الفصل الثاني
مساء الخير قرائي الغاليين
استمتعوا بالفصل
*
تحت شجرة كبيرة في الأرض المهجورة بالمدينة توقف الحصان و توقف معه خوفها من السرعة الكبيرة التي كان يركض بها ، ترك هو اللجام ثم نزل عندما قفز ، مد ذراعيه لها ليمسك بخصرها و أنزلها و أثناء ذلك حدق بعينيها الرماديتين من تحت القناع
وضعها على الأرض و أبعد كفيه عنها أما هي رفعت نظراتها له و تحدثت بصوت متوتر و خائف
" شكرا لك "
ابتسم بجانبية ثم أخرج رسالة كانت مضمومة و مربوطة بشريط قماشي أسود ، قربها منها ثم نبس بهدوء
" هذه لكِ ، سنلتقي بنفس هذا المكان بعد يومين عندما يبدأ القمر بالتقلص و أشعته تكون أكثر أمان "
حدقت به بطريقة هي نفسها لم تفهمها و لم تواتي بحركة لأخذ الرسالة منه فاستغربت نظراته من تحت قناعه هو الآخر لكنه تحرك و أمسك بكفها و وضع بها الرسالة ثم تركها
امتطى حصانه و هي شدت بكفها على الرسالة بينما تحدق به بدون أن تقول كلمة واحدة ، و عندما انطلق بسرعة ليبتعد هي أخيرا حررت أنفاسها و تحرك صدرها تضع كفها التي تتمسك بالرسالة عليه ، هل يعقل أنه كان يتعقبها منذ عدة أيام ؟
لكنها لم تصادفه أبدا من قبل في تجمعات المسارح ، لا تعرفه و الجميع هناك لا يعرفون بعضهم البعض ، و بينما هي هناك غارقة في تحليلاتها سمعت حركة قريبة فرفعت قلنسوة البرنس على رأسها ، أخفت الرسالة بأكمام قميص ثوبها ثم أمسكت بثوبها الطويل و سارعت في العودة للمنزل
كانت الشوارع شبه خاوية و لا يوجد بها سوى بعض الرجال السكارى و هي كانت تسير بتوجس و خائفة من أن يحاول أحدهم الاقتراب منها بينما تضع كفها على القناع ، على وجهها حتى تمنع أي أحد قد يهاجمها فجأة من اكتشاف هويتها ، لكن الجميع كان يبتعد عن طريقها أينما مرت حتى وصلت لمنزل ، وقفت بقرب الباب الخلفي و حدقت حولها قبل أن تدفعه و تدخل عندها فقط هو أبعد قناعه و سحب حصانه الأبيض الذي يمسك بلجامه و غادر يعود من حيث أتى
أما آميا عندما أقفلت الباب و تنفست براحة لأنها أخيرا أصبحت بأمان سمعت صوت والدها خلفها
" أين كنت يا فتاة ؟ "
التفتت بسرعة فتوسعت عينيها بصدمة لتهمس
" أبي .... "
اقترب منها بسرعة و غضب فأمسك بذراعها ليسحبها بقوة بينما صرخ بوجهها
" هل تعتقدين أنك قادرة على مغافلتي آميا ؟ "
" أبي أنا "
" تعالي و اخرسي "
سحبها معه بقوة و هي كانت تتعثر بثوبها ، صعدا لغرفتها و عندما وصلا هناك دفعها للداخل بقوة حتى وقعت على الأرض و والدتها حاولت الدخول و مساعدتها لكنه دفعها هي الأخرى بقوة للخلف ثم رفع كفه بوجهها
" من الآن و صاعدا سوف أغير معاملتي لكِ آميا "
أقفل الباب بقوة لتسمع صوت المفتاح فاستقامت بسرعة و حاولت فتحه و عندما لم تستطع ضربت الباب بقوة و صرخت
" افتح لي الباب أبي "
و لكنه صرخ من خلفه
" سوف تبقين هناك محبوسة آميا ..... تجاهلتُ كثيرا تصرفاتك اللامسؤولة و لكن أنتِ تبحثين عن المشاكل و نحن حقا في غنى عنها "
غادر بينما يسحب زوجته بقوة و هي أبعدت القناع لترمي به على الأرض ثم سارت بغضب و جلست على جانب سريرها ، عبست تحاول منع نفسها من البكاء فهي فتاة قوية ولا يجب أن تكون بكاءة مثل جميع الفتيات المدللات ، شدت على كفيها ثم رفعت رأسها تحاول حبس دموعها و عدم السماح لها بالخروج
تنفست بقوة ثم تذكرت الرسالة التي منحها لها ذلك الرجل الغريب ، غريب عنها و غريب في طباعه ، أخرجتها من كم قميص ثوبها ، أبعدت شريط العقدة عنها و فتحتها لتجد أنها نص أدبي نثري ، جزء من مسرحية مشهورة متداولة بين شباب مدينتها ممن يرفضون سيطرة الكنيسة التي تحاول من جديد السيطرة على الناس من خلال اظهار صورة غير نمطية عنها
وجدت نفسها تبتسم مرغمة عندما أدركت أن الجزء هو من حوار حب بين البطلين ، أخفضت كفيها و حدقت أمامها لتشعر بشيء غريب ، كل فتاة من فتيات جيلها يحلمن بامتلاك حبيب سري و مراسلته بنصوص كتلك ، هي بالذات كثيرا ما عشقت ذلك الأمر و هي تقرأ عنه في الروايات الكلاسيكية و تشاهده في المسرحيات التي تتسلل اليها، في النهاية هي مجرد فتاة رمنسية حالمة مهما كانت متمردة
استقامت لتقترب من النافذة ، فتحتها ثم رفعت نظراتها ناحية القمر المكتمل ، رفعت كفها و حاولت تغطية جزء منه و هي تفكر كيف سوف تخرج عندما والدها شدد عليها الخناق الآن
تنهد ببؤس و أخفضت ذراعها ثم رفعت الورقة أمامها و حدقت بالخط الذي كتب به النص ، يبدو شخصا مهتما و شغوفا بفنون الأدب لذا هي سوف تحاول و لن تتراجع حتى تتمكن من الخروج لمقابلته في ذلك المكان الذي قال عنه
*
في منزل عائلة " دي باردي " كان يمسك بكأس نبيذه الأحمر المعتق و يقف أمام النافذة ، يحدق بالقمر المكتمل و يشرب ببطء عندما اقتربت منه عمته الليدي جوفانا ، كعادتها ترتدي أغلى الأثواب و تزين نفسها بأثمن و أندر المجوهرات كما تسرح شعرها بتسريحة راقية كل يوم تستغرق خادمتها وقتا طويلا في تصفيفها لها ، وضعت كفها على كتفه و ربتت بهدوء ليلتفت بجانبية و هي وقفت بجانبه لتتحدث
" ما الذي يشغل بالك أيها الماركيز ؟ "
حدق بكأسه و حرك الشراب داخله لينبس بهدوء
" الموت "
عندما قالها هي أبعدت كفها عن كتفه فالتفت لها و تحدثت هي بعدم رضا
" لما تفكر بالموت و أنت لم تتجاوز الأربعين من عمرك ؟ "
حدق بها ليبتسم بجانبية و خفوت حتى يجيبها
" و هل الموت يعرف عمرا معينا أيتها الليدي ؟ "
ابتسمت لتنفي ثم حدقت بالسماء و أجابته
" لا ..... الموت كثيرا ما يفاجئنا و لكن "
عندما قالت ، لكن ، التفتت له و تساءلت هذه المرة فعليا
" لما تفكر بالموت ؟ "
" في مدينتنا أصبح الكثير من الرجال يموتون "
" إنه قدرهم "
" و أنا لا أعترض على القدر .... "
أومأت غير مصدقة فهي أكثر من يعرف طباعه و غيرت دفة الحديث
" أيها الماركيز دعنا من هذا الحديث فأنا لدي ما أحدثك به "
ابتسم ثم أمسك بكفها و سارا معا نحو طاولة العشاء التي كانت جاهزة ، هما سيكونان شخصان فقط و لكنها مليئة بقدر تطعم به أكثر من عشرين شخصا و هذا ما يراه هو تبذيرا لا حاجة له و لكنه احتفظ برأيه لنفسه لأن عمته سوف تغضب إن هو حاول وعضها ، كما سوف تتهمه أنه يحاول لبس لباس التقوى ، و كأن التقوى في زمنه أصبحت تهمة لا شيئا محببا
سحب لها المقعد فجلست ليجلس هو بقربها ، قربت كأس نبيذها عندما اقتربت الخادمة حتى تصب لهما الطعام بصحنيهما
" اذا أيتها الليدي ما سبب هذه الدعوة ؟ "
انتظرت حتى انتهت الخادمة ثم أشارت لها بالانصراف و عندما أقفلت الباب ابتسمت له لتربت على كفه بقربها
" أنت يا ابن أخي "
ارتفعا حاجبيه ثم أجابها بشك
" أنا ؟؟ ...... ما الذي تخططين له عمتي ؟ "
و هي واصلت
" قررت أن أبحث لك عن عروس بنفسي .... لا يعقل أن تبلغ الأربعين بعد سنوات قليلة ولا يكون لدينا وريث لاسم العائلة "
لكنه أجابها بما تكره سماعه
" لست مهتما "
" أنا مهتمة .... فقط قل موافق و أنا سوف أسير بهذه الأمور "
فابتسم بجانبية و كأنه لا يهتم فعلا
" افعلي ما تريدين عمتي "
في النهاية كل زوجة في روما و ايطاليا عموما تعاني من الاضطهاد ، إنه مجتمع ذكوري و المرأة لها واجبات محددة خصوصا اذا كانت من طبقات متوسطة و غير نبيلة ، فكل ما يجب عليها فعله هو الاهتمام بزوجها ، تنفيذ رغباته و الاعتناء بمنزله و هو رغم رفضه لكثير من الأفكار المتداولة في مجتمعه لكنه لا زال لا يرى للمرأة حقوق يجب أن تتمتع بها
حملت هي ملعقتها و بدأت بتناول حساءها لتجيبه بسرور
" سوف أبدأ منذ الغد بحفلات الشاي و عشاء كبير و هناك يمكنني اختيار الأجمل و الأنسب لك أيها الماركيز ..... "
تناولا عشاءهما و الليدي جوفانا كانت تتحدث عن أمجادها في الماضي و هو يبتسم و لكن دائما كلما سار مسار الكلام إلى زوجها الذي توفي منذ ما يقارب العشرين سنة هي سوف تتجاهله و تحوِّل مرة أخرى الحديث لدفة أخرى ....... يتذكر جيدا يوم موته كيف كانت تجلس بدون أن تذرف دمعة و لكنها تمسكت بحزنها عليه لسنوات طويلة و لم تتخلى عن الأسود إلا منذ عدة سنوات مضت
بعد نهاية العشاء هو استقل عربته التي قدم بها و غادر لمنزله ، دخل بعد أن وصل و صعد لغرفته ليطلب من خادمه الشخصي أن يجهز له الحمام ، أبعد معطفه ثم سترته قصيرة الأكمام ، فتح أزرار قميصه الأسود ليبعده و سار ليقف أمام المرآة الطويلة
رفع كفه الأيسر و وضعه جانب صدره الأيمن ، أين يحمل ندبة سهم اخترقه منذ عدة سنوات ، عندما كان في رحلة صيد و صادف قطّاع طرق يحاولون اختطاف آنسة صغيرة كانت تشد رحالها من جنوى لروما لحاقا بوالديها حديثي الثراء كما فهم لاحقا من الخادم الذي كان يقلها ، و ماكاد يغرق بعينيها الرماديتين من جديد حتى قاطعه خادمه
" سيدي الحمام جاهز "
حدق به من خلال المرآة ثم رفع كفه يشير له
" يمكنك المغادرة "
غادر الخادم و هو سار نحو الحمام ، تخلص من باقي ثيابه و دخل بحوض الحمام الخشبي ، كانت الشموع تضيء المكان و بعض البخور المجلوب من أسواق الشرق يعطره ، أمال رأسه للخلف على جانب الحوض و أغمض عينيه ، هناك شيء تخفيه عمته و هو نفسه الذي تخفيه زوجة البارون بوناروتي
*
صباح اليوم التالي كانت آميا تجلس وسط سريرها و لم تغير ثيابها منذ ليلة أمس ، تظهر العبوس و الغضب على وجهها بينما هناك هلات سوداء تتموضع تحت عينيها بسبب عدم نومها ، فتح الباب و ظهرت من خلفه والدتها ، ابتسملت لها و آميا ضمت ذرعيها لصدرها و أشاحت بنظراتها عنها فتقدمت والدتها لتقفل الباب خلفها ثم اقتربت لتجلس على طرف سريرها
" آميا عزيزتي .... "
و لكنها حركت كتفها و عبست أكثر
" تدرين أنه لا يمكننا معارضة ما يقوله والدك "
" إنه متسلط "
قالتها و التفتت لأمها و الأخرى عكرت حاجبيها بعدم رضى
" إنه والدك آميا .... صدقيني إنه لطيف جدا مقارنة مع الرجال الآخرين "
" أجل أمي لطيف لدرجة أنه أحضر لي رجلا في عمره حتى يعرفه عليّ "
توسعت عيني و والدتها و اقتربت منها أكثر
" متى حدث هذا ؟ "
" أمس أمي .... لو كنت تهتمين بأمور بيتنا و أموري لكنت علمت و لكنك تهتمين فقط بالأواني الخزفية و اللوحات "
عكرت حاجبيها بعدم رضى ثم قربت كفيها من كفي آميا و أخذتهما لتربت عليهما و تحدثت حتى تتهرب من الحقيقة التي قالتها آميا
" آميا والدك سمح لك بالخروج لكن بشرط "
التفتت لها آميا و توسعت عينيها لتبتسم و أجابت
" أي شرط هذا ؟ "
" لقد تلقينا أنا و أنت دعوة لبيت الليدي جوفنا غدا من أجل عشاء تقيمه بمناسبة خاصة و سمعت أن المناسبة متعلقة باختيار عروس للماركيز "
بعد أن كانت قد تأملت و رسمت ابتسامة على وجهها مستعدة لتحمل أي شيء هاهي تختفي تدريجيا فسحبت كفيها من بين كفي والدتها و أجابتها بسرعة
" لن أذهب و لا أريد أن أخرج من هذه الغرفة اذا كان الأمر هكذا "
" آميا لا تتصرفي بهذه الطريقة والدك في ورطة و أنت يجب أن تساعديه "
حدقت بها و عكرت حاجبيها
" ما الذي تعنينه أمي ؟ "
" لا أدري بالتفاصيل و لكن السفينة التي تحمل السلعة التي اشتراها لم تصل أخبارها بعد و هذا يقلقه جدا "
بخوف هي نطقت التالي
" اذا هل يحاول الحصول على ضمان لحياته عبر بيعي أنا ؟ "
حدقت بها والدتها و لم تدري ما الذي ستقوله لها ، الأمر هكذا في مجتمعهم بالفعل فلا يمكنها أن تنفي ولا يمكن أن تقول نعم حتى لا تكسر لها قلبها و عندما لم تجبها هي تمددت بمكانها لتسحب الغطاء عليها و صرخت
" أنا أكرهكم "
تنهدت والدتها ثم ربتت عليها و تحدثت
" تجهزي آميا سوف نذهب لحفلة الشاي التي تقيمها أولا ثم نذهب لكي نشتري لك ثوبا أنيقا جديدا حتى نحضر العشاء غدا "
قالتها ثم تركتها و عندما وصلت بقرب البابا صادفت زوجها يقف هناك ، رفع رأسه يحدق بزوجته و شعر بالغضب من تصرفات ابنته ، بل من نفسه لأنه تعهد يوم ولادتها أنها لن تكون كباقي قريناتها ، لن يبعيها و لن يستغلها و لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن و سفينته بالتأكيد أتتها رياح لم تشتهيها لذا لم تصل إلى الآن
كانت سوف تقفل والدتها الباب عندما تحدث هو
" آميا فلتتجهزي لأنني لن أتسامح معك اذا ضيعتِ هذه الفرصة من بين أيدينا "
أقفلت أمها الباب و هي بكت بشدة فحتى وقت قريب كانت تعتقد أنها لن تكون مثل الجميع ، لم يمر كثير من الوقت حتى طرق باب غرفتها من جديد و فتح من طرف ماريا ، خادمتها الخاصة و تحدثت
" آنستي يجب أن تتجهزي "
عندها خرجت شهقاتها أكثر و ماريا تحدثت
" لا تبكي آنستي و إلا أضطررنا لوضع الكثير من مسحوق التجميل الذي جلبته السيدة من متجر جوليا "
*
في الكتدرائية كان يسير نحو مكتبه كالعادة بعد أن وصل و سانتو يسير خلفه و يزوده بأجدد الأخبار
" لقد قبضنا على بعض الممثلين سيدي "
" هل استجوبتهم ؟ "
قالها بينما يبعد قفازيه الجلديين و سانتو توقف
" لا ..... تركت الأمر لك سيدي "
" أحسنت يا سانتو "
قالها بينما يبتسم و وصلا للمكتب ، ففتح سانتو الباب و هو دخل ، وضع القفازين على طاولة مكتبه ثم من خلف مقعده أين تثبت رفوف الأسلحة أخرج السوط و التفت لسانتو الذي توسعت عينيه
" ما الذي ستفعله سيدي ؟ "
" سوف أستجوبهم "
" بالسوط سيدي ؟ "
" أجل بالسوط حتى يتوقفوا عن تحدي السلطة و الماركيز "
" سيدي المسرحية كانت عاطفية لم تتحدث عن الكنيسة كثيرا "
قالها سانتو بعدما خرج الآخر و سار في الممر ، كان يتبعه بسرعة فأجابه
" قلت لا يسمح بالتجمعات و لا المسارح في الشارع و هم ماذا فعلوا ؟ "
توقف و التفت لسانتو الذي توقف بدوره و أجابه بخفوت
" تحدوك و استمروا باقامة المسرحيات "
" جيد أنك فهمت المغزى فأنا لا تهمني الكنيسة كما تعلم "
واصل سيره بعدها و سانتو كان خلفه ، سنة مرت منذ أن تسلم هذا الرجل أمامه السلطة و لكن للآن لم يفهم طريقة تفكيره ولا حتى كيف يعمل مع العلم أنه يعرفه من قبل ، كما أنه يحقق نتائج مبهرة في كل مرة يكون هناك شيء
وصلا لسجن الكنيسة أين توجد غرف الحبس و التعذيب ، و قرب الباب هو توقف ، أبعد سترته و وضعها بحضن سانتو ثم أشار له
" تقف هنا حتى أخرج "
" حسنا أيها المركيز "
حرك سوطه ليصدر صوتا عندما ضرب به الأرض ثم فتح له الباب و دخل ليقفل من خلفه ، و بعدها لم يسمع سوى صوت صراخ الرجال المحبوسين هناك ، مر الوقت ، أكثر من أربع ساعات و في ذلك الحين بلغ سانتو خبر وفاة جديدة لرجل ليس من الطبقة النبيلة فوجد نفسه حائرا ، هل يخبره أم يتجاوزه ؟
فتح الباب و خرج هو بينما يمسح العرق عن وجهه باستخدام كم قميصه ، اعتدل سانتو بوقوفه و هو سلمه السوط ليتحدث
" نضفه من الدماء و أعده لمكانه "
سار قبله و سانتو تبعه بينما لا يزال يضم سترته و تحدث
" سيدي الماركيز أعتقد أنه عليك معرفة أمر ما "
توقف ثم التفت له ليعكر حاجبيه و الآخر تحدث
" لقد توفي رجل اليوم "
" مرة أخرى ؟ "
" أجل "
" أريد أن أطلع على التفاصيل "
قالها و عاد يسير قبله و الآخر تبعه بينما يزوده بالتفاصيل التي يريدها ، الرجل صحيح أنه من الطبقة المتوسطة و لكن لم يكن مريضا ولا كبيرا في السن ، كل ما يعرف عنه أنه كان شخصا سيئا بحق زوجته و كان يضربها كثيرا و هذا معروف أكثر لدى الطبقة المتوسطة في ايطاليا و روما
*
انتهت ماريا من تزيين وجه آميا فحدقت بها بابتسامة واسعة و الآخرى كانت عابسة
" آنستي فلتبتسمي قليلا "
" لا أريد أن أبتسم ماريا فلا تجعليني أصب غضبي عليك رجاء "
التزمت ماريا الصمت بعد ما قالته آميا فهي لا تعاملها بتعالي أو عدوانية عادة ، التفتت و أخذت حقيبة اليد الصغيرة القماشية التي تعلق بالكف و وضعت بها مسحوق التجميل و سلمتها لآميا التي أخذتها و استقامت فتحدثت ماريا
" يمكنك استخدامه اذا شعرت أن الشمس أزالته من على وجهك "
" أنا لا أفهم لما خضعت لكِ أنتِ و أمي ووضعته ؟ "
ابتسمت ماريا و في تلك اللحظة فتح الباب و من خلفه ظهرت والدتها التي كانت قد جهزت نفسها هي الأخرى ، ابتسمت و اقتربت لتتمسك بذراع ابنتها ثم تحدثت
" حببتي أنت جميلة جدا متأكدة أنك ستلفتين نظر الليدي جوفانا "
حدقت فيها آميا بنظرات جامدة لتجيبها
" أتمنى أن تصاب بالعمى و لا تراني "
بعدم تصديق أمها توسعت عينيها
" ما الذي حدث لك يا فتاة .... لا يجب أن تتمني الشر لأي أحد خاصة لو لم يقدم على ايذائك "
سحبت ثوبها لتمسك به متجاهلة كلام أمها التي حدقت مرة أخرى بشعرها و نفت بعدم رضا
" ماريا ما هذه التسريحة العادية ؟ "
آميا لم تسمح لها بتسريحه كما طلبت والدتها برفعه و وضع تموجات لولبية به ، بل أخبرتها أن تربط لها بعضه بشريط أسود بدون أن تفعل به شيء و قبل أن ترد ماريا ردت آميا
" أنا أشعر بالراحة بهذه التسريحة أمي و أنت تعلمين ذلك "
تنهد والدتها ثم سحبتها
" هيا لنغاذر قبل أن نتأخر على الليدي "
و فعلا خرجت مع والدتها لتستقلان العربة ، أقفل الباب و انطلقت و أمها كانت تحمل مرآة و تتفقد شكلها بين الحين و الآخر و آميا تحدق بها ثم تنفي حالها و تعود لتنظر عبر النافذة الصغيرة التي بجانبها حتى تحركت العربة بهم بشكل غير عادي ، تمسكت آميا و والدتها ثم تحدثت هذه الأخيرة
" ما الذي يجري ؟ "
لم تجبها آميا و ماهي سوى ثواني حتى فتح السائق الباب و انحنى قليلا احتراما لهما و تحدث
" لقد كسرت عجلة العربة سيدتي "
تنهدت والدة آميا بحنق و آميا استقامت بشكل منحني بينما تحمل ثوبها و نزلت ، وقفت خارج العربة حتى نزلت أمها و تحدثت
" هيا لنسر إلى هناك فالمكان ليس بعيدا كما سبق وقلتِ "
لم تكن والدتها راضية و لكنها مرغمة على المواصلة على قدميها حتى لا تتأخر عن الليدي جوفانا ، تمسكت بذراع آميا حتى لا تهرب منها و سارتا ، مرتا عبر السوق المكتظ و أثناء ذلك لم تفقد آميا الأمل أن تتسلل لأمها و لكن هي تعلم أنها سوف تلقى عقابا أشد من سابقه فكانت مضطرة لمسايرتها و السير معها
و بينما الجميع يقوم بواجباته بصورة اعتيادية في السوق بالاضافة للحركة التي كانت طبيعية حتى انقلبت الأحوال فجأة و صدح صوت رجل يصرخ و يمتطي عصاه يبدو عليه الجنون
" ابتعدوا عن الطريق الماركيز قادم "
الجميع تنحى عن الطريق حتى والدتها حاولت سحبها و التنحي عن الطريق ، أما هي عندما أدركت أنها بوسط طريقه و رأته قادم بحصانه الأسود من بعيد ثبتت بمكانها و دفعت والدتها بقوة لتبقى هي بوجه الخطر ، إنها تتحداه و تواجهه بكل قوة
أما هو فقط لمح من بعيد فتاة تقف وسط الطريق بينما الجميع تنحى ، كانت تقف و تحدق نحوه ولا يبدو على ملامحها الخوف و هو زاد من سرعة حصانه حتى تتنحى لكنها فقط أغمضت عينيها متمسكة بنفسها بقوة لتحاول تثبيت جسدها بالطريق بدون أن يرغمها الخوف عى التنحي
سمعت صوت حوافر الحصان الصاخبة و عندما اعتقدت أنه سيرميها بعيدا عن طريقه هو تمكن من ايقاف حصانه فصهل بصوت مرتفع و قوي بينما يرفع أطرافه الأمامية و والدتها صرخت باسمها فزعة
" آميا ...... "
نهاية الفصل الثاني من
" أكوا توفانا "
أتمنى أنكم استمتعتم أعزائي
إلى أن نلتقي بالفصل التالي كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro