•♦{ المغفرة : انعاش }♦•
•فضلًا وليسَ أمرًا
ضعوا نقطة إذا صادفكم أي خطأ
وشكرًا•
~
لكنكَ لستَ العنقاءَ الوحيدةَ فِي هذه القصَّة
لأنكَ لستَ وحدكَ من يحترقُ ليحيا مِن جديد
~
مشى في الممراتِ بهدوءٍ وصمت بينما لا تكفُّ عيناه عن استكشافِ ما أنجزه رفاقه في حين غيابه، فوجدَ أن كل شيءٍ لم يدم على حاله بل إن الأمور قد سارت على نحوٍ أفضل وكأنهم يبرهنونَ له أن محاولاته في إحباطهم وتثبيط روحِ العصابة قد باءت بالفشل، وذلكَ شيء يدعوه للفخر!
لم يكن ليسعد إن وَهِنوا من دونه، أو من بعده!
لذا تنفس بعمق وارتخى صدره هبوطًا بعدما صعدَ طلوعًا
ثم استقرت عيناه على أحدِ الأبوابِ الحديدية، ضيّقها شاكًا بهوية من يستولي على الحجرةِ من خلفِ ذلكَ الباب و الذي يبدو محصنًا جدًا
وبعدَ وهلةٍ عابرة من التحديق الصامت هو تقدم، ثمَّ قرّبَ كفه من الشاشة الحمراء القابعة على الجدارِ جنبَ الباب مما حفّزَ شعاعًا على الانطلاق نحوه فالمرور على كيانه ليتمَّ التعرف عليه
لم يكن واثقًا ولا مستعدًا لمقابلة كيونغسو بعدَما تركه خلفَ ظهره مدبرًا ذلكَ اليوم، لكنه لن يتريثَ أكثر لأن فِي قلبه توقٌ يتضرمُ إليه
الافتراقُ عن رفقته كانَ خيارًا معدومًا من الصواب، والافتراقُ عن توأم الروحِ هو غلطةٌ فادحة ارتكبها في حقّ نفسه أولًا قبلَ غيره
لم يسهب في أفكاره أكثر لأن الحجرةَ قد صارت متاحةً لأجله، فدلفَ بتؤدة مع ذهولِ عينيه من كل ما أُنجز في الفترة الوجيزة التي غابَ فيها
وها هو أخيرًا يرَى صاحبه الأقرب
في وسطِ زوبعة من الأجهزةِ والأسلاك
لم ينبس بحرف بل ظل واقفًا في محلّه يراقب الشغوفَ بعمله لفترة، بينما البسمةُ لا تُبارحُ شفتيه الوسيمتين
" لماذا تقفُ هناكَ فقط؟ تعال واقترب"
هتفَ كيونغسو فجأة لينتشلَ الأخرَ من غمرةِ شروده، أكان يعلمُ بوجوده هنا بالفعل؟ إذًا لمَ ظل ساكنًا لفترة هكذا وكأنه لم يبالي بحضوره أبدًا؟
حتى بأنه لم يترك المفك والقطعة الحديدية التي يعملُ عليها بعد، استغربَ بيكهيون ذلك لكنه لم يبدي أي ردة فعل سوى حمحمة طفيفة صدرت من حنجرته قبلَ أن يسوقَ أقدامه صوبَ الأخر
" أهلًا"
نطقها بنبرٍ لا يخلو من التوتر وعلى إثر ذلك ارتسمت بسمةٌ لطيفة على شفتي القابع خلفَ أجهزته ثم رقى بأنظاره إلى الواقف أخيرًا كي يرمي له تلكَ الابتسامة التي توحي بالترحيب وكأنه قد غابَ لبضعِ ساعاتٍ فقط عن بيته ليستقبله أخوه بهدوء
" أهلًا بك"
تبادلا نظراتًا صامتة تجر وراءها سلسلةً من الكلماتِ التي لم تحصل على إذن العبور بعد، وسحقًا لذلكَ الصمتِ الكاسح الذي لم يفسده إلا صوتُ الأجهزة من حولهما
وفي طرفةِ عين تركَ كيونغسو ما في يده ليستقر على الطاولة، ثم يبسطُ كفيه عليها وكأنه يحملُ ثقله كي يتمكن مِن الاعتدالِ واقفًا
كانَ ذلكَ مدهشًا لعيني الأخر، لم يستطع فهم ما يجري أو كيفَ آلت الأمور إلى ذلك! لكن المهم في اللحظة الحالية هو أنه رأى قدمي كيونغسو تخطو صوبه وإن تحقق ذلكَ بصعوبةٍ بادية على محياه
تبينَ له أنه قد بذلَ جهدًا كبيرًا في قطعه المسافة القصيرة الفاصلةِ بينهما، حيثُ يقف بيكهيون قربَ الطاولة التي كانَ يعمل فوقها كيونغسو منذُ قليل
وبعدَ أن صار أمام مرأى ناظريه مستقيمًا رسمَ له ابتسامةً أشدّ عمقًا هذه المرة، أما عن عينيه القابعتين خلفَ النظارة فقد ألق البرقُ فيهما مما أضفى أثيرًا عليهما
لم يدم اتصال عينيهما كثيرًا لأن جسدَ كيونغسو كادَ يهوي فجأة إلا أن ذراعي بيكهيون قد قوّمته فورًا، وبطريقة ما طوّق الأخر ذراعيه به مما جعلهما يتعانقانِ في النهاية
" أكنتَ تعلم بأني سأعود؟"
" شيءٌ في داخلي كانَ يقول ذلك.."
أبعده عنه قليلًا كي يتنسى له رؤيةَ سحنته عن قرب مع الحفاظِ على الامساكِ به خشية وقوعه على الأرض
" حتى بعدَ أن ذاعَ خبرُ موتي؟"
" جميعنا كنا مؤمنين أنكَ لن تذهبَ مِن الدنيا بهذه السهولة، ما عظمةُ الموت بداخل قطارٍ انفلتَ في سرعته بجنون؟ أظنّكَ أخر شخص قد يستسلم لنهاية سخيفة كهذه ..."
أشاحَ بيكهيون بصره للجانبِ باحثًا عن كرسيين قد يكونا حيزًا مناسبًا لهما، فوجدهما بسهولة رغمَ كومة الأجهزة التي تجعلُ مِن الطريق مفخخًا بالعقبات
جره بسرعة ليُجلسَ واسعَ الحدقتين عليه ثم جر الأخر لنفسه وبعدها هو جمعَ بينَ أصابعَ كفه البشرية مع الألية بوئامٍ مع انحاءِ جذعه كي يدقق بتعابير من يقابله
ضيّقَ جفنيه قبلَ أن يشرع بالقول
" لماذا فعلتَ ذلك؟"
أمالَ الأخر رأسه بزاوية طفيفة مع بسمةٍ متكتمة قد أوشحت فاهه
" ولماذا فعلتَ أنتَ ذلك؟"
هز رأسه رافضًا للطريق المنحدرِ الذي تتخذه الكلماتُ بينهما
" ما فعلته أنتَ يسبق كثيرًا ما كدتُ أفعله أنا!"
" رغمَ كونكَ حذقًا جدًا أنتَ قد صدقت أنني سأجعل من ذراعكَ قنبلة قد تستخدمها يومًا في تدميرِ نفسك! أنا أعلمُ كم أنتَ مجنون وستفعل شيئًا في نفسكَ قبلَ تمكننا حتى مِن تحقيق الأهدافِ التي نصبناها يومًا، وها أنتَ ذا تثبتُ ذلكَ لي جيدًا"
قهقه بيكهيون ساخرًا من عدمِ إبداء الأخر أي شيء يوحي بالندم، إذًا ألا يبدوا الأن كالذي انطلت عليه خدعةٌ كبيرة قد صدقها لسنين ؟
" ألا تشعر بقليلٍ من الندمِ حتى؟"
" ولماذا قد أفعل بعدَ مكوثكَ الأن سليمًا معافى أمامَ مرأى ناظري؟"
" يالها مِن أنانية كبيرة منكَ كيونغ!.."
أوقفه قبلَ أن يستمر في أخذِ الحوار إلى منعطفٍ ضيّق لا نهايةَ له
" لم أشهد أنانية أكبرَ من التي بدرت منكَ في حقنا
لذا فلنغلق الأمر هنا ولنذهبَ إلى بقية الفريق كي نناقشَ سبب عودتكَ المُفرحة هذه"
زفرَ بعمق متذكرًا حال التي بقت وحدها مع أعضاءِ عصابته والذين لن يرحبوا بِها أبدًا إن لم يوضّح سبب حضورها معه إلى هنا
لكن سؤالًا قد لاحَ في عقله منذُ دقائق إلا أنه لم يعثر على طريقةٍ مناسبة لصياغته، لذا إرتأى طرحه كما هو
" كيفَ استطعت الوقوف والمشي كيونغسو؟"
" أنا رجلٌ لا يهابُ الوقوع إن آمنَ بالوقوفِ لاحقًا ..
الطبيب تشين لم يجزم استحالة ذلك،
والعلاجُ الفيزيائي يؤدي دوره جيدًا
المهم هو أن لا تستسلم أبدًا، أتفهمني؟"
بدا وكأنه يغير اتجاه دفة الموضوع منه إليه، لذا حدق به من حافةِ جفنه ممتعضًا قبلَ أن يشيرُ له بالخروج
~
" كاي!! أرني وجهك،
أين قد جرحت نفسك أيها المعتوه؟!"
اقتحمت المقر إمرأة ثائرة، صوتها يصدح في الأرجاءِ بحثًا عن أثرٍ لزوجها الذي قيل أنه قد أُصيبَ بجرحٍ ما
كانت تلكَ هي خطة الثنائي سيكاي لجلبِ سولار إلى هنا ومفاجئتها بعودة قائدِ العصابة، اقترحَ سيهون أن يثيرَ هلعها بشيء أكبر لكن كاي أخبره أن إفزاعها لا يحتاجُ إلى اختراع كذبة كبيرة
كل ما يحتاجه هو أن يدعي إصابته بجرح فقط وسيستدعي ذلكَ حضورها في غضون دقائق معدودة
وهذا هو ما حدث، هرولت سولار إليه لتحط يديها المرتجفتين على وجهه ثم ذراعيه وبعدها كفيه تتفحصُ إن كان قد جرى له أي خطب لكن كما هو واضح أن زوجها يهتز في مكانه من شدة كبته للضحك، وأما عن سيهون الذي أدبر فلم يكن بحالٍ أفضل منه حتى لحظة اطلاقه شهقة مباغتة فضحت كل شيء
حينها كانَ عليهما الاستعدادُ لرؤية جانبِها المظلم والذي لن يسلمَ منه أحد
تراجعت تراقبُ كيفَ يلكمانِ الأرضَ من شدة الضحك ولا يبدو عليهما أي شيء من الخجل، ابتسمت بهدوء بينما صارت الظلالُ تستولي على معظمِ وجهها
ثم أردفت بالقول
" يبدو بأنكما تستمتعانِ جدًا بخداعي
حسنًا يمكنكما الضحك كما تحبان..
لأنها ستكون أخر مرة قبلَ أن أحطم فكي كليكما جيدًا!"
حينها ارتعشَ بدن كاي قبلَ أن يهب واقفًا كي ينقذَ نفسه من هذا الوعيد، وسرعانَ ما لحقه الأخر معتدلًا في وقوفه مع وجهه الذي خلا من التعابير
ضما كفيهما بأدبٍ مع انحناءة رأس طفيفة ثم جعل سيهون ينغزَ مؤخرة كاي حتى يقول شيئًا ينقذهما من شرارِ أعين سولار المستعرة
تحمحم زوجها الفاضل قبلَ أن يقول
" حبيبتي ..كنتُ فقط مشتاقًا لرؤيتكِ هنا في المقر بيننا ..
- أخذ يقترب منها حتى حاوط كتفيها بذراعه، لكن نظراتها الثائرة لم تهدأ بعد-
أنتِ قضيتِ الفترة الماضية في البيت لترتاحي بسبب صغيرنا المشاغب الذي اتعبتك، لكن كما تعلمين نحنُ لا نكتملُ أبدًا من دونِ تواجدكِ بيننا
لذا كُفي عن التكاسل وعودي للعمل فهناكَ شوطٌ كبير علينا قطعه معـ.. "
وقبلَ تمكنه من إكمال جملته هو قد حصلَ على لكمةٍ ممتازة في معدته جعلته يتأوه متألمًا، وأما عن الأخر فقد تنحى عن الزوجين بمسافةٍ أمنة لعله ينجو في نهاية هذا الجدال
وبخصوص المتفرجة القابعة في أقصى اليمين، هي ما زالت تحافظُ على وعدها لبيكهيون بالصمتِ حتى لحظة توضحيه كل شيء بنفسه، لأنهم لن يصدقوا حرفًا واحدًا منها هي
لم تكد تشعر بالملل من صمتها حتى جرت أحداث المسرحية الكوميدية أمامها والتي جعلتها تضحك بخفوت
" أتكاسل؟! أتمزح معي يا هذا؟!
في المرة القادمة احمل أنتَ بدلًا عني لتعيشَ تجربة ما أمر به"
يبدو بأن خطتهما لم تفلح أبدًا لذا توجب عليهما الدعاء بالرحمة فمن الواضحِ أن قبرين سيتم حفرهما عما قريب
لم تمضي الكثيرُ من الثواني حتى كسحَ سيدُ المواقف الساحة يطرحُ سؤالًا مريبًا قد جعلهم يسكتونَ دفعةً واحدة
" لحظة، أحدُ أعضاء عصابتنا حامل؟
أخبروني بسرعة من هو الأن!!"
غيّم الصمت لثواني معدودة ثم انطلقت صرخة حادة من حنجرة سولار التي كادَ أن يُغشى عليها من الفجع، ولولا اليدُ التي ثبتتها لكانت متسطحة على الأرض إثر ما رأته
أما عن الأخر فهو ما زال يبحث عن إجابة لسؤاله بينما لا تكف عينيه عن التداول بينَ أعضاء عصابته، حتى بأنه وجه نظرةً مستفهمة لكيونغسو الذي جاءَ من وراءه بالكرسي المتحرك
وكأن السؤال يشملهم جميعًا!
" صغيري الجميل!"
وبعدَ أن فاقت من صدمتها صاحت من جديد
ولم تلبث في محلها بل انطلقت نحوه لتعصرَ خديه بكفيها ثم تشدّ خناقه بذراعيها مع حرصها على بعثرة خصله المبعثرة أساسًا بخشونة ليسَ بها أي دعة
" أه سولار أنتِ تخنقـ.."
"اخرس!"
تلقى صفعةً على مؤخرته جعلته يسكن بذهول ولم تكترث للاحراجِ الذي استعمر سحنته بل طفقت تشدّ خديه وتتمتم متذمرة من فقدانه للوزن
" أنظر كيفَ اصبحت هزيلًا نحيلًا!
صغيري لم يأكل جيدًا ولم ينم كفاية كذلك
انظروا إليه! لقد اختفى نصفه تمامًا"
يبدو بأن مشاعرَ الأمومةَ قد أخذت تستولي عليها!
انتحبت كثيرًا حتى صارت تدمع وحينها قرر بيكهيون التحرر من تحجّره بينَ ذراعيها حتى بادلها الأحضانَ مؤكدًا لها على حُسن حالته وعافيته
لكنها لم تقتنع أبدًا بسهولة مما جعله يقهقه على مدى لطافة هذه الأنثى الوحيدة في العصابة
وللمرة الألف بعدَ المليون هي تؤكدُ له مدى ضرورية تواجدِ أنثى بينهم، فبالرغمِ من قوتها وصلابتها التي تدعمُ هيكلَ العصابة إلا أن ليونتها ورقتها التي تظهرُ في قليل من الأحيان تضفي عاطفةً دافئة عليهم
بفضلها اقتنعَ أنه لا غِنى عن الإناثِ في هذه الحياة، رغمَ معتقداته التي كانت تنص على المسافاتِ الأمنة والقلوبِ المحصنةِ بدروعٍ واقية
ولأنه قد خانَ شيئًا من تلكَ المعتقدات تمّ دفعها إلى حافةِ الماضي الذي بشكلٍ ما حل فِي محل الحاضر
" أنا بخير حلوتي سولار
وقد صرتُ بأفضل حال بعدَ أن انطمأنت نفسي عليكم"
" أيمكنكَ أن تبتعد عن زوجتي قليلًا فقط سيدي الرئيس؟"
تفوه كاي والذي لم يعد يطيق التصاقَ هذين الاثنين ببعضهما البعض أكثر وهكذَا جعلَ الجميع يشهقُ ضاحكًا على تعابيره الصبيانية التي أبداها إلا أن سؤالًا قد جعلهم يسكتون من جديد
" لم تقولوا لي بعد
من الذي صار حاملًا هنا؟!"
~
حولَ طاولةٍ مستديرةٍ هم اجتمعوا
وأعينهم لا تكف عن رشقِ الشابة التي تقبعُ بجوار بيكهيون برماحٍ من الاستنكار، جنبًا إلى جنبٍ مع الازدراءِ الذي لم تجد بيونا له مبررًا بعد
أعصابها قد اضطربت زيادةً بعدما انصبّ الاهتمامُ عليها الأن، والصمت الذي يسبقُ لحظة تعريفِ رئيسهم بها هو أكثرُ اللحظاتِ صخبًا بالنسبةِ لعقلها الجامح
" حسنًا ..أيمكنكم التوقف عن رمقها هكذا؟"
تحدث بيكهيون بشيء من الجدية وهذا قد جعل أبصارهم تشخصُ بعيدًا عنها
لكن أحدهم قد تمرّد قائلًا
" نحنُ لن نسمح بتكرار ما حدث مرة ثانية"
أعرب سيهون عن رأيه دونَ أي تخوّف من نتاجِ ذلك، مع نظرةٍ حازمة قد استولت على حدقتيه القاتمتين
ولم يكن وحيدًا في اعتراضه فقد شاركه البقية بذلكَ مؤكدين على انعدام فرصة تواجد دخيلٍ مُفسد مرةً أخرى كما حدثَ سلفًا
حينها زفرَ بيكهيون قبلَ أن يشرع بأقواله
" أنتم تستبقون الحكم يا رفاق!
دعوني أشرح أولًا لكن من الأفضل لكم أن تتريثوا حتى انتهي من سردِ كل ما أملك في جوفي
ورجاءً لا تشبهوا ما يجري الأن بما جَرى في وقتِ طيشي ذاك! "
لم تفهم بيونا ما كانوا يعنونه في البداية
لكنها فهمت الأن، وأدركت أنهم ارتابوا من تواجدِ فتاةٍ برفقته كما حدثَ فيما سبق
استجمع أنفاسه ثم قرر التجديفَ بتهور في موجٍ هائجٍ لن يرحمه
" إنها شقيقة تشانيول الصغرى"
في أقل من ثانية صارت الأسلحة بأنواعها منتصبة أمامَ عينيها الغائرتين من الخوف
سواءً كانت أسلحة حادّة أم أخرى معبأة بالذحيرة القاتلة، جميعها قد ارتصفت متضامنةً في وجهها وكأنهم يتصدونَ لأي ضررٍ قد يبدرُ منها
لذا رفعت كفيها كمن لا حولَ ولا قوّةَ له، فكيفَ ستضرهم بيديها العارتين وبجهلها التام بفنون القتالِ التي يجيدونها ببراعة ؟
وكأن الأشخاص الذين كانوا يضحكون ويمزحون منذُ حين لم يكونوا إلا خيالًا منسوجًا من عقلها الخلّاق إلا أن أوجههم الحقيقة قد تجلت الأن لترى الوجوم والصرامةِ اللذانِ استوليا على محياهم
جفلَ بيكهيون جراء ردة فعلهم المتوقعة تلك، ورغمَ كونها متوقعة إلا أنه قد شعرَ بالصدمة فراحَ يطالبهم بالهدوء وإخفاضِ أسلحتهم ولو بقليل
لم يكترثوا بتاتًا بما أمرهم به بل استمروا باتخاذهم وضعية الدفاعِ ضدها حتى باتَ جسدها يرتعشُ جزعًا في مكانه
" سنقتلها هنا والأن إن لم تفسر لنا سبب وجودِ شقيقة ذلكَ اللعين بيننا!"
تفوهت تلكَ التي تمسكُ بالمسدسِ الفضي والذي كانَ محشورًا في مكانٍ ما داخلَ فستانها
" ولأنها شقيقته هي هنا معنا الأن
لذا أخفضوا اسلحتكم رجاءً فأنتم تثيرون هلعها هكذا ولن نستطيع التوصلَ لأي شيء بهذه الطريقة"
ولأنه لم يحبذ أبدًا تصعييد الأمورِ أكثر هو أردفَ بنبرٍ هادئ وهكذا تمكن من جعلِ أذرعهم ترتخي قليلًا مما جعله يزفرُ بعمق أولًا فإمساكِ كف بيونا ثانيةً كي تثبّطَ مِن خوفها قليلًا
" في الحقيقة..أنا أعرفُ بيونا منذُ أن كانت صغيرة وليسَ لها أي علاقةٍ بأفعالِ أخوها، هي الأن هاربة من منزلهم بعدَ أن ضاقت ذرعًا من شرّهم الذي لا حدودَ له، وقد التقيتها صدفةً في الأيامِ المنصرمة
ومن دونِ أي شرحٍ مطوّل هي هنا الأن كي تقدم لنا يدَ العون من جهة والانتقامِ لأجل صديقتها من جهةٍ أخرى"
" لأجل صديقتها؟"
تمتم سيهون مستغربًا ليرجعَ بيكهيون ظهره إلى الكرسي بينما تخيطُ ابتسامةٌ متهكمة نفسها على ثغره
" لا أعرف كيفَ قد غفلنا عن البحثِ خلفَ هذا الحقير! أتذكرونَ قبلَ بضعة أشهر عندما توقفت الشرطة عن تقفي أثر المجرم الذي يختطف البنات في كل سنة؟ يقتلهن ويشوّه أوجههن وأجسادهن ثم يرمي بأبدانهن في مكانٍ قصي حتى لا يتم العثورُ عليه بسهولة؟
هذا السافل قد قامَ بتشتيتِ الناس عن تلكَ القضية ثم أشغلهم بأمر عصابتنا حتى يفعلَ ما يحلو له ! "
استغربوا أقواله تلكَ وقد تجلى ذلكَ على أماراتِ وجههم، إلا أن بيونا قد جذبت الأنظار إليها حينما قررت الإكمالَ عنه
" أخي تشانيول هو ذلكَ الخاطف والقاتل عديم الرحمة ولسوءِ الحظِ كانت احدى ضحاياه صديقتي المقربة!
كانَ يتقرب من الفتيات حتى يحصل على ثقتهن ليصبحنَ لاحقًا ضحيةً لوحشيته واعتلالاته النفسية، اكتشفتُ ذلكَ بنفسي بعدَ تربصي به لفترة وبعد شكوكي التي تضاعفت نحوه منذُ اختفاءِ صديقتي التي أعجبت به
كنتُ أحذرها منه باستمرار لكنها لم تعبأ بما أقول
ولم أكن متأكدة من أي شيء حينها إلا أنني أكثرُ الناسِ علمًا بوجهه القبيح والسيء وأخلاقه الدميمة التي لطالما عاملني بها
وأنا شبه متأكدة، كلا بل جازمة
أنه هو من قتلَ خطيبة بيكهيون نارا كذلك
ولا ننسى أمرَ ڤاليري التي قامَ بسلبها منكم
أعتقدُ بأنها ستكون ميتة الأن"
عمّت موجةُ الصدمة وضربت بعتادِ جميعهم حتى صاروا يتلفتونَ بدهشةٍ واستنكار
أما عن كيونغسو فقد بدا كمن صُرع، وشيء في داخله قد هاجَ باستياءٍ شديد
" هذا الخسيسُ هو من ظل يلهي عقولَ الشعبِ بجرائمنا بينما هو المجرم السفاحُ الذي يُفترض به أن يُعدم ويلقى جيفةً للكلاب!"
وبنبرةٍ مملوءةٍ بالمقتِ هو قال، كاي الذي ألقمَ الطاولةَ لكمةً شديدة تسببت بقلقلة ثباتها
" إذًا بيونا ستعاوننا على فضحه أمامَ الملأ؟ ألن يطعن ذلكَ في سمعةِ عائلتكِ أنتِ أيضًا؟"
طرحت سولار السؤال فأجابتها بيونا بابتسامةٍ فاترة تجر خلفها بضعَ كلماتٍ أخرى
" كنتم قد فضحتم والدي وأمثاله من قبل
لذا سأكونُ راضيةً أكثر لو أتممتم عملكم وفضحتم المزيدَ عن فسادِ رؤوسِ كِبار هذه الدولة"
ولم تمضي الثواني حتى وصلها ردٌ مباشر من سيهون الذي لم يخفف أبدًا من قتامةِ نظراته نحوها
" بالمناسبة نحنُ لن نسعى أبدًا وراءَ ارضائكِ
لأننا سنرضي أنفسنا أولًا ونثأر لعضونا الذي أفنى روحه فداءً للعصابة"
حينها فهمت بيونا ماذا كانَ يعني بيكهيون بأن العصابةَ ليست مكانًا قد يحتوي شخصيةً مثلها، ليست ضعيفةً أبدًا لكنها لا تستطيعُ تقلّدَ أكثرَ من شخصية مثلما يفعلون، ولن يكونَ سهلًا عليها الامساكُ بالأسلحةِ كما يبرعون
قطعَ حبلُ أفكارها صوتُ قائدِ العصابةِ الذي يجلسُ على مقربةٍ منها، بالاضافةِ إلى التصفيق الذي افتعله بكفّيه كي يجمعَ شتاتَ انتباههم إليه
" لدي فكرة مجنونة
ستقلبُ المدينة رأسًا على عقب في دقائقَ معدودة!"
وبحماسٍ عالي هو هتف كما كانَ يفعل وكما سيظل يفعل في كلٍ مرة تطرأ على باله فكرةٌ فذة
فتلقى ردًا سريعًا من الذي ظل يحاصرُ حروفه داخلَ فاهه منذُ اجتماعهم هنا
"و منذ متى لم تكن أفكاركَ تتصفُ بالجنونِ أيها الجوكر؟"
~~~~~~~~~~~~
ماذا إن غابت عقولنا عن الواقع وأخذت تجوسُ بنا في عالمٍ نشأ مِن الأماني التي تم ادراجها إلى قائمة المستحيلات؟ ذلكَ العالم الذي تطوفُ فيه الأرواحُ القانطة من الحياة
هناكَ حيثُ يمتازُ طعمُ كل شيء بحلاوةٍ تنتهي بمرارةِ الندم، وأما عن ألوانه فهي باهرة وباهجة لكنها سرعان ما تخفت بالتدريج حتى ينطفئ وهجها تمامًا
وبما أنَّ ' ليتَ ' تستعملُ للأمانيات المنعطفةِ في طريق المستحيل، صارت تُستخدمُ كثيرًا من قبلِ إحداهن حتى كوّنت لها عالمًا من كُل ما اندرجَ تحتَ 'ليت' خاصتها
في صغرها تمنت الكثير حتى طعنَ اليأسُ فؤداها
وفي مراهقتها محقت وجودَ الأمنيات وصارت تعيشُ اليومَ لأجلِ كونه يومًا في سجلّ حياتها
وبعدما أحبت صارت الأماني تغدقُ عليها، تلكَ الأماني التي لم تكن تشملها وحدها، حتى صارت تشعر أن هناكَ روحين بداخلها بدلًا مِن واحدة بائسة
وبمضي الأيام لم يعد بإمكانها تمييزُ أي الروحين روحها بالتحديد، لذا إن غابت إحداهما عنها صارَ جسدها أجوف وأجدب، كأن ليسَ به رمقُ الحياة
انفرجَ جفنيها ببطء ليسطعَ بياضٌ فسرته على أنه صادرٌ من السلم المؤدي للسماء، لكنه انقشع فجأة وتبددت تلكَ الغشاوة التي ضببت بصرها ليتضحَ المحيطُ مِن حولها
والذي كانَ أشبه بغرفةٍ في المشفى!
أدركت ذلكَ من الرائحة التي اقتحمت أنفها ومن الاحساس البغيض بالإبرة المنغرزةِ في كفها
حولت بصرها إلى معصميها لترى كيفَ قد تمّ تضميدهما بشاشٍ أبيض وحينها زفرت أعمق أنفاسها ساخطة
وكأنها تعاتبُ بدنها الذي خانَ ثقتها ولم يذرف ما يكفي من الدمِ لجعلها تودّع الحياة، لم تسهب في أفكارها بعيدًا إذ أنها قررت وبدونِ أي تفكيرٍ مسبق الهروبَ من هنا
خصوصًا بأنها لم تعثر على أثرٍ لتشانيول حولها، نزعت الإبرة ورمت اللحافَ جانبًا لتنهضَ بغرضِ الخروجِ مِن الغرفةِ ركضًا
لكن وبما أنها صارت تجيدُ استعمالَ عقلها قليلًا هي تريثت في محلها تُفكّر في احتمالية وجود رجال شرطة يحرسونَ باب الغرفة، خصوصًا بأنه لم يصفد لا معصميها ولا كاحليها
وذلكَ لا يدعوا أبدًا للاطمئنان
تنفست الصعداء ثم تراجعت أدراجها إلى حيثُ يقبع العامود الذي يحملُ كيسَ المغذي، اقتلعت الكيسَ من مكانه لتحملَ العامودَ وكأنه عصاةٌ ستصرعُ أي شخصٍ قد يقطع طريقها الأن
حاولت تخبأته ورائها ريثما تفتحُ الباب وتتفحصُ الأرجاء حولها، وقبل أن يسعها ذلكَ
قابلها شرطيٌ بقامته الطويلة وابتسامته الرذيلة
" أوه يبدو بأن الشيطانَ الصغير قد استيقظ الأن"
مج كلماته في وجهها ثم رمى كلماتًا أخرى سريعةً للذي كانَ واقفًا بصحبته أمامَ بابِ الغرفة
"أخبرِ الرئيس بسرعة!"
علمت بأن تشانيول ليسَ قريبًا كفايةً منها لأن الشرطي الأخر قد أسرع بامساكِ جهازه اللاسكي
وأما عن الذي يسد طريقها فقد دفعَ ببدنها للوراءِ بقسوةٍ حتى لا تحلمَ بالفرار
هو حتمًا لا يعرفُ أي أنثى قد دفعَ بيده منذُ قليل، وفي غضونِ ثانية تسطَّحَ على الأرضِ مغشيًا عليه من الضربةِ التي تلقاها على رأسه بفضلِ العامود
وأما عن الأخر فلم يكد يُكلّم رئيسه حتى توسعت عينيه هلعًا بما رأى، رقى عينيه من صاحبه إليها
ليشهدَ ابتسامةً لن ينساها أبدًا في حياته
جرته من قميصه إلى داخل الغرفة بسرعةٍ لم يستوعبها عقله بعد، ثم طرحته أرضًا إلى جنبِ صاحبه
وبعدها نفضت كفيها كمن أنجزَ شيئًا عظيمًا يروق له، انتشلت السلاح من أحدهما ثم فتحتِ الباب فورًا لتجدَ في الممر رجالُ شرطة أخرين يطوفونَ هنا وهناك، حينها قررت أن تمشي للوراء دونَ أن تلتف مع حرصها على مراقبة أعينهم التي لم تلقطها بعد
وصلت إلى منعطف الطريق أخيرًا ولكونها تفتقرُ إلى الحظِ الحميدِ في حياتها كانَ من المتوقع جدًا أن تلقطها أعينهم فتُسرع بحملِ قدميها ركضًا لعلهم يفقدونَ أثرها وإلا اضطرت لطلقِ النارِ في محيطٍ يضجُّ بالأبرياء و المريضين
جعلت تعدو في الممراتِ مع تجاهلها التام للمصاعد التي لا يمكن أن تكونَ خيارًا جيدًا لها الأن وعوضًا عن ذلكَ اتخذت الطريقَ المؤدي إلى السلالم
أنفاسها تعلو فتلعو باستمرار حتى خُيّل لها أن نفَسها سينقطعُ فجأة فتخور ساقطةً على الأرض
لكن ذلكَ لم يحدث بعد ولحسنِ الحظ تجلت البوابة أمامها الأن، لذا هي ضغطت على ساقيها لتركضُ لمسافةٍ أكبر، -لم تلقب ڤاليري بأنثى الفهدِ عبثًا!-
حتى وصلت للسلمِ الذي يفصلُ بينَ البوابة والشارع لاهثة إلا أنها لم تتمكن من الركضِ أكثر من ذلك فقد تسمرت مذهولةً من وجودِ تشانيول هناك
يصدّ طريقها ويثبّتُ أقدامها بفوهةِ المسدس التي تم توجيهها نحوها مباشرةً
لم يبدو عليه أنه سيتردد بقتلها إن تمرّدت وحاولت أن تلوذَ بالفرار منه
لذا رفعت المسدس الذي بحوزتها كذلكَ وهنا هاجَ كل من شهدَ على هذا الموقف المهيب، جميعهم قد تنحوا بعيدًا خوفًا من تمرِّدِ رصاصةٍ طائشةٍ عليهم
وازدادَ الوضعُ سخونةً بعد محاصرةِ رجالِ الشرطةِ لها من كل الجهات، حتى اللذين كانوا يلاحقونها وصلوا إليها وصارت أسلحتهم تترصدها
تلفتت حولها وقلبها يكادُ يتمزّق من ضرباته الهائجة والعالية، انتابها خوفٌ شديد حتى تعرّقَ بدنها وارتجفَ كما لم تفعل يومًا في حياتها
" انزلي سلاحكِ وارفعي يديكِ عاليًا الأن
هذا إن كنتِ تريدين البقاءَ سليمة"
ندد تشانيول صوته فيما أخذت خطواته تتقدمُ صوبها دونَ أدنى اكتراثٍ للسلاحِ الذي توجهه هي عليه
ازدردت ريقها ولم تخنع لأوامره تلكَ بسهولة بل قررت البقاءَ صامدة حتى أخرِ ثانية، وفي الحقيقة ذلكَ هو ما يفعله أي عضوٍ ينتمي لعصابةِ الجوكر الأحمر
لا يهابونَ سلاحًا يُرفع أمامَهم
ولا يردعهم أي تهديد
ولا تخورُ قواهم لألمٍ شديد
ورغمَ الثباتِ الذي توشحَ بدنها به إلا أن ضعفًا وأسى قد نالَ نصيبه من جوفها
نحيبٌ يائس وقلبٌ يُقطِّرُ دمًا
وحزنٌ أخذ يتمادى في تجريحِ صدرها
وهكذا أيقنت أنها لم تخلو من المشاعر بعد ولم تمت داخليًا حتى الأن
لأن هناكَ كمٌ جليل من الأحاسيس قد تلاطمت داخلها
وأكثرُ ما ترجوه في هذه اللحظة أن تتصدع الأرضُ من تحتها فتأويها إليها بعيدًا عن كُل هذه المخاطر
أو أن ينزل ملاكٌ من السماءِ فينتشلُ بدنها من وسطِ هذه المعمعة ثم يأخذها إلى مثوى آمن أفضل من هذه الدنيا الفانية
ورغمَ قنوطها وجزعها إلا أن إيمانًا قد نبعَ في قلبها فصارت تتضرعُ كي تنجو من كل هذا
غمّدت عينيها كأنها تغلقُ كل شيء وتنهيه بأكثرِ الطّرقِ عجزًا
حتى لم تعد تشعر بهم يحاوطونها
لم تعد تشعرُ بأي خوف ولم تعد تسمعُ وجيبَ قلبها العالي ولا أنفاسها المتضرمة
ما الذي حدث حتى اختلجَ الأمانُ قلبها هكذا؟
أيمكنُ أن الحياةَ قد حررتها الأن؟ وسلمتها إذنَ الرحيل للآخرةِ كي تعيشَ في سلام؟
لم تشأ ابقاءَ عينيها مغلقتين أكثر فهي لن تحرمَ نفسها من لذةٍ تمنتها لليالٍ متواصلةٍ مِن الألآم
هذا القلبُ الكليم داخلها لم يعد يقوى على النبض
ولم يعد يقوى لمدّ جسدها الميتِ بالحياة
فقررت فتحَ عينيها لترى أي عالمٍ قد رحلت روحها الأبية إليه، وبمجردِ اتضاحِ الرؤية لها هي أدركت أنها لم تذهب لأي جنةٍ بل إلى الفردوسِ بحد ذاتها
الفردوسُ هو المثوى الذي يريها بيكهيون حيًا أمامَ عينيها من جديد
لذا لابدّ أن ما تراهُ الأن هو مِن نسجِ هذا الفردوسِ الذي هو أجملُ مما ينسجه الخيال
ولكن لمَ يبدو كل شيء حولها كما كان؟ لماذا لا تَرى أشجارًا باسقة أو قصورًا شاهقة؟
لمَ لا يفترشُ العشبُ الأخضر أرضها
ولمَ لا تزينُ الزهورُ كل ما يحيطها؟
لابد أن هناكَ خطبٌ ما، أيعقل أنها ما زالت تتنفس وتنبضُ في ذاتِ دنياها؟
ألم تزعم دنياها الفانية تلك أن بيكهيون قد وافته المنية وأن أسطورة الجوكر لم تعد إلا جزءً من أساطير الأولين؟
إذًا فليفسر لها أحدهم ما تراه الأن، فليفسر لها الكون بأكمله ما تشهده عينيها وما تشهده المدينة كلها معها
كيفَ تصنّمَ الجميع وصاروا يطالعونَ الشاشاتِ التي تلوّنت بالسوادِ فجأة، ثم أسفرت عن رجلٍ يستعر احمرارًا بقناعٍ باسمٍ بطريقة ملتوية
يكسوه السوادُ كما يكسو الخلفية التي لا تبين أي موقع قد تم تصوير الفيديو فيه، أو يتم تصوير الفيديو فيه!
فلا يعلم أحدٌ إن كانَ هذا الفيديو مباشر أم لا
" مرحبًا لكل من يشاهدني الأن
اعتقد بأني غنيٌ عن تعريف نفسي أليسَ كذلك؟"
انقطعت حركةُ السير فجأة وسواءً كانوا داخلَ سياراتهم أم على أقدامهم فهم لم يتمكنوا من المشي في سبيلهم بعد احتلالِ جميع شاشاتِ الاعلانات من قبلِ شاغلِ الشرطةِ والاعلام
وجميعُ الأفواه كانت تهمسُ بالشيء ذاته
" ألم يقولوا أنه مات؟"
" لحظة ألم يقولوا لكم أنني مُت؟
إذا ما الذي افعله أمامكم أنا هنا لأن؟ هذا لا يبدو منطقيًا صحيح؟ ..هل يبدو كذلك كارن؟"
وجّه سؤاله للقطةِ السوداءِ التي اعتلت كتفه الأيمن فجأة، فأخذها من هناكَ إلى حجره ثم صارَ يمسّدُ ظهرها بوداعة قبلَ أن يسترسلَ في كلماته
"بالنسبةِ لي لا يبدو أنّهُ كذلك ولا أعتقد بأن أحدكم سيستوعبُ ما يراه الأن إن لم أوضّح لكم صحيح؟
حسنًا لأخبركم فقط أن كل ما تسمعونه من حولكم هو كتلةٌ من الأكاذيب
وكل أولئكَ الذين يدَّعونَ أنهم يفعلونَ ما في صالحكم هم لا يفعلونَ إلا ما في صالحهم أولًا ثم يتركونَ أردأ ما تبقى مِن كل شيء لأجلكم
أنتم لا تحصلونَ إلا الحكاكة من قعرِ الدولة
ولا تسمعونَ إلا كُل ما يلوكونه في أفواههم ليبصقوه في أوجههكم فقط، وأنتم عليكم تقبّل ذلك
وتصديق كل الإفكِ الذي يبتدعونه على الدوام
أنتم أحرار في تصديق ما ينهالُ على عقولكم
صدقوا الأكاذيبَ وأغشوا أعينكم عن الحقيقة
وسدَّوا أذانيكم عن سماعِ صوتِ الحق
لكني لن أفعل مثلكم أبدًا
أنا لي حسابٌ لم أنتهي منه بعد، ولكل من ظن بأني انتكست أنا هنا الأن أريكم أن حقبةً جديدة من عصري ستستحوذُ على هذا العالم
أنا الجوكر الأحمر
الذي لم يمت ولن يموت"
أمسكَ بقدمِ القطة فرفعها كي يلوّحَ للمشاهدين قبلَ أن ينقطعَ البث تمامًا وتعودُ الشاشات لعرضِ الاعلاناتِ عليها من جديد
لكن وفي المقابل لم تعد المدينة كما كانت من قبل
في هذا الحين صارَ الناسُ يتلفتون ويتحدثون بملئ أفواههم عن الأمر بينما بعضهم قد مد أبصاره إلى رجالِ الشرطة المذهولينَ مما رأوه
وكأن كل واحدٍ فيهم يرجو أن تهوي به الأرض
أو أن يُدفنَ رأسه تحتَ ترابِ من شدّةِ الخيبة والخجل
أما عن تشانيول فقد لبثَ في محله مفزوعًا مما رأه، ظلت عيناه شاسعة الاتساع حتى أنه لم يطرف بجفنيه من شدّة وقعِ ما شهده بأم عينيه
" كـ..كيف؟!"
نطقها بصوتٍ مبحوح يوشكُ على المضي قدمًا في الرحيل
ظل مشدوهًا مسلوبًا الفِكرِ والخلدِ لفترة، حتى بدأ يتداعى داخله فجأة فكل ما في عقله قد تضارب وأنفاسه صارت تعدو حثيثةً في مضمارِ رئتيه الضيق
ومن دونِ أن يستهلكَ صاعًا أخر من وقته هو إلتفّ إلى حيثُ كانت تقبع ڤاليري، ما زال رجال الشرطة يحاصرونها بالرغمِ من خضوعِ أذهانهم لسطوة الخوفِ والتهديد
رآها بحالةٍ لم يعهدها منها في الفترةِ السالفة
لم تبتسم في وجهه قط ولم تأوي في عينيها أي رقةٍ أسرة، كأرضٍ خاويةٍ على عروشها، قاتمة العينين
وذابلةِ المحيا
أما الأن، فكأنه قد تم سُقيا هذا الوجه ليرتوي بالحياة، بدت مذهولةً مثلَ جميعهم بالضبط
لكن وعلى عكسهم لم يفترسِ الخوف وجهها وليسَ بها أي نوعٍ من الارتياب، بل تبدو خاشعةً لروعةِ ما رأته
في عينيها لمعةٌ رقراقة
وعلى شفتيها ابتسامةٌ خافتة كضوءِ القمرِ في ليلةٍ ساجية
تتنفس ببطء وسلام كأنها غريقٌ قد نجى توًا من أعتى الأمواج، فلينظر كيفَ كانت تشهقُ أخر أنفاسها منذُ قليل لكنها الأن تسترجعها بهدوء وأريحية وضاحة للعيان
أغلقت عينيها لثانيتين قبلَ أن تمررها إلى الذي تفرسَ كل شبرٍ من وجهها
فرسمت له ابتسامةً أوسع مع نظرةٍ عجزَ عن تفسيرها كِبارُ علماء النفس، لكنه تمكّن بنفسه المعتلة تلكَ مِن فهِمِ مقصدها جيدًا
لذا استعر، واضطرمَت مشاعره
فلم يقدر على امساكِ نفسه أكثر وأحاطَ معصمها كي يجرجرها معه إلى أبعدِ ما يكونُ عن كل عينٍ قد تشهد وعن كل أذنٍ قد تنصت
دفعَ كل من يقفُ أمامه وعبرَ بينَ الحشدِ الغفير
إلى زُقاق ضيّقٍ بعيد
مع تجاهله التام للضحكاتِ التي انفرجت من شفتيها
لابد أن الجنونَ قد صفقَ عقلها !
ولم يكن إلا جنونًا تمخض من تعاسةٍ انقلبت إلى أسمى درجاتِ السعادة
وبعدما وصلَ بها إلى ذلكَ الزقاق هو رطمَ ظهرها بالجدارِ بضراوةٍ حتى تُسكت هذا الفم الضاحك
وتمسحَ الدمع الذي مار على خديها
لكنها لم تعبأ بما بدرَ منه أبدًا ضدها، ولم تجفل من هدير صوته عليها
" اخرسي!! اخرسي وإلا قتلتكِ هنا والأن !!"
مسحت دمعَ جفنيها بهدوء ثم طالعته بنظراتٍ مفعمةٍ بالغبطة التي تعلمُ أنها ستخلجُ المزيدَ من السوءِ إلى جوفه
" ألم أخبرك؟ ألم أقل لكَ بأنه لن يموت إلا ورأسكَ منزوعٍ من محله؟"
صفعَ الجدار بكلا كفيه على جانبيها قبلَ أن يخوضَ جولةً جديدة مِن الهيجان
" ليسَ رأسي وحده الذي سينزعُ من محله
لأنه لن يسعى لقتلي فقط بل قتلتكِ كذلك معي!"
تنفست بعمق تبعدُ عينيها عنه ثم تحلّقُ بها إلى السماء
" رباه! لا يعلمُ أحدٌ كم أتوقُ أنا لتلكَ اللحظة
وكم حلمتُ برؤيته مجددًا حتى لو كانت تلكَ أخر مرةٍ تبصرُ عيناي بها شيئًا في هذه الدنيا
أنتَ لا تدركُ أبدًا معنى أن تكونَ عاشقًا
ستموت وستحيا فقط في سبيلِ أن ترتوي مِن نبعِ الحب
وستفضلُ الموتَ مئاتَ المراتِ على أن تُحرم من لقاءِ من ناطَ قلبكَ به "
تحدثت بصوتٍ رخيم لم يألفه منها قط
سكينة وسلام قد حل بصدرها الذي يتنفسُ باعتدال
وكأنها ستخلدُ إلى النوم بعدَ يومٍ واصب
لتسافرَ على متنِ رحلةِ الأحلام
وهنا كانَ يشعرُ بنفسه تتمزقُ إربًا
وتستصرخ علّ أحدهم ينقذها من فظاعةِ ما تمر به
" توقفي ڤاليري توقفي
عن أي حب تتحدثين؟
سيقتلك! كيفَ لا تفهمين ذلك؟
سيقطع حياتكِ مباشرةً لأنه يعتبركِ خائنة له
أنتِ لا تدركين أبدًا ما ينطقُ لسانكِ به
عودي إلى رشدكِ ڤاليري عودي!!"
هزها من ذراعيها بقسوةٍ مالت إلى الرفق على أخرِ جملته
ولا يبدو عليها أي نوعٍ من التأثر، فليحتفظ بما أدلى به لنفسه لأنه لا أمل في العبثِ بعقلها من جديد كي تتبعَه كضريرة
إلا أنه لم يكن يحاول خداعها هذه المرة، لأن كل ما قاله مبنيٌ على مخاوف حقيقية وعلى شيء بدا له أقربَ مما يخيَّلُ له حتى
قابلته بابتسامة هادئةٍ بينما تهز برأسها يمينًا وشمالًا
" عدتُ إلى رشدي بالفعل، شكرًا لكَ على انقاذي
كنتُ سأموت قبلَ أن أرى أجمل مشهدٍ في حياتي وأسمع كلماتَ مالك مسامعي وأنفاسي
فقط توقف عن المحاولة تشانيول ..توقف"
ما زالت يديه تُشكّل حاجزًا لها من كلا الجهتين لكنه قد بدأ يوهن ويرخي رأسه للأسفل كما لم يفعل أبدًا في كل حياته
راقبته بصمت حتى تنبهت لصوتِ القطراتِ التي طرقت الأرض
" أيعقل أنكَ تبكي؟ على بيكهيون أن يرى ذلك"
لفظتها بنبرةٍ متهكمة رغمَ كونها متفاجئة مِن الحالةِ التي هو عليها الأن، فأجابها بهزةِ رأسٍ طفيفة قبل أن يعاودَ تصويبَ عينيها بخاصتيه الغارقتين في الدموع
" أنتِ لا تفهمين أنني في هذه اللحظة
لم أعد أكترث لا به ..ولا بأي أحدٍ في هذا العالم سواكِ
كُنتِ محقة بشأنِ ما قلته ذلك اليوم، ظننتُ أنني سأنجو من عاقبةِ سرقةِ سعادتكِ إلا أنني أقضمُ شفتاي ندمًا الأن
أنا نادم ويائس بشدة لأني أدركُ أن لا محل لي في قلبكِ وأنني كنتُ بشعًا جدًا وقذرًا معك
لكن كل شيء قد انقلبَ علي عندما رأيتكِ تنزفين معلنةً موتك، انهرت ووهنتُ بشدة
ولأول مرة شعرتُ بأني غير قادر على رؤية أي شيء
كل ما حولي كانَ دامسَ الظلمة
وكأنني غارقٌ في اللجة الباردة والقاتمة، عاجزٌ عن الحراك والتنفس
أهوي ببطء مقيت إلى القاع
لقد جربتُ الموتَ حيًا للمرةِ الأولى
وأنا الأن أموتُ كذلك عندما أراكِ تترقبينَ زفافكِ الدامي بقلبٍ شغوف"
تشربت عينيه بالحمرة واكتنزت صدقًا لم تعهد مثيله فيها ولكن ذلكَ لن يغير الدفةَ لتبحرَ إليه لذا التزمت الصمت تعاينُ تعابيره ببرودٍ كأن شيئًا لم يتحرك داخلها
" ڤاليري أنا أحبّك وسأعتني بكِ جيدًا هذه المرة
وحتى لو رفضتي المجيء معي أنا لن استطيع ترككِ في كلا الحالتين، إما أن أزجكِ في السجنِ أو أمهدِ لكِ حياةً جيدة بعيدًا عن هنا
بعيدًا عني كذلك لأنه وبكل تأكيد سيتبعني للوصولِ إليكِ وقتلك"
لم تستطع لثم فاهها وحرمانَ نفسها من لذة الضحك والسخرية من الشاكلةِ التي يبدو عليها الأن
كيفَ يعكفُ حاجبيه ويرخي من نبرته
ويضعُ إحدى كفيه على صدره بينما يخترقُ عينيها بعينيه المحمرتين
كم بدا صادقًا جدًا
وكم بدا مثيرًا للشفقةِ بالنسبةِ إليها
رفعت كتفيها بقلةِ حيلة مع اصدارها لتنهيدة تخبره أن كل المجهودَ الذي يبذله الأن في اقناعها سيضيعُ سدى ليسَ إلا
" زجني في السجن أو أتركني حرة
لكنكَ لن تستطيع أبدًا العناية بي لذا كف عن لفظِ هذه الترهاتِ يا رجل!
احتفظ بحبكَ لنفسكَ حسنًا؟ أنت بحاجةٍ لأن تحب نفسك أكثر في أخرِ أيام حياتـ.."
" لكن يا ڤالـ.."
قاطعه تشهرُ كفها أمامَ وجهه
" من دونِ ولكن
أعلم أنكَ ستعيدُ تكرار أقوالكَ نفسها
وتحذرني وتخوفني من شيء أنا أتمنى حدوثه اليومَ قبل الغد
أريده أن يقتلني، أجل هذا صحيح لا تستغرب ما أقول
أريدُ أن يكونَ أخر شيء أراه في حياتي هو عيناه، وأخر صوتٍ تلتقطه أذاني هو صوته الجسيم
ستكونُ تلكَ أجمل خاتمة لي، لأنني سأخبره للمرةِ الأخيرة أنني أحبه وأعشقه بجنون
وأنني كنتُ غبية وسخيفة جدًا عندما هربتُ منه خائفة
أعلم أنه لن يسامحني، وربما لن يشفقَ حتى على ما سأبدو عليه أمامه
لكنني سأعتذر إليه وسأتمنى له حياةً سعيدة وحبًا جديدًا يعوضه عن الأسى الذي تركته فيه
سألفظُ أخر أنفاسي برفقةِ أنفاسه
لأن أكبر أحلامي الأن هو أن أجرب شعور مشاركته نفس الحيز معه، حتى لو كانت أخر مرة "
ابتلع غصته ولا يكادُ عقله يستوعب ما تتفوه به هي
" هذا ليسَ حبًا ڤاليري
بل إنه الجحيم "
" الجحيمُ هو ملاذنا فنحنُ آثمين
وستشوي نارُ الأخطاء أبداننا وسنجرعُ أبخس أنواعِ السعادةِ ثمنًا راضيين، نَحنُ من اصطفينا هذا الدربَ الملتوي بأنفسنا ونحنُ من سنتلقى العاقبة على أفعالنا خاضعين
نحنُ نستحق أن نغرقَ في الحمم
نستحق أن نُخلَّد بعيدًا عن النعيم
كانَ وما زالَ حُبنا جرمٌ فاحش
إلا أننا ارتكبناه، وأنا ولن أتوبَ عنه أبدًا
لن أتوبَ عَن حبي له حتى لو تابَ هو
لن أتوبَ تشانيول "
تهدّجَ صوتها واهتز جفنيها في أثناءِ قولها لتلكَ الكلماتِ التي أولجت يأسًا مضاعفًا في داخل القابع أمامها
أطبقَ شفتيه وحبسَ أنفاسه الساخنة عن الثورانِ في وجهها
وكان يومأ لنفسه لا لها هي، كأنه قد اقتنعَ وفهم وأدرك
أنه لا فائدة تُرجى منها
زفرَ أنفاسًا أشبه بسكاكينَ تتقصدُ تجريحَ رئتيه بلا أي رحمة لكنه قاومَ ألمها الفتّاكَ ليقوَّمَ ظهره ويعودَ إلى سابقِ عهده
" حسنًا كما تريدين ..
سأعدُّ تنازليًا من عشرة إلى واحد
إن تمكنتِ من الفرار فهنيئًا لك
- ثم قامَ بفتحِ تأمين سلاحه -
وإن لم تتمكني فالوداعُ يا جميلة"
أحقًا هو يهديها فرصةً كهذه؟ جفلت ذاهلة لثواني حتى استوعبت أنه قد بدأ بالعد التنازلي الذي تحدث عنه بينما يخطو للخلفِ بضع أقدام
توسعت عينيها مع أنفاسها التي خاضت حربًا ضروسًا في ساحةِ رئتيها، لم تلبث في محلها أكثر بل جهزت ساقيها لأكثر جولاتِ الركضِ سرعةً وخطورة
ركضت دونَ أن تلتف للمحه حتى
وكان كل ما تراهُ هو الطريقُ المنير الذي سيقودها إلى رؤية بيكهيون ثانيةً
ولكن هل ستنجو يا تُرى؟ وهل ستصبو إلى مناها وتقابله من جديد؟
لسوءِ الحظ، أكمل تشانيول عده التنازلي
في أثناءِ مشيه الوئيدِ باتجاههها
حتى صارت خيطًا ضيئلًا في الفراغ، لكنه أبقى على وعده وصوَّبَ جسدها الذي لم يتوارى عن أنظاره بعد
جفل لكن قدميه لم تبارح محلها أبدًا في قصدِ اللحاقِ بها، لن يُنقِذَ روحها ولن ينعشَ جسدها كما فعل سلفًا
كانَ واضحًا بالنسبة له أن الرصاصة قد أصابتها، لأنها توقفت عن الركضِ مرتعشة
لكنه أدبر يجرجر أذيالَ المصائبِ التي أوقعَ نفسه بها
إن أرادت الموت فلها ذلك
وإن أرادت العيش فلتنتظر حبيبها كي يأتِ وينقذها هو هذه المرة.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بارت طويل لكن مع ذلك ما اظن انه على قد تأخري
ومو كاني عملت هذا الشي بقصد مني انا صحيح تأخرت كثير عن الكتابة الا انو ما كان بامكاني ادخل اساسا والنفسية مو مرة تمام سو هل تتوقعوا
رح يطلع مني شي كويس ؟ طبعا لأ
الشي الجيد في تأخري انو جاتني احداث اكثر وأفكار اكثر كمان لحتى ما تنتهي القصة بطريقة سريعة من دون ما تاخذ حقها من كل النواحي
تدرون انا مو من النوع اللي يتأخر واذا صار فهذا يعني انو لي اسبابي الخاصة وبكل حال انا انسان مثلي مثلكم ماني آلة تقدر تكتب وتألف بسهولة
اكتب لاني احب الكتابة، أألف لاني اعشق هذا الشي
ولانه يخرجني من الواقع بطريقة سلمية
فما ابي يسبب لي هذا الشي ضغط ولا بأي شكل من الاشكال، وصدقوني انا اول وحدة تكون متحمسة لبارت جديد لاني مرة اتحمس لكتابة بقية الاحداث ثم نشرها
وبكل الاحوال شكرًا لكم على كل شي
القصة ما كانت رح توصل اللي وصلته من دون حبكم لها، لو تحبونها صدق ما رح يأثر معاكم التأخير ويخليكم تقللوا حبكم لها او تسحبوا عليها صح؟
اللي يفكر يسحب اقوله راحت عليك
لانو حرفيا البارتات رح تكون أحداثها خرافية!!
هيييي ميلادي 2\3
وبس سلام♥
لنلتقي....عما قريب هذه المرة ♥
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro