Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(16)

بقلم نهال عبد الواحد

مرت أسابيع ومُليكة لا زالت متوشحة السّواد حدادًا وحزنًا على موت طفلتها، جالسة جوار باب البيت أرضًا مقاطعة الكلام مع أي شخص كما امتنعت عن الطّعام إلا من بعض اللقيمات التي تتناولها  في المساء بعد إلحاح من أسماء أن تدخل البيت فتحممها من أثر التّراب الذي تحثيه على رأسها.

كانت حالتها يُرثى لها خاصةً ولم يعتني بها أي شخص في ذلك البيت، فقد فقدت الكثير من وزنها وصار وجهها أكثر شحوبًا وعيناها غائرتان في محجرهما، لا زال قلبها يحترق رغم مرور الوقت، لا زالت تشعر بصراخ طفلتها في أذنَيها وتجد معه صدرها يتحجر ثم يفيض منه الحليب فيزداد بكاءها؛ فقد ذهبت الطّفلة وبقيَ رزقها.

أما باقي أفراد البيت فكل واحدٍ وشأنه، الزُّهير يستيقظ من نومه في الظّهيرة فيخرج بعد القيلولة يتفقد تجارة أبيه ثم يذهب إلى اللهو في الليل حتى مطلع الفجر ويعود ثاملًا لا يرى أمامه، ويظل يهذي باسم يوكابد حتى يغط في نومٍ عميق.

أما عبد العُزّى فمشغول بتجارته نهارًا وبجواريه الجديدة ليلًا ينتظر من إحداهن أن تضع له الولد كما اعتاد، ولم يعد ليوكابد أي مكان في ذاكرته.

كما قد أعاد علاقته بأخيه الأصغر عبادة بالطّبع بعد أن علم بمقدار ثرائه وأنه لا يمتلك من الأبناء سوى غلامًا ابن عشرة أعوام يُدعى أوس بعد وفاة كل أبناءه صغارًا، وصار مستقرًا في حياته مع زوجته لا يفكر في الزّواج من أخرى ولم يعد له طاقة لمزيد من العلاقات مع الجواري.

أما أمامة فهي الآن في أيامها الأخيرة في ذلك الحمل وينتظر أن يأتيها المخاض من حينٍ لآخر، لكنها تبدو متعبة كثيرًا فيجئ إليها السيد بحجة الاطمئنان على أم ابنه.

وذات مساء بينما كانت أسماء تلح على مُليكة لتأكل نظرت إليها وأطالت النظر وتساءلت: لماذا تفعلي معي كل هذا؟

فتنهدت أسماء ولا زالت ترتدي قناع التّأثر وتابعت: لقد تأثرتُ بما حدث لكِ وبوضعك الذي يُرثى له الآن.

ثم تنهدت وأشاحت بنظرها عنها ولا زالت تتصنع الإشفاق: لم أتوقع أبدًا أن تفعل معكِ عمتك كل هذا، ظننتها أخيرًا ستمتلك قلبًا وتعاملك كأم، لكن هي من البداية وكانت تنتوي الطّمع فقط، لذلك حصدت ما تستحقه.

زمت مُليكة حاجبيها ناظرة إليها ثم تابعت: ماذا تعني بما قُلتيه؟

تصنّعت أسماء التّردد والتّلعثم كأنها صارت بورطة ثم أكملت عرضها المسرحي ببعض الارتعادة المزيفة، فربتت عليها مُليكة قائلة: إهدئي رجاءً، لن يصيبك مكروه؛ فقد صرتِ قريبة منى خاصةً في محنتي هذه، أرجوكِ أريد تفسيرًا لما قُلتيه.

فابتلعت ريقها وقالت: لم تقدم سيدتي أمامة على تزويجك من سيدي الزُّهير رغمًا عنه إلا من أجل استرداد إرثها الذي سلبه منها أخيها، أي أبيكِ، خاصةً وأنك وحيدته!

فابتسمت مُليكة بسخرية وأكملت: لكن فسدت كل مخططاتها؛ فلم تجده إلا مفلسًا ومديونًا.

فطأطأت أسماء رأسها لتكمل تمثيل المشهد بروعة وإتقان، فأكملت مُليكة: وقد زدتُ الطّين بلة بإنجابي لأنثى، بالطّبع لو أنجبت عمتي ذكرًا ستصبح هي الأفضل وفي جميع الأحوال الزُّهير يقضي وقته في اللهو ولم أشغل يومًا اهتمامه بل لن يحاول أن يقربني مجددًا.

رفعت أسماء رأسها وقالت بمكر: هل تعلمي أن ذلك  الابن ليس بابن سيدي عبد العُزّى.

فجحظت عينا مُليكة وفرغت فاها في صدمة، فأكملت أسماء بخبث: لقد سمعتُ سيدي عبد العُزّى وهو يأمرها أن تذهب وتستبضع من السّيد مسعود حتى يستولدها في فترة قد حددها واتفق عليها معها.

فتابعت مُليكة بصدمة: لهذا يجئ زائرًا ومحمّلًا بالهدايا!  لا تظني أني جالسة ولا أنتبه للدّاخل والخارج...

فقاطعتها أسماء: لكن ما لا يعرفه أحد أنها لم تنهي تلك العلاقة، بل خادنته (*)واتخذته عشيقًا، تذهب إليه متخفية.

وجمت مُليكة ولم تعقب لكن يبدو من نظرتها أنها تدبر أمرًا لتكيد بعمتها، وهذا ما أرادته أسماء بالضبط، أن يهلك بعضهم بعضًا دون التّدخل وسطهم؛ فإن تدخلت مباشرةً فحتمًا ستُدهس بالأقدام.

وبينما هما كذلك إذ سمعتا صريخ أمامة يرج البيت؛ فقد جاءها المخاض، وهاهما خادمتيها معها الآن تعاوناها في مخاضها.

ظلت أمامة تصرخ حتى سُمع صوت الوليد فتسمعتا أسماء ومُليكة لذلك الصوت الضّعيف ثم صوت إحداهن تصيح مستبشرة أنه ذكر.

قامت أمامة بالإرسال إلى السّيد لتعرفه بخبر كونها أنجبت له ذكرًا، وبالفعل جاء مسرعًا وأحضر معه الهدايا ووزّع العطايا على الجميع وكان شديد السّعادة، لكنه لم يزيد في زيارته حتى تستريح أمامة وحتى لا يشك بأمره عبد العُزّى الذي كان مظهرًا سعادة غريبة!

وفي صباح اليوم التّالي وكلٌ يبدأ يومه بما اعتاد، فالخادمات تقمن بأعمالهن، والزُّهير لم يستيقظ من نومه بعد، وعبد العُزّى في حجرة بات مع إحدى جارياته، بينما مُليكة تتوشح بسوادها وأخذت وشاحها وهاهي تخرج من حجرتها وتلف ذلك الوشاح  تتجه لتجلس مكانها اليومي جوار باب البيت تحثو فوق رأسها التّراب، أو ربما تنتوي أمرًا ما!

وبينما كانت مُليكة تلف وشاحها على رأسها وقد أخفت كل خصلات شعرها الأسود وفتحة ثوبها العلوية، إذ سمعت صوت بكاء الرّضيع قادم من حجرة عمتها، تجمّدت قدماها في الأرض وغلت دماءها داخلها قهرًا وحقدًا، تذكرت مجددًا لحظة ولادتها وصوت صراخ طفلتها في أذنها والذي يكاد لا يفارق أذنيها، كما يخيل إليها وهمًا ، ثم تتابع مشهد جذب الزُّهير للطفلة وتقييد عمتها لذراعيها ليتمكن ابنها من اختطاف الطفلة.

تحرك المشهد بالكامل مع الأحداث التي تابعته حتى يومها هذا، مما زاد من فوران دمائها مع أنفاسها المتلاحقة فزفرت هواءً حارًا وانهمرت دموعها تلقائيًا.

لكنها بصرت عن جنبٍ فلمحت باب حجرة عمتها مفتوحًا، ابتلعت ريقها بتوتر وتسللت مقتربة وعينيها زائغتين، فلم تجدها بل وجدت الوليد وحيدًا يصرخ.

دلفت ولا زالت تتلفت حولها بتوجس حتى وقفت مقابلة لفراشه مباشرةً،  ظلت تنظر إليه وهو يصرخ وعيناها تشتعلان حقدًا وقهرًا وثورة داخل صدرها كالمرجل.

نظرت إلى جانب الطفل في الفراش فلمحت وسادة، فاختطفتها بسرعة و وضعتها على وجه الوليد وضغطت عليها؛ تكتم أنفاسه بها، فما كانت لحظات حتى انقطعت أنفاس الصغير بالفعل وفارق الحياة.

صُدمت مُليكة من فعلتها كأنما استفاقت توًا وعادت إلى رشدها فجأة فامتطت قدميها وأسرعت ركضًا خارج البيت في حالة من الزّعر.

كانت أمامة تتجول في طرقات البيت تشرف على الخادمات وتتفقد ما يقمن به حتى وقفت أمام أسماء أثناء انحناءها لتنظف الأرض بقطعة من زعف النخيل، فلمحت قدمي سيدتها تحركهما أمامها طرقًا على الأرض ويديها في خصرها تهتز متغنجةً بجسدها، فاعتدلت واقفة أمامها ثم قالت تتصنع التّبجيل: مرحبًا سيدتي، نحمد الآلهة على سلامتك ووصول الابن الذكر. 

فأومأت أمامة برأسها وقد وافقت هيئة أسماء المنكسرة هوى أمامة، فرفعت أسماء رأسها وتلفتت حولها ثم اقتربت منها فتساءلت أمامة بدهشة: ماذا هناك؟!

فتابعت أسماء تتصنع الخوف وتتلفت بقلق: هناك شيئًا مريبًا قد اكتشفته سيدتي.

فضيقت أمامة عينيها وأمسكت بتلابيبها بقوة وتساءلت بحدة: هيا ادلي بقولك.

التقطت أسماء أنفاسها وقالت...

—————————————————

(*)

( المخادنة: هي علاقة جاهلية كانت تتخذ الزوجات عشيقًا لها دون زوجها وقد تمتد العلاقة بينهما لعلاقة الأزواج خلسة وسرًا، وقد نهى عنها الإسلام...
«...وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوف مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَان....» )

Noonazad  💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro