37: شهر ثمانية.
بعد سنة، بتاريخ 13.4.2019.
دخل مكتبه بخطًى ثقيلة بينما يجرُّ خلفه تعبه المتسمك به كسلاسل من حديد، جلس على المقعد ووضع رأسه على المكتب، الألم يفتك دماغه ولا دواء نفع معه لتخفيفه.
سمع صوت طرقات على الباب ليأذن للشخص بالدخول. «هل أنتَ بخير؟ تبدو متعبًا» سأل الشخص بعدما جلس على الأريكة أمام مكتبه. أومأ الآخر وهو يدلك جبينه وأردف: «أجل، فقط لم أنم البارحة ورأسي يقتلني ألمًا، حلمتُ بحلم غريب أو كابوس بالأحرى، وحين استيقظت منه لم أنَم بعدها. الكابوس هذا يراودني لمدة أسبوع وهو أرهقني فعلًا، وهو مخيف».
«ما هذا الحلم الذي جعل من القوي أغسطس يخاف ولا ينام؟» سأل بفضول حالما رأى حالة صديقه المفضل، بالعادة صديقه قوي ولا يمكن أن يتصرّف هكذا بسبب قلة النوم فهم معتادون عليه بسبب عملهم، لكن رؤية صديقه هكذا أثار فضوله، يريد معرفة ما هذا الحلم السّيّئ الذي جعله بهذه الحالة.
«كنتُ معلقًا من حائط وأنا عارٍ، كنتُ أشعر بالبرد الشديد وأطرافي كانت تؤلمني كثيرًا كما رأسي. فجأة من اللامكان منطقة في يدي اليسرى بدأت تؤلمني مثل ألم الحروق، وحين نظرت لها كان حرق صغير دائريّ، على ما أظن يشبه حرق السجائر. بدأت هذه الحروق تزداد وزاد الألم لدرجة أنني صرخت ليتوقف».
عقد الآخر حاجباه وأقشعرّ لهذه الجُمل. «حسنًا هذا حلمُ سيّئ بالفعل» قال لكن أغسطس أردف بسخرية: «دعني أكمل فالمقطع الأسوأ لم يأتي بعد» قال ليفتح الآخر عيناه على مصاريعها لهذه الصدمة. «ما الأسوأ من هذا؟».
«فجأة اختفى الألم لكن بنفس الثانية ظهر أمامي شخص طويل له بينة عريضة، يرتدي قناع أرنب مخيف مغطًى بالدماء، وأمامه طاولة عليها الكثير من الملفات المرتبة. لا زلت أستطيع تذكّر الرعب الذي شعرتُ به حين رأيته، كان مخيفًا.
من اللامكان أخرج سكين وبحركة واحدة كان قطع هذه الملفات لنصفان وخرج منها الكثير من الدماء حتى أنها غطتني.
اختفت الطاولة وتحرك نحوي بسرعة وقام بطعني، لكن بنفس الوقت حين حدث هذا استيقظت من نومي. وكما قلت لم أنَم بعدها لأنني خفتُ أن أحلم به مرة أخرى».
أنهى كلامه ونظر للآخر والذي كان يبحلق به بصدمة. «ما رأيك بهذا الحلم سيد كالوم؟ هل تظن أنه مخيف كفاية كي يجعل القوي أغسطس لا ينام؟» سخر أغسطس ليومئ الآخر عدة مرات وبسرعة: «اللعنة هذا الحلم سيجعل الشّيطان نفسه يخاف ولا ينام» قال وضحك أغسطس.
«لكن الذي لفت انتباهي خروج الدماء من الملفات، ما نوعها؟» سأل كالوم بعد صمت دام لدقيقة ليجيب الآخر: «نفس النوع الذي نستخدمه في حفظ البيانات لدينا، لمَ؟» سأل لينفي الآخر برأسه: «لا شيء فقط فضول. لكن هل عليها اسماء؟».
سأل وبدأ أغسطس بالتفكير. «أجل، أتذكر اثنان أو ثلاثة، لمَ مجددًا؟» سأل ونظر الآخر له بنظرات جانبية، برأسه أشار للباب وغمز وعلى وجهه ابتسامة حقيرة. «لو أن هناك أحدٌ هنا لظنّ أنك تدعوني لفعل الرذيلة، جيدٌ أنني أفهمكَ وأعرف أنك تمزح، هيّا نذهب» قال أغسطس بقلة حيلة ليقهقه الآخر.
خرجا من المكتب ومشيا حتى غرفة تخزين البيانات، دخلاها ليجدا الحارس ويسلّما عليه. «اوه المحقق أغسطس والمحقق كالوم، ما هذه المناسبة الجميلة التي أتت بكما إلى هنا؟» أردف الحارس ليجيبه أغسطس بإبتسامة: «أريد ثلاثة ملفات لجرائم سابقة على ما أظن، هل يمكنكَ مساعدتنا؟».
«بالطبع، أعطني الاسماء وسوف أبحث عنهم لك».
«جيسيكا إدواردز، لي نابي، ومايا شيء، أظن مايا هوبمان أو هوفمان لا أعلم» قال وأومأ له الحارس: «فقط أعطني دقائق» قال ليبتسم له أغسطس وأردف: «خذ وقتك رجاءً».
ذهب الحارس وبقيا الاثنان يتفقدان ما حولهما. حدّق أغسطس بكالوم يتأمل شكله، شاب بعمر الخامسة والثلاثون، متوسط الطول ببشرة حنطية، حواجب مثالية ووجه جميل، أما شعره فكان على درجة الواحدة. انتهى ثم رفع رأسه وكان كالوم يحدق به أيضًا، كان أغسطس شاب طويل بعمر الخامسة والثلاثون، بشرة بيضاء مع خشم مثالي ورموش طويلة، كان جميلًا هو الآخر.
صغّر أغسطس عيناه ليغمز له كالوم وأشار برأسه ناحية الطاولة، هذا الولد قليل الأدب، لكن أغسطس معلمه لذا تماشى معه وأرسل له قبلة مع غمزة، رد كالوم الغمزة ثم ردّها أغسطس ليدخل كلاهما في نوبة من الضحك. «يجب أن نتوقف عن فعل هذا وإلا سوف يشك البعض بنا» أردف أغسطس ليوافقه الآخر الرأي. «معك حق، آخر ما أريده أن يظن أحد أنني أحب شخص غبي» قال وتراجع خوفًا، أراد الآخر الهجوم عليه لكن قاطعهم وصول الحارس ليتوقفا.
«تفضل، لم أجد سوى ملفان، لم يكن هناك ملف باسم جيسيكا إدواردز. وآخر اسم هو هوفمان بالفعل» قال ومد لهم الملفات ليتسمر الاثنان بمكانهما، سألا فقط للفضول لكن لم يتوقعا أن يجدا ملفات بنفس الاسماء، خصيصًا أغسطس الذي لم يظن أن حلمه حقيقي، هذا أرعبه.
«هل كل شيء بخير أيها المحققان؟» سأل الحارس ليأخذ كالوم الملفات ويبتسم له ويجيب: «أجل، شكرًا لك كثيرًا» قال وسحب معه أغسطس المصدوم والمرعوب للخارج. عادا لمكتب أغسطس ووضعا الملفات على الطاولة وحدقا بهم.
«هل... هل تعتقد أنه يجب علينا تفقدهم؟» سأل أغسطس لينظر له الآخر بِحيرة ويجيب: «أعني نحن لم نحضرها فقط لنحدق بهم، أليس كذلك؟» سأل وبدأ الآخر بالتفكير، فضوله يتغلّب عليه لفتح الملفات لكن خوفه يمنعه، خائف مما قد يجد هناك.
«سوف نتفقدهم فقط» قال أغسطس وأمسك إحدى الملفات ليمسك كالوم الآخر.
مايا هوفمان، ولدت عام 1979 في شيكاغو، درست في جامعة شيكاغو.
تم اكتشاف جثتها عام 1997 مقتولة في سكنها الجامعيّ، حيث كانت قد ارتكبت انتحار عن طريق شنق نفسها من يداها إلى السقف بجانبها رسالة انتحار توضح السبب أنها لم تتحمل حياة الفقر وأن الجامعة كانت سوف تطردها.
بعد العديد من التحقيقات لم يتم اكتشاف دليل على أنها عملية قتل لهذا أُغلِقَت القضية على أنها عملية انتحار.
قال ما قرأه على كالوم ليعقد حاجباه. «خاصتي تقول أنها حادث، لي نابي، طبيبة في مشفى شيكاغو، وجدت ميتة في حمامها حيث تزحلقت بالماء وماتت متضررة من الزجاج مع اصطدام رأسها بالأرض» قال ورمى الملف على الطاولة وتنهد: «لمَ حلمك يودنا أن نتحقق من قضايا انتحار وحوادث؟» سأل بملل لينفي الآخر برأسه دلالة على عدم علمه.
«سوف أذهب لمارسيل كي يتحقق من جميع مراكز شرطة شيكاغو كي يتأكد من وجود اسم جيسيكا إدواردز» قال أغسطس وخرج من المكتب. مشى نحوه شاب طويل القامة، شعرٌ بنيّ مع ملابس رياضيّة. طرق على جدار مكتبه ليلتفت مارسيل ويبتسم: «محقق أغسطس! أهلًا» قال بصوت متحمس ليبتسم أغسطس على نشاطه.
«أهلًا مارسيل، كيف حالك؟» سأله ليجيب الآخر: «بخير، وأنت؟» أومأ أغسطس وأجاب: «أيضًا بخير. كنتُ أتساءل، هل يمكنني طلب خدمة صغيرة منك؟».
«بالتأكيد محقق أغسطس، كيف يمكنني مساعدتك؟».
«هل يمكنك التفقد عن اسم جيسيكا إدواردز؟» بدأ مارسيل بتحريك أصابعه بسرعة على لوحة المفاتيح بينما يتمتم بالاسم. «لا يوجد قضية بهذا الاسم في جميع مراكز شرطة شيكاغو».
شعر بالإحباط ليبتسم له «شكرًا لك مارسيل» أومأ الآخر. أخذ خطواته وعاد للمكتب حيث كالوم موجود يعيد قراءة الملف الذي كان معه.
«لم يجد شيئًا، وأنا محبط لا أعلم لمَ، لا أصدق أنني أشعر بالإحباط لأنه لم يجد ملف ربّما وربّما لا، يخص جريمة بهذا الاسم» قال غير مصدقًا لنفسه ورمى نفسه على الكرسي.
«ماذا لو أن الجريمة حدثت في مكان غير شيكاغو؟» سأل كالوم ليفكّر الآخر بما قاله، الملفات التي معه حدثت معه حدثت بشيكاغو لذا فرصة حصول الجريمة خارجها ضئيلة، لكن في عالم التحقيق كل دليل مهما كان صغيرًا مهم.
«حسنًا، لا يمكننا البحث عن اسم جيسيكا إدواردز في الإنترنت دون أي علاقة لذا لنستخدم الواسطة» فتح جهاز الكمبيوتر وذهب لصفحة خاصة بالشرطة حول العالم وبها كل الجرائم التي حصلت.
«حسنٌ، لا يوجد لدينا أي عامل مشترك بين الجريمتان لدينا فكل واحدة في مكان ووقت مختلفان. ما أقدم تاريخ حدثت به جريمة لدينا؟» سأل أغسطس ليتفقد كالوم الملفات. «في سنة 1997، الأخرى في 2015».
«سوف نبحث عن كل الجرائم التي حصلت من هذه السنة حتى 2015 تحت اسم جيسيكا إدواردز» قال أغسطس ليأخذ كالوم الحاسوب المحمول الخاص به وفتحه. «وأنا سأبحث عن جميع الجرائم التي حصلت من هذا التاريخ حتى الآن في شيكاغو والمناطق التي حولها. سيأخذ هذا الكثير من الوقت للبحث وأيضًا التحقيق، هل تعتقد أن كل هذا يستحق لمجرد حلم؟» سأل كالوم ليأخذ الآخر وقته في التفكير. «سأحاول، فقط كي ارتاح من حلمي ولا يعود مرة أخرى» قال وأومأ الآخر ليبدآ البحث.
---
بعد ساعة من البحث خرج أغسطس بخمسة ملفات تحت اسم جيسيكا إدواردز وكالوم بمئة ملف تكونت ما بين جريمة، حادث وعملية انتحار.
«أرسلتُ لك خمسين ملفًا لتتفحصهم وأنا الباقي» قال كالوم ليعقد الآخر حاجباه: «وماذا عن الخمسة الذين وجدتهم؟» تذمر. «حلمك، الملفات التي وجدتها مسؤوليتك» أقرّ كالوم ليتنهد: «لكن هذا غير عادل!» أراد الإعتراض أكثر لكن وضع الآخر يده أمام وجهه كي يصمت.
بعد ثلاثة ساعات من البحث وقف كالوم وأخذ معه حاسبه. «سوف أكمل البحث بالمنزل، حاول أن تحلم بأسماء باقي الملفات حتى يسهل علينا عملية البحث» قال وقلب أغسطس عيناه ثم قلّده. «وداعًا شهر ثمانية» قال كالوم وهرب خارج الغرفة، شتمه أغسطس وشتم عائلته التي أطلقت عليه هذا الاسم، رغم أنه يحبّه لكن تنمر كالوم يجعلك تكره نفسك في بعض الأحيان.
أرسل أغسطس الملفات لحسابه الشخصي بالمنزل ثم استقام وحضّر نفسه للذهاب للمنزل أيضًا، حمل هاتفه وودّع باقي عاملي المركز، ركب سيارته وانطلق في طريقه.
دخل المنزل الفارغ ونزع معطفه ثم حذائه، حدّق بأنحاء المنزل مثل عادته ثم دخل لغرفته كي يغيّر ملابسه. لمس ملابسها بأصابع يده وابتسم لذكراها في رأسه. مضى ست سنوات منذ أن رحلت ولا زال لم يتخطى رحيلها للآن.
كما لو أنه البارحة كان يمسك يداها ويقبّلها، يغرقها بأحضانه الكثيرة، طبخها، لمساتها، شعرها، ومنظرها وهي راقدة بين يداه بلا روح، فقط جسد خاوٍ بارد. ذهبت ولم تعد، ومن يومها وهو لم يعد أيضًا، جزءٌ منه رحل معها.
تعرّف عليها في الجامعة، ومثل القصص اللطيفة اصطدما ببعضهما ووقع كتبها على الأرض، ساعدها بحملهم وحين التقت أعينهما شعرا بذات الكهرباء التي سرت، ومن هنا اشتعلت شعلة الحب.
حبيبة قلبه هي، وكان سوف يتقدم لها بعد سنة فقط من الحب لأنها المناسبة له، دائمًا وأبدًا كما كان يقول لها. لكن قبل يوم من أن يفعل رحلت، كانت ميتة على باب منزلها مقتولة بطعنة سكين، ماتت من خسارة الدماء الكثيرة.
دخل عالم الشرطة لأجلها ولا يزال للآن يبحث عن القاتل. اليوم قال أنه يود البحث عن الأسماء حتى يتخلص من حلمه، لكنه يعلم بقرارة نفسه أنه يحاول أن يشغل عقله عن التّفكير وبها وبالجريمة الشنيعة التي أُغلِقَت ضد مجهول. وما يستفزه أكثر أن من فعلها لم يسرق شيء كي تكون عملية سرقة، كما لو أن من فعلها استقصد هذا.
لكن بالرغم من هذا كان يرى الجيد في الأشياء، لهذا وجد برحيلها مجيء شخص جديد لحياته ألا وهو: كالوم، كان معه من بداياته في العمل وساعده أيضًا في البحث عن قاتل محبوبته آيسِلين، لذا هو شاكرٌ له كثيرًا لوجوده في حياته.
---
وضع الحاسب المحمول أمامه مع ملفي نابي ومايا ثم بدأ البحث بينهم عن عوامل مشتركة مثل أماكن العمل، الدراسة، تاريخ الوفاة، طريقة الوفاة.
«ستكون ليلة طويلة» همس بها وبدأ يطبع على الحاسب.
---
كالوم الحلو: ^
أغسطس الأحلى: ^
كمان مارسيل الأحلىأحلى: ^
قايز نادوني تافهة لكن فتت عالبنترست بدي أشوف مين الشخص يلي بذكرني بشخصية معينة وأحس مطابق ل يلي في بالي، طبعًا قلبي ذاب من كمية المزز يلي شفتها. 😔😭
بالأخير استقريت على هذولا، فيكم تضلكم عالوصف الأساسي دون الصور لكن جست زيادة وهيك.
+شايفتك يا كاسيوبيا تعلقي ع رموش! 😭😂
+قايز علاقتهم صداقة مش مثلية بس أنا وأختي وصاحباتي نحب نحكي هيك لبعض كمسخرة جست، يعني تاخدوش الوضع بجدية. 😭😂
أحبكم، ولا تقتلوني عالفصول الزيادة يلي بعد النهاية السعيدة. 👁
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro