Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

٨

-لطفًا ، تعليق بين الفقرات و تصويت قبل القراءة-

استفاقت آيلا في ساعةٍ متأخرةٍ من انبثاق الفجر ، كان الأفق المطل من النافِذةِ يتشح بزرقةٍ ضبابيّة و الشمس تنشر في الوجود دفءً يجابه برودة الصبح اللذَّاعة ، و سمحت النافذة النصف مفتوحة للأشعة الصفراء حرية أن تتسلّل عبر قماشِها ، ونثرت عناقيد الجهنمية المتسلقة على الجدران خارج غرفتها رائحةً عذبة مختلطةً برائحة الياسمين وأنفاس الصبح المتمحضِلة ، راقدةً في فراشها بكامل ملابسها وحتى بفردتي نعليِّها امعنت النظر بالسقف واستجمعت نفسها ، لقد نامت نومًا هنيّئًا عميقًا ، كيف كانت احلامها ؟ لا تعلم فقد رأت في منامِها هواجس خفية وظلال ناعمة تداعب وجنتيها بحذرٍ شديد ولمسةٍ لطيفة حانيِّة ، ثم غمرها الدفء الذي ما لبث ان عزز فيها كسلها و ساعدها على ان تحظى بنومٍ عميق لم تذقه مذ ان غادرت منزلها الباريسي المحبب ، ذاك المنزل حيث كل شيءٍ مفعمٌ بالسلام والهدوء والطمأنينة وقد استغرقوا في جمود وتبطّلٍ وسعادة ، في دائرة معارف غنيِّة وقيّمة وجميع من فيها اشخاصٌ رائعون ومسالمون بدورِهم

انقلبت على جانبها حتى تستطيع ان ترى الضوء يتسرب من خلف الستائر المعتمة ، وفكرت بمشاعرها المبعثرة الصعبة واحساسها القوي الذي يصفع وجهها بقوة ، انها ليست في باريس بعد اليوم ، انها هنا في لندن ، في هذه المدينة القاحِطة التي يحيك فيها المتآمرون الدسائس وضحاياهم يشربون وينامون ، مدينة الكَذَّبة المدعين

الذين لربما قتلوا امها بدمٍ بارد وتسببوا بعيشها بعيدًا عن اخويّها ، و على ذكرِ هذين الإثنين ، داهمتها غمامة كآبة وهي تفكر بوعدها الذي قطعته على جدتِها ، اخبرتها انها ستحضر جايك وجون إليها ، كيف ذلك وإحداهما في غيبوبةٍ الله وحده يعلم متى تنتهي ، والأخر معطوب ذي ملامح تعِبة حتى يخيل للمرء انه يقابل الموت في الليلة آلف مرةً ، اخرجت تنهيدةً من صدرها ، وهنالك ابوها ذلك الرجل الذي يظهر انه لا يريدها على الإطلاق ، وكأن وجودها بذاته ينغص عليه عيشه و يفسد صحو مزاجه ، اعتدلت في موضعها و
مدّت يدها تبحث عن حقيبتها الصغيرة بالقرب من المنضدة ، وعثرت عليها واقعة على الارض مع معطفها ، انقلبت اكثر حتى وصلت لحافة السرير لا تنوي ترك البقعة ذات الدفء اللذيذ ، وفتشت داخل الحقيبة وعينيها مسترخيتين حيث اعتادتا على الضوء اخيرًا ، كانت الساعة تشير الى السابعة صباحًا بتوقيت لندن ، أي أن باريس الآن تنعم في نوم الساعة السادسة هذا وإن لم تكن بوادر الإستيقاظ قد بدأت تدب في شوارِعها بالفعل ، لكن جدتها كسيدةٍ ارستقراطية نبيلة تتبع نظامًا واحدًا منذ ايام تدريسها للفلسفة في هارفرد ، الاستيقاظ المبكر كان على رأس هذا النظام التعسفي الغريب ، الذي لربما كان كل شيءٍ قابل للتغير الا هو ،
استمعت بهدوءٍ الى صوت رنين الهاتف ، وهي تأمل في داخلها الا تلاقي ردًا على الإطلاق. فماذا عساها تقول ومن اين تبدأ ، لحيظاتٍ مرّت وقد سقطت في دوامةٍ من الأفكار انهاها صوت الصافِرة تنوه بإستقبال رسالةٍ منها إن وجدت و تخبرها بأن جدتها ما تزال نائمةً لحسنِ الحظ
بقيت تحدق في الشاشة بصمت ، ثم بحركاتٍ رشيقةٍ من اصابعها دخلت على رقم صديقتها وجارتها فايَّ وكتبت رسالةً قصيرة "صباح الخير ، امل انكِ مستيقظة أو على وشك ذلك فالجدة آلين مرأة لا تسمح بالتقاعس ، إن عدتِ من الريف اليوم او بعده ستكون صدمةً لك عندما تعرفين انني ذهبت بالفعل الى لندن ، هاها ، من كان يتوقع ، هاه؟
على كلٍ اشتقت لكِ ، إن قابلتِ جدتي في المحل اخبريها انني افقتدها جدًا وأن كل شيءٍ يسير على ما يرام وانني أحبكما."

اغلقت الهاتف مع علمها ان تلرد لن يصلها الآن كعادة فايَّ السيئة ونهضت من على السرير ، ثم توجهت ناحية الشرفة وفتحتها لتلّفحها النسائم الباردة والأشعة المرِحة ، داعبت وجنتيها ورقبتها و اعلى صدرها ومدتها بشعورٍ حلو ، كان الحي على مدِ بصرها يقبع داخل سكونٍ فردوسيِّ متشح بغشاء البرودة الذي يحجب الأشعة الشمسية الا بعضها ، تركت باب الشرفةِ مواربًا و دخلت الى الحمام لتستحم ، داخل الحمام وأسفل الرذاذ الساخن وقفت عاريةً تخيط قناع الشخص السيء الذي من المفترض أن تكونه ، إن ارادت ان تربح الحرب التي شنتها دون ان يعرف ايًّ منهم انها تفعل ، عليها ان تكون ممثلةً بارّعة ، وهي كذلك اصلًا ، لن يكون ذلك صعبًا ، كل ما عليها فعله هو الإبتسام في وجه من قتلو بهجة أُمها و سلبوا منها ابنيِّها و شغف الحياة ، ذلك الشغف الذي إن تلاشى فلا وجود للإنسان من بعده

خرجت من الحمام وهي تلف منشفةً كبيرة حولها ، ونظرت لإنعاكس وجهها في المرآة ، لتلك العينين الزرقاوين اللتين ترى انعكاسهما في صور والدتها نفسها ، الفرق ان نظرتها غاضبة منتقمة ، و نظرتُ امها مبتهجة حالمة كما هو حالها دائمًا عندما تسرح ، ارتدت ملابسها وسرحت شعرها ، انتظرت ما يقارب النصف ساعةٍ استغرقتها في تأمل الحديقة حتى جف شعرها تمامًا وسط هبوب النسائم والأشعة الصباحية ، ثم خرجت من جناحِها ، كان دراسة اثاث المنزل وتأمل تقاسيمه اسهل صباحًا ، الممرات غارقة بالسكون ، وحيث اشارة لها إليزابيث ليلة أمس وجدت غرفتها نفسها مغلقة ، فترددت في طرق الباب ، وسارت بخطواتٍ حفظتها عن ظهر قلبٍ الى غرفةِ جون ، مجددًا ترددت مِن طرق الباب او من فتحه ، لكن يدها رغم ذلك انزلقت وامسكت بالمقبض لتديره وتجد الخواء يستقبلها ، السرير فارغ و الغرفة تضجُ بالبرودة والصمت ، فاغلقت الباب بهدوءٍ شديد ، هدوء يعكس داخلها ، و تابعت طريقها الى الأسفل حسب ما تجوده عليها ذاكرتها ، كانت الغرف المفتوحة بلا أبوابٍ ذوات ستائر مخملية ، وتلك التي توقفت أمامها إمتازت بتصميمٍ حميمي وغرائبي في الآن ذاته ، كمثل كل شيءٍ في هذا المنزل و كقاطنيِّه أنفسهم ، كانت النيران بالفعل هادرةً متأججة أسفل رفوف المواقِد الرخامية ، و زجاجات النبيذ الكريستالية المزخرفة تقبع على مناضدَ من خشب الماهوجني او الأبنوس

قال صوتٌ مألوفٌ خلفها "يبدو انك أضعتِ الطريق."

ألتفتت لمصدر الصوت لتجد نايت خارجًا من غرفةٍ جانبية بملابس رياضية ويدس يده في جيبه بينما الاخرى ممسكةٌ بهاتفه الذي ما لبث وان اغلقه موليًا جلَّ اهتمامه لها ، في هذه اللحظة سنحت له الصدفة أو الفرصة -بشكلٍ ادق- إلى أن يتعرف عليها أكثر ويروي ما إلتهمه من فضول ، خصوصًا بعدما أخبرته به امه ليلة أمس بعد ضغطهِ عليها ، أن آيلا وكما توقع أخت جون من أُمه ، حدث وان كانت امه حاملًا بها عند طلاقها وخاله ، وعاشت الأخيرة في فرنسا خلف الستار وبعيدًا عن الأنظار الى أن ماتت -بطريقةٍ مؤسفة- وكشفت حقيقة وجود ابنتها اخيرًا

"اخشى ان ذاكرتي لم تسعفني كما يجب."

"سأُسرُ اذن بأن اكون مرشدك ، انا نايت مرةً اخرى بالمناسبة."

اعطته احدى ابتساماتها الدافئة "مرحبًا يا نايت ، و انا آيلا مرةً اخرى."

"اذن يا 'آيلا مرةً اخرى' ما الذي عساه يُقظك في هذه الساعة؟."

"لا اعلم ، هكذا فقط علّه بسبب فارق التوقيت المزعج استيقظت ، ماذا عنك يا 'نايت مرةً اخرى' ما الذي عساه يُقظك في هذه الساعة؟" تعمّدت أن تتحدث إليه بالطريقة ذاتها ، كان في البداية يبتسم لها بتلاعب لكنه رمش مستوعبًا، ثم ابتسم ابتسامةً حقيقية واخرج ضحكةً خافتةً
و اخفض نظره يشير الى ملابسه بعينيه مجيبًا "كنت سأقوم بالركض، لكنني غيرت رأيي."

"ا هو شيء سيء ان استيقظ في هذه الساعة؟"

"لا بالعكس ، هذا يعني انك قطعتِ شوطًا كبيرًا في تأقلمك معنا ، لن يكون عليك ان تتعبي بعد اليوم مع جديَّ ، فهما متزمتين متعصبين للقوانين إن لم تعلّمي ، لا يخدعاك."

"سأضع هذا في عينِ الإعتبار."

***

في غرفة الصالون المطلّة على الحديقة التي اغدقتها الشمس المبكرة بإشراقة منعِشة ، جلس الزوجين سالفاتور ، يحتسيان الشاي بما ان اثنيهما لا رغبة لهما  في تناول الفطور اليوم ، قال ادوارد مستأنفًا حديثهما بعد هوينةٍ قضاها يتأمل مفكِرًا "تبالغين كالعادة."

"انا لم افعل ، هذا ما يخيل لك فقط وما تمليه عليه رغبة ابنك المجنون التي ينكرها ولا يصدق بأنها موجودةٌ لديه اصلًا ، الا انها ظاهرةٌ جلية ، و لو امعنت معي النظر ستراها واضحة لا تشوبها شائبة. هو لا يدرك ما سيفلعه الى أن يدفن ثلاثتهم."

"كلامكِ ضربٌ من الجنون."

"تقول ضربٌ من الجنون ، البلاء العظيّم لن تتهاونا في كسر الفتاة كما كسرتا الفتى امام اعيننا ، ا تنكر ذلك؟"

استنكر ادوارد بشدّة
"قصة جون برمتِها كانت اهمالًا منا، ثم ما كان عليه ان يتحدث مع والده هكذا."

اخفضت الشاي بغير تصديق بعد ان كانت تهم بشرب رشفةٍ منه "اتقول ان ما يحدث له..كل هذا بعمل يده  ، الفتى المسكين، انها اذن لمصيبةٌ ان تظن انت نفسك ذلك."

"انا لا اقول شيئًا يا ميرديث ، كوني واعية ، انتِ من تقولين الآن ، كل ما في الأمر انني فضلت لو التزم جون الصمت و ترك الامر لي."

"لقد التزم الصمت وترك الكلام لنا منذ أكثر من خمسة عشر سنة أو نحوها ، وماذا فعلنا نحن يا ادوارد؟" رقَّ صوتها وهي تردف "الشاب يخشى أن يؤذي أحداً بقصد أو بدون، حتى في أسوأ أيامه لا يستطيع مد اصابع الإتهام إلى الذين جعلوها كذلك ، إن كنت تظن الأمور ستكون نفسها بعد إنفجاره الأخير فأنت مخطئ ، مخطئٌ تمامًا."

"الى ماذا ترمين بكلامك؟"

"جون تعيسٌ أشد التعاسة ، حتى وإن تعامينا عن ذلك ، وليس لديه شيءٌ ليخسره بعد اليوم ، انت مدرك لهذا ، الفتى كان ذاهبًا من الأساس الى المطار دون ان يلتفت خلفه ، لا لنا ولا لأخيه القابع في غيبوبةٍ الله وحده اعلم ما اذا كانت ستنتهي اصلًا ، هذا يذكرني بفعلت بلايك قبلًا ، لكننا لا نتحدث عن شيطان العناد ذلك ، بل نتحدث عن جون أكثر الناس بعدًا عن أن يتصرف بشيطانية ، من الجليّ أنه ذاق ذرعًا واكتفى
، و إعلم أن جاسبر عرِف أن والده كان سببًا في غيوبة شقيقهم ،  و هو كلوديا جاءهما طرفُ خيطٍ من قصةِ تلك المرأة سيئةِ الذكر و ابننا ستيفان ، اليس هذا كافيًا ليحدث تأثيرًا تحتسبه؟."

"مدركٌ لكل هذا تمامًا ، بل وانني استطيع القول بأنني مرتاحٌ من جهةِ جون ، فكما قلتِ انه لا يملك شيئًا ليخسره ، سابقًا لم يكن لديه ما يبقيه حقًا ، لكن الآن لديه آيلا ، آيلا التي تحت وصاية ابيهما رسميًا ، وبقاء آيلا يعني بقاءه هو ، الأمر أبسط مما تتوقعين ،
أما جاسبر وكلوديا فقد فكرت بشأنهما ، و عقلي لا يجود علي بأي حجةٍ أو مخرجٍ مما سمعاه ، ومع ذلك سيكون ردّنا الأكيد و الوحيد هو الإنكار ، علّهما لم يفهما شيئًا من الأساس ، و جون كذلك .. عليه ان ينسى الأمر برمته إن أراد أن يعيش الحياة مرتاحًا ، فلينشغل بالفتاة إلى أن تهدأ الأمور ، على الأقل لأجلها سيفعل ذلك ، قلتِها بنفسك 'الشاب يخشى أن يؤذي احد' حمدًا لله انه كذلك ، فتىً طيب."

اعادت ميرديث رأسها الى الخلف تأخذ منظرًا أفضلًا للنافذة وقالت دون ان تلتفت اليه ، ويعتلي محياها نظرةٌ تقريبًا شارِّدة "هل قال لك ويليام متى يخرج من المستشفى؟"

كان زوجها الآن ينظر لها بفضول وقال ببطءٍ مجيبًا "اخبر إليزابيث أنه سيخرج مساء هذا اليوم غالبًا."

بعد فينةِ صمتٍ نظرت اليه
"ادوارد .. الا تبدو لك آيلا شبيهةً بوالدتها؟"

فهم ما كانت ترمي اليه ، وراح يتأمل بنظراتٍ غامضة مرةً او اثنتين ملامح وجه زوجته المغمومة، فقال يطمئنها

"لا أرى أيا من هذا على الإطلاق ، جايمس محق فالبنت ولو انها تبدو مختلفةٍ قليلًا اقرب لأبيها ، استطيع رؤية ذلك من عينيها." واردف "انتِ قلقةٌ من ان تحمل البنت ملامح أمها ،لا؟"

"بلى لن أكذب عليك ، انني اخشى اثر ذلك على ابنيَّ الاثنين ، أخاف ان يحل النزاع والتفرِقةُ بينهما بسببها مجددًا حتى وهي ميتة!"

"لا تقلقي ، كلاهما أعقل الآن ويعلمان جيدًا ان العائلة هي الأبقى بعد كل شيء."

"أتمنى ذلك."

***

سارا معًا الى الحديقة الداخلية حيث اخبرتهم الخادمة ان إليزابيث قد امرت بوضع الفطور خارجًا ،  بعد أن اعطاها موجزًا سريعًا عن المنزل بشكلٍ خاص والأنحاء عمومًا ، كانت تضحك بخفة من نكتِهِ السمجة بخصوص كل شيءٍ تقريبًا ، التي وبطريقةٍ ما كانت لا تستطيع التوقف عن القهقةِ بسببها ، وهو ينظر الى الطريقة التي تضحك بها بخفةٍ وتحمر وجنتيها طبيعيًا ، ويرتفع انفها

على مدّ بصرهم ، كانت والدته(عمتها) إليزابيث تشرفُ على ترتيب مائدة الإفطار مع الخادمتين أسفل عريشةٍ كانت تظلل الطاولة ، بدت متفاجئةً تقريبًا من وجودهما ، وبالأخص معًا ، يسيران متجاورين ويقهقهان كطفلين مشاغبين

هتفا معًا لحظة اقترابهما "صباح الخير!"

وضعت يدها على خصرها تتكئ عليه "صباح الخير." وضيقت عينيها ناحية نايت "الم تقل انك خارج الى عملك؟ الم تتأخر من الاساس؟"

"قررت انني يجب ان استغل الوضع والحرية بما انني المدير الآن ريثما يعود ابنك واعود الى الاستعباد."

هزّت رأسها وتنهدت ، ثم التفتت الى آيلا وتغيرت ملامحها كليًا الى اخر عطوفة حالمة "اخبريني يا عزيزتي هل كانت ليلتك جيدة؟ امل ان شيئًا لم يزعجك." وخصت نظرةً الى نايت جعلته يقهقه ويسحب كرسيًا لآيلا

"كانت ليلة مريحة يا عمتي ، شكرًا على كلِ شيءٍ حقًا اقدر ذلك." جلست على الكرسي الذي سحبه لها وابتسمت مجددًا ، فلم تكن تكذب على ايةِ حال

"اوه انا سعيدة بذلك ، إن احتجتِ الى اي شيءٍ على الاطلاق انا موجودة."

سكبت الخادِمة لثلاثتم القهوة و استغرقت ايلا كطفلٍ صغير تلتهم حبات الفراولة و التوست المدهون بالزبد بينما نايت انهى قهوته بشكلٍ سريع ثم نهض واقفًا "انا استئذنكما ، علي ان انفذ بجلدي قبل ان يقرر جدي النظر من النافذة و يراني. آيلا! سعيد برؤيتك والتحدث معك ، كان هذا شرفًا لي ، اراكما لاحقًا كليكما."

راقبتا ظهره وهو يختفي خلف الباب الموارِب ، و قالت إليزابيث ترتشف قهوتها "ا تعلمين ، هو يكون اكثر جديّةً عندما يكون اخوه الاكبر او جده في الجوار."

"استطيع رؤية ذلك."

تحمحمت إليزابيث واردفت "ليلة غدٍ سيتسنى لكِ ملاقات باقي عائلتنا ، هنالك حفلٌ سنوي لشركةِ عائلتنا ، مناسبة خاصة جدًا لأبي ، ستكون فرصةً عظيّمة فهنالك العديد من الاشياء لنحتفل بها هذه السنة." مدت يدها واحتضنت يد آيلا الصغيرة "حصدنا الكثير ليحتفل بشأنه ، نجاح العديد من الصفقات المهمة ،الروابط الجيدة والاصدقاء الجدد ، تواجدُنا معًا ، استرداد اخيك لعافيتهِ ، وايضًا وجودكِ ، هذه الاشياء مهمة لنا وانت بتِ من ضمنها الآن يا حبيبتي."

"شاكرة لذلك."

"اذن.. الديك فستان لترتديه ام نذهب انا وانتِ للسوق؟."

"سأُحب ان اذهب معك ، في الواقع منذ مجيئي الى لندن كانت الامكِنة قليلة التي ذهبت لها، وجميعها لم تكن لتجوال ، ابرزها المستشفى لأجل التحاليل و جون ، والمقهى الصغير الذي تناولنا انا وهو فيه القهوة وتحادثنا." تذمرت بعض الشيء و اخذت رشفةً من القهوة تستمتع بالمزيج الذي اختلط بفهما ، طعم البنّ الإنجليزي المحروق والمعد منزليًا و طعم الفراولة والزبد العالقة في اسنانها والباقي طعمها في فمِها

"هذا شيء لا يجدر به أن يحزن وجهك ، الحياة كلها امامك لتريّ بريطانيا كلها إن شئتِ. ولكن كبداية .. انا وانتِ سنذهب للتبضع الآن لآن وقتنا ضيق بما فيه الكفاية ، انهي فطورك اولًا."

***

كانت الشوارع اللندنية تضج في الضجيج ، تدثرت ايلا بمعطفها الاحمر وتبعت واجهات المحلات الفاخرة التي تمر من امامها السيارة ، كان كل شيءٍ في الشوارع حيٌّ ويثير داخلها البهجة والفضول والراغبة في السير على اقدامِها ، واستمتعت اليزابيث وهي تنظر الى العينين الفضوليتين تلتهمان كل شيءٍ دون شبع ، اخيرًا توقفت السيارة وامسكت بيد عمتها التي قادتها لمحلٍ ذي واجهةٍ سوداء ، دلفته دون ان تقدر على قراءة اسمه المكتوب بخطٍ متصل

"مرحبًا سيدة ميلر ، كيف استطيع مساعدتك." قالت السيدة فور ان رأتها ، كن ثلاث عاملاتٍ يرتدين الاسود كالواجهة ، ملابسهم كانت مرتبة كالمكان نفسه ، واستطاعت ايلا ان تنظر الى كل شيءٍ الان بوضوح ، كان المحل يضم عددًا من الفساتين الرائعة ، لكنها بعيدة بعض الشيء اذ انهما ما تزالان واقفاتٍ في الممر الواسع قرب طاولةٍ للإستقبال "مرحبًا توفانا ، انا هنا لأجل ابنتي." سحبت ايلا الواقفة ببلاهه وجعلتها تقف امامها لتراها السيدة ، درست المدعوة بتوفاتا ملامح ايلا ثم اخفضت نظرها الى جسدها النحيل المستقيم وكأنها تحلله وابتسمت وهي تشير لهم بالمضي معها

"لن يستغرق الامر طويلًا ، توفانا تعرف ما تعمله."

الاثنتين الاخريين اخذتا معطفيّ ايلا و اليزابيث منهما ، وعلقتهما ، وجلست اليزابيث على الأريكة المصنوعة من جلدٍ ممتاز بينما اخذت احدى السيدتين ايلا الى غرفةٍ لتغيير الملابس لتوافيها توفانا هناك وتعرض عليها البعض ، كان من ضمنها فستانٌ احمر طويل ، ذي خامةٍ ممتازة ، ظهره مكشوفٌ كليًًّ في البداية اعجب ايلا ، لكنها شعرت ببعض الخجل عندما ارتدته ، لكن توفانا اصرت ان تراها اليزابيث اولاً

كانت اليزابيث تتحدث مع احدى السدتين التي تخدمها بسكب النبيذ لها ، وتضع قدمًا على الاخرى ، عندما رأت ايلا الخجلة تقترب ابتسمت ابتسامةً عريضةً وعدلت من جلستها "اوه حبيبتي الحلوة تبدين مذهلة ، الفستان رائع!."

"لكنني لا اريده ، انه عاريٍّ بعض الشيء.. وانا حقيقةً خجلة من الخروج هكذا."

"لقد اعجبها في الداخل يا سيدة ميلر لكنها غيرت رأيها." وشت بها توفانا ، لتنظر لها ايلا عابسة وسط خجلها وتابعت الاخيرة متجاهلةً وجودها تحادث اليزابيث "ما رأيك لو ندزن بعض المكشوف بالدانتيل المخرم ، الن يكون هذا جيدًا."

"انتِ تعرفين ما تفعلينه ، اثق بك."

وهكذا ظلت ايلا نصف ساعةٍ وسط يدي المرأتين عمتها وتوفانا يتبادلان الاراء وهي واقفة في المنتصف دون المقدرة على الحراك لألا تخزها الابرة ، لكن النتيجة كما وعدتاها كانت مرضية

قالت ايلا وهي تشعر بالراحة اخيرًا "اوه توفانا انتِ حقًا مذهلة."
وهزت المرأة رأسها برضى


***

عندما دلف ديريك سالفاتور العائد من شهر عسله في احدى الجزر الايطالية التي لوحت شمسها وجهه واكسبته سمرةً خفيفة زادته وسامةً الى منزلِ عائلته ، وجد البيت يغط في صمتٍ عجيب ، صمت غير معتاد لمكانٍ يضم أشخاصًا كعائلةٍ اقل ما يقال عنها انها غريبة أطوار ، وعادةً ما يكون المنزل مكتضًا بأسرةِ عمه أو العكس ، لكنه وجد الهدوء في كل مكانٍ ولا أثر لوالديه نفسِيهما في الارجاء

"اهلًا بعودتكَ سيد ديريك." الخادمة العجوز قالت و أغلقت الباب خلفه

"اهلًا بكِ ماري ، اين الجميع؟ لا ارى احدًا."

"السيدة كاميلا خرجت صباحًا لمنزل السيدة ميلانيا ، والسيد والدك لم يعُد بعد ، والفتيات في غرفهم."

"هكذا اذن ، اشكرك."

"هل أخبرهم بوجودك؟"

"اردتها ان تكون مفاجئة." غمغم تقريبًا لنفسه ، وزفر
"لا ، سأصعد بنفسي إليهم."

نظر الى الساعةِ المعلقة في زاريةٍ بعيدةٍ عن مدّ بصره ، و استطاع تمييز إتجاه العقرب الصغير يشير للتاسعةِ تقريبًا؛ لديه وقت أكثر من كافيٍّ قبل أن يذهب لمنزل حمُّوه حيث هو وزوجته التي هناك بالفعل قد أُلزِما بتناول الغداءِ معهم ، أول غرفةٍ على يمينه كانت لإليانور وكانت بطبيعة الحال موُّصدة ، فهزَ رأسه يائسًا منها وتقريبًا نصف حانق ، ثم استدار للباب المقابل كيث غرفة جولييت ، دقه دقةً واحدة ليسمع صوتها تهتف من خلفه بنبرةٍ متذّمرة متململة "الباب مفتوح."

كانت مستلقيةً على سريرها توليه ظهرها ، الشرفة مفتوحة على مصارِعها تنفث هواءً منعشًا وتعطي اضاءة ممتازة للغرفة ، وكعادةِ شخصٍ مثلها كانت تلتهم كتابًا لا شك من انه رواية حديثة الصدور من السلسلة التي تقراءُها ، تحتضن الوسادة اسفل صدرها وعينيها ترفضان الاتبعاد عن الكلمات بشيءٍ اقرب ما يكون للهوس ، على الاثقل بنظر ديريك الذي ابتسم مستمتعًا لذلك وهو يتأملها ، طيلة الشهر المنقضي اشتاق للايام الخوالي التي يزعجونها فيها وهي تقراء هكذا ، بكل الشغف والحالمية العجيبة التي تعتلي عينيها عندما تصادف سطرًا مؤثرًا او تقابل موقفًا صيغ على الورق بإحترافية لدرجةٍ تجعلها تحدق بالجدار لبضع دقائق لتهضم اثره وتتابع مسير القراءة

ببطءٍ سار نحوها وانحنى ليقبل وجنتها "اهلًا بكِ انتِ ايضًا جولييت."

فتحت عينيها وازاحت الكتاب قليلًا من وجهها ، ثم توسعت قليلًا لتصدر صرخةً عالية من شفتيها وتهتف بصوتٍ عالٍ "اوه ياللهي ديريك، انت عدت!."

"اخفضِ صوتك ستفسدين مفاجئتي."

اثر صرختها فتح الباب المجاور وطل رأسٌ اسود صغير بحماس ، ثم صاحت اليانور بدورها "ديريك!."
ركضت له لتعانقه من الخلف وسط ضحكاتِه المستمتعة ، وقالت ضد جسده "هل احضرت الحقيبة التي اوصيتك باحضارِها؟."

عبس قليلًا "هل انتِ سعيدةٌ لرؤيتي من اجل تلك الحقيبة اللعينة؟."

"نوعًا ما يا أخي."

الاشياء القليلة التي يحبها في جولييت كانت صراحتها المطلقة و التي تثير فيه احيانًا الحنق والرغبة المتقدة بأغضابِها ، لكنه لحظتها تبسم وقال وهو يرد العناق "اللهي كم اشتقت لهذا الوجه الخبيث المدلل.. لا لن تري تلك الحقيبة اللعينة، علكِ تتعلمين كيف تتملقينني بعض الشيء."

"ولكن ديريك.."

"ولا حتى حرفًا واحدًا..كيف حالكما وحال الجميع؟"

جولييت هتفت "اننا بخير." وسحبت ذراعه الاخرى بعيدًا عن اليانور التي ارتدت قناعًا متذمرًا على وجهها ، الى الباب تأخذه الى اقرب غرفة جلوس منهم "لاشك من انك متعبٌ يا اخي ، اين ابريل على ايةِ حال؟."

"في منزل عائلتها ، ذهبنا لهم اولًا بما ان شقيقتها ستسافر بعد ساعات ، لذلك اتيت إليكم لأعود لاحقًا."

جلس وجلست بجانبه ممسكةٌ بيده

"خيرًا فعلت ، فلقد اشتقت لك ، حتى امي فعلت طيلة الشهر ضلت تتذمر كم انها تفتقدك .. ليتك تبقى الى ان تعود."

"الامر مرتبط بها ، اتمنى ان تأتِ مبكرًا ايضًا لانني وعدت حمُّوي كما اخشى."

صعد بلايك السلالم يحمل معطفه على ذراعه ويتحدث مع الخادمة ماري بان تعد له القهوة وترسلها لمكتبه ، لكنه توقف في مكانه واستفاق من شروده حينما سمع ضحكت ابنه صادرةً من مكانٍ ما ، فغير وجهته وتتبعها ليجد الثلاثة جالسين ، اول من رأته اليانور التي قفزت لتعانق جانبه بما انها اقصر منه طولًا (هو والجميع) بشكلٍ ملحوظ "ابي ، اهلًا بعودتك."

وضع يده على رأسها مبتسمًا ، تملقها المفضوح له حتى هو لاحظه ليدرك من انها تريد منه شيئًا كعادتها عندما تفعل ، جعل جولييت تطلق ضحكةً لم تستطع كبحها ، ضحكة ساخرة شاركها اياها ديريك بصمتٍ داخل رأسه ، ونهض ديريك ليسلم على والده

"مرحبًا ابي."

"تبدو جيدًا ، هذا مريحٌ لي .. اين هي زوجتك؟."

"تركتها في منزل عائلتها ، سنعود وهي في وقتٍ لاحق."

وضع يده على رأسه اليانور يربت عليه ليتملص منها بلطفٍ و اخبر ديريك "سأحب ان اشرب معك قهوةً في مكتبي على انفراد."

حبس ضحكته وهو يرى اليانور تبتعد خجلةً وحانقة. وقال "وانا ايضًا يا ابي."

راقب والده يستبقه الطريق ووقف في مكانه ليخرج الضحكة المحبوسة هو و جولييت ، وصفعت اليانور باب غرفتها خلفها بقوة

فذهب ديريك الى مكتب والده تزامنًا مع خروج ماري التي وضعت فناجين القهوة وغادرتما ، كان والده يبدو سارحًا في النافذة وملامحه شاردة مبهمة لا تظهر كالعادة ما الذي يفكر به ، لكنه بدا مهمومًا كئيبًا ، و ديريك قاده التفكير الى جون في المقام الاول .. يفكر بأن سوءً قد حدث

"اعذرني القول ، لكنك لا تبدو بخيرٍ يا ابي."

لم يجب والده ، بل التفت الى مجموع الاوراق المكومة بشكلٍ عشوائيٍّ وازاحها ليسحب فنجان القهوةِ اقرب له و امره "اجلس..هناك شيءٌ علي ان اخبرك بشأنه."

نفذ امره والده بطاعةٍ مطلقةٍ ، و لم يستطع كبح سؤاله "هل جون بخيرٍ؟."

"اجل جوناثان بخير..لكن الامر ليس عنه." اسدل رموشه الكثيفة واخرج تنهيدةً مكتومةً ، ثم اخبره بأمر آيلا .. ليس الكثير ، لكنه اخبرها بوجودها وجهله التام بأنها موجودةٌ من الاساس طوال هذه السنين

كان ديريك مذهولاً من حقيقة وجودها ، لكنه اثر ان ينصت الى نبرةِ والده التي بلا شكٍ كانت حزينة  ، يستطيع تمييز هذا فهو يعرف والده جيدًا رغم غموضه الشديد وتحفظاته في مواضع كثيره ، اذ ان هذا اليوم بالذات قرر ان يسقط بعض حواجزه ويسترخي في جلسته يتحدث دون ان يقاطعه احد او ان يصمت او يفكر باي شيءٍ اخر

"واين هي الان يا ابي؟."

"في منزل جدك.. ستعيش عندنا هنا في وقتٍ لاحق. الى ان تعرف امك على الاقل."

"هل يعرف اي احدٍ اخر عن وجودها غيرنا؟."

"لم يتسنى الوقت لأحدٍ لأن يعرف عداك وجون وحتى جاسبر لا يعرف بوجودها من الاساس، لكن هناك جايمس وعلى الاغلب عائلته تعرف."

"ما اسمها يا ابي؟."

"آيلا.."


____
بشكل سريع وغير راضية بالمرة كتبت الاحداث لاني موشكة على توديع الكتابة لفترة الاسبوعين القادمين تحضيرًا للفاينلز بتاريخ ٩ ، البارت ستضاف الجزئية القصيرة المتبقية لاحقًا لتتم الأربعة الالف كلمة المعتادة
نزلته بدري تنفيذًا لوعدي لقارئتي الحلوة 💘

كيف كانت الاحداث الى الآن و الحوارات ؟

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro