Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(37)

بقلم نهال عبد الواحد

خرجا معًا من الحجرة واتجها نحو حجرتهما بنفس طريقة السّير ولازال ممسكًا يديه بيديها، وكان والداه يجلسان بالردهة المتسعة أمام الحجرات، فلما مرا من أمامهما بهيئتهما هكذا، اتسعت ابتسامة زبيدة وجذبت زوجها من ساعده تشير إليهما لتريه الزوجين وهما متجهين بسعادة مفرطة لحجرتهما، تعني أن كل شيءٍ على ما يرام.

دلف أوس إلى حجرتهما ولا زال جاذبًا يديها بيديه ثم أغلق الباب وأسند ظهرها على الحائط يحيطها بين ذراعيه.

كان فيروزيتاها تدوران في أنحاء الحجرة؛ هربًا منه فحالتها مرتبكة للغاية، ورغم خفوت ضوء الحجرة، فلم يكن سوى مصباحٌ زيتيٌّ واحد هو المضاء، لكي يمكنه رؤية ملامح وجهها وتعابيرها بوضوح.

فلما لم تستطع أن تتهرب منه صاحت فيه تغطي على ربكتها: ماذا بك يا رجل؟ ماذا أصابك؟!

فأجابها بهيام وهو يقرّب وجهه منها ويحتضن ملامح وجهها بالكامل بعينيه: أصابني سهم عشقك يا ابنة العم، تُيّمت بسحر جمالك الآخّاذ.

فتابعت بمراوغة: جمالي! كأنه لم يوجد سوايّ فقط الجميلة!

فأهدر: أجل! ليس غيرك له هذا الجمال.

- لكن الجمال لا يدوم.

- رغم صعوبته في حالتك، لكني لم أهيم بجمالك فقط، بل بحسن خلقك، دينك، عقلك، فطنتك، وقوتك يا فارستي الجميلة.

- لا أصدق.

- وهل وجهي وجه كذّاب؟

فأومأت برأسها برفض، وتابعت: كلا، لم أقصد، لكني لا أصدق وجود رجل مثلك، رجل يحب ويخلص.

- وما هو الحب إلا أن أرى في طريقي ألف شخص ولا يروق لي إلا من أحب، أن أشعر بالألم عندما أراكِ تتألمين، أكون سندًا لكِ إن وقعتِ، نجتمع على السّراء والضّراء، أظلّ منبهرًا بكِ مهما فعلتِ وكأنها المرة الأولى مهما مرّ علينا السّنون والدّهور، تدوم الألفة و المودة والرحمة بيننا أبدًا ما حيينا.

فابتسمت دون أن تعقب، فمد يده يعيد خصلات شعرها خلف أذنيها ثم اقترب من أذنها وهمس: أحبك يا راحيل فلا ترحلي عني، يا مالكة قلبي ومليكته، أيتها الابتسامة التي تعتلي ثغري وليست كأي ابتسامة، إنما هي من صميم القلب، يا زوجتي الوحيدة فلن يدخل خلوتي إلا أنتِ مهما كنتُ موضع انتقاد.

ثم أشار لموضع قلبه وقال: وهذا القلب أنتِ سكنتيه وهو مسكنك ومنزلك، وهذا الصّدر هو وسادتك لتستريحي ويمدّك بالأمان، وهذا الحضن لكِ وحدك ليحنو عليكِ دائمًا ويدفئك.

كانت تستمع لكلماته السّاحرة ومغمضة عينَيها وصدرها يعلو ويهبط بوضوح، وأنفاسها الدّافئة تلفح عنقه، فزاد اقترابًا ثم قبّل جانب وجنتها بعمق، فشهقت وارتجف جسدها وأسندت ساعديها على صدره، فطوّق خصرها بتملك.

حاولت التّملص منه لتخلع عنه عباءته وعمامته، لكنه كان الأسبق فخلعهما بسرعة وألقاهما على طول يده، ثم جذبها من خصرها مجددًا حتى ألصقها به، يشعران بأنفاس بعضهما البعض ويحسان بضربات قلبيهما المتلاحقة، تكاد تصيح من فرط المشاعر أن كفى، لا طاقة للقلوب بتحمّل ما يفوق التّصور والاحتمال.

وفي لحظة لا يدري أيهما كيف حدثت ليجدان أنفسهما في فراشٍ واحد.

فهذا الحب الذي تولّد وتضاعف بسرعة تسبق الوقت كان بحاجة لتوثيق صكّ الملكية، ملكية أبدية مدى الحياة، أن كلًا منهما ملكًا للآخر فلا بيع ولا تبديل، فقط عطاء وعطاء، ليس للتّفاخر ولا للمراء، إنما هي أسرار القلوب، تعيش داخلها ما دامت الأنفاس شاهقة وزافرة، وما دامت القلوب نابضة، ولا تُذاع حتى بعد ذلك، إنما ترقد في القبر مع صاحبها.

عاشا الزّوجان حياة هادئة، وكان أوس يختطف الوقت من حينٍ لآخر فيعلّمهم ما استجد من الوحي وتعاليم الدين، ويقرأ لهم من صُحُفٍ يخفيها مدوّن فيها الآيات، فيتدارسونه بينهم.

وكان يصحب راحيل من حينٍ لآخر بعيدًا فيتسابقان ويتبارزان، وكعادته يترك لها فرصة الفوز فتتذمر بعض الوقت لكنها في الأخير تتعلق بعنقه وتكافأه بقبلاتها الحارة.

عاشت راحيل حياة سعيدة وتكررت حياة عمارة ويوكابد مجددًا، كانت ترى تشابه قدرها مع قدر أمها؛ فكلتاهما عانتا وتعبتا كثيرًا ثم قابلتا السعادة والنّجاة فعاشتاها بكل تفاصيلها.

لكن كالعادة الحياة  لا تسير على وتيرة واحدة، وكما يقال الدّنيا دائمة التقلّب، فإن ابتسمت لفترة فهذا يعني أن ثمة ابتلاء قادم.

وكما اعتاد أوس فقد حان موعد سفرة جديدة لا يعلم مدتها إلا الله، وقد صحب معه عمّار؛ ليتاجر معه بما ادّخر من مال، ولأن لهم سفرة أخرى على الطّريق، إلى لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبدأت معاناة راحيل الدّاخلية، فرحيل أوس أفقدها روحها وكأن شيئًا ثمينًا قد فُقد، فإن كان دائم المكوث خارج البيت لكن كان في الأخير يبيت معها يضمها وتضمه، تتلاقى روحيهما وينسجم قلبيهما وتعزف نبضاتهما وأنفاسهما أروع مقطوعة عشق فاقت عشق جميل لبثينة، وحب عنترة لعبلة.

وأكثر ما زاد الأمر سوءًا هو سفر عمّار أيضًا، فشعرت بوحدة غريبة رغم لطف عبادة وزبيدة معها ومع عُمير، لكن ألم غياب الحبيب ليس بعده ألم، فأصبحت تعد الأيام و أمست تحصي الليالي.

كانت تقضي معظم وقتها بصحبة عُمير، فييترجعان ذكريات لهما وأخرى بصحبة عمارة ويوكابد ، كم كانت أيام رائعات، لكنها بدأت تشعر بتغيراتٍ تطرأ عليها، وبعد فترة وجيزة أيقنت أنها حُبلى، لكنها ظلت تنتظره حتى يكون أول من تخبره بتلك الخبرية السعيدة.

كان عُمير لا يزال يخرج كل يوم بالأغنام يرعاها، وكان عبادة يرسل أحد خدمه من حينٍ لآخر ليتفقده عن بُعد إن احتاج مساعدة أو أصابه مكروه، فيطمئن عليه حتى يعود.

وذات يوم ذهب الخادم كعادته ليتفقده، وكان عُمير دائمًا يصلي الظّهر والعصر في مكان رعيه، فلمحه الخادم ذلك اليوم فتعجّب من تلك المراسم الغريبة عليه التي يقوم بها، فأسرع يخبر سيده.

وما أن علم عبادة حتى اشتعل غضبه وجلس ينتظر عودته، وما أن عاد عُمير وهمّ أن يتجه إلى حجرته، ناداه عبادة بجدية: عُمير، تعالى أريد التّحدث معك.

فتقدّم عُمير فأشار له بالجلوس ثم نادى على راحيل، وقد صارت كثيرة النّعاس بسبب ذلك الحمل الذي لا يعرف به أحد.

كان وقتها عبد العُزّى زائرًا لأخيه ويجلس بصحبته هو وزبيدة، لذلك لم تخرج راحيل إطلاقًا إلا عندما نادى عليها عمها فاضطرت للخروج على مضض، وكان وجهها مائلًا للاصفرار والشحوب بشكل واضح.

خرجت إليهم راحيل بتثاقل وجلست أمام عمها وجوار عُمير دون أن تلتفت لعبد العُزّى أو حتى تلقى التحية، لكنها قد دهشت من جلوسه هكذا أمام عمها، فظنت أنه قد ارتكب جرمًا كبيرًا خاصةً مع ذلك الغضب الذي تقرأه على وجه عمها.

- نعم عماه، هل تريدني في أمرٍ هام؟!

أهدرت بها راحيل، فأجابها عبادة بحدة لا تبشر بخير: أجل أريدك، وفي أمرٍ هام بل في غاية الخطورة.

فنظرت إلى أخيها تومئ له أن ماذا فعلت، فأومأ بكتفيه وشفته السفلية أن لا يدري، فأجابت: خيرًا عماه!

فأشار عبادة إلى عُمير وصاح بغضب: إن أخاكِ هذا قد صبأ، فترك دين الآباء والأجداد واتبع دينًا غيره.

فاتسعت عينا راحيل وعُمير ثم تبادلا النّظرات، ثم التفتا نحو عبادة الذي أكمل: لقد رآه أحد رجالي يقيم شعائر دين جديد، فما هو قولكما في هذا الشّأن؟

نظر عُمير لأخته نظرة يستغيث بها فهمّت راحيل أن تجيبه لكن سرعان ما صاح عبد العُزّى: ألا زلت تسأل يا عبادة؟!

فلم تلتفت إليه راحيل وأجابت: أجل عماه، لقد كان يقيم صلاته.

فصاح فيها العم: عن أي صلاة تتحدثين؟! تلك الصّلاة لا نعهدها ولم نراها من قبل.

فأجابت: أعلم ذلك، لأنها صلاة المسلمين، وهذا دين النّبي محمد صلى الله عليه وسلم، نبي آخر الزّمان.

فعكر عبادة حاجبيه ورمقها بشدة وأشار إليها بسبابته وصاح: كأنكِ أيضًا تتبعين هذا الدّين!

فأومأت برأسها مؤيدة وأردفت: أجل أتبعه، فأنا مسلمة وموحدة بالله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله!

ففاجأها بلطمة على خدها أسال الدم من أنفها، فوضعت يدها موضع اللطمة وأغمضت عينيها بقهر، حاولت أن تعتدل واقفة؛ فقد أصابها دوار فجائي، في حين احتضنها عُمير برعبٍ شديد.

فصاح عبد العُزّى: ليس من حقكما أن تتركا دين الآباء والأجداد لتتبعوا دينًا جديدًا لا أصل له.

فصاحت فيه راحيل: بل إن دين الآباء والأجداد هذا هو الذي لا أصل له؛ كيف لكم تعبدون صنمًا من حجارة يصنعه أحدكم، لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع، هيا أجيبوا، أقسم لكم لو ألقيتُ بهم وحطمتهم لن يدافعوا عن أنفسهم قيد أنملة، فكيف لإله لا يدفع الضر عن نفسه؟!

فصاح فيها عبادة: ليست كل الأمور تحتاج إلى تفسير وإعمال العقل، بل هو أمر متوارث لا جدال ولا نقاش فيه...

ثم قال: إذن لهذا السّبب طُرد أباكم من بلدته، لأنه قد صبئ.

فتدخل عبد العُزّى: وأرى أن يوكابد الأخرى كانت صابئة؛ فلم أراها يومًا تعظّم آلهتنا ولا حتى هُبل الأكبر، لذلك لم تنجب إلا أنثى.

فتمتمت راحيل من بين أسنانها: ليتها ما رأتك!

فصاح عبادة مهددًا: هو قولًا واحدًا لا ثاني له، عليكِ أن تعودي لرشدك وتعتنقي دين قومك.

فشبكت ذراعيها أمام صدرها وقالت بثبات: بل أنا في كامل رشدي، ولن أختار غير دين الله دينا.

فهمّ عبادة أن يقول شيئًا لكن صاح عبد العُزّى: كأنك ستلح عليها حتى ترضا، بل عليك أن تأمرها وتعذبها حتى ولو جلدًا، المهم أن تعود رغمًا عنها.

فأومأ عبادة مؤيدًا قول أخيه، فصاحت راحيل وهي تحتضن بطنها بيديها: لا ينبغي لكم فعل ذلك، أو حتى المساس بي؛ فأنا حُبلى...

فتهللت أسارير زبيدة وهبت واقفة في سعادة بالغة وأخذت تزرغد بتمايل لا يلائم الموقف، وقالت: أقسم لكم كنت أظن هذا الأمر وأرى مخايل وعلامات، ثم أعود لأكذّب نفسي، خاصةً ولم تخبريني بهذه الخبرية السعيدة.

فأجابت راحيل: كنت أدّخر الخبر حتى يعود زوجي أوس؛ ليكون أول من يعلم.

فهمّت زبيدة أن تكمل حديثها لولا صياح زوجها بزمجرة: إذن ستُحبسان في هذه الحجرة حتى يعود زوجك من سفرته، وقتها سيؤدبك وسيكون له معكِ حديثٍ آخر، وسترين الوجه الآخر منه.

تنهدت راحيل براحة وهي تومئ برأسها موافقة وتتحرك نحو تلك الحجرة وتضع يدها على كتف أخيها، والذي تشبث في ملابسها من شدة ارتعابه.

دلفا إلى الحجرة وحبسهما عبادة، ثم جلسا ولا زال عُمير ملتصقًا بأخته؛ يستمد أمانه منها، فربت على بطنها وتساءل: هل أنتِ حقًا حبلى؟

فأومأت برأسها قائلة: أجل يا عُمير، أنا حُبلى وستصير خالًا إن شاء الله!

فقال: لكني خائفًا يا راحيل، ترى هل سيؤدبنا أوس حقًا حين عودته.

فربتت عليه برفق قائلة: كن مطمئنًا يا ابن أمي!

ثم تمتمت من داخلها: ها قد حانت المواجهة التي كنت تماطل فيها وتخشاها يا أوس، فرجاءً لا تخيّب ظنوني.

Noonazad    💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro