الفصل الأول والأخير.
الأرقام في نهاية الفقرات هي دلالات للعودة في نهاية الفصل لمعرفة ماهية شيء مبهم من عالم هاري بوتر لتصبح القصة أوضح وأسهل للفهم! :)
______
قرب البحيرة الكبيرة في أراضي المدرسة الرطبة موشحة الأسطح بخيوط الضباب المنسل من صفحاتها المخضّرة، وعلى طول العشب الندي الداكن المنزلق، كان زوجان من الأحذية يتسابقان دون تنافس، وبوتيرةٍ متباطئة.
صمتٌ غير مزعج، عدا عن هبات الريح التي تحملُ أطراف الأثواب السوداء الطويلة، وحفيف شجرة الصفصاف الناحبة التي سكتت لابتعاد الطلاب عنها وتركت الهواء ليستقر بين أغصانها لوهلة. تموجاتٌ صغيرة لمياه البحيرة الداكنة، وربما إن كنت أقرب لتركت لأذنيك فرصة سماع تحركات مجسات الحبار العملاق في لُجتها المظلمة، منذرًا بوجوده منذ سنواتٍ طوال وموحيًا بأنه غير راحلٍ في أي وقتٍ قريب.
مينهو يضم كفتيه إلى جيبي ثوبه الأسود ذاته منذ السنة الماضية والذي لم يبدله أثناء إجازة الصيف كما فعل أغلب رفاقه، تلقفُ ريح أكتوبر الخفيضة لكن الباردة وجنتيه، ويحاول أن يتظاهر بأنه لا يهتم إن كان أنفه يشع بحمرة طفيفة من تفاعله الدائم مع أي لمساتٍ رقيقة للصقيع.
يشعر بها، الأعين المعلقة بالشعر في مؤخرة عنقه المكشوفة وجانب جسده، ربما هي الأعين الداكنة القريبة، وربما هي عديدة أخرى لا يراها بعيدًا قرب بوابة المدرسة أو من نوافذ مهجع غريفندور المطل على هذا الجانب من الأراضي، تلك التي يتشاطر أصحابها همساتٍ مرافقة للنظرات، بعض التكهنات، وهزات الرأس المشدوهة من منظر السائر والمرافقة له. *(1)
المرافقة، التي تستمر بخلخلة أنامل جافة بين خصلات الشعر المجعد الراقص ناح المساحة الصغيرة لوجهها. ويڤيرلي التي لا يذكر دعوتها عندما خط قدمه تحت السقف الرمادي للسماء ولكن سارعت ببسط قدميها حالًا من جلستها المريبة فوق أحد المساند العملاقة لجانبي الدرج الرخامي للمدخل الهائل. لم يلتقط حتى عينيها عندما رمتها ناحه حالًا من فوق كتاب الجرعات في حضنها عندما رأته، ولكن هذا لم يمنعها من اللحاق به بعد قفزها من مجلسها بطريقة ذكرته بأحد قططه عندما يلمحهن جالسات في مكانٍ لا يتوجب عليهن البقاء فيه، فوق سلة الغسيل القذر كما يعلم أن دونغي تفعل في مهجع سليذرين الآن.
حينها حاول ألا يتنهد، ربما من دونغي ربما من ويڤرلي، هذا غير مؤكد. لكنه كان يسبقها ببضع خطوات قبل أن توازت مسيرتهما عندما أصبحا ينتحيان جوانب البحيرة.
لم تنطلق الكلمات، لم تفعل حتى الآن كما تفعل الرياح المستمرة. لمح غلاف كتاب الجرعات الذي لا تزال تتأبطه بتثاقل، وتمالكت فاهه تكشيرة طفيفة عاجلت بالتطاير كما تفعل غرته الطويلة لتذكره الواجب الذي عليه تسليمه الخميس المقبل ونسي موضوعه حتى. سينقله من أحدٍ ما صباح اليوم المنشود فوق مائدة الإفطار أو يلجأ لطلبه من ويڤرلي بنفسها إن كان مستعدًا لتبرير موقفه لحظتها أو لاحظ استقرار مزاجها حينها بموقفٍ نادر الحدوث.*(2)
طالَ وجهه بفضول بعد دقائقٍ لم يتكلف إحصاءها من السير، فقط ليجفل بخفة لملمس بشرة أنفه المتجمدة. ثم يعيد كفيه إلى الظلام في جيبيه وهو يأمل بأن وجهه الباقي لا يوحي بمعاناته مع الجو أكثر مما يشعر راهنًا.
فقط لتتداخل مع صرصرات الريح همهمة ساخرة عن يمينه، لا يلتفت لها حتى مع شعوره بحركاتٍ شاسعة للذراعين قربه. يشزر كومة الشعر المتحركة على جانبه فقط حين يشعر بحفيف شيءٍ ما فوق ذراعه الخاص حتى من فوق ملابسه.
" تستمر بفعل هذا وكأنك لا تهتم، مع أنني أراهن بأن ملمس وجهك أشبه ببرودة الدروع المخيفة في الممرات الآن، دون ذكر كون كل قطرة دم في جسدك قررت التجمع في أنفك."
كانت هي أول من كسرت الصمت فقط لتتذمر حيال ما حاول هو جاهدًا التمسك بكونه لا يأبه به. لو أنه لم يكن معتادًا على تعليقاتها لكان قد عبس عن الكلام حول أنفه، إلا أنه استمر بالتحديق متململًا ناح الوشاح الذي كانت تحمله ناحه بينما صوفه الأزرق والبرونزي يبدو شاحبًا جدًا بالتناغم مع السماء.
"لا أريد وشاحكِ القبيح."
تمتم كل كلمة بوضوح وهو يعيد نظره أمامًا، لم يردف بأي شيءٍ آخر مع أنه من الواضح بأن عبارة الدم المتجمع في مقدمة وجهه أشبه بحقيقة أكثر من كونها سخرية.
لم يكن عليه الالتفات ليرى الوجه البشع الذي تظاهرت بتقليد تعابيره فيه، قبل أن يشعر بتسارع أقدامها من جنبه حتى أصبحت تسبقه مستمرةً إلى أن أخذت هي مجال نظره بدلًا من العشب وجانب المياه القريب.
لم يوقف سيره الثابت حتى مع التي تمشي معاكسةً له، إلى أن أمسكت طرفي الوشاح قبل أن ترمي منتصفه من فوق رأسه ليحط خلف عنقه حيث كانت تنتوي. حينها فقط تباطأت خطواته ليتملكها توقفٌ تام سلس حينما بدأت المقابلة له بلف ذراعيها بغير إتقان حول عنقه محاولةً ضم الجزء السفلي من وجهه في ظلال الوشاح السميك. تدلت أطراف شفتيها بانزعاج فارغ بينما تحاول وتفشل بجعل الشكل منتظمًا ثم تقول:
"لا تتوقف عن التصرف كطفلٍ متعجرف يظن أنه بإمكانه تحدي كل شيء حتى الجو القاسي وبشرة وجهه الفاضحة."
من هذا المنبر راهنًا، والريح تعصف بين ممرات شعرها إلى الأمام لتتركه كهالة حولها بينما تستلم للعبثية في منظر الوشاح، يظن مينهو أنه يسمع بوضوح الهمسات خلف النوافذ العالية في كل الطريق حتى القلعة، والنظرات المتعجبة التي تملكها الاهتمام لثوانٍ عابرة قبل أن تعود لثرثرة أخرى.
ثرثرة، هذا ما كان عليه تواجده مع ويڤرلي في قطرٍ يقل عن مترٍ واحد مؤخرًا، الكثير من الأحاديث الخافتة والتعليقات الخبيثة. وسيرهما سويًا في أرض المدرسة الشبه فارغة الآن لابد قد أعاد عذر الكلام وخلق الاستنتاجات.
ومع أنه لم يكن يهتم مقادر أنملة بأي شيءٍ يقال عنه صدقًا، إلا أنه سيذكر وإن أنكر الالتواء الدفين في أحشائه حالما يصله قبصٌ من الكلام، وقعًا كان أم خيال، حدثًا أم إشاعة.
ولأنه معتادٌ على سماع اسمه كموضوعٍ مثير على الأقل لفترة زمنية محددة في كل عامٍ منذ بدأ مسيرته الدراسية هنا، ذمًا أم عجبًا، كان دومًا هناك نصيبٌ له فوق ألسنة الجميع، وحيدًا أم مع رفاقه، مينهو لم يكن مجرد طالبٍ في ظلال الممرات الباسقة والفصول المشمسة.
" هما يمضيان الكثير من الوقت سويًا. أنا متأكدة بأن هناك شيءٌ ما."
ستقول فتاة من السنة الرابعة بصوتٍ تظن أن لا أحد يسمعه لأقرب رفيقة لها، فقط لترد الأخرى ب:
" لكنهما يعرفان بعضهما من السنة الثانية، ما الجديد؟"
فقط لتحرك الآنفة رأسها بحزم وتردف:
"هناك أمرٌ ما مختلف، أنا أعلم."
وعلى الرغم بأنه تملكت مينهو رغبة عارمة بإدارة عينيه والتسلط بسخريته على طلاب السنوات الأصغر الذين يستمرون بالتظاهة بأنهم يعرفون كل ما يحدث في هوغورتس، ومع المتعة التي كان سيحصل عليها بإخبار الفتاة أنها لا تعلم أي شيءٍ حياله، إلا أنها كانت محقة. هناك بالفعل شيءٌ ما مختلف.
لكن ما هو، ومتى بدأ بالتحديد، هذا ما لا يستطيعُ تحديده، هذا إن تقبله بأي حالٍ في بادئ الأمر.
وهو مينهو بحق الإله! مينهو لي الذي هرب من حصة التعاويذ ليكمل بحثه عن قطته في المطبخ ويحصل على وجبة صباحية خفيفة قادرًا بذلك على إغضاب البروفيسور فليتويك في حدث ظل الطلاب يهمسون بأن لا أحد كان قادرًا على فعله من قبل، إغضاب فليتويك الطيب والرئيف. وتكملة القصة التي لا يعلمها الباقون هي أن السخط وقع من المعلم القصير فقط لحظة أمسك بمينهو في الممر مع سوني التي تبدو منزعجة في حضنه، مينهو الذي عرض عليه بعض حلوى الليمون عندما سأله البروفيسور عما كان يفعله خارج الحصة قبل أن يرفع كتفيه ويؤشر إلى القطة الغاضبة بين قدميه. وسوني لم تجعل الموقف ألطف إذ أنها قفزت ناح وجه البوفيسور مهسهسة جاعلةً الاحتجاز الذي تلقاه مينهو في نهاية اليوم أطول كثيرًا مما يفترض عليه أن يكون.*(3)
لكنه قام بإهداء البروفيسور فليتويك سلة من الحلوى ولاصقات الجروح اعتذارًا في الأيام التالية. قد يكون جامحًا ولكنه ليس لئيمًا! هذا ما لا يجب أن ينساه أحدهم.
مينهو الذي ترك طاولة غريفندور بأسرها صامتة بشفاهٍ متدلية وملاعق ملقية بينما أخذ الطلاب يسمعون الرسالة التي أخذت تصرخ بنبرةٍ جهنمية في وجه سونغمين كيم، الطالب المفضل لجميع المعلمين وأغلب الزملاء وفخر المنزل الشجاع ذي العقل الرزين الذي لم يملكه أيٌ من زملائه الجامحين, كما تقول بروفيسور ماكغونغال على الأقل. الصراخ والصراخ بكلامٍ مبتذل من والديه عن إهماله ونسيانه لجز عشب الحديقة في منتصف ديسمبر المتجمد، وترك غرفته قذرة قبل أن يتجه إلى المدرسة بعد إجازة الشتاء.*(4)
التعابير على وجه سونغمين كانت مصدومة بدايةً، غالبًا من الصوت الفظيع الذي شق طبلتي أذنه دون إنذار بينما كان يتفقد البريد الذي وصله، ثم عُجنت تلك المشاعر إلى انزعاجٍ عارم وغضبٍ وضاح حالما بدأ يفهم سخافة الموقف ويتذكر أنه لم يقم بجز العشب من قبل في حياته.
وفي تلك اللحظات القليلة التالية ومن الجهة الأخرى من القاعة، كان بإمكان أي من يقترب سماع صوت جسدٍ يهتز بعنف فوق المقاعد الخشبية بينما يجاهد الحفاظ على توازنه وضحكاتٌ حادة تزلزل تعابير وجهه وتطرد الهواء من رئتيه في سعادة عارمة، ضحك مينهو حتى اضطر لمسح دموعه، ضحكةً تمتم الصغير من السنة الثانية الذي كان مقابلًا له بذعر قائلًا تشبه الخاصة بالأشرار في برامج الرسوم المتحركة من الثمانينات.
لا يظن أن أي شيء يقارن بالطريقة التي استمر بالاهتزاز فيها حتى عندما هرع سونغمين ناحه بضيق بينما يسحق الرسالة الصارخة في كفته قبل أن يرميها قاصدًا وجه مينهو فقط لتحط عند صدره، ثم يرفع صوته بتذمرٍ ترك طاولة سليذرين بأسرها محملقة من مشهد رؤية سونغمين، فخر غريفندور، يكاد يبدو على بعد لحظاتٍ من خنق مينهو الذي كان يحاول اللحاق بتنفسٍ صحيح فقط لتنهار نواياه عندما رأى الغضب النقي في وجه سونغمين، وينخرط بضحكٍ أعنف حتى.
ومع أن كلًا من غريفندور وسليذرين وسونغمين ذاته حتى بدوا وكأنهم تخطوا الموضوع عاجلًا أثناء باقي اليوم، إلا أن مينهو استمر بمحاولة دفن قهقهاته تحت أكمام ثوبه طول الحصص في كل مرةٍ كان يتذكر فيها شق الملامح فوق وجه سونغمين الذي كان يبدو وكأنه يؤنب لأول مرةٍ في حياته.
هذا هو المقصد، هو مينهو. الجميع يعرفه، أو على الأقل جميع المعلمين ،لأسباب غير حميدة غالبًا، والطلاب من سنته، وبالطبع فلينش المسؤول عن المدرسة الذي يستمر بالتذمر من قططه وتهديدها بأحد مماسحه حينما تترك طبعات وحلٍ في كل الطريق من بوابة القلعة وحتى زنزانة سليذرين تحت الأرض. وربما حتى الحبار العظيم الذي أمضى سنواته الثلاثة الأولى بإغوائه لمصادقته باستخدام حلوى يحضرها من المنزل في بداية العام الدراسي.*(5)
كل مافي الأمر هو أن مينهو هو مينهو، وويڤرلي هي ويڤرلي بالجهة المعاكسة، كأقرب وصف.
ويڨرلي التي تبقي يدها معلقة في الهواء مع كل سؤالٍ يطرح، التي تتطوع للإجابة دومًا حتى إن أصابت مرةً وأخطأت عشرًا. ويڤرلي التي كانت تقوم بقراءة كتب المدرسة للمتعة الخالصة في وقت فراغها، التي كانت طالبة فليتويك المفضلة والشخص الوحيد الذي قد يضيع سونغمين وقته معه لحل الواجبات في مكتبة المدرسة.
في السنة الثانية التحقت بفريق الكويدتش الخاص برايفنكلو، ليس مفاجئًا بشدة. لكن ما جعله كذلك، هو تطورها المستمر حتى أصبحت الملاحقة الأفضل في الفريق ومفضلة القائد هيسونغ دون مجاملات. شغفها غير الصاخب لكن المتأجج باللعبة، يكون واضحًا للعيان حينما ترفعُ شعرها الأجعد في رباط شعرٍ أسود تختلسه من معصمها، عندما تصبح عيناها أكثر إظلامًا، وتعتري وجنتاها الرطبة حمرة شاحبة تفاعلًا مع أنفاسها المضطربة.*(6)
وقد كان لديها الكثير من الأشخاص المستعدين للهتاف لها من جميع المنازل غير رايفنكلو حتى، فقط إن كانت اللعبة في ذاك اليوم لا تتضمن أن تكون في الفريق الخصم بالطبع. لكن الأمر هو أنها تلقى استحسانًا حتى من سليذرين ذاتهم الذين كانوا مستعدين لتشجيع أي فريق دام لم يكن غريفندور.
مينهو في الجانب الآخر لم يكن معجبًا بالكويدتش إطلاقًا، على الأقل الجزء الذي يتوجب عليه اللعب فيه منها. طول سنواته في هوغورتس فهو قد سمع على الأقل مرة واحدة في كل موسم مباريات سؤالًا عما إذا كان من فريق الكويدتش الخاص بسليذرين أو ينوي الانضمام إليه أخيرًا هذا العام، فقط لينفي إن كان مستعدًا لألا يتجاهل التعليقات المتكررة بالكامل.
لديه بنية قوية توحي بأنه سيكون حارسًا لا يقارن، هذا ما يستمر تشان بذكره في كل مرةٍ تكون مقاعدهم متقاربة فوق مائدة الأفطار في صباحات تدريب الفريق. يقولها بإعجابٍ صادق وأمانٍ نقية لرؤية مينهو كأحد أعضاء الفريق المرموقين, أكثر من كونه يحاول دعوته لأنه يعلم أكثر من أي أحدٍ آخر الرد الذي سيتلقاه. وهو الحديث الذي لا زال مينهو يرميه فوق كتفيه بينما يقرب كوب قهوته من شفتيه ويدلك عينيه المتهدجة جراء النوم الطويل, وربما سيكون عليه بمضض ذكر خوفه من المرتفعات كتبرير إن قرر طالبٌ متطفل آخر حفر طريقٍ دودي فوق كلام تشان ليؤيد ضرورة انضمام مينهو للفريق.
إلا أن الأمر متشعب بحدٍ مثير للحنق, إذ حتى أن طلاب السنة الأولى في كل عامٍ ممن يستمرون بالركض ملتحمين بجسده بغير قصد في القاعات, والذين يبدون جاهلين وتائهين بشدة إلى حدٍ يثير شفقة مينهو, لم يكونوا أقل ثرثرة من غيرهم. وقد سمع العام الماضي فقط عندما كان غارقًا في حسائه وقت الغداء همساتٍ في آخر الطاولة لأصواتٍ رفيعة صغيرة وأصابعٍ مكتنزة تؤشر ناح تشان, قائد فريق سليذرين للكويدتش, ثم ناح مينهو الذي كان مقاربًا له بالكتف, مع كلماتٍ ليست خافتة كفاية تقول بأنه لابد أحد اللاعبين في الفريق.
"أظن أنه من أفضلهم, أنظر كم هو قريبٌ من القائد بانغ!"
كانت هذه نبرة أنثوية لأحد فتيات السنة الأولى, يظن أنه رآها تحملق طويلًا بتشان حالما دخل القاعة.
"بل لا بد أنه كذلك! لقد رأيته يمسك بعلجومٍ قبيح صباح اليوم عندما كان يسقط من فوق أحد التماثيل الرخامية. بوم لحظةً كان يسقط ثم بوم في الأخرى كان آمنًا بين يديه!"
كان الرد الذي تلقته من فتى لم يقل صوته حماسًا, وترك مينهو متذكرًا حادثة إمساكه للسيد غريغوري صباح اليوم. حسنًا، ليكون صريحًا فإن معرفة الفتى بالأمر كان متوقعًا مع الصرخة التي أطلقها جيسونغ لرؤية حيوانه الأليف يسقط كل تلك المسافة بعد أن كان يبحث عنه منذ ليلة البارحة, لا بد أن كل من في الممر كان يحدجهم محدقًا بعد الصيحة التي يظن مينهو أنها تستطيع إيقاظ الموتى حتى. لو كان هنا راهنًا فلابد أنه كان سيشعر بإهانة عارمة لسماع طالب سنةٍ أولى ساذج يدعو علجومه العزيز بالقبيح, ليس كأنها كذبة على أي حال. السيد غريغوري أدمُّ من أي علجومٍ قد قابله مينهو قط في حياته, ولكن جيسونغ سيء التعامل مع النقد البناء.
"أتطلعُ لرؤيته وبقية الفريق يلعبون عند بداية الموسم, يقول أخي أن سليذرين هم من حصدوا الكأس العام الماضي وسيعودون به في هذا العام أيضًا."
ختم محادثة الكويدتش ولدٌ آخر بشعرٍ ملتهب الحمرة. ولم يعارض مينهو واقعًا على تعبير فوزهم لهذا العام, ليس وتشان لا يزال القائد.
لكن النقطة الأساسية في هذه الذكرى هو استرجاع مينهو بوضوح تعابير التفاجؤ المكننة لخيبةِ أملٍ واضحة عندما رأته نفس الجماعة من الطلاب في أول مباراة كويدتش للموسم بعد أسبوعين من المحادثة تلك. المواجهة بين غريفندور وسليذرين, وقد وجدوه على بعد بضع خطواتٍ منهم بين باقي حشد المشاهدين من طلاب سليذرين الثائرين بالحماس. ينكمشُ جيدًا في ثوبه بينما نصف وجهه مخبأ خلف وشاحه الأخضر والفضي والنصف الآخر ملطخ بحمرة زاحفة كالطاعون فوق بشرته الجافة وهو يرتعش بين ثانية وأخرى ويحدق باهتمامٍ طفيف ناح المباراة لكن يصفق بفتور على كل حال عندما يحقق فريق سليذرين هدفًا.
ومشهد الوجوه الصغيرة الخائبة كان ممتعًا بشدة بالنسبة له وتركه يروم لو يقهقه بأعلى صوته لو أنه لم يكن يكادُ يقضي نحبه من البرد القارس.
وهي تلك حقيقة مينهو, لم يكن لاعب كويدتش يومًا ولا يظن أنه سيغير رأيه. لذا كان يكتفي بتشجيع فريقه من مقعده الآمن عند الجماهير بينما يعاني من البرد المفرط في أغلب المباريات.
ومع ذلك لم تكن الكويدتش هي الشيء الوحيد الذي يفصل بينه كشخص وبين التي لا تزال مستمرة بالسير قربه. فحتى المواد الدراسية, كانت هي تفرح بجميعها, عدا عن علم الأعشاب. الذي للسخرية, كان المادة الوحيدة التي يستمتع فيها مينهو ويحرز درجاتٍ ممتازة في كل اختباراتها دون قلقٍ مطول مسبق. ولن يكذب ليقول أنه لم يكن يجد من الممتع رؤية ويڤرلي تعاني مع كل جانبٍ من المقرر, أو يشخر دون تصديق عندما يتغضن وجهها بقرف قبل كل حصةٍ منه.*(7)
ولكن التضارب الطفيف ذاك في حبهم للمواد الدراسية, مينهو الذي لم يكن يبدو بكامل تركيزه إلا في علم الأعشاب, وويڤرلي التي تبدو وكأنها تتحرق شوقًا لكل الحصص المملة ما عدا تلك التي يقضونها خارجًا في البيوت الزجاجية بين النباتات والفطريات. فإن حتى تلك التفاصيل أخذت تصبح على الألسن الفضولية مؤخرًا عندما يتم ذكر اسميهما سويًا.
إنه لمن الصعب وضعُ إصبعٍ حول موقف أكيد بدأت به دوامة التساؤلات الخارجية للمتطفلين، والداخلية التي يتشاطرها مع ذاته. متى أخذ اسماهما يتقابلان في الجمل أكثر من ذي قبل؟ بعد كل تلك السنوات من معرفة بعضهما.
"رحلة هوغسميد الأولى الأسبوع المقبل."
طردت حضور الصمت ثانية بينما لم تكلّ بعدُ من دفع شعرها الطويل المتلوي مخالفةً بذلك رغبة الجو بالاستمرار في بعثرته.*(8)
إجابته كانت همهمة عالمة، لقد تلقى جميع الطلاب التنبيه. وهو يعلم أن حديثها كان كمن يبدو يمهد لشيءٍ ما ليُطرح، لا إعلانًا لما سيحدث.
"ها أنت ذا تصمت!"
والحنق قد بزغ في صوتها وإن لم يكن جديًا.
"لا تتظاهر بنسيان ما يعنيه هذا."
لم يقطب حاجبيه حتى قبل أن يسأل:
"ولكن ما الذي يعنيه؟"
"أنت لا تُصدق!"
تمتمت قبل أن تدفعه بكتفها حتى انحنى جسده بطريقة مقلقة ناح البحيرة، لعبُ الكويدتش دونٍ شكٍ قد ترك صلابةً متمرغة في عظامها. لكنها عادت للحديث بعدما تأكدت أنه عاد إلى توازنه قربها:
"لقد قلت بأنك ستبتاعُ لي كأسًا من الباتربير في المقشات الثلاث حالما نذهب في أول زيارة للقرية هذا العام."
*(9)
"هل حقًا فعلت؟"
وترك الفرصة للتعجب المبتذل كي يسير في نهر كلماته القصير.
"نعم، في رسائلك أثناء الصيف. ستبتاعُ الباتربير لكلينا ثم نذهب إلى متجر هوني ديوكس."
تنهدت للفكرة وهي تتمايلُ كغصنٍ فتي عن قربه.
*(10)
"يالحظك العثر، لقد صرفتُ آخر باوند من مصروفي فقط البارحة في رهانٍ مع وويونغ حول من سيفوز بالمباراة الافتتاحية بين هافلباف ورايفنكلو."
تطاير منكباه دون حيلة وهو يرفع طرف الوشاح إلى أنفه. الرائحة العطرة الرقيقة أخذت تخبو مقتربة فقط الآن وكأنها أول أنسام الربيع بعد شتاءٍ قارس. شيء يشبه الفانيلا بشدة, لكنه أقرب للزهور. عطرها الذي بالكاد تشعر به حتى تكون قريبًا بشكلٍ مقلق, والذي لا يزال هو ذاته منذ عرفها.
"لستُ آبهة بالتفاصيل. أنتظرُ الباتربير المجانية منذ الصيف. لذا يمكنك إبقاء قصصك المملة مع رفاقك لوقتٍ آخر."
بسطت كفتيها على الجانبين في دليل على قلة اهتمامها. قبل أن حدت حاجبيها قرب انفراج عينيها الواسع بينما تدلي بالتعبير التالي وكأنه حقيقة:
"ثم إنه رهانٌ فارغ، جميعنا يعلم بأن رايفنكلو سيفوزون."
هذه المرة كان دوره هو ليسمح لحاحبيه بالرتفاع حتى كاد أحدها يصل خط شعره. ردة فعل مبالغة على حديثٍ ساخر، أسلوب مينهو المفضل في التصرف:
"تبدين واثقة بشدة."
"لما؟ هل أنت مشكك؟"
نبست متسائلة بمكر وكأنها تنصبُ أرض الرهان بأن يخالفها الرأي.
اكتفى بتجعيد أنفه حتى وصلت التموجات إلى عينيه، قبل أن يغوص بإصبعه في جانب رأسها ويختفي أغلبه في بركة من الخصل الملتوية الداكنة لينقر على رأسها بوتيرة واضحة لكن غير مؤذية:
"بالطبع سيكون هذا الكلام صادرًا من فاه لاعبة هيسونغ لي المدللة."
"ليس ذنبي إن كنت أعلم يقينًا أن تدريب القائد لي هذا العام سيكون مختلفًا عن أي شيءٍ آخر قد فعلته المنازل بأسرها. بدأناه البارحة ليلًا وهو بالفعل فريدٌ من نوعه."
أدلت وهي تتعمد التغاضي عن التفاصيل، وتسائل إن كان سيكون قادرًا على اقتلاع المزيد من المعلومات من فوق لسانها لو أنه حاول كفاية. ليس وكأن هذا صعب على كل حال، إنها أضعف من مقاومة الثرثرة خصوصًا إن كان الأمر متعلقًا برياضتها المفضلة. من السيء أنه لا يهتم بخطط الكويدتش أو أي شيءٍ آخر متعلق بها على حدٍ سواء.
"أكاد أقسم أنك تقولين كلامًا مماثلًا كل عام فقط لينتهي الأمر بسليذرين فائزين."
شخر مركزًا بعينيه على الطريقة التي تقلصت خطوط ابتسامتها الفخورة.
"لا, الأمر بالفعل مختلف هذه المرة. هناك إضافاتٌ على الفريق, وتعديلاتٌ عديدة."
أكدت وقد أخذت خصُلاتها تهتاجُ حول رأسهًا وكأنها تتفاعل بتناغمٍ مع المشاعر التي تستعرُ داخل عقلها.
" هل هذا لأن جاي حصل على عملية تصحيح نظرٍ في إجازة الصيف؟"
همهم متذكرًًا ما سمعه منذ أيام.
"ما الذي!- كيف علمت بهذا حتى؟!"
أنكمشت عيناها باستنكار قبل ان انقهل وجهها بأسره إلى كومة ضيق.
"على فيلكس حقًا أن يتوقف عن الثرثرة كثيرًا."
"أنتِ تعرفين المعادلة, جايك سيخبر فيلكس أي شيءٍ متعلق بجاي, وفيلكس سيخبرني بأي شيءٍ متعلق بأي شخص."
ولم يحاول إخفاء إمارات المكر المتناثرة على وجهه لرؤيتها تزفر مقرةً بالحقيقة. فيلكس قد يكونُ ألطف شخصٍ في هوغورتس, لكنه منبع معلومات هافلباف الأول عن كل ما يحصل في المدرسة. هافلباف وغيرها من المنازل إن سألت, فإنه طيب القلب كفاية ليخبرك بكل ما قد يطيب لك معرفته.
"أعني أن هذا جيد؟ لا أفهم ما المميز في تصحيح نظره لكن يبدو أن هذا سيفيد الفريق."
أضاف عندما أصبحا يقتربان من نهاية تخوم البحيرة ناح جهة السهول.
" بالطبع سيفعل. البحث عن السنيتش دون نظارته سيكون أكثر فعالية الآن بما أن ليس عليه القلق من الالتفافات وتدخلات الأيام الماطرة."
تنهدت ويفرلي وهي تبعد شعرها مرة أخرى وتلتفت بصمتٍ متزامنة معه دون تفكير عندما غير طريقه ليعودا المسافة التي ساراها بأسرها.
"يمكنني تخيل القوة التي سيحلق بها الآن."
قهقه وهو يتخيل جاي على مكنسته, ينطلق بسرعة أكبر حتى من تلك الجنونية التي يحلق بها عادة. عيناه تبرقان كهلالين صغيرين حينما يلوح لمينهو قبل بداية المباراة بينما يتجه ناح موقعه. لابد أن اللعب سيكون أسهل بكثير بتلك الطريقة دون أجواء ريف سكوتلندا الضبابي لتشوش عينيه من خلف نظارتيه.
"أنت بغيض."
أنهت ويفرلي مناقشة الكويدتش بذلك. لم يكن مرتبطًا بشدة مع مجرى المحادثة, دون داعٍ حتى, وكأنه آخر ما أخذ يحلق في عقلها بعد الحديث مطولًا, وقررت إطلاقه في لحظة النهاية كردة فعلٍ غير مخططة على الطريقة المستخفة التي يعامل بها مينهو المحادثة. والرد الوحيد من المنشود بالكلام كان الانكسار من قهقهة سابقة إلى ضحكٍ مطول, أخذ يقطر حتى بعد انتهائه إلى أن وصلا إلى بوابة المدرسة حيث التقيا دون تخطيط قبلًا.
••••
هناك شيءٌ ما مختلف، ومينهو قد بدأ بتقبل ذلك الاختلاف، فقط لأنه مقرٌ بأن ذاك الاختلاف موجود، يستطيع تتبع طياته المسدولة على طول الطريق، وإن كان لا يستطيع إبصار صورته الكبرى.
لذا بعد انسدال حضور الأيام المتعلقة بالأسبوع التالي، عندما احتشد جميعُ الطلاب بدءًا من السنة الثالثة وحتى السابعة أمام البوابة الشاسعة محكمة الإيصاد على الجو المتثلج خارجًا وحماس الشباب القائظ داخلًا, لم يفكر مينهو كثيرًا حينما أزاح رأسه في رفضٍ بسيط ناح ثرثرة جيسونغ الذي كان يخبره عن خططه بأن يركضا على طول الطريق حتى هوغسميد ليكونا أول من يدخل هوني ديوكس.
التعبير الذي ترك جيسونغ مشدوهًا بتفاجؤ غير مفهوم بداية, ضيقٍ لاحق, ثم عدم فهمٍ مكتمل الاستدارة كعينيه.
"لدي أمورٌ أخرى أفعلها عدا عن التضحية بطاقتي لمشاركتك خطتك الخرقاء."
أخبره بنبرة جلفة غير مقصودة لكن معتادة منه.
"أولًا, إنها ليست خرقاء! ثانيًا, ما الذي سيكون لديك فعله عدا عن التسكع معنا لأول مرة منذ ست سنوات أيها المدعي!"
زمجر بصوتٍ لا يشكل أي تهديد مع الطريقة التي انتفخ كل وجهه فيها خصوصًا حول وجنتيه, قبل أن يحرك يده بعنف يكاد يفلق رأس أحدهم فيه دون قصدٍ بينا يؤشر ناح صدره ثم فيلكس الذي كن خلفه منخرطًا بمحادثة هامسة مع ليا و وويونغ.
"لتكن السابعة بدوني إذن لأنني ولسببٍ ما أشعر بالضجر منكم وبالفعل أملك أمرًا آخر لفعله."
ألحق بابتسامته التي يؤمن بقدرتها على إشعال الغيظ بشكلٍ ملتهب في أي صدرٍ لشخصٍ يكلمه, وقادرة على إحراق جيسونغ بالكامل.
كان على وشك الرد تزامنًا مع هروب ضحكة مينهو التي فشل بترويضها, إلا أن فيلكس ظهر قربهما أسرع مما يفعلُ فلينش عادة في الممرات المظلمة عندما يُهربون الطعام من المطبخ. تأبط ذراع جيسونغ بعنفٍ أو حبٍ -أيًا كان ما يدعوه- و بقوة كافية كادت تلصق كليهما بالأرض أسفل أقدام الباقين.
"أرى أنك مشغولٌ اليوم مينهو."
انضم للمحادثة بنبرة فرحة معتادة اللحاق به. لا بد أنه سمع بأحد أذنيه كلامه مع جيسونغ بينما الأخرى معلقة باهتمام مع وويونغ وليا. لا يصدق التركيز الذي يستطيع فيلكس وضعه في موضوعين مختلفين إلى هذا الحد, مينهو بالكادٍ يستطيع التركيز في درسٍ واحد لأكثر من خمس دقائق.
"هيا جيسونغ, البوابة ستفُتح قريبًا, وليا تقولُ أنها ترغبُ بأن تكون أول الواصلين لهوني ديوكس وستبتاع لنا ضفادع الشوكولاتة إن دفعنا للألعاب النارية لاحقًا."
*(11)
وقبل أن يحتّج, يوافق, وبل حتى يرمش المقصود بالكلام, كان فيلكس بالفعل قد أخذ يجر جيسونغ من ذات الذراع الملتحمة بخاصته بينما يكاد ينتزع كتفه. التفت فيلكس ناح مينهو عندما اصطدمت أول موجة من محيط تذمرات وتهديدات جيسونغ بمسامعهم, فقط ليرسل غمزةً مروعة كادت كلتا عينيه بالانغلاق لها قبل أن يبتسم بإشراق ليغوص بمرفقه في أضلاع جيسونغ, بالخطأ أو بالعمد هذا غير مهم, ليتأوه الذي قد أخذ يمسح الأرض بثوبه بينما ترتفع نبرة احتجاجه.
تجمد العبوس على معالم وجه مينهو وكأنه الصقيع خارج النوافذ، ورفع حاجبه حتى عندما كان كلًا من جيسونغ وفيلكس يوليان وجههما له. رام لو يلقي ردًا ساخرًا أو استنكارًا أو أيًا من ذاك القبيل. ولكنه زم شفتيه حالما حبا نسيمٌ مظلم بالبرودة بين الأنفاس الساخنة من شُق البوابة الذي أخذ بالاتساع.
لم يتحرك بسلاسة بادئًا أو بإرادته المطلقة، ظل وظلّه يتسع من خلفه حتى جرفه تيار الأجسام التي كانت تتجنبه سابقًا ثم أخذت تدفعه آخرًا. أخذ يُسير قدميه وهو يستعيد تركيزه حتى وصل الطريق الحجري الطويل أمام المكان بطريقة أصبحت فيها هوغورتس تقفُ شامخةً كالأحلام المستحيلة لكن المحققة من خلفه.
ارتعش للصقيع الذي سارع بغرز أنيابه في النزير من لحمه المكشوف، وكاد ينسى ما كان يخطط للقيام به منذ أيام. حتى لاح لهُ من بين الأجسام المتمايلة والضحكات المعلقة والكلام الصارخ، جسدٌ لا يكاد يكون مرئيًا أسفل كومةٍ من الشعر الملتوي اللامع بلون خشب الكستناء الناعم.
حينها ابتسمت، بطريقتها العالمة، الدافئة، ربما المتعجبة لملامح التيه في وجهه أيضًا. لكن هناك، على أطراف الشفاه والتجاعيد حول العينين، كان هناك أيضًا الخجل السخي.
وربما حتى هو استشعر اندلاع الحرائق الصغيرة أسفل بشرة وجنتيه المختبئتين خلف وشاحه، وشاحه الخاص هذه المرة. الدفء الذي تركه يحس بوعيٍ لحظي طويل لذاته، أين يقف، وما الذي يراه، وما يجول راكضًا داخل أمعائه.
وهذا ما أقلقه بطريقة لم تزعجه أكثر من كونها أدهشته. إنها ويڤرلي، وهناك شيءٌ ما مختلف. هو يعلم، هي تعلم، جميع من في هوغورتس حتى في هذه النقطة يعلم.
لكن ما هو ذاك الشيء؟
إلا أنه لم يستطع ترك اللحظات الثقيلة لتعوم سابحة في الأجواء المتثلجة حول رأسه كما تفعل الأسماك القبيحة في البحيرة والتي يشاهدها من خلف الزجاج النقيّ أسفل الأرض في مهجع سليذرين. لذا أعاد سحب محياه الساخر المنوط بصورته في أذهان الجميع، مما ترك بشاشة التي كانت تنتحيه تنسدلُ أكثر على طول شفتيها المكتنزتين.*(12)
في ذاك الصباح، فوق المشاعر المعلقة بالتوهان النفيس والمشتعل بالحيرة، وجدا طريقهما إلى المقشات الثلاث، بمحادثاتٍ بسيطة، كذكرها لكونها أنهت واجب الدفاع ضد الفنون المظلمة اليوم، وتعليق ذام من مينهو حول اجتماع قادة الكويدتش الذي حصل البارحة وشهده في أحد الفصول الفارغة. هو متأكد بأن تشان، هيسونغ ، ومينغيو كانوا أكثر تحفظًا من الحديث عن أيٍ من الخطط والتدريبات الخاصة بفرقهم. كل ما يذكره هو مغادرة المكان وجونغكوك لا يزال مستمرًا بغبطة وحماس واصفًا روعة مستوى طلاب السنة الثانية من غريفندور المتقدمين للفريق هذا العام. *(13)
حتى أنهما ضحكا سويًا عندما قطعا واجهة هوني ديوكس على المشهد الذي كان جونغ إن يبدو فيه على حافة البكاء من الإحراج مشاهدًا هيونجين وسونغهون يقومان بمسابقة لا أحد يعرف كنهاها بينما هما يحشران فاهما بعددٍ لا يحصى من قطع حلوى النعناع المتفجرة.
هناك بينهما توازى جسدهما أمام المدخل الخشبي الضيق, الهواء البارد لا يزالُ يستشيطُ إزعاجًا بأطراف ثوبهما خلفًا, ودبيب الأصوات المثرثرة من بين شقوق الحاجز الفاصل أمامًا. كان هناك شيءٌ ما يهصرُ البدنين المتقاربين, شيءٌ غير ملموس إطلاقًا. وكزته ويڤرلي قبل أن تدفع الباب ويتلامس منكبهما لثوانٍ هشة, ثم تلج إلى الحضن المحتوي للتدفئة السحرية التي تشعلها مدام روزمرتا لتستقبل الوافدين الملتاحين, والأنفاس الساخنة للألسن التي لا تنربط.
تركها تبحثُ عن طاولة مناسبة بينما ذهب ليطلب كأسي الباتربير المنشودين واللذان كانا يلاحقانه بالكثير من الوعود منذ الصيف. حينما التفت للبحث عنها, حطت أنظاره على المكان الذي أخذته لهما في نهاية المكان قرب أحد النوافذ المربعة المغبرة حيث يتسللُ الضوءُ الصِرف بخطوطٍ نحيلة فوق الطاولة.
منتحيًا إياها, لمح يونجون معكوف الظهر أمام أحد الكتب الكبيرة مؤشرًا بإصبعه في منتصف الصفحات, تشانغبين عن جانبه يسند أحد وجنتيه على كفته بينما ملامحه مقتضبة وهو يستمع إلى تمتمة يونجون, وسوبين على الطرف المقابل للمائدة يتمسك بكأسه الذي كان أكثر من نصفه فارغًا وكأنه خيط نجاته في الحياة, بعض الرغوة من الشراب الذهبي على جانب شفاهه, بينما هو يحدق دون هدفٍ بالفراغ بمعالمٍ يكتسيها الخواء.
شخر يحركُ رأسه وقد بدأ يتفهم سبب تسللها إلى آخر الحانة, لطالما كانت المقشاتُ الثلاث دافئةً وحميمية وكأنها منزلكُ في عشية يوم الميلاد. حميمية أكثر من اللازم في بعض الأحيان.
كان ذاك الصباحُ غريبًا, بأسلوبٍ لم يمانعه مينهو إطلاقًا وإن كان الذعرُ الناتج عن عدم الفهم يتقوقعُ في أحشائه بسببه. هناك على الطاولة, بين ضجة المحادثات والهتافات ورنين الكؤوس ورائحة الباتربير الحُلوة كالشهد, علم مينهو أنه سيحتفظ بتلك المشاعر التي خالجته لوقتٍ طويل, وأنه سيحملها في الأرجاء أينما أخذته قدماه الباحثتين عن المشاكل.
هناك فوق الطاولة والقلق العارم من الأمور الجديدة, يظنُ أنه احتسى ألذ مشروبٍ في حياته. مع الابتسامات الكثيرة التي تُلقيها ويڤرلي ويجاهد مبادلتها, ارتعاش الأقدام عند تلاقيها خطأً أسفل المائدة, والمحادثات القصيرة التي يجرانها بين الصمت الناعم والجَذِل.
لربما بطريقة ما وجدت الأيدي نفسها فوق كسرات الخشب غير السوي, الأناملُ الباردة تعانقت حتى وصلت إلى البراجم المتوردة ثم الأكف المتورمة.
هناك شيءٌ ما مختلف بين مينهو وويڤرلي مؤخرًا, ومينهو لأول مرة يلوحُ مُرحبًا لذاك الاختلاف.
--------
1: مهجع غريفندور أي مكان تجمع وغرف نوم طلاب غريفندور, وبالمثل مهجع سلذرين ورايفنكلو وهافلباف لكنها في أماكن مختلفة من المدرسة.
2: مادة الجرعات potions أحد المواد المدرسية التي
يقومون بتحضير جرعات وخلطات سحرية فيها
3: التعاويذ أو Charms مادة دراسية
4: الرسالة الصارخة Howler رسائل تسحر حتى تصرخ محتوياتها بصوت الكاتب, يجب فتحها وإلا ستحترق وتصرخ محتوياتها على أية حال.
5: فلينش المسؤول عن نظافة المدرسة والحفاظ على ممتكلتها.
6: الكويدتش لعبة السحرة التي تمارس على المقشات. وللفريق سبعة أعضاء وأربعة مراكز: ملاحق, ضارب, حامي للهدف, وباحث وهو الذي يبحث عن الكرة الذهبية الصغيرة المدعوة بالسنيتش والتي تحدد الفريق الفائز باللعبة.
7: علم الأعشاب Herbology مادة دراسية تهتم بالنباتات السحرية واستخداماتها .
8: هوغسميد: قرية موجودة قرب مدرسة هوغورتس وهي للسحرة فقط ولا يمكن لسواهم دخولها ويتوجه لها الطلاب من السنة الثالثة وما فوق في رحلٍ معتادة.
9: حانة المقشات الثلاثةthe three broomsticks أحد أشهر الاماكن في هوغسميد حيث يذهب الطلاب وغيرهم لشرب الباتربير وهو مشروب شهير معروف بين السحرة يشرب باردًا أو حار.
10: هوني ديوكس honeydukes متجر الحلوى في قرية هوغسميد
11: ضفادع الشوكولاتة, قطع شوكولاتة على شكل ضفادع مسحورة قادرة على القفز، تحتوي مغلفاتها على بطاقات صور سحرة شهيرين يمكن تجميعها.
12: مهجع سليذرين يقع أسفل القلعة عند الزنازن وتحت البحيرة, نوافذه تطل على أعماق البحيرة الكبيرة.
13: الدفاع ضد الفنون المظلمة defense against the dark arts مادة دراسية للمحاربة ضد السحر الأسود والشر
lee minho character aesthetic:
Waverly character aesthetic:
المنازل:-
سليذرين: مينهو، تشان، سونغهون
غريفندور: سونغمين، جونغكوك، جيسونغ، ليا، هيونجين، تشانغبين
رايفنكلو: ويڤرلي،هيسونغ،جاي، ايان
هافلباف: فيلكس، سوبين، وويونغ، مينغيو
أتمنى إن الونشوت/ السناريو؟ أعجبكم
استمتعت جدًا وأنا اكتبه خصوصًا فترة الفجر كمواساة وتذكير لنفسي إن في أشياء صغيرة سعيدة دومًا حتى ولو كانت مجرد تخيلات!
تحمست وأخيرًا وطلعت هوسي الدفين بهاري بوتر للعالم ولو كان بطريقة فوضوية جدًا هيهي.
+شكر خاص للميس خميس لأنها السبب بأن صورة مينهو المتجمد حتى البرد بوشاح سليذرين حول وجهه ضلت بعقلي لأيام ومعرفت اسوي شي غير اكتب عنها.
-lexolie
شكرًا على القراءة!💞
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro