407
قطرات الماء الغزيرة تنساب على جبين آدم الذي ازدادت حرارته من كثرة التفكير و هو يجول بنظرة بين هذا الحادث الغريب الذي لم ينجو منه أحد للمرة الثامنة.. رغم تكرار الحوادث بنفس الطريقة، لم يسمع آدم يومًا للكلام الذي يُقال عن طريق 407 من كونه طريق ملعون بجانب بعض القصص المرعبة التي لم يصدقها عقله..
فكونه محقق قارب الشيب على الانتشار بين خصلات شعره جعله واقعياً جداً فلا يوجد سبب دون مسبب يلمسه..
تنهد هو بتعب بعدما ازدادت الرياح المصطدمة بوجهه بجانب المطر الذي لم يهدأ بعد، ثم خرج من شروده في موقع الحادث على مساعده الذي دنى منه قائلاً في احترام:
- سيتم نقل الجثث إلى مقر الطب الشرعي، هل نذهب يا سيدي؟
ركب آدم سيارته و هو يقول بضجر:
-لا يفيد ذهابنا فكالعادة لا يوجد سبب لموتهم..
....
حبيبات العرق تغزي جسده فكابوسه الغريب مازال يراوده، نوعًا ما لم يكن كابوس بل حقيقة كانت تجعله يتمنى قتل نفسه فرحيل حبيبته إيڤا كان مؤلماً فقد أصبح كمن اُقتلع قلبه فقد أخذت معها روحه الطيبة و الجميلة فكل جميل يأخذ ما يشبهه..
شرد آدم في سنواتها الأخيرة راسمًا ملامحها فقد كانت سنوات مليئة بحقن و محاليل لكي تتعالج من السرطان، تذكر آدم أيضاً حديثه معها حينما كان يشجعها و يخبرها بأنها ستظل معه رغم معرفته التامة بموتها المؤكد..
أخرج هو الهاتف بعدما سمع رنينه ليرد..
-مرحبًا آدم أنا الطبيبة سيلينا المسؤولة عن تشريح جثث الحادث الأخير..
-مرحباً.
-لقد لاحظت شئ ربما لا يكون قويًا وهو أن جثث هذا الحادث جميعهم مبتسمون بشكل غريب و ما قبلهم أيضاً و هذا عجيب بالنسبة لحادث..
ضحك آدم بسخرية ليقول:
-وكيف استطعتي تحديد إبتسامتهم؟؟
صمتت هي قليلاً ليردف:
-هذا الحادث صعب فليس من السهل تحديد وجوههم بالأصل..
-وجوههم بها كدمات لكن إبتسامتهم واضحة..
لاحظ هو حدتها ليغلق هاتفه بعد تحيتها منهيًا المكالمة..
لم يفكر في هذا الأمر سوى دقيقتان فقط فسرعان ما سمع همس قادم من غرفة الآلات الموسيقية التي خصصها لإيڤا و بدون وعي أخذته قدماه لهناك..
-إنها أنا..
ظن أنه الريح القادم من النافذة لكنه لم يسمع سوى ذلك يتكرر بينما الآلات ثابتة حتى رياح الشوارع لم تحركه..
.
ذهب هو لعمله في الصباح متجاهلًا ما حدث ليلًا وكأن شئ لم يكن ولكن....
.
إيڤا..
الجميع هنا ينتظر دوره فنحن في مسار طويل ننتظر ظهور أشكالنا لمن نحبهم لنأخذهم، إنه شئ جيد فقد اشتقت لآدم للغاية لدرجة جعلته يسمع همسي.. أعلم إن في تلك الإيام لن يكون بخير لأنه يشعر بي ويشعر بإقترابي أو إقترابه..
.
كانت إيڤا بشعرها البرتقالي تنتظره أمام سيارته التي لم يزيد من سرعتها سوى الرياح الهائجة، ابتسم آدم ليفهم الكثير و هو تارك روحه و هي تذهب بعيدًا مع معشوقته التي لطالما كانت الزمرد الخاص به، فرغم أن بعض قطع الزجاج قد اخترقت جسده إلا أن إيڤا كانت يداها ناعمة لدرجة أن تمحي تلك الجروح.. فبعد ألم عانا منه إلا أن نظرات عيونهما كانت كفيلة لتنتظر إيڤا في محطتها لتأخذه..
"فكيف لا يبتسم المرء وهو يقابل أحباؤه الراحلين؟"
أصدرت السلطات قرار بغلق الطريق نهائياً ليُغلق المسار رقم 407 الذي كانت تقف فيه إيڤا منتظرة ظهورها، فقد أصبح هذا الطريق هو المُتصدر لقصص الرعب التي تتناولها البلدة رغم براءته من كل التهم المنسوبة إليه..
———
رأيكم؟
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro