__

__

حينما كنتُ صغيراً، كنتُ كثير الصخبِ، مملوء الطاقةِ، وإجتماعياً للغايةِ.

كنتُ أحبُ التعرف على الأطفال وتكوين الصداقاتِ معهم.

ولكن، ومهما تعددت معارفي وعلاقاتي، لم يلمس أحدهم قلبي كما لمستهُ بيون مايا؛ صديقةُ طفولتي التي تعرفتُ عليها منذُ أن كنتُ في السادسةِ من عمري.

ورغم مضي أكثر من إثني عشر سنةً منذُ معرفتي لها، إلا أنها لا تزال مفضلتي من بين أصدقائي، ومكانتها عندي مميزة.

حتَّى رغم تناقض شخصياتنا، إلا أنه من النادر جداً أن نتجادل.
فمايا، وعلى عكسي تماماً هي إنطوائية لا تجيد تكوين الصداقات، ما يجعلني صديقها الوحيد.

لربما شخصيتها الخجولة هي السبب..؟.

لا أعلم حقاً، ولكن ما يهم أنهُ وكما تخبرني دائماً؛ لا أمتلكُ قطرة إهتمام لتودد للأخرين والتقرب إليهم، ما دمتَ إلى جانبي، فلا وحدة تنتابني وقلبي مطمئن بوجودكَ.

من اللطيف سماعُ كلام كهذا من أقرب أصدقائكَ..أن تعلم كم أنكَ مهم في حياةِ أحدهم لهو أفضل شعور على الإطلاق، خاصة وإن كان هذا ' الأحدهم ' شخصاً أعطيتهُ من قلبكَ قطعة.

علاقتي مع مايا كأي علاقة رفيق مع رفيقتهِ، نتسكعُ سوياً، نتناول الطعام معاً، نزور مدينة الملاهي، نزور منازل بعضنا البعض، ونشاهد الأفلام معاً

نسخرُ من بعضنا البعض، ويتنمرُ كلٌّ منا على الأخر، نتصارع سوياً وكأننا في حلبةِ ملاكمة، ونتقاتل على أخر لقمةٍ موجودة في الصحن وكأنهُ إكسير الحياة الأبدية.

علاقة لطيفة مليئةٌ بالمواقف المضحكة والذكريات المدفئة للقلب؛ هكذا كانت صداقتنا.

إلى أن فاجأتني بأحدِ الأيام بوقوفها أمامي، وهالةُ الخجل تشعُ من وجهها، عيونُها تأبَى النظر في عيونِي، وقد فضَّلت منظر حذائي عليهما، بنبرة خافتةٍ جعلتني أجفلُ أردفت

« جونغكوك أنـا أحبُّـك »

صدمتـِي حينها قد جعلت من القطِّ يأكل لساني، ورغم عدم ردِّي إلا أنها واصلت، وواصل معها شحوبُ وجهي

« منذُ أن أتممنا عامنا العاشر وأنا قد بدأتُ بتكوين مشاعرَ لك، إلى أن تفاقمت بداخلـي وباتت حبًّا تخرسُ الألسنةُ في وصفهِ، إنِّي بكَ أهيم جونغكوك. »

ما بداخلِ صدري قد أخذ بالتسارع حتَّى باتت عظامُ أضلعي تئنُ ألماً

إرتبكتُ، وتبعثرت الحروفُ في لساني، كما إرتعش كاملُ جسدي.

وحينما إستجمعتُ قوَّتـي أخرجتُ ما بداخلي من كلم.

« أ-أسـف لا أستطيع مبادلتكِ مشاعركِ

لأنـي أفضلُ الرجـال. »