Chapter 34
الآمال المحطمة..جملة كباقي الجمل..مُكونة من عدة حروف !..لكن ذات تأثير قوي علي النفس..كمثل أن تشعر بأنك مُحلقاً في السماء العالية ثم تقع بشدة تتهشم بها جمجمتك ! ، أو أن تنتظر عودة غائب طال غيابه دون جدوي ! ..أو إنتظار رسالة نصيه من أحدهم يخبرك فيها كم أشتاق لك!.. كمثل أن تنتظر من يزيل دموعك ..من يحمل عنك همومك.. من يساندك..ولكن لا تجد من يفعل كل تلك الأشياء!..تجد نفسك بين أربعة حوائط في غرفة مظلمة يعمها السكون..هكذا كان شعور جايمس..جلس كالمشرد علي أحد المقاعد المصطفة في الباحة الخلفية ..لا يعلم ما الذي أصابه !..و كأن حواسه عجزت بشكل ما علي الشعور !..و كأن لسانه فقد النطق..قد غادر الجميع و لم يتبق سواه..ينتظر عودتها..يريد أن يشعر بيدها علي كتفه..تربت عليه و تخبره أن كل شئ سيكون علي ما يرام وأن كل ما حدث مجرد حلم مزعج و عليه أن يستفيق منه ولكن ..هذا لن يحدث مطلقا ..لقد تخلت جوليانا عنه.
.."عودة للماضي"
"مالك..هل أنت متأكد من نجاح هذه الخطة ؟"
تحدثت روزلين بجدية ليجيب مالك
"أجل و لكن علي الجميع الإلتزام بالدور الموكل إليه..لا أريد أية أخطاء..هذا الكلام موجه لك بالأخص"
نظر مالك لآدم نظرات تملئها الجدية ممزوجة ببعض التحذير
"حسناً يا رجل..لا تقلق لم يعد لجوليانا وجود بدءاً من الآن!"
تنهد آدم بملل ليبتسم الجميع .. توجه مالك للخارج بينما جلس آدم و روزلين يرتشفان بعض الشراب و علي وجوههم تعلو ملامح الإنتصار..إتفق الجميع علي المكيدة و لم يتبق فقط سوي التنفيذ !..لقد قام المُخطِط بدوره و الآن حان دور آدم و روزلين.. لقد خلقت شهوة المال شياطين تتجسد بهيئة البشر!
"لقد حان وقت العبث!"
تحدث آدم بخبث و هو يلتقط مفاتيح سيارته..أمسك هاتفه عندما سمع صوت إشعار ..إبتسم عندما قرأ رسالة مالك التي تخبره بأنه عليه القدوم مسرعاً ليراقب تحركات جوليانا ..توجه لسيارته بحماس و قاد متوجهاً إلي حيث الزفاف..توقف بسيارته مبتعداً قليلاً عن المنزل حتي لا يراه أحد..تنهد بملل و لكن سرعان ما علت الإبتسامه وجهه عندما رأي جوليانا تتسلل من الباب الخلفي..أدار سيارته و قاد خلفها ببطء حتي لا تلاحظ وجوده.
.
.
.
كانت تسير بضعف..لا تقوي علي الحراك..تشعر بالفراغ يملأها من الداخل..تشعر و كأن ثمة خنجر يطعن قلبها..كان المارة يحدقون بها..لقد أحمرت وجنتاها من البكاء.. أصبحت الرؤية لديها مشوشة جراء تلك الدموع المُتجمعة في عيناها..الحياة مليئة بالقسوة !..هذا ما كان يدور ببالها..لا تدري إلي أين تذهب !..لا يوجد مأوي يحتضنها..لم يعد لها أحد تلجأ له..جلست علي الرصيف بعد تأكدها بأنها أصبحت بعيدة جداً عن المنزل..بدأت الأمطار بالهطول بالرغم من صفاء الجو صباح ذلك اليوم إلا أنه تغير بشكل كلي..إبتسمت بحزن ..تشعر بأن السماء تساندها..تبكي و تتحسر علي ما فعله العالم بها..الحزن يليق بها..عليها فقط الإعتراف!.. هي لم تخلق في الحياة لتسعد..ربما في حياة أخري ستكون سعيدة و بجانبه !...تألم قلبها بشدة عندما تذكرته..أجهشت البكاء بقوة و الأمطار تتناثر عليها بإنسيابيه..كم كانت تتمني أن تركض إليه !..أن تحتمي به !..أن تخبره بأن قلبها لم يعد ملكها !..كم تتمني أن تخبره بشعورها! ..لا يوجد ما تفعله الآن..علي الأقل ؛ لقد فعلت هذا من أجل إنقاذه ..ما زالت لا تقوي علي الإستيعاب !..و كأنها في أحد الأفلام الخيالية ..هذه بالفعل حقيقة كان يصعُب تصديقها !..لق أصبح العالم متوحش و قاسي !..لقد تعبت من كل شئ حتي دقات قلبها أصبحت تؤلمها !..أصبحت الذكريات الحزينة تملأها..لقد تخلي الجميع عنها و تخلت هي عن الجميع عندما تركته !..لقد كان كل ما تبقي لها !..لا تدري كيف ستسير حياتها بعد الآن! ..لقد أصبح دوائها..مسكن آلامها..تتخدر به.!.كان بداخلها وجع لا يزول و ألم لا ينتهي.
...
كانت شاردة للغاية عندما شعرت بقبضة أحدهم تحكم علي أنفها و من ناحية أخري تكتف جسدها..أرادت أن تصرخ بأعلي صوتها ولكنها لا لم تستطع..كل ما فعلته كان القليل من المقاومة قبل أن تتخدر و تفقد وعيها.
.
.
فتحت عيناها ببطء لتجد نفسها مُستلقيه ..نهضت مُسرعه و نظرت حولها بتعجب ..رأسها يؤلمها بشدة..لا تدري أين هي أو ما الذي حدث لها !..كل ما تتذكره هو هطول الأمطار بغزارة و شخصاً ما يحاول خنقها..إنتفضت من مكانها بسرعة..توجهت نحو باب الغرفة و أمسكت المقبض و لكنها تزحزت للفراش مرة أخري عندما سمعت خطوات أحدهم قريبة من الباب..إرتعدت خوفاً..لا تدري ما هو المصير الذي ستلقاه !..راقبت عيناها مقبض الباب و هو يتحرك بهدوء..كان شعورها كالثلج الذي صُب فجأهً عليها عندما وقعت عيناها عليه..إنه آدم !
.."مرحباً جوليانا! "
تحدث آدم و هو يتجه نحو جوليانا بثبات
.."آدم !"
همست جوليانا بخوف..أكملت حديثها
"من فضلك فسر لي ماذا يحدث الآن؟"
"لا شئ ، فقط إنتشلتك من الطرقات المُمطرة! "
تنهد بملل ثم جلس بجانبها لتنهض سريعاً مُبتعده عنه
"أريد الذهاب آدم!"
تحدثت جوليانا بإنفعال ليصيح آدم عالياً
"علي جثتي جوليانا!"
أكمل.."ماذا رأيتي فيه؟..هل أستحق أن تتركيني لأجله؟"
"أنا لم أكن معك لأتركك آدم!"
صاحت جوليانا عالياً
.."خائنة ! "
صاح آدم بإنفعال و هو يسير بغضب ناحية جوليانا
"هل فقدت عقلك؟"
إرتعشت جوليانا خوفاً عندما أقترب آدم منها..لا تدري ماذا تفعل أو كيف ستخرج من هذا المأزق..
"آدم من فضلك دعني أذهب!"
تنهدت جوليانا بضيق وهي تنظر لآدم بتوسل
"لا تصعبي الأمور جوليانا..في الحقيقة لا يوجد مكان تذهبي إليه! "
تحدث آدم بنبرة هادئة لتُجيب سريعاً
"أعلم !..و لكن لا أريد المكوث هنا"
" أنا لا أخيرك جوليانا! "
أنهي آدم حديثه ثم توجه خارج الغرفة تاركاً إياها..لحقتهُ جوليانا بعد مرور بضعة دقائق آمله الهروب و لكنها وجدت الباب قد أُغلق بإحكام..
"لقد أصبحتُ سجينة الآن..ماذا بعد؟"
صاحت بغضب و هي تدور في أرجاء الغرفة ذهاباً و إياباً
"عليّ الهرب ولكن كيف!"
همست ببطء وهي تزيح خصلات من شعرها تسللت لوجهها ..سارت مُسرعة نحو الشرفة لتري أين هي..تجولت بنظرها عدة دقائق لعلها تجد مخرجاً..تنهدت بضيق لعدم توافر ذلك.
....
"في مكانٍ آخر"
قاد بسرعة جنونية لا يدري ماذا يفعل أو إلي أين عليه التوجُه !..توقف أمام تل كبير يطل علي المدينة ..كل ما حوله يبدوا هادئاً للغاية..و لكن بداخله براكين تثور..زلازل تُصدّع و عواصف تُرعد..بداخله نيران لا تخمد..حروب لا تنتهي..لقد كانت بالنسبة له شخصهُ المفضل!..لقد كانت أيامها و تفاصيلها و صغائر أمورها تعني له كل شئ !..لديه جرح غائر في صدره يأبي الشفاء !..كلما تذكر كيف فرطت به..كيف تركته وحيداً..يشعر بالخيبة..لا يستطيع أن يمحو الذكريات بالرغم من قسوتها إلا أنها كل ما تبقي له منها !..يحبها رغم الأوجاع التي أصابت قلبه..رغم الأحزان التي إستقرت به..يحبها رغم سقوط الدموع من عيناه..رغم حُرقته و إنهيارهُ..لأول مرة يشعر أن الخيبة وصلت لآخر نقطة بقلبِه..لم يعد هناك ما يقاتل من أجله..من يكتب له بين أكوام من الهزائم..أحبها حتي كُسر عظمهُ..لقد دحرج العالم تحت أقدامه ليوصلهُ إليها و لم يفعل..لقد كانت آخر مُحاولة لشخص يأبي المُحاولات..لقد باتت الغائب الذي يُطالب بالحضور دائماً.
..بداخله يتوعد لها أن يصفعها حين يراها..أن يثور بها ..أن يصيح عالياً في وجهها ..أن يهشم كل عظمة بجسدها..أهكذا هو الشعور بالغضب ؟..لقد فقد السيطرة علي ذاته..هذا الغضب ما هو إلا مُحاولات فاشلة تُخفي حقاً رغباته الحقيقة !..لو كانت أمامه ما كان سيغضب أو يثور قط !..أنه مُتلهف لرؤيتها فقط !..يريد أن يري ظلها..يشعر بأنفاسها..يريد أن يُلقي جسده داخل ذراعيها..يريد أن يستمع لدقات قلبها..يريد الإطمئنان عليها...الإستئناسُ بها..يريد أن يضعها حبيسة داخل قلبهُ حتي لا تلوذ بالفرار مرة أخري..ولكن كل الأماني لا تتحق ..أين هي الآن بحق كل شئ !..لم يعد لها وجود..عليه النسيان سريعاً..لقد أصبحت كالسموم في عروقه تؤذيه و تُبلي جسده و تُتلف عقله..عليه مزاولة حياته السابقة من حين توقف..لن ينتظرها بعد الآن..لن تتوقف حياته بغيابها..سيتجاوزها مثلما تجاوز كل شئ آخر !..سيستبدلها بأخري إن أتاحت له الفرصة فهي لا تستحق أن يُخصص لها مكانة بقلبه بعد الآن..سينساها حتي و إن توقف الأمر علي بتر قلبه بكلتا يديهِ.
.
.
.
ساعات من الإنتظار جلستها..عقلها قد تُلف..تُحاول جاهدة أن تهرب ولكن جميع المخارج مُغلقة بوجهها..يبدوا أنها ستستسلم للأمر الواقع..أو تُجاري الأمور إلي حين توافر الفرصة المُناسبة..ما كان بيدها حيلة !..تنهدت بتثاقل ثم رمت بجسدها علي السرير..تشعر أن العالم بأجمعه قد تآمر ضدها هي فقط..تشعر بالحزن الشديد..لقد تركته بين زحام الناس حزين..لقد تركته وحيداً كسيراً..تعلم جيداً كم جروحه عميقة..تعلم بأنها ندبت بقلبه جرحاً لا يزول..لقد أصبحا أسيران للحب..طعنته حتي أدمتُه..و قتلت نفسها شوقاً و حنيناَ..تأمل أن لا تنسيه فعلتها محبتها له و قلقها عليه..لقد أحبها بقلبٍ رحب ..و هي بقلب سئ خذلتهُ.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro