إمرأة ثلاثينية ممشوقة الجسد جالسة أمام المدفأة الحجرية في غرفتها خافتة الأضواء وأمامها ضيف معهود، قد كان طويل للغاية وملامحه هادئة غير ذلك يمتلك أغرب عينان قد يراها أحد

أخذت الإمرأة تحرك الحطب المشتعل بعصاها المعدنية فصرحت "أنت تطلب مني شيء شبه مستحيل ألدراي"

اِبتسم المدعو ألدراي بجانبية ليجيب "ولماذا؟... أخبرتكِ أني سأجلب لكِ المكوِّن الرئيسي وفوق ذلك... قليل من الأحمر الذي أملكه... ما رأيك؟"

اِرتسمت اِبتسامة عريضة على وجهها بينما مازالت تحركهم عمداً لتجيب "إن كان كذلك... فأنا موافقة"

نهض ألدراي قائلاً "إذاً سأعود إليكِ لاحقاً ولكن فلنتفق أن تعطيني أنتِ أولاً لأعطيكِ المقابل"

"ولماذا تكرر نفس الكلام في كل مرة... أنا دائماً أعطيك ما بحوزتي أولاً"

أطلق ضحكة قصيرة فصرح "أجل إنه خطأي علي الوثوق بك ولكن بالنهاية الثقة لا تعطى لأياً كان... أراكِ لاحقاً"

***★****★***

اِستلقيت على سريري بتنهد، هناك شيء غير طبيعي بڤولكر

هل هو يكرهني أم لا، لطالما كان قاسياً معي ولكنه في الآونة الأخيرة يساعدني بطريقة غير مباشرة

أو الأصح على طريقته القاسية، نهضت فجأة عندما أدركت أن صندوقي الخشبي ليس في مكانه المعتاد

أخذت أبحث عنه في كل مكان بالغرفة ولكن لا أثر له
فركضت سريعاً نحو مكتب هال لأطرق الباب باستعجال فأذن لي بالدخول

اندفعت للداخل لأصرح "أين صندوقي الخشبي!؟"

عقد حاجبيه فصرح "إهدأي... إنه معي لقد نقلته بنفسي وانشغلت فجأة فنسيت أمره"

أخرجه من درجه ومده لي فأخذته سريعاً متمسكة به لأتلفظ بصوت خافت "آسفة لإزعاجك" وغادرت بهدوء نحو جناحي

لأقوم بوضعه مكانه على طاولة الزينة، لقد كنت أشعر بملل شديد، بينما أراقب يدي المضمدة فخطرت لي فكرة
لأن عقلي لا يخلو من الأفكار، سأقوم بتجربة أخرى

نهضت بينما أسترجع الوصفات التي قرأتها بذاكرتي، فانطلقت راكضة بهدف الخروج من الغرفة إلا أني اصطدمت بصدر صلب جعلني أشعر أن أنفي كُسر

اِبتعدت بضعة خطوات بينما أتحسس عظمة أنفي فرفعت ناظري لأجده ڤولكر ممسكاً بحقيبتي التي نسيتها بالغابة

لقد كان يحدق بشكل غريب فغطى أنفه وفمه بيده مشيحاً بوجهه ليمد لي الحقيبة

استغربت أمره، لآخذها ليقوم بالرحيل على الفور

هل كانت رائحتي مقرفة أم ماذا، اِشتممت خصلات شعري وملابسي وقد كانت رائحة عطرة، هل يعقل أن لديه حساسية من العطر؟

رمشت باِستغراب لأهرع للداخل وأقوم بوضع الكثير منه على ملابسي لأعيد العبوة لمكانها، سيكون من الرائع أن يعطس ڤولكر كلما حاول إزعاجي، إنه لأمر رائع أن تكتشف نقطة ضعف من تكره

كان الليل يخيم لذا فضلت ألا أذهب للغابة وأقوم بالتجربة في غرفتي، اتجهت للمطبخ لأقوم بجلب كوب آخر لأصعد مجدداً إليها

أغلقت الباب لأجلس على الأرضية، وضعت الكوب أمامي لأسكب به القليل من الماء، أمسكت الكتاب لأقوم بقراءة التعويذة بصوت خافت وعندما أنهيت ورفعت أنظاري عن الكتاب وجدت أن الماء بات لونه أسود

كان شكله مخيف بالنسبة لي ولكن آمل أن أنجح

أمسكت الكوب لأحركه دائرياً بتقزز، فتحت الضمادة التي حول يدي لأشهق بتألم، مثل شخص وضع الملح على جرحي

نظرت للكوب باستغراب فأنا لا أعرف كيف أستعمله فرفعت كتفي بلا مبالاة لأقوم بسكب نصفه على الجرح لأشهق وأضع الكوب على الأرض

أخذت نفساً عميقاً كاتمة تأوهاتي، غلفت يدي بنفس الضمادة مجدداً

وحينها شعرت بها تشتعل أكثر من ذي قبل، أمسكتها بقوة أعتصرها لعل الألم يتلاشى لكنها تحترق أكثر فأكثر إلى أن دمعت عيناي وكتمت أنفاسي

لحظات واختفى الألم، لأقوم بإزالة الضمادة فأصبت بصدمة عندما لم يكن هناك سوى خدوش طفيفة مكان العضة، خفق قلبي بقوة وابتسمت بعرضة لأمسك بالكوب وأركض للخارج بينما أصرخ "هال أنظر ماذا فعلت!"

خرج من مكتبه بهلع فرآني قادمة لأرفع يدي قائلة "لقد نجحت أنظر لقد فعلتها!"

اتسعت عيناه ليمسك الكوب وينظر متمتماً "نجحتِ!؟"

ابتسم بذهول بينما يرمش فسحبني لداخل الغرفة ليغلق الباب هامساً "خذي هذا الكوب وخبئي المسحوق!... لكن لا تخبري أي أحد... ليس على أحد أن يعلم أنكِ نجحتِ بهذا لذا قومي بتضميد يدكِ مجدداً"

عقدت حاجبي لأتمتم "لماذا... حسناً كما تشاء"

عض شفاهه السفلية ليجيب بخفوت "سيلڤر هذه قصة طويلة، ولكن الآن عودي لغرفتك سريعاً ولا تدعي أحد يرى هذا الكوب بيدك فقد يعتقدون أنه سحر أسود"

أومأت لأغادر بسرعة وعندما وصلت لمدخل الغرفة رأيت ڤولكر بالداخل ممسكاً بالكتاب وينظر بصدمة

انقبض قلبي فتمتم بملامح غاضبة ممسكاً به كأنه قمامة "أنتِ ساحرة!"

"لا" صرحت لأتجه إليه محاولة أخذ الكتاب لكنه رفع يده قائلاً "وما هذا الذي في يدك!؟ تعويذة؟"

صرحت بهمس "صه أرجوك أخفض صوتك لقد وعدت هال ألا أخبر أحد أرجوك"

اشتد الغضب في وجهه قائلاً "رائع هال أيضاً يعرف ولم ينطق بحرف!"

كدت أجيبه لكن هال دخل الغرفة ليغلق الباب قائلاً "كلاكما التزما الصمت"

صرح ڤولكر بغضب "ماذا تظن نفسك فاعلاً! ما الذي يحدث!؟

تنهد هال ليصرح "ڤولكر ... لا تخطئ الظن بنا... عليك ألا تتدخل بهذا لأنها قصة طويلة"

وضع ڤولكر كلتا يديه على رأسه ليتمتم "أحد أفراد قطيعنا ساحر"

هاول هال تهدئة الأجواء "لا عليك أؤكد لك أنها ليست ساحرة من نسلهم"

همس بحدة "أتحاول خداعي أم ماذا!؟... كيف تمكَّنَت من هذا وهي مستذئبة، كيف! لقد رأيت كتاب كله طلاسم ولغة غريبة بأم عيني! وانظر إلى يدها الآن! لا أثر لأي جرح!"

تلفظ هال "هل تحولت لذئب من قبل؟ لا،... قلت لك أنها قصة طويلة وسأخبرك إياها في الوقت المناسب... عدني أنك لن تُعلِم أي مخلوق عن هذا"

تنهد ليصرح "أعدك... لعلمك أنا سأصمت فقط لأنك أخي وأثق بك لكن آمل ألا تخذلني!"

تركتهما يتناقشان لأخرج المفتاح من عنقي وأعيد الكتاب للصندوق

بلحظتها أبعد ذلك المجهول ذو الهندام الأسود المتناسق أذنه عن باب جناحي مكتفياً عن استراق السمع ليبتسم بجانبية متمتماً "سنرى..." ...