Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

2| Ꙇᥒto ᙏყ ᙖottꙆᥱ

How You Remind Me'

Avrιᥣ Lᥲvιgnᥱ.

•••

ضوء الكاميرا ذاك يشع بلوثة، ينير ظهرها لهفة لبزوغ نور فروهتها. ينتظر معلقًا بحافة شوقه وإنّها أمام مرآة أحلامها تتزين. ملمع شفاه مررته خبيرة المكياج بثغرها كان خاتمة لوحتها بعدما ارتدت شعرًا برتقاليّا مستعارًا شارف حدود كتفيها. تعابيرها الباردة لا تُقرأ وقد سكنا بؤبؤاها بإنعكاس صورتها البهية، فستان أخضر بلاستيكي شاحب وتنورتها الصفراء من الجلد اللامع حاضرة.

خلدها كان بمكان آخر قد ارتحلت من قعره بليلتهما الراحلة، انكمش بحجرته صائمًا عن الحديث بعد كلماته تلك. لم يظلّ بحوزتها تبريرات أنانية لخلقها، أعذارها لملمتها بحزمة ربطتها بإعتذار جاف قدمته إزاء بابه مرغمة فقط لتخمد نيران ضميرها الواهن.

كان بمقعده المتحرك يرى ظلامه المؤلم، إنّ به وجعًا لن تبلغها حرقته، دمعتاه تسربتا بغتة من جفنيه وابتسم؛ لقد تم دحره بعيدًا..مجددًا.

لن يسعه التودد لوجودها الباهض، إنه لنفسه مجرد أعمى ناقص اعتاد تحركات أنثى مجهولة بمنزله المملاق. لا تعلم أن بهاتين السنتين كان يسجل صوتها المتكلم وصدى خطواتها ليحتفظ بهنّ بقرص شغله فور مغادرتها. النوم القاتل لم يزره؛ فيشارك قمر سماء سيؤول الحراسة. أدرك أن حيلته لن تنفعه بل قد زادته سقمًا، لكنّ لا ملاذ لطرد الاشتياق سوى بتخيلها حوله.

فكرّ وتوهم أنها ستتذكره، ستفعل! ما دامت قد أبصرته، إنه لا يمتلك ذرة تلميح عن شكلها، لم يطالب بوصفها له، لم يكن بقدرته ذلك، فسيشرب سم عتمته عندئذ. مهما حاول أن يستوعب هيئتها فلن يستطيع بناء خيالها بمخيلته، ما بقلبه سوى بحتها الجميلة وملمس كفها على وجهه.

يجلد فؤاده بسوط الوجد، يعانق الوسادة التي كانت تستقبل وجنتيها وعبيرها قد استقرّ بها. إنه يحتاجها بشدة ومغيبها كان قاسيا، الآن قد تلقف خسارة أخرى بدفنّ شخص عزيز آخر أمس، الوحيدة المتبقية بحياته لا تنوي أن تبرح أسفل سريره، كانت تلك الصغيرة منطوية بأحضان فستانها الوردي وتدرف دموعًا بللت السجادة تحتها، لا مسلك له ليخفف عنها وإنه بمعاناتها كان مقهورًا فتتضاعف مأساته إلى حد الجحيم بهذه الفاجعة.

انطفأ هاتفه وحلّ بذلك الصمت كما الصباح قد أنار بضياء لم يعرف بقدومه، نقب عن جهازه المحمول فيسقطه من أعلى الخزانة ومقدرته الضعيفة لم تأذن له بالنزول إليه.

قاوم وكدّ ليسله فإذا به أيضًا هوى بجواره، ارتطم جبينه بصلابة زليج الأرضية الأبيض وهدأ بوضعيته مستسلمًا لثوان.

اهتزا كتفاه بكاءً، شعر بالسوء كمدمن أضاع سيجارته، الظلم والمهانة غلفا يأسه وإنه تمنى لو أن الزمن يعود إلى الوراء. كان عليمًا بأنه مالك القارب الذي استقلته لتحظى بإبحارها، لم يعترض أبدًا واعتقد أنّها ربما ستزوره شفقة لكنها تناست حتى أن تطلب سبيلًا لتطمئنّ عليه.

بين تلك الأيام الماضية بينهما، قذف بخجل رغبته ليحصل على رقمها وهما يتناولان العشاء الذي جلبه بآخر فلس كان يكتنزه، تجاهلته وراوغت بإبتسامتها الملتوية المستنكرة.

«لم أصل إلى ما أخطط له، عندما سأفعل..، سأخبرك.»

غمغم ثم أحدث بسمة لطيفة فلا تستشعر جرحه، لم يشاء أن يزعجها ويحملها ما لا تبتغيه، وعى بتلك اللحظة أنّ العيش برفقته نقطة خانقة تسعى لتتجاوزها دون أن تلتفت حتى.

لم يرجو تضحيات منها عدا أن تبلغه آخر أخبارها، يشتهي ذلك بشدة الآن فإنّ وجدانه يتغلغل بحمم من الجزع، إنه لن يتمكن من الإعتناء بطفلة لم تتجاوز السادسة، ود أن يلتقيها صدفة، لكنها بلا أثر وكأنها ما كانت بجانبه قبلًا.

بتلك الثانية وقفت ملتصقة بالجدار وعارض أزياء أصلع بعيون بحرية وبشرة بضة، يستر صدره بقميص بلاستيكي أزرق ويلبس سروالا برتقاليا طويل الساقين ثم برقبته قد تدحرجت قلادة ضفائر ذهبية فاخرة مثيلتها تقبع بعنقها بينما المصور يلتقط لهما ما سيطبع على غلاف مجلة هذه الشركة. أحطت بخذها على كتف ذلك الوسيم وكانت تلك وضعيتهما الأخيرة فتختلي خلف مهيع جناحها بعدما أزالت الخبيرة ما اختبأت به لساعات من الأضواء المربحة.

بأريكتها الرمادية الفارهة جلست في حين لاعبت كأس الشمبانيا بين أصابعها الناعمة، ابتلعت رشفة بمشقة وفمها كان يرقص لغصة قد اجتاحتها، غرست أظفارها بزجاجه وزفرت أنينًا متقطعًا حينما أمطرت دموعها المكتومة.

غاب من ذلك الوقت الذي سجنت بأهواله يومان، طاوعت جنانها لتسترق أنظارًا عنه، لم تتوقع أن تعثر عليه وتلك الفتاة الخلابة بمقدمة محل للزهور وإنها تتخذ كرسيا خشبيا مهترئا مضجعًا، كانت بقميصها المخملي ذاته وأكمام لا تحمي من برودة هذه الأجواء القاسية، حتى تنورتها الدهماء إلى ركبتيها لا تصلح لشيء.

اختبأت ناشا بجدار الزقاق في حين رفعت تلك الجميلة كومة من الورود الحمراء ولوحت بها للمارة كما يفعل بيكهيون ثم هتف بمرح.

«إنه للأحبة فقط!»

لم يكن يستدفىء بمعطفٍ أيضًا، بدلته الحمراء القديمة للرياضة والوحيدة مجددًا، لم يتغير به شيء، إنها مدركة أنّ لا مال له ليشتري. تلك الطفلة الصغيرة جاءت إليهما بزي مدرسي للإبتدائية، الوحيدة بينهما كانت كالملفوف من هول الثياب حولها، معطفها الزهري كان جميلًا ووشاحها الأبيض عدلته فتاة الورود ليبقى ثابتًا.

انسحب بها بيكهيون ليصطحبها بإتجاه مطعم العم غونبو تاركًا الأخرى ببقعتها لتتمم بيعها، لم تكبح ناشا ساقيها وتقدمت بهما صوب بائعة الزهور، كانت ملامحها متوارية بقناع ليلي فلا تدرك ذات الشعر العسلي القصير هويتها الشهيرة.

كانت ناشا تتستر طولًا وعرضًا فلم يبصر ملاحتها جنس آدم من سكان ذلك الحي، كانت دائمًا تعتكف بغرفتها إلى أن يختفي ضجيج من كانوا يزورونه خشية اندثار صورتها المثالية بمواقع التواصل.

رمشت ميني بهدوء ثم أخذت تحدق بنضارة الامرأة التي أغضبت جنانها، تبسمت تلك الجميلة برقة ثم حاولت أن تدعوها للشراء بإشارات صنعتها بأصابعها، تجمدت ناشا حينئذ وقطبت حاجبيها، لم تكلف نفسها تعبًا لتستوعب أنّها خرساء.

استلمت من يدها وردة بيضاء تفحصتها أنظارها ببرود ثم نقلت عدستيها إلى البائعة قائلة.

«كم ثمنها؟»

أومأت صاحبتها رافضةً الدفع ثم أنشأت دائرة بإصبعيها، انحدرت ناشا برقبتها يمينًا وغاصت بنظراتها الباردة نحوها، فأشهرت البائعة راحة كفها مؤكدة أنّها هدية مجانية.

«لماذا؟»

فتشت عن مذكرتها الصغيرة وقلمها الأزرق فتعثر عليهما أسفل كرسيها، كتبت بما لن تقدر على بوحه ثم أدارت الصفحة إليها، إجابتها البريئة كانت أنّ بهذه الليلة الرائعة سيكون أول هبوط للثلج وستتمنى لها أن تجد حبّا حقيقيا بهذه الزهرة لتتحول إلى اللون الأحمر.

فضول ميني لم يبالي سوى لإعاقتها أيضًا، إنه نصف وأعمى يستأنس ببكماءه، أن يتواصلا أمر يستحيل حدوثه فإنه يعتمد على ما يسمعه فقط. تحسست ميني البتلات البيضاء بإبهامها وهمهمت لتستنطقها فقابلتها البائعة بإبتسامة مرحبة.

«تمتلكين إسمًا.»

خطت مجيبة فتقرأ ناشا تلك الحروف وتنطقه.

«آهن سرانغ.»

ليست سورام التي أرعبتها سيرتها..

وجهت سرانغ سبابتها إلى ناشا وحركت رأسها بالإيجاب لتحثها على تقديم نفسها، فلوت تلك المؤثرة لسانها بجوف فمها ثم أردفت بتبرم.

«ميني.»

أفسد خلوتهما طفل صغير بحقيبة مدرسية صفراء وقبعة صوفية دهماء، مجيئه كان بقط رضيع يقبع بحضنه ثم هتف مخاطبًا سرانغ بنبرته الرقيقة.

«خالتي..، إنه بارد.»

لانت ملامحها بالشجى ثم مسحت على فروته المبللة بأناملها، لم تتأخر عن النهوض صوب محلها وتسحب وشاحها الأحمر من متبثه على الجدار. عادت إليهم لتغلف ذلك الكائن بحنوها عن صقيع سيؤول، درفتا بركتاها قطرتين لصياحه المتألم الجائع فسلت من صحنها كل ما جمعته لهذا اليوم وأغارت البقالة المجاورة لها.

هيئته كانت مألوفة بالنسبة لناشا، تذكرت بذلك الحين أنه كان أحد زوار بيكهيون، شقت فكها بجانبية وركعت بركبتها إليه ثم نزعت القناع وتصنعت المودة بقولها لتجتر من ثغره غايتها.

«أيها الوسيم، تعرف بيكهيون..، أليس كذلك؟»

رفرف بجفنيه ثم أجاب ببهجة.

«العم بيكهيون لطيف جدًا!»

أوصدت شفتيها ثم حمحمت لتسأله عن تلك البائعة.

«ماذا تقربه الخالة سرانغ؟»

دور عينيه بجحريهما وتمتم ببساطة.

«سورام تقول عنهما..، أبي وأمي.»

تشوشت بصيرتها وأوقعت تلك الوردة من قبضتها، أوشكت أن تفقد وعيها بصدمة ما صرح به، مقلتاها الجاحظتان ارتجفا بؤبؤاهما وجمعت رباطة جأشها بصعوبة حالما أتت سرانغ وناولت الطفل علبة حليب وأخرى مع كيس من الكعك المعلب حشرتهما بحقيبته.

ربتت على العلبة التي بحضنه ثم أشارت إلى القط فيرد بخفة.

«سأطعمه جيدًا!..، أتشكركِ خالتي!»

تحننت يدها على وجنته ثم انحدرت وطبعت قبلة على جبينه، حينما ولى بحال سبيله فطنت بزبونتها تفترسها بحقد لم تقوى على كبته، استقامت تلك المؤثرة حانقة بسخطها ويطغو التعجب بتعابير سرانغ.

«ماذا تعنين له واللعنة!»

طنين جرس شاحنة جعلهما تنعطفا لمنبعه وكان ذلك الطفل يلاحق هره بين فسيح الشارع العام، وضع عندئذ علبة الحليب على إسمنت الطريق ثم هرول مقهقها ليسترجعه، لم يعي أنه عند مشارف الهلاك فتنطلق سرانغ بتلك اللحظة مندفعة واستأثرت خصره لتلقيه بعيدًا.

تدحرج وقطه بالقارعة وتلونت الأرجاء بصراخ المارة عندما خانت الفرامل السائق ودعس سرانغ أمامهم، إنكفأت ناشا وخارت قواها، مشهد الدماء تلك أحدثت بحيرة غاصت بها بائعة الورود، كانت شنيعة فلم تبتلعها وفرّت لتندس بسيارتها إلى منزلها المثالي.

لم تحضر قدومه بمفرده فقد أبقى سورام عند العامل بويونغ بمطعم العم غونبو، جاء بمقعده مسرعًا وذلك الأشيب خلفه، كانت البشرية قد شيدت جمهورًا حولها وطالب الثانوية من بينهم اتصل بالإسعاف. سفُل عندها العجوز غونبو ليتيقن من نبضها، أغلق على عينيه لقلة حيلته ثم أدارهما إلى بيكهيون، تقفقف شاربه فلم يتشجع على تبليغه.

كان مستشعرًا رحيلها بجوارحه الفارغة ولم يبدي ردة فعل، الصدمة خاطت فكه فأمسى صنمًا، الطفل عانقته أمه المرتعبة وإنه من النحيب لم يتوقف، ضمّ قطه وآوى بصدرها ليحتمي من الوجس.

اصطحبت سيارة الإسعاف سرانغ وبيكهيون برفقتها، لم يتخلى عن يدها حتى أرغم على ذلك، جهزوها ليستلمها كي ترقد بنعشها، ليس على إستعداد لما سيحتم عليه، اِبنتها تنتظرها وما فتئت بحاجتها.

ذهب العم غونبو ليجلبها ولم يكن بفؤادها اللين علم بما سيستقبلها، لم تفهم أنّ والدتها ستغفو إلى الأبد، جرح جبينها لمسته ثم خاطبت العم بحزن.

«ما بها؟»

أراحها بعهدة بيكهيون وهرب فلا يبكي بحضورها ويؤجج لهيب عزائهم، مررت عسليتيها بين أمها وهذا الرجل الذي لعب دور والدها، فاجأته دمعة حامية جففتها سورام بطرف وشاحها وسألته.

«أمي..مريضة؟»

استعمرها بعناقه وهمس بجوار أذنها ببحة متقطعة.

«علينا توديعها..، سرانغ سافرت إلى الجنة.»

وعت بالمغزى من ذلك فقد أخبرها بذات الجملة عندما استفسرت عن صديقه مينسوك، تخبطت بين ذراعيه وصرخت باكية ثم هدرت.

«كلا!..، أعدها!»

لوعتهما توقدت منذ ذلك الحين وجنازتها احتوت سكان الحي بأكمله، كانت محبوبة من الجميع لكنهما أصبحا ببيته بين تلك الجدران المظلمة مجددًا، لم تكتفي من أحضان والدتها بعد وأبت تركها ووحدتها بذلك القبر.

كان الأشد تمزقا بينهما وإنه لا يستطيع العلو بنفسه حتى، جاهد ليزحف ومضى باحثا عن حائط ما ليستند به، حينها قابلت أصابعه قدمها اليمنى، زفر ألمه ثم تبسم ليحادثها بتلطف.

«حبيبتي، جائعة؟»

لم تقدم ردًا بل ركضت ودفعت كرسيه المتحرك إليه، أحاطت ذراعه بقبضتيها الضئيلتين وقالت.

«أبي..، مقعدك هنا.»

قضم شفته السفلى كي يكتم رغبته في الخسفة، عوض أن يعتني بها كانت من هرعت لمساعدته، عندما لم تتمكن من تحريكه بدأت تبكي واحتضنته، تخلل فروتها ثم أهداها قبلًا على وجهها بأي مكان يطأه، غمغم ليهمّ قائلًا بخفوت.

«إني بخير يا غاليتي.»

حجبت أنفاسها برقبته وتوسلت إليه.

«لا تتركني أبي..، أرجوك.»

حينئذ دوى طرق بالبوابة الخارجية وهتف من خلفها العم غونبو كي يستأذن بالدخول، فتح القفل بنسخة المفتاح لديه ثم دلف بالغذاء، حالما لمح بيكهيون أرضًا وتلك الصغيرة ملتحمة برقبته أودع العلب على المائدة ودنا ليعاونه.

انفصلت سورام عن بيكهيون ليتعلق بكتفيّ جاره وأزاحت المقعد ليضحى وراء والدها فيبسطه الأشيب على موضعه بهدوء. ما انفكت عن مراقبته، أطعمها العم وجوهرتاها تحملقان في أبيها الذي أخذ يقلب جوف الحساء بملعقته، إنّ بلحف عمقها ذعر من أن تغفو ولا تجده أيضًا.

قلب العم غونبو كان ينزف لحالهما، واقعة موت سرانغ كانت أليمة على كل من عرفها ومهما تأثروا فلن يصلوا لمخاضهما، ناشا خمنت ذلك بغرفة تبديلها الملكية، سكبت كأسا آخر لتزدرمه وتضرعت للخالق كي تنسى ما قد عاشته. 

رمت ما بيدها على الجدار ثم انتفضت لتصبغ شفاهها بالأحمر، مشطت شعرها لتلفه بشريطة سوداء، غيث عينيها اهدودر ولم تكترث له، سحبت فرشاة وأخذت تخضب بها بشرتها بملون الخذوذ الزهري.

سكنت لتغرس عدستيها بصورتها على المرآة ثم نبست قائلة لذاتها بشحناء.

«عليكِ الصمود..، ميني ونجاحها رهين بذلك!..، ناشا تلك لا قيمة لها!»

رفعت حقيبتها الفارهة الزرقاء ثم عدلت غرتها لتنسحب بغطرفتها، قميص لا يخفي بطنها يتلألأ بلمعان ذهبي وتنورة إلى منتصف فخذها من النوع الجينز، كانت الأنظار عليها وعند خطوة يسجلون صورًا لجمالها.

ساقت بسيارتها صوب أفخم المحالات التجارية وشغلت المباشر من تطبيق الأنستاغرام، ضحكت مدعية السعادة وتغنجت بأنوثتها في حين قالت بنغمة تفوح بالغرور والخيلاء.

«اليوم لكم، سأرتدي حسب ذوقكم!..، انتبهوا!..، أبتغي الأفضل!..، بالطبع ما يناسب الأميرة الفردوسية ميني!»

ألغت ما يفوق العشرات من الفساتين، القصيرة منها والطويلة، الأبيض لم يعجبها والأسود المفتوح من جهة الظهر لم ينال محبتها، سبب حضورها الضجة بمعجبينها وكانت تتلذذ بمشاهدتهم يتهافتون على نظرة منها.

إنهم مجرد أرقام بالنسبة لها، حبهم يحول إلى أموال بالأبناك وهذا همها الوحيد منذ بدايتها، أن تصير من أغنياء كوريا الجنوبية كان هدفها ولم تكتفي، خطتها تحققت بشهرتها وعروض الأزياء العالمية، أصبحت ممثلة في الصفوف الأولى على شاشة النيتفليكس.

تصويتهم الجنوني كان على الفستان الكريستالي المفتوح من الصدر إلى الخصر وحواف أطرافه قد تجملّت بالزمرد والألماس، أسدلت شعرها الدموي عليه فتقرر صباغته بالأسود، لم تطيل التفكير وتراجعت بعدما تخيلت شكلها بالعدسات الرمادية اللاصقة.

الحفلة كانت للنخبة وتأكدت من أن تكون آخر الواصلين بسيارة الليموزين، الصحافة كانت تتملق صاحبة الخصلات السماوية المموجة والفستان البني الفاضح لتعلن عن سر نجاحها لكنهم بتروا الإهتمام الذي كان عليها بوقاحة قبل أن تجيبهم.

تلك اكفهر محياها حينما توزعوا كالنحل إزاء ميني، لعنتها ببغضاء ثائرة فليست المرة الأولى التي تأتي بها لتسرق الأضواء منها، شتمت أصولها بدواخلها ثم أزالت هالة الغضب من تقاسيمها اللطيفة لتقتحم الإحتفال.

تعثرت بكعبها عند المدخل وترتطم بجسد أحدهم، حقيبتها صارت أمام حذاءه الأسود فكانت ستزلّ بعيوب لا تحذف لكنها تيبست فور ما أدركت أنه الشاب المقنع الشهير على التيكتوك، انحنى ليعيدها معتذرًا برعونة واستقام، أوقع عندئذ قناعه وتلاشت الدماء من ملامحه، فقد حدقت بتفاصيله المختبئة بذهول وإنّها الآن ستحتفظ بسر ضده.

هبط إلى ساقيها وتوارى به ثم نهض واستحوذ على مرفقها ليرغمها على اتباعه، كانت الصدمة بها جامحة لتطيعه ويسجنها بالمرحاض مغلقًا عليهما. إنه يعرفها كما يعلم أنها ستلوي ذراعه، شخرت بإزدراء ثم استحقرته بتحديقاتها المتلاعبة.

«لا أصدق..، أنتَ..، بارك..سيونغ؟»

قلب عينيه وغفلها ليخنق عنقها بيده، كدّت لتنتشل مهجتها منه لكنّه حاصرها بجسمه وهسهس متوعدًا إياها باللظى.

«دعينا لا ننهي هذه الحكاية هكذا آنسة جونغ، تدركين مآب لسانك السليط ذاك..، إن أقحمتني بمشكلة ستدري النملة الأخيرة بالأرض السابعة أن والدكِ يقوم بإستغلالكِ ليجمع المال.»

حررها لتسعل ورتب طقمه بينما توالت شهقاتها وارتجفت عندما تشدق بضحكة مستفزة.

«الدمية هايريم.»

«وضيع..»

فحّت بمقت فأخرسها بلكمة عانقت الحائط قرب وجهها، تجمدت تحملق فيه وعيونها الحادة، كانت تود أن تفجر حنقها لكنها مقيدة بما يدركه عنها فسينحر مستقبلها. إنه يقطن بالمنزل المقابل لهما وحيدًا منذ وفاة أمه الأجنبية قبل ثلاث سنوات، مرة من بين تلك المحاولات الفاشلة في الهروب من بطش أبيها اكتمنت بمرآبه وعثر عليها نائمة بسيارة والدته البالية.

إن تلك اللحظة تأكلها ندمًا، اعترفت له ونوبتها الهستيرية بما تحتسيه في الخفاء، لم يظلّ بذلك الحين وقت لصالحها كي يساعدها فوالدها علم من كاميرات المراقبة أنّها دخلت إلى حديقته. لم يقدر على اقتلاعها من باله، استوطنت عقله ولا مجال لينجدها مادامت تحت السن القانون وإنّ ذلك الوغد وليّ أمرها فلن يكون بإستطاعته شيء فلا دليل ضده.

«أنتم جميعًا.. مثله.»

تعتعت بوجعها وازدردت شهيتها في البكاء، انكمشت مخافة أن يؤذيها، لكنه استرجع كفه ثم صنع زفرة مرهقة وتمتم بقوله الممتعض.

«مثله؟..، أكنت من قام ببيعك آنسة هايريم؟..، أم أني من جعلك في الواجهة بأسوأ المواقع لأفوز بأموال تافهة مقابل التحرش بك؟»

«ذلك عملي ولا لعنة لك به يا هذا!..، انقلع من هنا ومن حياتي!..، ضقت ذرعًا من تدخلاتكَ الواهية!»

سكت ثم دفع حقيبتها إلى حضنها، بنى حدودًا عنها فتجاهلت نظراته الجافة وأدبر بقناع أخفى شجاه، لملمت ارتياعها بزمجرة ثم سارت قاصدة المرآة، نظفت وجهها بمنديل معقم وأعادت زينتها كما كانت.

هدأت روعها ودلكت معصمها من توترها، الحفلة مازالت في مقدمتها وكيان أنثى صحفية بها بتر مسيرها عن المؤثرين، بفستان بنفسجي عاريّ الظهر وياقة رفيعة، شعرها إلى الأعلى كذيل حصان وحلقتان رائريتان من أغلى المجوهرات سبحتا بأذنيها.

أجبرت هايريم فمها على الإبتسام وأجابتها تلك الصحفية بالمثل.

«مرحبًا يا صانعة المحتوى.»

تهكمت ولم يكن بجعبة هذه الصغيرة رد، لجمت فاهها ثم تجاوزتها، تتبعتها الصحفية بسكينة ترابيتيّها وخاطبت مساعدها المصور الذي انبثق من أجنحة ستار النافذة العسلي.

«الصغار يلهون فحسب.»

تفحص ما فاز به ثم اقترب منها متمتمًا برنة ماكرة.

«لقطات لا مثيل لها.»

دحرجت عينيها إلى ميني الواقفة بجانب المشرف بمجلة موست العالمية فسدد بإتجاه هدفها ودفع إطار نظاراته بسبابته مردفًا بانغماس.

«شديدة الحيطة..، طريدتنا عنيدة يا سيدة جيون.»

عقدت ذراعيها عند صدرها ثم تبسمت باتّساع عندما تقابلت أناظرها بجليد بؤبؤي أميرة التيكتوك ميني، أتوت الصحفية برأسها كتحية فتعامت عنها ناشا وتبسمت للمشرف حينما تغزل بفتنتها لهذه الليلة.

«سأنتهز فرصتي..، إنكِ رائعة سيدتي.»

شقت الصحفية جيون ثغرها بسخريتها ثم قصدت زميلها بقولها الحازم.

«كيونغسو..، لك يومان فقط..، أريد خيطًا ينشر عن هذه المزيفة.»

التقط لناشا صورة وتلفظ بإستغرابه.

«لما تعتقدين أنها تخفي شيء؟»

تنهدت وتقدمت إلى الطاولة، أخذت كأس عصير كوكتيل خل من الكحول ثم باغتت به حنجرتها، لم تعطي لسؤاله إجابة، تلك الردود سجنتها في جوفها وكررت تعليماتها.

«سأنتظر مواهبك.»

ناشا بزي ميني السعيدة قد لعبت دورها بحذافيره، أنهت شريطها التليفزيوني واستحقت أوسكار هوليوود، رجوعها إلى منزلها القارس كان مخيفًا وبقنينتها التي تفوقها عمرًا تدفأت، تجرعتها بحماقتها ثم بصقت مرارته اللاذعة، إبتسامة ثملة غزت فكها حينئذ ثم تمايلت بجمجمتها، دجّت واتكأت على الجدار، أفرغت القليل عند كل خطوة تسير بها وتلف غرفة معيشتها كاملة، آخر قطرة احتجزت بالقنينة وحيدة قذفت وإياها على الكنبة الجلدية البنية.

صرخت المؤثرة بجراحها ثم سجدت لتتلوى من عذابها، لبّ روحها يستغيث فلا ملاذ لتستريح، تحتضر للُقياه ولا تمتلك جرأة لتواجهه بعد فعلتها النكراء. كان يرتب ثياب صغيرته بخزانتها الجديدة، الهدوء القاتل ختم بأنينها وإنها متمددة على سريره، أسقط قميصها الأبيض ليسارع إليها، بحث عنها وبراحة يده وجد جهنم جبينها.

شهق مذعورًا وتأتأ بتنفس مخنوق، دب الشلل بما تبقى منه فيتأوه بنحيبه ولحظاته القاهرة تلك، لمس إطار الخزانة التي بقرب الفراش وأصابعه المرتجفة استأثرت بطاقة ائتمانية من درجها لتصبح بجيب سترته الرياضية الحمراء ثم هتف لطفلته عسى أن تجيب.

«سورام!..، عزيزتي..، قاومِي قليلًا..، أيمكنكِ النهوض؟»

اجتهدت لتنفذ ذلك رغم أن ألم أوصالها كان عنيفًا لكنها لم ترغب أن تقلقه، همهمت وهمست ببحة مجروحة.

«أجل..أبي.»

«اجلسي بحضني وغطائك.»

مد ذراعيه إليها قائلًا فارتمت بأحضانه وملاءتها الوردية، أحاطها بها وساقها خارجًا، تذكر أنه قد نسي شحن هاتفه ولن يستطيع قيادة ظلامه من دونه، لم يكن بسعته سوى أن يوصلها إلى العم غونبو كي لا يتوه بها وما يفصله عن بيته سبعة أبواب أخرى.

بتلك العتمة ودجنته انطلقت كفه بعجلتيه وذراعه اليسرى تحرس سورام، تحركاته من أزعجت سكون الليل حتى شاركته خطواتها المألوفة، كانت قادمة نحوه وخمد حينما اعترضت بقامتها ذهابه، لهثت وتلت جملة مبعثرة.

«أراك..، أريد.»

رائحة الكحول تسابقت وأريج عطرها، أدرك أنها غير واعية بعودتها كما أتت إليه بذلك الحين، لكنها أبصرت الطفلة وضحكت بطنز.

«ابنة بائعة الورود..، لا تشبهك!»

الأسود لم يأذن له بمشاهدتها تبكي، دموعها تسربت بلا هداوة ونعثته بالغدر.

«تحب تلك!..، اعترف!..، لكنني من لا أبتغيك..، ذلك حقًا!..، لا أريدك..»

انصرف متجاهلًا إياها فلحقت به وأعاقته عن المضي بساقها.

«اِكتفيتُ بيون بيكهيون!..، اخلع تعويذتكَ عن قلبي!»

صبره نفذ وتداعى بها حانقًا لأول مرة.

«ناشا!..، الفتاة مريضة!..، ألا ترين ذلك؟»

نوى المغادرة وكبلت بسلطان كفيها مقبضيّ مقعده لتوّجهه، مال برأسه فتتسطح وجنته بنعومة معصمها، نهش إحساس الذنب دواخله وخجل من أن يعتذر، فليس من عادته أن يعوي بغضبه هكذا.

كانت مشمئزة من نفسها وتدعو لها بالزوال، لم يخطئ لكن خطيئتها تشوهت بنيران الغيرة، ماضٍ كان به وله محبوبته، على قيد الحياة وقابلته شبه ميت، اغتاظت من علاقاته السابقة حينما لم تكن، كأنها تأخرت عنه بسنوات ضوئية، إنه غير مكتمل كناشا تماما، رددت ذلك في فؤادها وتشجنت بقبلة نقرها بظهر يدها.

اختطف دقات جنانها بقوله الرخيم..

«آسف..، سامحيني.»

التهمت شفتها وغمغمت بصوتها المتهز، فإنه من يستحق ذلك الإعتذار. سيارة أجرة التي كانت بإنتظارها لتعيدها إلى قصرها تفاجأ سائقها الشاب بعودتها أسرع مما قد اعتقد، لكنه تجاهل فضوله وأسند بيكهيون فيستقلّ موضعًا وسورام بالخلف.

صعدت بالمقعد الأمامي بعدما أغلقت على الكرسي المتحرك بصندوق السيارة ثم داهم السائق دربه بين أشعة إنارة شوارع سيؤول ليركنّ إزاء عيادة خاصة.

ترجلا وقامت بمعانقة سورام بينما أنزل الشاب كرسي بيكهيون وتشبث به حتى يأوي بمجلسه.

«أتشكرك سيدي.»

قال بيكهيون بامتنان وحك الرجل فروته مرتبكًا من نظرة ناشا السامة ثم تلفظ بخفة.

«هذا واجبي.»

تمتم بيكهيون وأودع بكفه ورقتيّ ألف وون.

«رجاءً، الحساب.»

«كلا!..، إنها توصيلة صديق!»

لم يلبث وأسرع بنزوحه، فتح بيكهيون فمه ليرفض ذلك لكنها شتت إنتباهه قائلة.

«لنذهب.»

استرجع سورام لتتحكم بسياقته وأصوات عديدة زعزعت صموده، رائحة معقم المستشفى حفرت بطعنة لن تنسى، غمر بمحيط من الهذيان وذكريات الحادث اكتسحته فكأن تأبينها دشن بهذه الثانية.

استيقظ رشده متعرقًا واعتصرّ قبضتيه ليستجمع رماده، كانت أخصائية الأطفال قد تكلفت بحمل سورام عنه وطلبت منهما الإنتظار. فور ما استفردت به ناشا رمقته بتحديقات مرهفة، إنه هنا لكنّ بينهما أميالًا والفضل لها، يرتجف قبالتها وتخشى أن تتعاطى لمسته فلا يكون لها رجوع إلى ميني..أبدًا.


بالرواق الثاني صاحب النظّرات حاز على صورة أخرى لهما، حملق بساعته فإنّ زميلته قد تأخرت عن المسرحية المنشودة، وثق هبوط ميني وتقبيلها لوجنة ذلك المُقعد فأوصد بيكهيون جفنيه حينما رجّت ميزانه، تحسست وجنته ثم تبسمت.

«أنتَ تحبني..، أليس كذلك؟»

أفرشت جبينها على كتفه وتمتعت به، لكنّ قهقهتها المستهزئة أبعدتها عنه بلطف أصابعه.

«ناشا..، عليّك المغادرة.»

«تحبني؟..، كن صريحًا بيكهيون..، أنتَ مغرم بي وليس بائعة الورود!»

انبلجت جيون وأزاحت كتف رفيقها قائلة.

«قلت أنها ورجل مشلول، أين هو؟..»

جحظتا مقلتاها وتراجعت مصعوقة، تعجب كيونغسو لاصفرار محياها وإنّه لا يعي ما المكتوم بها، أصابها الانهيار وإختلجت، بدأت تبكي فسألها المصور بقلقه.

«أنتِ بخير؟»

نفت ذلك وحظيت بفرارها، تبعها كيونغسو فهوت على الأرضية وأقفلت على ذنيها بكفيها، صدى ذلك الحادث شغل بذاكرتها وإنّها ظنته زائلًا. دنا ليرفعها وأجلسها بأحد مقاعد الإنتظار، أبت أن تفرج عن أذنيها، لازمت التوغل في أعماقها الماضية وما تنطق به كان عن حياته، مازال ولم يتوفى.

«آنسة بارك..، أتعرفينه؟»

سؤاله هدم الصلب منها وتعابيرها الخائفة أكدت ظنونه، فتأفف وقصد آلة المشروبات ليبتاع لها قنينة ماء، أسقاها من فوهتها وشيء فشيء بادرت بالتجاوب مع واقعها.

إنه مقعد والمذنب بندوبه غرز بحلقها أنيابًا الذنوب، لقد اضمحل الإستقرار الذي بنته خلف أسوار ما حصل بذلك اليوم الملعون، تكهنت موتهما وبالصحف أعلنوا مصرعهما كذلك، لكن لا شك بها عنه، ذلك صديق ابن عائلة كيم الغنية، منظره المدمي بينما أخرج رفيقه من سيارته قبل أن تشتعل كان بناصيتها كالختم.

«أحتاج بيتي..، أوصلني إلى هناك..، كيونغسو.»

-
-
-

يتبع..

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro