين!"
أكلت الأمّ صدمتها من جديد فقد زرعت بداخلها أمل أنه لمْ يضع منها قط!
أمّا الأب فقد سرح بخياله من جديد ، يُحدثُ نفسه في حزن
و هو يحدق بوجه زوجته التي تذوب أمامه كالشمعة المشتعلة فقلبها يشتعل ألمّا على هذا الفراق !
<هل إبني إختفى حقًا ؟! من سيأتي خلسة إلى مكتبي
و يتأملني؟! من سيخبرني بأنني قدوته؟! من سينام بجواري الليلة؟! و هل سأنام ؟!>
أخذت هذه الفكرة مكانًا كبيرا بداخل قلبه وعقله ،فلم يتحمل هذا الألم الشديد الذي لن يشعر به غيره !
أمسك يدها بإحكام وضمها إلى حضنه الذي لطالما كان دواء أحزانها وشفاء روحها !
...
دخلت المنزل في هدوء رفقة زوجها !
و لكن هذه المرة ليس دخولًا عاديًا !
فالمنزل خالٍ من بهجته و الجوُّ كئيب !
كأنّها دخلت عالم مظلم لن تخرج منه !
وفي هذه اللحظة كستْ الغمامة السوداء مقلتيها وغاب وعيها عنها ...
إستغل كيم تاي هيونغ الوضع و منحها بعضًا من المهدئات التي وصفها له الطبيب الذي قدم إلى منزلهم للإطمئنان عليها...
مستلقية هي على فراشهما نائمة لقد تخلصت من ألمها !
أمّا هو فقد قبع بجوارها يمسك كفها و يهمس بتلك الكلمات في
أذنها يكاد يطلق العنان لدموعه المحبوسة بداخله منذ أمد !
_ هل هكذا شعرت أمي عندما علمت أنها لن تراني مجددًا؟!
_أهكذا يكون وجع الفراق؟!
_هل والدتي بكت وحزنت بتلك الطريقه؟ أم أن زوجتي شعرت بما لم تشعر به أمي؟!
_أكنت قيِّمًا في عين أمي لتحزن عليّ حزنًا كهذا ؟! أمّ أنني الوحيد الذي لم يتحمل غيابها ؟!
تابع....
أتمنى أن ينال الفصل الأول إعجابكم ...
و تكملوا قرائة الرواية !
شكرااا لك القراء و الرجاء إضاءة النجمة ☆
و ترك تعليقات للإستمرار ♡
ومن هذا المنبر أشكر شيري صاحبة الغلاف و أيضا أشكرها على مساعدتها التي لن أنساها ...خالص الشكر لك ♡♡♡♡♡
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro