Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(24)

بقلم نهال عبد الواحد

وبينما كانت راحيل تنظّف مكان الأغنام فاجأها صوتٌ أجشٌّ من خلفها: ألا أعطيتيني شربة ماءٍ يا ابنتي!

فانتفضت من ذلك الصوت الذي تفاجأت به؛ فلم تنتبه لأي صوت أقدام أو لذلك الفرس الذي أتى به!

فاعتدلت واقفة وأخفضت أكمامها وعدّلت من هيئتها واقتربت منه بتوجس فهو رجل أربعيني في عمر أبيها على أغلب ظنها أو ربما أكبر يتكئ على عصاه، فأردفت: مرحبًا!

فتابع مكررًا: أريد شربة ماء.

فأومأت برأسها موافقة وتابعت خطواتها تتجه نحو ذلك الإناء الفخاري المغطى، أخذ الرجل نفسًا عميقًا باستمتاع، ثم أهدر: رائحة شهية!

كانت راحيل قد ملأت له كوب من الماء والتفتت نحوه وقد وصلتها كلماته، فمدت يدها إليه بالكوب وإبتسمت قائلة: تفضل الماء يا عم.

فأومأ لها وأخذ منها الكوب وبدأ يشرب منه، فأكملت راحيل: إنها أمي تصنع لنا الثريد، سأحضر لك طبقًا.

وكأنه للتو انتبه لملامحها فجحظت عيناه وتمتم: يوكابد.

فسقط الكوب من يده فهوى أرضًا متكسّرًا محدثًا ضجة، فأسرعت نحوه راحيل وأهدرت بأسف: لا عليك يا عم، سأجلب لك غيره، هلا جلست لتستريح!

فضرب الأرض بعصاه فجأة فأفزعتها وأرهبت قلبها وكأنه سيسقط منها من شدة ارتعابها، فبدأت تتراجع للخلف بخطواتٍ مختلة تتصنع الهدوء في حين أنها تفكر في طريقة تفر منه أوتستغيث.

لكن لسوء حظها تعثّرت في طرف جلبابها فانقلبت على ظهرها فازداد ارتعابها خاصةً مع نظراته المتفحصة بها والتي لا تنذر بخير.

كانت تحاول أن تنهض لكنها شعرت بأنها فقدت السّيطرة على جسدها فجأة فبدأت تتراجع للخلف زحفًا لكنه لم يمهلها فانقض عليها واعتلاها بصورة أفزعتها فصرخت وهي تدفعه وتصيح: ابتعد عني أيها الوقح! أمي! يا عمّار! أبي!

لكنه أمسك بيديها قيدهما بيده وقرّب وجهه منها فاشمأزت من أنفاسه الكريهة وأخذت تصيح بملء صوتها.

فأهدر بفحيحه: سنواتٌ طويلة ركضت من عمري وأنا أبحثُ عنكِ في بلاد العرب كلها، ما تركتُ بلدة ولا قبيلة إلا فتّشت فيها عنكِ، لم أصدق يومًا أنكِ تركتِ الحياة كما قيل، وأخيرًا وجدتك لتدفعي ثمن هروبك مني...

فصرخت فيه: عن أي شيءٍ تتحدث أيها الأرعن؟!

- عن قبح فعلتك، هربتِ مني وذهبتِ لغيري...

- أنا لا أعرفك، مؤكد أنك مخطئ، انهض انهض تثاقلت أنفاسي.

كان يتفحص وجهها بملامح لم تفهمها، لا تدري إن كانت ملامح حزينة، غاضبة، عاشقة أو شيئًا آخر لا تعييه، كل ما يسيطر عليها الآن رعب هائل يجتاحها، وهي التي تركض في الصّحراء وحدها لا تخاف قاطع طريق ولا حيوان مفترس، معها رمحها وسيفها جزاء من يستحق.

لا زالت تقاومه وتدفعه لكن لا تناسب في القوى بينهما، فأخذت تصيح بملء صوتها: أمي! أبي!  عمّار! أدركوني! أدركوني!

كانت يوكابد منذ أن تركها عمارة واتجه نحو العين وبدأ يغزوها شعور غريب، كأنما بدأت روحها تنسل منها، لكنها شغلت نفسها بصنع الثريد، لكن بعد مرور الوقت بدأت تسمع صوت استغاثة أفزعها فنهضت فجأة فانسكب نصف الثريد في الأرض فارتبكت وشهقت ثم وقفت هنيهة كأنما أفقدت وعيها للحظات وتمتمت: لا إله إلا الله!

ثم أسرعت فالصّراخ والاستغاثة أكثر وضوحًا، إنه صوت ابنتها! فاتجهت مسرعة تنزّل أكمامها وتعدّل هيئتها وتهرول مسرعة نحو مصدر الصوت.

ولمّا تحرّكت إلى الجهة الأمامية من الخيمة وكان صراخ راحيل يشتد وقد رأت ابنتها ملقاة أرضًا وذلك الرّجل يعتليها ويقرّب وجهه منها ينتوي بها فعل السوء.

فصرخت بملء صوتها: يا عمارة! يا عمارة! أدركنا! يا عمارة!

فانتبه الرجل لصوتها فرفع وجهه نحوها فلما رأته وقد أدركت ملامحه وتذكرت من هو، فانتابها الرّعب والفزع وارتجف جسدها، لكنها صاحت تحاول السّيطرة على خوفها: انهض يا زهير! هي أختك!

فجحظت عينا راحيل لدرجة أخرست صراخها! بينما بدأ يتحرك الزُّهير بتثاقل وهو ينظر بين راحيل ويوكابد اللتان لهما نفس الشكل والملامح باستثناء فروق طفيفة.

ظل على حاله حتى اعتدل واقفًا ومد يده يلتقط عصاه فانتهزت راحيل الفرصة ونهضت مسرعة لكنها رأته يتقدم نحو أمها فازداد هلعها.

وما أن رأته يوكابد يتقدم نحوها حتى بدأت تتحرك للخلف بخوف ثم بدأت تزيد من خطواتها تحاول الفرار منه فالتفتت لتركض من النّاحية الأخرى تفر منه.

وبعد أن ابتعدت راحيل لتفر من ذلك الرّجل الذي فاجأتها أمها بقولتها أنه أخيها، رأته يتبع أمها وهي تجري منه خائفة ومفزوعة لدرجة أنها لا تنادي ولا تستغيث مثلما فعلت منذ قليل.

كانت يوكابد تجري وداخلها رجفة شديدة وهلع لم يصيبها منذ ذلك اليوم الذي حملت فيه راحيل حديثة الولادة وركضت بها هاربة لا تعرف الطّريق في الصّحراء القاحلة وسط الليل البهيم.

إذن هذا هو الوحش الذي طاردها في رؤياها طوال ليالٍ! تحاول تذكر المنام وماذا فعل بها الوحش! لكن ذاكرتها لا تسعفها وأقسمت ألا تذكّرها بباقي الرؤيا المتكررة، فاستمرت في الرّكض.

صرخت راحيل بملء صوتها تنادي أبيها وأخيها وهي تبحث بعينيها عن شيءٍ ما تدافع به عن أمها غير السيف الذي يدفعها عقلها أن تذهب وتحضره وتضرب به عنقه، لكنها استمرت في الصّراخ باسم أبيها وعمّار.

كان عمارة جالسًا يستمع إلى ابنيه وهما يعيدان تلاوة الآية كل واحدٍ منهما يكرر الآيات مرة ثم يكررها أخيه.

كان لا يزال يشعر بفراغ امتلأه منذ أن ترك يوكابد وبدأ ينظر في السّماء يتفقد الشّمس منتظرًا اقتراب مغيبها ليعودوا جميعًا ويتناولون الثّريد الشّهي، ويسعد بليلة تتوسد فيها محبوبته صدره ويضمها إلى قلبه كما اعتاد دائمًا، لكنه لا زال لم يجد مبررًا لاشتياقه الشّديد إليها وكأنما افتقدها رغم أنه لم يتركها إلا منذ سويعاتٍ قليلة، فضغط على قلبه وابتسم يتمتم: أكملتُ الأربعين ولا زال قلبي يشبه قلب الصّبي، لا يمل عشقك يوكابد، ليتني أمتلك عمري لأعيش معك بدل العمر أعمارًا.

ثم تنهّد وتابع الشّمس مجددًا ينتظرها لتهبط وتغادر حتى يعود مسرعًا لمليكة فؤاده، لكن فجأة التقطت أذناه صوت صراخ أو استغاثة خلع قلبه فانتفض فجأة، فانتبه إليه عمّار فتوقف عن التّلاوة واقترب من أبيه بلهفة متسائلًا: ماذا بك أبي؟ هل أصابك مكروه؟

قالها وهو يفتش ثياب أبيه؛ فقد شك أن يكون لدغه عقرب أو ثعبان، فأومأ له أبيه نافيًا وتابع: كأنه صوت صراخ أو استغاثة، أنصت قليلًا كي نتأكد!

فسكت الاثنان يتسمّعان فلم يسمعا شيئًا، فأردف عمّار مربتًا على كتفي أبيه برفق: لا أسمع شيئًا أبتاه، ربما يُخيّل إليك، اجلس وكن مطمئنًا.

فجلس عمارة وقلبه تزداد ضرباته فانحنى عمّار نحو أبيه وقبّل رأسه مبتسمًا ثم تركه وتحرك بضع خطوات لكن آتاهما الصراخ مجددًا فانتفض الاثنان، يبدو أن اتجاه الرياح هو المسؤول عن وصول الصّوت وتأخره، فهرع الاثنان مهرولان ليطمئنا على يوكابد وراحيل، فلمحهما عمير وتبعهما.

كانت يوكابد تجري وتتحرك بعشوائية ويتبعها الزُّهير كي لا يفلتها وعيناه تشتعلان بالشّوق تارة وبالغضب والانتقام تارةً أخرى أيهما غلب غلب.

لكن للأسف تعثّرت يوكابد وانكفأت أرضًا لكنها لم تنتظر وأكملت حبوًا محاولة النّهوض، فانقض عليها الزُّهير فأمسكها من قدمها ليعيق حركتها فبدأت تركله فاقترب أكثر واعتلاها فلمح رجلين يركضان عن بعد ولا زال صوت راحيل المستغيث يتعالى وهي تركض تقترب منه لتنقذ أمها من براثينه.

لكنه وسط كل ذلك أسرع وأخرج خنجره فطعن يوكابد عدة طعنات فخرت راحيل جاثية فجأة من الصّدمة وحاولت أن تفرج شفتيها وتخرج صوتها لتعاود الصّراخ لكن الصّدمة قد ألجمت كل شيءٍ فيها.

وكأن الزُّهير قد فقد عقله للحظات لا يصدق كيف طعنها! بل لا يصدق أنه قد طعنها، نظر ليديه الملطخة بدمائها و أعاد النّظر إليها بعدم تصديق أنها تتققع بين يديه وستفارق الحياة! ثم رفع عينيه نحو الأفق فرأى الرّجلين وقد اقتربا، فازدادت عيناه قتامة وضغط على أسنانه بغل وقال لها بحدة: جزاء ما اقترفتيه بقلبي، بدأتِ بتجاهلي وختمتِ بهروبك وخيانتي مع هذا...

ثم قال وقد غلبه قلبه: قد أحببتك منذ أول يوم قد رأيتك لكن أبي استأثرك لنفسه، كان سيسرّحك بعد إنجابك لتلك الأنثى ثم آخذك لي أنا أتنعّم بكِ...

قال الأخيرة وهو يتحسس وجنتها فاستدارت بوجهها عنه لألا يمسها، فصاح فيها بحدة: وبعد كل هذا تفضّلي عليّ ذلك الأعرابي!  لا وحق هُبل الأكبر لن أدعك له بعد اليوم! ما دمت لم تكوني لي إذن فلن تكوني لأحد، إذهبي إلى الجحيم!

قال الأخيرة بصياح ودفعها ومسح يديه في ثوبها ونهض واقفًا وابتعد بضع خطوات ورفع سبابته متوعدًا وصاح فيها: ستنقطع أنفاسك وأنا أكيدك بل وأحرق قلبك...

ثم أسرع نحو راحيل فجذبها من ذراعيها فاستوقفها وجرّها معه وكأنها كانت مغيبة ومسلوبة الإرادة للحظات؛ لا زالت تحت تأثير صدمة مقتل أمها أمام عينَيها فلم تقاومه في البداية بل لم تطرف عيناها لحظة عنها!

لكنها انتبهت واستعادت نفسها مؤخرًا بعد أن حملها وامتطى بها جواده وانطلق به وبدأت تصرخ وتصيح وتنادي على أمها تارة وأبيها تارة وأخيها تارة أخرى وتحاول أن تدفعه أو تلقي بنفسها من فوق فرسه حتى ولو تسبب في هلاكها، لكنه قد أحكم السّيطرة عليها ولا زال منطلقًا بها يتوعد لها أسوأ وعيد.

كان كل ما جرى قد لمحه عمارة وعمّار لكن عندما وصلا كان الزُّهير اختطف راحيل وغادر بها، ثم جاء عمير بعد انتهاء كل شيء.

جثا عمارة أرضًا جوار يوكابد زوجته وأم أبناءه ورفيقة عمره، احتضنها وقربها إلى صدره وأسند رأسها وصاح بصدمة: لا يوكابد تمسّكي بالحياة...

ووضع يده على جرحها مكان الطعنة وكان يتدفق منها الدماء فصاح في عمّار: هيا سخّن سكين لأكوي به جرحها فيكف عن النزف...

ثم أهدر: ستعيشين وسيطول عمرك، ستبلغين كهولتك وسأثبت إليكِ أنك ستزالين أجمل الجميلات ولن يؤثر بكِ مرور الأعوام...

فهمست بتقطّع وصوتٍ ضعيف: لم -أجرّب -عليك - الكذب - تعلم - جيدًا- أني - مفارقة- وأنك- ستلحق- بي- قلت- أنك- لن - تتأخر- موعدنا- في - جنة- الله- تقابلنا- وانتظرنا- ووصلنا- إلى- طريق- النجاة- الله- لا- إله- إلا- الله!

وانقطعت أنفاسها بحقٍ هذه المرة وأسدلت جفنَيها وصعدت الرّوح إلى بارئها تاركة وجهها الجميل مزّينًا ومضيئًا بنور الإيمان مع ابتسامة هادئة.

أخذ عمارة يرجّ بجسدها في صياحٍ غير مصدق: بل أنتِ تراوغيني يوكابد، هي مجرد إغماءة، أليس كذلك؟! ستُشفي وتكوني على ما يرام، لا تفعلي بي هكذا وتتركيني...

فضمها إليه بقوة وصاح ينظر لأعلى: يا الله! يا الله!  أربط على قلبي! يا الله! يا الله! ثبتني وقويني! يا الله! يا الله!  أنا صادق يا ربي وحق نبيك إني لصادق!  الصبر يارب! الصبر يا الله! الصبر الصبر...

ظل يبكي بحرقة ويعلو نحيبه لم ينتبه لابنه الصّغير الجالس جواره وعيناه على جسد أمه المفارقة للحياة ويبكي بحرقة هو الآخر.

أما عمّار فوقف واجمًا من شدة الصّدمة، وكأنما فقد الإحساس فلم يبكي أو تطرف عيناه بل جَمد في أرضه، وبعد لحظات انتبه لفقدان أخته خاصةً وهو لا يعرف من هذا ولا حقيقة الأمر.

ظل يتحرك خطوة نحو والديه وخطوة في الجهة المقابلة في حيرة شديدة، لكنه حسم أمره وأسرع نحو الخيمة ودلف إليها فأحضر سيفه ورمحه وكيس من المال فأخذهم وامتطى جواده وانطلق به في نفس الاتجاه يتتبع آثار خاطف أخته...

Noonazad  💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro