النهاية
فتح جايمس عيناه و نظر الى الساعة على يمينه، انها السابعة مجددا، كعادته يستيقظ بنفس الوقت دائما دون اي حاجة لمنبه. نظر حوله بالغرفة الفارغة يفكر بحياته العادية و البسيطة فهو يتبع نفس الروتين دائمًا
وقف من سريره و هو يمطط جسده كالقطط لعله يستيقظ تماما قبل ان يدخل الى الحمام، ازال ثيابه و وقف تحت المياه يغتسل بهدوء. ارتدى بدلته الرياضية و خرج من غرفته و لكن ليس قبل ان يتوقف عند الغرفة المقابلة لغرفته.
و كما يفعل دائما فتح الباب ببطء شديدا حارصا على ان لا يوقظها من نومها ثم ابتسم بحنان لنومها العميق قبل ان يغلق الباب و يغادر الى جولة الركض خاصته.
عاد بعد نصف ساعة و توجه الى الطابق السفلي من اجل تدريباته الصباحية و عندما كان مركزا بتدريبه سمع صوتا رقيقا يناديه من الخلف
" ابي حبيبي "
رسم جايمس ابتسامته العذبة و استدار ينظر الى لورا، ابنته البالغة من العمر خمس سنوات الان، كانت تقف بثياب نومها الصفراء، شعرها الاحمر الذي ورثته عن والدتها مبعثر بسبب نومها و هي تمسك لعبتها المفضلة بيد و باليد الاخرى تدعك بها عينها
" اميرة ابيها استيقظت "
ابتسمت لورا و هي تقترب من والدها الذي حملها بعد ان خطت خطوتين و بدأ تقبيلها عدة مرات مما جعل ضحكتها تصبح أعلى
" انت تدغدني ابي "
" احب دغدغتك ماذا افعل "
" و انا احبك كلك "
اجابته لورا و هي تعانقه بقوة واضعة رأسها بعنقه ليعانقها الاخر بقوة قبل ان تبرق عينه بالدمع لثانية و هو ينظر لشعر طفلته الاحمر الذي يذكره بستيلا دائما
" انا جائعة "
سمع لورا تتحدث قبل ان تغرغر بطنها صوتا بسبب الجوع ليضحك جايمس و هو يركض بفتاته نحو المطبخ
" ابنتي جائعة هيا بسرعة لنشبع بطنها الصغيرة "
ضحكت لورا بقوة و هي تجلس على مقعدها بينما تنتظر الاكل بحماس، شاهدت كيف كان والدها يجهز فطورهما معا و هي تبتسم بسعادة فجايمس لا يكسر خاطرها بخصوص اي شيء و دائما ما يدعمها
" ماذا تريد الاميرة ؟"
" فطائر محلاة "
" امرك"
تحدث جايمس بجدية مصطنعة و هو يحييها كالشرطة بينما يكمل تجهيز الإفطار، بعد ان انتهى كلاهما من الافطار قبلت لورا خد والدها بقوة ثم ركضت نحو غرفتها لتجهز نفسها
كان جايمس بالجهة الاخرى يضع الأواني بآلة الغسل ثم توجه نحو غرفته لكي يجهز كذلك، عندما كان يضع عطره كلمسة اخيرة طرق على باب المنزل جعله يتوجه لفتحه
و كما يحصل كل سنة بهذا اليوم، يتم احضار باقة من الزهور الوردية. شكر الموظف و حمل الباقة الى داخل المنزل قبل ان ينادي على طفلته
" لورا اين انت اميرتي ؟"
خطوات ركض صغيرة و صوت رقيق ينادي من اعلى الدرج قبل ان تظهر لورا التي كانت تحمل بيدها فرشاة شعر و هي تنزل الدرج
" انا جاهزة ابي، فقط شعري "
ابتسم جايمس و هو يومىء لها ثم وضع الباقة جانبا قبل ان يجلس طفلته على الكرسي مقابله و يبدأ بمشط و تصفيف شعرها
" انت تحب شعري اليس كذلك ؟"
" يشبه شعر والدتك للغاية "
همس جايمس و هو يضع اخر لمسة بشعرها مقبلا رأسها لتستدير ناظرة اليه و هي تسأله
" هل انت تحب امي؟"
" أمك هي الحب الاول و الاخير بحياتي، أحببتها سابقا و سأحبها الى اخر نفس لي"
" ماذا عني؟"
" اذا كانت امك القلب فأنت الفؤاد و الروح "
اجاب جايمس و هو يقبل خدي طفلته التي وقفت على الكرسي و عانقته بقوة ليحملها جايمس بيد ثم حمل الباقة بيد اخرى قبل ان يغادر نحو سيارته
وقفت السيارة امام المقبرة لتخرج لورا من الباب الخلفي قبل والدها و توجهت نحو الباب الثاني فاتحة اياه لتاخد باقة الورد و تتوجه الى مكان القبر الذي اصبحت تحفظ مكانه
كانت تركض متوجهة الى القبر لينادي جايمس من خلفها بقلق
" لا تركضي لورا "
اقترب جايمس من القبر ليجد صغيرته قد وضعت الورد بمكانه و هي تجلس بجانبه تتحدث بحماس عن ما حصل معها، لم يرغب جايمس بأن يقاطع لحظتها فوق بجانبها يستمع لما تقول بحنان
" ابي هل نسقي القبر معا؟"
اومىء جايمس و هو يساعدها على السقي و ترتيب الزهور، ثم امسكت بيد والدها و لوحت الى القبر و هي ترسل اليه قبلات طائرة
" هل سنحتفل بمنزل الجدة؟"
تحدثت لورا من مقعدها الخلفي لينظر لها جايمس من مرآة السيارة
" مثل كل سنة صغيرتي، سنحتفل بعيد ميلادك بمنزل جدتك"
" هذا عيد ميلادي الخامس ماذا اشتريت لي؟"
" اي شيء تريدينه سيكون لك "
" امي.."
همست لورا ليرمش جايمس بهدوء لا يعلم بماذا سيجيبها ليعم الصمت التام بالسيارة
" جدتي "
صرخت لورا و هي تركض من السيارة نحو جدتها التي فتحت الباب لاستقبالها لتعانقها بقوة و هي تستمع لما تقوله حفيدتها الصغيرة
جلس جايمس على الاريكة يشاهد حماس طفلته التي كانت تركض من مكان لآخر تريد تقديم المساعدة ليأخذه تفكيره بعيدا تحديدا الى ما حصل قبل خمس سنوات
دخل جايمس المشفى و هو يحمل ستيلا التي لم يتوقف نزيفها ابدا، كانت حالتها سيئة و حسب كلام الطبيب ان حملها كان صعبا و بسبب الظروف التي عاشت وسطها طوال حملها جعل من الامر اصعب
تم إدخالها الى العملية القيصرية و هناك ولدت لورا قبل اوانها، كانت صغيرة الحجم للغاية لدرجة ان جايمس انفجر بكاءا عند رؤيتها، كانت صغيرة و مريضة و ولدت قبل موعدها، بينما ستيلا التي كانت قد خسرت الكثير من الدماء لم تستيقظ بل لم تشعر بما حولها حتى
كان جايمس يشعر بانه وسط امتحان قاس للغاية ، زوجته و طفلته كل واحدة بحالة اسوء من الاخرى و لا يعلم ما الذي يجب ان يفعله. والدته التي ندمت على ما حصل بعد ان انبها ابنها على طاولة العشاء اسرعت لتكون بجانبه و تسانده بينما كروز الذي لم يفشل يوما بان يكون الحامي له
لمدة شهرين كان جايمس لا يغادر المشفى، يركض ما بين العناية المركزة التي تنام بها ستيلا و بين الحضانة التي وضعت فيها طفلته، حالته كانت سيئة للغاية و لكن المفاجأة كانت طفلته الصغيرة المحاربة، بالرغم من صغر سنها و حجمها كانت تقاتل لتعيش و هذا كان كل ما يحتاجه
خرج من شروده و ذكرياته على يد لورا الصغيرة و هي تمسح دموعه التي نزلت دون ان يشعر حتى
" لماذا تبكي يا ابي ؟"
حملها جايمس و وضعها بحضنه و هو يعانقها بقوة و كأنه يحاول إبعاد تلك الذكريات من امام ناظريه بينما كان يجيبها
" لا شيء يا قلب والدك انتي "
" الم اكن انا قلبك؟"
استدار الاثنين نحو ستيلا الحامل و هي تحمل قالب حلوى ميلاد صغيرتها مع كروز الذي يحمل بعض الهدايا لتركض لورا نحو امها
" مامي لقد اشتقت لك كثيرا كثيرا كثيرا "
اقترب جايمس من ستيلا يأخد قالب الحلوى لتنحني الاخرى نحو صغيرتها و هي تعانقها و تقبلها بقوة قبل ان تضيف
" و انا اشتقت لك يا روح المامي انت"
ساعد جايمس ستيلا على الوقوف و عانقها بقوة لتبتسم بحنان عالمة بما يفكر فهو بكل عيد ميلاد لطفلتهما يستعيد ما حصل ذلك اليوم
" انا هنا جايمس لا تقلق "
" لقد تاخرت لم اعلم ما الذي يجب علي فعله"
" انت تعلم بأنني سافرت مع ابي كروز من اجل رؤية والدي، حالته تسوء يوما بعد يوم و كان يجب علي زيارته "
" هل انت بخير ؟"
ثم وضع يده على بطنها المنتفخة و هو يضيف
" هل ماركوس بخير ؟ هل كل شيء جيد ؟"
" لا تقلق حبيبي نحن بأحسن حال، لقد ذهبنا الى الطبيبة انا و ابي كروز و بالطبع اخذت اوديتي .."
اقترب منها و قبلها جايمس بعمق مقاطعا كلامها ليسمع صوت حمحمة بجانبه ابتعد كلاهما عن بعضهما البعض ليجدا كروز يغطي عيون لورا التي كانت تضحك بحماس
" هيا حفيدتي الجميلة لنفتح هداياك"
تحدث كروز و هو يمسك يد لورا اخذا اياها معه لتضحك ستيلا و هي تعانق جايمس قبل ان تتوقف و تساله
" هل اوصلت الزهور الى قبر امي؟"
" بالطبع، لقد ذهبت انا و لورا و تحدثت لورا مع جدتها حديثا طويلا قبل حضورنا"
" اشكرك حبيبي "
" بل انا الذي اشكرك لعدم تخليكي عني ابدا "
عادت ستيلا بذاكرتها الى اليوم الذي استيقظت به بالمشفى، كان قد مر على غيبوبتها أربعة أشهر، كانت قد انجبت بشهرها السابع و طفلتها الان تبلغ الشهرين و هي كانت سبب استيقاظها
جايمس الذي كان يهتم بطفلته و يحضر يوميا لرؤية جميلته النائمة كما يلقبها قرر ان يجرب شيءا جديدا، قرر لقاء زوجته و طفلته معا، هي امها بالاخير ستشعر بها مؤكدا
بالرغم من اعتراض الطبيب الا ان جايمس كان مصرا للغاية، دخل الغرفة و هو يحمل صغيرته النائمة ليضعها بحضن والدتها النائمة كذلك و لكن لا شيء فقط صمت و هدوء بأنحاء الغرفة ليتحدث الطبيب
" سيد ديفس أتفهم موقفك و لكن هذا لن يجدي نفعا "
فتحت لورا الرضيعة عيناها و بدأت البكاء ليركض جايمس إليها و عندما حمل طفلته بين يديه تفاجىء بيد ستيلا التي امسكت بيد الصغيرة و بدأت تفتح عيناها كذلك
" لقد.. لقد.. ستيلا.."
تمتم جايمس و هو يشعر بالصدمة ليبعده الطبيب بسرعة و هو يكشف عن ستيلا التي كانت قد استيقظت حقا. بالاول كانت مصدومة لكونها انجبت قبل ميعادها و لكونها لم تشعر بالامر حتى، و لكن صغيرتها كانت هدية من السماء لها، ساعدها جايمس و دعمها وقت علاجها، كما اعتذرت منها والدة جايمس شارحة لها كل ما حصل يومها
قد تكون ستيلا وحيدة بعد موت والدتها و دخول والدها السجن و لكن الله قد عوضها بعائلتها الخاصة، هي، جايمس ، طفلتها لورا، والدها كروز و والدتها فالنتينا
" ابي امي حان وقت اطفاء الشموع "
خرج كلاهما من ذكرياتهما على صوت طفلتهم التي كانت تنادي بحماس ليتوجها الى جانبها.
قد لا تكون الحياة عادلة معنا احيانا، قد نعيش بحزن و الم لوقت طويلا و لكن لكل شيء وجه آخر فالحزن الذي شعرنا به الان يخبىء لنا سعادة فيما بعد، لا يجب ان نيأس من اول مرة بالرغم من ما يحصل حولنا يجب ان نحاول و نحارب الى ان نصل لهدفنا و سعادتنا
فها هي قصة جايمس و ستيلا لها وجه اخر للحب، وجه ثاني للحزن الذي عاشاه، وجه ثاني لدموع الذي ذرفاها، وجه مليىء بالسعادة و الحب.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro