Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(22)

بقلم نهال عبد الواحد

وفي الصباح استيقظ ثلاثتهم على أصوات عير ثم أقدام تقترب من الخيمة فانتفضوا وتمسّكوا ببعضهم بعضًا يرتعدون خوفًا، لكن استوقف هذا الشّعور صوت تلك الصّقفات التي اعتادوا عليها ويحفظونها عن ظهر قلب... لقد عاد عمارة وعمّار!

نهض عمير وراحيل يركضان نحو مدخل الخيمة يصيحان في سعادة: لقد وصلا!

فدلف عمارة وعمّار عندما جاءهما صوتيهما، تعانق أربعتهم ثم انتبه عمارة إلى يوكابد التي لا تزال جالسة على فراشها تسلّط فيروزيتَيها المترقرقتين عليه، ابتسم إليها يعلم أنه قد أرهقها طول غيابه هذه المرة.

تقدّم نحوها بخطواتٍ متسارعة تسابقه نبضات قلبه المتراقصة فقد اشتاق لها هو الآخر، وقف أمامها مباشرةً ومد يديه إليها منحنيًا نحوها، أمسكت بيده ونهضت واقفة تتلألأ فيروزيتَيها بقطرات الدمع، فتلألأ وجهها وصار رقراقًا.

كفكف دمعها بيديه ثم احتضن وجنتيها برفق وربّت عليه فارتمت على صدره تمسك خصره بشدة فضمها إليه وهو يمسّد على ظهرها وهمست إليه بخفوت: اشتقت إليك لدرجة الهلاك، غيابك أرهق روحي وأرّق مضجعي وقرّح جفنايّ.

فأجابها بهمس هو الآخر متغزّلًا:
بل أنتِ الشّوق يا أجمل الجميلات وحصان الزّوجات، عزيزةٌ طيبة الفعلات، عروبٌ فزهدتُ في غيرك حتى ولو حسنوات، عبقرةٌ ولدينةٌ فاقت الحوريات، عرهرةٌ وكأنك لستِ من البشريات، غيدائي وغيلمي تهفو إليكِ الرغبات، دخيمةٌ فكلامك دومًا بالهمسات، هنانةٌ لا تنتهي معكِ الضّحكات، أنتِ الخريدة لا تتساوى جوارك الحبيبات...

(*)

ابتعدت عنه قليلًا ورفعت فيروزيتاها وحملقت فيه ثم التفتت نحو ابنها عمّار فاقترب يعانق أمه ثم أخذت تدور بعينيها بينهما، ثم عكّرت حاجبيها وأهدرت: وربّ السماء لقد تبدّل وجهيكما وعُدتما بوجهين غير الأولين!

فاتسعت ابتسامة عمارة وربت على كتفيها، فقد ازدادت وضاءة وجهي عمارة وعمّار وتوهجا بالنّور، فتابعت: إذن قد قابلت أهلك واستعدت ودهم مرة أخرى!

فتنهد عمارة وأجاب: سأجيبك...

ثم التفت إلى راحيل وعمير قائلًا: سأقصّ عليكما كل شيء، لكن في البداية أدخلوا ما ابتعته لكم من هدايا وثياب وأشياء كثيرة.

فتحرّك الثلاثة أبناء يتناوبون في حمل تلك الأشياء لداخل الخيمة، بينما هي كانت تطيل النّظر إليه تحاول أن تستشف ما يريد قوله بينما هو اكتفى بابتسامة عذبة زادت النّور في وجهه.

وبعد أن انتهى الأبناء اقتربوا من والديهم الجالسَين أرضًا فأشار لهم عمارة بيده أن يجلسوا فجلسوا.

كان عمّار هو الآخر متسعة ابتسامته وقد اشتدت وضاءة وجهه مثل أبيه، فكان عمير وراحيل ويوكابد يتبادلون النّظر نحوهما.

تنحنح عمارة قائلة: أعلم أن سفرتنا تلك المرة قد طالت كثيرًا، لكن قد حدث فيها الكثير من الأحداث والأمور العظيمة التي لن يصدقها غيركم؛ فحتى الآن لم نصدق ما حدث لنا أنا وعمّار!

فأمسكت يوكابد بيد زوجها وتابعت: هيا أخبرنا أقسم عليك! ما سر تغيركما هذا؟! قلبي يحدثني أنه أمرٌ جلل.

فابتسم عمارة وربت بيده الأخرى على يدها وتابع: سأحكي والله! لكن رجاءً لا تقاطعوني، فقط أنصتوا إلى كل كلمة...

ثم قال: وصلنا إلى بلدتي وأنا أُمنّي نفسي بلقاء حار مع والدي وإخوتي وأهلي وأقراني من أصدقاء الطّفولة والصّبا، تمنيتُ أن ألقى كل من أعرفهم وأصافحهم، تمنيتُ أن أُري عمّار أهلي ليكونوا أهله بحق...

هكذا نسجتُ أحلامًا بخيالي وبنيت قصورًا من السُراب، وصلتُ إلى بيت أهلي في بلدتنا بالطّائف، ورغم أن أبي قد بلغ من العمر عتيا لكنّه بمجرد أن علم بوجودي رفض لقائي حتى أؤكد له ولائي لآلهته، هو لم ينسى أي شيء طوال تلك الأعوام...

قالها بنبرة حزينة وعينان مترقرقتان بالدّمع، ثم ابتلع ريقه يحاول الثبات مكملًا: قابلتني أمي بفتور حتى وأنا أرى اشتياقها في عينيها، لكن يبدو أنها أُجبرت، عرّفتها بابني عمّار وقبل أن أحكي عنكم قدم أحد أخوتي وخيّرني بمنتهى الجمود وكأنني لم أفارقهم منذ زمن، خيّرني بين مكوثي بين أظهرهم واستمراري في معاداة أصنامهم، لم يقبلوني مجددًا، لم يحاولون أن يتعرفوا حتى على حفيدهم أو يحسنون إليّ أمامه وأكّدوا على شرطهم المستحيل، لم أكن أفهم تلك الصّرامة والعداء اللذان كانوا يتحدثون بهما، شعرتُ بخزيٍ كبير وألم يعتصر قلبي؛ فمهما كنتُ أحيا بسعادة مع زوجة وأبناء فأنا بحاجة لجذوري وأهلي، كم تمنيتُ الوصال وعودة المياه إلى مجاريها، لكن قُضيَ الأمر.

تحرّكتُ بصحبة عمّار وقد اسودت الدّنيا بوجهي بحق من شدة القهر خاصةً في وجوده.

فشددت يوكابد مسكتها بيده فأومأ إليها برأسه وتنفس بعمق وأخرج زفيره بهدوء ثم أكمل: وبينما هممنا بالابتعاد تآتت إلى مسامعنا أحاديث القوم من حولنا وهم يقولون ما بالنا لا يأتينا زائرون عقلاء، ظننتهم يرمونني بكلامهم لأني عدتُ لبلدتي بعد أن هجرتها منذ أعوام، لكن ما تفاجأت وصُدمت به في آنٍ واحد وتسمعّته جيدًا طوال سيري...

فتبدلّت ملامحه فجأة وشعرت يوكابد بارتجافته من مسكة يده، كان بالفعل ينتفض وضربات قلبه تزداد وتتضاعف، فربّت على قلبه بيده اليسرى وتمتم قليلًا، ثم أخذ نفسًا عميقًا مرة أخرى وزفره بهدوء وبعد قليل تمالك نفسه وأكمل: لقد سمعناهم يحكون عن رجلًا قد قدم قبل بضعة أيام يسبونه في حكاياتهم، طردوه وأغروا به وأتبعوا به سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ثم وقفوا في صفَّين على جانبي الطريق وظلوا يرمونه بالحجارة وبكلماتٍ من السّفه ورجموا عراقيبه حتى اختضب نعلاه بالدماء وكان معه غلامه يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه...

فوضعت يوكابد يدها على قلبها الذي ارتجف فجأة وتساءلت بصوتٍ مضطرب: ومن ذلك الرّجل؟ ولماذا فعلوا به كل هذا؟!

فانهمرت دموعه كالسيل بصورة لم تراه عليها من قبل فسالت دموعها هي الأخرى تلقائيًا دون أن تدري السبب، فأجاب بصوتٍ متقطع من بين شهقاته لكن الغريب أن اتسعت ابتسامته من وسط البكاء: إنه نبي آخر الزمان الذي كنا ننتظر مجيئه، إنه من العرب، هو من نسل إسماعيل النبي، وقد جاء إلى الطّائف ليدعوهم إلى عبادة الله لكنهم أساؤا إليه أسوأ ما يكون وطردوه شر طردة!

فاتسعت ابتسامتها هي الأخرى وتهللت كل ملامحها وصاحت: آلله!

فأومأ برأسه وأجاب مؤكدًا: آلله!

- أستحلفك بالله! ثم ماذا فعلت بعد؟ هل رأيتَه؟ هل قابلتَه؟! ماذا فعلتٕ؟! هيا أكمل أقسم عليك...

- على رِسلك يوكابد سأكمل لكِ غاليتي، بمجرد أن سمعتُ ما سمعت وعلمتُ ما علمت، وقد تبدلت كل مشاعري وحلّت القشعريرة وسرت الرجفة ببدني، تساءلت حتى علمت بلدته وبالفعل اتجهت إليها، إنه يسكن مكة، أتدرين ما هي مكة يا يوكابد إنها بلدة البيت الحرام الذي بناه إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام...

بمجرد أن اقتربت من مكة وقد لمحت رهطٍ من الرّجال في مجموعات يقومون بتعذيب الكثير من الرّجال والنّساء، بدا عليهم أنهم عبيدًا، مقيّدون يُجلدون في شمس الصّحراء الحارّة، ومنهم مربّطين بالحبال فتجرّهم الخيول، ومنهم من ألقوه ووضعوا على صدره الصّخرة العظيمة، ومنهم من جردوه من ثيابه وقيدوه بالحديد في وسط النهار والحر الشّديد وغير ذلك كثيرين...

بالطُبع دخلتُ مكة أنا وعمّار بصفتنا تاجرَين وبالفعل كنا نجلس بالسّوق نبيع ونبتاع دون أن نلفت إلينا الانتباه؛ فهؤلاء القوم يبدوا أنهم يتربصون لمؤيدين نبي الله بالتعذيب ليردوهم عن إيمانهم، وهؤلاء المستضعَفون المعذَبون ماهم إلا من آمنوا به...

مكثتُ أنا وعمّار نتسمّعُ الأخبار كلّ يوم لمدة أيام، في الحقيقة هم قوم كرم لا يبخلون في ضيافتهم لأي غريب ما دام لم يقترب من الدّين الجديد أو يستفسر عن نبي الله...

فصاحت يوكابد بسعادة ودمعها لم يتوقف بعد: قابلتما نبي الله!

فأومأ برأسه قائلًا: للأسف لم نفلح في ذلك، لكن قابلنا أحد أصحابه وعلمنا منه عنه وعن دينه، فأوضاع تعذيب أتباعه إضافة إلى وفاة عمّه وزوجه وخذلان القوم... كان حزينًا بشدّة خاصةً بعد رحلة الطّائف، شعرتُ حينئذ بحرجٍ داخلي وخشيتُ أن أقول أنّي أنتسب لهم، لكن أكثر ما زعزع بدني أمله بقومي، أن عسى أن يخرج من أصلابنا مَن يوحّد الله... أرأيتِ كيف هي رحمته!


وحين سألتُ عن هيئته وملامحه وأُخبرنا... لم أجد كلمات تصفه فخَلقه لا يحيط بوصفه البيان، من أثره يفيض القلب فيضًا بإجلال، من يراه يحبه حد الهيام، لو رأيتيه لظننتِ أن الشّمس تسطع أمام عينيكِ، وجهه يأسر بحق، وفي نفس الوقت تشعرين بمهابته فتخفضي بصرك عنه في الحال...

ليتني رأيته! وقد أقسمنا أن لا ينبغي إلا أن يكون نبيًا مرسلًا من عند الإله، فآمنا به هو محمد النبي!

فصاحت يوكابد بسعادة: ماذا يتوجب علينا فعله حتى نكون من أتباع هذا النّبي؟!

فنظر عمارة نحوها ونحو وعمير وراحيل التي اتسعت حدقتاها وكأنما بدأت تفقد وعيها وعينيها مفتوحتين؛ تحاول استيعاب ما قصّه أبيها، فطالما حكت لهم أمها عن أنبياء الله فهل يعقل أنها ستحيا عصر فيه نبي من أنبياء الله؟! بل إنه يمكنها لقاءه يومًا ما!

انتبه عمارة إلى شرودها فناداها مرارًا حتى انتبهت إليه، فقال: والآن لتدخلوا في هذا الدين عليكم أن تقولوا مثلما أقول «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله» هيا رددوا...

فتابعوا جميعهم مرددين: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

فارتجفت أجسادهم وانهمرت دموعهم وتدافعت دقات قلوبهم، ثم أكمل عمارة: عليكم أن تغتسلوا ثم سأخبركم بطريقة الصلاة، فقط صباحًا ومساءًا، وكل ما تعلمته من تعاليم دين الله، علينا أن نوحّد الله ونعبده وحده لا نشرك به شيئًا، وأُمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدّماء، ونُهينا عن الفواحش وقول الزّور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأُمرنا بالصّلاة والزّكاة والصّيام،(*) وسأعلّمكم كيف تفعلوها، هيا قوموا أولًا للاغتسال.

فأهدرت يوكابد بسعادة: والله اليوم فرحتان! فرحة الإيمان مع فرحة قدومكما بعد طول غياب، سأذبح إحدى الأغنام وأعد لكم ثريدًا شهيًا احتفالًا بكل شيء.

فاستوقفها عمارة قائلًا: ليس اليوم يا أم عمّار، ينبغي أولًا تعلم أركان الدين وتعاليمه هي الأولى من الثّريد بل من كل شيء.

فأومأت برأسها تؤيده قائلة: أنت محق، نحمد الله أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله!

.....................

—————————————————
(*)

الحصان: المرأة العفيفة.
الخريدة: الحبيبة.
الدخيمة: منخفضة الصوت.
العبقرة واللدينة: الناعمة .
العزيزة: الغافلة عن فعل الشر.
العروب: المحبة المتحببة لزوجها.
الغيلم: التي ترغب زوجها.
الهنانة: الضاحكة.
العرهرة: عظيمة الخلق مع الجمال.

وكلها من صفات جمال المرأة التي أطلقها العرب.

——————————
(*)
أحكام الصلاة ومواقيتها تم شرعها منذ ليلة الإسراء والمعراج والتي حدثت بعد ذهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف.
شُرّع الصوم والزكاة بصورتهما الأخيرة المكتملة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، لكن كانا موجودين من قبل لكن بصورة أخرى، والدليل على ذلك قولة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكان متكلمًا عن المسلمين أمام  وفد قريش برئاسة عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة أمام الملك النجاشي عندما جاءوا ليكيدوا بمهاجري الحبشة.

Noonazad   💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro