الفصل الثالث
مساء الخير قرائي الغاليين
لمن لا يعرفون آميا ، انها بطلة تشانيول برواية " روح أطلنتس "
أما الي يعرفون آميا يعرفوا هبلها هناك و كوبلها المثالي معاه
استمتعوا بالفصل
*
هناك لحظات في الحياة نعيشها فنعتقد أنها النهاية و لكن من بعدها سوف نخط على دفاترنا و بين سطورنا بداية جديدة ، فتحت عينيها و تنفست بقوة لتجد الليدي جوفانا تحدق بها بنوع من الاعجاب و هذا ما كرهته ، ألا يكفي ابن شقيقها الذي عاملها كخرقة بالية في السوق
لم يكلف نفسه النزول عن حصانه و تفقدها بينما كانت نظراته مشتعلة نحوها و هي مثل أي فتاة صغيرة أسندت ركبتيها على الأرض و ضمت رأسها لتغمض عينيها فخرج صوته بغضب
" آخر مرة تتحدينني أيتها الفتاة المتمردة "
في تلك اللحظة سارعت والدتها و أعانتها على الوقوف ، حدقت هي بها بينما تحاول حبس دموعها و عدم بكائها لتهمس والدتها بلوم
" ما الذي كانت تحاولين فعله ؟ "
" أمي "
و في تلك اللحظة سمعت صوت حوافر الأحصنة تضرب على الأرض بينما تبتعد فالتفتت و حدقت بظهره و هو يغادر ، وضعت كفها على قلبها و تنفست براحة و دموعها رغما عنها تتابعت لتسحبها والدتها
" هيا و حاولي أن تهدئي في الطريق .... "
اقتربت الليدي جوفانا من والدتها و رأتها تهامسها و هذا ما جعلها تقرب كوب الشاي و تلتفت للفتاة التي تجلس بقربها لربما تجد ما تكلمها به و لكنها كانت مشغولة بضبط زينتها بينما تحمل مرآة فعكرت حاجبيها لتنفي بملل
أما الليدي جوفنا فقد تحدثت بصوت منخفض لوالدة آميا ، السيدة أوردولافي
" أخبريني كم عمر ابنتكِ ؟ "
ابتسمت الأخرى و توسعت أساريرها بهجة لتجيبها بينما تحدق بابنتها
" ثمانية عشرة سنة "
ابتسمت أكثر الليدي جوفنا لتنبس
" مناسبة جدا ..... كما أنها جميلة "
و أمها أكملت تخبرها عنها
" و مثقفة كذلك "
أبعدت أخيرا الليدي جوفنا نظراتها عنها لتحدق بوالدتها و الآخرى واصلت
" لقد تربت كالأميرات و والدها حرص على تلقينها جميع العلوم و الفنون فظهر و نمى حبها للقراءة و نظم بعض من قصائد الشعر "
" يبدو الأمر جيدا "
" انها متفردة من بين قريناتها "
قربت الليدي كوب الشاي منها لترتشف منه القليل ثم وضعته
" ما اسمها ؟ "
" آميا ..... آميا أوردولافي "
" التاجر الكبير أوردولافي ؟ "
" أجل أيتها الليدي "
" اعجابي بها يزداد "
ابتسمت والدتها و شعرت بالانتصار لتلتفت و تحدق بابنتها و في تلك اللحظة تحدثت الليدي ليلتفت الجميع لها فغرفة جلوسها كانت مليئة بالنسوة و بناتهن
" آميا ... هلا أتيت و جلست بقربي ؟ "
رفعت هي نظراتها نحوها و شعرت بالرفض و الضغط ، ابتسامة والدتها متوسعة و هذا نذير شؤم ، وضعت فنجان الشاي بقربها على الطاولة بينما كانت يدها ترتجف و الفتاة التي كانت بجانبها تعتني بجمالها حدقت فيها بغيض بالغ ، استقامت هي لتحمل ثوبها برقة و اقتربت لتربت الليدي على المكان الفارغ بينها و بين والدتها
" اجلسي هنا "
جلست بهدوء و لم تترك ثوبها لتشد عليه أكثر عندها ابتسمت الليدي للجميع ثم أشارت لهم
" استمتعوا بوقتكم "
مرغمين عادوا لأحاديثهم و لكن النظرات الجانبية كانت منصبة على آميا و الليدي التي أمسكت بكفها و وضعتها بين كفيها ثم ربتت عليها
" ارفعي نظراتك لي يا جميلتي "
والدتها من الجانب الآخر كانت تستخدم كفها حتى تجعلها تتحرك و هي رفعت نظراتها لها فنبست الليدي
" عينيك ساحرتين ..... جميلة ، صغيرة و مثقفة كما أخبرتني والدتك "
" شكرا ليدي جوفانا "
" هل يمكنك اخباري عن الكتب التي قرأتها ؟ "
" لم أقرأ الكثير "
عندها تحدثت والدتها بينما تضحك بدون داعي فأميا تظهر جابها المتمرد الآن
" عمرها الصغير لم يسعفها أن تقرأ كل ما ترغب به .... مع الزمن ستفعل بالتأكيد "
عندها عادت الليدي و ربتت على كفها
" بالتأكيد ...... "
مرّ الوقت و آميا تجلس بقرب الليدي و في النهاية تحول عشاء الليلة الموالية إلى حفلة كبيرة لتدعو لها الجميع و هدفها من وراء الحفلة أن تعرّف الماركيز على آميا فهي في النهاية لا تريد زواج بدون اعجاب ، على الأقل قليل من العاطفة حتى يكوّنان عائلة تتجه جميع الأنظار نحوها
غادرت آميا مع والدتها أخيرا منزل أو يمكن قول قصر الليدي جوفانا و مباشرة سحبتها والدتها للسوق ، كانت تمسك بكفها و تسحبها بينما هي تسير و البؤس مرسوم على وجهها
" لا أصدق ...... لقد أخبرتكِ أنكِ تستطعين لفت انتباه الليدي "
عندها شعرت آميا بالغيظ من كلامها فسحبت كفها من كف والدتها بقوة و توقفت لتلتفت لها الآخرى بعد أن توقفت
" آميا "
رفعت نظراتها و نبست بغضب
" لا أريد أن أباع كسلعة "
اقتربت منها والدتها لتمسك بكفها من جديد و حاولت أن تكون لطيفة معها
" نحن لن نبيعك صغيرتي ، إنه العمر المناسب للزواج و أنت لم تعودي صغيرة و الليدي جوفانا كان تعاملها راق جدا "
و لكنها نفت بينما تحاول التحكم بدموعها
" لا تحاولي خداعي الأمر واضح جدا "
لم تجد ما تقوله لها سوى أنها شدت على كفها و تحدثت تتجاهل كلامها و الخوض في النقاش معها
" هيا أمامنا عمل كثير ولا يوجد لدينا الوقت الكافي "
سحبتها معها تسيران حتى وصلتا لمتجر الخياطة ، دخلت و اختارت والدتها الثوب الأغلى و الأرقى الموجود هناك لتقوم الخياطة بتعديله لكي يناسب جسد آميا بينما كانت ترتديه و تقف في الوسط ، كان ثوبا من الفلفت قاني اللون قصير الكمين و يظهر القليل من فتنة الصدر و النهدين
" الثوب ناسبك آنسة أوردولافي "
قالتها الخياطة بينما تبتسم لها و هي لم تبتسم بل كانت عابسة و تحدق فيها بدون أن تبدي أي رد فعل ، التفتت الخياطة لوادلتها لتعكر حاجبيها بتساؤل و الآخرى ابتسمت لتنفي و تحاول مدارات ما يحدث مع ابنتها
" كانت تريد ثوبا آخر ليس جميلا "
حدقت بوالدتها تحرقها بنظراتها فهي جعلتها تظهر بمظهر التافهة لتواصل الخياطة عملها ، بعد أن ضبطت القياسات احتاجت ساعتين أخرتين حتى يجهز و السيدة أوردولافي سحبت آميا مرة أخرى و هذه المرة صحبتها لمتجر " جوليا " للعطور و مواد التجميل التي تصنعها فلاقت شهرة واسعة بين أواسط النساء الأرستقراطيات في روما
دخلت آميا مع والدتها للمتجر فتذكرت علبة مسحوق التجميل الذي وضعته ماريا بحقيبتها ففتحتها و أخذته تلقي عليه نظرة و كان مشابها لما يعرض ، تحركت والدتها في المتجر و تحدثت بغربة
" غريب أين هي جوليا ؟ "
أعادت آميا العلبة لحقيبتها لتقفلها ثم رفعت نظراتها لأمها و في تلك اللحظة فتح باب صغير و خرجت منه سيدة كانت ترتدي برنسا و من خلفها جوليا التي ابتسمت للسيدة أوردولافي ، حدقت آميا بتلك السيدة التي سارعت في الخروج و ما إن أمسكت بمقبض الباب حتى تحدثت جوليا
" كما أخبرتك لا تبدئي باستخدام الخلطة حتى تتخلصي من جميع البثور التي عالجناها ، أي بعد شهر من الآن "
التفتت لها الأخرى لتومئ و تجيبها
" حسنا جوليا سوف أعود بعد ذلك بالتأكيد "
خرجت المرأة و آميا أخيرا التفتت لجوليا التي كانت امرأة متوسطة العمر و لكنها جميلة جدا ، تحتفظ بشبابها و تبدو ذكية للغاية ، ابتسمت لآميا و تحدثت
" هل هذه ابنتك سيدة أوردلافي ؟ "
التفتت لها والدتها و ابتسمت لتعود و تحدق بجوليا
" أجل .... إنها آميا ابنتي و أتينا هنا من أجل عطر قوي و ساحر جوليا "
" تدرين أنه يمكنك الاعتماد علي "
ابتسمت لها ثم التفتت تبحث بين رفوفها و آميا اقتربت من أمها و وقفت فحدقت بها و وضعت كفها على وجهها ثم نزلت لرقبتها
" الرجال يحببن النساء عندما تكون بشراتهن مثل بشرة الأطفال "
تنهد أميا بضيق لتبعد كفه والدتها
" توقفي أمي "
ابتسمت جوليا ثم التفتت لتقدم لهم العطر و تحدثت
" لدي خلطة مناسبة .... كما أن ابنتك جميلة جدا لن تحتاج للكثير "
أخذت منها هي العطر و قربته لتستنشقه فأغمضت عينيها و تحدثت بثناء
" آوه إنه جيد جدا ... أعتقد أن الماركيز سيقع بحب آميا منذ أول نظرة و تقارب "
" هل قلت الماركيز ؟ "
قالتها جوليا بتساؤل بينما تحدق بآميا و الأخرى أجابتها بغبطة
" أجل .... الليدي جوفانا أعجبت بها كثيرا و أبدت اهتماما كبيرا و غدا هناك حفل ستقيمه ، أعتقد من أجل أن يتعرف الماركيز على آميا "
" أحد الرجل الأكثر قوة و سلطة بروما ..... أنت محظوظة آميا "
قالتها لتحدق بها و آميا كانت ناقمة فلم تجبها و التفتت لتقترب من الرفوف و والدتها تنهدت بقلة حيلة لتحدق بجوليا فابتسمت الأخرى و اقتربت لتهمس لها
" لا تخافي سمعت أنه رجل شديد الوسامة و هي ستغير رأيها ما إن تراه "
" المشكلة أنها رأته صباحا و جمعهما موقف سيء للغاية "
" لا تهتمي كل شيء سوف يسير بخير ما دامت الليدي جوفانا بنفسها تتولى الأمر "
*
بعد انتهاء التحقيق ببيت الرجل الميت و الذي بدى موته مرة أخرى طبيعيا و حتى بعد ما فحصه الطبيب أكد أن موته طبيعي عاد تشانيول للكنسية و جلس بمكتبه بينما يفكر ، المعلومات التي جمعها حتى الآن كانت :
أن جميع الرجال يتشاركون في نقطة - رفضن بعض النسوة الافصاح عنها خصوصا من هم ذوي مكان رفيعة - و هي المعاملة السيئة من طرف أزواجهن ، و لكن بذات الوقت هذا أمر شائع حتى أصبح طبيعي جدا
شابك أنامله و في تلك اللحظة طرق باب مكتبه ليفتح و ينحني سانتو قليلا باحترام
" الليدي جوفانا هنا من أجل مقابلتك سيدي المركيز "
أبعد كفيه ثم استقام
" أدخلها بسرعة "
ترك الباب و تنحى لتتقدم هي ، كانت ترسم ابتسامة راضية على وجهها و هو اقترب منها ، أمسك بكفها التي يغلفها قفاز حريري أبيض اللون و قبلها ليقفل سانتو الباب
" ما سر هذه الزياردة أيتها الليدي ؟ "
" سر سعيد لا تقلق "
ابتسم لها ثم دعاها للجلوس ، جلسا مقابلين لبعضهما على المقعدين المقابلين لطاولة مكتبه
" اذا عمتي هيا قولي ما لديك "
" لقد وجدت الفتاة المناسبة لك "
أومأ ليبتسم بجانبية و حقا بدأ يشعر بالضيق لتتحدث عمته
" الآنسة آميا أوردولافي .... جمالها فتنة ، عمرها مناسب جدا و مثقفة كما أخبرتني والدتها "
هو من كان يحدق بكفه ثبت قليلا بينما هناك جمود رسم على ملامحه و تذكر جيدا نظرتها و هي واقفة في مواجهته صباح اليوم بالسوق
" نسيتِ أهم صفة عمتي ..... متمردة "
فابتسمت بجانبية ليرفع نظراته نحوها
" و هل هناك من يستطيع أن يقف بوجهك أيها الماركيز "
" بالتأكيد لا يوجد و لكن دعيني أخبرك أنه قد وصلتني أخبار تفيد باحتمال غرق سفينة تحمل بضاعة والدها و كان قد وضع في هذه السفينة كل ثروته "
فاقتربت و وضعت كفها على كفه لتجيبه
" حينها نكون نحن المتحكمين و هي سترضخ بسهولة ..... لا تعتقد أنني لم أرى نظرة التمرد و الرفض بعينيها و لكن هم بحاجتنا و نحن بحاجة وريث لعائلتنا "
لم يجبها و حدق بها و هي ابتسمت ، إنها امرأة ذكية جدا و ليست سهلة و هو فقط يريد أن يعلم كيف تستطيع النساء دس كل ذلك اللؤم و الحقد تحت قناع الوداعة و الجمال ....... إنه سم فتاك و ما يجعل الرجل يتناوله بكل سهولة هي دموعهن السخية ، امرأة تبكي بسهولة هي بالتأكيد امرأة قوية للغاية و ماكرة لأبعد الحدود فالدموع ليست سوى سلاح ، أما امرأة تقاوم لحبس دموعها فتلك هي الضعيفة ، تلك هي الغبية الساذجة التي لم تفهم بعد لعبة الحياة
" ما الذي تنوين فعله عمتي ؟ "
قالها بعد تنهد و هي أجابته
" غدا سوف أقيم حفل تعارف لكما و قد دعوت له الكثير من الشخصيات البارزة .... حتى الدوقة "
" جيد ..... هذا يعني أنني مجبر على الحضور "
" أنت نجم الحفلة بجانب آميا أوردولافي "
" حسنا عمتي فهمت قصدك "
" أريدك أن تجعلها تقع في حبك أو ترتجف خوفا منك لتكون بين أيدينا "
" لا أعتقد قد تقع بحبي و لكن أن أجعلها تخاف مني فهذا ما أبرع به "
" قوي و أنا أحب قوتك أيها الماركيز "
أومأ لها و هي استقامت فاستقام كذلك
" هل ستغادرين ؟ "
" أجل لدي الكثير من العمل يجب أن أقوم به حتى يكون كل شيء مثالي غدا "
أومأ لها ثم رافقها الى عربتها في الخارج ثم عاد لمكتبه و جلس ، أسند نفسه على مقعده و ابتسم بجانبية لينبس بخفوت
" متمردة و لكنها تقاوم دموعها "
*
كانت بغرفتها ، تضم نفسها بينما تستند هلى الجدار بقرب النافدة المفتوحة ، تحدق بالقمر الذي بدأ يتقلص و خلفها على السرير يوضع الثوب ، بقربه على الأرض حذاءها و كل أشياءها جاهزة و لكن هي ليست جاهزة ، حياتها قلبت فجأة و هي لا يسعها مسايرة هذا التيار .... تدري أنها تحمل نزعة تمردية و هي بالتأكيد لن تبقى هادئة
طرق باب غرفتها و لم ترد على الطارق ليفتح الباب و تدخل عبره ماريا التي اقتربت منها حتى وقفت خلفها و تحدثت
" آنسة آميا "
و بدون أن تلتفت لها أو تتحرك من مكانها أجابتها بصوت متعب للغاية
" ما الذي تريدينه ماريا ؟ "
" السيد أورودولافي يقول أنه يجب أن تنزلي للعشاء "
أبعدت ذراعيا و التفتت لها عندما اعتدلت بوقوفها ، لمست ماريا الحزن و قلة الحيلة من خلال نظرة عينيها فنبست
" هيا آنستي "
عبست و تقدمت لتسير قبل ماريا مرغمة ، تبعتها ماريا لتخرجان من الغرفة ثم نزلت الدرج لتصل لغرفة الطعام أين كان يجلس والدها على رأس الطاولة و والدتها تجلس بقربه ، تقدمت هي بعد أن انحنت لهما باحترام و جلست بمكانها المعتاد ، بدون تحدث أي أحد أخذت ملعقتها و وضعتها بالحساء ثم قبل أن تضعها بفمها تحدث والدها
" سمعت أن الليدي جوفانا أعجبت بكِ "
" نعم "
قالتها بعدم اكتراث و وضعت الملعقة بفمها و والدها شعر بالغضب من تصرفها فدفع مقعده ليستقيم ، أغمضت عينيها بسبب صخب المقعد وهو غادر في الوقت الذي اعتقدت أنه سوف يعنفها به لتتحدث والدتها بلوم
" أنت تتصرفين بأنانية أميا "
استقامت و تبعت زوجها فرمت هي الأخرى الملعقة داخل الصحن و استقامت لتغادر نحو غرفتها ، أقفلت على نفسها ثم اقتربت من صندوقها ، أسندت ركبتيها على الأرض لتفتحه و تخرج منه قناعها أبيض اللون المرصع بزينة فضية على الجانب و معه أخرجت الرسالة التي منحها لها ذلك الغريب ...... لا يوجد أمامها حل سوى التسلل من الحفل و مقابلته لذا هي سوف تخاطر لأن ظهوره بهذا الوقت في حياتها ليس عبثا من القدر
أقفلت الصندوق و استقامت بينما تحمل القناع و الرسالة ثم سارت حتى وصلت للطاولة التي بجانبها مقعدها حيث اعتادت أن تجلس بقربها بينما تفتح النافذة لتقرأ ، وضعتهما هناك و جلست لتحدق بهما بينما أشعة القمر تقع عليهما
*
في اليوم التالي كانت الأعمال و التجهيزات قائمة في منزل الليدي جوفانا ، الجميع مستنفر من المطبخ لقاعة الحفلات الفسيحة و التزيين و هي وقفت بينما عاملي الخياط يقفان و يحملان ثيابا رجالية راقية فكانت تحاول الاختيار بينهما حتى ترسل احداها لتشانيول ....... إنها تهتم بأدق تفاصيله فهي تكاد تعتبره ابنها
كان لديها ابن بالفعل و لكنه توفيّ بعمر صغير و هو بنفس عمر تشانيول ، توفي نتيجة لقسوة و اهمال والده الذي حبسه بصندوق ثيابها بينما لم تكن بالمنزل ، مات مختنقا و هي منذ ذلك اليوم قتلت قلبها فلم يعد أي أحد يدعوها للشعور بالشفقة نحوه
" أعتقد ذات المعطف الأحمر الطويل ستكون مناسبة جدا للماركيز "
عندها تحدث الخياط الذي كان يقف بقربها
" سوف نهتم نحن بتوصيلها إلى منزله "
التفتت له وابتسمت لتربت على كتفه
" أعتمد عليك "
عادت لتهتم بباقي الأمور و هو كلف أحد عماله بتوصيل الثياب لمنزل الماركيز ، مرّ اليوم و بالنسبة للماركيز كان يوما كغيره من الأيام و لم يغادر مقر عمله حتى اقتربت الشمس من المغيب ، دخل منزله و توجه نحو غرفته عندها وجد الثياب و خادمه الخاص كان قد جهز له حمامه
أخذ حمامه ثم ارتدى ثيابه ، بنطال أسود مع حذاء جلدي أسود ذو عنق طويل ، قميص أسود و سترتة قصيرة الأكمام مطرزة بلون ذهبي و فوقها معطف طويل أحمر من قماش مخملي ، سرح شعره ليثبت ربطته السوداء الحريرية عليه أسفل عنقه ، ابتسم بثقة كبيرة و هو يحدق بنفسه في المرآة الطويلة
" لنرى إن كانت ستعجب بي أو تخاف مني الآنسة أوردولافي "
*
وقفت السيدة أوردولافي بينما تحمل قنينة العطر و باستخدام كفيها معا كانت تبخ على آميا التي تبدو في قمة انزعاجها ، لقد رضخت و ارتدت الثوب ، تزينت و وضعت على وجهها مسحوق التبييض بالرغم من أنها ليست بحاجة له و لكن والدتها كانت مصرة إلا أنها أمام التسريحة الغريبة هي أبدت رفضها و لم تستطع والدتها كسر عنادها فكانت تسريحتها بسيطة للغاية ، شعر طويل حر مع ضم بعضه و بدل استخدام قطعة من القماش تم استخدام بعض المجوهرات التي علقت و وضعت بتفنن من طرف ماريا
تحدثت والدتها بسعادة بينما تحدق بها
" ابنتي أنا هي الأجمل "
وضعت زجاجة العطر ثم خرجت مواصلة تباهيها و آميا حدقت بماريا ثم تحدثت
" لا تنسي أن تنتظريني أين اتفقنا "
" أنا خائفة آنستي "
" لا تخافي أنا سأتحمل كامل المسؤولية .... "
" حسنا "
ابتسمت لها لتربت على ذراعيها عندها ابتسمت ماريا
" تبدين جميلة جدا "
حدقت بنفسها ثم وضعت كفها على صدرها و تنهدت بضيق
" ذلك الشيء تحت الفستان يجعلني أشعر بالضيق "
" إنه لرفع نهديك آنستي "
أبعدت كفها و نظرت لهما لتشعر بغيض أكبر
" و ما فائدة رفعهما لهذه الدرجة الماجنة ؟ "
" حتى تثيري اعجاب الماركيز آنستي "
" أتمنى أن أثير حنقه و يكرهني ليتركني لحال سبيلي "
و ماهي سوى لحظات حتى سمعت صوت والدتها
" عزيزتي آميا هيا سنغادر العربة جاهزة و والدك ينتظر "
حدقت بماريا و رفعت سبابتها
" ماريا لا تنسي ما اتفقنا عليه .... أعدك بمكافأة كبيرة "
" لا تقلقي آنستي سأنتظرك هناك "
ابتسمت لها فناولتها ماريا حقيبة يدها لتعلقها بكفها ثم خرجت بينما تحمل ثوبها ، غادرت مع والديها بالعربة ، و داخلها كانت تتجنب النظر لوالدها الذي لم يبعد نظراته عنها ، فتاته الصغيرة كبرت و هاهو يضطر لبيعها حتى ينقذ نفسه و مكانته ، وضعت زوجته كفها على كفه و ربتت عليه ليلتفت اليها فابتسمت له ، أومأ بدون أن يبادلها و عاد يحدق بابنته التي ترفض و تكره بشدة أن تحدق بوجهه
كانت الشوارع فارغة عكس ما تكون عليه في الصباح و هذا جعل العربة تسرع أكثر و لم يمضي كثير من الوقت حتى وصلت لتتوقف بقرب بوابة منزل الليدي جوفانا
أما في الداخل فالماركيز كان يحمل كأس نبيذه و يقف مع عدة رجال من البلاط يبادلهم الحديث ، جميع العيون كانت عليه و بعض الفتيات كان الأمل لا يزال يسكنهن أن يجذبن نظراته و في تلك اللحظة اقتربت الليدي منه لتسحبه قليلا و همست له
" نجمة الحفل وصلت "
حدق بها و هي أخذت منه الكأس و وضعته على طاولة قريبة فأمسك كفها و سار معها ناحية بوابة قاعة الاستقبال ، وقفا هناك فلمح آميا تسير قبل والديها بينما تمسك بثوبها ، كانت في قمة فتنتها و لكن ملامحها كانت توضح أنها غاضبة و لا تريد أي شيء مما يحدث فابتسم
وصلت بقربهم فانحنت باحترام لهما و وقفا خلفها والديها ليقدما كذلك احترامهما لهما فقرب كفه من كفها الذي كان عليه قفاز حريري أسود ، حدقت به و أمها من خلفها دفعتها بهدوء حتى قدمت كفها له فأمسكها و قربه منه ليقبله بهدوء و نبس بعدها بابتسامة جانبية
" سررت برؤيتك مرة أخرى آنسة أوردولافي "
كانت نظراته حادة و تنم عن الخبث ، تمنت ألا يعجب بها ولا يبدو أنه فعل و لكن بالمقابل يبدو راغبا بها و بفرض سيطرته على تمردها
نهاية الفصل الثالث من
" أكوا توفانا "
أتمنى أنكم استمتعتم بالفصل
إلى أن نلتقي في فصل جديد كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro