الفصل التاسع
مساء الخير قرائي الغاليين
استمتعوا
*
تدق ساعة الصفر و يحق الحق فلن تجد مكان تهرب إليه منه ، كل شيء يدعوها لتكون تحت جناحه و لكنه يستمر بقول الكثير في حقها و يجلها تعتقد أنها لن تكون تحت جناحه قط ، لن تكون سوى تحت قدمه و كلماته القاسية التي تستهدف كرامتها و هي لا يوجد لديها أغلى من كرامتها التي تفنن الجميع في الدوس عليها
شدت ماريا بقوة خيوط المشد فشعرت آميا أن أنفاسها تحبس و هذا ما جعلها تتحدث ببعض الضيق
" ماريا ألا تسطيعين رخيه قليلا ؟ أنا لا أشعر بالراحة به و هو مشدود لهذه الدرجة "
عندها من خلفها و من فوق كتفها مدت ماريا عنقها ثم ألقت نظرة على نهديها
" لا أعتقد و إلا سيكون بدون فائدة "
نزلت هي نظراتها لصدرها و شعرت بالانزعاج لتبعد ماريا عندما دفعتها من خلفها ، أرخت المشد ثم تحدثت بتهديد
" لن أتساهل معك ماريا إن شددته أكثر من اللازم "
عبست ماريا و تقدمت لتعود و تبدأ بشده و لكن بصورة أقل من السابق ثم تمتمت بتذمر
" كنت فقط أحاول جعلك تبدين جذابة بعينيْ الماركيز "
" لقد جعلتم مني دمية في السابق و الآن سوف أتحكم أنا في مظهري لا غيري "
صمتت قليلا لتفكر بدون أن ترد عليها ماريا ثم شعرت بالحرارة تتصاعد لجسدها لتشد على كفها بغضب و تحدثت بينما ماريا تعمل و هي تلتفت بجانبية لها
" ثم أخبريني كيف تسول لكنّ عقولكنّ الفارغة أن الرجال جميعا لا يجذبهم في المرأة إلا نهديها ..... هل رجل بهذه العقلية و التفكير بالنسبة لكم يعتمد عليه ؟ "
نهاية كلامها كانت ساخرة متهكمة تحمل رنة من الغضب و عدم التصديق و ماريا أجابتها بينما تعقد الخيوط عندما انتهت من وضعها في العيون المناسبة لها
" الماركيز رجل يعتمد عليه فهو قضى على جميع المجرمين منذ عُين بروما "
قالتها بكل بساطة و آميا شعر بالغيظ فسارعت لمعاكسة كلامها
" بالنسبة لي هو ليس سوى ..... "
حاولت البحث في قاموسها عن كلمات تصفه فعلا كما تراه و عندما لم تجد ماريا اقتربت منها مرة أخرى فرمشت بعينيها و تساءلت
" ليس سوى ماذا ؟ "
" حقير متغطرس "
ابتسمت ماريا و عادت لتحمل الثوب الأسود الذي كان على السرير و اقتربت لتساعدها في ارتدائه و تحدثت
" أنا لا أراه كذلك ..... أراه رجلا راقيا و لا يحمل شيئا من الغطرسة "
" ماريا "
صرخت باسمها لتلتفت لها كلها هذه المرة و الأخرى ابتسمت
" ماذا آنستي ؟ "
" أراك تأخذين صفه "
" أنا فقط أقول ما رأيته عنه ..... صدقيني هو رجل راقي يكاد يكون مثل فارس يركض لكِ على حصانه الأبيض "
عندها عبست و تذكرت المقنع الأسود ، لقد كان حصانه أبيض و اعتقدت أن تلك الحكاية الخيالية المتعلقة بالفارس على الحصان الأبيض ستتحقق لها و لكن في النهاية كل ذلك لم يكن سوى خيال و ربما فقط رجل رغب أن يعبث قليلا و هي انساقت خلف مشاعر مراهقتها
عادت تلتفت و توليها ظهرها ثم رفعت رأسها بينما تحدق بنفسها من خلال المرآة الطويلة أمامها و أجابتها بصوت منخفض يحمل رنة من الدلال
" حصانه أسود كقلبه "
" أرى أن الأسود أكثر جاذبية "
" ماريا "
قالتها هذه المرة بصوت لطيف و حدقت بها من خلال المرآة لتستجيب الآخرى عندما بادلتها عبر المرآة
" نعم آنستي "
" اخرسي و قومي بعملك و اذا ذكرت الماركيز مرة أخرى سوف تعاقبين بشدة "
فتوسعت عيني ماريا و نفت
" حسنا آنستي لن أتحدث عنه مجددا "
و عادت تنهمك في عملها و آميا ابتسمت ببعض البهجة ، هي لا تجد راحتها سوى مع ماريا ، الوحيدة التي لا تضغط عليها بكلماتها ولا بأفعالها ..... وحدها من تتفهمها و تتألم حقا لألمها و ما يثبت وفاءها ، هي تلك الفترة العصيبة التي مرت بها عندما ضربها والدها ، لقد سهرت على علاجها و تطبيقها لكل ما يقوله الطبيب حرفا بحرف إلى أن شفيت ، حتى أنها صنعت العديد من الخلطات لتتخلص آميا من العلامات الباقية على ظهرها
اليوم كان ثوب آميا أسود ، لقد اختارته بنفسها ، هي تحاول توصيل رسالة عبر لونه و لن تتوانى حتى لو عاقبها الماركيز ، و رغم لونه الأسود إلا أنه احتوى على بعض الأحجار الكريمة التي تزينه و كذلك جزء من كميه كان من الدونتال الأبيض حيث يضفي لمسة جمال و أناقة على الثوب
و بعد أن انتهت من ارتداء الثوب جلست على المقعد المقابل لطاولة الزينة خاصتها و بدأت ماريا بتسريح شعرها البندقي الطويل ، سرحته أولا بالمشط ثم حدقت بها عبر المرآة و تحدثت
" كيف أسرحه لك آنستي ؟ "
" مثلما تعودت ماريا .... لا أريد تكلفا "
" اذا هل أضع لك دبوسا من الزمرد أو من .... "
و قبل أن تنتهي من اقتراحاتها هي قاطعتها و فتحت صندوقا أمامها تعودت وضع فيه شرائطها الحريرية مختلفة الألوان ، سحبت واحدة بيضاء و سلمتها لها
" لا أريد غير هذه عليه "
حدقت بها ماريا و حاولت الاعتراض
" آنستي رجاء تنازلي قليلا .... العشاء مقام من أجل تحديد موعد زفافك الذي لن يكون بعيدا ، أنت نجمة للعشاء و يجب أن تظهري بأفضل حللك "
" قد أظهر بأفضل حللي يا ماريا عندما يكون كل شيء برضايا ..... عندما أدخل لذلك المنزل ملكة لا جارية أو عبدة "
تنهدت ماريا فهذه الفتاة أمامها عنيدة حد الموت و الآن أصبحت تخاف عليها من الماركيز لو تقابل عنادهما و وقتها لن يتنازل أي أحد منهما و إن تنازلت فهذا يعني أن قلبها كسر و ضمر تحت كثير من الحزن و الألم و هذا آخر ما تريده لها
" ألن تتراجعي آنستي ؟ "
" و هل رأيتني تراجعت يوم عن قرار اتخذته ؟ "
نفت ماريا لتتنهد ثم شرعت في تسريح شعرها و فعلا استخدمت الشريط الحريري الأبيض و عندما انتهت حدقت هي بشعرها و ابتسمت
" هذا ما أحبه "
" و لكن آنستي بعد الزواج هذه التسريحة لن تناسبكِ .... سوف تكونين الليدي "
" أنا سوف أفرض عاداتي على ذلك المنصب فلست أنا من سعيت له بل هو "
و في تلك اللحظة فتح الباب و أطلت والدتها التي كانت قد تجهزت و لم تترك قطعة مجوهرات غالية و نادرة إلا و وضعتها و عندما رأت تسريحة آميا عبست لتترك الباب و تقدمت
" ما هذه التسريحة آميا .... على الأقل لو وضعت دبوسا من الزمرد أو من "
عندها قاطعتها عندما استقامت
" لن تفرضي علي شيئا لا أرغب به أمي "
" آميا هذا الشريط لا يليق بمكانك .... أنت الليدي "
" لا أمي أنا لم أغدوا الليدي بعد لذا لا تتفاخري بهذا اللقب الذي يخنقني من الآن "
عبست والدتها و هي تجاهلتها عندما أشارت لماريا أن تضع على كتفيها برنسها الخفيف فنفذت ماريا و كان البرنس أسودا من قماش مخملي ووالدتها مرة أخرى تحدثت بعدم رضى
" آميا ألم تجدي سوى اللون الأسود ؟ "
عندها تجاهلتها و سألت ماريا
" هل العربة جاهزة ؟ أريد أن ينتهي هذا العشاء بسرعة و أعود لغرفتي "
" لا أمل منكِ "
" اذا لا تحاولي أمي ..... احترمي رغباتي ولا تجعليني أناديك السيدة أوردولافي "
عندها توسعت عيني والدتها و هتفت باعتراض
" آميا لما أصبحت قاسية ؟ "
و لكن آميا تجاهلتها لتحمل حقيبة يدها التي سلمتها لها ماريا بعد أن وضعت بها مرآة صغيرة فضية
*
في منزل الماركيز كانت الليدي جوفانا تشرف على التفاصيل النهائية لطاولة العشاء التي حرصت أن تكون مليئة بأصناف الطعام المختلفة و قد استخدمت طباخين من منزلها بالاضافة للطباخ الموجود بمنزل الماكيز و كل هذا ليس لأنها سعيدة بضيوف العشاء ، إنها فقط تحاول اخبارهم بطريقة غير الكلام أنهم أنبل منهم و لن ينالوا مكانتهم تلك حتى لو ارتبطت العائلتين و أصبحت عائلة واحدة ..... ربما أكثر شيء ندمت عليه الليدي في حياتها أنها أدخلت هذه الفتاة للعائلة و التي سرعان ما انقلبت على عقبيها وهاجمتها مباشرة
أما في غرفته حيث كان يجلس على مقعده مقابلا لطاولته التي تعود القراءة عليها ليلا بينما الشمعة تجاوره ، سحب درجها الصغير و تركه ليحدق بالقناع الأسود و الرسالة الوحيدة التي وصلته منها ، في الواقع هي وصلت لمن أطلقت عليه اسم المقنع الأسود و ليس الماركيز الذي تكرهه و لا تجاهد في اخفاء انزعاجها من تواجدها بجانبه
ابتسم بجانبية ثم دفع الدرج ليقفل و حدق نحو الخارج عبر النافذة المقابلة
" لقد انتصر الماركيز و خسر المقنع الأسود يا آميا ..... "
استقام ثم سار نحو مرآته الطويلة و وقف يتفقد مظهره ، كعادته فقط و لكنه تخلص من قبعته و قفازيه الجلديين بما أنه داخل المنزل ، رتب معطفه الطويل ذو القماش المخملي باللون البني و الذي يحتوي على تطريزات مميزة صنعت له خصيصا
أصبح جاهزا و حتى ملامحه عادت للبرود و تأكد أن الماركيز جاهز لمواجهة تلك الفتاة الصغيرة ، التفت و سار نحو باب الغرفة ليفتحه و خرج ، سار في الرواق ثم شرع بنزول الدرج الرخامي العريض حتى وصل للردهة و بعدها سار ليجلس بغرفة الجلوس منتظرا ضيوفه أو حرى بنا القول ضيفته المميزة
كان يجلس و يضم كفيه معا عندما دخلت الليدي للغرفة ، تجاهل وجودها و هي سارت لتجلس ثم تحدثت بينما تحدق به
" اذا متى تنوي اقامة الزفاف ؟ "
أبعد كفيه ليتنهد و حدق بها
" بعد أسبوع من الآن "
" هذا قليل جدا ..... التحضيرات لزفاف الماركيز يجب أن تأخذ وقتا أطول من هذا "
" سيكون زفاف كغيره فلا أريد بذخا يفوق بذخ الملوك "
" نحن عائلة ملكية و يليق بنا البذخ "
حدق بها و نفى بقلة حيلة ليستقيم و سار يقف مقابلا للنافذة و هي وقفت لتسير و تقف خلفه
" عائلة أوردولافي يجب أن يروا أنهم محضوضين جدا لأننا اخترنا ابنتهم "
ابتسم و وضع كفيه خلف ظهره
" هل أنت متأكدة عمتي أنكِ اخترتها بنفسكِ ؟ "
عكرت حاجبيها و تقدمت أكثر لتقف بجانبه ثم حدقت به هو من لا يتنازل و ينظر لها
" ما الذي تقصده ؟ "
فنفى
" لم أقصد شيئا "
" هل استخدمتني تشانيول ؟ "
عندها التفت لها و حدق بعينيها
" هل هذا يزعجك أيتها لليدي ؟ "
فابتسمت بسخرية غاضبة لتجيبه
" أشعر أنني مجرد غبية "
" خذي الأمر ببساطة ليدي ، هو غير متعلق بالذكاء أو الغباء هو فقط يعتمد على قوة و دقة الملاحظة ليس إلا "
" و كيف علمت أن اختياري سيقع عليها ؟ بل كيف علمت أنها ستحضر أساسا جلسة الشاي ؟ "
" لأنني أعرفك جيدا عمتي علمت أن اختيارك سيقع عليها أما بالنسبة لحضورها فكان متوقع لأن والدها يعاني من ورطة و سيلجأ إلى أسهل و أسرع حل "
زادت ابتسامته اتساعا و هي التفتت لتحدق خارجا و شعرت أنها ليست سوى أداة تحكم بها هذا الفتى بقربها ، من هو ليفعل هذا كله بالليدي التي كانت تسيِّر الجميع حسب ما يهوى قلبها و عقلها ؟
لكنها في لحظة ابتسمت فمهما كان ذكيا ، قويا و شديد الملاحظة تبقى المرأة شديدة الخبث ، و بعد تنهد يظهر غبطتها ربتت على ذراعه
" أنت ماكر يا ابن أخي "
" انها صفة متوارث بالعائلة "
عندها التفتت له و واصلت ترتبيتها على ذراعه ، و تلك التربيتة ليست سوى جزء من خبثها ، الماركيز أصبح خطرا عليها و قد يكشف الكثير من الأسرار بالاضافة لخطر آميا المحدق بمكانتها كالليدي الأولى للعائلة
*
بعد انطلاق العربة التي كانت تحمل آميا و والديها من منزلهم هي كانت تحدق عبر النافذة الصغيرة للعربة بينما والديها يجلسان مقابلين لها و كل منهما تفنن باختيار أغلى الثياب و الحلي ، و هذا أمر يزعجها و يجعلها تظهر بعينيها بمظهر الفتاة الوصولية
تنهدت فحدق والدها بوالدتها و اقترب ليهمس لها
" لما ترتدي هذا الثوب الأسود ؟ "
و بقهر منها أجابته
" لا أدري .... أخاف أن ينزعج الماركيز منها و قد يتراجع عن الزواج بسبب أفعالها ، هي حتى ترفض تسريح شعرها أو استخدام أي حلي "
" هذه الفتاة .... لم أعتقد أنها قوية لهذه الدرجة "
" ماذا كنت تنتظر و أنت تحشو رأسها بكلام الكتب الغبي "
عندها حدق بها و أدرك حجم الاختلاف بين الفتاة و أمها و أدرك أيضا حجم الاختلاف بين الفتاة و والدها لأنها حد اللحظة ترفض التنازل عن كرامتها أما هو فيتمسك بحبل هش و يخفي عيوبه بتلك الثياب الراقية و الغالية
أما آميا فقد كانت تسمع همساتهما و لكنها لا تريد أن تشغل رأسها بهما فهما لن يتغيرا بين ليلة و ضحاها و بينما هي تسند وجنتها على كفها و تقترب أكثر من النافذة اذ بها تلمح حصانا أبيضا يسير في الاتجاه المعاكس لسير عربتهم فتوسعت عينيها و صخبت دقاتها
لقد كان بدون سرج و لا يمتطيه أي أحد و من الجهة الأخرى كان أحد يسحب لجامه و يسير به ، اقتربت أكثر من نفاذة العربة و حاولت اخراج رأسها عبرها و لكنها لم تلمح سوى خيال الرجل الذي يسير معه فالظلام الموجود بالشارع سرعان ما حجب عنها الكثير و هاهي ملامحها تعبس
" آميا .... "
نبست والدتها باسمها و هي عادت لتجلس و كانت نظراتها حزينة ، لم تحدق بهما لتجمع كفيها معا و زاد عبوسها فنظر والدها السيد أوردولافي لأمها ثم حثها على الكلام فهي لا تحدثه
" آميا ما بك لما أشعر أنكِ تغيرت فجأة ؟ "
" لا شيء "
أجابت بدون أن تنظر لها و هنا تدخل والدها
" فكي عبوسك و ابعد عنك هذه النظرة فقد أوشكنا على الوصول "
عندها رفعت رأسها ناحيته و لم تجبه حينها توقفت العربة و هذا جعل الكثير من الآمال تعود لتسكن بقلبها ، ربما المقنع الأسود لم يخلف بالوعد ؟ ربما ينتظر الزمان و المكان المناسبين لتخليصها و لكن هاهي تعود و تحدق بوالديها يجلسان أمامها ..... مهما كانا سيئين معها إلا أنها لا تستطيع الغدر بهما و تعريضهما للعذاب و الاضطهاد بسببها
لم تجبه و أمسكت بثوبها عندما فتح باب العربة من طرف الخادم فكانت أول من ينزل و بعدها نزلت والدتها و والدها ، وقفت أمام الباب ثم رفعت نظراتها تحدق بحجم هذا المنزل ، إنه حتى أكبر و أجمل بكثير من منزل الليدي جوفانا ، إنه معتم و سجن زينت جدرانه بالورود و لن يعاني أحد داخله كما ستعاني هي
كانت ستخفض نظراتها عندما وقعت على من يقف خلف النافذة و يحدق بهم ، ابتسم أكثر و ظهر اللؤم على ملامحه فتنهدت فقط لتنزل رأسها و سارت تدخل و تخط أولى خطواتها في هذا المكان
*
هاهم جميعا يجلسون على تلك الطاولة الكبيرة ، على رأسها يجلس الماركيز فهذا بديهي و على يساره تجلس الليدي ، على يمينه تجلس آميا و بقربها والدتها و بقرب الليدي يجلس السيد أوردولافي والدها ، ابتسمت الليدي و هي تنظر لثوب و تستريحة آميا ثم تحدثت
" آميا لو أخبرتني كنت أرسلت لك ثوبا بهيج الألوان و بعض الحلي الخاصة بالشعر ..... "
رفعت هي رأسها تنظر لها و شعرت أنها مجرد امرأة منفوخة بالهواء كالبالون ، هل يوجد لها هدف غير التباهي و محاولة تقديم الاهانات على أطباق من فضة و ذهب ؟
فضلت عدم الرد عليها بما يقابل اهانتها لتجيبها بكل هدوء
" آسفة اذا مظهري لا يوافق تطلعاتك "
" ربما سوف أهتم أنا بأزياك من بعد الآن "
و في تلك اللحظة تحدث الماركيز
" كل يهتم بنفسه أيتها الليدي .... أنت لديك مسؤوليات كثيرة و أهم بكثير من الاهتمام بأزياء آميا "
من يسمع كلامه لن يستطيع تحديد موقفه ولا جانب من اتخذ ، جانب عمته أم جانب آميا ؟ و كل منهما شعرت بالاهانة من كلامه و التزمتا الصمت ليواصلوا طعامهم و لكنه بقرارة نفسه أعجبه مظهرها ، صحيح أستفزه لون ثوبها و لكن بساطتها و الشريط الأبيض على شعرها ربت على غضبه و هدأه
" اذا الآن يمكننا الحديث بموضوع الزفاف "
و والد آميا ابتسم ليجيبه
" نحن جاهزون .... آميا تمتلك كل ما يجب على العروس امتلاكه "
و الليدي ابتسمت بينما تحدق بها
" بعد أسبوع اذا من اليوم سيكون الزفاف و عقد القران سيكون بكتدرائية بطرس بقلب المدينة "
قالها الماركيز و عمته حدقت بوالدتها لتواصل
" أما الاحتفال سيكون ببيت الماركيز بالتأكيد لذا ستكونين مشغولة جدا الفترة القادمة سيدة أوردولافي "
" لابد من ذلك المهم أن يمر كل شيء بسلاسة و يكون الماركيز سعيدا و راضي على الأمور "
شعرت آميا بالغيض منهم و من كلامهم ، من تملقهما الذي ليس له نهاية و تفنن الآخرين باذلالها برفقة والديها الذين يصفقان ببهجة لكل ما يحدث و هذا ما جعلها تنبس أخيرا
" هل يمكنني استخدم الحمام ؟ "
حدق بها بجانبه ثم رفع كفه و أشار لخادمه
" قد الليدي للحمام "
و كما يوضع تاج مرصع بالأحجار الكريمة و أندر الماسات على رؤوس الملكات هاهو تاج من حديد صدئ يوضع على رأسها بمجرد نعتها بذلك الوصف ، الليدي ، هي تمنت أن تكون آميا فقط ، آميا حرة طليقة بدون قيود و دون مجوهرات تكون مجرد سلاسل لتلك القيود لا أكثر
سحب مقعدها الخادم عندما همت بالوقوف ثم سار قبلها يرشدها و هي كانت تتمسك بحقيبة يدها المعلقة بكفها و تتبعه ، أقفل من خلفهما باب غرفة الطعام فحمل شمعة بشمعدانها الصغير لينير طريقهما رغم وجود قناديل مضيئة متناثرة بكل جهة في هذا المنزل
سارت حتى وصلا و الخادم توقف ليشير نحو أحد الأبواب
" يمنك الدخول سيدتي الليدي "
ابتسمت بخفة و تحدثت
" شكرا لك ...... و لكن هلا عدت لغرفة الطعام و ترتكتني لبعض الوقت وحدي ؟ "
فهم بسرعة قصدها و أجابها
" بالتأكيد "
قالها و ناولها الشمعدان الصغير ثم انصرف و هي قربته و نفخت على الشمعة لتطفئها ثم وضعته على الأرض و بمجرد أن اختفى الخادم من الرواق هي ابتعدت و سارت به تحاول البحث عن مكان يمكنها أن تتأكد من خلاله من شيء
الحصان الأبيض لا يمكن أن تخطئه فهو كان مميزا بشعره و مظهره الفريد أما سرجه فقط كان أسودا يحتوي على بعض الخيوط الذهبية ، إن تواجد السرج هنا فيعني أن الماركيز قد قبض على المقنع الأسود إن كان قد حاول فعل شيء
انتابها البؤس و راحت تبحث عن طريقة تصل بها للحضيرة و ما إن وجدت بابا خلفي يصلها بالردهة الخلفية للمنزل حتى فتح و صادفها سانتو الذي هم بالدخول عبره ، عكر حاجبيه هو من كان يحمل شمعدان صغير به شمعة و تحدث
" ما الذي تفعلينه هنا ليدي آميا ؟ "
تصاعدت دقاتها و شعرت بالتوتر و الخوف لتتراجع للخلف و تحدثت
" رأيت حصانا أبيضا و أردت رؤيته "
عندها وصلها صوته من خلفها
" كان يمكنك سؤالي أنا "
التفت له بسرعة و كم كانت نظراته غاضبة و ساخطة و هذا ما جعلها تشعر بمزيد من التوتر
" أنا .... أنا فقط أردت "
عندها اقترب و سحب معصمها بقوة اليه فوقعت حقيبتها القماشية و سمع صوت تكسر شيء بداخلها فحدق فيها بشك و ريبة ، ترك معصمها و دنى ليأخذ حقيبتها ، فتحها و لم يجد ما توقعه ، لقد كانت مجرد مرآة فضية صغيرة كسرت
أخرجها من الحقيبة ثم رفعها و عندما رأت الكسر نبست ببؤس و أمل تاه للتو
" إنها نذير شؤم "
و سانتو أخيرا تحدث بعد أن طال صمته و مراقبته للاثنين
" سيدي الماركيز "
فرفع نظراته من على عينيها المحدقة بالمرآة المكسورة بكفه ينظر له و يحثه على الكلام فواصل الآخر
" الكونت ديلفيوري توفي قبل قليل "
نهاية الفصل التاسع من
" أكوا توفانا "
أتمنى أنكم استمتعتم أعزائي
إلى أن نلتقي مع فصل آخر كونوا بخير ولا تتجهلوا التصويت
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro