الفصل السابع
مساء الخير قرائي الغاليين
بعتذر على التأخير كان بسبب ظروف
استمتعوا بالفصل
*
يحفر التاريخ بين ثنايا جدرانه العتيقة الكثير من القصص المخفية ، و يسير الكثير من العشاق من أمثال روميو في شوارع المدينة الفارغة على ضوء القمر و حنين القلب ، قد تجلس الكثيرات ممن يمثلن جوليات على الشرفات فلا يجد شجرة يتسلقها الحبيب ليصلهن ، قد تبكي احداهن على وسادتها و قد تنام الأخرى حالمة سعيدة
هجرها النوم هذه الليلة فوضعت رسالتيْ المقنع الأسود أمامها ، جهزت حبرها و ريشتها لتفرد ورقتها ، حدقت بها طويلا و ها هي كلما حاولت كتابة حرف تزورها الدموع ، هاهي تعود و تحدق بالقمر و تتذكر كلماته المتعلقة به ، قد تكون قابلته مرتين فقط و لكن هناك بالتأكيد شيء ينمو داخلها ناحيته
ذلك الرجل كلماته قليلة ، بسماته غير واضحة و نظراته قوية لكنه خذلها و أحنث بوعده عندما وعدها أنه سيخلصها من الماركيز ، تركها لوحدها تواجه غضب والدها عندما هربت لتقابله ، لقد كانت مثل فراشة حلقت حول النار عندما أبهرتها و عندما حط لسع السوط على جلدها أدركت أنها وقعت داخل حفرة من نار فهل من مخلص ؟
تنهدت بضيق و لم تتمكن من مجارات كلماته في آخر رسالة عندما دون لها قصيدة لم تقرأها بكتاب و لم تسمعها بأي عرض مسرحي من قبل ، عندها قررت أن تكتب له عتاب و بذات الوقت وداع ، يجب أن تستسلم لقدرها قبل أن يحل عليها غضب الماركيز ، قبل أن يتفنن الجميع في اهانتهم ، عليها أن تكون قوية و تستغل مكانتها التي وضعها فيها القدر حتى تسيطر على حياتها
غمست رأس الريشة بالحبر و قربته من الورقة لتبدأ بعد تفكير لم يدم طويلا فهي قررت كتابة ما ينبس به قلبها بخفوت
" لقد جعلتك تنتظر كثيرا ردي و مكتوبي هذا ، أنا بعد ذلك اليوم الذي أخذت فيه وعدك بأنك ستخلصني أدركت أن الوعود و العهود لم توضع سوى لتنقض و تنكث ، أدركت أن أحلامي الساذجة هي من جعلتني أجبرك على وعدي أنت من رفضت و قلت أنك لست ندا للماركيز
أنت محق فلا أحد منا ندا لرجل مثله ، لقد وجدنا أنفسنا جميعا مجبرين على طاعته و اظهار الولاء و الاحترام له ، و وجدت نفسي مرغمة على اظهار الحب له ، أنا لا يمكنني أن أحبه و إن سلمته حياتي فذلك ليس سوى جزء من الصفقة التي أتمها مع والدي ، أنا لم أعد ملكا لنفسي ، بل ملك للماركيز لأنه دفع ثمني ثروة كما بلغني ، لست حرة لأنني عبدة و رجل مثلك أيها المقنع الأسود لا تليق به سوى امرأة حرة من القيود و أنا قيدوا حتى مشاعري
آسفة لأن ما كتب برسالتي هذه لم يكن ما انتظرته طيلة هذا الوقت الذي مرّ ، يستحسن أن تصرف نظرك عني لأنني صرفت نظري عن الحياة برمتها و لم أعد حرة الهوى ، قيدوني و وضعوني بقفص ثم بعد أيام سوف يتم حبسي في منزل عالي الجدران و قوي الأسوار لن تجتازه أنت و لن أعبره أنا و هذا وداعي لك أنا من كنت حرة يوما "
حاولت التحكم بسيل دموعها الذي أدمى قلبها ، حاولت أن تخبر نفسها أنها قوية و لن تنهار ، لن تتداعى مثل سور قديم فقد أساساته ، لفت الورقة ثم أخذت شريطا حريري أحمر اللون ، حزمت به الرسالة ثم استقامت و سارت لتقف أمام النافذة التي لا زالت تفتحها
حدقت بالقمر لتتنهد لعل الغصة التي تطبق أنفاسها تعبر صدرها إلا أن ذلك يبدو صعب الحصول و المنال ، شدت على الورقة بكفها و عندما حاولت التراجع لتقفل نافذتها سمعت طرق حذاء حصان يقترب ، بدون أدنى تحكم منها رسمت على وجهها ابتسامة كبيرة و قربت الرسالة من صدرها عندها ظهر ظل الحصان و لم يطل الأمر لتلمح بياضه
كان يمتطيه المقنع الأسود كما سمته هي ، ثيابه سوداء كالعادة و برنس يتحرك بفعل الهواء من خلفه بمظهر يبدو كمشهد من احدى الروايات الرمنسية التي أمضت زمنا طويلا في قراءتهم و رسمه خيالها ، تقدم و مع كل طرقة على الأرض لحصانه كانت طرقات قلبها تضرب بقوة على صدرها لعلها تفتح لقلبها الباب حتى ينشر سعادته
توقف أخيرا تحت نافذتها مقابلا لها ثم رفع رأسه ناحيتها و كالعادة يضع قناعه الأسود و هي عبست فقد تأملت أن ترى ملامحه لآخر مرة ، تأملت أن ترسمه بذاكرتها فيعيش معها بكل تفاصيله ، تنهدت بقلة حيلة و مدت كفها التي تحمل الرسالة التي كتبتها توا فكان على موعده و لكن لم يكن قبلا على وعده
تركت الرسالة تقع و هو بسرعة التقطها لتكون بكفه ، شد عليها ثم رفع مرة أخرى نظراته نحوها فتراجعت نحو الخلف و بدون أن تسيطر على دموعها خرجت شهقاتها ثم أقفلت النافذة و وجد نفسه في مواجهة كثير من المشاعر البائسة
سمع بعض الأصوات الصادرة من منزلها ثم رأى الأنوار تنار في قناديل المنزل و هذا ما جعله يخفي الرسالة بثيابه ثم شد لجام حصانه الأبيض و انطلق مغادرا متعطشا لقراءة ما كتبته له حبيبته بعد طول انتظار
لقد طرقت مرة أخرى أطراف الحصان الراكضة الأرض لتصدر ذلك الصوت بالشارع الهادئ و السيد أوردولافي وقف خلف نافذة غرفته و رأى فقط شعر الحصان المتطاير فتنهد
" من كان عزيزي ؟ "
قالت زوجته التي وقفت خلفه فنفى
" لا أحد ..... هيا لنعد للنوم فغدا سيكون يوما طويلا "
التفت لها و سارا نحو السرير ، جلس على جانبه و اقترب من الطاولة التي عليها القنديل ثم أطفأه و آميا كذلك أغمضت عينيها بعد أن تمددت في مكانها ، ستسمح لدموعها بزيارتها لأول و آخر مرة حتى تستطيع مواجهة الحياة ، هي لم تعد طفلة و البكاء لا يناسب النساء القويات
*
في منزله الكبير، في جنحة الظلمة الموجودة بغرفته و حيث هناك ركن صغير تضيئه شمعة صغيرة تتمايل شعلتها على حركات المشاعر المتهالكة بين أروقة الصمت ، وضع القناع الأسود و الرسالة ذات العقدة الحمراء ثم حدق بها ، إنه رجل بوجهين
وجه يهابه الجميع ، لا يبتسم ولا يفك عقده ، يفرض به سلطته على الكل و يظهر من القسوة و البرود ما يميت القلب و وجه آخر لا تعرفه سوى حبيبته التي تقرب منها بعد سنين طويلة من التردد ، فكر كثيرا كيف ستكون صورته أمام الناس و هم يرون الماركيز يدوب عشقا بين ثنايا قلب طفلة ، ألن يكون هذا مشينا بحقه ؟
جلس على المقعد القريب من الطاولة و أخذ بخفة و هدوء الرسالة ، إنه مشتت بين كل ما يحدث بالرغم من أن كل ما يحدث ليس سوى من صنيع يديه ، من تدبيره و تخطيطه هو لا الحياة التي دائما ما نلقي عليها التهم و اللوم
سحب العقدة و وضعها على الطاولة ثم فتح الورقة ، جزء منه و الذي يناصره المقنع الأسود كان تواقا لملاقاتها بن حروف حبها و شعرها أو حتى نثرها المقتبس و جزء من الماركيز كان ناقما عليها إن هي فعلا تجرأت و جارت رجلا غريبا عنها في عشقه لها
تابع الحروف بنهم شديد يبحث بينهم عما يروي عطشه و لكنه لم يجد سوى ما يزيده عطشا و حرمانا ، أول رسالة كتبتها له ، كانت رسالة وداع ، ألا يفترض أن يكون اللقاء ؟
الماركيز شعر بالانتصار و أن كل شي يسير حسب مخططاته لهذه الحياة أما المقنع الأسود ، الرجل العاشق بداخله شعر بالأسف على قلب حبيبته الصغيرة ، شعر بدموعها و قلبها المحطم لكل ما يجري و أنّب الماركيز
الرجل عندما يعشق يفضل الصمت ، سوف يحسن التواري و يتفنن بايلام قلب معشوقته و بالتالي يتألم لألمها و إلا لن يستحق لقب العاشق ، سحب درج الطاولة و داخله وضع القناع و الرسالة الوحيدة التي وصلته منها و التي لن تتكرر ، ربما يجب عليه الاقفال على ذلك الرجل و حصانه الأبيض في مكان بعيد و يلتفت للقادم لأنه مهم جدا و سيوصله لحل اللغز الذي يحير روما و يقتل رجالها
*
يختفي الضعف و تتجدد القوة مع تجدد شروق أشعة الشمس و هاهو الماركيز يقف أمام المرآة الطويلة يتفقد مظره المهيب بعد أن انتهى من ارتداء ثيابه ، ثياب سوداء و حذاء ذو عنق جلدي أسود اللون كذلك ، معطف طويل و اطلالة معتادة له ، طرق الباب فالتفت و أذن للطارق بالدخول و لم يكن سوى مساعده سانتو كالعادة
" سيدي الماركيز العربة جاهزة "
" هل الليدي جوفانا جاهزة ؟ "
" سوف نمر عليها و نصطحبها معنا سيدي "
" اذا هيا بنا "
سار هو ليخرج و من خلفه سانتو ، كانا يسيران عندما تحدث سانتو بهدوء من خلفه
" سيدي ماذا سنفعل بالحصان الأبيض ؟ "
توقف هو مكانه و شعر بالسوء ، شد على كفه ثم نبس بهدوء
" خذه لحضيرة منزلك و لا تجعل أي أحد يراه "
" أمرك أيها الماركيز "
واصلا السير حتى وصلا للعربة ، اليوم لن يمتطي حصانه الأسود ، سوف يصحب عمته و يأخذها لبيت خطيبته التي آهانتها بشدة و لو انتشر الخبر ستكون اهانة بحقه هو ، صعد ليقفل الباب فحدق عبر النافذة الصغيرة بالشارع لتنطلق العربة ، لم يمر كثيرا من الوقت لتتوقف بقرب بيت الليدي جوفانا
مرغمة هي صعدت بجانبه و أقفل الباب لتنطلق الرحلة القصيرة نحو بين عائلة أوردولافي ، لم تحدق به عمته و شعرت بالغضب يملأها بينما يرغمها على الاعتذار من فتاة صغيرة متطاولة ، لقد حفر كره آميا بقلب عمته و عمته ليست المرأة السهلة ، إنها تلك المرأة الحقودة التي نست عاطفتها تجاه جميع الرجال و اتخذتهم أعداء ، حاولت كثيرا تناسي عدائها له و لكنه أحياه و أضرم النيران في قلبها من جديد الليلة الفارطة
توقفت العربة أخيرا بقرب منزل آميا و قبل أن يفتح الباب حدق هو بها و تحدث
" أيتها الليدي لن أكرر كلامي ستتراجعين عن طلبك و تعتذرين عن الاهانة "
شدت بكفها على حقيبتها التي تحمل داخلها القطع الذهبية العشرة التي انتقصتها من مهر آميا المتفق عليه حتى يتم التأكد من أنها نقية و عذراء ، ابتسمت بطريقة لئيمة و مخيفة لتنبس
" أنت ترتكب خطأ كبير أيها الماركيز صدقني "
" أنت من ارتكبت الخطأ أولا .... أنت من لا تتصرف على سجيتها ولا حسب مركزها فيفترض بك أن تتمسكي بالخجل و العار بعد الذي رأيته أمس منك لا أن تواجهيني بقوة مثلما تفعلين "
" لن أنسى أن أرد لك اهانتك أيها الماركيز "
قالتها بحقد و ضغط على كلماتها و هاهو يجيبها
" لقد وجهتيها لي مسبقا و هذا ليس سوى ردا على ما بدر منك "
" فقط أخبرني كيف تحولت لمدافع شرس عن هذه الفتاة ؟ "
" أنا لا أدافع عن أي أحد لشخصه ، أنا أدافع عما أراه صحيح و أصحح ما أراه خطأ "
و بتحدي أجابته
" لن يسعك تقويم كل الأخطاء حولك "
" سأقوِّم ما مكنني منه الزمن "
رجل فطن ، ذكي يحرك الجميع كيفما يريد و لكنها امرأة ، انها ضعيفة إلى أن تتمكن من فريستها لتخنقها مثل الأفعى و تلدغها بسمها فتموت بين أحضانها و لاحقا تخرج باقي أسلحتها ، عويل و دموع ، حزن و سنوات طويلة من الحداد على ضحية هي قتلتها
طرق الباب ففتح من طرف سانتو و نزل ليقف خارج العربة ، غزته أشعة الشمس الدافئة ثم قدم كفه للليدي التي تمسكت بها مرغمة ، نزلت ليُقفل باب العربة و تقدما نحو باب المنزل الذي طرقه بخفة و ما هي سوى لحظات حتى فتح من طرف خادمة و التي سرعان ما تنحت عن الطريق و دعتهما للدخول
*
في غرفة آميا كانت تقف بجانب النافذة ، تنتظر عودة ماريا التي أرسلتها حتى تحضر شخصا موثوقا و معروفا بنزهاته حتى تكون هي من تقوم بفحصها ، كانت ترتدي ثوبا بلون أزرق زمردي ، به كمين شفافين و شعرها قد سرحته كعادتها بدون تكليف أو محاولة الظهور بمظهر المتألقة و الجميلة
عينيها زاد بريقهما بسبب انعكاس لون الثوب عليهما و لكن داخلهما و بعمقهما يوجد خوف مختبئ يحاول الاقتناص من صلابتها و قوتها بعد أن طال غياب ماريا ، عندما رأت وصول الماركيز ابتعدت عن النافذة و عادت لتجلس على طرف سريرها حينها طرق باب غرفتها فهبت واقفة ضنا منها أن ماريا عادت و دخلت من الباب خلفي
فتح الباب و ظهرت من خلفه والدتها و التي ابتسمت لها لكن آميا لا تزال ناقمة بشدة على كل من أبيها و أمها فأشاحت بنظراتها بعيدا ، دخلت والدتها لتقفل الباب ثم اقتربت منها لتأخذ كفها بكفيها معا و تحدثت برجاء
" آميا .... أقسم أن الندم يدمي قلبي فسامحيني "
سحبت كفها من بين كفيها لتضم به كفها الثانية و حدقت بها لتنبس ببرود و قسوة
" أسامحك على ماذا بالضبط أمي ؟ على اتهامي أم على بيعي ؟ "
امتلأت عيني والدتها بالدموع و لم تجد ما تقوله و هي عادت تسير نحو النافذة ثم وقفت توليها ظهرها
" ما الذي تريدينه ؟ "
" الماركيز و الليدي جوفنا هنا من أجلكِ ... "
" أخبريهما أن ينتظرا مزيدا من الوقت "
توسعت عيني والدتها و هتفت بعدم تصديق و صوت أخفضته
" هل جننت ؟ "
التفت لها و رمقتها بنظرات تجردت من الخوف
" لم أجن و لكن تمت اهانتي و أنا أحاول ابعاد الشبهات عني يا أمي .... أحاول الدفاع عن نفسي و عن نقائي عندما لم أجد أحدا ليدافع عني "
عادت تنظر عبر النافدة و شعرت أن ماريا أطالت في غيابها و أمها باستسلام خرجت لتقفل الباب ، نزلت الدرج و هي تشعر بالتعب و الوهن فآميا تغيرت منذ تمت خطبتها على الماركيز ، أصبحت باردة ، كلامها قاسي و عدوانية جدا و بالمقابل هم لا يستطيعون فعل شيء لأن كل ما يحدث ليس سوى نتيجة حتمية لما فعلوه هم بها
سارت نحو غرفة الاستقبال و كانت مرغمة على رسم ابتسامة و تحدثت
" سوف تنهي تجهزها و تأتي "
ابتسمت الليدي بسخرية و غضب و والدها حدق بالماركيز الذي كان ينظر أمامه بشرود ، مرّ بعض الوقت و طرق باب المنزل لتحدق السيدة أوردولافي بزوجها و هو استقام
" سوف أرى من سيزورنا بهذا الوقت "
لم يأبه له تشانيول و هو ما إن وصل بقرب باب الغرفة حتى وقفت ماريا و بجانبها امرأة تعرفها كل من السيدة أوردولافي و الليدي جوفانا
" ماريا .... "
نبس بها السيد أوردولافي و المرأة الأخرى قدمت تحيتها للجميع عندما أمسكت ثوبها و انحنت باحترام
" مرحبا سيدي المركيز ، أيتها الليدي جوفنا "
حدق هو بعمته و التي حاولت أن تكون متماسكة أمام هذه المرأة و ماريا تحدثت
" إنها السيدة جوليا توفانا .... صاحبة أشهر متجر لمواد التجميل و العطور بالاضافة للاستشارات النسائية "
ابتسمت لهم جميعا و والدة آميا استقامت لتتحدث هي
" لقد تم استدعائي من طرف الآنسة آميا أوردولافي "
و لم تكد تنهي كلامها حتى حطت قدم آميا بآخر درجة و سارت نحوهم لتتحدث و تجذب أنظار الجميع
" مرحبا بكِ سيدة جوليا "
التفتت لها و ابتسمت ثم تقدمت معها لتدخل ، و بقرب الباب كانت مجبرة على تقديم احترامها لليدي جوفنا و الماركيز ، هذا الأخير الذي التزم الصمت و راقب تلك الفتاة الصغيرة ، الفتاة التي اعتبرها حتى وقت قريب هشة و لكن هاهي تظهر عكس ما توقعه ، هاهي تستقيم لتنفض غبار الألم و الخذلان لتكون قوية ، القوة ، بمعناها الصحيح ، بدون خداع و مكر
وقفت في الوسط و حدقت بهم جميعا لتتحدث
" السيدة جوليا هنا من أجل فحصي و التأكد من أنني عذراء حتى تكون الليدي مطمأنة "
هذا ما استفز الماركيز و الذي استقام ثم تقدم ليقف مقابلا لها فرفعت نظراتها نحو عينيه القاسية ، اهتز قلبه لوقع نظرتها و لكنه كما تعود قوي لا يهزم بسهولة ولا يرفع راية الاستسلام
" لا تحتاجي لطمأنة أي أحد ..... الليدي هنا حتى تعتذر منكِ "
و بعناد و تجاهل لما قاله عن اعتذار الليدي ردّت
" آسفة أيها المركيز و لكن لن أكون راضخة هذه المرة لأوامرك ...... اسمح لي أن أتمرد و أخضع للفحص و بعدها الجميع سيكون تحت أمرك صدقني "
قوية هي جدا ، ثابة ، فصيحة تتحدث أمامه بدون أن يرتجف صوتها في حين هو يقاوم ، يجاهد و يبني صروحا بداخله من القوة و الثبات لتعينه على أن يظهر قويا أمامها
" اذا هل تتجاوزين كلامي ؟ "
" مستحيل أن أتجاوزه .... ربما هو تمرد في طبعي و لكن صدقني تمردي هذا لن يضرنا فقط سوف يضع بعض النقاط على حروفها الصحيحة ، لقد تم اتهامي بخطيئة و ذنب كبير و أنا يجب أن أثبت براءتي "
ما الذي يمكنه فعله أمام اصرارها ؟
" لكِ ما تريدين "
انحنت بخفة مرة أخرى أمامه بينما تمسك بثوبها
" ممتنة للطفك و تقديرك لمشاعري أيها الماركيز "
غادرت هي مع ماريا و السيدة جوليا التي راقبت الوضع بصمت ، راقبت ردات فعل الليدي جوفانا و ابتسمت بجانبية
عاد هو ليجلس ، جلس والدها كذلك و أربعتهم كانوا في انتظار ، لم يكن خائفا و لا متوترا لأنه متأكد من نقائها و عفتها هو فقط كان يساير الوضع و يرى إلى أي مدى قد تصل عندما تصبح مهددة و تكون مضطرة للدفاع عن نفسها و هذا أعجبه و سيخدمه كثيرا مستقبلا و ما لا يعلمه أن العداوة التي بناها مع عمته ستخدمه أكثر و إن كانت في ظاهرها ليست سوى أذية كبيرة
في غرفة آميا تمددت على سريرها و وضعت ماريا عليها الغطاء ، وضعت كفيها عليه تثبته على بطنها و أغمضت عينيها بينما تتنفس بقوة ، هناك رهبة تملكتها و السيدة جوليا رفعت لها ساقيها لتجعلهما مستندين على السرير و تحدثت بعد أن اعتدلت بوقفتها و هي تحدق بها
" إن كنت تريدين أن أخبر الجميع أنك عذراء سأفعل ..... "
عكرت هي حاجبيها ثم أسندت نفسها على مرفقيها لترفع رأسها قليلا و حدقت بها باستنكار
" ما الذي تقولينه سيدة جوليا ؟ "
" النساء يتم ظلمهن ، يتعرضن لقسوة شديدة من طرف الرجال و سمعت أن الماركيز لا يرحم لذا أريد تجنيبك المأساة "
عندها شعرت آميا بالغضب لتجيبها
" أنا عذراء لم يمسسني رجل من قبل و ما أقوم به فقط لاخراس أفواه المتطاولين سيدة جوليا لذا قومي بعملك و تحلي بالضمير "
ابتسمت ماريا بخفوت لأن آميا يوما عن يوم تظهر قوة عظيمة ، لن تكون امرأة عادية أبدا ، عادت تتمدد و جوليا التزمت الصمت عندما رسمت ابتسامة خافتة و فحصتها ، كانت آميا تتنفس بقوة و تحدق بسقف غرفتها ، تذكرت يوم رمت الليدي كيس النقود بحضن والدها و امتلأت عينيها بالدموع
تركت جوليا ثوبها و أخفضت لها ساقيها لتتنهد و بابتسامة تحدثت بينما تحدق بها
" أنتِ عذراء آنسة آميا "
أغمضت عينيها و تدحرجت دموعها على جانبي وجنتيها لتبتسم و ماريا اقتربت منها و أمسكت بكفها
" آنستي ..... "
عندها تحدثت جوليا
" اذا هيا حتى أثبت للجميع أنك عفيفة آنسة آميا "
*
في الأسفل الجميع كان يجلس بهدوء و بترقب و أكثر من يدق قلبه و لا يهدأ يخاف من العار هو السيد أوردولافي ، ألا يعتقد أنه يتصرف بغباء فمن هذه الفتاة التي سوف تستدعي من يفحصها حتى منزلها إن كانت قد ارتكبت خطيئة ؟
حرك الماركيز كفه على قدمه و ماهي سوى لحظات حتى تقدمت آميا و من خلفها جوليا و ماريا ، دخلت لتقف وسط الغرفة و الجميع استقام و حدق بجوليا بترقب ، ابتسمت هي بينما تحدق بالماركيز الذي وحده من بقي جالسا في مكانه ثم تحدثت
" آميا عذراء ..... نقية و لم تلحق بنفسها أو بعائلتها العار "
تنهد والدها بقوة و ترك نفسه ليجلس على المقعد و والدتها حاولت الاقتراب منها و لكنها رمقتها بنظرات تخبرها أن تبقى مكانها عندها الليدي تقدمت و وقفت مقابلة لها ، أخرجت كيس القطع الذهبية من حقيبتها التي تحملها بيدها و بابتسامة رفعته أمامها لتتحدث
" الآن أصبحت تستحقين الحصول على ما تبقى من قطع الذهب "
و آميا ابتسمت لتأخدهم منها ، شعرت الليدي بالانتصار و لكن ذلك لم يطل عندما التفتت و سلمتهم لجوليا
" إنه أجرك سيدة جوليا "
الجميع توسعت أعينهم و الماركز الذي ربما نُسيَّ وجوده استقام و اقترب ليقف بينهما و تحدث بغضب شديد
" لما لا أعلم عن القطع الذهبية ؟ "
نهاية الفصل السابع من
" أكوا توفانا "
حقيقة ما تعمدت أخفي شخصية المقنع و الدليل أني كشفتها الآن و كان كلشي واضح أنو هو نفسه الماركيز
اذا أعزائي إلى أن نلتقي مع فصل جديد كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro