Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(8)

بقلم نهال عبد الواحد

انتهت يوكابد من إرضاع طفلتها وهدهدتها حتى نامت فوضعتها مجددًا في الفراش ثم نهضت واقفة تتجه بخطواتٍ متباطئة مترددة نحو مدخل الخيمة.

توقّفت قليلًا قبل أن تخرج ولا زالت لا تدري ماذا تفعل وماذا تخفي لها أيامها القادمة؟

تنهّدت قليلًا ثم فتحت المدخل وخرجت خارج الخيمة فوجدت ذلك الشّاب جالسًا أمام النّار المشتعلة، فسارت بضع خطوات وكان نسيم الليل يحرك ثوبها وبضع خصلات من شعرها قد تمردت وفرت خارج الضّفيرة فكانت ترفعهن من حينٍ لآخر خلف أذنها.

تنحنحت قليلًا فانتبه إليها الشّاب وأشار لها بالجلوس أمامه على صخرة ثم قدّم إليها إناء من الحليب لكن كان واضحًا فيه الدّسم؛ فلم يخففه هذه المرة، مع إناء به بعض التمرات، فتشاركا الطّعام والشّراب في صمتٍ تام.

كانت يوكابد تأكل على استحياء ولا زال بالها مشغولًا بما هي مُقدمةً عليه وترى ماذا سيفعل معها ذلك الإعرابي؟!

وبعد الانتهاء من الطّعام قالت يوكابد بصوتٍ متوتر تتتعتع فيه العربية: شكرًا جزيلًا سيدي.

فأطال النّظر إليها ثم تساءل: والآن ما حكايتك؟ من أين جئتِ؟!

فأومأت برأسها أن لا تعرف، فجعّد حاجبيه ثم تابع بتهكم: لا تعرفي من أين جئتِ! ولا تعرفي أيضًا تلك الوليدة ومن أين أتيتِ بها؟!

فأجابت بخوف: الأمر ليس هكذا سيدي، فقط لا أدري اسم تلك البلدة التي كنتُ فيها.

- تبدين من لسانك وملامحك أنّكِ غير عربية.

فأومأت برأسها قائلة: أجل سيدي؛ فأنا لستُ من أرض العرب.

- إذن ما حكايتك؟ وكيف آلت الأمور حتى وصلتِ إلى هنا؟!

سكتت قليلًا ثم قالت وهي تشرد أمامها تنظر إلى اللاشيء فهي المرة الأولى على الإطلاق التي يهتم أحدهم بالسؤال عن حكايتها: اسمي يوكابد، في الحقيقة أنا لا أعرف لي أهلًا، لا أدري من أبوايّ ولا من أي عائلةٍ أو بلدةٍ، كل ما أعرفه أني وعيت على هذه الحياة فوجدتُ نفسي أعيش كخادمة في بيت رجلٍ طيب يُدعى السّيد لاوي، في الحقيقة أنه كان يحسن إليّ كثيرًا ويتعامل معي بلطف، وكنتُ أصغر من أصغر بناته ببضعةِ أعوام، كنتُ أحيانًا أسمع روايات تُقال أنّي كنتُ لقيطة أمام إحدى أبواب المعبد، لكن لم يكن أحد يصدْقني القول أبدًا كلما تساءلتُ حتى مللتُ وانتهيتُ عن السّؤال؛ الذي في الأخير بلا فائدة!

كانت أصغر بنات السّيد لاوي تُدعى منسّا، كانت تحبني كثيرًا أو ربما... هكذا كانت أظهرت لي، حتى تقدّم لخطبتها أحد شباب الحي، كان شابًّا وسيمًا يُدعى بنيامين وكنتُ لا أزال طفلة لم أتمم التّاسعة من عمري بعد، حتى تزوجت وأصرّت منسّا أن تصحبني معها إلى بيتها الجديد؛ لأُعينُها في أعمال البيت وبالفعل قد أذن سيدي لاوي وعِشتُ معها هي وزوجها في بيت الزّوجية.

لكن طباعها بدأت تتغير بعد الزّواج؛ فقد صارت أكثر عصبية وسريعة الغضب وكنتُ كثيرًا ما أخشاها وأتّقي شر غضبها ذلك، وبعد فترة أنجبت إفرايم ومن بعده لَيا وكنتُ سعيدة بهما كثيرًا، وكنتُ ألعب معهما دائمًا.

حتى أتممتُ الثّالثة عشر من عمري وبلغتُ مبلغ النّساء وتبدّلت هيئتي وجسدي تمامًا، لكنّي كنتّ لا أزال يوكابد الطّفلة بنفس براءتها وعقليتها الطّفولية.

كنتُ كثيرًا ما ألاحظ نظرات سيدي بنيامين لي والتي بدت مختلفة كثيرًا عن ذي قبل، لكني لم أكن أفهم معناها بل لم تستوقفني كثيرًا.

وذات ليلة وكنتُ يومئذ أبيتُ في أحد جوانب البيت، كنتُ نائمة واستيقظتُ ليلًا على يد سيدي تمسّد على شعري وظهري، ظننتُه يعطف عليّ من عناء أعمال البيت وغضب سيدتي الذي لا ينتهي أبدًا والذي كثيرًا ما يصل لحد الضّرب، وبعدها وجدته يضمني إليه ولا زلتُ على نفس اعتقادي السّاذج.

لكن على فجأة تحولت تلك الضّمة إلى عناقٍ وقبلاتٍ وأشياء كثيرة لم يستوعبها عقلي وقتئذ ولم أستطع الفرار منه أبدًا، حتى جلس بين رجلي وقدر عليّ، وقتها استيقظت سيدتي منسّا ورأتنا وصاحت بقوة وكادت تقتلتني من شدة الضّرب واتهمتني بأبشع التّهم، وانتهى الأمر ببيعي في سوق الجواري في الصّباح التّالي.

لتبدأ مرحلة أخرى من حياتي، كنتُ أجلس وسط الجواري كما يجلسنا ذلك البائع وأرى النّاس تقلّب فينا كالبضاعة، وكنتُ سرعان ما أُباع لأول رجلٍ يراني وبعد أن أذهب معه لبيته أكتشف أنه يريدني كما يريد الرجل من المرأة، بالطُبع لم تكن تقبلني سيدة البيت وتفتعل المشكلات حتى يعيدني زوجها مجددًا إلى السّوق.

وكان التّاجر سعيدًا بذلك الأمر كأشد ما يكون؛ فكان يبيعني بثمنٍ غالٍ وعندما يعيدني من اشتراني يأخذني بثمنٍ بخس، ظل الحال هكذا فترة من الزّمن، حتى رآني سيدي عبد العُزّى واشتراني من التّاجر؛ فقد كان تاجرًا يجئ في قوافل تجارية إلى بلادنا بلاد الشّام.

ولما وجده التّاجر عربي وأيقن أن تلك المرة سأباع دون عودة، طلب مبلغًا كبيرًا مبالغ فيه، لكن الغريب أن الرجل قد دفع ما طُلب منه وأخذني معه إلى بلادكم أرض العرب.

عِشتُ في بيته قرابة العام دون أن أدري الطّريق ولا حتى أعرف اسم تلك البلدة، فقط كنتُ أخرج من البيت بصحبة إحدى الجواري لقضاء الحاجة في الخلاء.

لكني لم أتقبل ذلك الرجل ولا تلك الحياة، حتى بعد أن أصبحت حاملًا وقد وعدني إن أنجبت ذكرًا سأصبح زوجة له، لكني أنجبت طفلتي هذه وكان سيدي هذا قد خرج للتجارة إلى بلاد الشّام، فجاءتني زوجته وأخبرتني بنية زوجها، فهو يكره الإناث وكلما وُلد له أنثى يدفنها حية ويسرّح أمها، لكن في حالتي أخبرتني أنه مفتونٌ بي وسيقتلني ويدفنني مع ابنتي لألا أكون لرجلٍ بعده، فخشيتُ وارتعبتُ كثيرًا وحملتُ ابنتي وهربت، هرولتُ بعيدًا لا أعرف الطّريق ولا لأين أذهب! حتى إني لا أدري إن كنتُ قريبة أو بعيدة عنهم، سرتُ كثيرًا لمدة يومين وفي الثالث كنت شديدة الإعياء، أو ربما خُيّل إليّ طول السّير! وآخر ما أذكره أني كنتُ أتناول ورق نبات وألوكه في فمي وابتلعه بصعوبة حتى لا أهلك أنا أو ابنتي.

فأومأ الشّاب برأسه وتابع: وأنا قد وجدتكما في قلب الصّحراء على شفا الموت.

فقالت بامتنان: أشكرك سيدي على كل ما فعلته...

ثم قالت ببعض التّخوف: لكن تُرى ماذا تنوي أن تفعل بنا؟! هل ستقتل ابنتي وتدفنها حية أيضًا؟! فقد علمتُ أنّكم معشر العرب تكرهون الإناث، رغم أنكم تحبون النّساء!

قالت الأخيرة بتعجب، فتابع الشّاب: لماذا تتحدثي بصيغة التّعميم؟!

فضيّقت عينَيها بعدم فهم، فأكمل: أقصد أنه ليس الجميع هكذا، ففينا من ينجب الإناث ويتركهن ويربيهن مثل الذّكور.

فقالت على استحياء: أعتذر منك سيدي...

فأجاب: عمارة.

فأومأت برأسها مرحّبة ثم سكتت وهي تفرك أصابعها بعضها ببعض، فتنهّد عمارة ثم قال: لقد خدعتكِ تلك المرأة اللعينة، فإن كان الرّجل قد فُتن بكِ فلن يكن ليقتلك أبدًا.

- لكن كان سيقتل ابنتي؛ هم قومٌ كفار لا يعرفون الله ولا يخافونه...

وفجأة انتبهت لمقالتها وقضمت حديثها وتوقفت عنه، ثم قالت بصوتٍ يكاد يختفي من شدة الخوف: أعتذر منك سيدي، فلن أقصد.

- ليس هناك أي داعي للاعتذار؛ فهم بالفعل قومٌ كفار يعبدون مع الله إلهًا آخر شِركًا وجحودًا، فيتقرّبون للآلهة بزعم أنها تقربهم من الله، فيذبحوا لها الذّبائح وينذرون لها النّذور ويستقسمون بالأزلام لها، ويقسمون إفتراءً أن ذلك من فعل نبي الله إبراهيم عليه السلام وهو منهم براء.

- إذن فأنت تؤمن بالله الواحد!(*)

فأومأ برأسه موافقًا وتابع: أجل، لكن اتهمني قومي أني صبئتُ عن دين الآباء والأجداد؛ فلم أكن أخرج معهم في احتفالاتهم ولا أتقرّب ولا أقدم القرابين لتلك الأصنام، بالله عليكم كيف تعبدونهم وتقدّسونهم وأنا أرى وأعرف صانعهم بنفسي، وأجده يجلس فيدق عليهم ينحتهم وهو يقص قصة كل واحدٍ منهم، فيومًا حكاية اللّات ويومًا حكاية العُزّى، ويومًا ثالثًا يقص حكاية كبيرهم هُبل، أتصدقيني حين أقول لكِ أنهم أحيانًا يصنعون آلهتهم من العجوة فإن جاع أحدهم أكل إلهه!

قال الأخيرة بتهكم وابتسم بسخرية فابتسمت يوكابد أيضًا لكنه لم يكن ينظر إليها وتابع: ولما يأسوا مني أوغروا صدر أبي عليّ فطردني، فأعطتني أمي بعض المال قبل أن أرحل، ومنذ وقتئذ وأنا حينًا أعمل بالتّجارة وأتجول بين القبائل، وحينًا أبتاع بعض الأغنام وأرعاهم في الصّحراء كما ترين، وأتنقل وأحمل أمتعتي حسب مكان المرعى، لكني منذ أن وجدتُ هذا العين وأنا أقيم هنا.

أحيانًا تمر عليّ بعض القبائل المسافرة فأقري الضيف وأصنع لهم الطعام أو أقدم لهم بعض من حليب الماعز، وفي بعض الأحيان يعطوني أجر الضّيافة.

- إذن فأنت تعيش هنا بمفردك!

فأومأ برأسه فتساءلت بخوف: وماذا ستفعل بابنتي؟

- أقسم لكِ أني لن أمسها بسوء؛ فقد أحببتُها حقًا، أما بشأنك فيمكنك الإقامة هنا إن شئتِ، أم ترغبين في الذّهاب إلى مكانٍ آخر؟

فأومأت برأسها في عدة اتجاهات متذبذبة قائلة: ليس لي موطن ولا أهل ولا عائلة، تراني لأين أتجه؟!

قالت الأخيرة بأسى، فتابع: إذن فامكثي هنا فقد أجرتُكِ وسأقوم على حمايتك.

- أشكرك بحق، فليحفظك الرّب!

-تقولين أنك من أرض الشّام؟

- أجل سيدي!
قالتها وهي تومئ برأسها.

فتساءل: إذن فأنتِ إما يهودية أم نصرانية؟!

-حقًا لا أدري، لكن كان كل من حولي يدينون باليهودية، رغم أني لم أقيم شعائر الدّين يومًا أبدًا، بل لم أتعلمها من الأساس؛ فقد كنتُ مجرد خادمة، لكني كنتُ أحيانًا أسترق السّمع لسيدي لاوي وكان رجلاً يقرأ الكتاب ويكتب العبرانية، كان يجمع أطفال الحي في بيته ويحكي لهم من حكايات أنبياء الله وبعض العُبّاد وقَصص السّلف والعِبَر، خاصةً وأن بلاد الشّام أرض مباركة قد شهدت الكثير من الأنبياء من عاشوا فيها أو حتى مرّوا عليها، حتى إني سمعته ذات يوم يحكي عن اقتراب موعد ظهور نبي آخر الزّمان وأن زماننا هذا هو زمانه.

فأومأ عمارة برأسه والتمعت عيناه وأهدر بسعادة: كم أتمنى هذا كثيرًا؛ فقد كنت ذات يوم أتاجر في يثرب وهي مدينة يسكنها اليهود هنا في جزيرة العرب، وكان يومها يتشاجر رجال من قبيلتين في يثرب إحداهما تُدعى الأوس والأخرى تُدعى الخزرج وكانوا دائمي المشاجرة والقتال، وكان أحبار من يهود يثرب يستفتحون عليهم ويقولون لهم بفخر أن نبي آخر الزّمان قد هلّ زمانه وأنه سيجيء ويهزم الكفر كله.

لكني لما ذهبتُ إليهم لأسألهم ليعلّموني تعاليم دينهم؛ فهو دين سماوي من عند الله، شعرتُ بتناقضٍ غريب وكأنما يستأثرون بعلمهم ويبخلون به على غيرهم.

فتنهدت يوكابد قائلة: غالبية من عرفتُ يتّصف بتلك الخصلة إلا من رحم ربك، هم قوم بُهت والله! كأنهم يأخذون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، فيأخذون ما يحلوا لهم ويتركون ما ليس على هواهم.

- المهم أننا على دين التوحيد أن لا إله إلا الله، حتى وإن كنا لا نعلم كيف نعبده ولا كيف ندعوه، فمؤكد أن الله سيهدينا إليه.

- آلله!

فأومأ برأسه بابتسامة أنارت وجهه، ثم تساءل: ألم تسمعي في بلادكم قبل أن ترحلي منها على اعتبار أنها أرض الأنبياء عن وجود رجل صالح قد ذاعت أخباره بينكم؟ ربما يكون هو نبي آخر الزّمان!

فأومأت برأسها نافية قائلة: للأسف لم أسمع شيئًا من هذا القبيل.

فأومأ برأسه ثم سكتا بعض الوقت، ثم تساءل: ماذا ستسمين ابنتك؟!

فسكتت قليلًا بتفكير ثم قالت...

-----------------
(*)

( كان في العصر الجاهلي قلة من الناس على دين التوحيد لا يقدسون الأصنام ولا يسجدون لهم، منهم المعروف بالاسم مثل أبي بكر الصديق، ومنهم من ينبذهم مجتمعهم بحجة أنهم صبؤا وتركوا دين الآباء والأجداد، فالصابئ هو من ترك دينه واتبع دين آخر)

Noonazad 💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro