08
.........
AFTER THE BREAKDOWN
—8—
...........
"هل يُمكنني فهم ما الذي تحاولين فعله؟" هدر جيمين بغضب وهو يظهر أمام باب غرفتها المفتوح.
"وما الذي فعلتهُ؟" سألتهُ بعدم فهم تزيح عيناها عن الكتاب الذي بين يديها قبل أن تنظر نحوه "ماذا يحدث؟"
"ماذا يحدث إيفلين؟ ما الذي يحدث معكِ هذا
ما اسألكِ عنهُ بالفعل!" بنفس النبرة هاجمها وهو يدخل نحو المنتصف "إلى متى مثلاً كنتِ تنوين الكذب عليّ؟"
"حسناً جيمين يبدو بأنك غاضب من شيء وتريد إفراغه عليّ دون سبب-"
"دون سبب؟" كرر يضحك بعصبية "هل أنا من
يفتعل المشاكل دون سبب؟ هل أنا من يتصرف
كيفما يشاء دون وضع أي أعتبار للأخر!"
"هل يُمكنك أن تهدأ قليلاً!" قالت ببطء عندما
أرتفع صوته وألتمع غضب غريب في مقلتيه، وهي تنهض عن السرير "لا أدري ما الذي فعلتهُ حتى يغضبك إلى هذا الحد ونحن لم نرى بعض منذ الأمس، مع العلم بأنني لا أعرف أين ذهبت فجأة دون أن ترد على مكالماتي لك!"
"فكري أن أردتِ لماذا ذهبت فجأة؟"
"هذا ما اسأل عنه.. أين ذهبت فجأة دون أن تخبرني الم يخطر في بالك أنني قد أقلق؟"
"وهل أنا شخص يستحق قلقكِ؟ هل أنا مهم جداً بالنسبة إليكِ حتى تبحثين عني؟ آه صحيح كيف أكون كذلك وأنت بالفعل كنتِ تنظرين بين عينيّ وتكذبين عليّ طوال الأسبوع الماضي؟" لوح بيديه في الهواء وهو يُبحلق بمنّ بادلتهُ النظر لثوان قبل أن تطرف بشكل سريع وتحلق ببصرها نحو السقف.
"هل أعتقدتِ أنني لن أعرف مثلاً؟ الم تشعري
بالأسف نحوي وأنا أوصلكِ كل صباح حتى باب
الشركة؟ ألا تفكرين بماذا قد يشعر جيمين
عندما يكتشف بأنكِ لم تذهبين إلى العمل لأسبوع كامل؟"
"جيمين.."
"هل تعتقدين بأنني لا أفهمكِ إيفلين؟ هل تعتقدين بأنني لا أرى تقلب حالكِ الغريب منذ فترة؟ ألا أسمع نواحكِ في كل ليلة؟ ألا أدرك أنكِ تبكين نفسكِ حتى النوم.. هل أنا مغفل بنظركِ!"
"جيمين أرجوك لا أريد-"
"هل هذا بسببه؟" قاطعها بنفاذ صبر وصوت عالٍ جعلها تحدق به بثبات مع قلب عصف بجنون عندما تابع "هل ألتقيتِ به إيفلين؟"
"ما العلاقة بهذا الأن؟" أجابت بتوتر وهي تتحرك بعدم إتزان "أنت تتصرف بغرابة جيمين هذا يكفي!"
"أنا أسال ما علاقة رؤيتكِ له بالغياب عن العمل!"
أشار متقدماً نحوها أكثر "حباً بالله ماذا يعني عدم الذهاب إلى العمل منذ أول أسبوع.. ألا تعرفين بأنكِ تحت التجربة؟ ألا تعرفين بأن خطأ واحد وحسب وتجدين نفسكِ أمام الباب دون توصية حتى؟"
"جيمين.. هذا ليس مافي الأمر.."
"ما الأمر إذن؟ أخبريني حتى أستطيع إيجاد حل
لكِ عوضاً عن الهروب ومعاملتي كالأحمق!"
"أنت تعرف جيداً بأنني لا أتقصد مُعاملتك بأي
طريقة سيئة جيمين.. أنا لا أتعمد إيذائك أبداً!"
"آوه حقاً؟ إذن ما الذي يعنيه الإستيقاظ مبكراً كالأحمق والذهاب بكِ للعمل؟ ماذا يعني إنتظاركِ
في باب الخروج حتى أعود بكِ ولكنني لا أجدكِ؟
ماذا يعني أن اسأل عنكِ ليخبروني بأنها قدمت أستقالتها بالفعل!" قال أخر كلمة بنبرة قاسية
وصوت أرتفع تلقائياً لتعود إيفلين إلى الخلف برأس مطأطأ والخجل يغمر كيانها.
"كيف تفعلين هذا؟" قال بعد صمت طويل من
مراقبة تصرفاتها المتوترة.. من فركها ليديها
وحركة قدمها اليسرى التي تطرق على الأرض دون توقف لعيناها التي أخدت تطرف بهما بسرعة ولكأنها تتحاشى النظر إليه.
لقد جرحتهُ.. وبطريقة غريبة ما فعلتهُ نشر
الألم في جميع أنحاء صدره، لم يتوقع أن تفعل به شيء كهذا، لم يتوقع أن تتجاوزه كما لو أنها لا ترأه، كما لو أنها لا تفكر به أو حتى بطريقة تصرفها الغير لائقة معه.. كما لو كان سائقها وحسب، يأخذها إلى حيث تريد دون أن ترشدهُ على خطواتها دون أن تصارحه دون أن تشاركهُ أسبابها.. لقد سحقت ثقتهُ بها وهذا جرح كبرياءهُ بشدة..
"لم أفعل لأجرحك.." قالت بهمس وهي تجلس
أخيراً على طرف السرير وبرأس مطأطأ "أنا لم أرغب بأن أخيب أملك جيمين.. أعلم جيداً كم تعبت حتى تجد لي هذا العمل.. ولكن لم أعد أستطيع الذهاب إليه.. ليس بعد أن علم بمكاني.. لا أريد رؤيته حولي-"
"ولأجل هذا تتركين كل شيء خلفكِ مرة آخرى؟"
"لا تتحدث كما لو أنك تعرف.."
"ألا أعرف؟ كل تلك الدموع طوال الأشهر الفائتة
الم تكن بسببه؟ تصرفاتكِ الغير متزنة في البداية الم تكن بسببه؟ الم يكسر قلبكِ.. أليس هذا الشيء المُعتاد في كل حكاية حب؟"
"جيمين هذا يكفي-"
"ما الذي يكفي؟ التحدث عن إنجازاته الرهيبة
في خيانتكِ مثلاً— طبعاً لأنه أمر كلاسيكي، تنسحب الفتاة لزاوية ما تبكي خيانته في حين أنهُ يواصل حياته كما لو أنها لم تعني لهُ أي شيء، هل أنا مخطئ؟" جادلها بتصميم وهو ينظر بين عينيها بطريقة أجفلتها.. تدرك بأنها فعلت شيء أحمق بجعله يذهب بها يومياً إلى بوابة الشركة دون أن تخبره بأنها قد قررت بالفعل ترك المكان والهروب حتى لا تجتمع بتايهيونغ ولو عن طريق المُصادفة، ولكن أن يكون تأثير فعلتها قوي إلى هذا الحد أفزعها فهي لا تُريد خسارة جيمين.. ليس بعد كل ما فعله لأجلها.. ليس بعد معرفته كل شيء ورغم ذلك ألتزم الصمت حتى لا يجرحها.. لكنها من جهة آخرى لا ترغب في خلق نزاع لا فائدة منه.. لا ترغب بأن يعرف أي شيء عن حياتها السابقة وهي التي قررت بالفعل أن تلقي بها في الخلف.. في البعيد حيث—
"لماذا لا تُجيبين؟ أليس هذا ما يحدث بالفعل؟
الم تستطيعِ بعد رؤية كم أنكِ عاجزة عن
حماية حياتكِ من شخص لم يأبه بكِ؟ أو أنكِ
تعلمين ولكنكِ تتجاوزينهُ كما تفعلين معي بكل سهولة!" تابع مُهاجمتها ساحباً إياها عن أفكارها
التي أظلمت في رأسها لتُحدق به بصمت، تتابعه بنظراتها، تلاحق أنفاسه والغضب المكبوت
في عيناه..
"أنا لا أتجاوزك! أنظر جيمين أنت غاضب ومحق
جداً في هذا ولكني فقط لا أريد أن أحزنك بأفعالي أكثر.. لم أرغب بأن تعرف عن أستقالتي حتى أحصل على عمل آخر—"
"لماذا قد تُريدين عمل آخر في حين أن معكِ
الأفضل الأن؟"
"لأنني لا أريد رؤيته مجدداً" أعترفت صارخه
وهي تنهض بحركة عنيفة من مكانها "لأنهُ يعرف بالفعل أين أعمل—"
"وهل هذا سبب كافٍ حتى؟ ألا تشعرين بالملل
من الهروب إيفلين؟ ألا تعتقدين بأنهُ يُسيطر على حياتكِ حتى وأنتما منفصالين؟"
"جيمين أنا أحذرك—"
"ألست محق؟ الم تهربِ تلك المرة حتى الجسر؟
الم ترتكبِ أكبر حماقة لكِ في حياتكِ عندما
ألقيتِ بنفسكِ من الدراجة لعل وعسى تتجاوزين الألم الروحي بالجسدي؟ هل تعتقدين حقاً بأنكِ قوية بهذا الشكل؟ هل تفكرين بأن هذه طريقة صحية لنسيانه! حسناً.. أخبريني ماذا حدث بعد كل تلك الشهور الماضية وهو قد عاد مرة آخرى الأن.. هيا قولي لي؟ هل أستطعت نسيانه لأنه لا يُمكنني
رؤية هذا في حين أنكِ تتصرفين بتهور وحماقة!"
"أنت تصبح جارحاً جيمين.. هذا يكفي!" قالت
بهدوء على غرار الغضب المدفون في صدرها والذي أخد يشتعل ويحرق داخلها دون رحمة..
جيمين كان محق في كل كلمة.. في كل حرف هو كان محقاً.. لقد ظنت بأنها تجاوزته ولكن من رؤيته وحسب أرتج عالمها وانهار.. دمرّ كل شيء بلقاء واحد مباغت.. هاجمها دون رحمة وهي التي ظنت بأنها مستعدة للإيقاع به والتباهي بحياتها الجديدة، بحقيقة أنها بخير كلياً دون وجوده.. ولكنها أدركت بأنها تخدع نفسها وحسب.. تواسي قلبها المتألم.. تطبطب على جراحها النازفة.. تخدع عقلها الغبي والذي يصر على تذكيرها بتواجده في حياتها.. بنفوذه القوية بداخلها.. بسيطرته وسطوته على قلبها.. حتى بعد كل شيء.
"أعلم كيف يبدو لك الأمر.. ولكنني أحاول جيمين" قالت بعد وقت من الزمن وهي تشعر بفتيل الغضب يخمد بداخلها من حقيقة كلماته.. هو وحدهُ من أستطاعت أن تُعري مشاعرها أمامه.. و وحدهُ من قدر على أن يوقف نفسها عند حدها.
"ألا أدرك هذا؟ هل تظنين بأنني لا أشعر بكِ؟ أنا
أعلم جيداً ما مقدار الضغط الذي تمارسينهُ على
نفسكِ، أرى بأنكِ تحاولين وتتحدين قلبكِ فيما مررتِ به ولكن مشاعركِ ما تزال تطفو.. مازلتِ تتأرجحين بين النسيان والشوق، إيفلين! كلا— ولا تهدري أنفاسكِ عبثاً في محاولة النكران.. أرى هذا كل يوم في عينيكِ، أرى ذلك بشرودكِ في كل ما تفعلينهُ، أنتِ ما تزالين تملكين تلك المشاعر تجاهه.. لم يتغير شيء في داخلكِ عدا عن ألم روحكِ من جرحهُ لكِ.."
"..ليدوم سالماً بعيداً عني جيمين.." همست
بتحشرج لم تعد قادرة على التحكم به، الدموع
ملأت عيناها فقد ظنت بأنها أخفت نفسها جيداً
ولكن لجيمين كانت كورقة شفافة يستطيع رؤية كل شيء من خلالها.. لقد جرد ألم روحها، رأى جروحها التي لم تلتئم بعد، حتى تذبذب مشاعرها، مع ذلك بقي صامتاً محترماً مشاعرها، ثابتاً بقربها ينشر بعالمها السعادة والراحة، يُساعدها منذ أول لقاء لهم، لقد حاول فعل
الكثير لأجلها والأن عندما تتذكر أنها كانت تجعلهُ يوصلها حتى باب الشركة دون أن تخبره بأنها قد أستقالت بالفعل يشعرها بالخجل.. بالغضب من تصرفها الغير ناضج.
أوقفت أحتدام أفكارها وهي تأخد نفساً عميقاً قبل أن تردف "هذا كل ما أريده.. كل ما أتمناه حقاً هو أن يبقى بعيداً عني لذلك أستقلت من الشركة.. لا أعرف كيف سينتهي بنا الأمر أن واصل على المجيء ومحاولة تبرير نفسه ليّ!" لوحت بيديها في الهواء بإستسلام منفجرة "أنا لا أستطيع أن أتماسك جيمين.. ليس بعد كل ما مررت به.. لقد كان الشخص الذي أثق به ولو طلب مني وضع بحياتي بين يديه لفعلت دون تردد أو تفكير.. لا أستطيع المخاطرة بكل ما عشتهُ لأجل مشاعر قد تطفو مجدداًً على السطح لأخسر هذه المعركة.. لا أريد أن أنهزم أمام أياً تكن تبريراتهُ— لقد شعرت بالضعف ذلك اليوم، شعرت بالحنين والشوق ورغبة مخيفة في تصديقه.. لهذا أنا هربت.. أستقلت.. لأنني لن أستطيع النجاح بهذا.. هل تفهمني؟"
وجيمين بقي صامتاً كعادته عندما يُريد موازنه
الأمور في عقله، أخد يُحدق بها طويلاً للحد الذي بدأت معهُ بالتملل من وقوفها هكذا أمامه كما لو أنهُ يقرأ ما يجول بداخلها، كما لو أنهُ يُعري روحها.
"برأيي لا يُقال لِمن ترككِ دُمت سالماً، لا يجب
عليه أن يدوم سالماً في حين أنكِ خلفهُ مُجرد
حطام تعيس إيفلين.." قال يكسر الصمت الذي طال بينهما لتنظر إليه بعدم فهم قبل أن تقطب حاجبيها بضيق مجيبة إياه "ومن أخبركَ بأنني سأصبح شيء تعيس من خلفه؟ لمَ قد لا يكون العكس!"
"لأنكِ مازلتِ تقفين حيث ترككِ، ما تزالين على
حافة الذكريات تتأرجحين بين الندم والشوق..
ما تزال عيناكِ تبحثُ عنه في كل مكان تدخلين
إليه.. ما تزالين تخشين مواجهته بالفرار.. لقد أعترفتِ بهذا لتوكِ، هل أنا مُخطى؟"
"لا يُمكنك معرفة ما يدور في داخليّ، لا يُمكنك
أن تصدر أحكام لا فائدة منها دون أن تعرف—"
"ولكن عيناكِ تدمعان، يداكِ ترتجفان، والعرق
على جبينكِ واضح منه أنكِ غاضبة، هذا يعني بأن هُناك فائدة من أحكامي التي أصدرتها، هذا يعني بأن ما بداخلكِ بات ينعكس على خارجكِ حتى يراه الجميع" قاطعها بهدوء وهو يرخي من جسدهُ الذي كان مشدود ثم أتكى على طرف الأريكة بقربه متابعاً "هُناك حقائق تتجاهلينها لمُجرد أن قلبكِ قد كُسر، هُناك نفسكِ التي تحاولين دفنها في حين أنكِ على قيد الحياة، حسناً، قد تكونين محقة، قد لا أدري أي مما تُعانين منه، قد لا أفهم كيف تمرّ أيامكِ.. ولكنني على الأقل أعلم بأنهُ لا يستحق أن تتوقفي في حين أنه لا يزال هُناك الكثير لفعله، لا تزال لديكِ حياة كاملة لعيشها.. أنظري من حولكِ جيداً، لم يتوقف شيء عن الأستمرار، الأيام تركض والأعوام تتغير والناس تختفي رويداً رويداً ماذا عنكِ؟ لا شيء، أنتِ لا تفعلين أي شيء.. بالأصح لا تدرين ما تفعلين، هل تركضين وترمين كل ما خلفهُ تركه لكِ من جراح، أم تنتظرين مرور الوقت وعودته لكِ؟.. القرار بين يديكِ كما هي حياتكِ، لا توقفِ أيامكِ لأجله،
لا تتوقفِ عن الأستمرار والبحث عن شغف آخر لكِ بسببه، يحق لكِ كل الحق في هذه الدنيا أن تكوني سعيدة.. يحق لكِ ذلك إيفلين.. أن تبحثِ عن الحياة التي تناسبكِ، أن تركضي مع الأيام لا أن تُسابقيها في محاولة بائسة للنسيان.. يجب أن تؤمني بقراركِ، أن تصدقي بأنكِ تُريدين بالفعل تجاوزه والمضي قدماً!" ختم حديثه بإبتسامة بالكاد تُرى قبل أن يعدل من أستقامته ويتوجه بهدوء صوب الباب مغادراً الغرفة..
لم يمر القليل على خروجه حتى أدركت بأنهُ غادر المنزل بشكل كليّ من رنين الباب
الخارجي لتنهار أرضاً وتمارس طقوسها المُعتادة في النحيب والنحيب والنحيب...
___________
To be continued..💗
"رسالتين قرأتهم وهنن سبب رجوعي اليوم، حرفياً أخر صبيتين علقوا عالبارت الأخير أنتو كنتو سبب تحفيزي وأنا بتشكركن من جوات قلبي💜"
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro