الفصل الخامس و العشرون
مرحبا مرة ثانية
استمتعوا
*
أن تغمض بصرك شيء
و أن تغمض بصيرتك شيء آخر تماما
نحن البشر لا نستطيع العيش دون الثقة بمن هم بجانبنا
نحن نستسلم و نسلم لمن يحبوننا و يتفانون في هذا الحب
نحن عندما نغمض بصيرتنا سوف نصم حتى آذاننا ... لن نرى و لن نسمع أي شيء أبدا
لقد مرت ثلاث أسابيع منذ أخذت أون اجازة من عملها، هذا الذي تعتقده و لم تبحث عن هاتفها، أحضر لها واحدا جديدا و بخط جديد قائلا أن هذا ستسخدمه بينما هي ترتاح حتى لا يتم ازعاجها و الآخر سيعيده عندما تعود للعمل
و اليوم في هذا الصباح الذي كان يوم عطلة بالنسبة لتشانيول هي وقفت أمام المرآة ترتب شعرها بعد أن ارتدت ثيابها، حسنا أونجو ساعدتها في التسوق و غيرت أسلوبها تماما، تريد أن تكون جميلة و أنثى بنظره حتى لو كانت في حاجة قياسات كبيرة من كل تلك الأشياء الجميلة التي ابتاعتها
كانت ترتدي قميصا بقماش خفيف مع تنورة طويلة قليلا و واسعة، تضع بعض الزينة الخفيفة و ارتدت حلقا ناعم، طويل قليلا و ليس متكلف
ابتسمت لنفسها و هاهو يقترب منها، تجهز هو الآخر في غرفة الملابس و أتى يقف خلفها، وضع كفيه معا على كتفيها محدقا نحوها بابتسامة
" لا أصدق أنكِ أون الفتاة التي رأيتها في ذلك اليوم في فوضى كبيرة "
فعبست ثم التفتت له ليبعد هو كفيه عن كتفيها لكنه أسندها على وجنتيها يضمها بها
" لا تذركني بكل تلك الأشياء المحرجة التي افتعلتها أمامك "
و ببسمة و سخرية قال
" لا زلتِ تفتعلينها بالمناسبة "
فردت باعتراض
" لا ... أنا أسيطر على نفسي كما أنني أحاول ألا آكل كثيرا "
" عندما تنامين أنت لا تسيطرين على نفسك "
حينها أغمضت عينيها لتقول باحراج
" ألا تستطيع أن تسد أذنيك ... في النهاية تلك هي طبيعتنا البشرية "
و هاهو قهقه ثم قبل شفتيها الممدودة بخفة
" لا تغضبِ ... إنها طبيعتنا البشرية في النهاية أليس كذلك ؟ "
" بلى "
قالتها تحاول أن تخفي البسمة و هو أمسك كفها ثم سحبها معه يغادران بعد أن أخذت معطفها من على جانب السرير
" أبي كان سعيدا أمس عندما أخبرته أنني سوف آخذك لزيارته اليوم "
تمسكت هي بكفه بكفيها معا لتقول
" إنه رجل مسكين ... فقد ابنته ثم زوجته و ابنه غدرا به "
" أنا موجود أون "
" أعتقد أنه لولا وجودك لم يكن ليعيش ... إنه يحبك كثيرا "
أومأ فقط دون يرد أنه يحبه كذلك، لا يدري لما لا يشعر ناحيته بأي مشاعر و لكن في ذات الوقت شعر برغبة كبيرة بقتل جون عندما حقق في الأمر و اكتشف أنه كذلك كان على علم و كان يدس له الكثير من جرعات ذلك السم في طعامه أو شرابه
سيطر على نفسه من أجل والده و قرر أن يوجه كل حقده و كرهه نحو تلك المرأة و لكن قبلها هو لن ينسى معاقبة الرجل الذي وضع أون بثلاجة الموتى
نزلا للدور الأرضي فقابلا أولغا تقف بجانب الدرج و التي حيت أون
" صباح الخير سيدتي "
حينها أون تركت كف تشانيول تسلمه المعطف و اقتربت منها، أمسكت بذراعها و قالت بلوم
" ألم أخبرك أن تتوقفي عن مناداتي بسيدتي ؟ ... أنت بعمر أمي و أنا لا أحب أن تواصلي استخدام هذا اللقب معي، قولي فقط أون فنحن لم نعد غريبتين عن بعضنا و تشانيول يحبك كذلك "
قالتها ملتفتة لتشانيول الذي عكر حاجبيه بانزعاج ثم سلمها معطفها قائلا
" سوف أنتظرك في السيارة "
غادر هو و هي التفتت لأولغا لترد هذه الأخيرة
" لا يمكنني ... السيد تشانيول كان كريما معي طوال حياتي و اعتنى بي و أنا أعرف ما يكره و ما يحب لذا "
و هاهي أون تقاطعها
" حسنا لنربط الأمور قليلا ... تشانيول يحبني أليس كذلك ؟ "
" أجل ... لم أراه في حياتي متعلقا بشخص و يحبه لدرجة حبه لكِ "
" و أنا أكره أن تناديني بسيدتي لذا فتشانيول يكره ذلك أيضا و أنت لا تستطعين فعل ما يكره أليس كذلك ؟ "
هاهي تضحك أولغا مومئة
" حسنا لقد أقنعتني ... "
ربتت على ذراعها لتتركها قائلة ببسمة
" اليوم سوف نمضيه في منزل والده لذا لا تتعبي نفسك و تستطيعين المغادرة بعد الانتهاء من عملك "
" حسنا ... أنا شاكرة لك "
" اذا كنت في حاجة شيء لا تترددي في اخباري ... تشانيول لا يحب أن تكوني محتاجة لأي شيء "
" الآن بات واضح لي و جدا لما السيد أحبكِ ... أنت فتاة طيبة جدا "
" و شريرة كذلك "
قالتها بقهقة ثم تركت ذراعها تودعها، ارتدت معطفها قبل أن تخرج ثم حملت هاتفها و وضعته بجيب المعطف و غادرت دون حقيبة، لا تزال تكره بعض الأمور الأنثوية كالحقائب لكن الأحذية العالية تحاول أن تتأقلم معها و تبحث عن المثيرة لترتديها ... تريد أن تتمايل في مشيتها أمامه
خرجت هي فرأته داخل السيارة يتحدث على الهاتف و عندما انتبه لاقترابها هو أنهى المكالمة، وضع الهاتف بجيب سترته الداخلي و هي صعدت لتقفل الباب و تساءلت عندما كانت تهم بوضع حزام الأمان
" هل هو اتصال من المركز ؟ "
" لا ... العمل الآخر، لا أدري كيف سوف أدير كل هذه الأملاك و أنا لا أفقه شيء في الادارة ولا حتى الانشاءات "
هنا قالت أون بجدية
" عليك أن تفكر جديا و تختار، إما الطب الشرعي أو ادارة الأعمال ولا أعتقد أنك غير قادر على تعلمها ... أثق أنك شخص يمتلك ذكاء و دهاء كبير "
ابتسم هو و التفت نافيا
" اذا وعدتني أن تتركي العمل و نعمل سويا ... هل تقبلين أن تكوني مساعدتي ؟ "
حينها ضحكت بقهقة تنفي
" أنا لا أحسن عمل شيء سوى عملي ... ثم تعالى هنا "
قالتها و هي تمسك بربطة عنقه و تسحبه منها إليها محدقة في عينيه
" سوف تفتح على نفسك بابا من الجحيم اذا كنت توظف مساعدة ... واحدة ترتدي تنورة قصيرة و ضيقة "
ابتسم هو و اقترب يضع كفه على شعرها ثم خلله بأنامله محدقا بها كلها
" تعجبني غيرتك التي تظهرينها "
" لا تهرب من الموضوع "
" أوظف رجل ... نائب أبي الذي هو على اطلاع و دراية بمجريات العمل "
" أحسنت ... رجل يحب زوجته "
قالتها بفخر و هو فقط دفع رأسها نحوه و قبلها و هاهي تذوب بين شفتيه، هاهي تستلسم و تسلم بسرعة و تجذبه بقوة أكثر ناحيتها حتى شعر أن الربطة تشد على رقبته فابتعد محدقا بعينيها التائهة
" أون ما الذي حدث لك ؟ "
" هل والدك ينتظر الآن ؟ "
و هو بشك رمقها متسائلا
" ما الذي تعنينه ؟ "
" ألا يمكننا العودة للبيت ؟ ... أو حتى الذهاب لفندق ؟ "
" أون ... ما الذي يحدث لك ؟ لا تبدين طبيعية "
" ما الذي تقصده ؟ "
" أعني ... كلما رأيتني تحاولين اغوائي و بعدها تـ"
و قبل أن يكمل هي وضعت كفها على فمه
" اخرس ... انها هرموناتنا فلا تحاول اذلالي "
أومأ فأبعدت كفها ليقول
" أنا أعلم بالمناسبة ... لا تنسي أنني طبيب "
" اذا ما كان يجب أن تقول كلاما كذلك "
" أنت غبية حقا أون ... قد تكونين حامل هذا الذي عنيته "
حينها نفت
" مستحيل ... لقد مررت بفترتي منذ أقل من أسبوعين "
" و إن يكن فمرات تحدث و يكون هناك حمل بالفعل "
" لا أعاني من أي أعراض فأبعد هذه الفكرة من رأسك "
" هل أنت واثقة ؟ "
" أجل ... أنا لا أنام كثيرا ولا أشعر بالغثيان ولا حتى الدوار وبخصوص الطعام بت أتحكم في نفسي من أجل الحمية "
" يبدو هذا منطقي و لكن ما رأيك أن نزور طبيبة مختصة ؟ "
" لا ... و الآن لا تجعلني أندم على ثرثرتي "
ابتسم بجانبية و هي تركت ربطة عنقه لترتبها له من جديد و هو بعدها عاد يعتدل مكانه، شغل المحرك ثم انطلق مغادرا
حسنا هو قال شكوكه و هي بعدما نفتها شعرت أنها تسيطر عليها، دورتها كانت مختلفة عما تعودت و كذلك تشعر أن شهيتها مسدودة، هي لا تتحكم بنفسها و إنما باتت لا تشته الطعام كما كانت، تسهر كثيرا ولا تشعر أنها ترغب بالنوم كذلك و في تلك اللحظة وضعت كفيها على نهديها فشعرت ببعض الألم و هو التفت لها ثم تساءل
" أون ... فيما تفكرين ؟ "
حينها رسمت بسمة غباء حتى لا يكتشف فيما تفكر، حتى لو كانت حامل تريد أن تفاجئه و لو كان طبيب و يعلم بهذه الأمور تريد أن تفعل الأمر بطريقتها و ترى سعادته عندما تخبره
" أفكر باجراء عملية لشفط دهون صدري ... نهديّ ممتلئين كثيرا ألا تعتقد ذلك ؟ "
هو الذي كان قد أعاد نظره للطريق حدق فيها من جديد و لكن بنظرات سهمية ساخطة
" لا أعتقد ... ثم الجميع يريد النفخ و أنت تريدين التصغير ؟ هل أنت حمقاء ؟ أنت تمتلكين أجمل نهدين في العالم رأيتهما أيتها الغبية "
" حسنا، حسنا اخرس فقط كنت أفكر ألا تخجل أنت "
" بالطبع لا أخجل ... أكثر ما أحب فيكِ نهديك "
" يالك من منحرف "
" أون ... اخرسي الآن و لا تثيري جنوني بأفكارك الغريبة، ثم اذا فكرت بلمسهما سوف أقتلك "
حينها خرجت منها شهقة غير مصدقة
" أنظروا له كيف يهددني هل هما نهديّ أم نهديك ؟ "
" إنهما نهديك لكنني أنا من أملكهما و أحبهما و اذا لمستهما لن تكوني على ما يرام "
" يا ل عدم حياك يا رجل "
" و لما سأتحلى بالحياء ... ألست زوجتي ؟ ثم أنت من أثار الأمر و سألني "
حينها ضربت ثغرها تقفله بكفها و ضلت على هذا الحال بينما هو يتذمر و يتمتم حتى وصلا لمنزل والده
*
في المركز كان جين هو يفحص الجثة التي وصلتهم بعد أن ذهب مع المحقق الذي جاء في مكان أون، جريمة أخرى من جرائم القاتل ذو الأصابع و لكن من هو الضحية ؟
أجل المجرم الذي وضع أون في ثلاجة الموتى و هاهو لا يجد أي ثغرة و لا أي معلومات تختلف عما كانوا يجدونه في جثث الضحايا الأوائل
ابتعد و جونهي الذي كان يقف مراقبا تساءل
" ما الجديد ؟ "
فنفى جين هو ملتفة له
" لا يبدو أن هناك أي جديد ... المجرم يعرف تماما ما الذي يفعله و نحن سوف ننتظر أن يحضر الدكتور بارك "
" هل اتصلت به ؟ "
" أجل ... قال أنه سيقل زوجته و يأتي "
حينها صمت جونهي محدقا بالضحية ثم نفى
" إنه نفس المجرم الذي وضع المحققة ايم في ثلاجة الموتى و هرب ... ما الذي قد يربطه بالقاتل ذو الأصابع ؟ "
" لا أدري ... المحققة ايم و الدكتور بارك كانا يحاولان من قبل ايجاد رابط بين الضحايا ... و لكن دائما كانا يصلان لطريق مسدود "
" أشعر أنه يحوم حولنا ... "
تنهد جين هو ثم نفى بقلة حيلة و قال
" لنترك الأمر حتى يأتي الدكتور بارك و يتحقق بنفسه و بعدها سوف نرى ما الذي ستؤول له الأمور "
قالها ثم غادرا المشرحة و في الخارج تساءل جين هو عندما جلسا يشربان كوبا من القهوة
" كيف هو العمل مع المحقق الجديد ؟ "
حينها تنهد جونهي بقلة حيلة
" لا تذكرني يا رجل ... إنه عكس المحققة ايم تماما، ليتها ظلت و لم تفكر بتهور "
" لما لا تحاولون الحديث معها و اقناعها ؟ "
" هاتفها مقفل ... نحن حاولنا كثيرا التواصل معها و حتى أخبرنا الدكتور بارك أن يسألها اذا كانت تسمح لنا بزيارتها لكنه كان يرفض و يقول أنها غير متفرغة "
" سمعت أنهما يجهزان لحفل الزفاف هذه الأيام ... ربما لاحقا تستطعون اقناعها ؟ "
فتنهد جونهي مجيبا
" أرجو هذا ... حتى أنني أفكر بالذهاب دون اعلامها "
" لا أنصحك بفعلها ... قد يتضايق منك الدكتور بارك "
لكنه رد بعدم اكتراث
" في النهاية هو ليس رئيسي فليتضايق "
" لا أظن أنك تعرف عنوان منزله "
حينها التفت له جونهي ثم ابتسم ليضم كتفه
" لكن أنت بالتأكيد تعرفه "
" لست على استعداد أن أتنازل على حياتي "
" لما تخافون منه لهذه الدرجة ؟ "
" اذا هل تر يد اخباري أنك لا تخاف منه ؟ "
حينها قال جونهي بجدية
" في الواقع أخاف منه ... لا أدري لما لكنني أخاف و أفكر كيف للمحققة ايم أن لا تخاف منه و تتزوجه كذلك "
حينها ضحك جين هو و قال
" هل نسيت ؟ لقد شتمته منذ أول يوم تعرفا فيه "
*
نزلت معه الدرج و هي غير راضية على مغادرته لتقول متذمرة ما إن وصلا بقرب الباب
" كيف لك ألا تجلس سوى دقائق قصيرة مع والدك المريض ... ألم ترى لهفته عليك الواضحة و أنه يشتاق لك ؟ "
" أون لدي عمل فلا تتحدثِ كأنك لا تعلمين ... "
" حسنا ... و لكن أخبرني متى سيصل الثوب ؟ "
حينها ابتسم يجيبها
" لن أخبرك ... "
" لماذا ؟ "
قالتها بدلال بينما تحرك رأسها فحرك حاجبيه يغيضها
" حتى أفاجئك "
" لا أريد أن تفاجئني ... أخبرني متى سيصل فالموعد لم يتبقى عليه كثير "
" كوني مطمئنة ... هو بالتأكيد سوف يصل قبل الموعد "
و باستسلام قالت هذه المرة
" حسنا واضح أنك لن تخبرني و لكن متى سوف تمر علي ؟ "
" عند الثامنة مساء "
" حسنا حبيبي ... سوف أحاول أن أقضي بعض الوقت مع والدك و أعتني به "
" لا تتعبي نفسك و أتركي الخدم و الممرضات يقومون بعملهم "
" حسنا ... بالمناسبة "
" ماذا ؟ "
" جدتي تشكرك "
" لماذا ؟ "
" لأنك غيرت لها أثاث غرفتها ... لقد كان مهترئا بالفعل، شكرا حبيبي "
ابتسم ثم اقترب يقبل شفتيها بينما يحتضن وجنتها بكفه و عندما ابتعد حدق بعينيها
" لولاكي أنت ما كنت لأفعل لها أي شيء ... ثم "
قالها و حدق نحوها بنظرات ليست بريئة لتقول هي
" ماذا ؟ "
" ما رأيكِ أن تشتري شيئا جديدا ترتدينه الليلة ؟ "
حينها ابتسمت ببعض الخجل لتضع كفها على ثغرها ثم أجابت
" حسنا سوف أفعل ... لكن أنت لا تتأخر، سوف أشتري بعض الشموع كذلك "
" أعتمد عليكِ "
حينها و كعادتها ما إن ابتعد عنها حتى أرسلت له قبلة طائرة ... في آخرها صوت و هو هقهقه مغادرا و بمجرد أن أقفل الباب خلفه تحولت النظرة بعينيه ثم اقترب من سيارته
*
أمضت أون اليوم مع والد تشانيول، كانت تجلس بجانبه و تحاول تحديثه و الاهتمام به علها تعوضه قليلا عما يشعر به من سوء ثم عندما نام هي تسللت بسرعة نحو مركز التسوق
اشترت الثوب الّذي أخبرها عنه و عادت لتجده قد استيقظ و سوف يتناول طعامه فوضعت الكيس جانبا و اقتربت بينما تبعد معطفها قائلة ببسمة
" لو سمحتي ... أريد أن أطعمه أنا "
فابتسمت الممرضة مبتعدة
" بالتأكيد سيدتي ... "
أخذت أون منها صينية الطعام ثم جلست على جانب السرير، خرج الجميع و ظلت هي وحدها معه، أخذت الملعقة تملأها بالحساء و عندما قربتها من ثغرها هو سقطت دموعه فعبست و قالت بلوم
" أبي لما تبكي الآن ؟ "
فنفى دون أن يستطيع قول شيء و فقط أنين هو ما خرج منه
" أبي "
لكنه فقط بكى و هي وضعت صينية الطعام جانبا و اقتربت تجلس بجانب رأسه، ضمته لها و ربتت على ذراعه
" أرجوك توقف ... نحن نحبك و نريد منك أن تتحسن، ألا تريد أن تلاعب أحفادك ؟ "
حينها تحرك هو و عندما حدقت به أغمض عينيه كأنه يقول أجل فابتسمت قائلة
" قد أكون حامل يا أبي لكن الوقت لا يزال مبكر حتى أتأمل و أجعل تشانيول هو الآخر يتأمل معي لذا فلنصبر قليلا و سوف نكون سعداء جميعا "
شد على كفها بقوة و هاهي البسمة تظهر في عينيه فقبلت رأسه و لحظتها فتح الباب و ظهر من خلفه تشانيول الذي كأنه عبس و قال بصوت بارد منزعج
" مرحبا "
" أهلا حبيبي ... سوف أطعم أبي و نغادر "
قالتها تغمز له و هو لم يبعد عبوسه ولا حتى انزعاجه ... تبقى الجدار الذي تستند عليه أن يغار منه و سوف يفعل قريبا اذا استمر وضعه هكذا
اقترب و جلس على المقعد القريب و هي أطعمت والده الذي كان يفتح فمه و يأكل بينما يرمقها بنظرات السعادة أخيرا حتى لو كانت مليئة بالدموع، إنها امرأة حنون ... غيرت و ستغير الكثير من ابنه، سوف تبعد عنه ذلك الظل الشرير
أما هو فقد تاه في لحظة بها، غرق هو في حنانها و طيبتها ... تأملها كيف تطعم والده باهتمام ثم تمسح جانب فمه، تضحك و تضحكه و هو فقط شعر أنه يريد أن يحملها و يسرقها بعيدا عن عين كل بشري ... يخاف أن تضيع منه فجأة، يخاف أن يأتي يوما و تصرخ في وجهه أنها لا تريده، أنها تكرهه و تخاف منه، أنها ما عادت تطيق الحياة بسبب كسره لها
وقتها هو لن يحتمل ... وقتها هو سيجن جنونه و يخسرها للجنة
و لم يخرج هو من شروده ذاك سوى على صوتها
" أحسنت أبي ... هكذا أريدك أن تكون دائما، غدا سوف آتي و أطعمك بنفسي كذلك و أنت سوف تتحسن "
أومأ مرة أخرى فقبلت جبينه و تشانيول استقام ليقول ببرود و انزعاج
" هيا أون لقد تأخرنا "
فالتفتت ترمقه بانزعاج ثم استقامت تضع الصينة على الطاولة الجانبية، رتبت الغطاء على الرجل العجوز ثم قالت تودعه
" كون بخير أبي و غدا أنا سوف أمر عليك ... تصبح على خير "
و ما إن اعتدلت بوقفتها حتى أمسك الآخر بكفها و سحبها يغادران دون أن يقول لوالده أي كلمة و هذا أزعجها، تعلم أنه غاضب منه و لكن ليس لهذه الدرجة
فضلت ألا تتحدث حتى يكونا لوحدهما، استقلا السيارة و عندما انطلق عائدا بهما للمنزل هي قالت بتأنيب
" لما قلبك قاسي لهذه الدرجة تشان ؟ "
لم يلتفت لها ليرد ببرود
" ما كل هذه القبل بينك و بينه "
" هل بدأنا ... إنه والدك و أعتبره مثل والدي "
" و مع هذا لا أريدك أن تقبليه "
" بربك تشان هل هذا وقت حديثنا عن القبل ... "
و كأن صوته علا قليلا بقلة صبر ؟
" أون أخبرتكِ من قبل أن لا تتدخلي في هذا الأمر ... "
و عندما التفت رأى عبوسها و انزعاجها من كلماته، أشاحت عنه للجانب الآخر و هو قرب كفه من كفها بحضنها و أمسكها، حاولت سحبها لكنه أصرّ حتى تشابكت أناملهما و قال
" لا أريدكِ أن تغضبِ ... تعلمين كم أن الأمر صعب بالنسبة لي "
حينها التفتت و أومأت رغم عبوسها ثم قال مبتسما
" هل اشتريت ما اتفقنا عليه ؟ "
حينها خرجت شهقتها و عندما التفت لها هي همست
" لقد نسيته في غرفة أبي ... "
" أون ... "
" لا تقل أون أنت سحبتني بسرعة و غضب "
صمت فورا ثم لحظات حتى قال ...
" أساسا لن نحتاج له "
و هي سحبت كفها من كفه لتضم وجنتها معا و قالت بخجل ... ربما خجل
" قد بسرعة أرجوك ... "
" أنت لستِ طبيعية أون ..."
" اخرس ... أن تكون زوجة ترغب بزوجها أخبرني ماهو الذي ليس طبيعي بهذا ؟ "
فابتسم و أسرع كما أخبرته، مثل أي زوجين عاشقين يحبان بعضهما هما يقضيان أوقات الحب، هي تفتح له ذراعها و صدرها، تخبئه داخل قلبها
نامت على ذراعه بعد مشاعر أهلكت قلبها و هو فقط حدق بها، هو شعر بمشاعر حزينة تقترب من قلبه لكنه قربها له ثم قبّل جبينها، أغمض عينيه ثم همس بينما شفتيه لا تزال على جبينها
" أرجوكِ أون ابقي كما أنت الآن ... هادئة و محبة فقط، لا تكرهيني ولا تتمني الموت على البقاء و اياي "
كانت هي مستغرقة بالنوم فانسحب عندما وضع لها الوسادة مكان ذراعه ثم سحب عليها الغطاء الثقيل حتى لا تشعر بالبرد
توجه نحو غرفة ملابسه و ارتدى تلك السوداء ليرفع قلنسوة السترة على رأسه، وقف أمام المرآة محدقا بنفسه ثم همس
" إنها آخر مرة أراك فيها أيها الضعيف ... المرة الأخيرة "
ثم وضع كفيه بجيوب السترة و خرج ، غادر المنزل و أون ظلت وحدها هناك تعتقد أنها لا زالت تنام بحضنه ولا تدري أي شيء يدور حولها
نهاية الفصل الخامس و العشرون من
" أصابع "
النهاية قادمة فكونوا مستعدين
و إلى أن نلتقي من جديد كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro