الفصل السادس عشر
مساء الخير قرائي الأعزاء
استمتعوا
*
قد تمر علينا أيام الخوف و نحن نمسك بقلوبنا ، يهجرنا النوم ليلا و نحن نتوسد نفس السرير مع الخوف ممسكين بسلاح واهن سوف يُصْفَعُ من بين أيدينا في لحظات تخوننا القوة و العزيمة فمن سينتصر في النهاية ؟ الخائف أم من يثير الخوف ؟
مرت عدة أيام على حادثة اختطاف آميا من طرف المقنع الأسود ، هذه الشخصية التي ظهرت للعيان مؤخرا ، الناس لن يربطوا ظهورها بأي شيء يقع من حولهم لأنهم ببساطة مجرد أناس بسيطون بعقليات ساذجة تماشي عصرهم الذين يعيشون فيه
صباحا و بينما الماركيز كان يرتدي ثيابه حتى يغادر نحو الكتدرائية ليباشر أعماله اليومية هي كانت تجلس عى طرف السرير و تحدق به من الخلف ، تنظر له و لا تستطيع أن تكون واثقة من قرارها ، هو لا ينفك يعنفها ، يعاملها ببرود و جفاء و أحيانا عندما تستيقظ تجده ينظر لها بنظرات غريبة فيزرع الشك و الخوف بنفسها لتقرر أنها سوف تسير بخطها مع المقنع و لكن بطلوع الشمس كل تلك القرارات و الأفكار ستذوب كما يذوب الجليد
شدت على كفها و هو تحدث بعد أن رمقها من خلال المرآة ، تغضبه جدا لأنها لا تتحرك و لا تنفد الخطة و هذا يجعل المزيد من الضحايا يذهبون بدون أن يتمكن من امساك المجرم الأول و الحقيقي الذي تسبب بسلسلة القتل هذه
التفت لها و هي كانت شاردة فحدق بحذائه الأسود ذو العنق الطويل ثم ابتسم و تحدث
" أنتِ "
رفعت نظراتها نحوه ، عكرت حاجبيها بعدم رضى فبينما الجميع يعاملها باحترام هو يقلل من شأنها و يتفنن باهانتها و الآن تحدث
" اجلبي قطعة قماش و امسحي حذائي "
توسعت عينيها و همست
" ماذا ؟ "
" هيا بسرعة تحركي "
قالها بزجرها فشعرت بالكره يتنامى نحوه في قلبها أكثر ، عبست و أظهرت ذلك الوجه المتمرد الذي يحبه لتستقيم و تقترب تقف مقابلة له ، بل مواجهة له بأعنف كلمات
" ما الذي تضنه ؟ هل جننت أم فقدت رشدك ؟ "
عندها بقوة شد على ذرعيها و جذبها اليه ليحدق بعينيها القوية ، إنه يدري و يعلم جيدا أي كلمة تجعل نيران الحقد و الكراهية تستعر داخلها
" تذكرت أنني اشتريتكِ ...... أليست العبدة تمسح لسيدها حذاءه ؟ "
عندها دفعته بكفيها التي وضعتهما على صدره و ابتعدت لتشير له بسبابتها
" توقف عن قول عبدة ...... أنا لست عبدة "
" أنت كذلك آميا ...... والديكِ بعاكِ لي ثم فرا هربا من العار الذي ألحقته بهما "
شعرت بالغضب أكثر يجتاحها فقد أثبتا مرة أخرى أنهما لا يفكران سوى بنفسيهما ، والدتها عندما أتت لتوديعها قالت أنهما سيخرجان برحلة أما والدها لم يكلف نفسه عناء رؤيتها و الاطمئنان عن حالها فبنظره هي ليست بريئة و ألحقت العار باسم العائلة ....... شعور سيئ ما انتابها و أشعل صدرها
" اذهب للجحيم أيها الحقير "
قالتها بسخط بينما تحدق بوجهه عندها دفعها بقوة على الأرض حتى وقعت لتسند نفسها عليها ثم قرب قدمه أكثر و تحدث بتهديد
" هيا امسحيه الآن بثوبكِ "
رفعت نظراتها التي احمرت دموعا ، الآن الحقد أصبح يعميها تجاهه ، إنه يتفنن في تلقينها دروس كرهه و مهما حاولت التمسك بانسانيتها هو ينسفها بأبشع الطرق ، حركت كفها لتمسك بطرف فستانها الأبيض الذي ترتديه ثم أبعدت نظراتها و بدأت بمسح حذائه ، كانت تفرك و تضغط بقوة و دموعها التي أبت أن تجعله يراها ، رآها على حذائه بالفعل فشعر بالغيض من نفسه إلا أنه مجبر ........ عليها أن تتحرك بسرعة قبل أن يتمادى أكثر و يجعل كل من قلبه و قلبها يتألمان
بعد أن مسحته و علق الغبار على ثوبها الأبيض أبعدته و تحدثت بدون أن ترفع نظراتها ناحيته
" لقد مسحته سيدي "
عندها دنى قليلا و ربت على رأسها لينبس
" جميل ..... جميل فكلما أطعتني كلما تجنبت غضبي الذي قد يودي بحياتكِ يا جميلتي الصغيرة "
عندها شدت على كفها و أبعدت رأسها من تحت كفه ثم استقامت و وقفت مقابله له لترفع أخيرا نظراتها ناحيته و رأى دخلهما الغضب أكثر من أي وقت مضى فأدرك أن الوقت قد حان فعلا و بعد هذه اللحظة لن تتراجع
الشيطان النائم داخل كل أنثى استقيظ و نسف انسانيتها و رقتها بعيدا لتظهر المرأة عديمة القلب و الرحمة التي داخلها ، لتترك غريزتها الدفاعية و السعي وراء البقاء تظهر فيكون هو ضحيتها عندما تنفذ جريمتها بكل صمت بينما تذرف دموع الأسى أمام الجميع و هي تندب حظها العاثر الذي جعلها تخسر زوجها الشاب بهذه السرعة
" كوني حذرة آميا ..... فعل مشين آخر و لن أكون متسامح "
قالها بتحذير بينما يرفع سبابته بوجهها ثم سار ناحية الباب ليفتحه و غادر الغرفة بعد أن أقفل الباب و هي أغمضت عينيها لتنبس بهدوء
" أنت من جعلتني بدون قلب و رحمة ...... البقاء لن يكون لكلينا ، إما أنا أو أنت و أنا لا أريد الموت "
التفتت فرأت المرآة الذهبية التي أرسلها لها أيام خطوبتهما فاقتربت منها ، أخذتها لتحدق بنفسها من خلالها ثم تركتها تقع على الأرض و هاهي ترى صورتها غير مثالية ، إن قلبها مثل هذه المرآة ما إن يكسر حتى يجرح أول يد سوف تمتد له و هي سوف تقضي على يد امتدت لها بالأذى و لن تتوانى و تتراجع هذه المرة
شدت على كفيها ثم رفعت رأسها و صرخت بصوت مرتفع
" ماريا "
و ما هي سوى لحظات حتى فتح الباب من طرف ماريا التي كانت مسرعة خائفة على آميا التي صرخت بقهر تنادي اسمها ، اقتربت منها بسرعة و وقفت مقابلة لها لتحدق بعينيها ثم نزل نظرها للمرآة
" آنستي "
ابتسمت تتحكم بدموعها عندها ماريا دنت تحاول أخذ المرآة و لكن هي نبست
" دعيها مكانها "
رفعت رأسها و استقامت لتنبس
" آنستي هل أنت بخير ؟ "
عندها اقتربت منها و أمسكت ذراعيها لتحدق بعينيها
" سوف أكلفك بمهمة ولا أريد لسانتو أن يعلم بها "
" بالتأكيد آنستي "
" اذهب لجوليا و أخبريها أن تأتي فالليدي آميا تريدها "
*
استعدت ماريا و غادرت المنزل ذاهبة لمتجر جوليا حتى تنفذ المهمة التي كلفتها بها آميا و لكن دائما هناك شخص أحمق سوف ينتبه لأمور لن ينتبه لها أعقل العقلاء ، ففيردي الذي كان يركب عصاه و يعبث بجوار الباب الخلفي لمنزل الماركيز انتبه لخروجها بتلك الطريقة التي تثير الريبة و هي تحدق حولها قبل أن ترفع قلنسوة البرنس على رأسها و سارعت بالابتعاد
ابتسم و هي لم تنتبه لنظراته المظللة فقد رأته يحدق بعيدا بينما كان حدق بها ، تبعها يسير و يصدر بعض الطقطقات الخافتة بلسانه و كأنها صوت حذاء الحصان الذي يقرع مع الأرض ، فيردي لا يغادر الحضيرة إلا للشارع أو السوق و أصبح طعامه يصل له هناك لأنه يرفض أن يجلس بالداخل و هذا ما جعل ماريا لا تلتقي معه في بيت الماركيز
كانت ماريا تسير و بين كل فترة و الأخرى تلتفت حتى تتأكد أن سانتو ليس بالجوار و فيردي كان لا زال يتبعها حتى وصلت لمتجر جوليا فاختفت هي داخله و هو صرخ كأنه حصان يصهل ثم بصوت عالي عاد يركض و يتخلل صفوف الناس بالسوق صارخا أنه الماركيز
أما داخل المتجر فقد حدقت جوليا بماريا و ابتسمت
" ما الذي تفعلينه هنا ؟ "
و ماريا تقدمت لتقف أمامها و تحدثت
" الليدي آميا تطلب لقاءكِ "
ابتسمت الأخرى ثم دنت لتسند نفسها على على طاولتها
" هل هذا يعني أنه يجب علي الذهاب لها ؟ "
" أجل "
" و لكنني مشغولة الآن ...... يمكنها أن تأتي هي لأن زبائني سوف يضيعون مني "
" هي لا تستطيع الخروج "
عندها اعتدلت و أسندت كفيها على الطاولة و اقتربت منها أكثر
" هل لحادثة اختطافها علاقة ؟ "
توترت ماريا و شعرت بعدم الراحة تجاهها لتجيبها بنفي
" لا أدري ..... "
" لقد أخبرتها أن الماركيز رجل سيء للغاية و لكن هي قامت بتهديدي لذا ما الذي يضمن لي أنها ليست محاولة لتضرني ؟ "
" و لما ستضركِ ، ما الذي فعلتِه و يجعل الماركيز يعاقبكِ ؟ "
قالتها ماريا بشك تحاصرها فأجابت بسرعة و محاولة للتملص من توترها
" لم أفعل شيئا لكن سيدتك مدللة "
" سيدة جوليا أخبريني هل ستذهبين معي أم أخبرها أنك رفضت "
فابتسمت ثم سارت نحو أغراضها ، حملت حقيبتها و سحبت درج أحد الطاولات لتفتحه و وضعت به عبوة مبيض للبشرة المستعمل بكثرة في ذلك الوقت ، كانت العبوة تحمل صورة القديس نيكولاس لتجيبها بعد أن التفتت بجانبية و ابتسمت
" بالتأكيد سوف آتي معكِ "
وضعت برنسها على كتفيها ثم حملت مفاتيح متجرها و خرجت من خلف طاولتها لتسير مع ماريا و خرجتا من المتجر ثم أقفلت الباب بالمفتاح و عندما سلكتا طريقهما نحو بيت الماركيز جوليا رفعت قلنسوة برنسها هي الأخرى على رأسها و أخفضت نظراتها لتتحدث
" هل سندخل من الباب الخلفي ؟ "
" أجل ..... الليدي أمرت بذلك "
عندها الأخرى ابتسمت من تحت برنسها لأن الليدي لو لم تكن ستلجأ لها في ذلك الأمر لم تكن ستطلب رؤيتها بتلك الطريقة السرية
*
عندما كان هو يهم بمغادرة مكتبه طرق الباب ثم فتح ليظهر من خلفه سانتو و الذي تحدث
" سيدي الماركيز رامولينو هنا و يريد رؤيتك "
وقف في مكانه مستغربا ثم أشار له بينما عاد ليجلس
" أدخله فورا "
عاد سانتو للخارج و أدخل رامولينو الذي وقف عند الباب و تحدث
" آسف على ازعاجك أيها الماركيز "
" تفضل رامولينو يبدو أنك تحمل شيئا مهما "
ابتم ليومئ ثم تقدم و جلس في المكان المقابل له و تحدث
" هناك أخبار جديدة عن السم المستخدم لقتل الرجال "
رفع حاجبه و انتابه أمل أن يكون رامولينو أتى له باسم المجرم و لكن رامولينو للأسف لم يصل إلى ذلك الحد ففي النهاية هذه مهمة الماركيز و ليس رجل علم مثله
" هل عرفت من الفاعل ؟ "
" ليس إلى هذه الدرجة سيدي الماركيز "
" اذن ما الذي تحمله بجعبتك ؟ "
" اليوم كنت في زيارة لطبيب صديقي و قد كان يتحدث عن أعراض التسمم بالرصاص "
ضيق عينيه و حدثه على الانتهاء
" انها تشبه كثيرا بعض الأعراض التي كان يعاني منها الرجال المتوفين "
" كيف رامولينو اشرح أكثر رجاء "
فأومأ ليشرح كما طلب منه
" اكتشفَ أن الرصاص يسبب المغص و مشاكل هضمية كبيرة و الرجال جميعهم كانوا يعانون من هذه الأعراض بالاضافة للهلوسة فقد ذهبت و تأكدت من عائلات البعض و قيل لي أنهم كانوا يهذون كثيرا و تصيبهم نوبات تشبه الصرع ، لقد حرصت على سؤال الخدم و هم كانوا يجيبون ضنا منهم أن من ماتوا كانوا يعاقبون من طرف الرب على ما ارتكبوا من معاصي "
أسند نفسه على مقعده ثم وضع كفه على طاولة مكتبه و حرك أنامله عليها
" و لكن نحن وجدنا أثرا للزرنيخ على التربة الموجودة في قبورهم و جلّ الأعراض بسببه "
" سيدي الماركيز السم مركب ، مصنوع من الزرنيخ و الرصاص و لكن نحتاج لمكون آخر و الذي كان يسبب اختلال في خفقات القلب و جفاف الفم و الحلق الشديدين "
" من أين لك كل هذه المعلومات ؟ "
" الطبيب صديقي أشرف على علاج عدة حالات و أخبرني بالأعراض و أنا كنت أحاول المقارنة "
" اذا لا نزال أمام عدو مجهول "
" نحن أمام شخص ذكي للغاية وضع المركبات بطريقة تنعدم فيها الرائحة و الطعم و اللون ثم تأثيرها سيكون على مدى زمني متوسط و عندما تحدث الوفاة تكون بشكل طبيعي و حتى عند تشريح الجثة لن يظهر شيء غير طبيعي "
" الزرنيخ و الرصاص مادتان واسعتا الاستخدام و لا يمكن حصر الناس الذين يستخدمونها في أعمالهم اليومية بسهولة "
قالها الماركيز بجدية كبيرة ليجيبه رامولينو
" أنا حاليا أعمل على أنواع السموم .... أصبحت مهتما بها منذ علمت بأمر القضية و الجريمة لذا سوف أحاول معرفة باقي المكونات بسرعة حتى نتمكن من ايقاف هذه الجريمة المرتكبة بحق الرجال "
عندها اعتدل و أسند كفيه معا الذين جمعهما على الطاولة و بجدية كبيرة تحدث
" أرجو أن تفعل قبل أن أفعل أنا و تجنبني الكثير من المشاكل يا رامولينو "
" اعتمد علي سيدي الماركيز "
ابتسم الماركيز ثم نبس
" اجتهد و سوف تنال مرتبة علمية كبيرة بروما .... أنا أعدك بذلك "
عندها استقام رامولينو و ابتسم
" سوف أغادر الآن و مباشرة سوف أعود للعمل "
" أرجو لك التوفيق "
غادر رامولينو و هو ابتسم لعل هذه الخطوة تجنب حبيبته الخطر الذي سوف يحدق بها ما إن هو سيواصل خطته المحفوفة بالكثير من التهديدات
*
حدقت جوليا بالمرآة المكسورة و المشطين الذهبيين الموضوعين على طاولة الزينة و آميا من خلفها تحدثت
" آخر مرة زرتك بها قلت أنكِ مستعدة لمساعدتي "
عندها التفتت لها جوليا التي تضم ذراعيها لها و ابتسمت
" و أتذكر أنكِ هددتني يومها باخبار الماركيز "
" بدوت مثيرة للشبهات يومها "
" و اليوم أنت من تبدين مثيرة للشبهات "
عندها آميا بثقة تقدمت و تحدثت
" لقد سمعت أن هناك سما متداولا بين النساء و هن يقتلن به أزواجهن لما يتعرضن له من اضطهاد من طرفهم ...... هل بالصدفة في ذلك اليوم كنت تعنين أنك ستجعلينني أحصل على هذا السم ؟ "
فكت جوليا ذراعيها و اقترب أكثر من آميا لتضع كفها على وجنتها و تهمس
" جميلة جدا ، بريئة و ناعمة ....... و لكلنك تلدغين بسرعة "
ابتسمت آميا و أبعدت لها كفها عنها لتجيبها
" نحن النساء كلنا هكذا .... ما إن نشعر بالخطر حتى ننقلب على أعقابنا "
" اذا هل انقلبت على عقبيكِ أيتها الليدي الصغيرة ؟ "
" سيدة جوليا اذا كنت تعلمين شيئا عما أخبرتك به الآن قولي و اذا لا فليتوقف كل شيء عند هذا الحد "
عندها جوليا دفعها طمعها و تأكدت أن هذه أكبر صفقة يمكنها أن تقوم بها في حياتها ، إنها الصفقة التي سوف تمنحها امتيازا للانتقال إلى مكان آخر و فتح سلسلة لماركاتها العطرية و مواد التزيين فيخف الموت في روما و يندثر السر ليزهر في مكان آخر ستحل عليه
" لقد أتيتِ للمكان الصحيح "
" اذا أنتِ بائعة السم ؟ "
" بل أنا بائعة الهدوء و الطمأنينة التي تبحث عنها جميع النساء ........ إنه الأكوا توفانا "
" كم سيكلفني ؟ "
فابتسمت ثم التفتت لتحدق بتلك الغرفة الراقية لتقترب بعدها من طاولة الزينة و حملت المرآة التي سبق و كسرتها آميا بنفسها
" كثيرا ... أيتها الليدي الصغيرة "
" كم بالضبط ؟ "
عندها التفتت لها من جديد و رفعت المرآة
" هل هذه من الذهب ؟ "
فهمت آميا مقصدها فاقتربت و فتحت الصندوق ثم قربته منها لترى المشطين الذين مع المرآة
" يمكنكِ أخذها "
" و لكنها تبدو هدية قيمة .... قد يلاحظ الماركيز اختفائها "
" لن يعيش حتى يلاحظ ذلك "
اتسعت ابتسامتها أكثر و أخذت منها الصندوق لتضع به المرآة
" هذه فقط أول دفعة ..... بعد أن يموت أريد ثلاث مئة قطعة من الذهب فثروة الماركيز هائلة و ليست بسيطة "
" سوف أعطيك كل ما تريدينه فقط خلصيني منه و من جبروته "
" يبدو أنه سيئ للغاية حتى أنك لم تستطيعي اكمال شهرا زوجة له "
" سلميني السم ولا تتدخلي في أمور لا تعنيك جوليا "
" السم جاهز "
قالتها و رفعت حقيبتها أمام عيني آميا بينما تتمسك بالصندوق ، أخذت آميا الحقيبة منها و فتحتها لتخرج العلبة ثم رفعتها أمامها و ابتسمت بسخرية
" ما هذا ؟ إنه مستحضر تجميل ، هل تسخرين مني ؟ "
تنهدت بغبطة بينما تنفي و وضعت الصندوق على طاولة الزينة لتأخذ منها العلبة و تحدثت
" إنه للتمويه ...... سوف تستخدمينه على دفعات و لا نريد أن تلفتي الانتباه لذا سوف تستخدمينه و تضعينه على طاولة زينتك بدون أن ينتبه لوجوده أحد و في النهاية تكون ميتة الماركيز قضاء و قدر من الرب "
أخذته أميا منها من جديد لتحدق بصورة القديس نيكولاس المرسومة عليه و شعرت أنها تنتمي لجنس يبكي حتى تقطر دموعه سما و جوليا تحدثت
" السم يستخدم ضمن أربع جرعات في أربعة أيام متتالية و في كل يوم تضعين في طعامه أو شرابه أربع قطرات لا أكثر حيث في اليوم الأول سوف يعتقد أنه مصاب بنزلة برد أما في اليوم الثاني سوف تتحول نزلة البرد إلى انفلونزا و صداع شديد "
تنهدت بضيق و ابتلعت ريقها لتنبس بعد ما رفعت نظراتها لها
" و في اليوم الثالث ؟ "
" في اليوم الثالث سوف يظهر ألم في المعدة ، اسهال ، جفاف و قيئ ..... و ستكون لعنة الرب قد حلت عليه لكل الظلم الذي يمارسه ضدكِ صغيرتي ثم في اليوم الرابع و مع آخر جرعة هو سوف يموت و تتخلصي من شره و ظلمه المستبد "
آخر جملها كانت تقولها بضغط و كأنها تحمل حقدا دفينا ، عميقا و أسودا ضد كل الرجال
" سوف ألتزم بالتعليمات "
" و التزمي الصمت ..... "
اقتربت منها و أمسكت فكها بكفها لتبتسم
" و اذا فكرت بالخيانة سيكون حسابك عسيرا يا جميلة فهو لن يرحمكِ أو يرحمني "
أومأت بخوف و رهبة و كأن آميا التي كانت تقف بقوة أمامها قبل قليل اختفت ما إن ظهر الشيطان الموجود داخل هذه المرأة ، تركتها أخيرا ثم أمسكت بكفها لتحدق بالعلبة و أقفلتها عليها لتبتسم
" عادة لا أظهر حقيقتي بسهولة أمام فرد جديد في ناديّ النسوي ..... و لأنك مميزة نلت هذا الشرف فحافضي عليه حتى نحافظ على انتصار النساء "
أومأت و تنهدت بضيق عندما شعرت أن تلك العلبة الموجودة بكفها تضغط على أنفاسها و جوليا حملت الصندوق بعد أن وضعت قلنسوة البرنس على رأسها لتغادر الغرفة و ماريا التي كانت تقف في الرواق بانتضارها أن تخرج رافقتها إلى الباب الخلفي ثم غادرت و عندما أقفلته و التفتت شعرت بالغربة و الريبة مما يحدث
*
رحلت الشمس في ليلة ذلك اليوم و زدانت السماء بالقمر و هي من كانت تقف بغرفتها تنهدت بقوة و التفتت عندما سمعت صوت الباب
" تفضل "
فتح و دخلت عبره ماريا و خادمة تركتها الليدي جوفانا حتى تخدم الليدي الصغيرة و تزودها بآخر الأخبار و الأحداث في بيت الماركيز ، رتبن طعام العشاء الذي طلبت منهن آميا تحضيره و أخذه لغرفتها على طاولة التي عليها مقعدين متقابلين و بعدها غادرن ، هي حتى لم تتحدث كثيرا مع ماريا من بعد مغادرة جوليا و كل ما فعلته هو الجلوس وحدها و حاولت اقناع ضميرها أن ما تقوم به لمصلحتها و لو لم يكن يهدد حياتها لم تكن لتقدم على فعل شنيع كذلك الأمر
كانت لا تزال متمسكة بالعلبة و اقتربت من الطعام ، دنت قليلا بعدما فتحتها و قربتها من صحن الحساء الذي علمت أنه يحبه و يفضل تناوله عند بداية أي وجبة و وضعت أربع قطرات ثم أقفلتها و سارعت نحو طاولة الزينة و وضعتها ليكون كل شيء طبيعي..... حدقت بنفسها في المرآة و كم رأت نفسها مشوهة و سيئة
أما الماركيز فقد توقف بحصانه بقرب المنزل بعد وقت و نزل من عليه ليسلم اللجام إلى أحد الحراس ثم دخل ، سار بتعب في الرواق المؤدي لغرفته حتى وصل و فتح الباب لتقابله آميا بحلة تجعلها فاتنة ، ابتسمت له منافية كل طبائعها و ما تعوده منها فوقعت نظراته على الطعام المرصوف على الطاولة فأدرك أن الوقت حان و أن آميا أظهرت شوكها
اقتربت لتبتسم ثم وقفت خلفه و ساعدته في ابعاد معطفه بعد أن دخل و أقفل الباب لتمسك كفه برقة و قلبه آلمه لأنه هو من استهدف براءتها و رقتها و حولها لشيطانة صغيرة
" لقد أخبرتهم أن يجهزوا لك طعامك و يحضروه هنا حتى نكون بمفردنا "
حدق بها و بدون أن يجيبها جلس على المقعد الذي قادته اليه ، وقعت عينيه على الطاولة فلاحظ أن بقربه يوجد صحن حساء و بقربها لا يوجد ، تركت كفه ثم سارت لتجلس بمكانها و رأى الارتباك و الخوف يسكنان عينيها فتحدثت
" لم تقل شيئا "
" ما حدث صباحا جعلك ساخطة علي ...... أما الآن ما أراه غريب جدا "
ضمت كفيها معا و حركتهما تفركهما بتوتر لترسم على وجهها ابتسامة كاذبة و خائفة مهما حاولت أن تجعلها طبيعية
" لا يمكننا أن نعيش بصراع طويل ..... أنا سوف أرضخ لك فالزوجة حتى لو كانت حرة أمام زوجها ليست سوى عبدة "
ابتسم بجانبية ثم حدق بالطعام و هي أغمضت عينيها لتتنهد بخفوت محاولة اخراس ذلك الصوت العميق و الخافت داخلها ، أخذ الملعقة و وضعها بصحن الحساء ثم رفعها إلى فمه و في تلك اللحظة عندما فتحت عينيها و رأته يوشك على شرب الحساء الموجود بها ارتفع الصوت داخلها فجأة فتوسعت عينيها و فتحت فمها لتصرخ و لكن صراخها أبى الخروج و منعه
نهاية الفصل السادس عشر من
" أكوا توفانا "
هل آميا ستقتله فعلا ؟ ما الذي سيحدث من بعد هذا الفصل ؟
لا تبخلوا علي بالتصويت لكي نلتقي بسرعة أعزائي و إلى أن نلتقي مع الفصل التالي كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro