Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(12)

بقلم نهال عبد الواحد

لم تكن تعلم أمامة وهي تتسلل في كل مساء أن هناك عينان تتابعاها بدقة، بل وتتربص بها بالمرصاد وتنتظر منها أي خطأ منذ زمن وها قد سنحت لها الفرصة على طبقٍ من فضّة.

أجل أنها أسماء، التي تعاني منها ألوان الذّل والمهانة بعد أن أفسدت مخططها أن تكون يوكابد امرأة لعبد العُزّى والذي بدوره سيجعلها سيدة البيت حتى على زوجته أم ابنه الذّكر وابنة عمه! وهذا كان سيرفع شأنها حتمًا.

ورغم متابعتها لما تقترفه أمامة الآن لكن عليها التّريث والتّدبير الدّقيق لذلك الأمر حتى تتمكن من إحكام غلق الحبل حول رقبتها دون فرار أو شائبة خطأ.

وبينما كانت جالسة وغارقة في مخططاتها إذ فاجأها صوت مُليكة فانتبهت إليها وهبت واقفة وأهدرت باحترام: عِمتِ مساءً سيدتي.

فأومأت مُليكة برأسها، ثم تابعت: كيف حالك؟ لماذا تجلسين هكذا؟!

انتابها رجفة خفيفة جاهدت نفسها لتخفيها ثم طأطأت رأسها وأجابت بإنهاكٍ مبالغ فيه: فقط أتلاقط أنفاسي من عناء المجهود الشّاقّ طيلة اليوم.

- أخبرتني عمتي أنكِ كنتِ خادمة لتلك التي تُسمى يوكابد، والأغرب أن ولاءك التّام كان لها رغم كونها مجرد جارية لا أصل ولا شرف لها.

- قد ولّاني سيدي عبد العُزّى خادمةً لها وشدد عليّ في الاعتناء بها، ولولا انتهاء عمرها لتغيرت الأمور كلها رأسًا على عقب.

قالت الأخيرة بشك ثم تنهدت بحزن طأطأت رأسها مجددًا، فاشتعلت عينا مُليكة مزيج من الغضب والحقد والقهر؛ فذلك الاسم يهذي به زوجها دائمًا خاصةً في الأوقات الخاصة بينهما، فحتى وإن كانت مجبرة على الزّواج منه فقد صارت زوجته وانتهى الأمر، لكن لن تقبل أي امرأة أن يفضلها زوجها عليها.

فتساءلت مُليكة: وكيف كانت يوكابد تلك؟ هل كانت جميلة كما يُقال عنها؟! صفيها لي!

قالت الأخيرة بلهجة متهكّمة، فأومأت أسماء برأسها مع ابتسامة صغيرة زيّنت ثغرها وقالت: لم تكن جميلة فحسب بل كانت رائعة الجمال، كانت فاتنة بحق حتى أنّي ورغم كوني فتاة كنتُ أحب إطالة النّظر إليها من حسنها، كانت هادئة ورقيقة ولا تطمع أو تخطط لشيء، تشعرين بها كما لو كانت ملاك يسير على الأرض.

فاهتزت مُليكة وقد ملأها الغضب حتى إنه قد طلّ من عينَيها بشكل ظاهر لم يخفى على أسماء، فتأكدت من كون الزُّهير لم ينساها بعكس عبد العُزّى الذي فاجأها بردّة فعله المتبلدة.

فتابعت أسماء: على أية حال قد فارقت الحياة، فماذا يفيد الكلام؟!

قالت الأخيرة مصحوبة بتنهيدة حزينة ثم تابعت: لكن كيف حالك أنتِ سيدتي؟ وكيف حال حملك؟ أتمنى أن تكون صحتك على ما يرام.

فلم تعقب مُليكة واكتفت بإيماءة بسيطة برأسها ثم انصرفت وداخلها حمم مكتومة لو انفجرت لأهلكت القبيلة بأكملها.

كانت أسماء تتابع انفعالات مُليكة وردّة فعلها وفي نفس الوقت تعيد ترتيب مخططتها؛ فداخلها شعور قوي أن مُليكة ستكون الفتيل الذي ستشعل به نيران الانتقام وعليها ألا تقطع حبل الوصال معها.

أما يوكابد فمرّت الأيام والحياة هادئة تجمعها بعمارة لحظات هادئة يتبادلان فيها أطراف الحديث، صارت تشعر بكيانها وتُعامل بإنسانية وليست فقط تُسحب نحو الفراش كالبهائم بمنتهى الدّونية.

ورغم الحياة الهادئة لا تنكر تلك الرّاحة التي تشعر بها نحوه ولا ذلك الاضطراب الدّاخلي الذي يجتاحها، فيذهب بأنفاسها ويعبث بنبضات قلبها فتثور عليها متمردة، تود لو تحطم ذلك القفص ليقفز القلب معانقًا له، لكنها كانت تحاول جاهدة إخفاء كل تلك الضّجة وتظل محافظة على هدوئها.

أما عن عمارة فكاد يفقد عقله وليس قلبه فحسب؛ فلم يكن يومًا من أصحاب اللهو ولم تجمعه أي صلة بأيٍ من بنات حواء من أي نوع، فكانت أمه هي المرأة الوحيدة في حياته، كان يتمتع بحياءٍ جم ويسرع بخفض طرفه أمام أي أنثى.

لكنه هذه المرة قاوم ألا ينظر لها وعندما رفع عينيه إليها قاوم حتى أن يطرف جفنه؛ فلديها جاذبية لم يجدها في غيرها رغم بساطتها حتى إنها لم تكتحل يومًا ولم تتكلف، فقط ثوبٌ متواضع وتجدّل شعرها في ضفيرة دون أي مبالغة، وتبدو تعاملاتها بفطرة ولم تشكو من بساطة العيش في البادية كما لم تطلب منه أن يعيدها لبلادها رغم أنه قد عرض عليها ذلك الأمر بدل المرة مرارًا.

لكنه لم يتجرأ بعد على أخذ قرار بشأن مصارحتها أو اتخاذ خطوة تقرّب المسافة بينهما.

حتى وهو ينصت إلى حكاياتها اليومية يتعمد الانغماس في فحوى الأحداث، ورغم استفادته منها لكنه في نهاية الحكاية يجد نفسه قد خضع لصوتها العذب رغم ركاكة نطقها للعربية، ذلك الصوت الذي له قدرة سحرٍ فاقت سحر هاروت وماروت فتذهب روحه إليها دون أدنى مقاومة!

إلا من هذا مساء حيث كانت تقصّ عليه حكاية موسى نبي الله وكليمه عليه السلام، وما أن وصلت إلى لحظة تكليم الله له في الوادي المقدس طوى، تلك اللحظة التي لا يتحملها عقل بشري بحق، حتى سكتت قليلًا وشردت فانتبه إليها عمارة فتعجب منها وتساءل: ماذا بكِ يوكابد؟ لماذا توقفتِ فجأة؟! هل انتهت الحكاية هكذا؟!

فأومأت برأسها قائلة: لا، بل راودني سؤالٌ غريب!

فزم شفتَيه ورفع حاجبَيه بدهشة وقال: هيا اسألي.

- لقد كلّم الله نبيه موسى تكليمًا!

فلم يعقب عمارة واكتفى بإيماءة برأسه، فأكملت: تُرى كيف ذلك؟!

- عفوًا، فلم أفهم السؤال بعد.

- أقصد كيف تكلم مع الله؟ وكيف هو صوت الله؟

لكن بمجرد أن ذكرت سؤالها الأخير حتى أصابتها رجفة كبيرة زلزلت كيانها بشدة لدرجة أنها لم تتوقف عن البكاء الذي لم تعرف كيف بدأ وصارت دموعها فجأة شلالات مياه.

لم ينكر عمارة تفاجؤه بسؤالها، بل لم تقلّ رجفته عنها التي سرت في جسده إلا أنه لم يسمح لعينيه أن تُزرف أي دمعة أمامها رغم أن ذلك السّؤال لم يراوده قبل أن تذكره يوكابد!

حاول أن يتماسك ويجمع شتات نفسه محاولًا الوقوف على قدميه وتحرك نحوها يود لو يهدئها لكنه لا يعرف كيف له ذلك، يقاوم بشدة رغبته أن يضمها لصدره ويربت عليها بحنان، لكنه لا يمتلك الشّجاعة الكافية لذلك، بل أنه يكاد يجزم أن لو فعلها فلن يتمالك زمام نفسه بعد.

اقترب منها وجثى على ركبتبه أمامها مباشرةً، ورغم ذلك الاقتراب المربك إلا أنه يحاول تهدئتها بأي صورة.

فأهدر بهدوء: لا عليكِ يوكابد، حسبكِ اليوم من القصّ، هيا انهضي واستريحي.

فهمست بصوتٍ يكاد يخنقه البكاء: تراني قد أذنبت بذلك السّؤال!

فسكت قليلًا ثم قال: لا أدري حقًا، لكن قد انتابني نفس الشّعور بالرجفة لقولك، أعتقد أن ذلك الشّعور بسبب جلال وعظمة الرّبّ، أليس كذلك؟

فنظرت إليه ولم تعقب بقولٍ ولا حتى بإيماءة، فأكمل قائلاً: ألم تخبريني أن رسل الله وأنبياءه لهم من الفضل وعلو المنزلة عند الله، فيهبهم مقامات دون غيرهم تخصهم وحدهم؟!

فأومأت برأسها ثم طأطأت برأسها للأسفل وقالت: فليغفر لي الرّبّ ذلك التّساؤل وتلك الخاطرة!

فتنهد ثم ربّت على كفها برفق وقال: سيغفر لكِ ولي...

قال الأخيرة وهو يمسك كفها بيدها الأخرى ليصبح كفها محتضنًا بين كفيه، وفجأة نهضت واقفة وسحبت كفها الذي ارتعش فجأة وهمهمت: عمتَ مساءً سيدي عمارة.

واتجهت لداخل الخيمة حتى اختفت، لكنه لا زال جاثيًا مكانه بلا حراك ومادًّا كفيه كما كانا يتابع طيفها وأنفاسه تركض خلفها، ثم همس بخفوت: عِمتِ مساءً يا من سكنتِ قلب عمارة!

ثم قال: عمارة! أهذا اسمي الذي نطقته بتلك الروعة؟! يا لحظ حروف اسمي التي تنعّمت وهي تتدفق من بين شفتَيكِ!

وظل جالسًا دون حراك حتى قرب مطلع الفجر...

——————————————————

(حرّم الإسلام أن يختلي رجلٌ مع امرأة تحل له ولو كان درس علم أو حتى درس دين؛ فالشّيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم، وأُمرنا أن نتقي الشبهات، وألا نقرب الزّنا أي بمسبباته فنهى عن أي خلوة بدون محرم وأمر بغض البصر)

Noonazad 💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro