شعوري تجاهكَ.
#الرواي أدغار
أستيقظت ذات ليلة دهماء وتملمت في مضجعي أجاهد لعقد هدنة مع النعاس ليتركني لثواني قليلة فهو قد تمكن مني وبات جسدي ثقيل ولا يقوى على الحركة ، حلقي جاف وأحتاج لرشفة ماء أروي بها ظمئي بعد صراع دام لدقائق أستعدت وعي ونهضت بخطى ثقيلة وأعين نصف مغمضة ونصف مفتوحة، نزلت الدرج وكدت أنكفئ على وجهي حين تخطيت درجة ، أستقمت مجدداً وقد تلاشى النعاس تماما توجهت للمطبخ وأحضرت قارورة مياه حملتها وصعدت لغرفتي، لأجد أن سرير سباستيان خالي ومرتب أقتربت ورفعت الوسادة فلم أجد غير الفراغ فيبدو من برودة الغطاء وأختفاء دفتر يومياته أن سباستيان قد غادر في ساعة مبكرة من المساء فقد غفيت في الثامنة وتركته برفقة البقية على طاولة العشاء،
تمددت على سريري بيد أن النعاس قد أبى أن يزورني فعلى ما يبدو حواري الاخير معه جعله يتخذ موقف مني بجعلي أتلوى وأتأجج بنيران فقده لذا لا مفر من البحث عن سباستيان بما أن ليلتي طويلة في جميع الأحوال أقله لنجعلها مثيرة، أخرجت من بين أغراضي جاكيت صوفي صنعته لي والدتي في عيد ميلادي الأخير، تدثرت به وراقني الشعور الذي يحدثه بداخلي مزيج من الدفئ والراحة فحين أرتديه أستشعر وجود والدتي حولي ودعواتها وبركتها التي تحفني،
سرت بلا وجهة أمشط الطرقات الخالية كمدينة الأشباح ، نصف ساعة مضت وقد تمكن اليأس مني ، وبينما أسير وجدت نفسي أقترب من المرفأ ومن المنارة لذا قبل أن يلمحني الحراس، عدت أدراجي بأتجاه النزل وقبل أن أدلف لداخله توقفت لبرهة وأمعنت النظر حولي أو لدقة أسترقت السمع فصوت آلة موسيقية يحوم في الأرجاء،
دورت دورة كاملة حول النزل لكن هيهات لا أثر لشخص والصوت يتصاعد، مهلاً الصوت قادم من العلية.
وهرولت للأعلى وصعدت السلالم الى أن وصلت للعلية، كدت أنفجر غيظاً حين لمحت سباستيان جالس القرفصاء سارح في ملكوته الخاص
" سباستيان" هجمت عليه لينتفض الأخر لرؤيتي
" ويحك يا رجل ما بكَ تصرخ كالمجنون في هذه الساعة المتأخرة "
رمقته شذراً ودفعته وجلست جواره، طالعني بحدة بيد أنني لم أكترث
" يا أنتَ هذا الشراب لي ، لا تفكر حتى "
صرخ بي حين أمتد ذراعي وسلبته قارورة الشراب التي كانت يحتسيها بتلذذ غير مكترث بحالي و أنا كدت أجن خوفاً عليه، بحلق بي بنظرات حانيه لعوبة يحاولي ألهائي
" هل قلقت عليّ? " قالها بخبث لأهز رأسي نافيا وأوكد بأستماته
" لا طبعاً"
حمحم وأضاف " ولما كنت تسير في الطرقات وقصدت المنارة، أيعقل أذاً أنكَ أشتقت لسجن"
ركلته ونبست وقد طفح الكيل " لا ، كنت أستنشق بعض الهواء لا غير "
مهلاً لما هو يضحك بهذا الشكل وكيف علم أنني ذهبت للمنارة، فحصت السطح سريعاً بعدستي لالمح منظار على بعد عدة ياردات منا، نهض سباستيان في اللحظة التي أدرك فيها أنني كشفته
" هل كنت تستمتع بمراقبتي وأنا أبحث عنكَ "
" لقد تعادلنا أليس كذلك"
جملته ضغطت على الوتر الحساس لدي فهو يدرك كما أنني أدرك أننا عالقين في هذه الجزيرة النائية بسببي لذا ابتلعت غيظي وجلست أكمل شرابي
" ما هذه الألة ومن أين حصلت عليها "
أخذ يتفحص الناي الذي بين يديه وأسترسل في الحديث
" قصته غريبة و تعلقي به أقرب، الليلة هي المرة الأولى التي أجرب العزف به "
من سابق معرفتي به لم أعلم أن لديه أهتمام بالموسيقى لذا طلبت منه
" لتعزف لي شيئا، تعلم أن أذني موسيقية وأنني أتعاطى الفن "
اظهر شبح ابتسامة لكونه يعرف أنني أكذب وهم بالعزف، أغمض جفنيه وقرب الناي من فاهه وحلق بموسيقاه التي لطفت الجو وخلقت جو من البهجة،
رفعت رأسي أطالع النجوم التي تزين السماء لأعود بذاكرتي لعشر سنوات مضت ذات ليلة شبيهة بهذه وبينما كانت والدتي تسمد لي خصلاتي كي أغفو
" أمي، لما سباستيان يرفض أن يلعب مع في الليل، هو يركض مبتعداً عني ما أن يقترب الغروب"
" لديه ظروفه الخاصة يا بني"
" هو جبان، يخاف الظلام"
أتذكر كم كانت فكرتي خاطئه عنه وقتها، كنت أصغر من أن أدرك أنه مكبل بلعنة تجعله ينام ما أن تغيب الشمس وظلت كلماته العالقه برأسي
" كم أتمنى أن أستطيع عد النجوم ليلاً"
كنت أراه مجرد طفل مدلل والده الملك ولديه كل شئ وأمنيته بهذه البساطة،
معانته في الماضي لا تقارن بما أشعر أنه يكتمه بداخله، فالشعور بالذنب يقتات على سعادته فهو يشعر أنه سرق نصيب أخته في الحياة.
أعادتني للواقع تلك الضجة الصادرة في الخلفية ، وثبت وخطوت بأتجاه الحافة لأشهق لرؤيتي تلك الظلال تطوق المكان، صرخة جامحة شقت طريقها من بين خوفي الممزوج برهبة وصرخت أخاطب سباستيان
" الظلال، في كل مكان "
فتح سباستيان عينيه ورفع ذقنه محدقا بي لأومى أنها ليست مزحة
" لنسرع لقد تركت الباب مفتوح"
وقبل أن التقط أنفاسي كان هو يركض أمامي في طريقنا لطابق الارضي مررنا بغرف هوارد والفتيان طرقنا أبواب غرفهم وواصلنا السير فلا مجال لتوقف والشرح،
تنفست الصعداء لرؤية الطابق الارضي خالي من تلك الكائنات المظلمة، سبقني سباستيان وأغلق الباب من الداخل وبعد لحظات أنضم لنا هوارد والتؤام ووجوههم واجمة ، تحرك هوارد وخاطبنا
" ليحمل كل واحد منكم مصباح ، شمعة أو أعود ثقاب ولنصعد لسطح "
صعدت كاثرين لحجرتها في حين دلفت برفقة سباستيان وبحثنا عن أي مصدر لضوء ،
وبعد دقائق كنا جميعاً في السطح ملتفين خلف بعضنا البعض والعرق يتصبب منا
" الليلة مضيئة والسماء مليئة بالنجوم، الظلال لا تظهر في هكذا ليالي"
كان هوارد هو من نطق بها لكن لم يحرك أياً منا ساكناً فالوضع رهيب على أعصابنا،
" على أحدنا أن يتشجع ويخطو نحو الحافة ليقيم الوضع"
نطقتها كارولين ليتقدم هوارد وخلفه سباستيان ، لن أبقى وحدي مع الفتيات لذا تقدمت
شهقت لرؤية الظلال ملتفه حول المبنى و ساكنة دون حركة،
سمعنا وقع خطوات جياد تقترب منا و لمعت لمعة من بين الظلام لتظهر من عبرها الفتاة المتوهجة،
كانت واقفة على ظهر حصانها وتقوم بلف سيفها في الهواء فتتطاير منه حمم وتقضي على الظلال،
مضت ساعة وكان الوضع قد عاد لطبيعته، من فوق لمحت المتوهجة تهم بطرق الباب، هذا غريب عادة هي تغادر مباشرة بعد أن تنتهي المعركة،
نزلنا لطابق الأرضي وفتحت لها كاثرين الباب وشكرتها لمساعدتنا
سحبت لها كرسي وجلست تطالعنا
" تفضلي"
قدمت لها كاثرين كوب ماء لكنها تجاهلته
" أنه هنا اليوم لكوني أخيراً قد وجدت من أنتظرته لسنوات "
نظرنا لبعض البعض بعدم فهم لتنهض المتوهجة وتتقدم مباشرة صوب سباستيان
" أنتَ هو "
بحلق بها قبل أن ينفجر ضاحكاً في وجهها
" أنا حقاً مدين لكِ لأنقاذنا عدة مرات، لذا رجاءً توقفي عن هذا الهراء"
نظراتها له لم تتأثر بأستهزائه بها بل نطقت بثقة
" شعوري تجاهك هو ذات شعورك تجاه الناي"
أصفر وجه سباستيان وبهتت ملامحه وأحكم قبضته حول الناي
همست له في أذنه لكنني أستطعت سماعها لقربي منه
" ستجد كل أجوبتك برفقتي، عليك مرافقتي"
" سوف أغادر برفقتها"
نطقها سباستيان لتقاطعه
" لتصحيح جملته سوف ينتقل للعيش معي"
" ماذا? "
أعترض هو وألجمتنا الصدمة، وبالأخص هوارد والتؤام من هو هذا الذي سينتقل للعيش مع المتوجهة والتي ظلت لسنوات تخفي هويتها عن الجميع،
" سوف يرافقني أدغار"
بنطقه لأسمي أجتاحتني قشعريرة كيف وسط كل هذا يتذكرني ويصر على أن رافقه
" الأمر يعود لثقتك به "
أومئ لها وصعدنا للأعلى وجمعنا أغراضنا ودعنا هوارد والتؤام وتحركنا برفقتها ناحية منزل في الجزء الجنوبي من القرية، كانت هي تسير في المقدمة وتسحب لجام الفرس ونحن نتبعها إلى أن وصلنا لحي يبدو سكانه بسطاء،
دلفنا لمنزل رث الهيئة من الخارج ومتهالك الجدران، شهقت ما أن خطوت بداخله من جمال ما ألتقطته عدستي من أثاث وطلاء
توقفت معطيه ظهرها لنا وخلعت عنها القناع الذي يخفي ملامحها وببطء كالتصوير البطئ التفت لنا لنشهق معاً
" فتاة الكمان"
" فانسيا"
وقبل أن نعي ما يدور أمامنا وفي رمشة عين قطعت المسافة التي تفصلها عن سباستيان وكشرت عن أنيابها وغرستهم في عنقه،
كنت متجمد فقط عدستي تتحرك تتابعها وهي ترتشف من دمائه أذاً هي مصاصة دماء ،
" لم أتذوق في حياتي دماء لذيذه هكذا"
أصابتني جملتها بالغثيان حسناً لأطلعكم على سري أنني بشري تماماً ومن عائلة بشرية وهذه مرتي الأولى التي أشهد فيها هكذا حدث.
أزاحت قميصها قليلاً كاشفة عنقها لسباستيان
" هيا أنه دورك لتتلذذ بدمائي "
.....يتبع
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro